أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1955

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

(283)
الطعن رقم 90 لسنة 33 القضائية

( أ ) قضاة. "صلاحية القاضى".
عدم صلاحية القاضى بسبب المصاهرة. نطاقها. الدرجة الرابعة.
(ب) قضاة. "رد القضاة". "تنحى".
تنحية القاضى بسبب رابطة المودة. وسيلته. طلب رده. تنحى القاضى بسبب الحرج متروك لتقديره.
(ج) سند إذنى. "ماهيته". أوراق تجارية.
السند الإذنى. ضرورة اشتماله على شرط الإذن أو عبارة الأمر للمستفيد بقيمته. عدم اشتراط ذكر عبارة التحويل صراحة.
(د، هـ) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير أقوال الشهود.
محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير الدليل. الأخذ بنتيجة دون أخرى.
(و) سند إذنى. "ماهيته". أوراق تجارية. تقادم. "التقادم المسقط".
السند الإذنى. وجوب اشتماله على إسم المستفيد مقرونا بشرط الأمر. عدم النص فى السند على هذا الشرط. أثره. خروج السند عن نطاق الأوراق التجارية عموما. عدم سريان التقادم الخمسى بشأنه.
1 - المصاهرة التى تجعل القاضى غير صالح لنظر الدعوى هى التى تكون فى النطاق الذى يمتد بنص المادة 313 من قانون المرافعات إلى الدرجة الرابعة.
2 - تنحية القاضى عن نظر الدعوى لسبب من الأسباب المنصوص عليها فى المادة 315 من قانون المرافعات - ومنها رابطة المودة بأحد الخصوم التى يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل - إنما يكون بطلب رده عن نظر الدعوى أو بأن يكون القاضى قد استشعر الحرج من نظرها لأى سبب ورأت هيئة المحكمة، أو رئيسها، إقراره على التنحى، وتقدير مبلغ هذا التأثير متروك لضمير القاضى نفسه.
3 - السند الذى يلتزم فيه المدين بدفع مبلغ معين فى أجل معين ويكون قد استكمل الشروط المنصوص عليها فى المادة 190 من قانون التجارة، ومنها ضرورة اشتماله على شرط الإذن أو عبارة الأمر للمستفيد بقيمته يعد سنداًً إذنيا ولو لم تذكر فيه عبارة التحويل صراحة، لأن لازم شرط الإذن الذى يشمله السند أن يكون قابلا للتداول وأن تنتقل ملكية الحق الثابت فيه بمجرد التظهير بغير حاجة إلى اتباع قواعد الحوالة المدنية، ومجرد حذف عبارة التحويل لا ينقض مقتضى شرط الإذن.
4 - تقدير أقوال الشهود مرهون باطمئنان محكمة الموضوع إليها ما دامت لم تخرج بهذه الأقوال عما يؤدى إليه مدلولها، ولا تكون المحكمة ملزمة بأن تبرر سبب أخذها بها أو أن ترد على تجريح الخصم لأقوالهم وأشخاصهم.
5 - لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها فى تقدير الدليل أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة.
6 - أوجب قانون التجارة فى شروط السند الإذنى المنصوص عليها بالمادة 190 بيان إسم المستفيد مقرونا بشرط الأمر ليكون السند قابلا للتداول بمجرد التظهير. وشرط الإذن للمستفيد أو للحامل هو بيان لازم فى الأوراق التجارية عموما، والصك الذى لا ينص فيه على هذا الشرط أو الذى ينص فيه على نقيضه - كأن يذكر به عبارة "بدون تحويل" - يفقد إحدى الخصائص الأساسية للأوراق التجارية فيخرج عن نطاقها ولا يمكن أن يندرج فى إحدى صورها التى نظمها القانون ولا يجرى عليه التقادم الخمسى بصرف النظر عما إذا كان قد حرر لعمل تجارى أم لغيره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام ضد المطعون عليه الدعوى رقم 2027 سنة 1954 مدنى كلى القاهرة وطلب بصحيفتها المعلنة فى 4/ 5/ 1954 الحكم بالزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 956 ج والفوائد تأسيسا على أنه يداين المطعون عليه بهذا المبلغ بموجب سندين أولهما مؤرخ 30/ 10/ 1946 بمبلغ 756 ج مستحق الوفاء فى 1/ 11/ 1947 وثانيهما مؤرخ 2/ 9/ 1948 ج بمبلغ 200 ج مستحق الوفاء فى 1/ 4/ 1949 دفع المطعون عليه الدعوى بسقوط الدين بالتقادم الخمسى إعمالا لنص المادة 194 من قانون التجارة لأنه هو الطاعن تاجران وقد حررا السندين نتيجة اشتراكهما فى بعض أعمال الاتجار بالخضروات، وبتاريخ 30/ 11/ 1954 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لاثبات أن الطرفين كانا فى تاريخ تحرير السندين تاجرين وأن السندين حررا نتيجة لمعاملة تجارية، وبعد سماع أقوال شهود الطرفين قضت المحكمة فى 29/ 3/ 1955 باحالة الدعوى إلى الدائرة التجارية حيث قيدت بجدولها برقم 1083 سنة 1955، وفى 4/ 10/ 1955 قضت المحكمة بسقوط حق الطاعن بالتقادم وبرفض الدعوى على أساس أن حكم الإحالة الصادر فى 29/ 3/ 1955 قطع فى أسبابه بأن الطاعن والمطعون عليه تاجران وأن العلاقة بينهما فى شأن السندين إنما ترتبت على معاملة تجارية وأن الفترة من تاريخ استحقاق السندين إلى تاريخ المطالبة القضائية بقيمتها تزيد على خمس سنوات. استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئناف رقم 737 سنة 72 ق. ومحكمة الاستئناف قضت فى 6/ 4/ 1956 بالغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع بالسقوط وبالزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعن مبلغ 956 ج والفوائد. طعن المطعون عليه فى ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 230 سنة 26 ق وقضت المحكمة فى 2/ 11/ 1961 بالنقض والإحالة للقصور فى الرد على دفاع المطعون عليه بأنه - وهو المدين الموقع على السندين - تاجر. وبعد تعجيل الدعوى قضت محكمة الاستئناف فى 7/ 1/ 1963 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الاجراءات اللاحقة قدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأى.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل السبب الأول منها النعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان، ويقول الطاعن فى بيانه أنه علم بعد صدور الحكم أن رئيس الدائرة التى أصدرته هو أخ لزوجة عم المطعون عليه وهذه العلاقة من المصاهرة تجعله غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم عملا بالمادة 313 مرافعات. هذا إلى أن الرابطة الوثيقة المترتبة على المصاهرة بفرض أن درجتها لا تمنع قانونا من سماع الدعوى كانت كافية بذاتها للتنحى عن نظرها منعا من الحرج وإلا كان الحكم باطلا فى حدود ما تقضى به المادتان 314، 315 مرافعات.
وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأنه لما كانت المصاهرة التى تجعل القاضى غير صالح لنظر الدعوى هى التى تكون فى النطاق الذى يمتد بنص المادة 313 مرافعات إلى الدرجة الرابعة، وكانت المصاهرة المدعى قيامها بين المطعون عليه وبين رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه تجاوز هذه الدرجة فإنه لا يكون ممنوعا من نظرها. والنعى فى شقه الثانى مردود بأنه لما كان الأمر فى تنحية القاضى عن نظر الدعوى لسبب من الأسباب المنصوص عليها فى المادة 315 مرافعات ومنها رابطة المودة بأحد الخصوم التى يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل إنما يكون بطلب رده عن نظر الدعوى أو بأن يكون القاضى قد استشعر الحرج من نظرها لأى سبب ورأت هيئة المحكمة أو رئيسها إقراره على التنحى، وكان الطاعن لم يتخذ الطريق القانونى للرد ولم ير القاضى من جهته سببا يؤثر فى استطاعته الحكم بغير ميل إلى جانب أحد الخصوم، وكان تقدير مبلغ هذا التأثير متروكا لضمير القاضى بنفسه، فإن مجادلة الطاعن بكفاية سبب التنحى تكون غير جائزة أمام محكمة النقض، ولما تقدم يكون النعى ببطلان الحكم لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى فى السببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق فى خصوص قضائه بسقوط حقه فى السند المؤرخ 30/ 10/ 1946، ويقول فى بيان ذلك أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن هذا السند شطبت فيه عبارة التحويل ويعد من سندات المديونية العادية فلا تنطبق عليه أحكام المادة الثانية من قانون التجارة لتخلف أحد أركان السند الإذنى وهو قابليته للتحويل، غير أن الحكم اكتفى فى اعتباره سندا إذنيا باثبات أن المدين كان تاجرا وقت تحريره، وأغفل الرد على هذا الدفاع الذى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. هذا إلى أن الحكم أخذ بأقوال شهود المطعون عليه رغم تضاربها ودون أن يرد على ما أثاره الطاعن من طعون فى شهادتهم وأشخاصهم. وأضاف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم رقم 316 سنة 75 ق القاهرة الصادر فى النزاع الخاص بأطيان زراعية استأجرها من المطعون عليه قد تضمن اعتراف هذا الأخير بأنه