مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1527

(207)
جلسة 5 من ابريل سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وحسن حسنين على والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعن رقم 1166 لسنة 30 القضائية

أموال الدولة العامة والخاصة - المال العام - معيار تخصيص المال الخاص للمنفعة العامة.
المادة (87) من القانون المدنى معدلة بالقانون رقم 336 لسنة 1954.
معيار تخصيص المال للمنفعة العامة - عدول المشرع عن أسلوب تعداد ما يعتبر من الأموال العامة الذى كانت تجرى به المادة (9) من التقنين المدنى القديم وأتى بمعيار آخر هو التخصيص للمنفعة العامة - التزام هذا المعيار يغنى عن ايراد الأمثلة ويدل على أن المشرع لم يرد الخروج على الأوضاع التى استقرت فى ظل التقنين المدنى القديم ولم يقصد التضييق من نطاق الأموال العامة - المناقشات التى دارت بلجنة القانون المدنى بمجلس الشيوخ حول صياغة مشروع المادة (87) بأن حكم هذه المادة لا ينسحب على بعض ما يعتبر من الأموال العامة طبقا للمادة (9) من التقنين القديم مثل: - البرك والمستنقعات المستصلحة المتصلة بالبحر مباشرة والبحيرات المملوكة للميرى - استندت هذه المناقشات الى أن تخصيص الأموال المشار اليها للمنفعة العامة غير واضح - انتهت هذه المناقشات الى التسليم بصحة المعيار الذى أتى به المشرع بنص المادة (87) - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 7 من مارس سنة 1984 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية ومحافظ البحيرة ورئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو، قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1166 لسنة 30 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية فى الدعوى رقم 388 لسنة 36 القضائية القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو برقم 13 مكررا لسنة 1979 وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب وبالزام الوحدة المحلية لمدينة ادكو بأن تؤدى للمدعين تعويضا قدره خمسة عشر ألف جنيه وبالزامها بالمصروفات. وطلب تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة، وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه وبرفض دعوى المطعون ضدهم مع الزامهم بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه:
أولا: رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانيا: الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزام الجهة الادارية الطاعنة بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من مايو سنة 1984، وتدول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر، حتى قررت بجلسة 3 من مارس سنة 1986 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الادارية والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 15 من مارس سنة 1986، وفيها قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، فى أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1979 أمام محكمة رشيد الجزئية دعوى قيدت بسجلات تلك المحكمة تحت رقم 558 لسنة 1979 مدنى رشيد ضد السيدين/ محافظ البحيرة ووزير الداخلية بصفتيهما طالبين الحكم بمنع تعرض المدعى عليهما لهم فى حيازتهم للأرض الموضحة بعريضة الدعوى، والمبانى والمنشآت المقامة عليها مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات. ويبلغوا أنه بموجب محضر تسليم مؤرخ فى 19 من مايو سنة 1951 محرر بمعرفة محضر محكمة رشيد تسلم مورث المدعين الأول والثانى المرحوم عبد الرحمن خليل قطعة أرض زراعية بما عليها من مبان وأشجار، كائنة بزمام