مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1447

(196)
جلسة 18 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد عطية أبو الخير وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 2305 لسنة 31 القضائية

( أ ) عاملون بالمؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة - التحقيق معهم - تأديبهم.
القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة معدلاً بالقانون رقم 172 لسنة 1981.
للنيابة الإدارية أن تحيل الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة لمحاكمة العامل تأديبياً ومجازاته عن الفعل المنسوب إليه - للمحكمة التأديبية سلطة توقيع الجزاء المناسب على العامل حتى لو كان هذا الجزاء من بين الجزاءات التي تملك الشركة توقيعها - تطبيق.
(ب) إدارة محلية - المجالس الشعبية بها - أعضاؤها.
المادة (34) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979.
يجب إخطار المجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أية إجراءات تأديبية ضد أي من أعضائه متى كان من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام - هذا الإخطار منوط بالسلطة القائمة على التحقيق واتخاذ الإجراءات التأديبية - لا إلزام على جهة التحقيق بالإخطار متى خفي عليه صفة المحال كعضو بالمجلس الشعبي المحلي - تطبيق.
(جـ) عاملون بالقطاع العام - تأديبهم - إجراءات التحقيق - إخطار النيابة الإدارية للرؤساء.
المادتان 13 و14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
أوجب المشرع على النيابة الإدارية إخطار الوزير أو الرئيس الذي يتبعه العامل بإجراء التحقيق قبل البدء فيه فيما عدا الحالات التي يجرى فيها التحقيق بناء على طلب الوزارة أو الجهة التي يتبعها العامل - عدم قيام النيابة الإدارية بهذا الإجراء لا يرتب البطلان - أساس ذلك: - أن الغاية من الإخطار أن يكون رئيس العامل على بينة بما يجرى في شأنه في الوقت المناسب - هذا الإخطار شرع لمصلحة الإدارة تمكيناً لها من متابعة تصرفات العاملون فيها - إغفال هذا الإجراء لا ينطوي على مساس بمصالح العاملين أو الانتقاص من الضمانات المقررة لهم - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 5/ 1985 أودع الأستاذ عبد المنعم إبراهيم علي المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا سكرتارية هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل نيابة عن السيد/ ......... بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 3680/ أ لسنة 1985 توثيق عام الرمل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا بالإسكندرية بتاريخ 24/ 4/ 1985 في الدعوى رقم 12 لسنة 13 ق والذي قضى بمجازاته بعقوبة الإحالة إلى المعاش.
وقد طلب الطاعن في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به - إحالة هذا الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن ثم إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من معاقبة الطاعن بالإحالة إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم:
1 - بقبول الطعن شكلاً بمراعاة إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدها وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
2 - وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتخفيف الجزاء الموقع على الطاعن وقد نظر الطعن بداءة أمام دائرة فحص الطعون التابعة للدائرة الرابعة للمحكمة الإدارية العليا بجلسة 10/ 7/ 1985 وفيها قررت الدائرة التأجيل لجلسة 13/ 11/ 1985 لحين ورود تقرير هيئة مفوضي الدولة وبجلسة 13/ 11/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة فحص طعون للاختصاص بجلسة 18/ 12/ 1985 وفي هذه الجلسة قررت الدائرة التأجيل لجلسة 1/ 1/ 1986 بناء على طلب الحاضر عن الحكومة للاطلاع مع تكليف السكرتارية بإخطار الطاعن. وفي هذه الجلسة الأخيرة قدم الحاضر عن الحكومة مذكرة كما قدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها حافظة مستندات وسلمت صورة المذكرة للحاضر عن الطاعن ثم قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 15/ 1/ 1986. وفي هذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 4/ 2/ 1986.
