مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1482

(200)
جلسة 29 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أحمد يسرى عبده نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى والسيد السيد عمر ود. محمود صفوت عثمان المستشارين.

الطعن رقم 3202 لسنة 29 القضائية

تأميم - تحديد نطاق المنشأة المؤممة.
القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت والقانون رقم 42 لسنة 1962 باضافة بعض الشركات والمنشآت الى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961.
التأميم هو اجراء يراد به نقل مشروع أو مجموعة من المشروعات الخاصة من ملكية الأفراد أو الشركات الى ملكية الدولة بقصد تحقيق صالح الجماعة - يرد التأميم على مشروع قائم بكيانه القانونى ويتحدد نطاقه بهذا الكيان ويتناول المشروع المؤمم بحالته وقت التأميم - ينصب التأميم على جميع العناصر القانونية التى يتكون منها والقابلة لانتقال ملكيتها الى الدولة - يقصد بالمشروع فى مجال التأميم مجموعة الأموال التى خصصت للقيام بنشاط انتاجى معين وتتمتع بذاتية تجعل منها وحدة قائمة استقلالا بغض النظر عن مكوناتها التى تدخل فى الاعتبار من خلال الاطار العام للمشروع باعتباره أداة من أدوات الانتاج - مؤدى ذلك: - أن التأميم يصيب المشروع المؤمم بكامله وبما يشتمل عليه من العناصر المستخدمة فى تسيير عملية الانتاج سواء كانت عقارات أو منقولات مادية أو معنوية - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 11 من أغسطس سنة 1983 أودع الأستاذ موريس ميخائيل جرجس المحامى بالنقض، نائبا عن الأستاذ كرم تادرس المحامى بالنقض، وذلك نيابة عن السادة ميخائيل عبد الملك ابراهيم وورثة المرحوم شفيق عبد الملك ابراهيم وهم فهيمة سلامة عطية وأولاده أميرة ونبيلة وأصفهان وصبرى وانطوانيت، ونبيل ميخائيل عبد الملك، وناجى ميخائيل عبد الملك، وصبرى شفيق عبد الملك، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3202 لسنة 29 ق ضد السادة وزراء التموين والتجارة الداخلية، والمالية، والاقتصاد، ورئيس مجلس ادارة المؤسسة المصرية العامة للمطاحن، ورئيس مجلس ادارة شركة مطاحن غرب ووسط الدلتا، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 14 من يونيه سنة 1983 فى الدعوى رقم 1417 لسنة 29 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهم، والقاضى برفض الدفوع بانقطاع سير الخصومة وبعدم جواز نظر الدعوى وبعدم قبولها، وبقبولها شكلا وبرفض الدعوى بالنسبة الى الطلب الأول وألزمت المدعين مصروفاته، وباثبات ترك الخصومة فى الطلب الثانى وألزمتهم مصروفاته.
وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بالغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى سالف الذكر، وباستبعاد الأرض المقام عليها المطحن المعروف باسم "مطاحن عبد الملك الكبرى" ببنها من أصول تقييم المطحن بعد تأميمه تأميما كليا وهى الأرض البالغ مسطحها 2884.70مترا مربعا والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة الطعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، بتحديد قيمة ايجارية سنوية لها قدرها 209 جنيه على النحو الثابت بتقرير لجنة التقييم النصفى الأولى، وذلك بواقع النصف اعتبارا من أول فبراير سنة 1962 الى تاريخ التأميم الكامل فى 7 من مايو سنة 1963 (أى ما يعادل 283.002 جنيها مصريا)، ثم بواقع مائة فى المائة من هذا التاريخ حتى تاريخ الحكم فى الدعوى، على أن يخصم المبلغ الوارد ضمن الأصول للأرض فى التقييم الكلى وقدره 154 مليم و659 جنيه من مجموع الايجار، ويلتزم المطعون ضدهم بأداء الباقى متضامنين مع الفوائد المقررة قانونا الى مالكى الأرض الطاعنين على أساس النصف لأولهم والباقى للباقين حسب نصيب كل منهم، كما طلب الطاعنون الزام المطعون ضدهم متضامنين بالمصروفات والأتعاب.