ناحية المعدية، تحدها من الناحية الغربية أرض ملك حسين يسرى ومتولى حجاج ومن الناحية الشرقية بحيرة ادكو ومن الناحية البحرية المزرعة السمكية ومن الناحية القبلية باقى الأرض التى استولى عليها الاصلاح الزراعى. واستطرد المدعون بأن الهيئة العامة للاصلاح الزراعى كانت قد استولت على معظم مساحة الأرض وتركت لمورث المدعين المذكورين مساحة مائة فدان بالتطبيق لأحكام قانون الاصلاح الزراعى، وقد قام مورث المدعين باستصلاح هذه المساحة وزراعتها بأشجار نخيل وبنى عليها منزلين بالطوب الأحمر وسقفهما بالتبن المسلح، وبوفاته انتقلت الحيازة الى ولديه (المدعين الأول والثانى) ووضعا يدهما عليها لمدة ثلاثين سنة استمرارا لوضع يد مورثهما وقال المدعون أنه بمناسبة قيام الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بالاستيلاء على مساحة الأرض الزائدة التى كانت مملوكة لمورث المدعين الأول والثانى، فقد قام المدعو محمد محمد أحمد الزهرى بالاعتراض على قرار الاستيلاء بمقولة أنه كان قد اشترى من مورث المدعيين الأول والثانى مساحة قدرها ثلاثون فدانا، وبالفعل فقد قضت اللجنة القضائية بالهيئة العامة للاصلاح الزراعى بجلسة 10/ 11/ 1964 بقبول الاعتراض وبالاعتداد بعقد البيع العرفى المؤرخ 23/ 9/ 1947 الصادر من المورث المذكور، وقد قام المشترى ببيع هذه المساحة الى المدعى الثالث جابر على عبد الموجود الذى وضع يده عليها وأقام على جزء منها منزلا كما قام بزراعة بعض أشجار النخيل بالأرض. وقد فوجئ المدعون بتاريخ 18/ 8/ 1979 برجال الشرطة يقومون بهدم منازلهم وطرد مواشيهم من الأرض وبمنعهم من الوصول اليها وقد نما الى علمهم أن محافظ البحيرة قد أصدر قرارا بازالة المبانى المملوكة لهم وبمنعهم من دخول الأرض مما اضطرهم الى اقامة الدعوى بالطلبات المشار اليها. وبجلسة 18 من مارس سنة 1980 قضت محكمة رشيد الجزئية قبل الفصل فى الدفعين بعدم الاختصاص ولائيا ونوعيا بنظر الدعوى وقبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمنهور ليندب أحد خبرائه المختصين تكون مهمته الاطلاع على صحيفة الدعوى وما تقدم فيها من مستندات وما عسى أن يقدمه لهم الخصوم منها والانتقال الى الأرض موضوع النزاع ومعاينتها على الطبيعة وتقدير قيمتها على هدى من المادة 37 من قانون المرافعات وبيان ما اذا كان المدعون يضعون اليد عليها وسبب وضع اليد ان كان ومدى توافر شروط وضع اليد من هدوء وظهور واستمرار وما اذا كان المدعى عليهما بصفتهما قد تعرضا للمدعيين فى حيازة تلك الأرض وتاريخ ذلك وسببه. وقد قام الخبير بتنفيذ المأمورية وأودع تقريره بتاريخ 4/ 4/ 1981. وبجلسة 30 من يونيه سنة 1981 قررت المحكمة، باتفاق الطرفين، احالة الدعوى الى محكمة دمنهور الابتدائية المختصة قيميا بنظر الدعوى لنظرها بجلسة 12/ 10/ 1981. وقد قيدت الدعوى بجدول تلك المحكمة تحت رقم 2156 لسنة 1981 مدنى كلى محكمة دمنهور، وبجلسة 26 من أكتوبر سنة 1981 حكمت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى المختصة بالاسكندرية لنظرها بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1981 وأبقت الفصل فى المصروفات. وقد قيدت الدعوى أمام المحكمة المذكورة تحت رقم 388 لسنة 36 القضائية وتداول نظرها بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر. وبجلسة 14 من أكتوبر سنة 1982 عدل المدعون طلباتهم الى طلب الحكم أصليا:
1 - الغاء قرار محافظ البحيرة رقم 313 لسنة 1979 الصادر فى 10/ 2/ 1979 فيما تضمنه من طرد المدعين من الأرض المملوكة لهم وازالة المنشآت والغراس المقامة عليها مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها تسليم أعيان النزاع للمدعين.
