مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1471

(199)
جلسة 29 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربينى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيونى ودكتور محمد جودت الملط ومحمود عبد المنعم موافى وثروت عبد الله أحمد المستشارين.

الطعن رقم 28 لسنة 29 القضائية

( أ ) محاكم - كتبة المحاكم ومترجموها ونساخوها - تأديبهم - احالتهم للتحقيق. المادتان 164 و166 من قانون السلطة القضائية.
بين المشرع طريقة تأديب كتبة المحاكم ومحضريها ونساخيها ومترجميها كما حدد الجهات التى تملك توقيع الجزاء عليهم دون أن يشير الى سلطة الاحالة للتحقيق - أناط المشرع بكبير الكتاب سلطة الرقابة على كتاب المحكمة - هذه المسئولية لابد وأن يقابلها سلطة تمكنه من تحملها - أساس ذلك: - أنه لا مسئولية بلا سلطة - مؤدى ذلك: اعطاء كبير الكتاب سلطة احالة من يعملون تحت رقابته للتحقيق عند اللزوم - غل يد كبير الكتاب عن مثل هذه السلطة من شأنه الحيلولة دون فاعلية رقابته - تطبيق.
( ب ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق مع العاملين - تحديد الجهة المختصة بالتحقيق.
اذا خلا القانون من تحديد الجهة التى تتولى التحقيق مع الخاضعين لأحكامه فليس ثمة ما يحول دون أن يكلف المسئول أحد العاملين باجراء التحقيق - القول بغير ذلك يؤدى الى تخصيص أحكام القانون بغير مخصص وتقييد النصوص بغير قيد - تطبيق.
( جـ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق مع العاملين - بطلان التحقيق.
عدم سلامة اجراء من اجراءات التحقيق ليس من شأنه ابطال كل الاجراءات - مجرد الادعاء بتزوير الأوراق الرسمية لا يكفى لابطال التحقيق - أساس ذلك: أن القانون رسم الطريق الذى يتعين على من يقدم هذا الادعاء سلوكه.
( د ) دعوى - الحكم فى الدعوى - الطعن فى الأحكام - افادة الطاعن من طعنه.
من الأصول العامة فى مجال المحاكمة ألا يضار طاعن بطعنه - اذا قبل الطعن وأعيدت الدعوى لاعادة المحاكمة فان المحكمة التى أعيدت اليها الدعوى لا يجوز لها تشديد الجزاء طالما أن الطعن فى الحكم كان بناء على حق المحال وحده - أساس ذلك: - لا يجوز أن ينقلب الطعن وبالا على صاحبه - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 19/ 10/ 1982 أودع الأستاذ واصف خليفة الشرقاوى المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 128 لسنة 29 القضائية ضد السيد/ وزير العدل وآخرين فى قرار مجلس التأديب الصادر فى 13/ 9/ 1982 فى القضية رقم 1 لسنة 5 القضائية تأديب والقاضى بخفض وظيفته الى وظيفة بالدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر الى القدر الذى كان عليه قبل الترقية مع انذاره بالفصل.
وقد طلب الطاعن فى تقرير الطعن، للأسباب المبينة به، الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبالغاء الحكم المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار مادية أو وظيفية مع الزام جهة الادارة المصروفات.
