مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 344

جلسة 6 من فبراير سنة 1947

برياسة حضرة جندى عبد الملك بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتى الجزايرلى بك وسليمان حافظ بك ومصطفى مرعى بك المستشارين.

(152)
القضية رقم 148 سنة 15 القضائية

ضرائب:
أ - شركات التضامن والتوصية. لا تخضع بذواتها للضريبة كما تخضع شركات المساهمة. الشريك المتضامن فى تلك الشركات كالمدلول المنفرد من حيث خضوع كل منهما للضريبة فى حدود ما يصيبه من ربح. لا يهم أن تكون الشركة استوفت إجراءات الشهر القانونية أو لم تستوف. (المادتان 21 و34 من القانون رقم 14 لسنة 1939)
ب - الإعفاء الذى تقرره المادة 41 من القانون رقم 14 لسنة 1939. حق لكل شريك فى شركات التضامن وللشركاء المتضامنين فى شركات التوصية سواء أكانت الشركة استوفت إجراءات التسجيل والنشر والإعلان أم لم تستوف.
(المادة 41 من القانون رقم 14 لسنة 1939)
1 - إن القانون - كما هو ظاهر من نصوص الفقرات الأولى والثانية والثالثة من المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - لم يعتد بالشخصية الاعتبارية لشركات التضامن والتوصية إذ لم يخضعها بذواتها للضريبة، كما أخضع شركات المساهمة فى المادة 31. وهو بذلك قد سوى بين الشريك المتضامن فى هذه الشركات وبين الممول المنفرد الذى لا شريك له من حيث إخضاع كل منهما للضريبة فى حدود ما يصيبه من ربح. ولهذا فلا يهم فى نظر القانون، من حيث فرض الضريبة على الشريك فى شركة تضامن أو الشريك المتضامن فى شركة توصية، أن تكون الشركة قد استوفت إجراءات الشهر القانونية أو لم تستوفها.
2 - إن الإعفاء الذى تقرره المادة 41 من القانون رقم 14 لسنة 1939 هو حق لكل من الشركاء فى شركات التضامن وللشركاء المتضامنين فى شركات التوصية كما هو حق للأفراد. يستوى فى ذلك أن تكون الشركة التى ينمى إليها الشريك قد استوفت إجراءات التسجيل والنشر والإعلان التى نص عليها قانون التجارة فصارت بذلك شخصاً قانونياً مستقلاً عن أشخاص الشركاء أو لم تستوف هذه الإجراءات فظلت محرومة من الشخصية القانونية.