2 - الزام المدعى عليهما (الأول والثانى) بأن يؤديا للمدعين تعويضا قدره ستون ألف جنيه عن الأضرار المترتبة على تنفيذ القرار باتلاف المنشآت والغراس التى كانت مقامة على الأرض منها مبلغ أربعون ألف جنيه للمدعيين الأول والثانى وعشرون ألف للمدعى الأخير. واحتياطيا بالزام المدعى عليهما (الأول والثانى) بأن يؤديا للمدعيين تعويضا قدره مائتا ألف جنيه عن الأضرار سالفة الذكر منها مائة وخمسون ألف للمدعيين الأول والثانى وخمسون ألف للمدعى الأخير. مع الزام المدعى عليهما (الأول والثانى) المصروفات. وقد أودع المدعون، قلم كتاب تلك المحكمة صحيفة بطلباتهم المعدلة بتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1982 وتم اعلانها للجهة الادارية بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1982. وبجلسة المرافعة أمام تلك المحكمة بتاريخ 16 من يونيه سنة 1983 وجه المدعى الثالث الخصومة الى رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو فى مواجهة الحاضر عن الحكومة، كما قرر المدعى بتلك الجلسة أنه وقد تبين للمدعيين من المستندات المقدمة من الحكومة بجلسة 5 من مايو سنة 1983 أن رئيس مدينة ادكو كان قد أصدر القرار رقم 13 مكررا لسنة 1979 بشأن ازالة التعدى الواقع منهم، فان دعواهم تنصب على هذا القرار الصادر ممن لا يملك اصداره. كما قدم المدعون بتلك الجلسة مذكرة طلبوا فى ختامها الحكم بالطلبات الأصلية أو الاحتياطية المشار اليها ولكن على أساس أن حقيقة القرار المطعون فيه هو قرار رئيس مدينة ادكو رقم 13 مكررا لسنة 1979 وليس قرار محافظ البحيرة رقم 313 لسنة 1979، وأنه اذا تراءى للمحكمة وجوب اعتبار قرار محافظ البحيرة رقم 313 لسنة 1979 هو القرار المطعون فيه دون قرار رئيس مدينة ادكو فان المدعين يتمسكون قبل ذلك القرار بذات طلباتهم الأصلية والاحتياطية.
وبجلسة 12 من يناير سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بقبول الدعوى شكلا وبالغاء القرار المطعون فيه الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو رقم 13 مكررا لسنة 1979 وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الوحدة المحلية لمدينة ادكو بأن تؤدى للمدعيين تعويضا قدره خمسة عشر ألف جنيه وألزمتهما بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطلبات الختامية للمدعيين انحصرت فى طلب الحكم بالغاء قرار رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو رقم 13 مكررا لسنة 1979 فيما تضمنه من طرد المدعيين من الأرض موضوع النزاع وازالة المنشآت المقامة عليها وما يترتب على ذلك من آثار مع أحقيتهم فى اقتضاء تعويض قدره ستون ألف جنيه عن الأضرار التى نجمت عن تنفيذ هذا القرار بحرمانهم من الانتفاع بالأرض واتلاف المنشآت المقامة عليها. واحتياطيا القضاء لهم بتعويض قدره مائتا ألف جنيه عن الأضرار سالفة الذكر مع الزام الجهة الادارية المصروفات فى جميع الأحوال. وقد قدم طلب المدعيين بالغاء القرار المشار اليه فى الميعاد مما يتعين معه القضاء بقبول الدعوى شكلا. وعن الموضوع أقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه ولئن كان مصدر القرار، وهو رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو، قد استند فى اصداره الى الأوامر الصادرة من المحافظ يوم 18/ 8/ 1979 الا أن الأوراق قد خلت مما يفيد تفويض المحافظ له فى اصدار مثل هذا القرار بمراعاة أن التفويض فى الاختصاص لا يفترض ولا يستولى عليه بأدوات استنتاج، بل يجب أن يكون صريحا واضحا، وفضلا عن ذلك فان القرار المطعون فيه وان كان قد ردد ما تضمنه القرار رقم 313 لسنة 1979 الصادر من محافظ البحيرة من وقوع تعد على أملاك الدولة يخول الجهة الادارية ازالته بالطريق الادارى طبقا للمادة 970 من القانون المدنى، الا أن هذا القرار الأخيرة لا يعتد به فى هذه المنازعة باعتباره لم يتناول أيا من المدعيين. وقالت المحكمة بأنه اذا كانت سلطة الادارة فى ازالة التعدى بالطريق الادارى بالتطبيق لأحكام المادة 970 من القانون المدنى، منوطة بتحقق أسبابها وتوافر دواعيها من وجود اعتداء ظاهر على ملك الدولة ومحاولة غزوه، فانه اذا كان الثابت من الاطلاع على تقرير الخبير الذى ندبته المحكمة المدنية لمعاينة الأرض محل النزاع وتحرى وضع المدعيين (المطعون ضدهم) عليها وسببه، أن المدعيين الأول والثانى يمتلكان مساحة قدرها مائة فدان، من الأرض محل المنازعة ومساحتها الكلية مائة وثلاثون فدانا، وقد آل اليهم هذا القدر بالميراث عن والدهما المرحوم عبد الرحمن خليل محمد الذى كان اختص بهذا القدر ضمن مساحة أكبر بموجب عقد الاتفاق المؤرخ فى 11/ 5/ 1951 بينه وبين المرحوم عبد الحميد فهمى السيد عيسى الذى كانت قد آلت اليه ملكية الأرض بطريق الشراء من المرحوم عمر محمد عمر عن نفسه وبصفته وليا شرعيا على ابنتيه القاصرتين بموجب عقد عرفى مؤرخ فى 15/ 10/ 1947 قضى بصحته ونفاذه بالدعوى رقم 444 لسنة 1948 كلى اسكندرية فى 5/ 5/ 1948 والمشهرة عريضتها برقم 2279 فى 1/ 5/ 1948. وأن ملكية الأرض المشار اليها كانت قد انتقلت الى البائع ميراثا شرعيا عن المرحومة سكينة يوسف محمد الفقى، التى كان قد آلت الأرض اليها بالميراث عن والدتها المرحومة فاطمة محمد ونس (الشهيرة بالبرنسيسة) التى كانت تمتلك أرض المنازعة ضمن مساحة أكبر بمقتضى العقد المسجل برقم 4244 بتاريخ 16/ 10/ 1937 بقلم الرهون بمحكمة الاسكندرية المختلطة بالمشترى من الخواجة نيكولا كورى جوانى اليونانى الجنسية والتى آلت اليه بالمشترى من قوى عمان ومراجع أبو العلا بمقتضى عقد البيع المسجل برقم 5760 فى 11/ 2/ 1905 أمام محكمة الاسكندرية المختصة. وأن هذه المساحة فى وضع يد المدعيين الأول والثانى ومورثهما والبائعين له وسلفهم منذ ستين عاما وضعا هادئا وظاهرة ومستمرا وبنية التملك. كما أن المدعى الثالث يمتلك مساحة ثلاثين فدانا بموجب عقد المتنازل الصادر له من الشيخ محمد محمد الزهرى بتاريخ 4/ 8/ 1979 الذى كان قد آلت اليه هذه المساحة بمقتضى عقد البيع العرفى المؤرخ 23/ 9/ 1947 المحرر بينه وبين مورث المدعيين الأول والثانى، وقد قضى بصحته ونفاذه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 771 لسنة 1948 كلى اسكندرية. وصدر بشأنه قرار اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى بتاريخ 24/ 2/ 1964 فى الاعتراض رقم 1282 لسنة 1963 ويقضى بالاعتداد بالتصرف الصادر من مورث المدعيين الأول والثانى فى هذا القدر، وقد تأكد هذا القرار بموافقة مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بتاريخ 17/ 12/ 1967 كما أثبت التقرير أن السبب فى ورود الأطيان محل المنازعة فى تكليف الميرى (الأملاك الأميرية) منذ سنة 1913 وحتى الآن هو عدم تقديم الخواجة نيكولا كورى جوانى عقد البيع المسجل برقم 7560 فى 11/ 2/ 1905 للمسئولين بالضرائب العقارية والمساحة أثناء فك الزمام سنة 1913، وأن هذه الأطيان ليست من أملاك المنفعة العامة، لانتفاء صفة المنفعة العامة عنها بالفعل لجنانها وعدم صلاحيتها للصيد، بل هى من أملاك الدولة الخاصة، وفق ما أقر به ممثلو المدعى عليه الأول (محافظ البحيرة) وبذلك تكون الأرض محل المنازعة مما يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957. وقد خلصت المحكمة مما تقدم الى أنها وهى تترخص فى تقدير عمل الخبير ولا تلتزم برأيه الا فى حدود ما تقتنع به ويطمئن اليه