وقد أعلن تقرير الطعن الى المطعون ضدهم بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1983 وذلك فى مواجهة ادارة قضايا الحكومة، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بالغاء قرار لجنة التقييم الثانية الخاصة بتقييم أصول مطحن ميخائيل عبد الملك وشركاه ببنها فيما انطوى عليه من ادراج الأرض المقام عليها المطحن ضمن أصوله، وما يترتب على ذلك من استبعادها منها واستحقاق الطاعنين للايجار السنوى للأرض والبالغ 209 جنيها والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 10 من يونيه سنة 1975 وحتى تاريخ السداد بواقع 4% سنويا، مع الزام المطعون ضدهم بمصروفات هذا الطلب ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد عين لنظر الطعن جلسة الأول من ابريل سنة 1985 أمام دائرة فحص الطعون حيث حضر محامى الطاعنين والأستاذ عبد الرحمن صالح المحامى عن شركة المطاحن، كما حضر محامى الحكومة عن باقى المطعون ضدهم، وأقر الحاضر عن الطاعنين بوفاة الطاعن نبيل شفيق عبد الملك، وبجلسة 20 من يناير سنة 1986 قدم الحاضر عن الطاعنين حافظة مستندات طويت على اعلام وراثة رسمى صادر من محكمة بنها الجزئية للأحوال الشخصية برقم 242 متتابعة بقيد وفاة المرحوم نبيل ميخائيل عبد الملك بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1984 وانحصار ارثه الشرعى فى والده ميخائيل عبد الملك وزوجته أميرة شفيق عبد الملك وأولاده منى وشريف البالغين وريم وأمل ومريم وجورج القصر، كما انطوت الحافظة على توكيل خاص صادر من أميرة شفيق عبد الملك عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر وهم أمل ومريم وجورج وريم أولاد المرحوم نبيل ميخائيل عبد الملك بموجب قرار وصاية صادر من نيابة بنها الكلية للأحوال الشخصية - ولاية على المال - فى القضية رقم 317 لسنة 1985، ومنى نبيل ميخائيل عبد الملك وشريف نبيل ميخائيل. وبذات جلسة 20 من يناير سنة 1986 قررت الدائرة اصدار الحكم بجلسة 17 من فبراير سنة 1986 مع التصريح بالاطلاع ومذكرات خلال أسبوعين، وبتاريخ 30 من يناير سنة 1986 قدمت شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا مذكرة انتهت فيها الى طلب الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1417 لسنة 29 ق من محكمة القضاء الادارى. وبجلسة 17 من فبراير سنة 1986 قررت دائرة فحص الطعون احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الادارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 15 من مارس سنة 1986 وبهذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات على الوجه المقرر بالمحضر ثم قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أنه وان كان تقرير الطعن قد أعلن فى مواجهة ادارة قضايا الحكومة بالنسبة لجميع المطعون ضدهم، فى حين أن من بينهم مؤسسة عامة وشركة من شركات القطاع العام، الا أن المؤسسة المذكورة - وهى المؤسسة المصرية العامة للمطاحن قد ألغيت بالقانون رقم 111 لسنة 1975 بعد اقامة الطاعنين لدعواهم أمام محكمة القضاء الادارى وقبل صدور الحكم المطعون فيه، وجاء بذلك الحكم أن الجهة الادارية التى حلت محلها لا تخرج عن وزارة التموين أو وزارة المالية، وبالتالى فان الاعلان يصح فى مواجهتهما، أما بالنسبة الى شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا فقد حضر محاميها الأستاذ عبد الرحمن صالح جميع جلسات المرافعة وقدم مذكرة بدفاع الشركة، وبالتالى فان حضوره يصحح ما شاب اجراء الاعلان من عيب.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 10 من يونيه سنة 1975 أقام الطاعنون الدعوى رقم 1417 لسنة 29 ق ضد المطعون ضدهم طالبين الحكم:
أولا: باستبعاد الأرض المقام عليها المطحن المؤمم المعروف باسم مطاحن عبد الملك الكبرى ببنها من أصول تقييم المطحن بعد تأميمه كليا وما يترتب على ذلك من آثار وبتحديد قيمة ايجارية سنوية لها بمقدار 209 جنيه على النحو الثابت بتقرير لجنة التقييم النصفى بواقع النصف من أول فبراير سنة 1962 وبالكامل من 7 من مايو سنة 1963 حتى تاريخ الحكم فى الدعوى على أن يخصم مبلغ أصول الأرض من التقييم الكلى من الأجرة المطلوب أداؤها للمدعى مع الفوائد المقررة قانونا.
ثانيا: الزام المطعون ضدهم بأن يردوا للطاعنين طبقا لأنصبتهم مبلغ 901 مليم، و3915 جنيه وفوائده من تاريخ الاستحقاق فى 12/ 4/ 1970 تاريخ سداد مستحقات مصلحة الضرائب حتى تاريخ السداد.
