مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1865

(256)
جلسة 24 من يونيو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيونى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمود البيار وشفيق محمد سليم مصطفى وفاروق على عبد القادر وكمال زكى عبد الرحمن اللمعى المستشارين.

الطعن رقم 3746 لسنة 29 القضائية

دعوى - الحكم فى الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والاحالة - حجيته.
المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا يجوز الزام محاكم مجلس الدولة بالتصرف فى دعاوى ومنازعات تخرج بطبيعتها عن حدود الأصل الدستورى المحدد لاختصاص مجلس الدولة ولا تندرج فى عداد المسائل التى تختص بها قانونا المحاكم التابعة له استنادا الى ظاهر نص المادة (110) من قانون المرافعات لمجرد احالة الدعوى من محكمة تابعة لجهة قضائية أخرى حتى لا يؤدى ذلك الى أن يكون اختصاص كل جهة قضائية متروكا لقضاء الجهة الأخرى - القول بعكس ذلك يترتب عليه نتائج شاذة مثال ذلك: - أن يطعن بالنقض فى حكم بعدم الاختصاص والاحالة ثم يقضى بنقضه فى وقت يكون قد صدر فى الموضوع أحكام من محكمة القضاء الادارى أو المحكمة الادارية العليا - أساس ذلك: - ما جاء بالمذكرة التفسيرية بشأن المادة (110) من قانون المرافعات من أن مبنى تعديل هذا النص هو العدول عما كان القضاء مستقرا عليه من عدم جواز الاحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص اذا كان ذلك راجعا الى سبب يتعلق بالوظيفة - كان مبنى هذا القضاء هو فكرة استقلال الجهات القضائية - هذه الفكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره فى جهتين تتبعان سيادة واحدة - لا يصدق ذلك الا على قضاء القانون الخاص بعد الغاء المحاكم المختلطة سنة 1949 والمحاكم الشرعية والمالية سنة 1955 وانحصار هذا القضاء فى جهة واحدة هى قضاء المنازعات المدنية والتجارية والأحوال الشخصية التى تقوم جهة القضاء الجنائى الى جانبها - هاتان الجهتان تتبعان سيادة واحدة هى محكمة النقض - مؤدى ذلك: - عدم سريان المفهوم السابق على محاكم مجلس الدولة - أساس ذلك: - أن محاكم مجلس الدولة لا تخضع لأية سيادة قضائية خارج نطاق المجلس - يضاف الى ذلك أن تطبق قانون المرافعات المدنية والتجارية على القسم القضائى بمجلس الدولة هو تطبيق احتياطى وثانوى ومشروط بعدم وجود نص فى قانون المجلس وعدم تعارض نصوص قانون المرافعات مع طبيعة المنازعة الادارية ونظام المجلس وأوضاعه نصا وروحا - نتيجة ذلك: عدم جواز تطبيق نص المادة (110) من قانون المرافعات اذا كان من شأن ذلك المساس باختصاص مجلس الدولة - مؤدى ذلك: - أنه اذا كانت المادة (110) سالفة البيان بصياغتها الحالية تنص على التزام المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها والفصل فيها فان خطابها موجه الى المحاكم التى ينظم قانون المرافعات والاجراءات أمامها وهى المحاكم التى حددها قانون السلطة القضائية دون محاكم مجلس الدولة - تطبيق.
مجلس الدولة - محاكمة - ولاية المحكمة عند الفصل فى حكم بعدم الاختصاص والاحالة.
متى تبين لمحاكم مجلس الدولة عند نظر الدعوى بناء على حكم بعدم الاختصاص والاحالة انها غير مختصة ولائيا بنظرها فلها أن تحكم بعدم اختصاصها أيضا دون الاحالة - أساس ذلك: - استنفاد جهة القضاء العادى ولايتها بالحكم الصادر منها بعدم الاختصاص والاحالة الى المحكمة التأديبية - تطبيق [(1)].


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 29/ 9/ 1983 أودع محامى البنك الطاعن - سكرتارية المحكمة الادارية العليا - تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3746 لسنة 29 ق ضد/ ...... فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 1/ 8/ 1983 فى الدعوى رقم 51 لسنة 10 ق والذى قضى:
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطعن وباختصاصها.
ثانيا: بعدم جواز نظر الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة السابقة الفصل فيه.
ثالثا: بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء القرار السلبى بامتناع بنك مصر عن تسليم الطاعن العمل وما يترتب على ذلك من آثار.
رابعا: الزام بنك مصر بصرف مبلغ خمسمائة جنيه كتعويض عن حرمانه من راتبه طوال مدة ابعاده عن العمل.
وقد طلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى موضوع الطعن الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه بجميع أجزائه ورفض دعوى المطعون ضده.
أحيل الطعن الى هيئة مفوضى الدولة التى قامت بتحضيره وأودعت تقريرا برأيها القانونى انتهى الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعى.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 3/ 1986.
وبها حضر محامى المطعون ضده الأول، وبجلسة 7/ 5/ 1986 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 20/ 5/ 1986 وفيها تقرر حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 24/ 6/ 1986 وقد تم النطق بالحكم فى هذه الجلسة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث ان عناصر المنازعة الراهنة - حسبما يبين من الأوراق - تتلخص فى ان المطعون ضده أقام الدعوى رقم 251 لسنة 1971 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 24/ 7/ 1970 ضد كل من:
1 - الممثل القانونى لبنك مصر.
2 - الممثل القانونى للبنك المركزى.
طالبا الحكم على المدعى عليه الأول وفى مواجهة المدعى عليه الثانى بصفتهما بأن يؤدى اليه مرتبه خلال مدة وقفه عن العمل والزامه بدفع مبلغ 10.000 جنيه (عشرة آلاف جنيه) كتعويض عن الفصل التعسفى والمصروفات وأتعاب المحاماة، وقال شارحا دعواه أنه كان يعمل بالبنك المصرى العربى بوظيفة محاسب وبعد حصر البنك أراد المندوب المفوض أن يتخلص منه بسبب خلافات شخصية بينهما فدبر له اتهاما بأنه اختلس مبلغ 19.000 جنيه (تسعة عشر ألف جنيه) وذلك خلال المدة من 17/ 5/ 1961 الى 8/ 7/ 1961 وقيدت الواقعة جنحة برقم 11292 لسنة 1962 جنح عابدين وبناء على ذلك قام البنك بايقافه عن العمل لحين الفصل فى هذه الجنحة وبتاريخ 10/ 5/ 1970 قضت محكمة الجنح المستأنفة ببراءته ورفض الدعوى المدنية، وعلى اثر ذلك تقدم المدعى عليه الأول بطلب لاعادته الى عمله وانهاء وقفه الا أنه رفض، وبما أن هذا المسلك يخالف حكم المادة 68 من القرار الجمهورى رقم 3309 لسنة 1966 فقد أقام المدعى دعواه هذه للحكم له بطلباته المبينة آنفا فى صحيفة الدعوى وبجلسة 4/ 12/ 1973 حكمت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليعهد الى أحد خبرائه بالاطلاع على ملف الدعوى وما به من مستندات، وقد أودع الخبير تقريره فى الدعوى وبجلسة 25/ 11/ 1975 حكمت محكمة شمال القاهرة الابتدائية:
أولا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من المدعى عليه الأول وبقبولها.
ثانيا: برفض الدعوى بالنسبة للشق الخاص بطلب التعويض عن الفصل التعسفى وأعفت المدعى من مصروفات هذا الشق.
وقد أحيل هذا الشق من الدعوى الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التعليم وملحقاتها حيث قيد بجدولها تحت رقم 51 لسنة 10 ق وتدوول نظره بالجلسات. وبجلسة 3/ 4/ 1979 دفع الحاضر عن بنك مصر بعدم اختصاص المحكمة التأديبية ولائيا بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها عن غير ذى صفة.
وبجلسة 1/ 8/ 1983 حكمت المحكمة التأديبية فى هذه الدعوى:
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانيا: بعدم جواز نظر الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة لسابقة الفصل فيه.
ثالثا: بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء القرار السلبى بامتناع بنك مصر عن تسليم الطاعن العمل وما يترتب على ذلك من آثار.
رابعا: بالزام بنك مصر بصرف مبلغ 500 جنيه (خمسمائة جنيه) للطاعن كتعويض عن حرمانه من راتبه طوال مدة ابعاده عن العمل.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس انه بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص ولائيا بنظر الدعوى فانه يرد عليه بأن الدعوى محالة الى المحكمة من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بموجب حكم صادر فيها ومن ثم فانه طبقا للمادة 110 من قانون المرافعات تلتزم المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها ولا تعاود البحث فى الاختصاص.
وبالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة فقد سبق الفصل فيه بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 251 لسنة 1972 عمال كلى شمال القاهرة، وعن الامتناع عن تسليم المدعى عمله بالبنك المدعى عليه فقد انتهت المحكمة الى أن هذا الامتناع ليس له ما يبرره بعد أن حكم ببراءة المدعى فى الجنحة المقامة وأصبحت ساحته بريئة من أى خطأ الأمر الذى يستوجب كذلك صرف مرتبه طوال مدة وقفه بغير حق عن مزاولة عمله وتعويضه بمبلغ 500 جنيه.
ومن حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون لما يأتى:
أولا: ان الحكم المطعون فيه قد ساير ما ذهب اليه الخبير من أن بنك مصر يعد خلفا خاصا للبنك المصرى العربى وهذا لا يصادف الواقع ولا القانون، وذلك لانه بتاريخ 27/ 11/ 1962 صدر قرار المؤسسة المصرية العامة للبنوك بتصفية البنك المصرى العربى وبتعيين السيد/ رئيس مجلس ادارة المؤسسة مصفيا له الذى أناب عنه فى ذلك السيد/ رئيس مجلس ادارة بنك مصر (الطاعن) أى ان بنك مصر كان وكيلا عن المصفى الأصلى وهو رئيس مجلس ادارة مؤسسة البنك الذى حل محله بعد ذلك رئيس مجلس ادارة البنك المركزى المصرى الذى قام بصفته مصفيا أصليا بتوزيع العاملين بالبنك المصرى العربى على البنوك القائمة حتى ذلك التاريخ ولم يكن المطعون ضده من بين العاملين الذين قرر البنك المركزى توزيعهم على البنوك القائمة ومن بينها بنك مصر لانه كان فى ذلك التاريخ موقوفا عن العمل بسبب اتهامه فى جنحة الاختلاس، ثم اشترى بنك مصر (الطاعن) ناتج تصفية البنك المصرى العربى بموجب عقد البيع المؤرخ 24/ 9/ 1969 وبموجب هذا العقد انتقلت الى بنك مصر مجموع الحقوق والالتزامات المالية للبنك المصفى وليس البنك المصفى كامل.
ومن حيث ان المطعون ضده الأول تنحصر طلباته فى الدعوى المقامة ضد البنك الطاعن فى طلب الغاء القرار السلبى بالامتناع عن اعادته الى عمله بالبنك وصرف مرتبه عن مدة وقفه عن العمل.
ومن حيث ان موضوع هذه الدعوى يخرج عن الاختصاص الولائى لمحاكم القسم القضائى بمجلس الدولة ذلك ان هذه المنازعة تتعلق بأحد العاملين بالبنوك وهى من شركات القطاع العام ومن ثم فان الجهة القضائية المختصة أصلا بها هى المحاكم العمالية التابعة لجهة القضاء العادى لانها لا تدخل فى مجال الطعن فى القرارات التأديبية الصادرة ضد العاملين بالقطاع العام ومن ثم تخرج عن دائرة اختصاص المحاكم التأديبية كما تحدده المادتان 10، 15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة، كما انها لا تدخل فى اختصاص المحاكم الادارية ولا تدخل فى اختصاص محكمة القضاء الادارى بحسب الحصر الوارد فى نص المادتين 10، 13 من قانون مجلس الدولة المشار اليه.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد انتهى فى صدد تفسير نص المادة 110 من قانون المرافعات وتحديد نطاق تطبيقها أمام محاكم مجلس الدولة على أنه لا يجوز الزام محاكم مجلس الدولة بالتصرف فى منازعات تخرج بطبيعتها عن حدود الأصل الدستورى المحدد لاختصاص مجلس الدولة ولا تتدرج فى عداد المسائل التى تختص بها قانونا المحاكم التابعة له استنادا الى ظاهر نص المادة 110 من قانون المرافعات لمجرد احالتها اليه من محكمة تابعة لجهة قضائية أخرى حتى لا تؤدى الى أن يكون اختصاص كل جهة قضائية متروكا لقضاء الجهة الأخرى - حسبما تراه فى تكييف الدعوى المطروحة أمامها وحتى لا يترتب على القول بعكس ذلك نتائج شاذة كما لو طعن بالنقض فى الحكم بعدم الاختصاص والاحالة وقضى بنقضه وفى هذه الحالة لا تلغى كل الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض ومن بينها ما قد يكون قد صدر من أحكام فى موضوع الدعوى المحالة من محكمة القضاء الادارى وحتى من المحكمة الادارية العليا، ويقطع فى ذلك ويؤكد، ما جاء بالمذكرة التفسيرية بشأن نص المادة 110 من أن مبنى تعديل هذا النص هو العدول، عما كان القضاء مستقرا عليه من عدم جواز الاحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص اذا كان ذلك راجعا الى سبب متعلق بالوظيفة وكان مبنى هذا القضاء هو فكرة استقلال الجهات القضائية وهى فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره فى جهتين تتبعان سيادة واحدة، وهو ما لا يصدق الا على قضاء القانون الخاص بعد الغاء المحاكم المختلطة سنة 1949 ثم المحاكم الشرعية والملية سنة 1955 وانحصار هذا اللقاء فى جهة واحدة هو قضاء المنازعات المدنية والتجارية والأحوال الشخصية ويقوم الى جانبها جهة القضاء الجنائى وهاتان الجهتان تتبعان سيادة واحدة هى سيادة محكمة النقض، وواضح ان ذلك لا يسرى على محاكم مجلس الدولة التى لا تخضع لأية سيادة قضائية خارجة عن نطاق المجلس. بل ان تنظيم الفصل فى تنازع الاختصاص الايجابى والسلبى على الوجه الذى حدده القانون رقم 81 لسنة 1969 باصدار قانون المحكمة العليا والقانون رقم 48 لسنة 1979 باصدار قانون المحكمة الدستورية العليا وهما صادران بعد تعديل المادة 110 فى صياغتها الحالية ليقطع فى أن المشرع جعل تنازع الاختصاص بين القضائية العادى والادارى من اختصاص المحكمة العليا ثم المحكمة الدستورية العليا متصورا فى ذلك عدم التزام أى من القضائية بالاحالة الصادرة اليه من الآخر مما يؤدى حتما الى تنازع الاختصاص السلبى ومما يعنى عدم سريان حكم المادة 110 من قانون المرافعات فى العلاقة بين الجهات القضائية، فضلا عن أن محاكم مجلس الدولة لا تخضع لسيادة قانون المرافعات المدنية والتجارية لان المستقر عليه فى قضاء المحكمة الادارية العليا ان نصوص قانون المرافعات المدنية والتجارية لا تطبق أمام القضاء الادارى الا فيما لم يرد به نص خاص فى قانون مجلس الدولة وبالقرار الذى لا يعارضه نصا وروحا وجامع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة وطبيعة المنازعة الادارية وطبقا لنص المادة 3 من قانون اصدار قانون مجلس الدولة تطبق الاجراءات المشار اليها فى هذا القانون أما فيما لم يرد به نص فى هذا القانون تطبق أحكام قانون المرافعات الى أن يصدر قانون الاجراءات الخاصة بالقسم القضائى للمجلس، وقانون المرافعات يسرى على المحاكم المحددة فى المادة الأولى من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وهى محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية والمحاكم الجزئية بل انه لا يسرى على المحاكم الجنائية التى يسرى بشأنها قانون الاجراءات الجنائية، وعلى ذلك فان تطبيق قانون المرافعات المدنية والتجارية على القسم القضائى بمجلس الدولة هو تطبيق احتياطى وثانوى ومشروط بعدم وجود نص فى قانون المجلس وعدم تعارض نصوص قانون المرافعات مع طبيعة المنازعة الادارية ونظام المجلس وأوضاعه نصا وروحا، ومن ثم فلا يجوز أن يؤدى تطبيق أى نص من نصوص القانون المذكور - كما هو شأن الفقرة الثانية من المادة 110 مرافعات الى المساس باختصاص المجلس الذى حدده الدستور والقانون نزولا على أحكام الدستور ذاته. واذ كانت المادة 110 مرافعات بصياغتها الحالية تنص على التزام المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها والفصل فيها فهى انما تخاطب المحاكم التى ينظم قانون المرافعات الاجراءات أمامها وهى المحاكم التى حددها قانون السلطة القضائية دون محاكم مجلس الدولة. واذا نص تطبيق حكم هذه الفقرة عما يتعارض نصا وروحا مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة وطبيعة المنازعة الادارية وما حدده الدستور والقوانين للمجلس من اختصاص، فان حكمها فى هذا الخصوص ينأى عن مجال التطبيق أمام محاكم مجلس الدولة حيث يؤدى تطبيقه الى مخالفة حكم الدستور والقانون بالزام هذه المحاكم بنظر منازعات تخرج عن اختصاصها.
ومن حيث ان بتطبيق هذه المبادئ على واقعة الطعن واذ كان الحكم المطعون فيه قضى باختصاص المحكمة بنظر الدعوى رقم 251 لسنة 1972 عمال كلى شمال القاهرة المحالة الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التعليم وملحقاتها والمقيدة بجدولها برقم 51 لسنة 10 ق، قد استند الى انها محالة الى المحكمة طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بحكم صادر فيها ومن ثم فانه طبقا لهذه المادة تلتزم هذه المحكمة بنظر الدعوى فانه وبالتطبيق لما تقدم يعتبر قد صدر على خلاف أحكام القانون خليقا بالالغاء مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر هذه الدعوى مع عدم الاحالة الى جهة القضاء العادى حيث استنفدت ولايتها بالحكم الصادر باحالة الدعوى الى المحكمة التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بنظر الدعوى رقم 15 لسنة 10 ق من المطعون ضده الأول.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا بالدائرة المشكلة طبقا للمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فى الطعن رقم 1845 لسنة 27 بجلسة 27/ 4/ 1986.
والذى يقضى بعدم التزام محاكم مجلس الدولة بالفصل فى الدعاوى المحالة اليها من جهة قضائية أخرى طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات اذا كانت هذه الدعاوى تخرج عن الاختصاص الولائى المحدد قانونا لمحاكم مجلس الدولة. أما فى الدعاوى المرفوعة ابتداء أمامها فلها أن تحيلها الى المحكمة المختصة اذا تبين لها عدم اختصاصها بنظرها.