الوقائع

أقام الطاعنون على مصلحة الضرائب ورئيس نيابة المنصورة الدعوى رقم 648 لسنة 1943 كلى تجارى المنصورة وقالوا فى ورقتها المعلنة فى 24 و26 من يونيه سنة 1943 إنهم أسسوا منذ سنة 1920 شركة تضامن للاتجار فى الحرير، وإن مصلحة الضرائب منذ أنشئت جرت على أن تستبعد كل سنة من أرباحهم التى تربط عليهم الضريبة 150 جنيهاً بالنسبة إلى كل منهم نظير أعبائه العائلية. ثم حدث فى سنة 1941 أنها ربطت الضريبة دون أن تستبعد من ربحهم إلا 150 جنيهاً فقط. وفى سنة 1942 ربطتها دون أن تستبعد من الربح شيئاً. وقال الطاعنون إن المادة 41 من قانون الضرائب تجعل لكل منهم الحق فى أن يعفى من الضريبة عن 150 جنيهاً وبذلك يكون من حقهم هم الأربعة أن يعفوا من 600 جنيه كل سنة، فيكون ما يجب استبعاده من ربحهم عن سنتى 1941 و1942 هو 1200 جنيه. ولما كانت مصلحة الضرائب لم تستبعد إلا 150 جنيهاً فقط فقد طلبوا الحكم بعدم أحقية المصلحة المذكورة فى ربط الضريبة عليهم بالنسبة إلى 1050 جنيهاً الباقية.
ودفعت مصلحة الضرائب هذه الدعوى بأن الإعفاء بسبب الأعباء العائلية المقررة فى المادة 41 من قانون الضرائب لا يفيد منه كل شريك إلا إذا كان شريكاً فى شركة تضامن أو كان شريكاً متضامناً فى شركة من شركات التوصية بشرط تسجيل عقد الشركة والنشر عنه وفق ما هو مقرر فى القانون التجارى، أما إذا لم يكن قد تم تسجيل عقد الشركة ولم يكن قد نشر عنه فلا يجب الإعفاء إلا بالنسبة إلى شريك واحد فقط. ولما كانت شركة الطاعنين لم تسجل ولم يشهر عنها إلا فى أغسطس سنة 1942 أى بعد أن استحقت الضريبة فإن الإعفاء بسبب الأعباء العائلية لا يكون إلا لشريك واحد لا أكثر.
وفى 30 من أكتوبر سنة 1943 قضت محكمة المنصورة برفض دعوى الطاعنين وألزمتهم بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب محاماة.
فاستأنفوا هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وطلبوا قبول استئنافهم شكلاً وفى الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والحكم لهم بالطلبات التى وردت فى ورقة افتتاح دعواهم. وفى 11 من يناير سنة 1945 قضت محكمة استئناف مصر بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن الطاعنون بهذا الحكم فى 19 من سبتمبر سنة 1945 فطعنوا فيه بالنقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه خالف المادة 41 من القانون رقم 14 لسنة 1939 إذ قال بأن الفرد الذى أعفته المادة المذكورة من الضريبة بسبب أعبائه العائلية هو من انفرد بمؤسسة تجارية أو صناعية، أما من شارك غيره فإنه لا يعفى من الضريبة إلا إذا كان شريكاً فى شركة تضامن أو كان شريكاً متضامناً فى شركة توصية وكانت الشركة فى الحالتين قد استوفت إجراءات التسجيل والنشر والإعلان التى نص عليها قانون التجارة، بحيث إذا لم تستوف هذه الإجراءات فإنه لا يتمتع بالإعفاء إلا شريك واحد فقط. قال الحكم هذا فى حين أن نص المادة 41 صريح فى أن الإعفاء حق لكل فرد، يستوى فى ذلك أن يكون قد انفرد أو شارك غيره، وفى حالة المشاركة يستوى أن تكون الشركة قد استوفت إجراءات التسجيل والنشر والإعلان أو لم تستوف هذه الإجراءات.