مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1695

(232)
جلسة 3 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدى وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم، عادل محمود فرغلى المستشارين.

الطعن رقم 1539 لسنة 31 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم فى الدعوى - بطلان الأحكام.
لا يجوز أن يشترك فى المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة والا كان الحكم باطلا - مؤدى ذلك أنه اذا تغير أحد أعضاء الدائرة التى استمعت الى المرافعة وجب فتح باب المرافعة واعادة الاجراءات أمام المحكمة بهيئتها الجديدة - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم فى الدعوى - نسخة الحكم الأصلية - توقيعها.
العبرة فى الحكم بنسخته الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضى وتحفظ فى ملف الدعوى لتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن على الحكم من ذوى الشأن - يوقع رئيس الجلسة وكاتبها نسخة الحكم الأصلية المشتملة على الوقائع والأسباب والمنطوق اذا قام مانع قانونى أو مادى من توقيع رئيس الجلسة لنسخة الحكم الأصلية فليس ما يحول دون أن يقوم بذلك أحد أعضاء الدائرة التى أصدرت الحكم أو رئيس المحكمة - أساس ذلك: - عدم الاغراق فى الشكلية ومراعاة أن وظيفة تحرير النسخة الأصلية للحكم والتوقيع عليها فى التشريع المصرى هى وظيفة توثيقية يقصد منها توثيق الحكم فى محرر يشتمل على كافة أركان العمل القضائى ويشهد على وجوده وفقا للقانون - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 27 من مارس سنة 1985 أودع الأستاذ/ توفيق أسعد بازرعه المحامى نائبا عن الأستاذ/ محمد أبو الفضل الجيزاوى المحامى بصفته وكيلا عن السيدين/ محمد محمد ابراهيم أبو على ومحمد محمد محمد أبو على قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1539 لسنة 31 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بجلسة 10 من فبراير سنة 1985 فى الدعوى رقم 748 لسنة 34 القضائية القاضى بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى مبلغ 14724.703 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 28 من يناير سنة 1980 وحتى تمام السداد والمصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والحكم مجددا أصليا بعدم قبول الدعوى شكلا وسقوط الحق المدنى بالتقادم الخمسى واحتياطيا بتقسيط المبالغ الباقية على الطاعن الأول بعد استنزال المبالغ المسددة الى الجانب الألمانى ومقدارها 423 مليم و6567 جنيها مصريا وسقوط الفوائد القانونية وعدم المطالبة بها بواقع 4% للمخالفة الدستورية مع الزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وبصفة أصلية بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء ببطلانه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى لتفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى مصروفاتها عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات والزام الجهة الادارية بمصروفات الطعن بشقيه العاجل والموضوعى عملا بالمادة المشار اليها وبصفة احتياطية رفض الطعن بشقيه العاجل والموضوعى والزام الطاعنين بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5 من يونيه سنة 1985 وتداول نظرها بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر، وبجلسة 3 من مارس سنة 1986 قررت اصدار الحكم بجلسة 7 من أبريل سنة 1986 وبها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الادارية والتعويضات) وأمرت بوقف تنفيذ الحكم وحددت لنظر الطعن أمام المحكمة الادارية العليا جلسة 19 من أبريل سنة 1986. وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن وقررت اصدار الحكم لجلسة 3 من مايو سنة 1986.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فانه يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، فى أن السيد/ وزير التعليم العالى بصفته، المطعون ضده فى الطعن الماثل كان قد أقام الدعوى رقم 748 لسنة 34 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بعريضة أودعها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 28 من أكتوبر سنة 1980 طالبا الزام المدعى عليهما (الطاعنين بالطعن الماثل) متضامنين بدفع مبلغ 013 مليم و12508 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد والمصروفات. وقال المدعى شرحا لدعواه أن اللجنة التنفيذية للبعثات كانت قد قامت فى 29 من أبريل سنة 1964 بترشيح المدعى عليه