مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1814

(248)
جلسة 14 من يونيو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى المليحى وحسن حسنين على وعادل محمود فرغلى والدكتور محمود صفوت عثمان المستشارين.

الطعن رقم 16 لسنة 29 القضائية

براءة اختراع - نموذج - خصائصه - تسجيله - وسائل حمايته.
المواد 37، 46، 48، من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية.
يشترط فى النموذج الصناعى أن يكون مبتكرا وله من الخصائص الذاتية ما يميزه عن غيره من المنتجات المماثلة - تسجيل النموذج الصناعى يضفى عليه حماية قانونية مزدوجة مؤداها عدم جواز صنع نموذج مماثل وعدم جواز تسجيل نموذج مشابه طوال مدة الحماية التى قررها القانون - قرر المشرع نوعين من الحماية للنموذج الصناعى أولهما: - سلوك سبيل الدعوى الادارية أمام محكمة القضاء الادارى وثانيهما: الحماية الجنائية المقررة بالمادة (48) من القانون رقم 132 لسنة 1949 - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 11/ 10/ 1982 أودع الأستاذ سلامة أحمد دراز المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن السيد/ حامد ابراهيم محمد نصار قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 16 لسنة 29 ق. ع وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 17/ 8/ 1982 فى الدعوى رقم 1187 لسنة 32 ق القاضى بشطب النموذج الصناعى الخاص بالمدعى عليه الأول والمسجل برقم 2344 فى 11 من ديسمبر سنة 1976 وبصحة اجراءات تنفيذ أمر الحجز التحفظى رقم 1 لسنة 32 ق وبعدم اختصاصها بنظر ما عدا ذلك من طلبات وبالزام المدعى والمدعى عليهم بالمصروفات مناصفة. وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم أولا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثانيا: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه مع الزام المطعون ضده الأول بالمصروفات والأتعاب وقدمت هيئة موضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع الزام الطاعن بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/ 3/ 1985، وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى دائرة منازعات الأفراد والعقود والتعويضات بالمحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 27 من أبريل سنة 1985، وتدول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت اصدار الحكم بجلسة 30/ 11/ 1985. وفى هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة اعادة الدعوى للمرافعة وتأجيل نظرها لجلسة 25 من يناير سنة 1986، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة احالة الطعن الى الدائرة المنصوص عليها فى المادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة للنظر فى مدى تطبيق المادة 110 من قانون المرافعات وحدود هذا التطبيق، وحددت لنظره أمام هذه الهيئة جلسة 2/ 3/ 1986. وقد تدوول الطعن أمام الهيئة المشار اليها على النحو الثابت فى محاضر جلساتها حتى قضت بجلسة 27 من ابريل سنة 1986 بعدم التزام محاكم مجلس الدولة بالفصل فى الدعاوى المحالة اليها من جهة قضائية أخرى طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات اذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى المحدد قانونا لمحاكم مجلس الدولة أما فى الدعاوى المرفوعة ابتداء أمامها فلها أن تحيلها الى المحكمة المختصة اذا تبين لها عدم اختصاصها بنظرها، وأمرت باحالة الطعن الى هذه الدائرة لتفصل فيه فى شئون ذلك. وورد الطعن الى هذه الدائرة وتحدد لنظره جلسة 24/ 5/ 1986، وفيها نظر الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة حيث أودع الحاضر عن المطعون ضده حافظة مستندات تضمنت صورة ضوئية من الحكم رقم 1224 لسنة 1978 جنح مستأنفة المطرية الذى قضى فيه باجماع الآراء بالزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضده مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت، وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودة المشتملة على أسباب عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده السيد/ الياس شفيق زنانيرى كان قد أقام الدعوى رقم 1187 لسنة 32 ق أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) مختصما كلا من السيد/ حامد ابراهيم نصار صاحب مصنع حلويات سنس والسيد وزير التجارة والتموين بصفته، والسيد مدير مصلحة التسجيل التجارى بصفته، وطلب الحكم بما يلى، أولا: بشطب النموذج الصناعى المقدم عنه الطلب رقم 59 لسنة 1976 باسم المطعون ضده الأول فى 11/ 12/ 1976 والذى تم تسجيله برقم 1344 واعتباره كأن لم يكن ثانيا: مصادرة واتلاف الزجاجات المقلده والقوالب الخاصة بها والآلات والخامات المستعملة فى تصنيعها واتلافها جميعا. ثالثا: الزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بأن يدفع للشركة المدعية مبلغ خمسين ألفا من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. رابعا: بصحة اجراءات تنفيذ الأمر التحفظى رقم 1 لسنة 32 ق الصادرة فى 15/ 3/ 1978 والتى تمت فى 9 و10 و12 ابريل سنة 1978 واعتبارها ناقدة. خامسا: الزام المعلن اليه الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحا للدعوى أن شركة أ. زنانيرى تعمل فى انتاج الشيكولاته والشربات واكتسبت فى هذا المجال شهرة عريضة، وحفاظا على منتاجاتها وخشية تقليدها بمنتجات أقل جودة فقد جعلت الشركة عبواتها من الشربات فى زجاجات مثلثة الشكل، وهو قالب من الزجاج غير مألوف فى هذا المجال. ورغبة منها فى تأكيد حقها فى عدم تقليدى هذه العبوات فقد قامت فى 31/ 5/ 1972 بتسجيل الزجاجة كنموذج صناعى وفقا للقانون رقم 132 لسنة 1949. ثم قامت قبل انتهاء الخمس سنوات اللاحقة لذلك التاريخ بتحديد هذا التسجيل لمدة خمس سنوات أخرى، واستطرد المدعى (المطعون ضده الأول) فذكر أن مصنع سنس المملوك للمدعى عليه الأول (الطاعن) عمد الى تقليد النموذج الصناعى المسجل باسم الشركة الطالبة، وقام بتعبئة انتاجه من الشربات فى زجاجات تحمل ذات الشكل الخاص بالزجاجات محل احتكار الشركة المدعية تبعا لتسجيل النموذج الخاص بها. وازاء ذلك فقد قامت الشركة بتقديم شكوى الى نيابة المطرية قيدت برقم 2960 لسنة 1977 اعترف فيها المدعى عليه الأول تقليد هذا النموذج معللا ذلك بسهولة توزيعه من جهة وبأنه حصل على علامة تجارية لمنتجاته فى غضون عام 1976 من جهة أخرى. وازاء ذلك فقد أقام المدعى جنحة مباشرة قيدت برقم 9283 لسنة 1977 جنح المطرية طلب فيها الحكم ضد المدعى عليه (الطاعن) بالعقوبة المقررة فى المادتين 48 و50 من القانون رقم 132 لسنة 1949 والزامه بتعويض مؤقت قدره واحد وخمسون جنيها. وأخذت هذه الجنحة طريقها فى ساحة القضاء الجنائى. وأضاف المدعى (المطعون ضده الأولى) أنه فوجئ بعد ذلك بوجود تسجيل باسم المدعى عليه الأول لنموذج صناعى يمثل ذات الزجاجة التى سبق للمدعى تسجيلها كنموذج صناعى، وكان المدعى عليه الأول قد تقدم بطلب تسجيل هذا النموذج فى 11/ 12/ 1976، وتم تسجيل النموذج المشار اليه باسمه وقيد التسجيل برقم 2344. ولما كان النموذج الصناعى الذى قامت الادارة بتسجيله باسم المدعى عليه الأول هو صورة طبق الأصل من النموذج الخاص بالمدعى، دون ابتكار أو تعديل، فان هذا التسجيل الجديد يمثل عدوانا على حقوق المدعى لا يسعه ازاءه الا أن يطلب شطبه وفقا لنص المادة 46 من القانون رقم 132 لسنة 1949، ولما كان المدعى (المطعون ضده الأول) قد استصدر من السيد المستشار رئيس محكمة القضاء الادارى بتاريخ 15/ 3/ 1978 أمر الحجز التحفظى رقم 1 لسنة 1932 بتوقيع الحجز التحفظى على الزجاجات المقلدة للنموذج الصناعى الخاص بالشركة المدعية وذلك بمصنع سنس المملوك للمدعى عليه الأول (الطاعن) ومتجره والمحال الأخرى التى تتواجد فيها، وقام المدعى فى 9 و10 و12/ 4/ 1978 بتوقيع الحجز التحفظى على الزجاجات المقلدة التى وجدت بمصنع ومخزن المدعى عليه الأول وبعض المحال الأخرى. لذلك فقد أقام دعواه الماثلة طالبا الحكم بصحة اجراءات الحجز وبما سبق بيانه من طلبات. وعاد المدعى فأودع مذكرة شارحة لدعواه أوضح فيها أن المدعى عليه (الطاعن) سبق له أن أقام الدعوى رقم 1852 لسنة 1978 مستعجل القاهرة طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بأمر الحجز رقم 1 لسنة 32 ق الصادر من رئيس محكمة القضاء الادارى، وتبعا لذلك عدم الاعتداد بالحجوز الموقعة نفاذا لهذا الأمر، ولقد قضى فى هذه الدعوى ابتدائيا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظرها، غير أن الطاعن أقام استئنافا عن هذا الحكم أمام محكمة جنوب القاهرة بهيئة استئناف مستعجل وقضى فيها بالغاء الحكم المستأنف وبعدم الاعتداد بأمر الحجز رقم 1 لسنة 32 ق وبالحجوز الموقعة نفادا له. وأقامت المحكمة قضاءها على أن دعوى الموضوع لم ترفع خلال الثمانية أيام التالية لتوقيع الحجز. وأضاف المدعى أن هذا الحكم يعتبر منعدما لخروجه عن ولاية المحكمة المدنية فضلا عن أنه حكم وقتى لا يجوز حجية كما أنه استصدر من السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بعد اطلاعه على كافة الأوراق أمر حجز جديد برقم 2 لسنة 32 ق، وأنه لذلك يصمم على طلباته. وردا على الدعوى فقد أودع المدعى عليه (الطاعن) مذكرة أفاد فيها بأنه يملك مصنعا للحلويات يقوم بانتاج الشربات فى عبوة زجاجية مسجلة تحمل علامة تجارية مسجلة باسم المصنع طبقا لقانون العلامات التجارية، وبناء على بلاغ مقدم ضده من المدعى اتهمه فيه بتقليد النموذج الصناعى لزجاجة الشربات الخاصة بمصنعه فقد تحرر المحضر رقم 2660 لسنة 1977 ادارى المطرية، وقررت النيابة حفظ الأوراق اداريا. الا أن المدعى سارع باقامة جنحة مباشرة ضده قيدت برقم 9282 لسنة 1977 المطرية اتهمه فيها بذات الاتهام المحرر عنه المحضر سالف البيان. وبجلسة 1/ 3/ 1978 قضت المحكمة حضوريا ببرائته مما أسند اليه وفى الدعوى المدنية برفضها وتلك تأسيسا على اختلاف حجم الزجاجة التى ينتجها المدعى بالحق المدنى، فضلا عن أن جميع بيانات المصنع ملك المدعى عليه مثبته على الزجاجة مما لا يلتبس معه الأمر على المشترى الذى يبحث عن اسم المنتج دون شكل الزجاجة. وفضلا عن ذلك فان المدعى عليه حصل على ترخيص النموذج الصناعى المقول بتقليده، ومن ثم ينتفى قصد الغش. ولقد استأنف المدعى الدعوى المدينة فى القضية سالفة الذكر وقيد استئنافه برقم 1224 لسنة 1978 س. مصر ولم تستأنف النيابة العامة الدعوى الجنائية، وبجلسة 30/ 5/ 1978 قضى حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وبرفضه موضوعا. استطرد المدعى عليه (الطاعن) الى القول بأنه من المقرر أن الحكم النهائى الصادر من محاكم جهة قضائية فى حدود ولايتها يكتسب قوة الأمر المقضى أمام محاكم الجهة القضائية الأخرى، وأنه متى كان ذلك وكان الحكم الصادر فى الجنحة رقم 9283 لسنة 1977 قد تأيد استئنافيا بعد أن فصل نهائيا فيما نسب اليه من اتهام تقليد النموذج الصناعى الخاص بالمدعى، وحازت هذه الأحكام قوة الأمر المقضى به، فتلتزم محكمة القضاء الادارى عند فصلها فى الدعوى الماثلة بهذا القضاء، ويتعين تبعا لذلك رفض الدعوى. وقد قضت المحكمة بجلسة 17/ 8/ 1982 بشطب النموذج الصناعى الخاص بالمدعى عليه الأول والمسجل برقم 2344 فى 11 من ديسمبر سنة 1976 وبصحة اجراءات تنفيذ أمر الحجز التحفظى رقم 1 لسنة 32 ق، وبعدم اختصاصها بنظر ما عدا ذلك من طلبات. وأقامت قضاءها على أن الزجاجة التى قام المدعى (المطعون ضده الأول) بتسجيلها تحمل خصائص النموذج الصناعى طبقا لنص المادة 37 من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية، ومن ثم تتمتع بحماية خاصة مؤداها أن يمتنع تسجيل نموذج صناعى مماثل لها، كما يمتنع أيضا صنع زجاجة أخرى بذات المواصفات طوال مدة الحماية التى قررها القانون، ويكون لصاحب الشأن أن يطلب الحكم ببطلان تسجيل أى نموذج صناعى يكون مماثلا للنموذج الذى سبق تسجيله باسمه طبقا لنص المادة 44 من ذات القانون. والثابت أن المدعى عليه الأول (الطاعن) قد سجل نموذجا صناعيا لزجاجة مثلثة الأضلاع لتعبئة الشربات قيد تحت رقم 2344 بتاريخ 11/ 2/ 1976 يكاد يماثل النموذج الذى سبق للمدعى (المطعون ضده الأول) تحت رقم 1967 فى 22/ 4/ 1972 والذى مازالت فترة الحماية المقررة قانونا قائمة حيث تم تحديد التسجيل لمدة خمس سنوات لمدة ثالثة بذات فى 22/ 4/ 1982، ولا يحاج فى هذا الخصوص بالحكم الجنائى الصادر فى القضية رقم 9938 لسنة 1977 جنح المطرية، وذلك أن الأسباب التى قام عليها هذا الحكم لتبرئة المدعى عليه الأول تتعلق بنفى القصد الجنائى، وهو غش المستهلك وعن طلب التعويض وطلب مصادرة واتلاف زجاجات وقوالت أدوات المدعى عليه الأول فقد قضت المحكمة بأن هذين الطلبين يخرجان عن اختصاصها المحدد وفقا لنص المادة 30 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، اذ هما لا يتعلقان بالغاء قرار ادارى أو التعويض عنه ولايعتبران من قبيل المنازعات الادارية وانما قد يصلحان موضوعا لدعوى مستقلة يقيمها المدعى أمام المحاكم المدنية. وعن الطلب الرابع الخاص بصحة اجراءات تنفيذ الأمر التحفظى رقم 1 لسنة 32 ق الصادرة فى 15/ 3/ 1978 فالثابت أن هذا الأمر قد صدر من السيد المستشار رئيس محكمة القضاء الادارى فى حدود الاختصاص المقرر له بموجب نص المادة 49 من القانون رقم 132 لسنة 1949 معدلة بالقانون رقم 650 لسنة 1955، ومن ثم فان أى تظلم من هذا الأمر أو من اجراءات تنفيذه يدخل فى اختصاص المحكمة الصادر منها الأمر وهى محكمة القضاء الادارى. فاذا تصدت محكمة مدنية لأى منازعة من هذا القبيل فيعد عملها خروجا عن حدود ولايتها ولا يحوز بالتالى أية حجية أمام القضاء الادارى، بحسبان أن توزيع العمل القضائى بين جهات قضائية مختلفة يعتبر من النظام العام. وعلى ذلك فان الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة الأولى) مستأنف مستعجل القاضى بعدم الاعتداد بأمر الحجز رقم 1 لسنة 32 ق وبالحجوز الموقعة بتاريخ 9/ 4/ 1978 تنفيذا له لا يحوز أية حجية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الماثلة، ولا يعقد به. خصوصا وأن هذا الحكم قام على سبب حاصله أن المدعى لم يقم برفع دعواه الادارية خلال ثمانية أيام من تاريخ توقيع الحجز التحفظى على الزجاجات المملوكة للمدعى عليه الأول (الطاعن) والتى زعم أنها جاءت تقليدا لزجاجاته - والثابت خلافا للسبب الذى قام عليه هذا الحكم - أن أمر الحجز التحفظى رقم 1 لسنة 32 ق قد نفذ بتاريخ 9/ 4/ 1978، وفور تنفيذه بادر المدعى الى رفع دعواه الماثلة بتاريخ 15/ 4/ 1978 أى خلال الثمانية أيام التالية لتوقيع الحجز على زجاجات المدعى عليه الأول وفى حدود الميعاد الذى نصت عليه المادة 49 من القانون رقم 132 لسنة 1949 المشار اليه. وانتهت المحكمة الى القضاء بما سبق بيانه فى حكمها المطعون فيه.
ومن حيث أن الطاعن ينعى على الحكم ما شابه من خطأ فى تطبيق القانون وما اعتور أسبابه من قصور باهداره لحكم صادر من القضاء الجنائى، حائز لقوة الأمر المقضى فى الجنحة المباشرة رقم 9283 لسنة 1977 المطرية التى سبق للمطعون ضده الأول أن أقامها ضد الطاعن وقضى فيها بالبراءة من تهمة تقليد النموذج محل الطعن. وهو حكم تأيد استئنافيا بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 1224 لسنة 1979 س. مصر وقد تطرق الحكم فى أسبابه الى اثبات اختلاف النموذج الخاص بالطاعن عن النموذج الخاص بالمطعون ضده الأول. ولما كانت الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق بحيث لا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، كما أن من المقرر قانونا أن الأحكام تحوز قوة الشئ المحكوم فيه ليس فقط بالنسبة لما نصت عليه فى منطوقها، بل بالنسبة لجميع المسائل الفرعية أو الأساسية التى تكون قد فصلت فيها فصلا ظاهرا من الأسباب، وتكون للأسباب المكملة للمنطوق حجيتها متى كانت مرتبطة بالمنطوق ارتباطا وثيقا بحيث لا تقوم له قائمة الا بها، وتكون معه وحدة لا تتجزأ بحيث يرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضى، فاذا ما كان الحكم الجنائى قد بحث بافاضة مسألة تقليد النموذج، وانتهى الى اختلاف كل من النموذجين عن الآخر، ثم حكم ببراءة الطاعن استنادا الى ذلك، فلا يجوز لمحكمة القضاء الادارى أن تناقش هذه المسألة مرة أخرى وتنتهى فيها الى وجود التقليد، ثم تحكم بشطب طلب النموذج الخاص بالطاعن، اذ هى بذلك تكون قد خالفت أحكام القانون. ويتعين استنادا الى هذا الغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. واستطرد الطاعن الى القول بأن محكمة القضاء الادارى قد ذكرت فى حكمها المطعون عليه أن النموذج محل الطعن يكاد يماثل النموذج الذى سبق تسجيله للمطعون ضده الأول، وعبارة "يكاد يماثل" كفيلة وحدها بتعييب التسبيب، اذ أن الأحكام يجب أن تكون قاطعة لأنها عنوان الحقيقة أو هى الحقيقة بعينها. هذا فضلا عما هو ثابت من اختلاف النموذجين حسبما انتهى اليه القضاء الجنائى فى حكمه النهائى الذى جاز قوة الأمر المقضى، الا أن محكمة القضاء الادارى أهدرت هذه الحجية مما يجعل حكمها جديرا بالالغاء.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الزجاجة التى قام المطعون ضده بتسجيلها تحمل خصائص النموذج الصناعى وفقا للمفهوم الوارد فى المادة 37 من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية، فهى زجاجة ذات شكل ثلاثى مبتكر له خصائصه الذاتية التى تحمل لمسة جمالية مبتكرة تضفى على منتجات المطعون ضده سمة تجعله يتمايز عن غيره من المنتجات المتماثلة.
ومن حيث أن تسجيل زجاجة المطعون ضده الذى تم فى 22/ 4/ 1972 بوضعها نموذجا صناعيا من شأنه أن يضفى على النموذج المذكور حماية قانونية مزدوجة، مؤداها عدم جواز صنع نموذج مماثل وعدم جواز تسجيل هذا نموذج بشأن طوال مدة الحماية التى قررها القانون. ويكون لصاحب الشأن سلوك سبيل الدعوى الادارية أو الجنائية أو الجمع بينهما، وفى هذا الشأن نصت المادة 46 من القانون رقم 132 لسنة 1949 المشار اليه على أن لكل ذى شأن أن يطلب من محكمة القضاء الادارى شطب تسجيل الرسم أو النموذج اذا لم يكن جديدا وقت التسجيل أو اذا تم التسجيل باسم شخص غير المالك الحقيقى للرسم أو النموذج، وتقوم ادارة الرسوم والنماذج الصناعية بهذا الشطب متى قدم لها حكم بذلك حائز لقوة الشئ المقضى به "كما نصت المادة 48 من ذات القانون على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعى تم تسجيله وفقا لهذا القانون، ويعتبر الرسم أو النموذج مقلدا اذا كان يثير اللبس والتشابه بين الرسم الحقيقى بحيث يتعذر تمييز كل منها عن الآخر".
ومن حيث أن الثابت أن الطاعن قد قام بتاريخ 11/ 12/ 1976 بتسجيل نموذجى صناعى لزجاجة ثلاثية الأضلاع لتعبئة الشربات مماثلة للزجاجة التى سبق للمطعون ضده أن سجلها لتعبئة الشربات أيضا وقد وقع هذا التسجيل خلال فترة الحماية المقررة للنموذج الصناعى الخاص بالمطعون ضده، وهى الخمس سنوات التالية لتسجيل هذا النموذج فى 22/ 4/ 1972، فمن ثم يكون للمطعون ضده الذى قام بتحديد هذا التسجيل لمدة خمس سنوات تالية بدأت فى 22/ 4/ 1982 الحق فى طلب شطب هذا التسجيل، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الصواب اذ قضى بذلك.
ومن حيث أنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن القائم على أن الحكم المطعون فيه قد أهدر حجية الحكم الجنائى فان قضاء هذه المحكمة يجرى على أنه ولئن كان القضاء الادارى يتقيد بما تثبته المحكمة الجنائية فى حكمها من وقائع، فانه لا يتقيد بالتكيف القانونى لهذه الوقائع. واذ كانت جريمة تقليد الرسم أو النموذج الصناعى كما ورد النص عليها فى المادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 جريمة عمدية لها أركانها التى يجب توافرها جميعها ومن بينها قصد الغش فان الدعوى الادارية بطلب شطب النموذج المقلد لها بدورها شروطها وضوابطها، ومن هنا فلقد يصدر الحكم الجنائى بالبراءة استنادا الى عدم توافر ركن من أركان الجريمة كقصد الغش، بينما يصدر الحكم الادارى بالشطب استنادا الى توافر فعل التقليد وقيام التشابه بين النماذج الصناعية. وعلى ذلك فان حجية الحكم الجنائى تكون واجبة الاحترام أولا يعتد بهذا وفقا لما أثبته الحكم الجنائى فى أسبابه من توافر ركن التقليد وقيام التشابه من عدمه، بحيث يؤدى انتقاؤه الى الحكم بالبراءة. ومرد الأمر فى النهائية الى واقع الحال فى كل حالة على حدة وفقا لظروفها وملابساتها فى ضوء الأسباب التى يقوم عليها الحكم والتى تكون مرتبطة بمنطوقه ارتباط السبب بالنتيجة.
ومن حيث أنه يبين من الحكم الابتدائى الصادر فى القضية رقم 9283 لسنة 1977 جنح المطرية بتاريخ 14/ 3/ 1978 ببراءة الطاعن، والذى تأيد استئنافيا لأسبابه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 1224 لسنة 1978 استئناف مصر الصادر فى 30/ 5/ 1978، أنه أقام قضاءه بالبراءة على أن "الثابت أن المتهم (الطاعن) قد تحصل على ترخيص النموذج الصناعى الذى يستخدمه فى تعبئة الشربات، فضلا عن كون كل زجاجة مكتوب عليها ماركتها واسم المصنع المنتج بما لايدع مجالا للمشترى أن يلتبس عليه أمر التمييز بين انتاج كل مصنع، انما المستهلك يبحث عن اسم المصنع الذى يشتهر انتاجه بالجودة والامتياز، ولا يبحث فى ذلك عن شكل خاص للزجاجات سواء كانت مثلثة أم مربعة أم مستديرة، فالعبرة بما تحويه الزجاجة نفسها من انتاج يحمل اسم شركة منتجها عليها، ليميز المستهلك بين انتاج المصانع المختلفة. فالذى تعود على انتاج شركة (جوربى) مثلا لا يهمه شكل الزجاجة بقدر ما يهمه اسم جروبى الملصق على الزجاجة ذاتها وهكذا فى أسماء جميع الشركات المنتجة للحلوى السائلة، طالما أثبتت اسمها وبياناتها كاملة على الزجاجة. ومن ثم ينتفى قصد غش المستهلك بالنسبة لشكل الزجاجات، وتكون التهمة غير ثابتة فى حق المتهم، الأمر الذى يتعين معه القضاء ببراءته عملا بنص المادة 304/ 1 اجراءات جنائية. "فالحكم لم يتعرض من قريب أو بعيد لبحث عناصر تقليد النموذج الصناعى عند بحثه لتهمة التقليد التى وجهها المطعون ضده الى الطاعن (المتهم)، وانما أقام قضاءه بالبراءة على مجرد انتفاء قصد الغش استنادا الى قيام الطاعن بتسجيل النموذج الصناعى دون أن يتعرض لسبق تسجيله باسم المطعون ضده وكذلك على اختلاف البيانات التجارية فى كل من النموذجين، وذلك على الرغم من اختلاف محل ونطاق تطبيق القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والنماذج الصناعية والقانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات والعلامات التجارية التى تتعلق بعدد البضائعى أو مقدارها أو مقاسها والجهة التى صنعت فيها والعناصر الداخلة فى تركيبها واسم المنتج أو الصانع وغير ذلك من بيانات، فلكل من هذين القانونين أحكامه وضوابطه فى مجال الحماية القانونية والتحريم. على ذلك فحجية الحكم الجنائى لا تعدو البراءة لانتفاء قصد الغش وتقصير عن تحقق التقليد القائم بشطب النموذج المقلد فهو محل اختصاص القضاء الادارى وما قصر عن حجية الحكم الجنائى وتقيم محكمة القضاء الادارى وهى تقضى فى طلب شطب النموذج المقلد قضاءها فى حدود ما يثبت أمامها من قيام ركن التشابه دون اعتداد بتوافر قصد الغش لاختلاف محل الحماية القانونية أمام القضاء الادارى وأمام المحكمة الجنائية.
ومن حيث أنه عما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور فى السبب لقوله أن النموذجين يكادان يتماثلان، وأن عبارة "يكاد يتماثل" التى استخدمها الحكم تفيد عدم اليقين فى قيام التشابه، وأن الأحكام يجب أن تقوم على اليقين، وبالتالى فقد كان على الحكم أن يكون قاطعا فى قيام التماثل لأنه عنوان الحقيقة أو هو الحقيقة بعينها فان هذا القول بضرورة قيام التماثل الكامل بين النموذجين هو أمر لم يتطلبه القانون رقم 132 لسنة 1949 فى المواضع التى أشار فيها الى التقليد أو التشابه. اذ يكفى بصريح نص المادة 48 فقرة ثانية من القانون المذكور لكى يعتبر الرسم أو النموذج مقلدا أن يثير اللبس والتشابه مع الرسم أو النموذج الحقيقى بحيث يتعذر تمييز كل منهما عن الآخر "على ذلك فلا يسوغ فى هذا المقام تطلب التماثل والتطابق لأن هذا من باب أولى سيكون أكثر صور التقليد والتشابه وضوحا، وانما يكفى مجرد اثارة اللبس والتشابه بحيث يتعذر على المستهلك التمييز. وهذا أمر يتحقق على وجه القطع واليقين وفقا للأثر الذى يتركه كل من الرسمين أو النموذجين فى الذهن متى نظر اليهما على التوالى: فاذا كانت الصورة التى يتركها الرسم أو النموذج المقلد فى الذهن تستحضر صورة الرسم أو النموذج الحقيقى فالتقليد قام، اما اذا انعدم هذا التداعى فالرسمان أو النموذجان مختلفان ومن هنا فالعبره فى قيام التقليد بتوافر بعض عناصر التشابه فى خطوط أو كتلة التصميم بحيث يؤدى الشكل العام للنموذج الى اثارة هذا اللبس فى ذهن المشاهد بما يؤدى الى الخلط بين النموذجين فاذا لم يتحقق هذا التداعى بين النموذجين فلا يكون ثمة تقليد، حتى ولو قام بعض التماثل بين العناصر الأساسية التى يقوم عليها التصميم.
ومن حيث أنه متى كان الأمر كذلك فلا تثريب على الحكم ان هو استخدم عبارة "يكاد يماثل" للتدليل على قيام التشابه وتحقيق التقليد، لأن الأمر ليس مرده التطابق وانما يكفى قيام التشابه على نحو ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه.
من حيث أنه وبناء على ما تقدم وفى ضوء ما انتهت اليه الهيئة المشكلة وفقا لحكم المادة (54) مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984، من عدم التزام محاكم مجلس الدولة وبالفصل فى الدعاوى المحالة اليها من جهة قضائية أخرى طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات اذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى المحدد لها قانونا، فى الدعاوى المرفوعة ابتداء أمامها أن تحيلها الى المحكمة المختصة اذا تبين لها عدم اختصاصها بنظرها، فان الحكم المطعون فيه وقد قضى بشطب النموذج الصناعى الخاص بالطاعن بصفة اجراءات تنفيذ أمر الحجز التحفظى رقم 1 لسنة 32 ق بعدم اختصاصها بنظر ما عدا ذلك من طلبات على التفصيل السابق ايراده وللأسباب التى قام عليها - يكون قد جاء متفقا مع صحيح الواقع وحكم القانون ويتعين بناء على ذلك الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وبالزام الطاعن بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.