مزارع، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بذلك ولم يرد على هذا الدفاع فخالف الثابت بالأوراق وشابه قصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح ذلك أن السند الذى يلتزم فيه المدين بدفع مبلغ معين فى أجل معين ويكون قد استكمل الشروط المنصوص عليها فى المادة 190 من قانون التجارة ومنها ضرورة اشتماله على شرط الإذن أو عبارة الأمر للمستفيد بقيمته يعد سندا إذنيا ولو لم تذكر فيه عبارة التحويل صراحة لأن لازم شرط الإذن الذى يشمله السند أن يكون قابلا للتداول وأن تنتقل ملكية الحق الثابت فيه بمجرد التظهير بغير حاجة إلى إتباع قواعد الحوالة المدنية. ولما كان السند المؤرخ 30/ 10/ 1946 قد اشتمل على شرط الإذن مما يفيد بذاته قابليته للتداول ويغنى عن ذكر عبارة صريحة بقابليته للتحويل فإن مجرد حذف هذه العبارة لا ينقض مقتضى شرط الإذن، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص دفاعا غير منتج فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد عليه لما كان ذلك وكان تقدير أقوال الشهود مرهونا باطمئنان محكمة الموضوع إليها وما دامت لم تخرج بهذه الأقوال عما يؤدى إليه مدلولها فإنها لا تكون ملزمة بأن تبرر سبب أخذها بها أو أن ترد على تجريح الطاعن لأقوالهم وأشخاصهم، وإذ لا يقبل النعى على شهادة الشهود بالتضارب متى كان مجهلا قاصر البيان، وكان الطاعن لم يبين فى نعيه مواضع التضارب فى أقوال الشهود واكتفى بمجرد القول بأن هذا التضارب أدى إلى إهدار الحكم المنقوض لها، وكان لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها فى التقدير أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة فى تقديرها لأدلة احتراف المطعون عليه للتجارة بما قرره هذا الأخير فى نزاع سابق من أنه مزارع ولا يعتبر إطراح هذا الدليل مخالفة للثابت بالأوراق - لما كان ما تقدم فان الحكم المطعون فيه لا يكون قد شابه قصور فى التسبيب أو خالف الثابت بالأوراق. ومن ثم يكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب فى خصوص قضائه بسقوط الحق فى المطالبة بقيمة السند المؤرخ 2/ 9/ 1948 بالتقادم الخمسى ذلك أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن هذا السند قد حذفت منه عبارة التحويل وبأنه لا يتضمن شرط قابليته للتحويل فيعد بذلك سندا عاديا لا تنطبق عليه أحكام المادة الثانية من قانون التجارة، ولكن الحكم المطعون فيه اعتبره سند إذنيا وأخضعه للتقادم المصرفى دون أن يرد على هذا الدفاع الذى يغير من وجه الرأى فى الدعوى.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أن قانون التجارة أوجب فى شروط السند الإذنى المنصوص عليها بالمادة 190 بيان اسم المستفيد مقرونا بشرط الأمر ليكون السند قابلا للتداول بمجرد التظهير، وإذ كان شرط الإذن للمستفيد أو للحامل هو بيانا لازما فى الأوراق التجارية عموما فإن الصك الذى لا ينص فيه على هذا الشرط أو الذى ينص فيه على نقيضه يفقد إحدى الخصائص الأساسية للأوراق التجارية فيخرج عن نطاقها ولا يمكن أن يندرج فى إحدى صورها التى نظمها القانون ولا يجرى عليه التقادم الخمسى بصرف النظر عما إذا كان قد حرر لعمل تجارى أم لغيره - وإذ كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك فى مذكرته المقدمة لجلسة 16/ 4/ 1962 المودعة بملف الاستئناف المنضم بأن السند المؤرخ 2/ 9/ 1948 قد تخلف فيه شرط قابليته للتحويل فلا يعد سند إذنيا، وكان الثابت من هذا السند أنه بعد أن ذكرت فيه عبارة تحت إذن الطاعن حذفت منه عبارة التحويل المطبوعة وكتب فوقها أنه "بدون تحويل" وهى عبارة تنقض مضمون عبارة شرط الإذن بما يخرج السند عن نطاق الأوراق التجارية، فإن الحكم المطعون فيه وقد أغفل الرد على هذا الدفاع واعتبر مع ذلك هذا السند إذنيا فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص دون حاجة إلى بحث ما أثاره الطاعن فى باقى هذا السبب وفى السبب الثالث بشأن هذا السند.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه بالنسبة للدفع بسقوط الحق فى المطالبة بقيمته السند المؤرخ 2/ 9/ 1948 بالتقادم الخمسى ولما تقدم يتعين رفض الدفع وتحديد جلسة لنظر موضوع هذا السند.