الأول للسفر الى ألمانيا الغربية لمدة أربع سنوات للحصول على درجة الدكتوراه فى هندسة الانتاج، وقد وقع المدعى عليه الأول على تعهد التزم فيه بأن يتم الدراسة فى المدة المقررة لها وأن يعود لخدمة الجهة الادارية المدة المقررة قانونا والا التزم بدفع المصروفات التى أنفقت عليه طوال مدة البعثة. وقد تعهد المدعى عليه الثانى بضمان المدعى الأول فيما التزم به. وبتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1964 سافر المدعى عليه الأول لمقر البعثة التى تقررت له، وحصل على الدبلوم فى 7 من مارس سنة 1968. وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1970 قررت اللجنة العليا للبعثات الموافقة على مد البعثة للحصول على درجة الدكتوراه، ثم مدت البعثة مرة أخرى، وطلب منه العودة الا أنه لم يعد، فخلا بذلك بتعهده، مما يحق معه للجهة الادارية مطالبته وضامنه بالنفقات التى بلغت 013 مليم و12508 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى عدلت الجهة الادارية طلباتها الى طلب الحكم بالزام المدعى عليهما متضامنين بدفع مبلغ 703 مليم و1674 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات.
وبجلسة 10 من فبراير سنة 1985 حكمت محكمة القضاء الادارى بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا مبلغ 702 مليم و14724 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 28 من يناير سنة 1980 حتى تمام السداد مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات. وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول قد أوفد بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1964 فى بعثة الى ألمانيا الغربية للحصول على الدكتوراه فى هندسة الانتاج لمدة أربع سنوات وقد مدت هذه الفترة أكثر من مرة غير أن المدعى عليه الأول لم يعد الى خدمة الجهة الموفدة المدة المقررة قانونا. وأنه كان قد وقع قبل سفره على تعهد بالعودة وخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة قانونا طبقا لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن البعثات والاجازات الدراسية والا التزم برد جميع النفقات التى صرفت عليه طوال مدة البعثة وقد قام المدعى عليه الثانى بضمان المدعى عليه الأول فى هذا الالتزام. وأنه اذا كان المدعى عليه الأول قد خالف أحكام المواد 30 و31 و32 و33 من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار اليه بعدم العودة وخدمة الجهة الموفدة بعد انتهاء البعثة التى أوفد اليها بألمانيا الغربية واعمالا للتعهد الموقع عليه منه ومن المدعى عليه الثانى فانه يحق للجهة الادارية مطالبته بالمبالغ التى أنفقت عليه طوال مدة البعثة ويلزم بها المدعى عليهما متضامنين، وأن سداد المدعى عليه الأول للمبالغ التى أشار اليها لحكومة ألمانيا الغربية لا يترتب عليه ابراء ساحته أمام الجهة الادارية الموفدة كما أن موافقة الوزير على اعفاء بعض المبعوثين من بعض المبالغ لا يعطى المدعى عليه الأول الحق فى المطالبة بالمعاملة بالمثل. كما أن الدفع بسقوط الحق فى المطالبة بالتقادم الخمسى طبقا لأحكام المادة 375 من القانون المدنى، لا يقوم على سند صحيح من أحكام القانون اذ يستند الحق فى المطالبة بالمبالغ موضوع الدعوى لأحكام المواد 30 و31 و32 و33 من القانون رقم 112 لسنة 1599 اليه، ولا يسقط هذا الحق الا بمضى خمسة عشر عاما. واستطرد الحكم الى أنه اذا كانت الجهة الادارية قد ضمنت المبالغ المطالب بها مبلغ 1064 جنيها حصة الحكومة والموظف فى المعاش مبلغ 926 جنيها مصاريف ادارية فانه يتعين استبعاد هذه المبالغ، حسبما استقر عليه قضاؤها، وأن المبالغ المطالب بها اذا كانت وجبة الأداء ومعلومة المقدار فان من حق الجهة الادارية الحصول على فوئد تأخير عنها بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 28 من يناير سنة 1980 وحتى تمام السداد.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، للأسباب الآتية:
أولا: بالنسبة لسداد الطاعن الأول للمبالغ المطالب بها الى حكومة ألمانيا الغربية، تضمن تقرير الطعن أن الادارة العامة للبعثات قد ضمنت مذكرتها المؤرخة فى 27 من يناير سنة 1981 للعرض على السيد وكيل الوزارة للتمثيل الثقافى وشئون البعثات، أن يقوم الجانب الألمانى بتقديم منحة بديلة عن طريق الاتصال الدبلوماسى بين البلدين، وأن الجانب الألمانى قد أبدى استعداده بتقديم منحة بديلة ولكن الجانب المصرى لم يبد أى استعداد لاتمام الاتفاق مما يصم مسلك الادارة بسوء استعمال السلطة والانحراف بها عن أهدافها.
ثانيا: بالنسبة لعدم موافقة وزير التعليم العالى على اعفاء الطاعن الأول على خلاف ما قرره فعلا بالنسبة لحالات مماثلة، فان هذا المسلك يخالف مبدأ دستوريا مفاده المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات.
ثالثا: بالنسبة لرفض الدفع بسقوط الحق فى المطالبة بالتقادم الخمسى فان ذلك يتعارض مع صريح حكم المادة 375 المدنى.
رابعا: بالنسبة للحكم بالزام الطاعنين بأداء فوائد التأخير بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد فان ذلك يتعارض مع حكم المادة (2) من الدستور التى تنص على أن الشريعة الاسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، اذ أن الشريعة الاسلامية تحرم الربا.
وعن طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فقد أورد تقرير الطعن أن تنفيذ الحكم يترتب عليه اجحاف بحقوق الطاعنين مما يحق معه لهما طلب وقف تنفيذه. كما أكد الطاعنان بالمذكرة المقدمة بجلسة 3 من مارس سنة 1986 أمام دائرة فحص الطعون بطلان الحكم المطعون فيه استنادا الى أن نسخة الحكم الأصلية قد وقعها قاض لم يشترك فى اصدار الحكم وأنه اذ كانت العبرة فى الحكم هى بنسخته الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضى وتحفظ فى ملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن فانه لكى يكون للحكم وجود قانونى يجب أن يكون موقعا عليه من القاضى الذى أصدره، وأن مخالفة ذلك يترتب عليه البطلان الذى ينحدر الى درجة الانعدام، مما لا يسوغ معه أن تتصدى محكمة الطعن لنظر موضوع الدعوى والا ترتب على ذلك تفويت درجة من درجات التقاضى على الطاعنين. وعن الموضوع أكد الطاعنان صحة ما أورداه بتقرير الطعن من أوجه المخالفة التى شابت الحكم المطعون فيه. وانتهى الطاعنان الى طلب الحكم أصليا بقبول الطعن شكلا والقضاء ببطلانه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى لتفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات والزام الجهة الادارية بمصروفات الطعن واحتياطيا بتقسيط المبالغ الباقية على الطاعن الأول بعد استنزال المبالغ المسددة الى الجانب الألمانى ومقدارها 423 مليم و6567 جنيها وسقوط الفوائد القانونية وعدم المطالبة بها بواقع 4% للمخالفة الدستورية مع الزام المطعون ضده بالمصروفات. كما قدم الطاعنان بالجلسة المشار اليها حافظة طويت على ثلاث مستندات.
ومن حيث أن دفاع الجهة الادارية يتحصل، حسبما أوردته بالمذكرة المقدمة بجلسة 3 من مارس سنة 1986 أمام دائرة فحص الطعون، فى أن لكل مبعوث ظروفه ولكل بعثة ظروفها وبالتالى فان الجهة الادارية لا تلتزم قانونا بتقرير الاعفاء من رد نفقات البعثة فى حالة طلب مبعوث ذلك استنادا الى ما قررته من اعفاء لمبعوثين آخرين. كما أن الحكم قد صادف صحيح حكم القانون اذ رفض الدفع بسقوط المبالغ المطالب بها بالتقادم الخمسى ذلك أن المبالغ المطالب بها لا يتقادم الحق فى طلبها الا بالتقادم الطويل. وعن مخالفة الحكم المطعون فيه للدستور فيما قضى به من الزام الطاعنين بالفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، فقد أيدت الجهة الادارية بأن هذا القول لا يقوم على أساس صحيح من القانون وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من مايو سنة 1985 برفض الدفع بعدم دستورية المادة 226 من القانون المدنى بشأن الفوائد التأخيرية لصدورها قبل تعديل المادة (2) من الدستور فى سنة 1980 الذى جعل الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. وانتهت الجهة الادارية الى أن طلب وقف تنفيذ الحكم يفتقر الى السند المبرر لذلك وطلبت الحكم:
أولا: برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانيا: رفض الطعن والزام الطاعنين بالمصروفات.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن الماثل يطرح أمامها وزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة بالأسباب التى يبديها الطاعن ويقيم عليها طعنه.
ومن حيث أنه ولئن كان قد سبق لهذه المحكمة قضاء بأن العبرة فى الحكم هى بنسخته الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضى وتحفظ فى ملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، الا أنه، فى خصوصية المنازعة الماثلة، فان الثابت من الاطلاع على النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه، المودعة ملف الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى، أنه قد وقع النسخة الأصلية للحكم السيد الأستاذ المستشار/ أبو بكر الدمرداش رئيس المحكمة كما وقعها كاتب الجلسة. فاذا كان ذلك فان هذه النسخة تكون قد استوفت أوضاعها الشكلية، باعتبارها عملا توثيقيا للحكم الذى أصدرته المحكمة، بالنطق به بالجلسة العلنية بتاريخ 10 من فبراير سنة 1985 وايداع مسودته المشتملة على أسبابه، الموقع عليها من الدائرة الثلاثية التى أصدرته عند النطق به. ولا يغير من هذا النظر أن السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الرحمن سلامة الذى اشترك فى المداولة ووقع المسودة ورأس جلسة النطق بالحكم، لم يقم هو، أو أحد أعضاء الدائرة التى أصدرت الحكم، بالتوقيع على نسخة الحكم الأصلية. ذلك أنه ولئن كانت المادة 167 من قانون المرافعات تنص على أن "يوقع رئيس الجلسة وكاتبها نسخة الحكم الأصلية المشتملة على وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق وتحفظ فى ملف الدعوى..."، الا أنه اذا قام المانع القانونى أو المادى من توقيع رئيس الجلسة لنسخة الحكم الأصلية، فليس ثمة ما يحول قانونا دون أن يقوم بذلك أحد أعضاء الدائرة التى أصدرت الحكم، أو رئيس المحكمة، تفاديا للمغالاة فى التزام الشكلية ومراعاة أن وظيفة تحرير النسخة الأصلية للحكم والتوقيع عليها، فى التشريع المصرى، هى وظيفة توثيقية المقصود بها توثيق الحكم فى محرر يشتمل على كافة أركان العمل القضائى ويشهد على وجوده وفقا للقانون. فالحكم يصدر ويوجد بالفعل بالنطق به وايداع مسودته المشتملة على أسبابه، ويجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذه بموجب مسودته عملا بحكم المادة 286 من قانون المرافعات، فضلا عن أن ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ صدر الحكم وليس من تاريخ تحرير نسخته الأصلية.
ومن حيث انه ولئن كانت نسخته الأصلية قد سقطت منها حيثية وردت فى مسودة الحكم وتجرى عبارتها بما يأتى "ومن حيث أن الجهة الادارية قد أضافت للمبلغ المطالب به مبلغ 1064 جنيها حصة الحكومة والموظف فى المعاش، ومبلغ 926 جنيها مصاريف ادارية وقد استقر القضاء الادارى على استبعاد هذه المبالغ من جملة المبالغ التى يطالب بها ومن ثم يكون جملة المستحق على المدعى عليه الأول مبلغ 703 مليم و14724 جنيها". الا أن ذلك لا يعد من قبيل التناقض بين مسودة الحكم ونسخته الأصلية، ولا يعدو أن يكون خطأ ماديا مما يجوز تصحيحه.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة محكمة القضاء الادارى (دائرة العقود الادارية والتعويضات) بتاريخ 28 من أكتوبر سنة 1984 أن المحكمة قد انعقدت برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أبو بكر الدمرداش نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد عبد الرحمن سلامة وعبد المجيد اسماعيل ورمزى أبو الخير والسيد العوضى ومحمود سامى الجوادى وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 30 من ديسمبر سنة 1984، وبها قررت المحكمة برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أبو بكر الدمرداش، حسبما يبين من رول رئيس المحكمة، حجز الدعوى للحكم بجلسة 10 من فبراير سنة 1985 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين. وقد صدر الحكم حسبما ورد بنسخة الحكم الأصلية بالجلسة المشار اليها، بتشكيل لا يضم رئيس المحكمة التى قررت حجز الدعوى للحكم. فكان التشكيل الذى أصدر الحكم برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الرحمن سلامة وعضوية السيدين الأستاذين عبد المجيد اسماعيل والسيد العوضى المستشارين وهم الذين وقعوا على مسودة الحكم. ومفاد ما تقدم أن الدائرة التى استمعت الى المرافعة لم تكن هى التى اشتركت فى المداولة وأصدرت الحكم، اذ لم يشمل هذا التشكيل الأخير السيد الأستاذ المستشار/ أبو بكر الدمرداش الذى رأس الجلسة بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1984 التى تقرر بها حجز الدعوى للحكم لجلسه 10 من فبراير سنة 1985. ولا يغير من هذا النظر ما قد يثار من حضور السادة المستشارين الذين اشتركوا فى المداولة وأصدروا الحكم، بجلسات المرافعة، طالما أن رئيس المحكمة التى قررت حجز الدعوى للحكم لم يشترك فى المداولة أو النطق بالحكم. خاصة وقد خلت محاضر الجلسات، من توقيعها من السيد الأستاذ المستشار رئيس الجلسة، ومن تحديد أسماء السادة الأساتذة المستشارين أعضاء الدائرة التى نظرت الدعوى، الا أنه يبقى أن الثابت بها هو رئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أبو بكر الدمرداش لهذا التشكيل، بحكم رئاسته الجلسة التى تم فيه حجز الدعوى للحكم، منضما اليه اثنان من السادة الأساتذة المستشارين أعضاء الدائرة. فيكون توقيع مسودة الحكم والنطق به بتشكيل لا يضم السيد الأستاذ المستشار/ أبو بكر الدمرداش، يعنى بحكم اللزوم استبعاد من اشترك فى حجز الدعوى للحكم من المداولة الشكلية وكذلك اشتراك أحد الأعضاء بالمحكمة ممن لم يضمهم التشكيل الذى استمع الى المرافعة، فى المداولة واصدار الحكم الأمر الذى يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه اعمالا لحكم المادة 167 من قانون المرافعات التى تنص على أنه "لا يجوز أن يشترك فى المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة والا كان الحكم باطلا. ومقتضى ذلك أنه اذا تغير أحد أعضاء الدائرة التى استمعت الى المرافعة وجب فتح باب المرافعة واعادة الاجراءات أمام المحكمة بهيئتها الجديدة. ولما كان ذلك فانه يتعين القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى لتفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات للحكم الذى تنتهى به الخصومة طبقا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى لتفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات الى حين الفصل فى موضوع الدعوى.