مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1585

(216)
جلسة 13 من أبريل سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوى وصلاح الدين أبو المعاطى نصير وأحمد ابراهيم عبد العزيز تاج الدين والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 24 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - مرتب - تعليته بالأمانات.
المادتان 35 و40 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
وجود العامل بأجازة خارج البلاد يصلح سببا لتعلية المبالغ المستحقة له بالأمانات ما لم يقدم طلبا لصرفه بالطريق المحدد قانونا - استمرار المبالغ معلاة بعد انتهاء الأجازة بسبب تقصير العامل فى العودة الى عمله وانقطاعه دون اذن عقب انتهاء الأجازة الممنوحة له ينفى مسئولية الادارة عن الضرر الذى لحقه بسبب حرمانه من المبالغ المعلاة - أساس ذلك: - أن تأخير الصرف مرجعة تقصير العامل - أثر ذلك: - عدم أحقية العامل فى التعويض عن هذا الضرر - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 11/ 1981 أودع السيد الأستاذ محمد حلمى اسماعيل المحامى بصفته وكيلا عن رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 240 لسنة 28 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية فى الدعوى رقم 255 لسنة 32 القضائية المقامة من السيدة/ ايفون باسيلى عوض ضد الهيئة العامة للاصلاح الزراعى والذى قضى بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بالزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، وألزمتهم المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والزام المدعية المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، والزام الجهة الادارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 13/ 1/ 1986، وبجلسة 10/ 2/ 1986 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) حيث حدد لنظره جلسة 9/ 3/ 1986 وفيها قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن أن عناصر هذه المنازعة تتلخص حسبما يبين من الأوراق فى أن السيدة/ ايفون باسيلى عوض أقامت الدعوى رقم 309 لسنة 77 القضائية ضد أحمد خالد الشباسى مدير شئون العاملين بمديرية الاصلاح الزراعى بالاسكندرية بصحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة الرمل الجزئية بتاريخ 10/ 5/ 1977 وأعلنتهما فى 16/ 5/ 1977، طالبة الحكم بالزام المدعى عليه بأن يدفع لها مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع الزامه المصروفات. وقالت بيانا لدعواها أنها حصلت على اجازة اعتيادية بمرتب كامل لقضائها خارج جمهورية مصر العربية، وذلك بناء على موافقة وكيل وزارة الاصلاح الزراعى رقم 11447 بتاريخ 2/ 11/ 1976، وعند عودتها وتسلمها العمل فعلا فى 17/ 4/ 1977 تقدمت بطلب لصرف ما استحقت من مرتبات خلال هذه الفترة، الا أن مدير شئون العاملين أحال الموضوع على الشئون القانونية لوجهة نظر خاصة به ولا دخل لهما فى ايقاف صرف مرتبها، بل أنه لم يقم بصرف مرتبها عن فترة عملها الفعلية التى تبدأ من تاريخ عودتها أى منذ 17/ 4/ 1977 وحتى تاريخ تحرير صحيفة الدعوى. ولما كان ذلك يخالف القانون الذى لا يحرم أحدا من مرتبه الا بقرار من جهة ذات اختصاص ورئيس شئون العاملين لا يملك هذه الصفة، مما ترتب عليه أضرارا مالية أصابتها نتيجة تأخير صرف مرتبها بدون وجه حق.
وبموجب صحيفة معلنة فى 18 و20/ 10/ 1977 قامت المدعية بادخال كل من:
1 - الممثل القانونى للهيئة العامة للاصلاح الزراعى بالاسكندرية.
2 - الممثل القانونى للهيئة العامة للاصلاح الزراعى.
3 - وزير الزراعة بصفته.
طالبة الحكم على المدعى عليه بصفته تابعا للخصوم المتدخلين متضامنين بدفع مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع الزام المدعى عليه المصروفات.
وبجلسة 21/ 1/ 1978 حكمت محكمة الرمل الجزئية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة للاختصاص، وقيدت بسجلات محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية برقم 255 لسنة 32 القضائية.
وردت الجهة الادارية على الدعوى بمذكرة جاء بها أنه اذا كان هناك خطأ ينسب الى الادارة فهو خطأ عادى بسيط تسببت فيه مباشرة تصرفات وأخطأ المدعية، وأن التأخير لم يتجاوز فى كل الأحوال المدة المعقولة وقد علق المرتب عن يناير وفبراير 1977 بالأمانات لعدم تواجد المدعية بالعمل، فضلا عن أنها لم تقم بتحرير اقرار قيام بالاجازة، كما لم تقم بتسليم عهدتها واخلاء طرفها قبل قيامها بالاجازة، ثم تجاوزت الاجازة المصرح بها وطلبت اجازة بدون مرتب لمدة ستة شهور، ثم عادت للعمل فى 16/ 4/ 1977 وتقدمت بطلب صرف مستحقاتها فى 7/ 5/ 1977، وأحيل موضوعها الى الادارة القانونية لابداء الرأى التى انتهت فى 26/ 5/ 1977 الى استحقاقها راتبها المعلى بالأمانات، وعقب ذلك اتخذت اجراءات صرف المبالغ المستحقة من الادارة المالية للمديرية والمنطقة وتم الصرف فى 16/ 6/ 1977.
وبجلسة 26/ 11/ 1981 قضت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بالزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، وألزمتهم المصروفات. وشيدت قضاءها على أن الثابت أن المدعى عليه الأول بوصفه مديرا لشئون العاملين بمديرية الاصلاح الزراعى بالاسكندرية التى تتبعها منطقة ابيس التى تعمل بها المدعية، قد امتنع عن صرف المرتبات التى استحقت للمدعية فعلا بحلول موعدها وهى مرتب شهر يناير سنة 1977 ومرتب شهر فبراير سنة 1977 ومرتب 14 يوما من شهر مارس، والتى عليت فعلا الى الأمانات لعدم تواجد المدعية لقيامها باجازة اعتيادية فى الخارج ولم يكن هناك ثمة سببا للامتناع عن صرف هذه المرتبات، لذا فان تعليق صرف هذه المرتبات على ما أثاره المذكور من مخالفة المدعية التعليمات فى شأن قيامها بالاجازة واحالته الموضوع للادارة القانونية لبحث موضوع مرتباتها المعلاه بالأمانات يكون قد تم بالمخالفة للقانون، وتتوافر به عناصر ركن الخطأ فى حق الادارة. وبالنسبة الى ركن الضرر وعلاقة السببية، فانه مما لا شك فيه أن امتناع الادارة عن صرف راتب المدعية خلال المدة من 17/ 4/ 1977 تاريخ عودتها وطلب صرف مستحقاتها حتى تاريخ الصرف فعلا فى 16/ 6/ 1977 و26/ 7/ 1977، يترتب عليه ضرر مادى محقق يتمثل فى حرمانها من مورد رزقها.
ومن حيث أن الهيئة الطاعنة تنعى على الحكم المذكور مخالفته للقانون، ذلك أن مستحقات المذكورة كانت معلاه بالأمانات وهذا يعنى أنها عليت بالأمانات لحسابها، وهو ما يعد تطبيقا سليما للوائح والتعليمات التى تقضى بتعلية المرتبات التى لا يتقدم مستحقوها أو زملائهم لصرفها فى الميعاد المقرر، كما أن التأخير فى الصرف تسببت فيه المطعون ضدها بانقطاعها عن العمل بعد الاجازة الممنوحة لها مدة شهر دون اذن أو تصريح سابق.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن المدعية طلبت القيام باجازة اعتيادية بمرتب كامل لزيادة زوجها الذى يعمل بالسودان لمدة شهرين من 15/ 1/ 1977 الى 24/ 3/ 1977 ولم تعد لتسلم عملها فى اليوم التالى لانتهاء اجازتها فى 25/ 3/ 1977 وانما تقدمت بطلب لمنحها اجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر ثم عادت فى 17/ 4/ 1977 طالبة تسليمها العمل وصرف مستحقاتها عن الاجازة الاعتيادية التى قامت بها، كما طلبت حساب المدة من 26/ 3/ 1977 حتى 16/ 4/ 1977 اجازة بدون مرتب بدلا من الطلب السابق الذى كانت قد طلبته عقب انتهاء اجازتها الاعتيادية، وقد تم تسليمها العمل فعلا فى 17/ 4/ 1977، وقد عليت مرتباتها عن شهور يناير وفبراير ومارس بالأمانات حيث لم تتقدم لاستلامها لوجودها باجازة خارج البلاد، الى أن صرف الشيك رقم 794482 فى 16/ 6/ 1977 باسم المدعية متضمنا مستحقاتها عن شهرى يناير وفبراير سنة 1977، كما صرف المستحق عن شهر مارس سنة 1977 بالشيك رقم 794655 فى 26/ 7/ 1977.
ومن حيث أن المادة 35 من اللائحة المالية للحسابات تنص على أن (تصرف الماهيات والنفقات فى العشرة أيام الأولى من الشهر بمعرفة صراف الخزانة أو المندوب لذلك....).
كما تنص المادة 40 من اللائحة المذكورة على أنه (لا يجوز صرف ماهية أو مرتب أو نفقة مرتجعة بالخصم على حساب الأمانات الا بناء على طلب يقدم من أرباب الشأن على أن يراعى اعطاء قرار على استمارة الصرف من المستخدم المكلف بمسك دفاتر الأمانات ومن رئيس قسم الشطب أو وكيل الحسابات بأن المبلغ المعلى بالأمانات بصفحة كذا بتاريخ كذا....) فان الواضح مما تقدم أن وجود المدعية فى اجازة اعتيادية خارج مصر أدى الى تعلية ما تستحق من مرتبات بالأمانات عن أشهر يناير وفبراير ومارس سنة 1977، واذا كانت المدعية لم تعد فى نهاية الاجازة الممنوحة لها فى 15/ 3/ 1977 وطلبت منحها اجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر ثم عادت فى 17/ 4/ 1977 وطلبت تسليمها العمل والمبالغ المعلاه بالأمانات مع اعتبار المدة من 16/ 3/ 1977 الى 16/ 4/ 1977 اجازة بدون مرتب بدل من طلبها السابق، وقامت جهة الادارة ببحث طلبها وتم صرف المبالغ المستحقة فى 16/ 6/ 1977 و26/ 7/ 1977 فانه لا يمكن نسبه ثمة خطأ للادارة فى هذا الشأن، ذلك أن تعلية المبالغ بالأمانات ثم بسبب وجود المدعية باجازة بالخارج، واستمرار المبالغ معلاه بعد انتهاء فترة الاجازة مرجعه الى تراضى وتقصير المدعية فى العودة الى عملها عقب انتهاء اجازتها فى 15/ 3/ 1977 وانقطاعها عن العمل دون اذن حتى 17/ 4/ 1977 ولا أدل على أن جهة الادارة لم تقصد أو تتعمد حرمان المدعية من رواتبها المعلاه بالأمانات أنها قامت بالصرف عندما تقدمت اليه المدعية بطلب بذلك بعد عودتها الى عملها، واذا كان قد حدث تأخير فى الصرف فان التعويض لا يكون عن مجرد التأخير والذى اقتضته ظروف انقطاع المدعية عن عملها، وبحث الادارة مدى أحقيتها فى المبالغ المعلاه بعد تجديد مركزها القانونى فى حدود طلباتها المتعددة وانما يستحق التعويض اذا كانت الادارة قد تعمدت حرمان المدعية من مرتبها أو تأخير صرفه وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه، اذ قضى بالزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ويتعين القضاء بالغائه، وبرفض الدعوى، مع الزام المدعية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة، بقبول، الطعن، شكلا، وفى موضوعه، بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعية المصروفات.