وفي هذه الجلسة الأخيرة قدم الحاضر عن الشركة مذكرة بدفاعها وقررت إصدار الحكم بجلسة 18/ 3/ 1986.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 24/ 4/ 1985 وأودع تقرير الطعن بتاريخ 25/ 5/ 1985 أي خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ولما كان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المنصوص عليها في القانون المذكور فإنه من ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع هذا الطعن تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 12 لسنة 13 ق بإيداع سكرتارية المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالإسكندرية بتاريخ 26/ 1/ 1985 أوراق التحقيق وقرار الإحالة ضد....... (الطاعن) والذي يعمل مدير عام الحسابات بشركة مضارب الإسكندرية بدرجة مدير عام لما نسبته إليه من أنه بتاريخ 9/ 10/ 1984 بالشركة المشار إليها خرج على مقتضى الواجب الوظيفي في أعمال وظيفته وسلك مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة والاحترام الواجب لها بأن قام بتمزيق المذكرة المعروضة عليه من قسم الموازنة بالشركة وتناول رئيس مجلس الإدارة ورئيس القطاع المالي والعاملين بالشركة بألفاظ السباب وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق، وأنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادتين 78/ 5، 80/ 1 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وطلبت النيابة الإدارية لذلك محاكمته تأديبياً بالمادتين سالفتي الذكر وتطبيقاً للمواد 82، 84 من القانون رقم 48 لسنة 1987 المشار إليه، 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقرار بقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والنيابات العامة والشركات والمجمعات والهيئات الخاصة والمعدلة بالقرار بقانون رقم 172 لسنة 1981 والمادتين 15 (أولاً)، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وقد حدد لنظر الدعوى جلسة 27/ 3/ 1985 حيث تدوول نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبالجلسة المشار إليها دفع الحاضر عن المحال ببطلان إجراءات التحقيق والإحالة لكون المحال عضواً بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية ويتعين طبقاً للمادة 32 من اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلي الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 314 لسنة 1982 - إخطار المجلس قبل مباشرة أية إجراءات تأديبية ضد أي من أعضائه إذا كان من العاملين بالجهاز الإداري للدولة والقطاع العام أو القطاع الخاص. كما أودع بذات الجلسة حافظة مستندات حوت شهادة من رئيس المجلس الشعبي بالإسكندرية تفيد عضوية المحال بالمجلس الشعبي للمحافظة من نوفمبر سنة 1983 حتى الآن. وبتاريخ 3/ 4/ 1985 - أي خلال فترة حجز الدعوى للحكم أودع المحال مذكرة ختامية بدفاعه طلب فيها قبول الدفع ببطلان إجراءات التحقيق والإحالة لعدم إخطار المجلس الشعبي قبل مباشرة إجراءات التحقيق، كما طلب الحكم بالبراءة مما نسب إليه استناداً إلى كيدية تقرير رئيس قطاع الشئون المالية وكيدية شهادة الشهود.
وبجلسة 24/ 4/ 1985 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالإسكندرية برفض الدفع ببطلان إجراءات التحقيق والإحالة إلى المحاكمة التأديبية وبمجازاة الطاعن بعقوبة الإحالة إلى المعاش. وقد أسست المحكمة حكمها برفض الدفع ببطلان إجراءات التحقيق والإحالة استناداً إلى أن المحال عضو بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية على أن قانون الحكم المحلي المشار إليه ولائحته التنفيذية ولئن أوجب على سلطة التحقيق إخطار المجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة التحقيق أو أي إجراء من الإجراءات التأديبية فإن هذا القانون أو لائحته التنفيذية لم يرتب أي منهما جزاء البطلان على التخلف عن إخطار المجلس الشعبي بذلك، والقاعدة الأصلية بالنسبة لجزاء البطلان على مخالفة الإجراءات هي القاعدة المنصوص عليها في المادة 20 من قانون المرافعات المدنية التجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 والتي تنص على أنه (يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء) ومعنى النص أنه لا بطلان بغير نص يوجب البطلان وحتى في حالة وجود النص الصريح بالبطلان على مخالفة الإجراء فإنه لا يقضي بالبطلان إذا تحققت الغاية من الإجراء الذي تمت مخالفته وغاية الأمر أن الحكمة والعلة من إخطار المجلس المذكور بإجراء التحقيق قبل البدء فيه هي إتاحة الفرصة للمجلس للنظر في إسقاط عضوية المجلس طبقاً لأحكام المادة 92 من قانون نظام الحكم المحلي المشار إليه متى كان موضوع التحقيق الذي تجريه النيابة الإدارية مما يفقده الثقة والاعتبار، ومن ثم فقد أوجبت المادة 91 سالفة الذكر إبلاغ المجلس بنتيجة التحقيق لعرضها على المجلس للنظر في أمر إسقاط عضويته عن المجلس بعد سماع أقواله، ومن ثم لا يكون هذا الإخطار - وهو واجب - من الشروط الجوهرية لسلامة التحقيق وإنما هو قد شرع لمجال آخر هو حق المجلس الشعبي المحلي في إسقاط عضوية العامل المحال عضو المجلس متى قرر أن ما ارتكبه من مخالفات مسلكية في وظيفته مما أفقده الثقة أو الاعتبار كعضو من أعضاء المجلس وهذا المجال يغاير المجال الوظيفي محل التحقيق ومستقل عنه، وبالإضافة إلى ما سبق فإنه لم يثبت من الأوراق أن المحال........ قد أفصح عن عضويته بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية أمام النيابة الإدارية، كما لم تفصح جهة عمله عن تلك العضوية ومن ثم فإن النيابة الإدارية التي تولت التحقيق معه بناء على إبلاغ من شركة مضارب الإسكندرية لم تكن على بينة من أن المحال عضو بالمجلس المذكور بل إن ذلك لم يتبين إلا أمام هذه المحكمة (المحكمة التأديبية).
