مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1904

(262)
جلسة 28 من يونيو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وحسن حسنين على والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعن رقم 724 لسنة 32 القضائية

( أ ) قرار ادارى - حدود رقابة المحكمة على القرار - وقف تنفيذه.
رقابة القضاء الادارى للقرارات الادارية سواء فى مجال وقف تنفيذها أو الغائها هى رقابة قانونية تسلطها المحكمة فى الحالتين على هذه القرارات لتتعرف مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها للقانون - سلطة وقف تنفيذ القرارات الادارية مشتقة من سلطة الالغاء وفرع منها مردها الى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الادارى على القرار بوزنه بميزان القانون وزنا مناطه المشروعية - مؤدى ذلك: - أن القضاء الادارى لا يوقف تنفيذ القرار الا اذا تبين حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الالغاء عند الفصل فيه تحقق ركنين: - أولهما قيام الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها - ثانيهما: - ويتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون النعى على قرار بحسب الظاهر قائما على أسباب جدية - كلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القضاء الادارى وتخضع لرقابة المحكمة الادارية العليا - تطبيق.
(ب) جامعات - جامعة الأزهر - تأديب طلابها - ضمانات التأديب.
المادتان 246، 250 من اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961 الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 معدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 79 لسنة 1983.
أحكام التأديب وضوابطه تتدرج ضمن قاعدة أساسية تستقى منها جزئياتها وتفاصيلها وهى تحقق الضمان وتوفير الاطمئنان لذوى الشأن - يتعارض مع هذا الأصل العام اشتراك عضو لجنة التأديب (أول درجة) فى مجلس التأديب الأعلى - قرار مجلس التأديب يحمل محمل الصحة طالما صدر مستوفيا اجراءاته ما لم يقم دليل على عكس ذلك - تطبيق.
(جـ) جامعات - جامعة الأزهر - طلبة الأزهر - تأمين.
اعتبر المشرع أن كل تنظيم للطلاب داخل الجامعة أو الاشتراك فيه دون اذن سابق من السلطات الجامعية المختصة يعد مخالفة تأديبية - تطبيق.
(د) جامعات - جامعة الأزهر - طلابها - تأديبهم - تناسب المخالفة والجزاء.
متى كانت الوقائع المنسوبة للمحال فى مجلس تأديب ثابتة فى حقه وتكون مخالفات تكفى لحمل قرار مجلس التأديب فلا وجه للنعى على قرار الجزاء بالمغالاة - تطبيق.


اجراءات الطعن

وفى يوم الاثنين الموافق 3 من فبراير سنة 1986 أودع الدكتور يحيى الجمل المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ابراهيم عبد العزيز العكازى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بالجدول تحت رقم 724 لسنة 32 قضائية عليا، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 7 من يناير سنة 1986 فى الدعوى رقم 863 لسنة 40 القضائية الذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام المدعى بمصروفات هذا الطلب. وطلب الطاعن. للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر من مجلس تأديب كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر المؤيد بقرار لجنة التأديب العليا بالجامعه المذكورة بفصل الطالب عاما دراسيا كاملا 1985/ 1986 والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المشار اليه مع الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون اعلان والزام المطعون ضدهما بالمصروفات. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن ارتأت فيه قبوله شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع الزام جهة الادارة بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17 من مارس سنة 1986 وبها أبدى الطاعن أنه يدفع ببطلان انتفاء لجنة التأديب بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بتاريخ 7 من يوليو سنة 1985، كما يدفع ببطلان انعقاد مجلس التأديب الأعلى بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1985 لعدم اخطاره بتاريخ الجلسة التى تحددت لانعقاده مما يؤدى الى بطلان القرار المطعون فيه. وقد تداول نظر الطعن بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر. وبجلسة 21 من ابريل سنة 1986 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الادارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 27 من ابريل سنة 1986، وبها نظر الطعن وتداول بالجلسات على النحو المبين تفصيلا بالمحاضر وبجلسة 31 من مايو سنة 1986 قررت اصدار الحكم لجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين. وبتاريخ 5 من يونيه سنة 1986، وخلال الأجل المصرح به، أودع الطاعن مذكرة تضمنت التصميم على طلباته. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلا.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، فى أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1985 الدعوى رقم 863 لسنة 40 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالبا وقف تنفيذ والغاء القرار الصادر من مجلس تأديب كليه الشريعة والقانون بجامعة الأزهر المؤيد بقرار لجنة التأديب العليا بفصله عاما دراسيا كاملا مع الزام الجامعة بالمصروفات. وقال شرحا لدعواه أنه كان منذ التحاقه بالكليه دائب النشاط الطلابى فى اطار المشروعية ايمانا منه بأن الخدمة العامة والاهتمام بقضايا الوطن من واجب الشباب الوطنى، وقد أهله نشاطه فى هذا المجال لتولى مواقع طلابية بارزة انتهت باختيار زملائه له رئيسا لاتحاد طلاب الكلية عن العام الدراسى 1984/ 1985. وبمناسبة اعتراض الطلاب على اللوائح التى تنظم عمل الاتحادات الطلابية فقد قام بادلاء برأى الاتحاد الذى يمثله فيما وقع من أحداث وأيضا تعبيرا عن رأيه كطالب جامعى. وأكد أن ما قام به لا يخرج عن اطار المشروعية ولا يتعدى المشاركة فى المؤثرات التى عقدها الطلاب بطريق شرعى واقتراح التعديلات فى لائحة الاتحادات الطلابية. كما وافق على تبنى رغبة جموع كبيرة من زملائه لانشاء ناد للفكر العربى وقام بعرض هذه الرغبة على السيد نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب التزاما منه باطار المشروعية. وأضاف بأن عمله فى المجال الطلابى كان محل تقدير مما سجل له فى العديد من الشهادات والجوائز والأنواط التى منحت له ومنها اختياره طالبا مثاليا وقائدا مثاليا. الا أن أجهزة الأمن لم تنظر بارتياح لنشاطه، وانتهزت مناسبة التجمع الطلابى بساحة الجامعة يوم 30 من مارس سنة 1985 احتفالا بيوم الأرض وما وقع فيه من أحداث لتتقدم الى ادارة الجامعة بقوائم تضمنت أسماء العديد من الطلاب الذين نسبت اليهم المتمردين على عقد هذا الاجتماع، وجعلت منه المتهم الرئيسى رغم عدم تواجده فيه أو علمه به، وقد أحيل، مع ثلاثة من زملائه، للتحقيق بمعرفة الشئون القانونية التى انتهت الى حفظ التحقيق. الا أن السيد/ رئيس الجامعة رفض ذلك وأحال ثلاثة طلاب، منهم المدعى - الى مجالس التأديب بكلياتهم، التى انتهت الى براءة الزملاء فى حين قضت بعقابه بالفصل عاما دراسيا واحدا. وقد تظلم من هذا القرار الى نائب رئيس الجامعة ونظرت لجنة التأديب العليا التظلم بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1985 وانتهت الى رفضه، فى حين لم يكن الاخطار بحضور الجلسة قد وصله، اذ لم يصله الاخطار الا فى 20 من أكتوبر سنة 1985. وبجلسة 7 من يناير سنة 1986 أصدرت محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) حكهما المطعون فيه والقاضى بقبول الدعوى شكلا ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى بمصروفات هذا الطلب. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى قام بتجميع عدد من الطلاب يوم 30 من مارس سنة 1985 وألقى خطابا هاجم فيه العاملين بالجامعة والدولة، واعترض على تغيير الحركة الطلابية، وطالب بتغيير اللائحة التنفيذية للقانون، واعترض على اشتراك اسرائيل فى معرض الكتاب الدولى، وندد بالقبض على بعض المواطنين الذين اعترضوا على اشتراكها، كما طالب بالتضامن مع شعب فلسطين، وأخذ فى ترديد الهتافات التى تؤيد شعب فلسطين كما طالب بتكوين نادى للفكر الحر بالجامعة واتهم المسئولين فيها بالنفاق. وقدم بعض الطلبة من زملائه لالقاء خطب وقصائد شعرية فى جموع الطلبة، وكان ذلك أثناء اليوم الدراسى، داخل حرم الجامعة، مما يؤدى الى اضطراب الدراسة وعدم انتظامها واثارة الطلاب ودفعهم الى مخالفة أحكام القانون الأمر الذى يخالف النظام والأداب العامة وأحكام المادة 246 من اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961 الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 79 لسنة 1983. ويكون من شأنه تحقيق نسبة الوقائع المشار اليها فى حق المدعى قيام القرار الصادر من مجلس التأديب، بفصل المدعى من الدراسة عاما دراسيا كاملا، على أساس سليم من القانون وعلى سبب يبرره، ويكون قرار مجلس التأديب الأعلى بتأييد هذا القرار قد صدر سليما متفقا مع حكم القانون مما يكون الطعن عليه على غير أساس ويكون طلب وقف تنفيذه مفتقدا لركن الجدية ويتعين رفضه، دون حاجة لبحث ركن الاستعجال فى الطلب حيث يتعين للقضاء بوقف التنفيذ توافر ركنى الجدية والاستعجال معا.
ومن حيث أن تقرير الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه قد التفت عن أسباب العوارض فى القرار المطعون فيه وبالتالى لم يتصد لجدية طلب وقف التنفيذ، وقد حال هذا الخطأ فى تقرير ركن الجدية، دون أن تنظر المحكمة فى مدى توافر ركن الاستعجال. ويبين أن الحالة التى استدعت تدخل الجهة الادارية واصدارها القرار المطعون فيه هى، بحسب تصوير الجهة الادارية ذاتها، ما كان من تجمع الطلاب فى يوم الأرض وهتافهم ضد اسرائيل ولصالح التضامن مع الشعبين اللبنانى والفلسطينى، وقيام الطاعن خطيبا فى هذا الحشد، وعلى ذلك، وبافتراض صحة هذا التصوير جدلا، فان هذه الحالة ليست حالة واقعية تستدعى التدخل باصدار القرار المطعون فيه، ذلك أن العداء لاسرائيل أصيل لا يزيله ما قد يعقد من معاهدات، كما أن التضامن مع الشعبين الفلسطينى واللبنانى أمر طبيعى يجمع بين أشقاء. ويكون تدخل الجهة الادارية بالقرار المطعون فيه قد شابه انحراف بالسلطة اذ هى استعملت السلطة فى غير ما خصصت له. وفضلا عن ذلك، وبافتراض أن الوقائع المشار اليها تستدعى التدخل فكان يكفى أن تصدر الجهة الادارية قرارا بفض الاجتماع أو بحرمان من نسبت اليهم وقائع محددة من دخول الجامعة فى ذلك اليوم أو لعدة أيام تالية حتى تنتهى المناسبة كما كان يكفى وقد انتهى الأمر وانفض الاجتماع، أن تقوم الجامعة بلفت نظر الطلاب أو انذارهم شفاهة أو كتابة لعدم تكرار ما حدث. أما وقد أنزلت الجامعة بالطاعن ما أنزلته من جزاء فتكون قد بالغت فيه مما يعد تعسفا باستعمال السلطة ويكشف عن أن القرار قد اتخذ بغرض الانتقام الشخصى تحقيقا لأغراض سياسية. يضاف الى ذلك أن الجامعة لم تحقق دفاع الطاعن فى شأن نفيه القيام بتكوين ناد للفكر العربى مما يعيب القرار. ومع تأكيد الطاعن عدم صحة ما نسب اليه من مخالفات فانه، وبافتراض صحة نسبتها اليه، كان جديرا أن يؤخذ بالرأفة اذ يشفع له عدم توقيع أية عقوبة تأديبية قبله طوال مدة دراسته. كما يؤكد الطاعن توافر ركن الاستعجال فى طلب وقف التنفيذ اذ هو فى السنة النهائية وينتمى الى أسرة محدودة الدخل تقتطع من قوتها للانفاق على تعليم أبنائها. كما دفع الطاعن بجلسة المرافعة أمام دائرة فحص الطعون بتاريخ 17 من مارس سنة 1986 ببطلان القرار المطعون فيه لبطلان انعقاد لجنة التأديب بتاريخ 7 من يوليه سنة 1985 وبطلان انعقاد مجلس التأديب الأعلى بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1958 لعدم اخطاره بتاريخ الجلسة الا فى اليوم التالى لانعقاد المجلس مما أدى الى استحالة حضوره وابداء أوجه دفاعه. وبمذكرته المودعة بتاريخ 5 من يونيه سنة 1986 أبدى الطاعن أن القرار المطعون فيه قد شابته عيوب شكلية تؤدى الى بطلانه تتحصل فى أوجه ثلاثة، أولها بطلان تشكيل مجلس التأديب الأعلى لأن عضوى المجلس الأستاذ الدكتور/ فرغلى والأستاذ الدكتور/ يوسف عبد المقصود كانا عضوين بلجنة التأديب، كما أن تشكيل مجلس التأديب الأعلى كان مخالفا لحكم المادة 250 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأزهر التى تنص، على ما يقول الطاعن، على أن تشكل لجنة التأديب من نائب رئيس الجامعة وعميد كلية الشريعة أو أحد أساتذتها وأستاذ من الكلية التى يتبعها الطالب وأنه فى حالة قيام مانع لأحدهم أو غيابه يحل الوكيل محل العميد ويحل محل الوكيل أقدم أعضاء هيئة التدريس ويحل محل هؤلاء من يليه فى الأقدمية وقد خلا محضر لجنة التأديب (المستند الأول من حافظة الأوراق الادارية المقدمة بجلسة 31 من مايو سنة 1981) من بيان سبب تنحى كل من عميد ووكيل كلية الشريعه وبيان أن من حل محلهما هما أقدم أعضاء مجلس الكلية وأقدم أعضاء هيئه التدريس بها. والوجه الثانى بطلان اجراءات مجلس التأديب الأعلى لعدم اعلان الطاعن بموعد الجلسة لنظر تظلمه وقد عجزت الجهة الادارية عن توضيح ما اذا كان الخطاب الذى أرسلته الى الطاعن قد اتصل بعلمه وتاريخ هذا العلم، مما أدى الى عدم تمكن الطاعن من الحضور بالجلسة وابداء دفاع. والوجه الثالث ويتحصل فى عدم تحرير محضر بمداولات مجلس التأديب الأعلى حيث اقتصر المحضر المقدم من الجامعة على ايراد أن القرار هو تأييد قرار لجنة التأديب دون اشارة الى أسباب القرار والافصاح عن ثمة مداولات تمت قبل اصدار القرار.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن رقابة القضاء الادارى للقرارات الادارية سواء فى مجال وقف تنفيذها أو فى مجال الغائها هى رقابة قانونية تسلطها المحكمة فى الحالتين على هذه القرارات لتتعرف على مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها للقانون، وعلى أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الادارية مشتقة من سلطة الالغاء وفرع منها مردها الى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الادارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه المشروعية، فلا يوقف القضاء الادارى القرار الا اذا تبين له، حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الالغاء عند الفصل فيه. أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين أولهما قيام الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، وثانيهما يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون النعى على القرار، بحسب الظاهر، قائما على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القضاء الادارى وتخضع لرقابة المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أنه بمناسبة التقرير المقدم من السيد/ مدير رعاية الطلاب بجامعة الأزهر بشأن الأحداث التى وقعت بحرم الجامعة يوم 30 من مارس سنة 1985 وتضمن نسبة مخالفات لبعض الطلاب الذين حددهم التقرير، ومنهم الطاعنين، فقد أشار السيد/ نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب باطلاع بعض السادة عمداء الكليات بالجامعة، ومنهم السيد/ عميد كلية الشريعة والقانون، عليه وضمه الى نشرة الصحوة، وهى ما ورد بها نشرة غير دورية يصدرها نادى الفكر العربى بجامعة الأزهر، مع اتخاذ اللازم وفقا لأحكام المواد 246 و248 و249 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأزهر. وبتاريخ 2 من أبريل سنة 1985 أشر السيد/ عميد كلية الشريعة والقانون بأن يحال الى التحقيق الطلبة/ ابراهيم العكازى (الطاعن بالطعن الماثل) ومحسن بهنسى وعادل عبد الجليل وأيمن عباس أبو زيد، فباشرت الادارة العامة للشئون القانونية بالجامعة التحقيق معهم وانتهت الى الحفظ بالنسبة للطالب أيمن أبو زيد، الى صحة نسبة بعض المخالفات الى كل من الطالبين/ محسن بهنسى وعادل عبد الجليل، وبالنسبة للطالب/ ابراهيم العكازى انتهت الى أنه قد تحقق فى حقه أنه "خرج عن مقتضى السلوك الواجب توافره فى طالب جامعة الأزهر وذلك لقيامه بالخطابة فى جمع من الطلبة بالكافتيريا يوم 30 من مارس سنة 1985 واعترافه بتأسيس نادى للفكر والصحوة وقيامه بتقديم زملاء له لالقاء كلماتهم دون أن يرخص له بذلك مخالفا ما نصت عليه المادة 246 وبراءته من اتهامه بالبيان الموقع عليه لاثبات دعاية انتخابه لرئاسة الاتحاد وهو مجرد أفكار لبرنامج هذا الاتحاد". وبتاريخ 16 من أبريل سنة 1985 وافق السيد نائب مدير الجامعة لشئون الطلاب على احالة الطلاب المشار اليهم الى لجنة التأديب. وقد انعقدت اللجنة يومى 4 من مايو و7 من يوليه سنة 1985. والثابت من الأوراق أنها استمعت الى أقوال السيد/ مدير عام رعاية الطلاب (مقدم التقرير المؤرخ 30 من مارس سنة 1985) والى أقوال الطلبة المحالين الى التأديب وانتهت بجلستها الأخيرة الى القرار الآتى:
"أولا: فصل الطالب ابراهيم عبد العزيز العكازى عاما دراسيا كاملا للعام الدراسى 1985/ 1986.
ثانيا: براءة كل من الطالب عادل عبد الجليل والطالب محسن محمد البهنسي".
وقد جاء بأسباب القرار (المستند رقم 3 بحافظة مستندات الجامعة المودعة بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1985) بالنسبة للطاعن أنه "ثبت أن الطالب المذكور وان كان قد أنكر ما نسب اليه الا أن انكاره افتقر الى دليل يثبت تواجده فى مكان آخر غير الكافتيريا وخاصة بعد ما جاء بأقواله أنه ليس بينه وبين مدير عام رعاية الطلاب أى خلاف. وحيث ثبت تواجد الطالب ابراهيم العكازى بالكافتيريا يوم 30/ 3/ 1985 وحيث ثبت من أقوال الطالب/ عادل محمد عبد الجليل أن الطالب/ ابراهيم العكازى هو الذى كان دائما يناقشه فى نادى الفكر بحجرة الاتحاد. وحيث أنه لم يستأذن المسئولين بالجامعة فى انشاء مثل هذا النادى وجاء فى أقواله أنه مجرد خواطر وعليه يكون منسوبا اليه الشروع فى انشاء نادى للفكر دون استئذان السلطة المختصة مخالفا بذلك اللائحة الجامعية. كما جاء بأقوال الطالب/ عادل عبد الجليل من أن الطالب/ ابراهيم العكازى كان يقوم بتوزيع مجلة الصحوة وانها من عمل نادى الفكر. وحيث أنه قد خالف ما نصت عليه اللائحة الطلابية من قيامه بالخطابة بمكان عام ودعوته لانشاء نادى للفكر دون استئذان السلطة المختصة بذلك". وقد أخطر ولى أمر الطاعن بهذا القرار بكتاب صدر بتاريخ 24 من يوليه سنة 1985. فتظلم الطاعن بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1985 الى السيد/ نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب. وقامت الادارة العامة للشئون القانونية باعداد مذكرة بشأن التظلم انتهت فيها الى اختصاص مجلس التأديب الأعلى المنصوص عليه بالمادة 251 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأزهر (المعدلة له بقرار رئيس الجمهورية رقم 89 لسنة 1983) بنظر التظلم فأشر السيد/ نائب رئيس الجامعة بالموافقة على ما جاء بالمذكرة وقد تحدد لانعقاد المجلس الأعلى للتأديب جلسة 19 من أكتوبر سنة 1985 وتحرر باخطار ولى أمر الطالب بميعادها خطاب صدر بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1985 - وبالجلسة المحددة لنظر تظلم الطاعن بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1985 صدر قرار المجلس بتأييد قرار لجنة التأديب.
ومن حيث أن الطاعن ينعى على القرار بفصله عاما دراسيا 1985/ 1986 ما لحق به من عيوب شكلية واجرائية شابت تشكيل لجنة التأديب وأخرى لحقت بتشكيل من اجراءات مجلس التأديب الأعلى، وأن القرار لا يقوم على سبب صحيح فضلا عما شابه من انحراف بالسلطة.
ومن حيث أن العيب الشكلى الذى ينسب الطاعن الى تشكيل لجنة التأديب يتحصل فى أن محضر اللجنة قد تضمن حضور الدكتور/ محمود عبد الله العكازى لجنة التأديب فى حين أنه تنحى عن عضويتها ولم يشترك بها. وما يقول به الطاعن فى هذا الصدد لا أساس له من واقع. ذلك أن مما قدم من صور ضوئية لمحاضر اللجنة تخلو من بيان يفيد أن الدكتور/ محمود عبد الله العكازى كان عضوا بلجنة التأديب التى انعقدت لمساءلة الطاعن. وأنه وأن كان قد جاء بالمذكرة المؤرخة 5 من أكتوبر سنة 1985 التى أعدتها الادارة العامة للشئون القانونية للعرض على السيد/ نائب رئيس الجامعة فى شأن التظلم المقدم من الطاعن من قرار لجنة التأديب أن اللجنة قد انعقدت بتاريخ 7 من يوليه سنة 1985 برئاسة الدكتور/ عبد الفتاح حسينى الشيخ عميد كلية الشريعة والقانون وعضوية كل من الدكتور/ محمود عبد الله العكازى وكيل كلية الشريعة والقانون والدكتور/ جعفر عبد السلام أستاذ ورئيس القسم بالكلية (مستند رقم 8 من حافظة مستندات الجامعة المقدمة بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الادارى بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1985)، الا أن الجامعة قد أقرت بمذكرتها المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1985 ما أبداه الطاعن عن تنحى الدكتور/ محمود عبد الله العكازى عن عضوية لجنة التأديب لصلة القربى التى تربطهما. وقد قررت الجامعة بأن الدكتور/ جعفر عبد السلام قد حضر بدلا عنه كما اشترك فى عضوية اللجنة الدكتور/ عبد الرازق فرج أستاذ ورئيس قسم القانون الخاص بالكلية. الأمر الذى يؤكد صحته توقيع السادة المشار اليهم أعضاء اللجنة على منطوق القرار الصادر عنها بجلسة 7 من يوليه سنة 1985. وأنه وان كانت المادة 250 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 المعدلة بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 89 لسنة 1983 تنص على أن يشترك وكيل الكلية المختص فى عضوية لجنة التأديب، مما كان يستلزم بحكم النص المشار اليه اشتراك الدكتور/ محمود عبد الله العكازى وكيل الكلية فى عضوية اللجنة، الا أنه وقد قام به سبب دعاه الى التنحى عن الاشتراك بعضويتها لصلة القربى التى تربطه بالطاعن، على ما أقر به الطاعن نفسه، فانه يكون صحيحا ومتفقا مع حكم الفقرة الرابعة من ذات المادة أن يحل محله أقدم أعضاء مجلس الكلية أو أقدم أعضاء هيئة التدريس بها. فاذا كان ذلك هو ما اتبع فى شأن تشكيل لجنة التأديب بمناسبة تصديها لما نسب الى الطاعن من مخالفات فلا يكون ثمة وجه للنعى على تشكيلها. ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن مفتقدا سنده الصحيح من واقع أو قانون.
ومن حيث أنه عن سبق اشتراك عضوى مجلس التأديب الأعلى الدكتور/ محمود فرغلى والدكتور/ يوسف عبد المقصود فى عضوية لجنة التأديب المشكلة لنظر المخالفات للطاعن، فقد سبق بيان أن اللجنة المشار اليها كانت برئاسة السيد/ عميد كلية الشرعية والقانون وعضوية كل من السيدين/ الدكتور جعفر عبد السلام والدكتور عبد الرازق فرج.
وأنه وان كانت المادة (251) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 (المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 79 لسنة 1983) تنص على أن يكون تشكيل مجلس التأديب الأعلى برئاسة نائب رئيس الجامعة المختص وعضوية عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة أو أحد أساتذتها وأستاذ من الكلية التى يتبعها الطالب، فأنه وقد سبق اشتراك السيد/ عميد كلية الشريعة والقانون فى لجنة التأديب المشكلة للنظر فيما نسب الى الطاعن من مخلفات، بالتطبيق بحكم المادة (250) من اللائحة التنفيذية المشار اليها باعتباره عميد الكلية التى يتبعها الطالب، فان تنحى السيد/ عميد الكلية عن الاشتراك فى عضوية مجلس التأديب الأعلى ان صح يكون متفقا مع الأصل العام فى شأن التأديب، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. ومفاده أن أحكام التأديب وضوابطه تنطوى فى كنف قاعدة أساسية كلية تصدر عنها وتستقى منها الجزئيات والتفاصيل وهى تحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان لذوى الشأن. ومما يتعارض مع هذا الأصل العام الاشتراك فى عضوية كل من لجنة التأديب ومجلس التأديب الأعلى. فاذا كان ذلك وكانت المادة (251) المشار اليها لا تستلزم عضوية عميد كلية الشريعة والقانون بالمجلس الأعلى للتأديب فقد أوردت بأن يشترك فى عضوية المجلس عميد كلية الشريعة والقانون أو أحد أساتذة الكلية المذكورة وأستاذ من الكلية التى يتبعها الطالب، فلا يكون ثمة وجه للنعى على تشكيل المجلس. خاصة وأن الطاعن لم يحاول فى أن السيدين المذكورين/ محمود فرغلى ويوسف عبد المقصود عضوى المجلس هما من الأساتذة بكلية الشريعة والقانون ولم يسبق اشتراكهما فى لجنة التأديب الأدنى خلافا لما ادعاه الطاعن، ويكون اشتراكهما فى عضوية المجلس صحيحا، أحدهما باعتباره أستاذا بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة والآخر باعتباره أستاذا بالكلية التى يتبعها الطاعن وهى فى الخصوصية الماثلة كلية الشريعة والقانون. وغير صحيح ما ينسب الطاعن من أن المادة الخاصة بتشكيل مجلس التأديب الأعلى تنظم طريقا للحلول محل من يتنحى عن تشكيل المجلس. فلم يورد المشرع بيانا لذلك الا فى المادة (250) بشأن تشكيل لجنة التأديب. أما المادة (251) وهى بشأن تنظيم تشكيل مجلس التأديب الأعلى فقد خلت من بيان نظام الحلول محل من يغيب من أعضائها أو يقوم به المانع، واقتصرت على أن يكون تشكيل المجلس الأعلى برئاسة نائب رئيس الجامعة المختص وعضوية عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة أو أحد أساتذتها، وأستاذ من الكلية التى يتبعها الطالب. ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة. ولم يحاول الطاعن فى أن عضوى المجلس هما العضوان الصادر بعضويتهما للمجلس قرار من رئيس الجامعة.
ومن حيث أنه بشأن ما يثيره الطاعن من عدم تحرير محضر بمداولات المجلس فالثابت من الأوراق أن المجلس قد انعقد بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1985 ونودى على الطاعن، ثم صدر القرار بتأييد قرار لجنة التأديب، ومفاد ذلك أن مجلس التأديب الأعلى قد أيد القرار الصادر عن لجنة التأديب لذات الأسباب التى قام عليها هذا القرار. وأنه وان لم يورد القرار أنه صدر بعد المداولة، فان هذا الاجراء وان كان واجبا قانونا الا أن اغفال اثبات حدوثه بنص القرار لا يفيد عدم حدوثه وليس من شأنه بذاته أن يترتب عليه بطلان القرار. فالقرار يحمل على محمل الصحة طالما صدر مستوفيا اجراءاته ما لم يقم دليل على عكس ذلك. ولم يقدم الطاعن ما يشكك فى تمام المداولة بين أعضاء المجلس قبل اصدار القرار. بل ان صدور القرار بذات الجلسة التى عقدها المجلس بحضور الرئيس والأعضاء جميعا مما مفاده تداول الأعضاء جميعا فى القرار وأسبابه قبل اصداره.
ومن حيث أنه عما يثيره الطاعن عن مدى علمه بالجلسة المحددة لنظر تظلمه فى القرار الصادر من لجنة التأديب أمام مجلس التأديب الأعلى بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1985، فقد أقر الطاعن بعريضة دعواه أن الخطاب المرسل الى ولى أمره من ادارة الجامعة بتحديد ميعاد جلسة مجلس التأديب الأعلى بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1985 قد وصل اليه فى اليوم التالى للتاريخ المحدد لانعقاد المجلس، مما لا يكون مقبولا ما يثيره من شكوك حول اتصال علمه أصلا بهذا الخطاب على النحو الذى أورده بمذكرته المودعة بتاريخ 5 من يونيه سنة 1986 قلم كتاب هذه المحكمة، بعد حجز الطعن للحكم وخلال الأجل المصرح به للمذكرات. كما أنه وان كانت العبرة هى باتصال علم المحال الى مجلس التأديب الأعلى بتاريخ الجلسة المحددة لنظر تظلمه من قرار لجنة التأديب تمكينا له من ابداء دفاعه، وتحقيقا للأصل العام فى شأن التأديب من وجوب توفير الضمان والاطمئنان لذوى الشأن، الا أنه فى الخصومة الماثلة فالثابت أن ادارة الجامعة قامت بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1985 بتصدير كتابها الى ولى أمر الطاعن المتضمن تحديد يوم 19 من أكتوبر سنة 1985 لانعقاد مجلس التأديب الأعلى لنظر التظلم من قرار لجنة التأديب. ولم يقدم الطاعن أى سند يقيم ادعاءه وصول الكتاب باخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لنظر تظلمه فى اليوم التالى لهذا التاريخ، ولا يمكن الاستدلال منه على صحة هذا الادعاء، ومن ذلك المظروف المرسل اليه الذى يحمل تأشير مكتب وصول البريد. فمتى كان ذلك، وكان تصدير الكتاب يوم 12 من أكتوبر بتحديد ميعاد جلسة مجلس التأديب الأعلى، قد تم فى ميعاد معقول يتيح للطاعن، ان كان حريصا على شئونه متابعا لها، الحضور بجلسة المجلس التى تحدد لها يوم 19 من أكتوبر سنة 1985، كما أن الثابت أنه قد نودى عليه بجلسة مجلس التأديب الأعلى يوم 19 من أكتوبر سنة 1985 الا انه لم يحضرها حسبما أورد الطاعن بعريضة دعواه وبالمذكرات المقدمة منه خلال نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى ونظر الطعن أمام هذه المحكمة، فلا تثريب أن فصل مجلس التأديب الأعلى فى موضوع تظلمه دون تطلب حضوره بعد اذ ثبت، على النحو السابق بيانه، أنه تم اخطاره بتاريخ الجلسة. وبذلك فان القرار الصادر بتوقيع الجزاء التأديبى يكون قد صدر فى الشكل وطبقا للاجراءات المنصوص عليها بالقانون مما لا محل للنعى عليه من هذه الناحية.
ومن حيث أنه عما أثاره الطاعن من صدور القرار مفتقرا الى سبب صحيح مما يكشف عن أن الجهة الادارية قد انحرفت بسلطتها فى هذا الشأن، فضلا عن أنه قد شابته المغالاة فى توقيع الجزاء مما بعد اساءة لاستعمال السلطة. فالثابت من الأوراق أن السيد/ مدير عام رعاية شئون الطلاب بجامعة الأزهر قدم تقريرا بتاريخ 30 من مارس سنة 1985 تضمن نسبة مخالفات الى الطاعن، وغيره من الطلاب، وقعت بحرم الجامعة فى يوم 30 من مارس سنة 1985، وعما نسبه التقرير الى الطاعن فيتحصل فى أنه فى اليوم المشار اليه وفى مقر الكافتيريا قام يخطب فى الحاضرين وهاجم المسئولين فى الجامعة والدولة لان الحركة الطلابية مقيدة وأن البلد كلها نفاق وأخذ يهتف بحياة الحركة الطلابية كما نادى بالوقوف الى جوار الحركة الفلسطينية. كما أن الطاعن عمل على تكوين نادى الفكر العربى بجامعة الأزهر حتى يكون منبرا حرا فى الجامعة، وكان الطاعن ومعاونوه يحثون الطلبة على التجمع حوله. ولوحظ أنه يضع علم فلسطين الى جواره على حائط صغير، وقد قام بتقديم طالبين آخرين هاجم أحدهما المسئولين فى الجامعة وألقى الآخر قصيدة. وكان من ضمن ما تكلم فيه الطاعن موضوع اشتراك اسرائيل فى معرض الكتاب ثم المعرض الدولى، وأن الدولة قامت باعتقال المتظاهرين فى المعرض. وقد تضمن التقرير تحديد أسماء بعض الطلبة الذين كانوا مع الطاعن ومنهم الطلبة محسن بهنسى وعادل عبد الجليل وأمين عباس أبو بكر من كلية الشريعة والقانون. وقد قدم الطاعن مع الطالبين محسن بهنسى وعادل عبد الجليل، على ما سبق البيان، الى لجنة التأديب التى انتهت الى مساءلة الطاعن وبراءة كل من الطالبين الآخرين، وتتحصل المخالفات التى أدين الطاعن بسببها، حسبما يبين من الاطلاع على أسباب القرار الذى أصدرته لجنة التأديب، فى قيامه بالخطابة بمكان عام ودعوته لانشاء نادى الفكر دون استئذان السلطة المختصة مما يعد مخالفة لأحكام اللوائح الطلابية. وقد صدر قرار مجلس التأديب الأعلى بتأييد قرار لجنة التأديب، دون أن يضيف أو يعدل من أسباب قرار لجنة التأديب مما يفيد أن مجلس التأديب الأعلى قد أيد قرار لجنة التأديب للأسباب التى قام عليها واذ كان المستفاد من الأوراق أن الطاعن وان كان قد أنكر اسهامه فى انشاء نادى الفكر العربى المشار اليه مؤكدا بأنه التقى بأكثر من مرة بالسيد/ نائب رئيس الجامعة ودار الحديث حول انشاء ناد للفكر أو مركز للدراسات وهو عبارة عن أسرة وأنه لم تتم الموافقة على التأسيس ولم يمارس النادى أى نشاط، كما قرر أن هناك اتفاقا بينه وبين رائد الاتحاد الدكتور/ خليفة حال دون تنفيذه سفر الأخير للعمرة، الا أن الطالب/ عادل عبد الجليل قد أقر بأنه قد عرضت عليه فكرة انشاء النادى وانه قبل العضوية به (ص 3 من محضر تحقيق الادارة العامة للشئون القانونية)، وقد تم اختياره أمينا مساعدا لهذا النادى وأن الطاعن هو الذى قام بتوزيع النشرة (ص 4 من محضر جلسة لجنة التأديب بتاريخ 7 من يوليه سنة 1985 مستند رقم 2 من حافظة مستندات الجامعة المقدمة بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1985). فاذا كان ذلك وكانت النشرة الصحوة (المستند رقم 2 من حافظة مستندات الجامعة المودعة بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1985) قد ورد بها أنه قد تم تأسيس نادى الفكر العربى بجامعة الأزهر يوم 21 من فبراير سنة 1985 وانعقدت الجمعية العمومية وتم تشكيل الهيئة الادارية للنادى من الطاعن أمينا له والطالب/ عادل عبد الجليل أمينا مساعدا. كما تضمنت النشرة المشار اليها رأيا للطاعن تحت عنوان "مجرد رأى بقلم ابراهيم العكازى أمين النادى"، فان كل ذلك مما يفيد اشتراك الطاعن فى تنظيم ما سمى بنادى الفكر العربى بالجامعة، ويكون استخلاص لجزاء التأديب لصحة هذه الواقعة وان عبرت عنها بأنها شروع فى انشاء نادى الفكر العربى الا أن مفاد سياق ما أوردته بأسباب قرارها أنها أجرت ذا التغيير بحسبان أن الانشاء لم يسبقه ترخيص، وصحة نسبتها الى الطاعن كل ذلك مما يقوم على سند مما تنتجه الأوراق. ولما كانت المادة (246) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأزهر الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 تنص على أن "تعتبر على الأخص مخالفات تأديبية:...... (4) كل تنظيم للطلاب داخل الجامعة أو الاشتراك فيها بدون اذن سابق من السلطات الجامعية المختصة..."، فان كل تنظيم للجمعيات أو الاشتراك فيها لا يكون مسموحا به، طبقا لأحكام اللائحة، الا اذا استوفى هذا التنظيم الاجراء الذى تتطلبه اللائحة وهو الترخيص المسبق الصادر من السلطة الجامعية المختصة. وذلك أيا ما يكون من مشروعية الغرض من التنظيم واتفاقه مع الأصل العام الذى يحكم التنظيمات الطلابية بحسبانها تهدف الى تنمية القيم الروحية والأخلاقية والوعى الوطنى والقومى بين الطلاب واتاحة الفرص لهم للتعبير عن آرائهم. وما سمى بنادى الفكر العربى بالجامعة، على ما قرر الطاعن فى التحقيقات من الهدف عن انشائه وما تكشف عنه النشرة المعنونة الصحوة، لا يعدو أن يكون تنظيما أو تجمعا طلابيا مما يعتبر من قبيل الجمعيات فى مفهوم حكم البند (4) من المادة 246 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأزهر. وقد أنشئ على ما تكشف عنه الأوراق دون أن يرخص بهذا الانشاء من جهات الاختصاص. وعلى ذلك فان انشاء هذا النادى أو الاشتراك فيه، وهو ما ثبت فى حق الطاعن، مما يعتبر مخالفة تأديبية بالتطبيق لحكم المادة 246 من اللائحة التنفيذية المشار اليها. ولا يغير من ذلك ما يدعيه الطاعن، بفرض صحته، من أنه قد تطلب انشاء هذا النادى من جهات الاختصاص أو فاتح بعض المسئولين فى ذلك، اذ العبرة، بالتطبيق لحكم اللائحة السارية، هى بصدور الترخيص السابق. ويكون استباق الطاعن انشاء النادى وممارسة نشاطه قبل صدور الترخيص به، مهما كان من سلامة القصد وحسن الطوية، مخالفة تأديبية، خاصة وأن النادى قد مارس بالفعل نشاطا ممثلا فى نشرة صدرت عنه تحت مسمى الصحوة مما يشكل مخالفة تأديبية أخرى بالتطبيق لحكم البند (5) من المادة 246 المشار اليها الذى ينعى على أن توزيع النشرات أو اصدار جرائد حائط بالكليات يعتبر مخالفات تأديبية. ومتى كان ذلك فان هذه المخالفات تقوم سندا صحيحا وتكفى بذاتها لحمل القرار المطعون فيه. اذ لا يلزم لصحة قيام القرار التأديبى، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن تثبت جميع الوقائع التى استند اليها متى كانت الوقائع الثابتة تكون مخالفات تكفى لحمل القرار. فاذا كان ذلك وكان القرار بتوقيع الجزاء على الطاعن لا ينطوى على مغالاة فى الجزاء يتمثل فى عدم التناسب المبين بين ما ثبت من مخالفة وما وقع من جزاء، كما خلت الأوراق مما يكشف عن أن الجامعة قد انحرفت بسلطتها أو أساءت استعمالها باصدار القرار المطعون فيه، فان طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون مفتقدا لركن الجدية مما يتعين معه رفضه دون الحاجة للتعرض على استقلال لمدى توافر ركن الاستعجال، اذ يلزم للقضاء بوقف تنفيذ القرار الادارى توافر ركنى الجدية والاستعجال معا. ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى برفض طلب وقف التنفيذ قد أصاب الحق فيما قضى به، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس صحيح متعين الرفض.
ومن حيث أن الطاعن وقد خسر طعنه تعين الزامه بمصروفاته اعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالمصروفات.