مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1761

(241)
جلسة 24 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربينى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيونى ودكتور محمد جودت الملط وثروت عبد الله أحمد وعبد الرحمن عثمان أحمد عزوز المستشارين.

الطعن رقم 476 لسنة 26 القضائية

( أ ) هيئات عامة انشاؤها - الاختصاص بانشاء وتحديد تبعية الهيئة.
المادة (146) من دستور جمهورية مصر العربية - المادة (1) من القانون رقم 61 لسنة 1963 باصدار قانون الهيئات العامة.
رئيس الجمهورية هو السلطة المختصة بانشاء الهيئات العامة - هذه السلطة تمتد لتشمل تنظيم الهيئة وتحديد تبعيتها لجهة معينة - أساس ذلك: - أن الدستور حينما خول رئيس الجمهورية سلطة انشاء المرافق العامة أناط به تنظيم تلك المرافق - الهيئة العامة احدى طرق ادارة المرافق العامة - تحديد تبعية الهيئة العامة لجهة من الجهات هو الذى يملك تحديد تبعية الهيئة العامة لاحدى الجهات - تطبيق.
(ب) هيئة عامة - هيئة النقل العام بمدينة القاهرة - تبعيتها - تأديب العاملين فيها.
هيئة النقل العام بالقاهرة تتبع محافظ القاهرة - أساس ذلك: - المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية رقم 141 لسنة 1971 بنقل تبعية هيئة النقل العام بالقاهرة - مؤدى ذلك: أن محافظ القاهرة هو الوزير المختص بتأديب العاملين بتلك الهيئة - لا وجه للقول بأن المقصود بالوزير المختص فى قانون الهيئات العامة هو الوزير السياسى - أساس ذلك: - أن تبعية الهيئة المذكورة لمحافظ القاهرة تخوله سلطة الاشراف والتوجيه والرقابة على تلك الهيئة - المحافظ هو الرئيس الأعلى للعاملين فى نطاق محافظته بالنسبة للجهات التى نقلت اختصاصاتها الى الوحدات المحلية طبقا لنص المادة (29) من القانون رقم 52 لسنة 1975 باصدار قانون الادارة المحلية - تطبيق.
(جـ) هيئات عامة - هيئة النقل العام بالقاهرة - الادارة القانونية بها - أعضاؤها - تأديبهم - الاختصاص بذلك.
المادة (21) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الادارة القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها.
لا يجوز اقامة الدعوى التأديبية على عضو الادارة القانونية بالهيئات العامة الا عن طريق الوزير المختص - أساس ذلك: - نص المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 - عبارة "الوزير المختص" تنصرف بالنسبة لهيئة النقل العام الى محافظ القاهرة - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 18/ 2/ 1980 أودع السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 476 لسنة 26 القضائية، كما أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن النيابة الادارية فى يوم 25/ 2/ 1980 فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات بجلسة 27/ 12/ 1979 فى الدعوى رقم 71 لسنة 21 القضائية المقامة من النيابة الادارية ضد السيد/ ....... والقاضى بعدم قبول الدعوى لعدم مراعاة الاجراء المنصوص عليه فى المادة 21 من القانون رقم 74 لسنة 1973.
وقد طلب الطاعنان، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة النقل والمواصلات للفصل فى موضوعها.
وبعد أن تم اعلان الطعنين على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى انتهت فيه، للأسباب المبينة بين الى قبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فى موضوعها.
وقد حدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 25/ 2/ 1985 وبجلسة 25/ 12/ 1985 قررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكما واحدا.
وبجلسة 12/ 3/ 1985 قررت الدائرة احالتهما الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظرهما بجلسة 29/ 3/ 1985 وبجلسة 19/ 4/ 1985 استمعت المحكمة الى ما رأت لزوما للاستماع اليه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يستخلص من الأوراق فى أنه بتاريخ 4/ 6/ 1979 أودعت النيابة الادارية قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارتى النقل والمواصلات تقرير اتهام ضد السيد/ ..... مدير الادارة القانونية بمنطقة أتوبيس شمال القاهرة بهيئة النقل العام لأنه بتاريخ 7/ 3/ 1978 بهيئة النقل العام بالقاهرة خرج على مقتضى الواجب ولم يؤدى العمل المنوط به بأمانة وسلك مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب وأتى ما من شأنه الاخلال بحسن سير العمل وانتظامه بالادارة القانونية بالهيئة بأن اعتمد كشف توقيعات حضور وانصراف العاملين بالادارة ليوم 9/ 3/ 1979 مسبقا. وخلصت النيابه الادارية الى أنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة الادارية المنصوص عليها بالمواد 17/ 1، 2 و18/ 4 و21 من لائحة جزاءات العاملين بهيئه النقل العام بالقاهرة الصادرة فى سنه 1964. وطلبت محاكمته بالمواد المشار اليها وبالمادتين 60، 61 من لائحة العاملين بهيئة النقل العام بمدينة القاهرة الصادرة بقرار وزير النقل رقم 894 لسنة 66 وبالمادتين 22 و23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الادارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 والمادة 13 من القانون رقم 61 لسنة 1963 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 27/ 12/ 1979 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وأقامت قضائها استنادا الى أنه الاختصاص فى الاحالة الى المحاكمة التأديبية بالنسبة لمديرى وأعضاء الادارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 معقود للوزير المختص وهو فى الحالة المعروضة وزير النقل وليس محافظ القاهرة التى تمت الاحالة بقرار منه.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ذلك أن هيئة النقل العام بعثت لمحافظة القاهرة بالقرار الجمهورى رقم 41 لسنة 1972 الذى قضى بنقل اختصاصات وزير النقل بالنسبة للهيئة الى محافظ القاهرة يضاف الى ذلك أن هذه الهيئة تباشر نشاط اقليميا فى نطاق مدينة القاهرة الكبرى ومن ثم فانها تدخل فى نطاق الهيئات العامة الاقليمية التى يكون لمحافظ القاهرة بالنسبة لها سلطة الوزير واعمالا لحكم المادتين 28 و29 من قانون الادارة المحلية الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 1975 ومن ثم فان قرار احالة المطعون ضده الى المحكمة التأديبية وقد صدر من المحافظ يكون قد صدر من مختص.
من حيث انه بالاطلاع على أحكام قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963 يبين أن المادة 1 منه تنص على أنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية انشاء هيئة عامة لادارة مرفق مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة وتكون لها الشخصية الاعتبارية، ومفاد حكم المادة المقدمة أن السلطة المختصة بانشاء الهيئات العامة هو رئيس الجمهورية. وهذا الاختصاص فى واقع الأمر مسند الى رئيس الجمهورية بمقتضى نص المادة 146 من الدستور التى تنص على أنه يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لانشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة، والتى أناطت به، بالاضافة الى سلطته فى انشاء الهيئات العامة باعتبارها احدى طرق ادارة المرافق العامة، سلطة تنظيم هذه المرافق. ومن ثم فان سلطة رئيس الجمهورية المستمدة من الدستور ليست قاصرة فقط على انشاء الهيئات العامة واذ تمتد لتشمل تنظيمها بما ينطوى عليه ذلك من عقد تنعيتها بجهة معينة مع ما يترتب على ذلك من أن تمارس تلك الجهة الاختصاصات المقررة لها قانونا بانشائها.
ومن حيث الاطلاع على المادة 29 من قانون نظام الادارة المحلية الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 1975 - التى تمت فى ظله الاحالة الى المحاكمة التأديبية - يبين ان نصها يجرى كالآتى "المحافظ هو الرئيس المحلى للعاملين المدنيين فى نطاق المحافظة وله جميع اختصاصات الوزير بالنسبة لكافة العاملين فى نطاق المحافظات فى الجهات التى نقلت اختصاصاتها الى الوحدات المحلية" كما ان اعادة ان قرار رئيس الجمهورية رقم 141 لسنة 1971 تنص على أنه "نقل تبعية هيئة النقل العام لمدينة القاهرة الى محافظ القاهرة، ويتولى محافظ القاهرة الاختصاصات التى كان معهودا بها لوزير النقل فى شأن هذه الهيئة" ومفاد أحكام كل من النصين أن هذه الهيئة قد تبعت محافظ القاهرة كأنه يكون له بمقتضى أحكام قانون الادارة المحلية اختصاصات الوزير بالنسبة للعاملين بها.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم، فانه يتعين تفسير حكم المادة 5 من قانون الهيئات العامة المشار اليه والتى تنص على أنه "للوزير المختص سلطة التوجيه والاشراف والرقابة على الهيئات العامة التابعة له بما يتفق وما سبق ايضاحه ولا مجال فى هذا الشأن للقول أن المقصود بالوزير المختص فى المادة 5 المشار اليها وهو الوزير السياسى ذلك أن الأمر لا يتعلق ببيان من الذى يختص بهذه السلطة التى يمارسها من يعهد له باختصاص الوزير بشأن الهيئة العامة وترتيبا على ذلك فان صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 141 لسنة 1971 بنقل تبعية هيئة النقل العام لمدينة القاهرة الى محافظ القاهرة على أن يتولى هذا المحافظ الاختصاصات التى كان معهودا بها لوزير النقل فى شأن هذه الهيئة لا يعتبر مخالفا لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 المشار اليه وانما تغيا صحيح حكم القانون متمشيا مع قانون الادارة المحلية على النحو السابق البيان. الذى من شأنه أن يعقد بمحافظ القاهرة سلطة الوزير المختص بالنسبة للعامرين بهذه الهيئة.
ومن حيث أنه متى كان ذلك وقامت المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الادارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها فى الفقرة الأخيرة منها على أنه ولا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية الا بناء على طلب الوزير المختص، ولا تقام هذه الدعوى فى جميع الأحوال الا بناء على تحقيق يتولاه أحد أعضاء التفتيش الفنى "فان عبارة "الوزير المختص" فى هذه المادة تنصرف - فى المنازعة الماثلة - الى محافظ القاهرة لانه وفقا لأحكام قانون الادارة المحلية يتولى اختصاصات الوزير بالنسبة لهيئة النقل العام لمدينة القاهرة حسبما سلف البيان وما يترتب على ذلك فان صدور قرار محافظ القاهرة باحالة المحال، وهو من العاملين بهذه الهيئة الى المحاكمة التأديبية يكون قد صدر ممن يختص به قانونا وبالتالى تكون الدعوى التأديبية مقامة بناء على طلب من يملك ذلك القانون ومن ثم فهى مقبولة ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب، فانه يكون قد جانب الصواب وأخطأ بتفسيره القانون وتطبيقه مما يتعين معه الحكم بالغائه.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم وكنت الدعوى مهيأة للفصل فى موضوعها بعد أن أبدى ذوى الشأن دفاعهم وملاحظاتهم واستوفوا مستنداتهم.
ومن حيث أن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن مدير عام الشئون القانونية بهيئة النقل العام بالقاهرة أرسل كتابه المقيد برقم 1827 المؤرخ 22/ 3/ 1978 الى السيد وكيل وزارة العدل لشئون الادارات القانونية طالبا التحقيق واتخاذ للازم مع السيد...... مدير الادارة القانونية أثناء مروره يوم 9/ 3/ 1978 على مقر الادارة القانونية بمنطقة شمال القاهرة لم يجد المذكور بها رغم توقيعه على كشف الحضور والانصراف قرروا أن المذكور لم يحضر هذا اليوم الى الادارة وتحرر محضر بذلك توقع عليه منهم بتاريخ 12/ 3/ 1978 أحال المهندس مدير عام وحدة أتوبيس شمال القاهرة، الى مدير عام الشئون القانونية الطلب المقدم بتاريخ 11/ 3/ 1978 من صمويل فرج القطر بطلب اجازة اعتيادية اعتبارا من يوم الخميس 9/ 3/ 1978 حتى الأحد 12/ 3/ 1978. وقد تبين أن التوقيع على نجله نيابة عنه لمرضه بالانفلونزا.
وخلص مدير عام الشئون القانونية الى أن طلب الاجازة يتعارض مع قيامه بالتوقيع بالاعتماد على كشوف الحضور والانصراف عن يوم 9/ 3/ 1978 الذى لم يحضر فيه الى العمل فضلا عن أن هذا الطلب قدم بعد علمه بواقعة حضوره الى الادارة واكتشافه ان هذا التلاعب الخطير فى الكشوف كما أن انقطاعه عن العمل بدون اذن طوال يومى 9، 11 مارس سنة 1978 دون حصوله على موافقة مسبقة قبل قيامه بالاجازة يخالف التعليمات وبذلك فانه يكون قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يؤد العمل النوط به بدقة وخالف التعليمات الخاصة بالانتظام فى العمل ومراقبة العاملين تحت رئاسته. وقد قيد هذا الكتاب علوى تحت رقم 45 لسنة 1978 بالتفتيش الفنى بالوزارة. وقد تم تحقيقها بمعرفة هذا التفتيش حيث قرر المشكو فى حقه (صفحة 7) أنه فعلا قد وقع يوم 7/ 3/ 1978 على كشف يوم 9/ 3/ 1978 كما قرر أنه لم يقدم طلب الاجازة الا يوم 11/ 3/ 1978 وذلك لمرضه.
وبتاريخ 23/ 5/ 1978 اجتمعت اللجنة الأولى بادارة التفتيش الفنى بوزارة العدل وقررت قيد الواقعة مخالفة ادارة ضد المشكو فى حقه لانه خلال شهر مارس سنة 1978 بمنطقة شمال القاهرة لهيئة النقل العام.
1 - تغيب عن عمله أيام 9، 11، 12 دون اذن أو مبرر من القانون.
2 - خرج على مقتضى الواجب الوظيفى بأن وقع على كشف مسبقا يوم 7/ 3/ 1978 باعتماد الحاضرون للادارة القانونية يوم 9/ 3/ 1978. وارسال الأوراق لرئيس مجلس ادارة الهيئة لخصم أيام الانقطاع ومسائلته عن المخالفة الثانية فى 22/ 11/ 1978 صدر قرار محافظ القاهرة رقم 235 لسنة 1978 باحالة المذكور الى المحكمة التأديبية. وبتاريخ 2/ 1/ 1979 باشرت النيابة الادارية اجراءات التحقيق معه تمهيدا لتقديمه للمحاكمة وقد اعترف المحال (صفحة 11) بأنه وقع يوم 7/ 3/ 1978 لان يوم 8/ 3/ 1978 كان أجازة ولو مفاجأة لمرضه لحضر يوم 9/ 3/ 1978 وليس القصد من توقيعه هو احتساب يومية له وان قصده من ذلك هو ضبط العمل، وبتاريخ 4/ 6/ 1979 أودعت النيابة الادارية تقرير اتهامه - على النحو سالف الاشارة اليه - قلم كتاب المحكمة التأديبية.
ومن حيث أن المبين مما تقدم أن المخالفة المسندة الى المحال من واقع تقرير الاتهام قد اعترف بها المحال صراحة حسبما جاء بأقواله سواء أثناء التحقيق معه بمعرفة التفتيش الفنى بوزارة العدل أو بمعرفة النيابة الادارية حسبما سبق التنويه عنه ولم يحاول نفى هذه المخالفة وانما سعى الى تبريرها بذريعة أن قصده من ذلك هو ضبط العمل. وهى فى حقيقة الأمر ذريعة أقبح من الذنب الذى اعترف بارتكابه، ذلك أن ضبط العمل ليس من يؤده الخروج على التعليمات المقررة فى شأن ضبطه، لا سيما اذا كان هذا الخروج فى واقع الأمر يؤدى الى عدم انضباط العمل. اذ كيف يتأتى التحقيق من انضباط العمل بحضور العاملين وانصرافهم فى يوم معين اذا كان من شأن ما ارتكبه المحال اعتماد حضور وانصراف العاملين فى تاريخ سابق على ذلك اليوم. ولا ينال من ذلك ما جاء فى معرض دفاع المحال بالمذكرة المقدمة الى المحكمة التأديبية بجلسة 11/ 10/ 1979 ومن أن التفتيش الذى قام به مدير عام الشئون القانونية والذى أسفر عن اكتشاف المخالفه باطل نظرا لوجود خصومة شخصية بينهما اذ لا أثر لذلك نظرا لان، دون الخوض فى مدى صحة وجود هذه لخصومة من عدمه اعتراف المحال بارتكابه المخالفة لايدع مجالا لمثل هذا القول اذ لا أثر له على نفيها. بالاستناد على ما تقدم فان المخالفة المسندة الى المحال فى تقرير الاتهام تكون ثابتة فى حقه مما يتعين معه عقد مسئوليته عنها مع الأخذ فى الاعتبار أن الثابت بمحضر التحقيق الذى أجرته النيابة الادارية مع المحال فى 30/ 2/ 1979 أن سنه 59 سنة، كما جاء بالمذكرة المقدمة لهذه المحكمة عن الطاعن بجلسة 19/ 4/ 1986 أنه المحال قد بلغ سن التقاعد وأحيل الى المعاش لذلك دون ثمة انكار من الجهة الادارية.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار اليه انه لم يعالج الأوضاع الخاصة بالمحاكمة التأديبية للمخاطبين بأحكامه حال تقاعدهم. الا أن المادة 24 منه تنص على أنه يعمل فيما لم يرد فيه نص فى هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال وكذلك باللوائح والنظم المعمول بها فى الجهات المنشأة لها الادارات القانونية واذ تنص المادة 88 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أنه لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأى سبب من الأسباب عدا الوفاة من محاكمته تأديبيا اذا كان قد بدئ فى التحقيق قبل انتهاء خدمته.... ويجوز أن يوقع على من انتهت خدمته غرامة لا تقل عن خمسة وعشرين جنيها ولا يتجاوز خمسة أضعاف الأجر الأساسى الذى كان يتقاضاه فى الشهر عند انتهاء الخدمة... ولما كان ذلك فان المحكمة ترى تغريم المحال مبلغ وقدره وعشرين جنيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبتغريم المحال مبلغا وقدره خمسة وعشرين جنيها.