أما بالنسبة للموضوع فقد جاء بالحكم المطعون فيه أن المخالفة المنسوبة إلى المحال ثابتة في حقه من أقوال...... رئيس القطاع المالي بالشركة فيما قرره بأنه سمع المحال يقول ما يأتي: أنا باقول بأعلى صوتي علشان يسمع هو في مكتبه رئيس قطاع بايظ ورئيس شركة بايظة وقطاع بايظ وكذلك من أقوال كل من....... مدير إدارة المراجعة و...... مدير إدارة الموازنات إذ قرر الأول بأنه عرض المذكرة الخاصة بتحويل الشيكات على المحال لعدم تواجد مدير عام المراجعة بالشركة وإن المحال قام بتمزيقها ثم خرج من مكتبه وسب رئيس القطاع المالي ورئيس مجلس إدارة الشركة بتلك الألفاظ والعبارات البذيئة وما قرره الثاني بأن المحال قام بتمزيق المذكرة المشار إليها لأنها لم تكن محررة باسمه وإنما كانت محررة باسم مدير عام المراجعة وبأنه سمع بنفسه المحال يردد تلك الألفاظ البذيئة ومما يؤكد صحة شهادة هؤلاء الشهود ما قرره المحال نفسه بأنه لما عرضت عليه المذكرة المشار إليها توجه إلى....... مدير إدارة الموازنة في مكتبه لتوبيخه على عدم تحرير المذكرة باسمه بقوله: ده شغل حمير وعدم لياقة أو ذوق والمحال بذلك يكون قد فقد صلاحيته في البقاء في وظيفته إذ قد تجاوز الحدود الدنيا والعرف في التعامل بين الناس وخاصة زملائه ورؤسائه الذي يجب عليه عدم التطاول عليهم أو المساس أو التشهير بهم أو امتهانهم وبذلك فإنه يكون قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفي في أعمال وظيفته وسلك مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة التي يشغلها والاحترام الواجب لرؤسائه ولزملائه العاملين بالشركة ولذلك فإنه عملاً بالمادة 80 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه يتعين مجازاته بالجزاء المناسب لخطورة الجرم الذي ارتكبه.
ومن حيث إن الحكم المشار إليه لم يلق قبولاً لدى الطاعن لذلك فقد أقام الطعن الماثل واستند في تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: عدم اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بنظر الدعوى التأديبية ومعاقبة الطاعن تأديبياً إذ أن المادة 84/ 4 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام نصت على أن لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة 82 من هذا القانون، وإذ يشغل الطاعن وظيفة مدير عام الحسابات بشركة مضارب الإسكندرية بدرجة مدير عام وإنه ليس عضواً في مجلس الإدارة أو في أحد التشكيلات النقابية فمن ثم فإن الاختصاص بتوقيع الجزاء التأديبي عليه يكون منوطاً بمجلس إدارة تلك الشركة دون المحكمة التأديبية.
ثانياً: إن إجراءات التحقيق والإحالة إلى المحاكمة التأديبية باطلة ذلك أن الطاعن عضو بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية ويتعين قبل اتخاذ أية إجراءات تأديبية قبله إخطار المجلس بذلك وهو ما يستلزمه القانون.
ثالثاً: عدم الملاءمة الصارخة بين درجة خطورة المخالفة الإدارية المسندة إلى الطاعن وبين الجزاء الذي قضى به الحكم المطعون فيه.
وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبجلسة 1/ 1/ 1986 أودعت الحكومة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن بشقيه المستعجل والموضوعي. كما أودعت الشركة المطعون ضدها الثانية بذات الجلسة حافظة مستندات طويت على:
1 - صورة ضوئية من قرار رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 33 لسنة 1985 الصادرة بتاريخ 9/ 5/ 1985 بشأن إلغاء خدمة الطاعن وإحالته إلى المعاش اعتباراً من 24/ 4/ 1985.
2 - صورة ضوئية من كتاب إدارة الدعوى التأديبية المؤرخ 28/ 4/ 1985 بشأن منطوق الحكم الصادر في الطعن رقم 12 لسنة 11 القضائية من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا المطعون عليه.
كما أودعت الشركة المذكورة بجلسة 4/ 2/ 1986 مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى طلب الحكم (أصلياً) برفض الطعن وتأييد الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بمستوى الإدارة العليا بالإسكندرية و(احتياطياً) إعادة الأوراق لمجلس إدارة شركة مضارب الإسكندرية ليتخذ الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 84/ 4 من القانون رقم 48 لسنة 1978 الصادر بشأن نظام العاملين بالقطاع العام بشأن مجازاة الطاعن.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن والذي يتمثل في عدم اختصاص المحكمة التأديبية بمجازاة الطاعن وإن ذلك من اختصاص مجلس إدارة الشركة - فإن الثابت أن القانون رقم 172 لسنة 1981 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة تضمن في المادة الأولى منه النص على أن يستبدل بنص المادتين 1، 2 من القانون رقم 19 لسنة 1959 النصان الآتيان:
مادة (1) مع عدم الإخلال بحق الجهة التي يتبعها العامل في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد من 3 إلى 12، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه على:
1 - ...........
2 - ...........
3 - العاملين في شركات القطاع العام... وتضمنت المادة 12 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن النيابة الإدارية المعدلة بالقانون رقم 171 لسنة 1981 إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق وإن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الجزاءات التي تملك الجهة الإدارية توقيعها أحالت الأوراق إليها ومع ذلك فللنيابة الإدارية أن تحيل إلى المحكمة التأديبية المختصة إذا رأت مبرراً لذلك..... وطبقاً لهذا النص الأخير فإنه للنيابة الإدارية أن تحيل الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة لمحاكمة العامل تأديبياً ومجازاته عن الفعل المنسوب إليه ومن المستقر عليه أن للمحكمة التأديبية سلطة توقيع الجزاء المناسب على العامل حتى لو كان هذا الجزاء من بين الجزاءات التي تملك الشركة توقيعها عليه في حالة ما إذا كانت النيابة الإدارية قد أحالت أوراق التحقيق إليها ومن ثم فإن إحالة النيابة الإدارية الطاعن إلى المحكمة التأديبية يكون متفقاً والقانون وبالتالي يتعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن والذي يتعلق ببطلان إجراءات التحقيق والإحالة لعدم إخطار المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية باعتبار أن الطاعن عضو به فإنه بالرجوع إلى نص المادة 34 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بالقرار رقم 314 لسنة 1982 يتبين أن المادة 34 المذكورة وإن كانت تستلزم إخطار المجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أية إجراءات تأديبية ضد أي من أعضائه إذا كان من العاملين بالجهاز الإداري للدولة والقطاع العام أو القطاع الخاص فإن هذا الإجراء منوط بأن تكون السلطة القائمة على التحقيق واتخاذ الإجراءات التأديبية على بينة من أن المحال إليها أحد أعضاء المجلس الشعبي حتى تتخذ مثل هذا الإجراء - فإذا خفي عليها ذلك فإنه لا يتصور بداهة إلزام النيابة الإدارية باتخاذ هذا الإجراء، وإذا كان الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن الطاعن لم يثر أمام النيابة الإدارية في أية مرحلة من مراحل التحقيق مسألة عضويته في المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية فإنه بالتالي لا يسوغ التمسك بأنه كان على النيابة الإدارية إجراء مثل هذا الإخطار. هذا فضلاً عن أنه بافتراض علم النيابة الإدارية بصفة الطاعن في عضوية المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية فإن قيامها بواجب الإخطار قد شرع لمصلحة هذه المجالس الشعبية وحدها تمكيناً لها من متابعة تصرفات أعضائها بما يتفق وصالح العمل في تلك المجالس وحتى يتسنى لها اتخاذ إجراءات إسقاط العضوية عن أي من هؤلاء الأعضاء طبقاً لحكم المادة 52 من قانون نظام الحكم المحلي متى كان موضوع التحقيق الذي تجريه النيابة الإدارية مما يفقده الثقة والاعتبار كعضو من أعضاء المجلس ومن البديهي أن هذا المجال يغاير المجال الوظيفي محل التحقيق ويستقل عنه وبالتالي فإن هذا الإخطار لا يعد من الشروط الجوهرية لسلامة التحقيق. ويؤكد صحة ذلك أن المحكمة الإدارية العليا قد تناولت بالتفسير أحكام المادتين 3 و14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية واللتين أوجبتا على النيابة الإدارية إخطار الوزير أو الرئيس الذي يتبعه العامل بإجراء التحقيق قبل البدء فيه وذلك فيما عدا الحالات التي يجرى فيها التحقيق بناء على طلب الوزارة أو الهيئة التي يتبعها العامل وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الصدد على أن عدم قيام النيابة الإدارية بهذا الإجراء لا يترتب عليه البطلان وذلك تأسيساً على أن الغاية من إجراء هذا الإخطار هي أن يكون رئيس العامل على بينة بما يجرى في شأنه في الوقت المناسب ومن ثم والحالة هذه يكون قد شرع لمصلحة الإدارة وحدها تمكيناً لها من متابعة - تصرفات العاملين فيها بما يتفق وصالح العمل وبالتالي فإن إغفال هذا الإجراء لا ينطوي على المساس بمصالح العاملين أو الانتقاص من الضمانات المقررة لهم ولا يعد من الشروط الجوهرية التي يترتب على إغفالها ثمة بطلان بغير نص يجيز للعاملين التمسك به. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 653 لسنة 20 القضائية الصادر بجلسة 17/ 11/ 1979 - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في خمسة عشر عاماً - الجزء الرابع - صفحة 3991 - 3992 - القاعدة رقم 610).
