مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1574

(214)
جلسة 12 من أبريل سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربينى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيونى ودكتور محمد جودت الملط ومحمود عبد المنعم موافى وثروت عبد الله أحمد المستشارين.

الطعن رقم 2882 لسنة 30 القضائية

دعوى - الحكم فى الدعوى - بطلان الحكم - سرية الجلسة.
الأصل فى الأحكام صدورها والنطق بها فى الجلسة علنية - اغفال الاشارة فى الحكم الى صدوره فى جلسة علنية ليس دليلا على صدوره على خلاف ذلك - حضور الطاعن واقراره أن الحكم صدر فى جلسة علنية ينفى بطلان الحكم - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 8/ 8/ 1984 أودع الأستاذ محمود الطوخى المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2882 لسنة 30 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الادارة العليا بجلسة 16/ 6/ 1984 فى الدعوى رقم 134 لسنة 62 القضائية المقامة من النيابة الادارية ضد السيد/ ....... بمجازاته بعقوبة اللوم.
وقد طلب الطاعن فى تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب اليه مع الزام الجهة الادارية المصروفات.
وبعد أن تم اعلان الطعن الى ذوى الشأن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه، للأسباب المبينة به قبول الطعن شكلا وفى الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية لمستوى الادارة العليا بالقاهرة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى ذلك أن نسخة الحكم الأصلية قد خلت ديباجتها من الاشارة الى صدوره فى جلسة علنية كما أن محضر جلسة النطق بذلك الحكم لم يشر الى صدوره بجلسة علنية.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 12/ 1985 وبجلسة 26/ 2/ 1986 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 1/ 3/ 1986 وفيها استمعت المحكمة لما رأت لزوما الاستماع اليه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 2/ 2/ 1984 أودعت النيابة الادارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الادارة العليا تقرير اتهام ضد السيد/ ....... مدير عام مأمورية ضرائب المقاولات بمصلحة الضرائب لانه خلال الفترة من 15/ 12/ 1982 حتى 31/ 7/ 1983 بدائرة مصلحة الضرائب خرج على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يؤد عمله بأمانة وسلك مسلكا لا يتفق بكرامة الوظيفة وخالف التعليمات المالية بما من شأنه الاضرار بمصلحة مالية للدولة بأن:
احتفظ بملفى الحجز الخاصين بشقيقيه....... و....... بمكتبه لتعطيل اتخاذ اجراءات تحصيل الضرائب المستحقة عليهما وقدرها 630 مليم و6155 جنيه وفوائد على النحو الموضح تفصيلا بالأوراق، وخلصت النيابة الادارية الى أنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة المنصوص عليها فى المواد 76/ 1، 3 و77/ 1، 3 و78/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
وطلبت محاكمته بالمواد المذكورة وبالمادتين 80، 82 من نظام العاملين المشار اليه والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن اعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 16/ 6/ 1984 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على انه استنادا الى شهادة المفتش الفنى المقيم على أعمال الحجز بهذه المأمورية التى تطمئن اليها - يكون ما نسب الى المحال ثابتا فى حقه مما يتعين معه مساءلته.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب ذلك أنه لم يثبت من التحقيقات أن ملفى شقيقى الطاعن قد عرضا عليه بصفته رئيسا للمأمورية كما لم يثبت من ناحية أخرى أن هذين الملفين قد سلما الى الطاعن أصلا أو أنه استبقاهما لديه لأى مدة الأمر الذى يقوم الاتهام المنسوب عليه من الناحية الواقعية وينفى حصولها ماديا. كما أن الحكم المطعون عليه ساق القول بالادانة بأن القدر المتيقن "أن الملفين كانا بحوزة الطاعن فى أول يوليو سنة 1983 دون أن يحدد الأساس الذى ارتكن اليه فى تحديد هذا التاريخ ولا يبدو لهذا التاريخ سند من الأوراق. يضاف الى ذلك أن الطاعن كان فى معظم هذا الشهر فى اجازة، سنوية لحقتها عطلة رسمية الأمر الذى يصم الحكم اذا أدان الطاعن بحيازته الملفين المشار اليهما طوال هذا الشهر بغير وجه حق.
ومن حيث أنه عما ذهب ليه تقرير هيئة مفوضى الدولة من أن الحكم المطعون فيه قد صدر باطلا على سند من القول أنه لم يثبت صدوره فى جلسة علنية وذلك حسبما استظهرت من عدم ذكر ذلك فى ديباجة هذا الحكم أو فى محضر جلسة النطق به، فانه الى جانب ان ما ذهبت اليه هيئة مفوضى الدولة فى هذا الشأن هو محض استنتاج لم يقم عليه الدليل القاطع فان الأصل فى الأحكام صدورها والنطق بها بجلسة علنية ما لم يثبت غير ذلك. يضاف الى ذلك أن الطاعن نفسه قد قرر فى مذكرة دفاعه المقدمة الى هذه المحكمة بجلسة 11/ 12/ 1985 أن الحكم المطعون فيه قد صدر فى جلسة علنية ونطق به كذلك حيث تلى منطوقه من هيئة المحكمة التى أصدرته فى جلسة النطق به ومن ثم فان اغفال الاشارة فى الحكم الى صدوره فى جلسة علنية ليس دليلا على صدوره على خلاف ذلك الا من شأنه تغيير الحقيقة الواقعة التى قررها الطاعن نفسه وهو صدور الحكم وتلاوته فى جلسة علنية وترتيبا على ذلك فانه يغدو لا وجه لما نعته هيئة مفوضى الدولة من بطلان على الحكم المطعون فيه لانتفاء السبب المؤدى اليه حسبما سلف البيان.
ومن حيث أنه عن الموضوع فان عناصره تتحصل حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 30/ 7/ 1983 حيت السيد/ حلمى محمد جاد الله، عضو مجلس الشعب، كتابا الى السيد/ وزير المالية أرفق به شكوى مقدمة الى الوزير من السيد/ ....... مدير التحصيل بمأمورية الضرائب المقالات سابقا والمنتدب بمأمورية ضرائب الخدمات. طلب التحقيق فيها. وحاصل هذه الشكوى أن الشاكى سبق وأن استفلت للوزير ببرقيتين من الظلم والاجراءات غير القانونية التى أتبعها الطاعن وطلب التحقيق فيهما. ثم أورى شكواه أن الطاعن له شقيقين لهما ملفان بالمأمورية ومدينان لها بمبلغ 630 مليما و6155 جنيها بخلاف فوائد هذا المبالغ التى تبلغ حوالى ثلاثة آلاف جنيه. وأن الطاعن قد طلب منه، أى من الشاكى، اسقاط هذه المستحقات الا أنه رفض وأرسل مطالبة سداد لكل منهما طبقا لنظام التحصيل الجديد أعقبهما بانذار ثم محضرى حجز للمدين لدى الغير أرسلهما للطاعن، باعتباره رئيس المأمورية لاعتمادها الا أنه، أى الطاعن، احتفظ بملفى شقيقيه منذ 15/ 12/ 1982 وحتى 30/ 6/ 1983 واختتم الشكوى بايضاح ما تعرض له من الطاعن وتهديد بالنقل ثم توقيع جزاء ثم انتدابه لمأمورية الخدمات دون مبرر لذلك.
وقد أحيلت الشكوى الى الادارة العامة للتحقيقات بمصلحة الضرائب. وازاء رفض الطاعن التوقيع على التحقيق ومطالبته باحالة التحقيق الى محقق آخر أحيل الموضوع الى النيابة الادارية التى باشرت التحقيق وانتهت فيه الى توجيه الاتهام المنسوب الى الطاعن استنادا الى ما جاء على لسان الشاكى والذى لا يعدو أن يكون تكرارا لما تضمنته شكواه، وشهادة السيدة...... المأمورة بمأمورية ضرائب المقاولات سابقا من أن الملفين قد أرسلا الى الطاعن، بمعرفة الشاكى، بعد أن حررت فى 15/ 12/ 1982 محاضر الحجز التنفيذى تحت يد للغير للتوقيع عليهما مع غيرهما من الملفات غير أنها فوجئت بعودة جميع الملفات غير الملفين المذكورين وبسؤالها الشاكى عنهما أفادها أنهما طرف الطاعن وبسؤاله عنهما بعد فترة قرر لها أن هذين الملفين أرسلا لشعبة التنفيذ الجبرى لاتخاذ الاجراءات الخاصة بطلب الاسقاط بعد اجراء التحريات. الا أنها نفت وجود أية طلبات اسقاط بالملفين وذلك على خلاف ما ذهب اليه الشاكى وكذلك شهادة السيد/ ....... المفتش الفنى المقيم بمأمورية ضرائب المقاولات الذى أوعز أنه فى شهر يوليو سنة 1983 بعد تسلمه بها لاحظ أثناء تفتيشه على سجلات الحجوز التنفيذية أنه مؤشر أمام اسمى شقيقى الطاعن أن ملفيه ما طرفه وطلب من المأمورة المختصة احضار هذين الملفين الا أنه طلبه بمكتبه وسأله عن هذين الملفين فأخرجهما من درج مكتبه وأبلغه أنهما طرفه. وعلم أن ذلك منذ حوالى ستة شهور وسأله عن سبب احتفاظه بهما طوال هذه الفترة فأبلغه أن لهما دعاوى أمام المحاكم المختصة تطلب منه اتخاذ اجراءات الحجز التنفيذى أمامه وبمعرفته فتم ذلك فى 31/ 7/ 1983 الا أنه نظرا لعدم امكان تصدير هذه الحجوزات فى ذلك التاريخ فقد تم اخطارهما بها فى 14/ 8/ 1983.
وبمواجهة المفتش بأفكار الطاعن ذلك أكد أنه قام باخراج هذين الملفين من درج مكتبه وأنه اعتمد هذين الملفين أمامه. هذا وقد عول الحكم المطعون فيه عندما أدان الطاعن فيما هو منسوب اليه على شهادة السيد/ ....... بعد أن طرح جانبا كل من أقوال الشاكى والشاهدة السيدة/ ....... نظرا لما انطوت عليه شهادتهما من تعارض بشأن الاسقاط، اذ قرر الشاكى أن الطاعن طلب منه اسقاط المستحقات ونفت الشاهدة وجود طلبات اسقاط بالملفين.
ومن حيث أنه بجلسة 11/ 12/ 1985 قدم الحاضر عن الطاعن حافظه مستندات طويت على شهادة مؤرخة فى 30/ 9/ 1984 صادرة من مأمورية ضرائب المقاولات شعبة الحجز موقعة من رئيس شئون العاملين ومختومه بخاتم شعار الجمهورية تفيد أن الملف رقم 1/ 9/ 37/ 5 باسم الممول........ والملف رقم 1/ 9/ 56/ 5 باسم الممول........ (وهما شقيقى الطاعن) لم يخرجا من أرشيف الحجز خلال المدة من 4/ 9/ 1982 حتى 24/ 7/ 1983 الا بتاريخ 27/ 3/ 1983 وتسلمتهما السيدة/ ......... المأمورة بشعبة الحجز وأعيدا للأرشيف بتاريخ 28/ 3/ 1983 وذلك طبقا لسجل تسليم ملفات أرشيف الحجز.
وبجلسة 22/ 1/ 1986 قدم الحاضر عن الجهة الادارية حافظة مستندات طويت على كتاب مصلحة الضرائب/ منطقة القاهرة ثالث المقيد برقم 283 والمؤرخ فى 15/ 1/ 1986 والمرسل الى رئيس ادارة قضايا الحكومة وجاء به أنه ردا على كتاب ادارة قضايا الحكومة بشأن الافادة عن صحة الشهادة المقدمة من السيد/ ........ (الطاعن) بجلسة 11/ 12/ 1985 واختصاص مصدرها باصدارها نرجو الاحاطة بأنها صادرة من مأمورية ضرائب المقاولات وموقع عليها من رئيس شئون العاملين بالمأمورية........ وأن الطاعن قد حصل على اجازة رسمية واجازة اعتيادية خلال الفترة من 10/ 7/ 1983 وحتى 23/ 7/ 1983 كما قدم بالجلسة ذاتها الحاضر عن الطاعن شهادة مؤرخة فى 1/ 1/ 1986 صادرة من مأمورية ضرائب المقاولات/ شعبة القضايا موقعة من المدير العام، مختومة بخاتم شعار الدولة تضمنت المضمون ذاته الذى ورد بالشهادة المقدمة من الحاضر عن الطاعن بجلسة 11/ 12/ 1985. ولما كانت الشهادتان المقدمتان من الطاعن تؤكدان على أن الملفين الخاصين بشقيقى الطاعن قائما خلال الفترة المبينة بها وهى من 4/ 9/ 1982 حتى 24/ 7/ 1983 داخل أرشيف الحجز عدا الفترة من 27/ 3/ 1983 حتى 28/ 3/ 1983 اذ سلما للمأمورة........ خلالها - الأمر الذى ينفى الاتهام المنسوب الى الطاعن من أنه خلال الفترة من 15/ 12/ 1982 حتى 31/ 7/ 1983 احتفظ بالملفين المذكورين بمكتبه لتعطيل اتخاذ اجراءات تحصيل الضرائب المستحقة عليهما كما أن ذلك لا أساس من الصحة للاتهام بعد ما ثبت بمستند رسمى صادر من الجهة المختصة، لم تجحده ولم تدحضه الجهة الادارية بل ولم تعقب عليه أدنى تعقيب، أن الملفين كانا خلال تلك الفترة بأرشيف الحجز. وفى ضوء ما تقدم فان شهادة المفتش الفنى المقيم بمأمورية ضرائب المقاولات - السابق الاشارة اليها - التى عول عليها الحكم الطعين وأقام عليهما قضاؤه وأن الطاعن فيما نسب اليه يكون لا أساس له من الصحة لا تعدو أن تكون محض افتراء بعد ما ثبت بدليل رسمى عدم صدق ما جاء بهذه الشهادة - ومن ثم فيها - الدليل الذى قامت عليه ادانة الطاعن فيما أسند اليه من اتهام.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم واذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فانه يكون قد جانب الصواب ويتعين من ثم الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة المحال مما نسب اليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وببراءة المحال مما نسب اليه.