مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 292

جلسة 9 من يناير سنة 1947

برياسة حضرة جندى عبد الملك بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتى الجزايرلى بك وسليمان حافظ بك ومصطفى مرعى بك المستشارين.

(134)
القضية رقم 58 سنة 15 القضائية

إشكال فى التنفيذ. المحكمة التى يرفع المحضر إليها الإشكال هى محكمة المواد الجزئية. المحكمة التى أصدرت الحكم هى محكمة النقض. لا يملك المحضر أن يرفع إليها الإشكال.
(المواد 33 و36 و39 و386 مرافعات)
إن رفع الخصومة أمام القضاء يكون، بحسب الأصل المقرر فى المادة 33 من قانون المرافعات، بمقتضى تكليف بالحضور يعلن به المدعى عليه بناءً على طلب المدعى. غير أن الشارع - استثناءً من هذا الأصل وتقديراً لضرورة سرعة الفصل فى المنازعات التى تعترض تنفيذ الأحكام والسندات - قد جوّز فى حالة الاستشكال قبل التنفيذ تكليف الخصوم بالحضور أمام قاضى المواد الجزئية بمقتضى علم خبر (المادة 36 مرافعات)، وفى حالة الاستشكال وقت التنفيذ ألزم المحضر نفسه بتكليف المستشكل الحضور ولو فى ميعاد ساعة واحدة، ويكون المحضر حينئذ نائباً عن طالب التنفيذ فى المرافعة أمام المحكمة (المادة 39 مرافعات). والمحكمة التى عناها الشارع هى محكمة المواد الجزئية الكائن بدائرتها محل التنفيذ والتى لا تنظر من الإشكالات بموجب نص المادة 386 من قانون المرافعات إلا ما كان مطلوباً فيه إجراء وقتى، مما يكون قضاء محكمة المواد الجزئية فيه قضاءً مؤقتاً غير مؤثر فى حقوق الخصوم [(1)]. أما المحكمة التى أصدرت الحكم والتى لا تختص بنظر إشكال التنفيذ إلا إذا كان متعلقاً بأصل الدعوى والتى يكون حكمها فاصلاً فى حقوق الخصوم لا فى مجرد إجراء من الإجراءات الوقتية، فلا يملك المحضر أن يرفع إليها بنفسه إشكالاً يعترضه وقت التنفيذ، لأن الخصومة التى تثار هى خصومة عادية يجرى عليها الأصل المقرر لإقامة الخصومات، ومن ثم فلا يرفعها إلى القضاء إلا ذوو الشأن أنفسهم.
وعلى ذلك فإذا كان الحكم المعترض على تنفيذه أمام المحضر صادراً من محكمة النقض فلا يجوز للمحضر تقديم الإشكال إلى هذه المحكمة زاعماً أنه متعلق بموضوع الخصومة وأنها هى المحكمة التى أصدرت الحكم المرفوع عنه الإشكال، فإن فعل ذلك كان الإشكال غير مقبول.


الوقائع

فى 2 من مايو سنة 1946 قضت هذه المحكمة فى الطعن رقم 58 سنة 15 القضائية بقبوله شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الإسكندرية لتحكم فيها من جديد وألزمت المطعون ضدهما بالمصاريف وألف قرش مقابل أتعاب محاماة.
وفى 12 من أكتوبر سنة 1946 نيط بأحد محضرى محكمة كفر الدوار تنفيذ هذا الحكم على من صدر الحكم ضدهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وعند الشروع فى التنفيذ فى 20 من أكتوبر سنة 1946 استكشل المذكوران مقيمين إشكالهما أولاً على أنهما فى 12 من أبريل سنة 1946، أى حال قيام الطعن وقبل الفصل فيه، كانا قد اتفقا مع الطاعنين بالنقض على أن يتنازلوا عن طعنهم. ثانياً على أن الحكم المراد تنفيذه قد صدر باطلاً. لأن على حسن أبو غنيم أحد الطاعنين كان يمثل فى الطعن قصراً هم أولاد ابنه عبد الحميد على حسن أبو غنيم، وقد توفى حال قيام الطعن فأصبح القصر المذكورون ولا ممثل لهم فى الخصومة. ورأى المحضر أن هذا السبب الثانى متعلق بموضوع الخصومة فقبل الإشكال على أساسه، وأوقف تنفيذ الحكم، ثم عين جلسة الخميس 28 من نوفمبر سنة 1946 أمام محكمة النقض والإبرام لنظر الإشكال. وفى الجلسة المذكورة سمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها. وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بقرارها إلى جلسة 5 من ديسمبر سنة 1946. وفيها قررت المحكمة تأجيل الدعوى لجلسة 2 من يناير سنة 1947 لتقديم مذكرات من طرفى الخصومة والنيابة فى مدى ثلاثة أسابيع. ولم يقدم طرفا الخصومة شيئاً، وقدمت النيابة مذ كرة برأيها. وفى جلسة 2 من يناير سنة 1947 سمعت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ثم أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم بالآتى:


المحكمة

حيث إن النيابة العمومية طلبت اعتبار الإشكال غير قائم أمام هذه المحكمة استناداً إلى أنه إنما رفع إليها بناءً على ما رآه المحضر المنوط بالتنفيذ من أن السبب الثانى من السببين اللذين قام عليهما الإشكال متعلق بموضوع الدعوى فصار بذلك من اختصاص هذه المحكمة على اعتبار أنها هى التى أصدرت الحكم المستشكل فى تنفيذه. وتقول النيابة إن المحضر لا يملك أن يرفع بنفسه ما يعترضه من إشكالات التنفيذ إلا إلى قاضى المواد الجزئية الكائن بدائرتها محل التنفيذ. أما رفع الإشكال إلى المحكمة التى أصدرت الحكم فلا يملكه إلا الخصوم أنفسهم.
وحيث إن الحكم المستشكل فى تنفيذه هو حكم صدر من هذه المحكمة فى الطعن رقم 58 سنة 15 القضائية قضى بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما (المستشكلين) بالمصاريف وألف قرش مقابل أتعاب محاماة. ووجه الإشكال الذى قبله المحضر والذى على أساسه أوقف التنفيذ وأحال الإشكال على هذه المحكمة أن حكمها صدر باطلاً بسبب وفاة على حسن أبو غنيم أحد الخصوم حال قيام الطعن، وكان المذكور ممثلاً فى الخصومة للقصر من أولاد ابنه عبد الحميد على حسن أبو غنيم وهم محمد الشهير بصلاح وحسن وبدرية، وبوفاته أصبح هؤلاء القصر ولا ممثل لهم فى الخصومة.
وحيث إن رفع الخصومة أمام القضاء يكون، بحسب الأصل المقرر فى المادة 33 من قانون المرافعات، بمقتضى تكليف بالحضور يعلن به المدعى عليه بناءً على طلب المدعى، غير أن الشارع - استثناء من هذا الأصل وتقديراً لضرورة سرعة الفصل فى المنازعات التى تعترض تنفيذ الأحكام والسندات - قد جوّز فى حالة الاستشكال قبل التنفيذ تكليف الخصم بالحضور أمام قاضى المواد الجزئية بمقتضى علم خبر (مادة 36 مرافعات)، وفى حالة الاستشكال وقت التنفيذ ألزم المحضر نفسه بتكليف المستشكل بالحضور ولو فى ميعاد ساعة واحدة، ويكون المحضر حينئذ نائباً عن طالب التنفيذ فى المرافعة أمام المحكمة (مادة 39 مرافعات).
وحيث إنه وإن كان نص المادة المذكورة لم يبين نوع المحكمة التى يرفع إليها المحضر الإشكال الذى يعترضه وقت التنفيذ، فإنها تحيل على المادة 36 التى تحيل بدورها على المادة 28 مرافعات، وهى إنما تتحدث عن محكمة المواد الجزئية. ثم إن النظر إلى المحكمة التى دعت إلى وضع المادة 39 وإلى الإجراءات التى أجيزت فيه، مثل تكليف الخصم بالحضور فى ميعاد ساعة ومثل قيام المحضر نائباً عن طالب التنفيذ أمام المحكمة - كل هذا يستوجب القول بأن المحكمة التى قصدها الشارع فى هذه المادة هى محكمة المواد الجزئية الكائن بدائرتها محل التنفيذ، والتى لا تنظر من الإشكالات بموجب نص المادة 386 من قانون المرافعات إلا ما كان مطلوباً فيه إجراء وقتى Mesures Provisoires مما يكون قضاء محكمة المواد الجزئية فيه قضاءً مؤقتاً غير مؤثر فى حقوق الخصوم فجاز الاكتفاء أمامها بالإجراءات السريعة الاستثنائية المرخص بها فى المادة 39. أما المحكمة التى أصدرت الحكم، والتى لا تختص بنظر إشكال التنفيذ وفقاً لنص المادة 386 إلا إذا كان متعلقاً بأصل الدعوى، والتى يكون حكمها فاصلاً فى حقوق الخصوم لا فى مجرد إجراء من الإجراءات الوقتية، فإن التداعى أمامها بطبيعته وبآثاره لا يتفق مع جواز الاكتفاء فيه بالإجراءات السريعة المبينة فى المادة 39. ومن ثم فإن المحضر لا يملك أن يرفع إليها بنفسه إشكالاً يعترضه وقت التنفيذ. لأن الخصومة التى تطرح على هذه المحكمة هى خصومة عادية يجرى عليها الأصل المقرر لإقامة الخصومات، ومن ثم فلا يرفعها إلى القضاء إلا ذوو الشأن أنفسهم.
وحيث إنه بناءً على ذلك يكون الإشكال موضع النظر قد رفع إلى هذه المحكمة ممن لا يملك رفعه فهو غير مقبول شكلاً.


[(1)] يؤكد ذلك نص المادة 452 على أنه "إذا حصل توقف من المدين فى الحجز وطلب رفع الأمر قاضى المواد الجزئية وجب على المحضر أن يوقف إجراء الحجز مع تكليف المدين فى المحضر بالحضور ولو بميعاد ساعة فى منزل القاضى إن دعت الضرورة لذلك".