مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1703

(233)
جلسة 3 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وحسن حسنين على، فاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 3838 لسنة 31 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم فى الدعوى - الطعن فى الأحكام - قبول الحكم الذى يمنع من الطعن فيه.
المادة 211 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا يجوز الطعن ممن قبل الحكم - قبول الحكم قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا - يشترط فى القبول المانع من الطعن أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتنازله عن حق الطعن فيه - تطبيق.
(ب) قرار ادارى - اساءة استعمال السلطة.
المادة (4) من القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة معدلة بالقانون رقم 51 لسنة 1978 - للجهة الادارية المختصة وضع الضوابط والشروط الواجب توافرها للترشيح لعضوية مجالس ادارة الهيئات الرياضية تحقيقا للصالح العام ومنعا لاحتكار شغل هذا المنصب واتاحة الفرص لعناصر جديدة يمكن الاستفادة من خبراتها - يتعين الا يكون من شأن هذه الشروط مصادرة حق الأعضاء فى الترشيح أو حرمانهم من هذا الحق حرمانا مطلقا - وضع هذه الشروط يدخل فى مجال السلطة التقديرية لجهة الادارة بلا معقب عليها متى خلا تقديرها من اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 15 من سبتمبر سنة 1985 أودع الأستاذ محمود حلمى عبد المطلب المحامى بالنقض بصفته وكيلا عن رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3838 لسنة 31 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 18/ 3/ 1985 فى الدعوى رقم 4993 لسنة 39 ق والقاضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من استبدال الفقرة (ثانيا) من المادة 29 من النظام الأساسى النموذجى للجنة الأولمبية المصرية المضافة بالقرار رقم 26 لسنة 1985 والزام الجهة الادارية بالمصروفات. وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه القاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع الزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعن بصفته بالمصروفات. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2/ 12/ 1985 وتدوول بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 7/ 4/ 1986 احالته الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الادارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 19/ 4/ 1986، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وقررت اصدار حكمها فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم الآتى وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أنه عن شكل الطعن، فلما كان المطعون ضده قد دفع أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 20/ 1/ 1986 بعدم قبول الطعن لسقوط حق المجلس الأعلى للشباب والرياضة فى الطعن بعد أن قبل الحكم المطعون فيه ونفذه، وقدم المطعون ضده مذكرة شارحة لهذا الدفع، جاء بها أن المادة 211 من قانون المرافعات تنص على أنه لا يجوز الطعن ممن قبل الحكم أو ممن قضى له بطلباته، وقد حدث أنه تم تنفيذ حكم محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 3044 لسنة 39 ق المقامة من اللجنة الأولمبية المصرية ضد المجلس الأعلى للشباب والرياضة، والذى قضى بوقف تنفيذ القرار رقم 26 لسنة 1985 فيما تضمنه من اضافة فقرة ثانية الى المادة 29 من النظام الأساسى للجنة الأولمبية مؤداها حرمان من شغل أحد المراكز بالانتخاب لدورتين انتخابيتين متتاليتين من الترشيح لشغل هذه المناصب مرة أخرى - فرأى السيد رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة تنفيذ هذا الحكم واعمال مقتضاه بالنسبة لكافة الهيئات الرياضية وأصدر القرار رقم 298 لسنة 1985 (محل النزاع الماثل) بتعديل مواد النظام الأساسى للجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والمناطق تعديلا من مقتضاه حرمان من شغل أيا من المناصب بالانتخاب لدورتين انتخابيتين الا بعد انقضاء دورتين انتخابيتين على الأقل. فقامت اللجنة الأولمبية بالطعن على هذا القرار فيما يخصها، بالدعوى رقم 4993 لسنة 39 ق طالبة وقف تنفيذ هذا القرار فيما تضمنه من استبدال المادة 29 من نظامها الأساسى، وصدر الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار. أما الاتحادات والمناطق التى شملها القرار فلم تطعن فيه، ولا شأن لها بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 4993 لسنة 39 ق (المطعون فيه) لأنها ليست طرفا فى الدعوى ولم يقض لها أو عليها بشئ فيه. ورغم ذلك أصدر رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة قرارا برقم 484 لسنة 1985 فى 20/ 7/ 1985 يقضى بتعديل الأنظمة الأساسية للجنة الأولمبية والاتحادات والمناطق والهيئات الشبابية، بقصر فترة المنع من الترشيح على دورة انتخابية واحدة، وهو ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه. وليس من شك فى أن هذا الموقف واضح الدلالة على أن رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة قد اقتنع بعدم صحة قراره المطعون فيه (رقم 298 لسنة 1985) وبصحة الاعتبارات والأسباب التى قام عليها الحكم المطعون فيه، فبادر الى تنفيذ مقتضاه ليس فقط بالنسبة الى اللجنة الأولمبية رافعة الدعوى والمحكوم لها وحدها وانما بالنسبة الى جميع الهيئات الرياضية التى ينطبق عليها القانون رقم 77 لسنة 1975 مع أنها لم تكن طرفا فى تلك الدعوى، فعدل النظام الأساسى لجميع تلك الهيئات على ذات الأساس الذى صدر به حكم وقف التنفيذ. ومن ثم يترتب على ذلك سقوط حق الطاعن فى الطعن فى الحكم الصادر فى وقف التنفيذ، وتعتبر الخصومة منتهية تبعا لذلك فى الدعوى الموضوعية. ولا يمكن تأويل هذا الموقف على أنه تنفيذ للحكم المطعون فيه طبقا لنص المادة 50 من قانون مجلس الدولة، ذلك أن تنفيذ الحكم يكون باعمال مقتضاه وتنفيذ آثاره بالنسبة الى الانتخابات التى كانت ستجرى على أساسه فى اللجنة الأولمبية المصرية، ويقتصر الأمر على ذلك، فلا يحتاج الأمر الى اصدار قرار يتضمن تعديل أنظمة الهيئات الرياضية الأخرى. فموقف الطاعن واضح فى أنه قبل الحكم باختياره واتخذ سلوكا قاطعا فى الدلالة على قبوله الحكم للأسباب والاعتبارات التى قام عليها بما يسقط حقه فى الطعن.
ومن حيث أنه اذا كانت المادة 211 مرافعات تقضى بعدم جواز الطعن لمن قبل الحكم، وكان قبول الحكم المانع من الطعن كما يكون صريحا يكون ضمنيا، الا أنه يشترط فى القبول المانع من الطعن أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق فى الطعن فيه، وليس من شك فى أن مبادرة الطاعن بتنفيذ الحكم المطعون فيه بالنسبة الى اللجنة الأولمبية المصرية باصداره القرار رقم 484 لسنة 1985 بتاريخ 21/ 7/ 1985 - مشيرا فى ديباجته الى حكم محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 4993 لسنة 39 ق - وناصا فى مادته الثانية على تعديل فترة المنع من الترشيح لمن سبق لهم شغل مراكز بالانتخاب من الجمعية العمومية الى دورة انتخابية كاملة بدلا من دورتين انتخابيتين كما كان يقضى القرار رقم 26 لسنة 1985 المعدل بالقرار رقم 298 لسنة 1985 المقضى بوقف تنفيذه - لا شك أن صدور ذلك القرار لا يعدو أن يكون تنفيذا واجبا بقوة القانون للحكم المطعون فيه طبقا لحكم المادة 50 من قانون مجلس الدولة. ولا يمكن اعتبار هذا التنفيذ من قبل الرضاء بالحكم والقبول به المانع من الطعن. أما بالنسبة الى ما تضمنه القرار رقم 484 لسنة 1985 المشار اليه من تعديل فى نصوص المواد الماثلة من أنظمة الاتحادات الرياضية أو مناطقه أو الهيئات المشهرة بجهاز الشباب، فلا يمكن اعتبار ذلك قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق فى الطعن فيه، اذ يقبل التأويل بأن الطاعن استهدف التنسيق بين الأجهزة والهيئات الرياضية الأخرى التابعة للمجلس الأعلى للشباب