مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1734

(237)
جلسة 17 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربينى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيونى ودكتور محمد جودت الملط وعبد الرحمن عزوز وجمال السيد دحروج المستشارين.

الطعن رقم 1634 لسنة 28 القضائية

( أ ) اختصاص - ما يدخل فى اختصاص المحاكم التأديبية - تحديده.
المادتان رقما 15 و31 من القانون رقم 47 لسنة 1972 باصدار قانون مجلس الدولة. خول المشرع المحاكم التأديبية اختصاصين: - أولهما: - محاكمة العاملين بالجهات المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة - ثانيهما: - نظر الطعون فى القرارات النهائية للسلطات التأديبية والطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام - أطلق المشرع على الدعاوى الخاصة بمحاكمة العاملين تأديبيا وصف "الدعاوى التأديبية" وأطلق على الاختصاص الثانى وصف "الطلبات أو الطعون" - الدعوى التأديبية فى مفهوم قانون مجلس الدولة تنصرف الى الدعاوى التى يحاكم فيها العاملون تأديبيا ولا ينسحب على الطلبات أو الطعون الخاصة بطلب الغاء القرارات التأديبية - مؤدى ذلك: أن المادة (39) من قانون مجلس الدولة حينما قضت بأنه اذا كان الفصل فى الدعوى التأديبية يتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل فى الثانية - هذا النص لا ينطبق على الاختصاص الثانى - تطبيق.
(ب) دعوى وقف الدعوى التأديبية لحين الفصل فى الدعوى الجنائية - مناطة. المادة (129) من قانون المرافعات.
يشترط لوقف الدعوى التأديبية لحين الفصل فى الدعوى الجنائية وجود مبرر لهذا الوقف بأن يكون سبب الدعويين واحدا بحيث يكون الفصل فى احداهما متوقفا على الفصل فى الأخرى - المنازعة فى التحميل بقيمة العجز تستقل فى سببها عن واقعة الاشتراك مع آخرين فى اختلاس بعض المهمات - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 15 من أغسطس سنة 1982 أودع الأستاذ/ صادق حنى المحامى نائبا عن الأستاذ/ غبريال ابراهيم غبريال المحامى الوكيل عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1634 لسنة 28 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة النقل والمواصلات بجلسة 17 من يونيو سنة 1982 فى الدعوى رقم 40 لسنة 15 القضائية المقامة من السيد/ ....... ضد السيد/ رئيس مجلس ادارة هيئة النقل العام بالقاهرة والذى قضى بوقف الفصل فى الدعوى الى أن يتم الفصل فى الدعوى الجنائية رقم 438 لسنة 1978 جنايات الزيتون.
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بالغائه، والقضاء بالغاء القرار المطعون فيه مع الزام الجهة الادارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وبعد أن تم اعلان تقرير الطعن الى ذوى الشأن على النحو المبين فى الأوراق قدم السيد/ مفوض الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى انتهى فيه الى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بالغائه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة النقل للحكم فى موضوع الدعوى.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من مارس سنة 1986 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 12 من أبريل سنة 1986، وبعد أن استمعت المحكمة الى ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق، فى أن السيد/ ...... أقام الدعوى رقم 333 لسنة 22 القضائية ضد السيد/ رئيس مجلس ادارة هيئة النقل العام بالقاهرة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية العليا للعاملين بوزارة النقل بتاريخ 9 من سبتمبر سنة 1975 وطلب فى ختامها الحكم بالغاء القرار رقم 70 لسنة 1973 فيما تضمنه من خصم المبالغ الواردة به من راتب المدعى، ورد ما خصم منه بغير حق نفاذا له وما يترتب على ذلك من آثار، والزام الجهة الادارية المصروفات. وقال المدعى شرحا لدعواه أنه عين أمينا لمخازن الهيئة المدعى عليها، واستمر يؤدى عمله بالأمانة والعرق الى أن فوجئ بصدور القرار رقم 70 لسنة 1973 من السيد/ رئيس مجلس ادارة الهيئة المدعى عليها بخصم مبالغ نقدية من راتبه الشهرى بدعوى وجود عجز فى عهدته خلال عمله أمينا للمخازن الرئيسية عام 1971، رغم أن الجرد الذى تم لمخازن الهيئة الرئيسية "مخازن ابن سندر" فى 30 من يونيو سنة 1971 قد كشف عن وجود زيادة فى بعض الأصناف فى مقابل العجز الذى تبين وجوده فى أصناف شبيهة، وان الثابت من واقع المحاضر التى تضمنت بيانا تفصيليا بنتائج الجرد ان فروقا قديمة للغاية من هذه الأصناف بما لا يتصور معه قيام سوء النية فى الاستيلاء على المال العام وأضاف المدعى ان الجرد الذى قبل بوجود العجز نتيجة له قد تم عن المدة من 21 من أبريل الى 30 من يونيو سنة 1971 الأمر الذى لا يستقيم عقلا انه يمثل حالة المخزن خلال السنة المالية طبقا لما يجرى عليه العمل فى الجرد المخزنى الصحيح، كما ان الهيئة المدعى عليها قامت باضافة الأصناف التى تبين من الجرد انها زائدة الى رصيد المخازن واستقطعت من راتبه قيمة العجز المدعى بوجوده، وبذلك تكون الهيئة قد خالفت أحكام المادة 399 من لائحة المخازن، وكذا نص المادة 174/ 2 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات فضلا عن ان الهيئة قامت بالخصم من راتبه دون اجراء تحقيق معه أو ابداء دفاع منه.