وجدانها، وفى حدود ولايتها ببسط رقابة المشروعية على القرار الصادر بازالة التعدى المنسوب الى المدعين طبقا لأحكام المادة 970 من القانون المدنى، دون الخوض فى بحث الملكية ولا الفصل فى منازعة بشأنها، فانها لا تجد فى أوراق الدعوى ومستنداتها مما يساند النظر القائل بوقوع تعد من المدعيين على الأرض موضوع النزاع والتى يستندون فى وضع يدهم عليها الى تملكهم وأسلافهم لها بمقتضى عقود مسجلة ترجع الى عام 1937 بالنسبة للعقد رقم 4244 والى عام 1905 بالنسبة للعقد رقم 5760 لم تنكرها الجهة الادارية، بل عولت عليها الهيئة العامة للاصلاح الزراعى - التى تتبعها الادارة العامة لأملاك الدولة - عند نظر الاعتراضات المقدمة اليها من ذوى الشأن، ومن ثم، على ما قضت المحكمة فلا وجه لاهدار حجيتها أو تعطيل آثارها. وقد رتب الحكم المطعون فيه على ذلك أن وضع يد المدعيين على الأرض محل المنازعة برئ من الغصب ومنزه عن شبهة التعدى ويكون القرار المطعون فيه قد صدر فاقدا لركن السبب. وانتهى الحكم الى الغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها تسليم الأرض محل المنازعة ومساحتها مائة وثلاثون فدانا الى المدعيين. كما استظهرت المحكمة توافر أركان المسئولية للجهة الادارية، بثبوت ركن الخطأ فى القرار المطعون فيه وثبوت الضرر الناشئ عنه ويتمثل فى غل يد المدعيين عن الانتفاع بأرض النزاع اعتبارا من تاريخ تنفيذ القرار فى 19/ 8/ 1979 فضلا عن اتلاف وهدم المنشآت التى كانت مقامة عليها - منزل حديث البناء مكون من أربع حجرات حسبما أثبت الخبير فى تقريره وتوافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فقضى الحكم استنادا الى ذلك، بتعويض المدعيين بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه عما أصابهم من أضرار.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله. ذلك أن قرار رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو رقم 13 مكررا لسنة 1979 بازالة تعدى المطعون ضدهم على الأرض موضوع المنازعة هو فى حقيقته قرار تنفيذى للقرار رقم 313 لسنة 1979 الصادر من محافظ البحيرة بتاريخ 10/ 2/ 1979 بازالة التعدى الواقع من الأفراد على الأرض المملوكة للدولة والمخصصة للمزارع السمكية بناحيتى ادكو وأبو حمص. وعلى ذلك لا يكون صحيحا ما وصم به القرار الصادر من رئيس الوحدة المحلية من عدم مشروعية بمقولة صدوره من جهة لا تختص باصداره. كما لا يكون صحيحا ما قضى به من تسليم الأرض محل المنازعة للمطعون ضدهم كأثر من آثار الحكم بالغاء قرار رئيس الوحدة المحلية بادكو، ذلك أن قرار المحافظ رقم 313 لسنة 1978 بازالة التعدى الواقع على الأرض المخصصة للمزارع السمكية بجهتى ادكو وأبو حمص ما زال قائما ناتجا لأثره قبل المطعون ضدهم. ومن ناحية أخرى فقد أخطأ الحكم أيضا فى تطبيق القانون اذ لم يعتبر الأرض محل المنازعة من الأملاك العامة للدولة التى يحق للمحافظ ازالة تعدد الأفراد عليها بالطريق الادارى طبقا لقانون الحكم المحلى. والأرض موضوع المنازعة تقع، من واقع الخرائط المساحية والمستندات الرسمية بحوض بحيرة ادكو نمرة (2) وهى منطقة سواحل ومقيدة بمكلفات الدولة بهذه الصفة (أملاك الميرى - رقم 1744 و2018 وضع يد الحكومة وذلك من واقع سجلات فك الزمام لسنة 1913). وعلى ذلك فان أرض المنازعة، بهذه الصفة، تتأبى على أن تكتسب ملكيتها بالتقادم أيا كانت مدة وضع يد الغير عليها. وهى من الستينات وحتى الآن جزء من مزرعة سمكية تابعة للثروة المائية وقد سبق ازالة تعدى الأفراد عليها مما تكشف للادارة ذلك. وبالتالى واذ كان كل من قرار المحافظ وقرار رئيس الوحدة المحلية قد صدر صحيحا متفقا مع حكم القانون فلا يكون ثمة وجه للحكم بالتعويض عن تنفيذهما. كما أكدت الجهة الادارية بالمذكرة المقدمة بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 15 من مارس سنة 1986 أن المساحة محل المنازعة تدخل فى زمام بحيرة ادكو. وأنه مما يؤكد ذلك أن السيد/ أحمد محمد الوزان كان قد سبق أن أقام الدعوى رقم 2170 لسنة 80 كلى دمنهور بشأن أطيان داخلة فى ذات الحوض الذى تقع به أرض المنازعة الماثلة، وقد قدم الخبير بتلك الدعوى تقريرا انتهى فيه الى أن الأرض موضوع ذلك النزاع هى من المنافع العامة حيث أنها جزء من بحيرة ادكو التى تستخدم فى انتاج الأسماك وتغمرها المياه المالحة. كما تقول المذكرة بأنه مما يؤكد أن هذا المسطح من الأملاك والمنافع العامة، أنه يدخل ضمن موضوع القضية المطروحة حاليا أمام نيابة الأموال العامة بالاسكندرية وموضوعها التزوير فى العقد المشهر بطريق الايداع رقم 589 لسنة 1963 الصادر لصالح أحمد الوزان حيث قرر السيد/ أمين عام الشهر العقارى عدم الاعتداد بالعقد، وأنه لما كان هناك أفراد يقومون بكتابة وتسهيل مهمة تملك أموال الدولة فانه يتعين الوقوف على حقيقة سند تملك المطعون ضدهم لأرض النزاع. وتدل المذكرة أن مسطح بحيرة ادكو جميعه يدخل ضمن مواد الثروة الطبيعية ولا يجوز التصرف فيها الا طبقا لما ينص عليه القانون، وأن كافة الجهات المختصة التى قامت ببحث الموضوع أفادت بأن الأطيان محل المنازعة أملاك أميرية لا يتم عليها التصرف وأنها ملك الدولة بمقتضى فك الزمام عام 1913 والمكلفتين 1744 و2018. وانتهت المذكرة الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه وبرفض الدعوى.
ومن حيث أن القرار الصادر بازالة التعدى بالطريق الادارى يجب أن يقوم على سبب يبرره، وهو لا يكون كذلك الا اذا كان سند الجهة الادارية فى الادعاء بملكية المال الذى تتدخل بازالة التعدى الواقع عليه اداريا سندا جديا له أصل ثابت فى الأوراق. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن القضاء الادارى فى فحصه لمشروعية هذا السبب، لا يفصل فى النزاع القائم على الملكية بين الطرفين المتنازعتين ولا يتغلغل بالتالى فى فحص المستندات المقدمة من كل منهما بقصد الترجيح فيما بينهما، لأن ذلك كله من اختصاص القضاء المدنى الذى يملك وحده الحكم فى موضوع الملكية، وانما يقف اختصاص القضاء الادارى عند حد التحقق من أن ادعاء الجهة الادارية بالملكية ادعاء جدى له شواهده المبررة لاصدار القرار بازالة التعدى اداريا.
ومن حيث أنه ولئن كانت المادة (87) من القانون المدنى (المعدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954) قد عدلت عن تعداد ما يعتبر من الأموال العامة على النحو الذى كانت تجرى به عبارة المادة (9) من التقنين القديم، الا أن معيار التخصيص للمنفعة العامة الذى كان مقررا بنص المادة (9) من التقنين المدنى القديم التى أوردت بعجزها "وعلى وجه العموم جميع الأموال الميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر به. وقد جرت مناقشات بلجنة القانون المدنى بمجلس الشيوخ حول صياغة مشروع المادة (87) من القانون المدنى، قيل فيها أن حكمها لا ينسحب على بعض ما يعتبر من الأموال العامة وفقا للمادة (9) من التقنين القديم مثل البرك والمستنقعات المستصلحة المتصلة بالبحر مباشرة والبحيرات المملوكة للميرى اذ أن تخصيصها للمنفعة العامة غير واضح، ولكن انتهى الرأى الى أن المعيار العام الذى وصفه النص المقترح سليم وأن التزام هذا الميعاد يغنى عن ايراد الأمثلة لذلك. مما يدل على أن المشرع لم يرد الخروج على الأوضاع التى استقرت فى ظل التقنين القديم، ولم يقصد الى التضييق من نطاق الأموال العامة التى كانت معتبرة كذلك فى ظل نصوص التقنين القديم.
ومن حيث أن الثابت أن المساحة محل المنازعة واردة بتكليف أموال الميرى بالمكلفة رقم 1744 باعتباره جزءا من بحيرة ادكو البالغ مساحتها حوالى سبعة وثلاثين ألف فدان، بعضها مغمور بالمياه وبعض أجزاء منها أراضى بور منها ما يعرف باسم جزيرة قطارة حسبما يبين من الخرائط المساحية المرفقة بمحاضر أعمال الخبير الذى كانت المحكمة المدنية قد انتدبته، قبل احالة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية. كما أن الثابت أن المساحة محل المنازعة لم تفرض عليها ضريبة أطيان وبتاريخ 12/ 1/ 1974 تحرر بالهيئة العامة للاصلاح الزراعى، محضر بخصوص استبعاد كل من أطيان الاستيلاء والاحتفاظ قبل كل من السيدين/ عبد المجيد فهمى السيد عيسى وعبد الرحمن خليل محمد خليل بناحية ادكو مركز رشيد بمحافظة البحيرة حيث اتضح من نتيجة بحث الملكية بمعرفة تفتيش المساحة بالاسكندرية أن الأطيان المذكورة واردة فى تكليف أملاك الميرى بالمكلفة رقم 1744. وقد أشار المحضر الى أن كتاب تفتيش أملاك البحيرة رقم 229 فى 12/ 6/ 1973 المرسل الى منطقة أدفينا المختصة قد تضمن أن هذه الأطيان جميعها أملاك للدولة منافع عامة سواحل ولا تتبع الأملاك ولكنها تحت اشراف السواحل. وقد انتهى المحضر الى أن مقتضى ذلك استبعاد هذه الأراضى سواء أراضى الاحتفاظ أو الاستيلاء طالما أنها من أملاك الميرى. ولم يثبت أن المطعون ضدهم قد جادلوا فى هذا الاجراء الذى قامت به الهيئة العامة للاصلاح الزراعى. وبالترتيب على ما تقدم يكون القرار الصادر من الجهة الادارية بازالة التعدى قرارا قائما على صحيح سببه مما تحت يدها من مستندات تفيد دخول المساحة محل المنازعة فى الملكية العامة للدولة.
ومن حيث أن البادى من الأوراق أن محافظ البحيرة كان قد أصدر بتاريخ 10/ 4/ 1979 القرار رقم 313 لسنة 1979 بازالة التعدى الواقع من كامل توفيق دياب وابراهيم بريك ورجب عبد الرازق وآخرين على الأرض المخصصة لاقامة مزارع سمكية بناحية ادكو وأبو حمص، وبتاريخ 19/ 8/ 1979 أصدر رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو القرار رقم 13 مكررا لسنة 1979 وينص على ازالة التعدى الواقع من المواطن أحمد عبد الرحمن وآخرين على مزرعة أسماك الستين والأجزاء المتاخمة لها من بحيرة ادكو، فان هذا القرار الأخير يكون فى حقيقته قرارا تنفيذيا لقرار المحافظ، فكلاهما يهدف الى ازالة التعديات الواقعة على المناطق المخصصة لاقامة المزارع السمكية. ولا يلزم فى القرار الصادر بازالة التعدى أن يتعقب أسماء المعتدين، بل يكفى لقيامه صحيحا أن يتضمن تحديدا للمنطقة التى وقع عليها الاعتداء المراد رده وازالته عن ملك الدولة، بالطريق الادارى. فاذا كان القرار الصادر من المحافظ رقم 313 لسنة 1979 قد تضمن ازالة التعديات الواقعة على المناطق المخصصة لاقامة مزارع سمكية بناحيتى ادكو وأبو حمص، من قبل أشخاص حددهم القرار بذواتهم كما أشار الى اعمال أحكامه على غيرهم فمن يصدق فى حقهم اقتراف التعدى على المناطق التى حددها، وقد صدر بعد ذلك قرار رئيس الوحدة المحلية لمدينة ادكو رقم 13 مكررا لسنة 1979، مستندا فى ديباجته الى قرار المحافظ المشار اليه، مستهدفا ازالة التعدى المنسوب الى المطعون ضده الأول وآخرين على مزرعة من المزارع السمكية المشار اليه بقرار المحافظ، فان قرار رئيس الوحدة المحلية يكون فى حقيقته قرارا تنفيذيا استهدف تطبيق وتنفيذ أحكام القرار الذى سبق أن أصدره المحافظ فى هذا الشأن وبذلك يكون قد استقامت فى القرار الصادر بازالة التعدى قبل المطعون ضدهم عناصر مشروعيته لا يكون معه وجه للنعى عليه. وتكون الدعوى بطلب الغائه وبطلب التعويض عنه متعينا الرفض. واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى غير ذلك فانه يكون قد جانب صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بالغائه.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها اعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات.