مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1658

(226)
جلسة 27 من أبريل سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسرى زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطى نصير وأحمد ابراهيم عبد العزيز تاج الدين والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 2371 لسنة 30 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين:
القانون رقم 31 لسنة 1975 بشأن تنظيم علاقة الجهاز المركزى للمحاسبات بمجلس الشعب - قرار مجلس الشعب فى 6/ 7/ 1975 بلائحة العاملين بالجهاز - القانون 83 لسنة 1973 بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية.
أحكام القانون رقم 83 لسنة 1973 تمثل خروجا على المبدأ العام الذى يقضى بأن العبرة بالوظيفة ذاتها وشروط شغلها وليس بظروف الموظف والمؤهل الحاصل عليه - أساس ذلك: - أن القواعد المقررة بالقانون رقم 83 لسنة 73 تقضى بحساب ترقيات وأقدميات افتراضية على أساس المؤهل الحاصل عليه الموظف ومدد الخدمة - أثر ذلك: - عدم جواز تطبيق احكام القانون رقم 83 لسنة 1973 على العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات اذا كان من شأن ذلك الاخلال بالأحكام الأساسية التى تنتظمها نصوص اللائحة الخاصة بهم - أساس ذلك: - أن هذه اللائحة تقوم على أساس من حيث شروط شغلها وتحديد مسئولياتها وتنظيم أمور شاغليها من حيث التعيين والترقية والنقل والندب والتأديب مما يقرب بينها وبين الكادرات الخاصة التى لا تنطبق عليها أحكام القانون رقم 83 لسنة 1973 - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى 23/ 6/ 1984 أودع الأستاذ/ محمد حسن شريف المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ حسن أحمد أبو جراب قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2371 لسنة 30 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 30/ 4/ 1984 فى الدعوى رقم 2095 لسنة 36 القضائية المقامة من الطاعن ضد الجهاز المركزى للمحاسبات الذى قضى باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة للطلب الأول والزام الجهاز المركزى للمحاسبات مصروفات هذا الطلب، وبقبول الطلب الثانى شكلا ورفضه موضوعا والزام المدعى المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب التى أوردها فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن فى رد أقدميته فى وظيفة مراقب حسابات (ب) الى 31/ 12/ 1976 وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الجهاز المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعن المصروفات عن الدرجتين.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22/ 4/ 1985 وقررت احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) وتحدد لنظره أمامها جلسة 26/ 1/ 1986 وبعد سماع المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن السيد/ حسين أحمد أبو جراب أقام الدعوى رقم 2095 لسنة 36 القضائية ضد الجهاز المركزى للمحاسبات بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بتاريخ 10/ 3/ 1982 طالبا الحكم:
أولا: بأحقيته فى استصحاب أقدميته ودرجته التى كان يشغلها فى وزارة استصلاح الأراضى عند نقله الى الجهاز المركزى للمحاسبات وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانيا: أحقيته فى شغل وظيفة مراقب حسابات (ب) "الدرجة الثانية" اعتبارا من 31/ 12/ 1976 وهى ذات الدرجة التى سويت حالته عليها فى وزارة استصلاح الأراضى بالقرار الوزارى رقم 368 لسنة 1981 وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الجهاز المركزى للمحاسبات المصروفات. وقال شرحا لدعواه أنه كان يعمل بوزارة استصلاح الأراضى بالكادر الكتابى بادارة الحسابات ثم حصل على بكالوريوس التجارة عام 1969 فنقلت درجته الى مجموعة الوظائف التنظيمية والادارية بذات درجته وبنفس أقدميته اعتبارا من ميزانية 70/ 1971 ثم رقى بعد ذلك الى الفئة الخامسة اعتبارا من 1/ 12/ 1972 ثم الى الفئة الرابعة فى 31/ 12/ 1976 وفى خلال هذه السنوات شغل عدة وظائف بادارة التحليل المالى، ثم مفتشا ماليا، ثم كبيرا للمفتشين بادارة التفتيش والمتابعة المالية برنامج الغذاء العالمى، وقد تم نقله للجهاز المركزى للمحاسبات بعد موافقة لجنة شئون العاملين بالوزارة على ذلك بتاريخ 29/ 1/ 1980 وموافقة لجنة شئون العاملين المختصة بالجهاز فى 27/ 12/ 1980، الا أنه فوجئ بصدور قرار الجهاز رقم 222 لسنة 1981 متضمنا تعيينه بطريق النقل بفئته المالية فى وظيفة مراجع أول من الفئة الثالثة بمجموعة الوظائف الفنية الرقابية بالجهاز اعتبارا من 1/ 1/ 1981، وهذا يهدر أقدميته فى المدة من 31/ 12/ 1976 حتى 1/ 1/ 1981، اذ أنه اعتبر معينا لا منقولا، مع أن اجراءات النقل قد اتخذت بالنسبة له وفقا لنص المادة 38 من لائحة العاملين بالجهاز، ولا مجال لتطبيق المادة 17 من اللائحة على حالته لأنها خاصة بالتعيين، ومقتضى النقل أن يستصحب أقدميته، ومتى كانت وزارة استصلاح الأراضى قد أصدرت قرارها رقم 368 لسنة 1981 بتسوية حالته طبقا للقانون رقم 83 لسنة 1973 والقوانين المعدلة له بترقيته الى الفئة التالية التى هى الفئة الثانية فى ظل القانون رقم 47 لسنة 1978 اعتبارا من 31/ 12/ 1976 وهى معادلة للفئة الثانية بلائحة الجهاز الا أن الجهاز اكتفى بتعن يل مرتبه دون أن يمنحه الوظيفة المقررة وهى وظيفة مراقب حسابات (ب) من الدرجة الثانية وما يترتب على ذلك من آثار.
وردا على الدعوى أفاد الجهاز المركزى للمحاسبات بأن العاملين به يخضعون فى شئون توظيفهم لأحكام لائحة خاصة هى تلك الصادرة بقرار مجلس الشعب بجلسة 6/ 7/ 1975 تنفيذا لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1975 بشأن علاقة الجهاز المركزى للمحاسبات بمجلس الشعب، وطبقا لنص المادة (12) من هذه اللائحة يكون شغل الوظائف الفنية الرقابية بالجهاز عن طريق التعيين وطبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (17) من اللائحة فان الأقدمية فى الوظيفة تكون من تاريخ التعيين بالجهاز، وقد عين المدعى بقرار الجهاز رقم 222 لسنة 1981 اعتبارا من 1/ 1/ 1981 فتكون أقدميته راجعة الى هذا التاريخ طبقا لذلك النص، وأثناء نظر الدعوى قدم الطاعن مذكرة ذكر فيها أن قرارا صدر برقم 265 بتاريخ 20/ 4/ 1983 كما صدر قرار برقم 276 بتاريخ 28/ 4/ 1983 متضمنا ارجاع أقدميته فى الفئة الثانية الى 31/ 12/ 1976 بدلا من 1/ 1/ 1981 ولكن دون شغل الوظيفة المقررة لفئته المالية وهى وظيفة مراقب حسابات (ب) وتظلم من هذا بتاريخ 23/ 6/ 1983 فصدر قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 519 بتاريخ 31/ 8/ 1983 بأن يتولى وظيفة مراقب حسابات (ب) اعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار. وطلب المدعى الحكم بارجاع أقدميته فى وظيفة مراقب حسابات (ب) الى 31/ 12/ 1976.
وبجلسة 30/ 4/ 1984 حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة للطلب الأول والزام الجهاز المركزى للمحاسبات مصروفات هذا الطلب وبقبول الطلب الثانى شكلا ورفضه موضوعا وألزمت المدعى مصروفاته. وأسست حكمها على أن المدعى على حق فى طلب استصحاب أقدميته فى الفئة الثانية باعتباره منقولا وليس معينا، أما طلب منحه وظيفة مراقب حسابات (ب) المقرر لها الدرجة الثانية اعتبارا من ذات التاريخ فى 31/ 12/ 1976 فان مصاعب كثيرة تعتور اجابته لهذا الطلب، نظرا لأن التسوية الخاصة بالقانون رقم 135 لسنة 1980 تنصب على درجات مالية فقط ولا تنبسط الى مجالات الوظائف ونوعيات الأعمال ولا تشمل الترقية بالتلقيب فهى لا تصلح سندا لاكتساب لقب الوظيفة بأثر رجعى، خاصة وان مقتضى الطلب أن ترجع أقدميته فى وظيفة مراقب حسابات (ب) اعتبارا من 31/ 12/ 1976 أن يعتبر واحدا من التابعين للجهاز المركزى للمحاسبات فى ذلك التاريخ فى حين أنه لم يتبع الجهاز الا اعتبارا من 1/ 1/ 1981.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وفى الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب على نحو أجحف بحقوقه، اذ أن نظام الوظائف بالجهاز المركزى للمحاسبات طبقا للائحة العاملين به الصادر بها قرار مجلس الشعب فى 6/ 7/ 1975 قد جعل الأساس فى جدول المرتبات الخاص به هو الوظائف ولذلك جاء هذا الجدول على أساس الوظائف موضحا قرين كل وظيفة الفئة المالية والمرتب، وأنه وفقا للمادة 255 من اللائحة المشار اليها يسكن العاملون على الفئات المالية والوظائف المعادلة لتلك الفئات، وهذا يعنى التلازم بين الوظيفة والفئة المالية، ويؤكد هذا قرار رئيس الجهاز رقم 473 لسنة 1979 بتسبيب وتقييم الوظائف للعاملين بالجهاز بفرعيه، الذى ربط بين الوظائف والفئات المالية ومتى أقر الجهاز بأحقيته فى شغل الفئة الثانية اعتبارا من 31/ 12/ 1976 فانه يتعين ارجاع أقدميته فى الوظيفة المقررة لهذه الفئة الى ذات التاريخ. وأضاف الطاعن أن الحكم أخطأ فى اعتبار أن مراقب حسابات (ب) ليست لقبا وانما هى وظيفة لها تقييم مالى، وطالما نقل بفئته المالية فلابد أن يوضع من تاريخ ارجاع أقدميته فى الوظيفة التى تعادل الفئة، ولا يشترط لذلك أن يشغل الوظيفة فعلا فى الجهاز، اذ أن عمله بالجهاز ما هو الا امتداد لعمله بالجهة المنقول منها، والقول بغير ذلك يؤدى الى شغله درجة لا علاقة لها بالوظيفة، هذا وقد شاب الحكم تجهيل حين تأسس على أن مقتضى ارجاع أقدمية المدعى فى وظيفة مراقب حسابات (ب) يؤدى الى مخالفة قانونية ظاهرة.