والرياضة واعادة ترتيب أوضاعها مؤقتا فى ضوء ما قضى به الحكم المطعون فيه حتى لا تتباين هذه الأوضاع الى حين استقرار الأمر بحكم نهائى. ويرجح ذلك أن اللجنة الأولمبية عندما أقامت الدعوى رقم 3044 لسنة 39 طعنا فى الفقرة الثانية المضافة الى المادة 29 من النظام الأساسى للجنة بالقرار رقم 26 لسنة 1985 فيما تضمنته من حرمان من سبق لهم شغل مراكز بالانتخاب فى مجلس ادارة اللجنة لدورتين انتخابيتين متتاليتين من الترشيح مرة أخرى لهذه المراكز الى الأبد، وصدر الحكم لصالح اللجنة بتاريخ 16/ 5/ 1985 بوقف تنفيذ هذه الفقرة من القرار تأسيسا على أن حكمها يتضمن حرمان المذكورين من حق من الحقوق المقررة لهم ومصادرة هذا الحق مما يخرج عن حدود السلطة التى خولها القانون للجهة الادارية فى تحديد شروط العضوية لمجلس الادارة ووضع ضوابط لها - عندما صدر هذا الحكم بادر الطاعن الى اصدار قراره رقم 298 لسنة 1985 بتاريخ 26/ 5/ 1985 منفذا مقتضى الحكم ليس فقط بالنسبة الى اللجنة الأولمبية المحكوم لها وانما لجميع الاتحادات والمناطق والهيئات التابعة للمجلس والخاضعة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، الأمر الذى يدل على أن الطاعن - فى ضوء المواقف السابقة - يرمى الى التنسيق بين جميع الهيئات والأجهزة الخاضعة للقانون رقم 77 لسنة 1975 فى الأحكام الخاصة بضوابط الترشيح لعضوية مجالس ادارتها. وبناء عليه فانه عنى هذا المعنى فى مذكرته التكميلية المقدمة للمحكمة خلال المهلة المحددة لتقديم المذكرات اذ ذكر أن ما قام به من تعديل أنظمة الهيئات الأخرى غير الممثلة فى الحكم المطعون فيه هو تصرف قصد به منع أى خلخلة فى المراكز القانونية قد تنشأ فى البناء الهرمى لتلك الهيئات والتى تقع على قمتها اللجنة الأولمبية وذلك طوال المدة التى تستغرقها المنازعة القضائية والتى قد تطول الى وقت غير معلوم بعد أن صدر حكم محكمة أول درجة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه، ومن ثم فان التعديل الشامل لأنظمة تلك الهيئات يعبر عن حرص الجهة الادارية على استقرار القواعد السارية بالنسبة لتلك الهيئات انتظارا لحكم نهائى من المحكمة الادارية العليا وبناء عليه فانه لا يسوغ اعتبار تنفيذ مقتضى الحكم المطعون فيه بالنسبة الى جميع هذه الهيئات - وعدم قصره على اللجنة الأولمبية دليلا قاطعا على قبوله للحكم وتركه الحق فى الطعن فيه. ومن ثم يغدو الدفع بعدم قبول الطعن لسقوط الحق فيه لا أساس له حقيقا بالرفض.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص فى أن السيد/ عبد العظيم محمد عشرى - عن نفسه وبصفته رئيسا للجنة الأولمبية المصرية - أقام دعواه رقم 4993 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الادارى بتاريخ 24/ 6/ 1985 طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 298 لسنة 1985 بتاريخ 26/ 5/ 1985 فيما تضمنته من تعديل المادة 29 من لائحة النظام الأساسى للجنة الأولمبية المصرية التى تنص على أنه لا يجوز الترشيح لرئاسة أو مراكز أو عضوية مجلس ادارة اللجنة الأولمبية لمن سبق لهم شغل أى من هذه المراكز بالانتخاب من الجمعية العمومية لدورتين انتخابيتين متتاليتين الا بعد انقضاء دورتين انتخابيتين كاملتين على الأقل. وفى الموضوع بالغاء هذا القرار والزام المدعى عليه بالمصروفات. وبجلسة 18/ 7/ 1985 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنته من استبدال الفقرة (ثانيا) من المادة 29 من النظام الأساسى النموذجى للجنة الأولمبية المضافة بالقرار رقم 26 لسنة 1985 والزام الجهة الادارية المصروفات. وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه بهذه الصورة يحول بين بعض الأشخاص وبين ممارسة بعض الحقوق المقررة لهم بمقتضى الدستور والقانون لمدة تستطيل الى ثمانى سنوات، وهو بهذه الصورة يخرج عن نطاق وضع بعض الضوابط التى يجوز للجهة الادارية المختصة تقريرها تحقيقا للصالح العام ويقصد منع بعض الأشخاص من احتكار عضوية ومراكز بعض مجالس الاتحادات ويفرض اتاحة الفرصة لعناصر جديدة ممن تتوافر فيهم باقى شروط للافادة من خبراتهم، يخرج من هذا النطاق ويدخل فى نطاق الحرمان من ممارسة حق مقرر بمقتضى القانون، بل ان القرار المطعون فيه لا يحقق الصالح العام لأنه اذا كان من الصالح العام منع احتكار بعض الأشخاص لشغل رئاسة وعضوية مجالس ادارة بعض الهيئات الرياضية للاستفادة بخبرات عناصر جديدة، فان من شغلوا هذه المناصب لدورتين انتخابيتين لا شك قد اكتسبوا خبرة كبيرة فى هذا المجال ليس من الصالح العام كذلك حرمان الهيئات الرياضية من خبراتهم الى الأبد أو حتى الى مدة تستطيل الى هذا القدر لثمانى سنوات، ما دام شغلهم لهذه المراكز سوف يتم بالانتخاب من أعضاء الجمعية العمومية، هذا الى جانب أن الجهة الادارية لم تبين الأساس الذى استندت اليه فى جعل مدة الاستبعاد من الترشيح لدورتين انتخابيتين متتاليتين، الأمر الذى يفيد بحسب الظاهر أن تحديد هذه المدة قصد به منع أشخاص معينين من الترشيح طوالها وليس تحقيقا للصالح العام.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن المحكمة ذاتها التى أصدرت الحكم المطعون فيه، سبق أن قضت فى الدعويين رقمى 1068 لسنة 39 ق المقامة من رئيس اتحاد الكرة الطائرة و823 لسنة 39 ق المقامة من رئيس اتحاد كرة القدم أن للجهة الادارية المختصة ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة باعتباره خلفا للوزير المختص الحق فى وضع وتعديل الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجالس ادارة الهيئات الرياضية طبقا لحكم المادة 4 من القانون رقم 77 لسنة 1975 معدلا بالقانون رقم 51 لسنة 1978، وأن تطلب ألا يكون قد سبق للمرشح شغل عضوية مجلس الادارة بالانتخاب لدورتين متتاليتين ما لم تنقض دورة انتخابية كاملة على الأقل بعد ذلك، لا يعدو وأن يكون شرطا مضافا الى شروط العضوية، ويكون القرار الصادر بذلك قد صدر فى حدود الاختصاص الظاهر لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة. وأن الاختصاص بوضع شروط العضوية يتضمن بالضرورة الاختصاص بوضع موانع وضوابط الترشيح للحصول على هذه العضوية، وهذا الشرط قصد به اتاحة الفرص لأشخاص جدد ممن تتوافر فيهم باقى شروط العضوية للافادة من خبراتهم، ورفعا لاحتكار قلة من الأشخاص لعضوية بعض مجالس ادارة الاتحادات ومراكزها - غير أن المحكمة فى حكمها المطعون فيه عادت فنقضت هذا الاتجاه المستقر بانكارها هذا الحق بالنسبة للحظر ذاته اذا كان المنع من الترشيح يمتد الى دورتين انتخابيتين مع أن الحكمة فى الحالتين واحدة وهى منع احتكار بعض الأشخاص لهذه المراكز واتاحة الفرص لعناصر جديدة والافادة من خبراتهم. بل ان المحكمة ساوت فى حكمها بين الحظر لدورتين انتخابيتين وبين الحظر لمدى الحياة فذهبت الى أن المنع لدورتين يحول بين الأشخاص وبين ممارسة بعض الحقوق المقررة لهم بمقتضى الدستور والقانون، على الرغم من الفارق الكبير بينهما فى الأثر. يضاف الى ذلك أن القرار المطعون فيه بما قرره من مدة حجب جعلها متساوية مع مدة الممارسة وهى من السلطة التقديرية لجهة الادارة تزنها حسبما يتراءى لها من انجازات على مستوى كافة الهيئات الشبابية والرياضية وفقا لما استقر أمامها من أبحاث ودراسات وعمليات متابعة. وقد طبق القرار المطعون فيه على كافة الهيئات الرياضية والاتحادات والمناطق والتى تربو على خمسمائة هيئة دون تفريد. وأضاف الطاعن فى مذكراته المقدمة للمحكمة أن السيد/ محمد أحمد رئيس اتحاد كرة القدم سبق أن طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى المرفوعة منه برقم 823 لسنة 29 ق والذى قضى بأحقية الجهة الادارية فى وضع وتعديل الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجالس ادارة الهيئات الرياضية، وما يتضمنه ذلك بالضرورة من وضع ضوابط وموانع للترشيح لعضوية هذه المجالس، وذلك بالطعن المقيد بجدول المحكمة الادارية العليا برقم 575 لسنة 31 ق عليا، وقد قضت هذه المحكمة بجلسة 18/ 11/ 1985 برفض الطعن.
ومن حيث أن المطعون ضده عقب على الطعن بمذكرة جاء بها أنه سواء كان المنع من الترشيح أبديا - كما كان ينص عليه القرار رقم 26 لسنة 1985 - أو لمدة ثمانى سنوات طبقا للقرار رقم 298 لسنة 1985 المطعون عليه - فانه فى الحالتين يؤدى الى ذات النتيجة بالنظر الى أن المرشحين لمناصب اللجنة الأولمبية يتقدمون للترشيح فى سن متقدمة بعد أن يكونوا قد شاركوا أو عملوا فى مراكز الاتحادات والمناطق والهيئات الرياضية. كما وأن الحكم المطعون فيه كان على حق عندما وصم القرار المطعون عليه بعيب اساءة استعمال السلطة، ذلك أنه استعمل سلطته فى اصدار القرارات الادارية التى يخوله القانون فى اصدارها لاستبعاد من كان يجوز ترشيحهم لعضوية مجالس ادارة الاتحادات والمناطق والهيئات المذكورة بالمخالفة للمبادئ العامة التى قام عليها القانون رقم 77 لسنة 1975 وهى استقلال الهيئات الرياضية واعطاؤها كافة الاختصاصات والمسئوليات لتحقيق أهدافها.
ومن حيث أن المادة 4 من القانون رقم 77 لسنة 1975 - معدلة بالقانون رقم 51 لسنة 1978 - بشان الهيئات الخاصة للشباب والرياضة تنص على أن للجهة الادارية المركزية المختصة أن تضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون تعتمد بقرار من الوزير المختص وتشتمل على البيانات الآتية (د) طريقة تشكيل مجلس الادارة بالانتخاب أو بالتعيين فى بعض الهيئات ذات الطبيعة الخاصة والشروط الواجب توافرها فى أعضائه وعددهم وطرق انهاء عضويتهم واختصاصات المجلس ومدته واجراءات دعوته للانعقاد وصحة اجتماعاته وصحة قراراته....... ويجوز تعديل هذه الأنظمة بقرار من الوزير المختص ولا نزاع فى أن الجهة الادارية المختصة طبقا لحكم المادة السابقة - وكما ذهب اليه بحق الحكم المطعون فيه سلطة وضع وتعديل الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجالس ادارة الهيئات الرياضية بما يتضمنه ذلك بالضرورة من وضع ضوابط وشروط للترشيح لهذه المناصب، وكل من لا تتوافر فيه هذه الشروط يمتنع عليه الترشيح للعضوية، على أنه يتعين ألا يكون من شأن هذه الشروط والضوابط مصادرة حق الأعضاء فى الترشيح وحرمانهم من هذا الحق حرمانا مطلقا. ولذا فان الأحكام التى صدرت من القضاء الادارى فى دعاوى مماثلة بوقف تنفيذ والغاء القرارات المتضمنة حرمان من شغل تلك المناصب بالانتخاب لدورتين متتاليتين من الترشيح بعد ذلك والى الأبد - هذه الأحكام قد أصابت وجه الحق والقانون فيما قضت به من بطلان تلك القرارات لانطوائها على مصادرة مطلقة لحق الترشيح لعضوية مجالس ادارة الهيئات المذكورة. فاذا كان من المسلم أن للجهة الادارية المختصة أن تضع من الضوابط والشروط فى هذا المجال ما تنظم به فرص الترشيح لشغل هذه المناصب تحقيقا للصالح العام ومنعا من احتكار شغلها واتاحة الفرص لعناصر جديدة للافادة من خبراتهم، فانه لابد من التسليم لهذه الجهة أيضا بقدر من السلطة التقديرية فى وضع وتحديد هذه الضوابط والشروط بما يتراءى لها محققا للأهداف والغايات المبتغاة منها فى ضوء الاعتبارات التى تقدرها بحكم اختصاصها فى الاشراف والرقابة ومتابعة أنشطة تلك الهيئات، بشرط أن يخلو تقديرها من اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث أنه بالبناء على ما سبق، لا يسوغ للحكم المطعون فيه أن يجاوز رقابته على مشروعية القرار رقم 298 لسنة 1985 - المطعون عليه - الى التدخل فى صميم السلطة التقديرية لجهة القضاء فى تحديد المدة البينية التى يلزم انقضاؤها قبل التقدم للترشيح لرئاسة أو عضوية مجلس ادارة اللجنة الأولمبية بالنسبة لمن شغل هذه المناصب لدورتين انتخابيتين متتاليتين، بمقولة أن مدة ثمانى السنوات التى حددها القرار هى مدة طويلة تخرج عن نطاق وضع الضوابط والشروط لعضوية مجالس الادارة الى نطاق الحرمان من ممارسة حق الترشيح، أو بمقولة أن الجهة الادارية لم تبين الأساس الذى استندت اليه فى تحديد هذه المدة - لا يسوغ ذلك لأن تلك المدة - وللادارة تقديرها - لا تصل الى هذا الحرمان من ممارسة حق الترشيح ومصادرته، كما أنه لا وجه لالزام جهة الادارة بقصر مدة المانع على دورة انتخابية واحدة - حسبما سلم به الحكم المطعون فيه - وانكار حقها فى تحديد تلك المدة بدورتين انتخابيتين، لأن هذا الالزام لا يجد له سندا من القانون، وينطوى فى حقيقة الأمر على تدخل غير مبرر قانونا فى نطاق السلطة التقديرية لجهة الادارة فى أمر ترك لها القانون فيه ملاءمة التقدير. واذا كان من المقرر أن تقدير جهة الادارة يحده شرط عدم الغلو فان البادى بوضوح أن الفارق بين مدة الدورة الانتخابية والدورتين - كمدة بينية يلزم فواتها بين الانتخاب السابق لدورتين متتاليتين والترشيح لدورة قادمة - ليس فرقا شاسعا من شأنه أن ينتقل بتقدير جهة الادارة الى حد الغلو، اذ أن ثمة المنع تساوى مدة العضوية.
ومن حيث أنه لا سند من الأوراق لما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن الظاهر أن تحديد تلك المدة قصد به منع أشخاص معينين من الترشيح طوالها وليس تحقيقا للصالح العام - ذلك أن الأوراق قد خلت من دليل يحمل هذه النتيجة على محمل مقبول، بل ان ظاهر القرار رقم 298 لسنة 1985 المطعون عليه، ليؤدى الى نفى هذا الظن، ذلك أن القرار المذكور عندما حدد المدة البينية بدورتين انتخابيتين، عممها بالنسبة لجميع الهيئات الخاضعة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 المشار اليه من اتحادات ومناطق وهيئات شهرة بجهاز الشباب وكذلك اللجنة الأولمبية، الأمر الذى ينفى أن القرار قد توخى حرمان أشخاص معينين من الترشيح لتلك المناصب.
ومن حيث أنه متى استبان ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المشار اليه، ومن ثم يتعين القضاء بالغائه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار، وبالزام المطعون ضده بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بمصروفات هذا الطلب.