مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثانى (من أول مارس سنة 1986 الى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1918

(263)
جلسة 29 من يونيو سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد أحمد حمادة وصلاح الدين أبو المعاطى نصير وأحمد ابراهيم عبد العزيز تاج الدين والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 2074 لسنة 29 القضائية

( أ ) قرار ادارى - نفاذه - انعدام القرار.
القاعدة العامة هى نفاذ القرارات الادارية من تاريخ صدورها - أثر ذلك: - وجوب الرجوع الى تاريخ صدور القرار للحكم على مشروعيته ومدى اتفاقه مع القوانين القائمة وقت صدورها دون ما يصدر من قوانين لاحقة أو ما يستجد من ظروف يكون من شأنها زوال السند القانونى للقرار أو تعديل المركز الذى أنشأه - يجوز لجهة الادارة أن تؤجل آثار قراراتها شريطة أن يكون رائدها فى ذلك تحقيق المصلحة العامة - فى هذه الحالة يكون الحكم على مشروعية هذه القرارات المرجاة التنفيذ بأن يكون محل هذه القرارات قائما حتى اللحظة المحددة للتنفيذ فاذا انعدم هذا الركن أصبح القرار منعدما ولا ينتج أى أثر - أساس ذلك: - تخلف ركن المحل.
(ب) القرارات الادارية المعدومة لا يشترط التظلم منها الى الجهة الادارية التى اصدرتها أساس ذلك: - أن القرار الادارى المنعدم لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجوز لصاحب الشأن ولجهة الادارة الالتفات عنها - أثر ذلك: - يجوز رفع الدعوى بالغائها رأسا أمام المحكمة المختصة - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 18 من مايو سنة 1983 أودع الأستاذ حسين أحمد حسن المحامى نائبا عن الأستاذ عصمت الهوارى المحامى وكيلا عن الدكتور حسام الدين ابراهيم حامد قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير الطعن قيد بجدولها تحت رقم 2074 لسنة 29 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بجلسة 24 من مارس سنة 1983 فى الدعوى رقم 367 لسنة 5 القضائية المقامة من الدكتور حسام الدين ابراهيم حامد ضد هيئة قناة السويس والقاضى بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم والقرار المطعون فيه.
وتوجه الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء القرار المطعون فيه والمتضمن قبول استقالته والصادر بتاريخ 28 من يونيه سنة 1981 والزام المطعون ضده بصفته المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والزام الطاعن المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13 من يناير سنة 1986 وقررت احالته الى المحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 11 من مايو سنة 1986 وبعد أن استمعت المحكمة الى ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت أسبابه المشتملة على منطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتلخص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 2 من أغسطس سنة 1981 أقام الدكتور حسام الدين ابراهيم حامد الدعوى رقم 533 لسنة 3 القضائية ضد هيئة قناة السويس أمام محكمة القضاء الادارى بالمنصورة طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر فى 28 من يونيه سنة 1981 بقبول استقالته واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الجهة الادارية المصروفات.
وقال شرحا لدعواه أنه عين فى أول يوليه سنة 1962 طبيبا بالهيئة العامة لقناة السويس وتدرج فى وظائفها حتى عين رئيسا للمركز الطبى بالهيئة، ثم صدر القرار رقم 751 لسنة 1981 بنقله من بور سعيد الى الشئون الصحية بالهيئة ببور توفيق بالسويس اعتبارا من مارس سنة 1981 فأقام الدعوى رقم 82 لسنة 1981 عمال كلى ببور سعيد لالقاء القرار الصادر بنقله ونظرا لحالته الصحية والظروف الصعبة التى مر بها فقد قدم استقالته فى 28 من مايو سنة 1981 ثم تقدم فى 14 من يونيه سنة 1980 بطلب سحب استقالته، وبالرغم من ذلك فقد صدر قرار بقبول الاستقالة فى 28 من يونيه سنة 1981، وقد نعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
1 - ان الاستقالة قد قدمها وهو تحت تأثير اكراه وتحت ضغوط عصبية ونفسية.
2 - أن تقدم بطلب سحب استقالته قبل صدور قرار بقبولها.
وقد ردت الجهة الادارية على الدعوى بمذكرة انتهت فيها الى طلب الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة تظلم المدعى من القرار المطعون فيه. واحتياطيا برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات استنادا الى أن المدعى قدم استقالته ولم يتقدم بأى طلب لسحب الاستقالة.
وبجلسة 23 من مارس سنة 1983 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم التظلم من القرار المطعون فيه وألزمت المدعى بالمصروفات، واستندت فى قضائها الى أن الطلب الذى يدعى المدعى أنه تقدم به الى جهة الادارة لسحب استقالته لا يقيد تظلما من القرار الصادر بقبول الاستقالة وان المقصود به اعدام ركن السبب فى القرار المطعون فيه، واذ لم يحقق هذه النتيجة لصدور القرار قبل التقدم بهذا الطلب، كما انه لا يقيد تظلما لانه لم يتضمن عناصر القرار ومحتوياته، وتكون الدعوى والحالة هذه قد أقيمت رأسا بطلب الغاء القرار المطعون فيه وغير مسبوقة بالتظلم الوجوبى الذى نصت عليه المادة 12 من قانون مجلس الدولة، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبولها.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تفسيره للأسباب الآتية:
1 - أن التكييف الصحيح لدعوى الطاعن هو الاعتداد بالطلب الذى تقدم به فى 14 يونيه سنة 1981 بشأن عدوله عن الاستقالة خاصة ان القاعدة هى أن للموظف العدول عن استقالة، ويغير ويعتبر هذا العدول منتجا لآثاره طالما اتصل بعلم الادارة قبل قبول الاستقالة، ومن ثم اذا ما أصدرت قرارا بقبول الاستقالة بالرغم من عدول الموظف فان قرار ما يعتبر معدوما لوروده على غير محل.
2 - ان الغاية من التظلم هو حث الجهة الادارية للعدول عن القرار المتظلم منه وسحبه، ومن ثم فلا يشترط له شكلا معينا، ومن ثم اذا ما كان الثابت أن الطاعن تقدم فى 14 من يونيه سنة 1981 بطلب يتضمن العدول عن الاستقالة، فان ذلك يعتبر بمثابة تظلم من القرار الصادر بقبول الاستقالة.
3 - ان الطاعن قدم استقالته تحت تأثير اكراه ذلك أنه صدر قرار بنقله من بور سعيد الى بور توفيق بالسويس مما يتعذر معه وهو رب أسرة يقيم فى بور سعيد أن ينفذ قرار النقل ومن ثم كان عليه أن يفاضل بين الحفاظ على أسرته وجمع شملها ويخسر شهرته الطبية ويغلق عيادته الخاصة وبين أن ينفذ قرار النقل الذى لم يستهدف مصلحة عامة، ومن ثم وتحت تأثير حالة نفسية سيئة وأعصاب متوترة تقدم باستقالته المشار اليها، ولما عاد الى رشده عدل عنها قبل قبولها.
ومن حيث ان القاعدة العامة هى نفاذ القرارات الادارية من تاريخ صدورها ومن ثم فان الأصل هو الرجوع الى تاريخ صدور هذه القرارات للحكم على مشروعيتها ومدى اتفاقها مع القوانين القائمة وقت صدورها دون ما يصدر من قوانين لاحقة وما يستجد من ظروف يكون من شأنها زوال السند القانونى للقرار أو تعديل المركز الذى أنشأه، واذا كانت هذه هى القاعدة العامة الا أنه يجوز لجهة الادارة أن تؤجل آثار قراراتها شريطة أن يكون رائدها فى ذلك المصلحة العامة، وفى هذه الحالة يكون الحكم على مشروعية هذه القرارات المرجأة التنفيذ أن يكون محل هذه القرارات قائما حتى اللحظة المحددة للتنفيذ فان انعدام هذا الركن أن أصبح القرار منعدما لانعدام ركن المحل فلا يرتب أثرا، ومن ثم اذا ما تقدم موظف باستقالته من عمله، فأصدرت جهة الادارة قرارا بقبول استقالته اعتبارا من تاريخ لاحق، وتوفى هذا الموظف قبل هذا الأجل اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ الوفاة لا من التاريخ الذى حددته جهة الادارة لانهاء خدمته كذلك الأمر اذا ما عدل الموظف قبل هذا التاريخ عن الاستقالة، فان القرار الصادر بقبول استقالته لا ينتج أثره، اذ أنه فى التاريخ الذى حددته جهة الادارة لانهاء خدمته كان هذا القرار منعدما لانعدام ركن المحل.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على حافظة المستندات المقدمة من هيئة قناة السويس الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة انها حدت طلب تقدم به المطعون ضده فى 28 من مايو سنة 1981 موجهه الى رئيس هيئة قناة السويس تضمن طلب قبول استقالته من العمل بالهيئة واحالته الى المعاش المبكر اعتبارا من 28 من يونيه سنة 1981 وذلك لظروفه الصحية التى تحول دون استمراره العمل فى السويس. وقد تأشر على هذا القرار فى 8 يونيه سنة 1981 بالموافقة وصدر القرار التنفيذى رقم 238 لسنة 1981 فى 22 من يونيه سنة 1981 بانهاء خدمة المذكور اعتبارا من 28 يونيه سنة 1981، ويبين من ذلك أن القرار الصادر بقبول استقالة المطعون ضده والصادر فى 8 من يونيه سنة 1981 قد أرجأ نفاذ انهاء خدمة المدعى الى تاريخ لاحق هو 28 من يونيه سنة 1981 بناء على طلبه، ومن ثم فان ترتيب آثار هذا القرار وهو انفصام العلاقة الوظيفية بين المطعون ضده والهيئة الطاعنة مشروط بأن يكون محل هذا القرار قائما حتى تاريخ نفاذه وهو 28 من يونيه سنة 1981، فان زال هذا المحل بعدول المدعى عن الاستقالة فى 14 من يونيه سنة 1981، فان القرار الصادر بقبول الاستقالة والحالة هذه يكون معدوما لوروده على غير محل وتعتبر خدمته مستمرة.
ومن حيث أن القرارات الادارية المعدومة لا يتعين التظلم منها الى الجهة الادارية التى أصدرتها اعمالا لنص المادة 12 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة باعتبارها بحق وقائع مادية يجوز لصاحب الشأن وللجهة الادارية الالتفات عنها، ومن ثم يجوز رفع الدعوى بالغائها رأسا أمام المحكمة المختصة ومن ثم يكون ما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم قبول دعوى الغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة لعدم سابقة التظلم منه على غير أساس مما يتعين معه الغاؤه والحكم بقبول الدعوى شكلا.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه وقد ورد على غير محل كما سلف البيان فانه يكون على غير أساس سليم من القانون متعين الالغاء.
ومن حيث أنه متى كان الأمر كما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بخلاف ذلك فانه يتعين الحكم بالغائه وقبول الدعوى شكلا وفى موضوعها بالغاء القرار الصادر من رئيس مجلس ادارة هيئة قناة السويس فى 8 من يونيه سنة 1981 بقبول استقالة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار. واذ خسرت الهيئة الطاعنة دعواها فانه يتعين الحكم بالزامها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار الصادر من رئيس مجلس ادارة هيئة قناة السويس فى 8/ 6/ 1981 بقبول استقالة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الادارية المصروفات.