ومن حيث أن القانون رقم 31 لسنة 1975 بشأن تنظيم علاقة الجهاز المركزى للمحاسبات بمجلس الشعب ينص فى المادة الأولى منه على أن:
"يحلق الجهاز بمجلس الشعب كهيئة مستقلة تعاونه فى القيام بمهام الرقابة على الأموال العامة".
ونص فى المادة الخامسة "على أن يضع مجلس الشعب بناء على اقتراح رئيس الجهاز لائحة بالأحكام والقواعد لشئون العاملين بالجهاز وتكون لها قوة القانون".
وحيث أنه بتاريخ 6/ 7/ 1975 أصدر مجلس الشعب قراره بلائحة العاملين بالجهاز ونص فى المادة 11 منها على أن:
"يكون التعيين فى أدنى الفئات بمجموعة الوظائف الفنية الرقابية من بين حملة المؤهلات العالية التى تتفق وظيفة العمل الرقابى بالجهاز...".
وتنص المادة 12 على أن "يكون التعيين فى الوظائف الفنية الرقابية بطريق الترقية من الوظائف التى تسبقها مباشرة ويجوز التعيين فى هذه الوظائف عن طريق النقل فى حدود ربع عدد الفئات الخالية فى كل وظيفة خلال سنة مالية كاملة".
وتنص المادة 17 من اللائحة على أن "يعين شاغلوا الوظائف الفنية والرقابية العليا بقرار من مكتب الجهاز بناء على ترشيح الجهاز ويكون التعيين فى الوظائف الأخرى بقرار من رئيس الجهاز بعد العرض على لجنة شئون العاملين، وتعتبر الأقدمية فى الوظيفة من تاريخ التعيين بالجهاز....".
ونصت المادة 95 على أن يسكن العاملون على الفئات المالية والوظائف المعادلة لتلك الفئات طبقا لجدولى الوظائف.
ومن حيث أنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 83 لسنة 1973 بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية أنها تمثل خروجا على المبدأ العام الذى يقضى بمراعاة الوظيفة وشروط شغلها وليس ظروف الموظف والمؤهل الحاصل عليه، ومن ثم قضت بحساب ترقيات وأقدميات افتراضية على أساس المؤهل الحاصل عليه الموظف ومدد الخدمة، ومن ثم لا يجوز أن يترتب على تطبيق هذا القانون الاخلال بنظم التوظف التى تقوم على أساس الوظيفة وضرورة توافر شروط معينة لشغلها وتحديد مسئولياتها وتنظيم أمور شاغليها من حيث تعيينهم وترقياتهم وتأديبهم وكيفية ممارستهم لأعمالهم مما يقرب بين هذه النظم والكادرات الخاصة التى لا تنطبق عليها القوانين، وعلى هذا الوجه فاذا طبق القانون رقم 83 لسنة 1973 المشار اليه على الطاعن، فانه لا يجوز ترتيبا على ذلك الاخلال بالأحكام الأساسية التى تنتظمهم والمنصوص عليها بلائحة العاملين بالجهاز المشار اليها سابقا ومن ثم لا يترتب على رد أقدميته الافتراضية التى طبقت وفقا للقانون رقم 83 لسنة 1973 اسناد الوظائف المنصوص عليها بلائحة نظام العاملين بالجهاز بحكم اللزوم وانما يتعين مراعاة ضرورة أن يشغل الوظيفة بصفة فعلية.
ومن حيث أن الطاعن يطلب رد أقدميته فى وظيفة حسابات (ب) الى 31/ 12/ 1976 تاريخ رد أقدميته فى الفئة الثانية طبقا للقانون رقم 83 لسنة 1973، فان هذا الطلب لا يستند الى أساس سليم من القانون لأن مقتضاه أن تسند اليه وظيفة مراقب حسابات (ب) من تاريخ رد أقدميته فى الفئة الثانية افتراضيا، وهو أمر يخل بترتيب الوظائف الصادر به لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات المشار اليها.
ومن حيث أنه لما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب الطاعن، فانه يكون قد أصاب الحق فى قضائه وصدر متفقا مع أحكام القانون، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون، مما يتعين الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة، بقبول، الطعن، شكلا، ورفضه، موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.