أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1991

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدى، والسيد عبد المنعم الصراف، وابراهيم حسن علام.

(290)
الطعن رقم 107 لسنة 33 القضائية

( ا ) إفلاس. "التوقف عن الدفع". "المنازعة فى الدين". دفاع.
وجوب اطلاع المحكمة التى تنظر دعوى الإفلاس على حكم أو سند المديونية لتحقيق جدية النزاع بشأنه.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". حكم. "تسبيب الحكم". إثبات. محكمة الموضوع.
إقامة الحكم على أدلة متماسكة. انهيار أحدها. أثره. بطلان الحكم.
1 - يشترط للحكم بإشهار الافلاس إستنادا إلى حكم أو سند بالمديونية أن يقدم هذا السند أو ذلك الحكم إلى المحكمة التى تنظر دعوى الإفلاس لتحقق أوجه النزاع بشأنه، إذ قد يسفر بحث هذه الديون بعد تقديم الأحكام والسندات الخاصة بكل منها عن جدية هذه المنازعة بالنسبة لبعضها مما قد يتأثر به وجه الرأى فى استظهار المركز المالى للمدين.
2 - إذا أقامت المحكمة قضاءها على أدلة استندت إليها باعتبارها وحدة متماسكة تضافرت فى تكوين عقيدتها، فإن انهيار أحدها يترتب عليه بطلان الحكم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول بصفته أقام الدعوى رقم 83 سنة 1961 تجارى كلى القاهرة ضد شركة العوادلى للنقل وضد الشريكين المتضامنين فيها وهما الطاعنان، وقال بيانا لدعواه أنه يداين الشركة فى مبلغ 21141 ج و 609 م بمقتضى عقد مؤرخ 16 أبريل سنة 1960 حررت به سندات أذنية، وقد ورد فى هذا العقد أن التأخر فى وفاء أحد هذه السندات فى موعده يترتب عليه استحقاق الباقى منها. وإذ تأخر الطاعنان عن الوفاء ببعض هذه السندات فقد وجه إليهما المطعون عليه الأول احتجاجات عدم الدفع ثم أقام دعواه بإشهار إفلاسهما وإفلاس الشركة التى يمثلانها. وبتاريخ 17 نوفمبر سنة 1962 قضت محكمة أول درجة بإشهار إفلاس شركة العوادلى والشريكين المتضامنين فيها، فاستأنف الطاعنان هذا الحكم - باسميهما وباسم الشركة - أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 834 سنة 79 ق، وأثناء نظره قدم الطاعنان مخالصة نسبا صدورها للمطعون عليه الأول عن دينه وتدخلت الشركتان المطعون عليهما الثانية والثالثة منضمتين للمطعون عليه الأول فى طلب الحكم بإشهار إفلاس الطاعنين والشركة التى يمثلانها، وبتاريخ 11 فبراير سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف بقبول تدخل المطعون عليهما الثانية والثالثة خصمين فى الدعوى وبتأييد الحكم المستأنف، فقرر الطاعنان بتاريخ 18 مارس سنة 1963 بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره إلتزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه فى السببين الثانى والثالث من أسباب الطعن الخطأ فى تطبيق القانون وقصور التسبيب، وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول تدخل الشركتين المطعون عليهما الثانية والثالثة فى الدعوى وبإشهار إفلاس الطاعنين والشركة التى يمثلانها استنادا إلى أن الشركة المطعون عليها الثانية تداينهم فى مبلغ 2654 ج و400 م صدرت به أحكام ضدهم قدمتها الشركة إلى وكيل الدائنين، وإلى أن الشركة المطعون عليها الثالثة تداينهم فى مبلغ 1420 ج بمقتضى ثلاثة أوامر أداء ومبلغ70 ج بمقتضى حكم صادر من محكمة القاهرة التجارية الجزئية قدمتها الشركة لوكيل الدائنين أيضا. وقد اعترض الطاعنان على صلاحية الأحكام التى تمسكت بها المطعون عليها الثانية كدليل على المديونية وعلى التوقف عن الدفع لأنه بالإضافة إلى أنها أحكام ابتدائية فقد صدرت على مقتضى سندات إذنية متنازع على التزامهما بقيمتها إذ أنها وإن ظهرت منها للمطعون عليها الثانية إلا أن هذه الأخيرة قد تأخرت فى الرجوع على مصدريها فى الميعاد، ولأن هذه الأحكام صدرت عليهما وعلى الشركة وقت أن كان محكوما بإشهار إفلاسهما فهى بذلك أحكام باطلة بقوة القانون لصدورها فى فترة انقطاع الخصومة. كما اعترض الطاعنان على قبول تدخل الشركة المطعون عليها الثالثة لعدم تقديمها أوامر الأداء والحكم الصادر لصالحها إلى المحكمة وتمسكا بعدم كفاية تقديمها لوكيل الدائنين، وإلى أنهما دفعا مبالغ من الديون الواردة فيها ولم تصف بعد، إلا أن المحكمة عولت على هذه الأحكام وأوامر الأداء التى لم تقدم إليها وقبلت على مقتضاها تدخل المطعون عليهما الثانية والثالثة فى الدعوى وفوتت بذلك على الطاعنين فرصة مناقشتها على ضوء ما يسفر عنه تقديمها للمحكمة ورتبت على ذلك ثبوت مديونيتهما ومديونية الشركة التى يمثلانها فى هذه المبالغ وتوقفهم عن دفعها، وقضت باشهار إفلاسهما وإشهار إفلاس الشركة تأسيسا على هذه الديون دون ديون المطعون عليه الأول ولم ترد المحكمة على دفاع الطاعنين الخاص بعدم انتهائية الأحكام الصادرة لصالح المطعون عليها الثانية وأن المبالغ التى وردت بها محل نزاع منهما، كما لم ترد على دفاعهما فى خصوص تمسكهما بتقديم أوامر الأداء والحكم الصادر للمطعون عليها الثالثة.
وحيث إن الثابت من مذكرة الطاعنين المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 11 فبراير سنة 1963 أنهما أثارا أمام هذه المحكمة أن الأحكام التى استندت إليها المطعون عليها الثانية أحكام غير انتهائية وقد صدرت على مقتضى سندات إذنية متنازع فيها لأن المطعون عليها الثانية تأخرت فى الرجوع على مصدريها وأن هذه الأحكام صدرت بعد الحكم باشهار افلاسهما واشهار افلاس الشركة التى يمثلانها وأنها تعتبر أحكاما باطلة لصدورها وقت انقطاع سير الخصومة بقوة القانون. كما تمسك بالنسبة لطلب التدخل المقدم من الشركة المطعون عليها الثالثة بوجوب تقديمها الدليل للمحكمة على دائنيتها لهم دون الاكتفاء بالمستندات المقدمة لوكيل الدائنين. وقد اقتصر الحكم فى عرضه لدفاع الطاعنين - فى خصوص الأحكام الصادرة لمصلحة المطعون عليها الثانية - على قوله "أن الأحكام الصادرة ضد المستأنفين (الطاعنين) لصالح الشركة قد صدرت بعد اشهار افلاسهما ولم يختصم فيها وكيل الدائنين "ورد الحكم على هذا الشق من دفاع الطاعنين بقوله" أنه عن مديونية المستأنفين (الطاعنين) للشركة المتدخلة بمقتضى الأحكام التى أشار إليها وكيل الدائنين والتى لا ينال منها أنها صدرت بعد اشهار افلاسهم لأن أحدا لم يتدخل فى هذه الدعاوى بطلب انقطاع سير الخصومة قبل تهيئتها للحكم" كما عرض لدفاع الطاعنين فى خصوص أوامر الأداء والحكم الصادر لمصلحة المطعون عليها الثالثة فى قوله "اقتصر دفاعهما على القول بأن الشركة قبلت تسوية هذا الدين بدليل ما جاء بمحضر التنفيذ المؤرخ 25/ 12/ 1962 من وقف البيع وقبول مندوب الشركة صاحبة الدين مبلغ 25 ج من المطلوب" ورد الحكم على هذا الشق من الدفاع فى قوله "وأن شركة مصر للتجارة الخارجية (المطعون عليها الثالثة) اتخذت إجراءات التنفيذ ضد المستأنفين (الطاعنين) بمقتضى الحكم وأوامر الأداء السبعة سالفة الذكر وقد بلغ مطلوبها إلى اليوم المحدد للبيع 1528 ج و620 م وفى ذلك اليوم وهو 29/ 12/ 1962 طلب مندوبها فى المحضر وفف البيع بعد أن استلم 25 ج من المطلوب مع بقاء الحجز والحراسة وليس فى ذلك ما يدل على حصول تسوية ما لهذا الدين"، ومفاد هذا الذى أورده الحكم أنه اعتبر الطاعنين والشركة التى يمثلانها قد توقفوا عن دفع ديونهم قبل الشركتين المطعون عليهما الثانية والثالثة استنادا إلى أحكام وأوامر أداء اقتصر على تقديمها إلى وكيل الدائنين الذى عينته محكمة أول درجة، واتخذ الحكم من توقفهم عن دفع مجموع هذه الديون - دون تحديد دين معين منها بالذات ودون ديون المطعون عليه الأول التى حكم باشهار افلاسهما من أجلها من محكمة أول درجة واستبعدتها محكمة الاستئناف لوجود نزاع موضوعى بشأنها - اتخذ الحكم من ذلك دليلا على قيام مركز مالى مضطرب وضائقة مالية مستحكمة تزعزع معها ائتمانهم التجارى، ورتب الحكم على ذلك اشهار افلاس الطاعنين والشركة التى يمثلانها. ولما كان يشترط للحكم باشهار الافلاس استنادا إلى حكم أو سند بالمديونية أن يقدم هذا السند أو ذاك الحكم إلى المحكمة التى تنظر دعوى الافلاس لتحقق أوجه النزاع بشأنه، وكان الطاعنان على ما سلف بيانه قد نازعا فى ديون المطعون عليهما الثانية والثالثة، وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أقامت المحكمة قضاءها على أدلة استندت إليها باعتبارها وحدة متماسكة تضافرت فى تكوين عقيدتها فان انهيار أحدها يترتب عليه بطلان الحكم - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - بالإضافة إلى قصوره فى تحصيل دفاع الطاعنين فى شأن الأحكام وأوامر الأداء الصادرة لصالح المطعون عليهما الثانية والثالثة والرد عليه - قد اعتد فى اثبات توقف الطاعنين والشركة التى يمثلانها على أحكام وأوامر أداء لم تقدم إلى المحكمة رغم منازعة الطاعنين فيها، وإذ قد يسفر بحث هذه الديون بعد تقديم الأحكام وأوامر الأداء الخاصة بكل منها عن جدية هذه المنازعة بالنسبة لها جميعها أو بالنسبة لبعضها مما قد يتأثر به وجه الرأى فى استظهار المركز المالى للطاعنين فان الحكم يكون قد خالف القانون وشابه قصور فى التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.