وبجلسة 18 من مايو سنة 1981 قضت المحكمة الادارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت باحالتها بحالتها الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة النقل، حيث قيدت بجدول المحكمة الأخيرة تحت رقم 40 لسنة 15 القضائية. وبجلسة 17 من يونيه سنة 1982 قضت المحكمة التأديبية بوقف الفصل فى الدعوى الى أن يتم الفصل فى الدعوى الجنائية رقم 4380 لسنة 1971 جنايات الزيتون. وبنت قضاءها بالوقف على أن الفصل فى مشروعية القرار المطعون فيه يتوقف على الفصل جنائيا فيما نسب الى المدعى، ومن ثم يكون متعينا وقف الفصل فى الطعن الى أن تم الفصل فى الدعوى الجنائية المرتبطة بها وذلك استنادا الى نص المادة 39 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة باعتبار أن هذا الطعن هو طعن تأديبى يتفق مع الدعوى التأديبية فى فعلتها بمجازاة العامل تأديبيا عن واقعة أقيم بشأنها دعوى جنائية.
ومن حيث ان حاصل أسباب الطعن ان النزاع المطعون فيه مقيد أصلا لدى المحكمة التأديبية برقم طعن وبهذه المثابة فانه يستقل استقلالا كاملا عن الدعوى التأديبية التى تختص المحاكم التأديبية أصلا بنظرها، ذلك ان المشرع فى قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد أفرد لكل من الدعوى التأديبية والطعن نظاما خاصا فى الفقرتين الثانية عشرة والثالثة عشر من المادة 10 منه مما يقطع باستقلال كل منها بالقواعد الاجرائية والموضوعية المطبقة فى شأنه، وأضاف الطاعن ان الدعوى الجنائية التى أشار اليها الحكم المطعون فيه لا تفصل من قريب أو بعيد بالمنازعة التى أثارها الطاعن فى خصوص القرار رقم 70 لسنة 1973 ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ فى تحصيل الوقائع مما يتعين معه والحالة هذه - القضاء بالغائه.
ومن حيث ان المستفاد من الاطلاع على البندين (تاسعا) و(ثالث عشر) والبند (ثانى عشر) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والمادة (15) من القانون المذكور ان المشرع خول المحاكم التأديبية اختصاصين:
أولهما: محاكمة العاملين بالجهات المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة.
وثانيهما: نظر الطعن فى القرارات النهائية للسلطات التأديبية والطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام، وأطلق المشرع على الدعاوى الخاصة لمحاكمة العاملين تأديبيا وصف "الدعاوى التأديبية" وأطلق على الاختصاص الآخر وصف "الطلبات أو الطعون"، ويتجلى ذلك فيما نص عليه البند (تاسعا) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة من أن محاكم مجلس الدولة تختص - دون غيرها - بالفصل فى الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بالغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية ونص البند (ثالث عشر) من هذه المادة على اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون فى الجزاءات الموقعة عل العاملين بالقطاع العام، بينما نص البند (ثانى عشر) على أن تختص محاكم مجلس الدولة بالدعاوى التأديبية المنصوص عليها فى القانون والتى وضحتها الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون مجلس الدولة فيما نصت عليه من ان المحاكم التأديبية تختص بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والادارية التى تقع من العاملين وأعضاء مجالس ادارة التشكيلات النقابية ومن اليهم الذين حددتهم هذه المادة، وأردفت هذه المادة، فان هذه المحاكم تختص بنظر الطعون المنصوص عليها فى البندين (تاسعا) و(ثالث عشر) من المادة العاشرة.
ومن حيث ان المادة 39 من قانون مجلس الدولة التى استند اليها الحكم المطعون فيه فيما انتهى اليه من وقف الطعن مثار المنازعة الى أن يتم الفصل فى الدعوى الجنائية رقم 4380 لسنة 1971 جنايات الزيتون تقضى بانه اذا كان الفصل فى دعوى تأديبية يتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل فى الثانية - ولما كانت الدعوى التأديبية فى مفهوم قانون مجلس الدولة، على ما سلف بيانه، مقصورة على الدعوى التى يحاكم فيها العامل تأديبيا أمام المحكمة التأديبية وليست الطلبات أو الطعون الخاصة بطلب الغاء القرارات التأديبية، فان الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى الاستناد الى هذه المادة ويكون وقف الدعوى مثار المنازعة استنادا الى حكم هذه المادة - قد جانب الصواب ويتعين من تم القضاء بالغائه.
ومن حيث ان المادة 129 من قانون المرافعات - التى تنص المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة بأن تطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص خاص فى قانون مجلس الدولة - فان هذه المادة تقضى بانه فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوبا أو جوازا يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، ولا يمكن تبرير ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه من وقف الدعوى استنادا الى هذا النص لأن الثابت من الأوراق ان القرار المطعون فيه بتحميل المدعى بعض المبالغ قام على أساس انها تمثل قيمة العجز فى عهدته يسأل عنها بوصفه من أمناء المخازن بينما الدعوى الجنائية المشار اليها تقام على انه قد اشترك مع آخرين فى اختلاس بعض المهمات المسلمة اليه بحكم وظيفته وبهذه المثابة فان الفصل فى الدعوى مثار المنازعة لا يتطلب انتظار الفصل فى الدعوى الجنائية لقيام كل من الدعويين على سبب منبت الصلة بسبب الدعوى الأخرى.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه لم يفصل فى شكل أو موضوع الدعوى وانما توقف عند حد القول بان الدعوى المقامة من المدعى يتوقف الفصل فيها على الفصل فى دعوى جنائية، فلا مناص كذلك من اعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية لتقول كلمتها فى الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة النقل للفصل فيها.