وبعد أن تم اعلان الطعن الى أصحاب الشأن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى رأت فيه الحكم بعدم اختصاص المحكمة الادارية العليا بنظر الطعن والأمر باحالته الى المحكمة التأديبية بالاسكندرية للاختصاص.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة بالمحكمة الادارية العليا جلسة 26/ 1/ 1983 وبجلسة 22/ 6/ 1983 قررت الدائرة احالته الى دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة ونظرته وبجلسة 6/ 6/ 1984 قررت تلك الدائرة احالته الى الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 9/ 10/ 1984 وبتلك الجلسة قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 24/ 11/ 1984 وبجلسة 26/ 1/ 1985 قررت المحكمة احالة الطعن الى الدائرة المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة للفصل فيه وبعد أن قضت الدائرة الخاصة باختصاص المحكمة الادارية العليا بالفصل فى الطعون فى قرارات مجلس التأديب استأنفت المحكمة نظر الطعن بجلسة 22/ 2/ 1986 وفيها استمعت المحكمة لما رأت لزوما للاستماع اليه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يستخلص من الأوراق فى أنه بتاريخ 4/ 12/ 1974 عرض السيد أمين عام محكمة الاسكندرية الابتدائية على السيد المستشار رئيس المحكمة مذكرة تضمنت اتهامات نسب فيها الى السيد/ ....... الموظف بمحكمة الاسكندرية أنه سيئ المعاملة مع زملائه ومع رئيسه المباشر وان كاتب أول المحكمة تقدم بمذكرة تفيد أنه دائم الشجار بينه وبين زميله السيد/ ...... وقامت العلاقات العامة بدورها فى محاولة التوفيق بينهما ولكن الأمر انتهى بانتقال الشجار بين المذكورين وبين كاتب أول المحكمة وحققت الواقعة وما زالت معروضة على رئاسة المحكمة كما أن السيد/ أحمد محمد محمود وكيل الأستاذ عبد القادر ياقوت المحامى تقدم بشكوى الى رئاسة المحكمة فى 16/ 12/ 1974 ضد السيد/ ...... مفادها أنه تعرض للاهانة والسب بألفاظ غير لائقة أثناء اطلاعه على احدى القضايا واستشهد بالسيد كاتب أول المحكمة وموظفيها وأحيلت الشكوى للتحقيق وانها معروضة على الرئاسة كما تقدمت الانسة....... بشكوى فى 18/ 11/ 1974 ضد السيد/ ........ تتهمه فيها بالسب العلنى والاهانة أمام السيد/ كاتب أول المحكمة وموظفيها وأحيلت الشكوى للتحقيق وما زالت معروضة على الرئاسة. وبتاريخ 21/ 12/ 1974 تأشر على المذكرة باحالة المشكو فى حقه الى مجلس تأديب عن الوقائع الجديدة التى تضمنتها المذكرة ولم يجاز بشأنها وفى 2/ 1/ 1975 أصدر رئيس المحكمة المستشار طه أبو الخير رئيس محكمة الاسكندرية الابتدائية قرارا باحالة السيد...... الى مجلس التأديب على أن يرأسه الأستاذ/ عبد القوى الصاوى حبيب رئيس المحكمة لاتخاذ اللازم بشأن ما نسب اليه من وقائع تتصل بالسلوك والتى تتلخص فيما يأتى:
1 - عدم طاعة وعدم احترام رئيسه فى العمل السيد كاتب أول محكمة الرمل الجزئية عندما رفض تنفيذ ما كلفه به من مراجعة القضايا وثار فى وجهه وألقى بالأجندة على المكتب فى 2/ 2/ 1975 "تحقيق رقم 72 لسنة 1975".
2 - اهماله فى أداء وظيفته مما ترتب عليه ادراج تأجيل الدعوى رقم 674 لسنة 1947 مدنى الرمل بأجندة الجلسات الى جلسة 26/ 11/ 1974 بدلا من 26/ 10/ 1974 مما ترتب عليه عدم حضور المدعى بالجلسة الأخيرة وبالتالى شطب الدعوى "التحقيق رقم 356 لسنة 1974".
3 - اعتداؤه على كاتب أول محكمة المنتزه بالسب أثناء وبسبب تأدية مهام وظيفته "التحقيق رقم 121 لسنة 1974".
4 - اعتداؤه على وكيل محام بعبارات السب "التحقيق رقم 275 لسنة 1974".
5 - اعتداؤه على زميلته السيدة/ ...... بأن وجه اليها ألفاظ السباب "التحقيق رقم 357 لسنة 1974".
وبجلسة 30/ 3/ 1975 صدر قرار مجلس التأديب بوقف المحال عن العمل لمدة شهرين مع وقف صرف نصف مرتبه عن كل شهر وأقام قراره على أساس أن جميع الاتهامات التى نسبت للمحال ثابتة فى حقه.
وبتاريخ 19/ 5/ 1976 أقام المحال طعنا فى قرار مجلس التأديب المشار اليه أمام المحكمة الادارية العليا قيد بجدولها تحت رقم 429 لسنة 22 القضائية وبتاريخ 13/ 2/ 1982 حكمت المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء قرار مجلس التأديب المطعون عليه واعادة الدعوى التأديبية الى مجلس التأديب بمحكمة الاسكندرية الابتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى وأقامت قضاءها على أساس أن تشكيل مجلس التأديب الذى صدر عنه القرار قد وقع مخالفا لنص القانون ولما كان هذا التشكيل من الاجراءات الجوهرية التى لا يجوز مخالفتها فان قرار مجلس التأديب المطعون فيه يكون والأمر كذلك قد شابه البطلان لصدوره من هيئة غير مشكلة تشكيلا قانونيا جديرا بالالغاء وبتاريخ 6/ 3/ 1982 أعيدت الدعوى الى محكمة الاسكندرية الابتدائية وعرضت على رئيس المحكمة وتحدد لنظرها جلسة 15/ 5/ 1982 وبجلسة 30/ 5/ 1982 قدم المحال مذكرة بدفاعه انتهى فيها الى طلب البراءة استنادا الى بطلان جميع التحقيقات التى أجريت معه وسبق التحقيق معه وحفظه بالنسبة للاتهام الثالث أما بالنسبة للاتهام الرابع والخامس فهى نتيجة شكاوى مفتعلة أما الاتهام الثانى فبرره بأن مرده تقاعس المحامى فى أداء واجبه. وقد تحددت جلسة 26/ 6/ 1982 للقرار وفيها تم مد أجل النطق به الى جلسة 10/ 7/ 1982 ثم الى جلسة 4/ 9/ 1982 وبتلك الجلسة أعيدت الدعوى الى المرافعة لجلسة 13/ 9/ 1982 وفيها صدر القرار بمجازاة المحال بخفض وظيفته الى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر الى القدر الذى كان عليه قبل الترقية مع انذاره بالفصل وأقام مجلس التأديب قضاءه استنادا الى أن الدفع ببطلان الاجراءات لا يقوم على أساس سليم من القانون وثبوت التهم المسندة اليه من واقع أقوال الشهود التى اطمأن اليها مجلس التأديب.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن قرار مجلس التأديب المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
1 - سبق لمجلس التأديب بقراره الصادر فى 20/ 3/ 1975 بمجازاة المحال بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف مرتبه عن كل شهر واكتفت جهة الادارة بهذا الجزاء الا أن المحال طعن على القرار بالطعن رقم 429 لسنة 22 قضائية أمام المحكمة الادارية العليا وقد تم الغاؤه واعادة محاكمته ابتداء وبناء على ذلك ما كان يجوز للمجلس تشديد الجزاء وانما فقط تأييده أو تخفيضه أو الالغاء أما وقد شدد المجلس العقوبة فانه يكون قد أخطأ اذ لا يجوز أن يضار المستأنف من استئنافه.
2 - ان آخر جلسة حضرها الطاعن هى 30/ 5/ 1982 وقدم فيها مذكرة دفاعه بينما صدر الحكم بجلسة 13/ 9/ 1982 ومن ثم بقى ملف الدعوى حبيسا تحت يد رئيس المجلس وبدون تحديد جلسة للنطق بالحكم وبذلك يكون قد خالف القانون لما سببه ذلك من توتر أعصاب الطاعن طوال هذه الفترة.
كما أن جميع التحقيقات التى تمت مع الطاعن باطلة للأسباب الآتية:
1 - قرار الاحالة الى التحقيق صدر من غير ذى صفة ذلك انه طبقا للمادة 166 من قانون السلطة القضائية ينعقد هذا الاختصاص للسيد رئيس المحكمة دون غيره والثابت ان قرار الاحالة بالنسبة للتحقيقات جميعها صدر من كبير الكتاب أو مساعده وهما لا يعتبران الرئيس الأعلى حسبما ذهب اليه القرار المطعون فيه وانما الرئيس الأعلى هو رئيس المحكمة.
2 - بطلان التحقيق رقم 275 لسنة 1974 حيث ان الذى أجراه نسب للمحال أقوالا لم يعلم عنها شيئا ولم تتل عليه وذكر بالتحقيق عبارة "قد تمت أقواله ومضى" وفى حين ان ليس له توقيع ومن ثم فهو تزوير فى أوراق رسمية.
3 - ينسحب البطلان أيضا على التحقيقات رقم 356، 357 لسنة 1974، 27 لسنة 1975 لان الذى أجراها هو المحقق ذاته الذى أجرى التحقيق رقم 275 لسنة 1974 والذى انتهى التحقيق بعبارة "قد تمت أقواله ومضى" وليس للمحال توقيع.
4 - بطلان التحقيق رقم 121 لسنة 1974 لأن الذى أجراه السيد/ ....... كان يجب عليه أن يتنحى عن التحقيق باعتباره شاهد اثبات فى النزاع الذى حدث بين المحال والكاتب الأول.
5 - بالنسبة للتحقيق رقم 27 لسنة 1975 فقد صدر قرار احالة المحال الى مجلس التأديب فى أول يناير سنة 1975 بينما الواقعة محل التحقيق كانت فى 2/ 2/ 1975 أى تالية لقرار الاحالة ومن ثم لا يجوز ضمها لمجلس التأديب وقد تم تسليم التحقيق الى سكرتير المجلس فى 4/ 3/ 1974 بينما بجلسة 20/ 2/ 1975 قفل باب المرافعة بحجز الدعوى للحكم بجلسة 30/ 3/ 1974 وبالرغم من ان التحقيق لم يشر اليه فى أسباب القرار الصادر بجلسة 20/ 3/ 1975 الا أنه أحدث أثره فى نفسية المجلس وتكوين عقيدته ثم المجلس الذى أصدر بجلسة 13/ 9/ 1982 القرار الطعين ضرب عرض الحائط بهذا الأمر وأخذه أساسا فى تقدير الجزاء.
6 - ان المفتشين الاداريين الذين تولوا التحقيق هم مفتشون محليون ثم تعيينهم بناء على طلب كبير الكتاب وهذا لا يكسبهم صفة المحقق، اذ يشترط فى المفتش الادارى أن يعين بقرار وزارى. ومن ثم فان جميع التحقيقات قد أجريت بمعرفة ممن لا حق لهم فى اجرائها. وبالتالى تقع باطلة.
يضاف الى ذلك أن القرار المطعون فيه التفت عن الدفاع فى الموضوع:
1 - بالنسبة للتحقيق رقم 121 لسنة 1974 صدر فيه قرار نهائى من المستشار السابق رئيس المحكمة بنقل المحال الى محكمة الرمل وحفظه اداريا الا أن كبير الكتاب وبعض الاداريين أضافوا القرار وتأسيسا على ذلك لا يجوز نظر التهمة محل هذا التحقيق لصدور قرار نهائى فيها.
2 - وبالنسبة للتحقيق رقم 275 لسنة 1974 فان الجانب الخاص منه بتحقيق النيابة العامة حفظ اداريا مما دعى السيد/ ..... الى رفع جنحة مباشرة وقد قضى فيها بعدم القبول لرفعها من غير ذى صفة وأقوال الشهود التى عول عليها فى هذا الشأن متشاجرين مع المحال وذلك دليل على عدم صحة التهمة محل التحقيق.
3 - بالنسبة للتحقيق رقم 357 لسنة 1974 فان الكاتب الأول هو الذى سخر مقدمة الشكوى محل التحقيق للتوقيع عليها والشهود عليها فعلوا ذلك بايعاز من الكاتب الأول والدليل على ذلك أقوالهم المنسقة والمرتبة ترتيبا دقيقا مما يدل على سبق الاتفاق عليها.
4 - بالنسبة للتحقيق رقم 356 لسنة 1973 والخاص بأجندة الجلسات فان هذه الأجندة هى سجل وضع لضبط القضايا المتداولة بين القاضى وسكرتير الجلسة ولا يجوز الكشف عليها الا بعد سداد رسم طبقا للقانون رقم 90 لسنة 1944 وكون المحامى....... قد كشف عليها دون سداد رسم فانه يكون قد فوت على خزينة الدولة هذا الرسم والمعلومات التى حصل عليها من الأجندة بمعرفته الخاصة يكون مسئولا عنها دون أدنى مسئولية على كاتب الجلسة لا سيما أنه كان يجب عليه أن يحصل على هذه المعلومات من واقع ملف الدعوى وليس من الأجندة واعتماده على الأجندة هو اهمال من جانبه فى حق نفسه وموكله يضاف الى ذلك أنه قام بتجديد الدعوى وقضى فيها لصالح موكله ومن ثم فليس هناك أى ضرر أصاب المدعى وبالتالى تكون شكواه غير ذات موضوع.
ومن حيث أنه عما ذهب اليه الطاعن من أن ملف الدعوى ظل حبيسا تحت يد رئيس المجلس دون تحديد جلسة للنطق بالحكم فانه بالاطلاع على أوراق الدعوى يتبين أن محاضر الجلسات ثابت فيها أن آخر جلسة حضرها الطاعن على خلاف ما ذكره بتقرير الطعن هى جلسة 5/ 6/ 1982 وفيها صمم على ما جاء بمذكرة دفاعه وتقرر حجزها للحكم بجلسة 26/ 6/ 1982 وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة 10/ 7/ 1982 فجلسة 4/ 9/ 1982 حيث أعيدت للمرافعة لجلسة 13/ 9/ 1982 وفيها صدر القرار وبالتالى فان الثابت بالأوراق يقطع بعدم صحة ما يدعيه الطاعن ومن ثم فان هذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون من قبيل المشاكسة غير جدى جدير بالالتفات عنه.
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان جميع التحقيقات التى أجريت مع الطاعن استنادا الى أن قرار الاحالة اليها تم بقرار من كبير الكتاب ومن يقوم مقامه فى أحد هذه التحقيقات وذلك بالمخالفة لحكم المادة 166 من قانون السلطه القضائية فانه بالرجوع الى نص هذه المادة الذى يجرى كالآتى: "لا توقع العقوبات الا بحكم من مجلس تأديب ومع ذلك فالانذار أو الخصم من المرتب يجوز أن يكون بقرار من رؤساء المحاكم بالنسبة الى الكتاب والمحضرين والمترجمين ومن النائب العام ومن رؤساء النيابات بالنسبة الى كتاب النيابات ولا يجوز أن يزيد الخصم فى المدة الواحدة على مرتب خمسة عشر يوما ولا يزيد على ثلاثين يوما فى السنة الواحدة" ويبين من ذلك أن هذا النص قد أوضح الجهات التى تملك توقيع الجزاءات ومقدار الجزاء الجائز توقيعه بمعرفة كل منها دون أدنى اشارة الى سلطة الاحالة الى التحقيق وبالتالى فانه لا مجال لاعمال حكمها فى هذه الخصوصية ولما كانت المادة 164 من قانون السلطة القضائية تنص على أنه "يعمل كتاب كل محكمة ومترجموها ونساخوها تحت رقابة كبير كتابها........ ومفاد هذا الحكم أن كبير الكتاب وقد عقد به القانون سلطة الرقابة على كتاب المحكمة - شأن الطاعن - فان هذه المسئولية الملقاة على عاتقه لابد وأن يقابلها سلطة تمكنه من تحملها اذ لا مسئولية بلا سلطة الأمر الذى يترتب عليه أن يكون من سلطاته احالة من يعملون تحت رقابته الى التحقيق عند اللزوم اذ غل يده عن مثل هذه السلطة من شأنه الحيلولة دون فاعلية رقابته ومن ثم يغدو هذا الدفع لا أساس له من القانون متعين الرفض.
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان التحقيقات استنادا الى أنه لم يتولاها أحد من التفتيش الادارى وانما قام بها أحد المفتشين فانه بالرجوع الى أحكام قانون السلطة القضائية يبين أنه لم يتضمن نصا يقضى باسناد التحقيق مع العاملين بالمحاكم الى جهات أو أشخاص معينين دون غيرهم وانما قضى فى المادة 136 منه على أن يسرى على هؤلاء الأحكام العامة للعاملين المدنيين بالدولة فيما لم يرد فيه نص فى قانون السلطة القضائية وبالرجوع الى أحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 يبين أنه قد جاء خلوا من النص على تحديد من يتولى التحقيق مع الخاضعين لأحكامه وترتيبا على ذلك فليس ثمة ما يحول دون أن يكلف المسئول أحد العاملين باجراء التحقيق ويكون هذا الاجراء صحيحا قانونا طالما أن القانون لم يعقد هذا الاختصاص بجهة معينة مرتبا البطلان على اغفاله والقول بغير ذلك يؤدى الى تخصيص أحكام القانون بغير مخصص وتقييد النصوص بغير قيد. ومن ثم فان هذا الدفع يكون لا أساس له من القانون جديرا بالرفض.
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان التحقيق رقم 275 لسنة 1974 والنعى عليه بأنه انطوى على تزوير فى أوراق رسمية لأن الطاعن لم يوقع عليه ولم تتلى عليه أقواله وذلك على خلاف ما سطره المحقق من أن الطاعن "قد تمت أقواله ومضى" فان هذا القول مردود عليه بأن هذا الشق من التحقيق والذى تبين من القرار المطعون عليه أنه لم يعتد به ليس من شأنه أن يبطل التحقيق ذلك أن عدم سلامة اجراء من اجراءات التحقيق ليس من شأنه ابطال كل اجراءات التحقيق ويضاف الى ذلك أن مجرد نعت هذا الشق بالتزوير فى أوراق رسمية هو أمر لا يمكن الارتكان اليه ذلك أن القانون قد رسم الطرق التى يتعين على من يدعى ذلك أن يسلكها حتى يمكن التعويل على ذلك فى ضوء ما يسفر عنه الأمر ومن ثم فان هذا الدفع يغدو غر قائم على أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض.
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان التحقيقات رقم 356 و357 لسنة 1974 و27 لسنة 1975 لأن الذى أجراها هو الذى أجرى التحقيق رقم 275 لسنة 1974 المشار اليه نظرا لأنه ضمن هذا التحقيق الأخير عبارة "قد تمت أقواله ومضى" حسبما سبق البيان. مردود عليه بما سبق ايضاحه بشأن التحقيق رقم 275 لسنة 1974 ومن ثم فان هذا الدفع لا يقوم على أساس قانونى سليم.
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان التحقيق رقم 121 لسنة 1974 لان المحقق الذى أجراه كان يجب عليه التنحى باعتباره شاهد اثبات فى النزاع بين الطاعن والكاتب الأول فان عيون الأوراق تفيد أن المشادة التى نشبت بين الطاعن ورئيسه - وهى موضوع هذا النزاع - حدثت أثناء اجراء المحقق للتحقيق وبالتالى فان الدور الذى قام به المحقق فى هذا الشأن كان يحتمه عليه عمله كمحقق وذلك بتسجيل ما اكتنف التحقيق من ملابسات وهو أمر لا ينطوى على مخالفة للقانون ومن ثم يكون هذا الدفع قد بنى على تصوير الواقع على خلاف الحقيقة لا سند له من صحيح حكم القانون متعين الرفض.
ومن حيث أنه عن بطلان الاعتداد بالتحقيق رقم 27 لسنة 1975 استنادا الى أن الواقعة محل التحقيق كانت فى 2/ 2/ 1975 بينما أحيل الطاعن الى مجلس التأديب فى أول يناير سنة 1975 ومن ثم فلا يجوز ضمه الى مجلس التأديب لا سيما وأن الطاعن لم يعلن بالاتهام المتولد عن هذا التحقيق فهذا القول مردود عليه ابتداء بما قرره الطاعن نفسه فى تقرير الطعن من أن قرار مجلس التأديب الأول (الذى صدر حكم المحكمة الادارية العليا بالغائه) لم يعول عليه فى أسبابه ومن ثم فلم يعد ثمة محل لاثارة هذا الدفع هذا على الرغم من أن الثابت بمحضر جلسة يوم 20/ 2/ 1975 ان قرار الاتهام قد تمت تلاوته على الطاعن الأمر الذى لا يقوم معه ما ذهب اليه الطاعن من أنه لم يعلن به اذ بتلاوته عليه تكون قد تحققت الغاية من الاعلان وهو علم الطاعن، يضاف الى ذلك أنه بعد أن أعيدت محاكمة الطاعن مجددا بمعرفة مجلس التأديب المشكل تشكيلا صحيحا فان محاكمته تكون كما لو كانت قد أقيمت أمامه مباشرة ولم يسبق نظرها عن جميع التهم المسندة اليه والتى أحيط علما بها وقدم دفاعه ودفوعه بشأنها وترتيبا على ذلك فان هذا الدفع يصبح - حسبما ذهب اليه بحق القرار الطعين - غير ذى موضوع - وبالتالى جديرا بالرفض.
ومن حيث أنه عن الموضوع فبالنسبة للمخالفة الأولى (محل التحقيق رقم 27 لسنة 1975) والتى تتحصل فى عدم طاعة وعدم احترام رئيسه فى العمل كاتب أول محكمة الرمل الجزئية عندما رفض تنفيذ ما كلف به من مراجعة القضايا وثار فى وجهه وألقى بالأجندة على المكتب فان الثابت أن القرار المطعون فيه قد استخلص ادانة الطاعن فيما نسب اليه من الأقوال التى أدلى بها الشاكى فى التحقيق والتى اطمأن وجدان مجلس التأديب اليها وأخذت بها المحكمة ومن ثم فان ثبوتها فى حقه - يكون مستندا الى أصول ثابتة فى الأوراق مما يتعين معه عقد مسئوليته عنها.
ومن حيث أنه عن المخالفة الثانية (موضوع التحقيق رقم 356 لسنة 1974) وحاصلها أنه أهمل فى أداء أعمال وظيفته مما ترتب عليه ادراج تأجيل الدعوى رقم 647 لسنة 1974 مدنى الرمل بأجندة الجلسات الى جلسة 26/ 11/ 1974 بدلا من 26/ 10/ 1974 فان هذه المخالفة اعترف بها ولم ينكرها الطاعن نفسه ولا يجديه نفعا بعد اقراره بها محاولة تبرير ارتكابه لهذه المخالفة بما ذهب اليه من أن المحامى كان يجب عليه أن يحصل على المعلومات من ملف الدعوى وليس من الأجندة وأنه كان يجب أداء رسم معين وأنه قد قام بتجديد الدعوى بعد شطبها ذلك أن ما ذكره ليس من شأنه نفى اهماله فى أداء أعمال وظيفته بل على العكس ان هذا الذى يبديه قد أكد ارتكابه لها ومن ثم تغدو ثابتة فى حقه بما يستتبع مساءلته عنها.
ومن حيث أنه عن المخالفة الثالثة (موضوع التحقيق رقم 121 لسنة 1974) وهى اعتداؤه على كاتب أول محكمة المنتزه بالسب أثناء تأدية مهام وظيفته فانه بالاطلاع على أوراق التحقيق يتبين من أقوال الشهود الذين استمع اليهم وهم كل من........ (صفحة 13) و....... (صفحة 12) و....... (صفحة 11) أن الطاعن قد تطاول على السيد/ ....... الكاتب الأول بالسب والقذف مستخدما ألفاظا نابية وذلك اثر سماع الطاعن لوصف الكاتب الأول له بأنه مهمل بمناسبة التحقيق فى الاهمال المسند الى الطاعن بمذكرة قلم الاحصاء والمتابعة هذا بالاضافة الى تسجيل هذه الواقعة فى محضر التحقيق بمناسبة حدوثها أثناء هذا التحقيق ومن ثم فان هذه المخالفة تكون ثابتة قبله بما يتعين معه مساءلته عنها ولا ينال من ثبوت هذه التهمة قبله ووجوب مساءلته عنها ما ذهب اليه الطاعن من أنه قد سبق التحقيق فيها وأنهى بقرار صادر من رئيس المحكمة بحفظ التحقيق ذلك أن هذا القول لم يقم عليه دليل من الأوراق.
ومن حيث أنه عن المخالفة الرابعة (موضوع التحقيق رقم 275 لسنة 1974) والتى تتحصل فى اعتدائه على وكيل محام بعبارات السب بمناسبة طلبه الاطلاع على احدى القضايا فانه بالاطلاع على أوراق التحقيق يتضح مما أدلى به الشهود وهما السيد:....... والسيدة/ ...... أن الطاعن قد تطاول على السيد/ ........ وكيل المحامى عبد القادر ياقوت أثناء طلبه الاطلاع على الدعوى رقم 803 لسنة 1974 مدنى الرمل وذلك بسبه بألفاظ نابية وجارحة وليس من شأن ما ذكره الطاعن من أقوال مرسلة خاصة أن التهمة غير صحيحة انتفاء هذه المخالفة قبله اذ لم يقم دليل على صحة هذه الأقوال ومن ثم تغدو هذه المخالفة ثابتة فى حقه مما يستتبع مساءلته عنها.
ومن حيث أنه عن المخالفة الخامسة (موضوع التحقيق رقم 327 لسنة 1974) وهى اعتداؤه على زميلته السيدة/ ....... بأن وجه اليها ألفاظ السباب فالبين من أوراق التحقيق أن كلا من السيد/ ...... والسيد/ ...... السيد/ ....... قد شهدوا بأنه فى حضورهم تطاول عليها الطاعن بأن وجه اليها ألفاظا مخلة بالآداب العامة وعبارات صارخة نابية واذ لم يقم دليل على الأقوال المرسلة التى يحاول من خلالها الطاعن نفى المخالفة المنسوبة اليه هذه الأقوال لا تعدو أن تكون تكرارا لما نسب اليه من دفاع يردده فى شأن نفى المخالفات التى نسبت اليه من أنها غير صحيحة وأنها وليدة تواطؤ حينا وناجمة عن ايعاز حينا آخر" فان هذه المخالفة تكون ثابتة قبله بما يتعين معه مساءلته عنها.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم تكون المخالفات الخمس المنسوبة اليه ثابتة فى حقه الأمر الذى يعقد مسئوليته عنها جميعا ويستتبع مجازاته عما اقترفه من ذنوب جزاء يتناسب وهذه المخالفات جسامة وعددا وتقريعا على ذلك يكون القرار المطعون فيه عندما انتهى الى ادانته وتوقيع جزاء عليه قد قام على أسباب صحيحة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول ثابتة فى الأوراق على نحو ينتجها واقعا وقانونا.
ومن حيث أنه ولئن كان ذلك كذلك الا أنه من الأصول العامة المسلمة فى مجال المحاكمة ألا يضار طاعن بطعنه ومؤدى ذلك أنه اذا كان الطاعن قد حوكم وقضى عليه بجزاء ما فطعن فى ذلك الحكم وقبل طعنه وأعيدت الدعوى لاعادة محاكمته فان المحكمة التى أعيدت اليها الدعوى لا يجوز لها عند اعادة محاكمته تشديد الجزاء عليه طالما أن الطعن فى الحكم كان بناء على طعن المحال وحده ذلك أن الطعن لا ينقلب وبالا على صاحبه.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم وكان الثابت أن الطعن رقم 4329 لسنة 24 القضائية قد أقيم من الطاعن وحده أمام المحكمة الادارية العليا فى قرار مجلس التأديب الصادر بجلسة 30/ 3/ 1975 بمجازاته بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع وقف صرف نصف مرتبه عن كل شهر وقضت المحكمة بقبول الطعن والغاء القرار المطعون فيه واعادة الدعوى الى مجلس التأديب للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى وان مجلس التأديب عند اعادة محاكمته ولئن كان قد أدانه فى المخالفات المنسوبة اليه على حق واستنادا لصحيح حكم القانون حسبما سبق البيان - واعمالا لما انتهى اليه الحكم الصادر فى الطعن المقدم منه وحده قد أوقع عليه جزاء خفض وظيفته الى وظيفة بالدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر الى القدر الذى كان عليه قبل الترقية مع انذاره بالفصل وهو جزاء أشد مما كان موقعا عليه بقرار مجلس التأديب الذى ألغى بناء على طعنه فان قرار مجلس التأديب محل الطعن الماثل يكون بعدم تقيده بالجزاء السابق توقيعه عليه كحد أقصى لما يجوز توقيعه قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه تعديله بمراعاة هذا الحد وتقدر هذه المحكمة الجزاء بوقف المحال عن العمل لمدة شهرين مع وقف صرف نصف مرتبه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بتعديل قرار مجلس التأديب المطعون فيه بمجازاة المحال بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع وقف صرف نصف مرتبه.