ثالثا: الزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تنازل الطاعنون عن الطلب "ثانيا" سالف الذكر بمذكرة مقدمة بجلسة الأول من ديسمبر سنة 1981 وقبلت ادارة قضايا الحكومة هذا التنازل.
ومن حيث أن الطاعنين أوضحوا طلبهم بأنه على اثر صدور القرار الوزارى رقم 42 لسنة 1962 باضافة مطاحن القليوبية والمنوفية والشرقية الى الجدول المرفق بالقانون رقم 118 لسنة 1961 بمساهمة المؤسسة المصرية للمطاحن والمضارب والمخابز بنسبة 50% من رءوس أموالها، وقامت لجنة التقييم المشكلة بالقرار الوزارى رقم 576 لسنة 1962 بتقييم رأس مال المطحن المعروف باسم مطاحن عبد الملك الكبرى ببنها، وجاء بتقريرها عن الأرض المقام عليها المطحن أنها مملوكة مناصفة لكل من السيد/ ميخائيل عبد الملك ابراهيم وشفيقة شفيق عبد الملك ابراهيم مناصفة بينهما، ولذلك استبعدت اللجنة تلك الأرض من أصول المطحن بعد أن تبين لها أنها لم ترد ضمن أصول الميزانيات منذ يناير سنة 1946 تاريخ تكوين الشركة المالكة للمطحن، وأن هذه الشركة كانت تقوم بدفع أجرة سنوية لمالكى الأرض قدرها 209 جنيه على النحو الذى ثبت من دفتر اليومية العامة للمطحن المسجل تحت رقم 27 لسنة 1961 صفحة 8 ومن شهادة المحاسب المرفقة بتقرير اللجنة، ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 51 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت التموينية تأميما كاملا اعتبارا من 8/ 5/ 1963 وذلك باضافتها الى الجدول الملحق بالقانون رقم 117 لسنة 1961 وكان من بينها مطحن الطاعنين، وشكلت لجنة لتقييم المطحن بعد تأميمه كله أدخلت فى الأصول مبلغ 308 مليم و1318 جنيه قيمة الأرض المقام عليها المطحن، وقدم الطاعنون كثيرا من الشكاوى فى هذا الخصوص فجاءهم الرد فى سبتمبر سنة 1970 بأن قرار التقييم نهائى ولا يحق لهم المطالبة بشئ، فى حين أن ادخال الأرض المقام عليها المطحن ضمن أصوله المؤممة يعتبر استيلاء بدون وجه حق على الأرض لأنها لا تدخل ضمن أصول المطحن الذى اقتصر عليه قرار التأمين.
ومن حيث أن ادارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بانقطاع سير الخصومة فى الدعوى لزوال صفة رئيس مجلس ادارة المؤسسة المصرية العامة للمطاحن بالقانون رقم 111 لسنة 1975 الذى ألغى المؤسسات العامة وعدم اختصام من حل محله، وطلبت احتياطيا الحكم بعدم قبول الدعوى لسببين:
الأول: هو أن قرارات لجنة التقييم الكلى نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من الوجوه طبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961 وهذه المادة لم تلغ من المحكمة الدستورية.
الثانى: هو أن القرار المطعون فيه صدر سنة 1966 وعلم به الطاعنون يقينا ولم يرفعوا دعواهم الا فى 10 من يونيه سنة 1975 بعد فوات الميعاد القانونى، وبالنسبة الى الموضوع طلبت ادارة قضايا الحكومة رفض الدعوى لان التأميم انصب على المطحن كمؤسسة صناعية بحيث يشمل كافة عناصرها ومن بينها أرض المطحن ومبانيه. كما ردت شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، كما دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة الشركة لأنها ليست جهة ادارية ولم يصدر القرار المطعون فيه منها، ودفعت بانقطاع سير الخصومة بالنسبة للمؤسسة التى ألغيت بالقانون رقم 111 لسنة 1975، وأخيرا دفعت بسقوط الحق فى الأجرة بالتقادم الخمسى طبقا للمادة 375 من القانون المدنى، وبالنسبة لموضوع الدعوى فقد أوردت المذكرة أن التأميم يرد على جميع عناصر المنشأة من أرض ومبانى وآلات، وقد ورد النص على التأمين فى القانون رقم 42 لسنة 1962 (مطاحن ميخائيل عبد الملك) دون ذكر وصف شركة، وأن المطحن كان يدار بشركة توصية بسيطة بين شقيقين مما يدرجها فى مفهوم المنشأة، وأن مالكى المطحن هما مالكا الأرض، وانتهت الشركة - بصفة احتياطية - الى الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال السيادة.
ومن حيث أنه بجلسة 14 من يونيه سنة 1983 حكمت المحكمة:
أولا: برفض الدفوع بانقطاع سير الخصومة وبعدم جواز نظر الدعوى وبعدم قبولها وبقبولها شكلا.
ثانيا: برفض الدعوى بالنسبة الى الطلب الأول وألزمت المدعين مصروفاته.
ثالثا: باثبات ترك المدعين للخصومة فى الطلب الثانى وألزمتهم مصروفاته.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن التكييف القانونى الصحيح لطلبات الطاعنين هو طلب الغاء قرار لجنه التقييم الكلى للمطحن المؤمم فيما تضمنه من ادخال أرض المطحن فى عناصره التى ورد عليها التأميم وما يترتب على ذلك من آثار، وأنه بالنسبة للدفع بانقطاع سير الخصومة فان الجهة الادارية التى حلت محل المؤسسة الملغاة بالقانون رقم 111 لسنة 1975 لا تخرج عن وزارة التموين أو وزارة المالية وهما مختصمتان فى الدعوى، وعن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لتعلقها بأعمال السيادة أوردت المحكمة أن تأميم المطحن تم بقانون ونظرية اعمال السيادة خاصة بالأعمال التى تصدر عن السلطة التنفيذية، وقرار لجنة التقييم يعتبر بطبيعته عملا اداريا محضا يدخل فى أعمال الادارة العادية، كما قررت المحكمة أن الشركة المطعون ضدها قد اختصمت ليصدر الحكم فى مواجهتها وليس لها بالتالى أن تدفع بأنه لا صفة لها فى الدعوى اذ أنها الجهة التى آل اليها المطحن المؤمم. وبالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى استنادا الى نص المادة 3 من القانون رقم 117 لسنه 1961 على أن تكون قرارات لجنة التقييم نهائية وغير قابلة للطعن فيها وأن القرار المطعون فيه صدر سنة 1966 وعلم به الطاعنون علما يقينيا ولم يقيموا دعواهم الا فى عام 1975، فان المحكمة الدستورية قضت بجلسة 30 من ابريل سنة 1983 فى الطعن رقم 6 لسنة 2 ق دستورية بعدم دستورية نص المادة 3 من القانون رقم 117 لسنة 1961 فيما تضمنه من عدم قابلية قرارات لجان التقييم للطعن فيها بأى وجه من الوجوه - مما يترتب عليه انفتاح مواعيد الطعن فى هذه القرارات من تاريخ نشر ذلك الحكم فى الجريدة الرسمية، والدعوى الماثلة أقيمت سنة 1975 وصدر الحكم المذكور قبل الفصل فيها وبالتالى فانها تكون مرفوعة فى الميعاد - وعن الموضوع ذهبت المحكمة الى أن التأميم اجراء يراد به نقل مشروع معين من الملكية الخاصة للأفراد الى ملكية الدولة، ويشمل التأميم العنصر الأساسى للمشروع المؤمم وكل ما ارتبط به وكان لازما له من عناصر مادية أو معنوية يقتضيها نشاطه وتكون فى مجموعها وحدة اقتصادية متكاملة، واذ ورد التأميم على مطحن الطاعنين باسم (مطاحن ميخائيل عبد الملك ببنها) فان التأميم يشمل المطحن وملحقاته بما فى ذلك الأرض المقام عليها سواء كانت مملوكة لأصحاب المطحن أو لغيرهم باعتبارها من العناصر الأساسية المكونة للمشروع والتى تدور معه وجودا وعدما فلا يقوم من غيرها، وخاصة وقد ورد التأميم على المطحن دون نظر الى ملاكه.
ومن حيث أن الطاعنين يستندون - فى طعنهم الماثل - الى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، اذ أنه اذا كانت لجنة التقييم الثانية قد أدخلت الأرض محل النزاع ضمن أصول التقييم بالمخالفة لما انتهت اليه لجنة التقييم الأولى من استبعاد الأرض بوصفها مؤجرة للمشروع المؤمم، فان الحكم برفض دعوى الطاعنين وبصحة قرار لجنة التقييم الثانية يكون قد أهدر الدلالة الصحيحة المستمدة من قرار لجنة التقييم الأولى المبنى على الثابت من المستندات، كما أن أرض المطحن - وقد استبعدتها لجنة التقييم الأولى من أصول التأميم - تكون قد اعتمدت ما جرى عليه العرف والعمل من أن الأرض لا تدخل بطبيعتها فى المشرع المؤمم، كما أنه ليس من المتصور - كما ذهب الحكم المطعون فيه - أن تكون الأرض من العناصر الأساسية المكونة للمشروع المؤمم والتى تدور معه وجودا وعدما.
ومن حيث أن شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا طلبت فى مذكرتها المقدمة بتاريخ 30 من يناير سنة 1986 رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، وأحالت الى مذكرة دفاعها المقدمة الى محكمة القضاء الادارى وأوضحت أن هدف التأميم هو انتقال ملكية المشروع المؤمم الى الأمة وأهم عناصر أو مقومات المشروع هى الأرض سواء كانت مملوكة لصاحب المشروع أو غيره، وبعد أن استعرضت المذكرة أسباب الحكم المطعون فيه انتهت الى تأييدها، وناقشت الشركة ما انتهى اليه مفوض الدولة من طلب الغاء قرار لجنة التقييم الثانية فيما انطوى عليه من ادراج الأرض المقام عليها المطحن ضمن أصوله، فأوردت أن التأمين ورد على منشأة اسمها (مطاحن عبد الملك الكبرى ببنها)، ولا يمكن لمشروع المطحن أن يقوم بنشاطه دون الأرض المقام عليها فضلا عن الآلات، والتأميم يرد على المشروع برمته دون نظر الى مالكه - والتأميم بهذا المعنى يختلف عن نزع ملكية صاحب المشروع حيث لا يجب أن يتعدى هذا الاجراء الى ما يملكه غيره من الأفراد.
ومن حيث أن القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت ينص فى المادة (1) منه على أنه "يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون شكل شركة مساهمة عربية، وأن تساهم فيها احدى المؤسسات العامة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن 50% من رأس المال" وينص فى المادة (3) على أن "يحدد قيمة رأس المال على أساس سعر السهم حسب آخر اقفال ببورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون، واذا لم تكن الأسهم متداولة فى البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد التنفيذى، على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف، وتصدر كل لجنة قراراتها فى مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ صدور قرار تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، كما تتولى هذه اللجان تقويم رأس مال المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة "ثم صدر القانون رقم 42 لسنة 1962 باضافة بعض الشركات والمنشآت الى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 المشار اليه، وتضمن من بين المنشآت المضافة "مطاحن ميخائيل عبد الملك الكبرى"، ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 51 لسنة 1963، وينص فى المادة (1) منه على أن "ينقل الى الجدول المرفق بالقانون رقم 117 لسنة 1961 الشركات والمنشآت التموينية الخاصة بالمطاحن ومضارب الأرز المبينة بالجدول المرفق بالقانون رقم 118 لسنة 1961"، وتنص المادة (1) من القانون رقم 117 لسنة 1961 على أن "تؤمم الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرفق بهذا القانون وتؤول ملكيتها الى الدولة".
ومن حيث أن التأميم اجراء يراد به نقل مشروع أو مجموعة من المشروعات الخاصة من ملكية الأفراد أو الشركات الى ملكية الأمة ممثلة فى الدولة، بقصد تحقيق صالح الجماعة، ويرد التأميم على مشروع قائم بكيانه القانونى ويتحدد نطاقه بهذا الكيان، وهو يتناول المشروع المؤمم بحالته وقف التأميم، وينصب على جميع العناصر القانونية التى يتكون منها، والقابلة لأن تنتقل ملكيتها الى الدولة. ويقصد بالمشروع - فى مجال التأميم - مجموعة الأموال التى خصصت للقيام بنشاط انتاجى معين، وتتمتع بذاتية تجعل منها وحدة قائمة استقلالا، بغض النظر عن مكوناتها التى تدخل فى الاعتبار من خلال الاطار العام للمشروع باعتباره أداة من أدوات الانتاج لذلك فان التأميم يصيب المشروع المؤمم بكامله، أى بما يشتمل عليه من العناصر المستخدمة فى تسيير عملية الانتاج، سواء كانت عقارات أو منقولات مادية أو معنوية.
ومن حيث أن المشروع المؤمم قد ورد فى القانون رقم 42 لسنة 1962 باضافة بعض الشركات والمنشآت الى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 تحت اسم "مطاحن ميخائيل عبد الملك الكبرى ببنها" حال كونه مطحنا واحدا، مما يستفاد منه أن المشروع قد قصد تأميم "شركة مطاحن ميخائيل عبد الملك الكبرى وشركاه" وهى الشركة التى يتمثل نشاطها فى استغلال المطحن المذكور والواضح من الأوراق أن هذه الشركة أنشئت بموجب عقد مؤرخ فى 15 من نوفمبر سنة 1945 بين كل من ميخائيل عبد الملك وشفيق عبد الملك فى شكل شركة توصية بسيطة باسم (مطاحن م. عبد الملك الكبرى وشريكه) وذلك لغرض غربلة وطحن الغلال وضرب الأرز وحصة كل شريك فيها النصف - ثم عدل العقد بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1953 بحيث أدخل ميخائيل عبد الملك ولديه نبيل وناجى جلا بحصة قدرها السدس واستبقى لنفسه حصة قدرها السدس، كما أدخل شفيق عبد الملك ولده صبرى شريكا بحق الربع وبقى له الربع، وعدل اسم الشركة وعنوانها الى (شركة مطاحن م. عبد الملك الكبرى وشركاه) - واذ تبين للجنة تقييم أصول المشروع المؤمم المشكلة فى نطاق قانون التأميم النصفى رقم 118 لسنة 1961 أن أرض المطحن لا تدخل فى تلك الأصول باعتبارها أرضا مستأجرة، ومملوكة مشاعا للسيدين ميخائيل وشفيق عبد الملك فى حين أن الشركاء فى الشركة مالكة المطحن وقت سريان ذلك القانون هم المذكورون بالاضافة الى نبيل وناجى ولدى ميخائيل عبد الملك وصبرى شفيق عبد الملك، ولم ترد الأرض المقام عليها المطحن ضمن أصول ميزانيات المطحن منذ عام 1946، كما أنه مدون بدفاتر الشركة ايجارا للمطحن يبلغ 624 جنيها سنويا قدر منه للأرض الثلث ويبلغ 208 جنيها، وكل هذه الاعتبارات أدت بلجنة التقييم المذكورة الى اخراج أرض المطحن من ضمن أصول المشروع المؤمم، وهى اعتبارات سائغة فى الواقع والقانون، حيث ورد التأميم فى هذه الحالة على العناصر المملوكة للشركة أو حقوقها المتعلقة بنشاط المشروع المؤمم وفيها الحق فى ايجار تلك الأرض، وما كان يجوز بعد ذلك وقد أعملت اللجنة المذكورة تقديرها فى تقييم أصول تلك الشركة، أن تعاود اللجنة المشكلة طبقا للقانون رقم 117 لسنة 1961 بعد أن خضعت الشركة المذكورة لأحكامه، النظر فى هذا الأمر وتدخل ملكية أرض المطحن وهى خارجة عن العناصر المملوكة للشركة ضمن عناصر المشروع المؤمم، وهذا ما سبق أن انتهت اليه هذه المحكمة فى حالة مماثلة فى الطعن رقم 23 لسنة 13 ق الصادر بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1973).
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه اذ قضى بغير ذلك يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين القضاء بالغائه، والحكم بالغاء قرار لجنة التقييم المشكلة طبقا للقانون رقم 117 لسنة 1961 فيما انتهت اليه من ادراج أرض المطحن من بين أصول المؤسسة.
ومن حيث أن طلب تحديد قيمة ايجارية سنويا قدرها 209 جنيهات وذلك بواقع النصف اعتبارا من أول فبراير سنة 1962 الى تاريخ التأميم الكلى فى 7 من مايو سنة 1963، ثم بواقع مائة فى المائة من هذا التاريخ حتى تاريخ الحكم فى الدعوى، فان أساس هذه المطالبة هو العلاقة الايجارية وهى علاقة مدنية لا تختص جهة القضاء الادارى بالبت فيها، ويكون لأصحاب الشأن اللجوء الى المحكمة المختصة للمطالبة بحقوقهم فى هذا الخصوص.
ومن حيث أن الطاعنين قد أجيبوا الى شق من طلباتهم، فان الجهة الادارية المدعى عليها تلزم بقدر مناسب من المصروفات - ويلزم الطاعنون بالشق الآخر.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، وبالغاء قرار لجنة التقييم المشكلة طبقا للقانون رقم 117 لسنة 1961 فيما تضمنه من ادراج أرض المطحن من بين الأصول التى آلت الى الدولة، وألزمت الجهة الادارية والطاعنين بالمصروفات مناصفة بينهما.