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم تكون التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية مع الطاعن وما تبعها من إحالته إلى المحاكمة أمام المحكمة التأديبية متفقة وصحيح حكم القانون وبالتالي فإن هذا الوجه من أوجه الطعن يكون غير قائم على أساس من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث والأخير من أوجه الطعن والمتمثل في عدم التناسب بين المخالفة والجزاء المحكوم به فإن الثابت من أوراق التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية أن رئيس قطاع الشئون المالية بشركة مضارب الإسكندرية تقدم بمذكرة تفيد أنه أثناء تواجده بمكتبه تناهى إلى سمعه صوت مدير عام الحسابات بالشركة (الطاعن) وهو يسب بصوت مرتفع رئيس القطاع ورئيس الشركة والعاملين فيها بقوله رئيس قطاع بايظ وحمار ورئيس شركة بايظ وحمار وإن ذلك كان في حضور بعض العاملين بالشركة، فضلاً عن قيامه بتمزيق مذكرة عرضت عليه بشأن إصدار شيكات على بنك القاهرة وخرج وهو يصيح بالألفاظ السابقة على مسمع من العاملين وقد أحال رئيس مجلس إدارة الشركة هذه المذكرة إلى النيابة الإدارية للتحقيق فيها وبمطالعة أقوال شهود الواقعة وهم.... رئيس قطاع الشئون المالية، و...... مدير إدارة الموازنات بالشركة، و...... مدير إدارة المراجعة المستندية أيدوا صدور هذه الألفاظ من الطاعن فضلاً عن تمزيقه للمذكرة الخاصة بالشيكات.
وقد نفى الطاعن في أقواله حدوث ذلك مقرراً أنه عندما عرضت عليه مذكرة إدارة الموازنة الموقعة من....... ذهب إلى مكتبه وقام بتوبيخه على هذا التصرف قائلاً ده شغل حمير وعدم ذوق ولياقة وإنه كان يتعين تحرير المذكرة باسمه كمدير عام للحسابات وليس باسم مدير المراجعة.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأثيم مسلك الطاعن فإنه يكون قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها من أصول تنتجها واقعاً وقانوناً.
ومن حيث إن الأصل في تقدير الجزاء إنما يكون على أساس من التدرج تبعاً لدرجة جسامة الذنب الإداري وإنه إذا كان للسلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك فإن مناط مشروعية هذه السلطة ألا يشوب استعمالها غلو ظاهر ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره ففي هذه الحالة يخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة.
ومن حيث إنه وإن كان ما اقترفه الطاعن ينطوي على سلوك معيب على النحو السابق بيانه إلا أن الجزاء الذي قدرته المحكمة وهو جزاء الإحالة إلى المعاش جاء مفرطاً في الشدة مغالياً في القسوة على نحو لا يتناسب مع المخالفة التي ثبتت في حق الطاعن خاصة إذا ما لوحظ إنها لا تمس النزاهة أو الشرف ولا ريب أن عدم الملاءمة الظاهرة بين ما ثبت في حق الطاعن وبين الجزاء الذي وقعته المحكمة يخرج هذا الجزاء من رحاب المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة الطاعن بعقوبة اللوم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إحالة الطاعن إلى المعاش وبمجازاته بعقوبة اللوم.