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تفرض ضريبة على كل ممول له منشأة أو منشآت يستثمرها فى مصر، وتنص الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "فيما يتعلق بشركات التضامن تفرض ضريبة على كل شريك شخصياً عن حصته فى أرباح الشركة تعادل نصيبه فى الشركة"، وتنص الفقرة الثالثة من المادة نفسها على أنه "فيما يتعلق بشركات التوصية تفرض الضريبة باسم كل من الشركاء المتضامنين بمقدار نصيبه فى الربح وما زاد على ذلك تفرض عليه الضريبة باسم الشركة". والذى يبين من مجموع هذه النصوص أن القانون لم يعتد بالشخصية الاعتبارية لشركات التضامن والتوصية إذ لم يخضعها بذواتها للضريبة كما أخضع شركات المساهمة فى المادة 31. وبذلك يكون قد سوى بين الشريك المتضامن فى هذه الشركات وبين الممول المنفرد الذى لا شريك له من حيث إخضاع كل منهم للضريبة فى حدود ما يصيبه من ربح. ومتى كان الأمر كذلك فلا يهم فى نظر القانون من حيث فرض الضريبة على الشريك فى شركة تضامن أو الشريك المتضامن فى شركة توصية أن تكون الشركة قد استوفت أو لم تستوف إجراءات الشهر القانونية، لأن الشركة رغم عدم استيفاء هذه الإجراءات توجد فعلاً وقد يكون لها نشاط تجارى يثمر ربحاً يصير إلى الشركاء فتحسب عليهم الضريبة بسببه.
وحيث إن المادة 41 من القانون المذكور قد أعفت من الضريبة الأفراد والشركاء فى شركات التضامن والشركاء المتضامنين فى شركات التوصية الذين لا يتجاوز صافى ربحهم السنوى 100 ج إذا كانوا غير متزوجين، فإذا كانوا من المتزوجين ولا يعولون أولاداً يكون حد الإعفاء لهم 120 ج، وإذا كانوا غير متزوجين ويعولون ولداً أو أولاداً يكون حد الإعفاء لهم 130 ج. وإذا كانوا من المتزوجين ويعولون ولداً أو أولاداً فيكون حد الإعفاء 150 ج.
والإعفاء الذى تقرره هذه المادة حق للشركاء فى شركات التضامن وللشركاء المتضامنين فى شركات التوصية كما هو حق للأفراد، ويستوى فى ذلك أن تكون الشركة التى ينتمى إليها الشريك قد استوفت إجراءات التسجيل والنشر والإعلان التى نص عليها قانون التجارة فصارت بذلك شخصاً قانونياً مستقلاً عن أشخاص الشركاء أو لم تستوف هذه الإجراءات فظلت محرومة من الشخصية القانونية، لأن الالتزام بالضريبة إنما يقع على الأشخاص الشركاء لا على ذات الشركة ويثبت فى ذممهم هم لا فى ذمتها هى، والإعفاء بطبيعته ليس إلا قيداً على هذا الالتزام وحداً له، فكان ثبوت الشخصية المعنوية للشركة أو عدم ثبوتها سواء بالنسبة إلى الإعفاء، كما أن ثبوتها وعدم ثبوتها سواء بالنسبة إلى الالتزام.
وحيث إن الزعم بأن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 41 لا يفيد منه إلا الشركاء فى شركات التضامن والتوصية التى استوفت إجراءات الشهر قولاً بأن الشركات التى لا تستوفى هذه الإجراءات تكون باطلة بحكم المادة 51 من قانون التجارة، وأن الشركاء فيها ليسوا فى نظر القانون شركاء فى شركات تضامن أو توصية - هذا الزعم مردود بأن إعفاء الشركاء فى شركات التضامن والتوصية فى الحدود التى رسمتها المادة 41 ليس ملحوظاً فيه كون المعفى من الضريبة شريكاً فى شركة تضامن أو توصية بل الملحوظ فيه كونه ممولاً أصاب ربحاً من طريق التجارة أو الصناعة فكان بهذا الربح أهلاً لأن تقتضى منه الضريبة. فالاعتبار فى الإعفاء للفرد ذاته ولأعبائه العائلية لا لكونه شريكا أو غير شريك. وهو كفرد داخل فى مدلول لفظ "الأفراد" التى صدرت بها المادة 41، وما كان الشارع بعد التعميم المستفاد من هذا اللفظ فى حاجة إلى أن يخص بالذكر الشركاء فى شركات التضامن والتوصية لولا أنه خشى أن تعتبر شركة التضامن أو التوصية شخصاً واحداً من حيث الإعفاء فلا يرفع عنها من عبء الضريبة إلا ما يجب رفعه لشخص واحد، فى حين أنها لم تعتبر كذلك من حيث الالتزام بالضريبة، فعمد إلى التخصيص بعد التعميم دفعاً للبس.
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك، وكان الإعفاء المقرر فى المادة 41 من القانون رقم 14 لسنة 1939 حقاً لكل شريك فى شركة تضامن ولكل شريك متضامن فى شركة توصية سواء استوفت الشركة الإجراءات المنصوص عليها فى قانون التجارة أو لم تستوفها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقيم على خلاف ذلك يكون قد خالف القانون متعيناً نقضه.