مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 407

جلسة 24 من أبريل سنة 1947

برياسة حضرة جندى عبد الملك بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: محمد المفتى الجزايرلى بك وأحمد على علوبة بك وسليمان حافظ بك ومحمد صادق فهمى بك المستشارين.

(190)
القضية رقم 65 سنة 16 القضائية

وقف:
أ - الحكم الشرعى بالاستحقاق. هل هو منشئ للحق أو مقرر له؟ الرجوع فى ذلك يكون إلى الشريعة الإسلامية. حكم الشريعة فى هذا.
ب - حسن النية المبرئ لذمة ناظر الوقف عند الرجوع عليه فى ماله بما يدعيه مستحق فى غلة السنوات السابقة المعترف بتوزيعها على المستحقين. مناطه.
1 - الشريعة الإسلامية هى التى يرجع إليها فى تعرف هل الحكم الشرعى بالاستحقاق فى الوقف هو حكم منشئ للحق أو مقرر له. والمقرر فى الفقه الإسلامى أن الوقف إذا كان صادراً على ذرية الواقف وأثبت أحد استحقاقه بأن برهن على أنه من هذه الذرية وكان الخلاف على استحقاقه متعلقاً بنسبه فإن الحكم يكون كاشفاً للحق لا مثبتاً له، ويكون للمستحق أن يرجع بحصته فى السنين الماضية على من قبضها من المستحقين أو على الناظر إذا كان قد أجراها متعمداً على غير من يستحقها. أما إذا كان الخلاف غير متعلق بنسب مدعى الاستحقاق بل بتفسير شرط الواقف هل ينطبق على المدعى أم لا ينطبق، كما إذا وقف على ولد ولده وأنكر استحقاقه لا لخلاف فى نسبه ولكن على زعم أن البنت ليست ولداً وأن ولد البنت ليس ولد ولد، وأخذ القضاء بوجهة نظر المدعى وقضى بدخوله فى الاستحقاق، فإنه لا يستحق شيئاً مما استهلك من غلات السنين الماضية. لأن القضاء فى هذه الحالة يكون مثبتاً أنه من الموقوف عليهم لا مظهراً، وذلك لوجود شبهة الاقتصار فى شرط الواقف، فإن كانت الغلة موجودة استحق فيها نصيبه لضعف تلك الشبهة.
2 - إن حسن النية المبرئ لذمة ناظر الوقف عند الرجوع عليه فى ماله بما يدعيه أحد المستحقين من نصيب فى غلة السنوات الماضية المعترف بتوزيعها على المستحقين إنما هو اعتقاده أن هذا الذى ثبت له الاستحقاق كان مع الاعتراف بنسبه للواقف غير مستحق لشئ بسحب الظاهر من كتاب الوقف وأنه لهذا الاعتقاد كان يوزع غلة الوقف على مستحقيها الباقين بالفريضة الشرعية.


الوقائع

فى سنة 1915 أقام مصطفى طه الطرابيشى أول الطاعنين أمام محكمة مصر الشرعية الدعوى رقم 159 سنة 1915 - 1916 وطلب فيها الحكم باستحقاقه فى وقف الأمير مصطفى كتخدا إسماعيل. وفى 14 من مارس سنة 1917 حكمت المحكمة المذكورة برفض الدعوى لعجز المدعى عن إثباتها، ولما أن استأنف الطاعن هذا الحكم لدى المحكمة العليا الشريعة قضت فى 25 من يونيه سنة 1917 بتأييده.
وفى سنة 1922 أقام أول الطاعنين أيضاً أمام محكمة مصر الشرعية الدعوى رقم 40 سنة 1922 - 1923 كلى على وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على وقف الأمير مصطفى كتخدا إسماعيل وعلى بعض مستحقى هذا الوقف وقال فى صحيفة افتتاحها إن الاستحقاق فى الوقف المذكور انحصر فى وقت ما فى إبراهيم وخدوجة وزبيدة أولاد محمد شلبى وإن زبيدة هذه توفيت فى سنة 1904 وبوفاتها انتقل نصيبها إلى أولادها فاطمة وراشد وإسماعيل وإلى أولاد ابنها طه الذى توفى قبلها وهم مصطفى المدعى ونعيمة وسكينة أختاه، وطلب الحكم له باستحقاقه فى الوقف على هذا الأساس. وفى 9 من ديسمبر سنة 1923 قضت محكمة مصر الشرعية برفض الدعوى لسابقة الحكم فيها فى القضية رقم 159 سنة 1915 - 1916 مصر الشرعية. فاستأنف الطاعن هذا الحكم. وفى 7 من يوليه سنة 1924 قضت المحكمة العليا الشرعية بإلغائه قائلة فى حكمها "إنه مع ثبوت إقرار بعض المستحقين للمدعى على الصفة المدونة فى الأقارير وهى أن لزبيدة محمد شلبى ولداً يسمى طه متوفى قبلها وأن المدعى من أولاد طه هذا يكون المدعى مستحقاً فى الوقف حسب شرط الواقف الذى نص فيه على قيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقام أصله والذى يفيد أن الوقف مرتب الطبقات، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ومعاملة المدعى عليهم المقرين بإقرارهم".
ونزلت وزارة الأوقاف على مقتضى هذا الحكم لا بالنسبة إلى الطاعن الأول وحده بل بالنسبة إليه وإلى أختيه نعيمة وسكينة، وهما الطاعنتان الثانية والثالثة، فخص كلا منهم حصة مقدارها 5698 سهماً من مليون سهم ينقسم إليها ريع الوقف. وفى سنة 1927 توفيت صديقة بنت إبراهيم من المقرين، وبوفاتها بطل إقرارها، وانتقل استحقاقها كاملا إلى أولادها فنقص نصيب الطاعنين بمقدار ما كانوا يأخذونه من استحقاقها وأصبح نصيب كل منهم 3561 بدلاً من 5698 سهماً. وفى سنة 1930 توفيت صديقة حافظ، وبوفاتها بطل إقرارها هى الأخرى، وانتقل استحقاقها كاملاً إلى أولادها، وبذلك نقص نصيب كل من الطاعنين وأصبح 1425 سهماً بدلاً من 3561 سهماً.
وفى سنة 1932 أقام الطاعن الأول أمام محكمة مصر الشرعية الدعوى رقم 184 سنة 1932 - 1933 كلى على وزارة الأوقاف وطلب فيها الحكم باستحقاقه حصة فى الوقف مقدارها 18 سهماً من قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها ريع الوقف. وفى 16 من سبتمبر سنة 1935 قضت محكمة مصر الشرعية فى هذه الدعوى باستحقاق المدعى لجزء من تسعة وثلاثين جزءاً ينقسم إليها ريع الوقف. ومما جاء فى هذا الحكم "أن طه الدخاخنى والد المدعى وإن لم يستحق فى الوقف بالفعل لوفاته فى حياة والدته زبيدة محمد شلبى فإنه يجب أن يعتبر ضمن أهل طبقته فى القسمة وما أصابه ينتقل إلى أولاده (الطاعنين الثلاثة) عملاً بقول الواقف (ومن مات من بينهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشئ منه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك وآل الوقف إلى حال أن لو كان المتوفى حياً باقياً لاستحق ذلك قام ولده أو ولد ولده مقامه فى ذلك واستحق ما كان أصله يستحقه)". وأيدت المحكمة العليا الشرعية هذا الحكم فى 22 من يناير سنة 1936.
وعلى إثر صدور هذا الحكم وعلى أساسه أقام الطاعنون على وزارة الأوقاف أمام محكمة مصر الأهلية الكلية الدعوى رقم 744 سنة 1936 وطلبوا فيها الحكم بإلزام الوزارة أن تقدم حساب وقف الأمير مصطفى كتخدا إسماعيل عن المدة من 6 أغسطس سنة 1904 وهو تاريخ وفاة جدتهم زبيدة إلى وقت تقديم الحساب.
ودفعت الوزارة هذه الدعوى بأنها جرت على صرف استحقاق الطاعنين على موجب الحكم الشرعى الذى صدر لأولهم فى 7 من يوليه سنة 1924 وهو لم يقض باستحقاق الطاعنين فى الوقف وإنما قضى فقط بمعاملة من أقر لهم بالاستحقاق باقراره. حتى إذا ما صدر الحكم الشرعى الرقيم 16 سبتمبر سنة 1935 الذى قضى باعتبار كل من الطاعنين مستحقاً لنصيب فى الوقف مقداره جزء من تسعة وثلاثين جزءاً ينقسم إليها ريع الوقف أخذت الوزارة تصرف للطاعنين استحقاقهم على هذا الأساس. وأضافت الوزارة إلى ذلك أن حق المطالبة فى الريع ينقضى بانقضاء 15 سنة، ومن ثم فليس للطاعنين أن يطلبوا حساباً إلا عن الخمس عشرة سنة السابقة لرفع دعواهم. وقدمت الوزارة حساب الوقف عن المدة من سنة 1920 إلى سنة 1937.
وفى 14 من يناير سنة 1943 قضت محكمة مصر تمهيدياً بندب خبير حاسب كلفته أن يفحص الحساب المقدم من الوزارة عن المدة من سنة 1924 وما بعدها لبيان نصيب المدعين فى صافى الريع وما صرف إليهم منه وما عسى أن يكون باقياً لهم. وانبنى هذا الحكم على أن القضاء باستحقاق الطاعنين هو قضاء منشئ للحق وليس مقرراً له، وأن ليس للطاعنين بناءً على ذلك أن يطلبوا الحساب عن المدة السابقة لسنة 1924 وهى السنة التى صدر فيها أول حكم شرعى يجعل لهم نصيباً فى ريع الوقف.
وفى جلسة 25 من يناير سنة 1943 قرر الطاعنون أنهم يقبلون حساب الوزذارة وعلى ذلك قررت المحكمة إخطار الخبير بالاستغناء عن تنفيذ ما ندب له، لكن المدعين ما لبثوا حتى قرروا أنهم إنما قصدوا بقبولهم حساب الوزارة اعتماد ما جاء فيه من إيراد وصرف، أما الأساس الذى لوحظ فى توزيع الريع فهم لا يقرونه إذ هم يتمسكون بأن كلاً منهم يستحق فى الوقف جزءاً من تسعة وثلاثين جزءاً وفق ما قضى به الحكم الشرعى الصادر فى 16 من سبتمبر سنة 1935. وقال الطاعنون إن نصيبهم فى الريع على هذا الأساس عن المدة المعينة فى الحكم التمهيدى يبلغ 1763 ج و446 م يخصم منه مبلغ 497 ج و589 م قيمة ما استلموه من الوزارة ويكون الباقى حقاً لهم. وفى 22 من أبريل سنة 1943 قضت المحكمة باعادة المهمة إلى الخبير ليؤديها على الوجه المبين بالحكم التمهيدى الصادر فى 14 من يناير سنة 1943. وقد قام الخبير بهذه المهمة وقدم تقريراً جاء فيه أن صافى ريع الوقف عن المدة من 7 من يوليه سنة 1924 إلى 15 من سبتمبر سنة 1935 بلغ 25742 ج و117 م وأن نصيب المدعين فى هذا المبلغ - على أساس أن لكل منهم جزءاً من 39 جزءاً من ريع الوقف - هو 1980 ج و156 م يخص كلاً منهم 660 ج و52 م ولما كان كل منهم قد تسلم من الوزارة مبلغ 224 ج و414 م فان الباقى لكل منهم يكون 585 ج و248 م. وبناءً على هذا التقرير قضت محكمة مصر فى 15 من أكتوبر سنة 1944 بإلزام وزارة الأوقاف بصفتها الشخصية بأن تدفع لكل من المدعين مبلغ 585 ج و248 م مع المصاريف ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وفيه طلبت قبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين ثم استأنفت أيضاً الحكمين التمهيديين القطعيين الصادر أولهما فى 14 من يناير سنة 1943 والصادر ثانيهما فى 22 من أبريل سنة 1943 وفيه طلبت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكمين المذكورين، وقررت محكمة استئناف مصر ضم الاستئنافين كل منهما إلى الآخر وقضت فيهما فى 30 من ديسمبر سنة 1945 بقبولهما شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم الموضوعى الصادر فى 15 من أكتوبر سنة 1944 ورفض دعوى المستأنف عليهم وإلزامهم بمصاريف الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب محاماة.
وأعلن الطاعنون بهذا الحكم فى 31 من مارس سنة 1946 فطعنوا فيه بالنقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن السبب الأول من سببى الطعن مقام على الخطأ فى تطبيق القانون، ووجهه أن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى أن الحكم الشرعى بالاستحقاق هو حكم منشئ للحق لا مقرر له، وذهب إلى أن ناظر الوقف إذا كان حسن النية لا يسأل قبل من حكم له بالاستحقاق عما استهلك من ريع المدة السابقة - الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى هذا المذهب وذاك قد أخطأ فى تطبيق القانون، لأن الأصل فى الأحكام أنها تقرر الحق ولا تنشئه، ولأن إجماع الفقه والقضاء على أن ناظر الوقف إذا صرف لبعض المستحقين وحرم البعض فالمحروم بالخيار إن شاء رجع على الناظر أو على من قبض حقه من المستحقين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنين قام على أمرين يكفى أيهما وحده لحمله. أولهما أن حكم المحكمة الشرعية الصادر فى 16 من سبتمبر سنة 1935 الذى عين للطاعن الأول حصة مقدارها ثمانية عشر سهماً من قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها ريع الوقف ليس حكماً كاشفاً للحق بل هو مثبت له. والآخر أن وزارة الأوقاف إذا كانت فى المدة السابقة على سنة 1935 قد أجرت على الطاعن الأول - وأختيه المشبهتين به الطاعنتين الثانية والثالثة - نصيباً فى ريع الوقف هو دون نصيبهم الذى قضى لهم به فى سنة 1935 فإن ذلك منها إنما كان اعتقاد أن الطاعنين لا يستحقون فى غلة الوقف إلا النصيب الذى اعترف لهم به من اعترف من المستحقين.
وحيث إن المقرر فى الفقه الإسلامى أن الوقف إذا كان صادراً على ذرية الواقف وأثبت أحد استحقاقه بأن برهن على أنه من هذه الذرية وكان الخلاف على استحقاقه متعلقاً بنسبه فإن الحكم يكون كاشفاً للحق لا مثبتاً له، ويكون للمستحق أن يرجع بحصته فى السنين الماضية على من قبضها من المستحقين أو على الناظر إذا كان قد أجراها معتمداً على غير من يستحقها. أما إذا كان الخلاف غير متعلق بنسب مدعى الاستحقاق بل بتفسير شرط الواقف هل ينطبق على المدعى أم لا ينطبق، كما إذا وقف على ولد ولده وادعى شخص انه ولد بنت الواقف وأنه بذلك يكون ولد ولده وأنكر استحقاقه لا لخلاف فى نسبه ولكن على زعم أن البنت ليست ولداً وأن ولد البنت ليس ولد ولد، وأخذ القضاء بوجهة نظر المدعى، وقضى بدخوله فى الاستحقاق، فإنه لا يستحق شيئاً مما استهلك من غلات السنين الماضية لأن القضاء فى هذه الحالة يكون مثبتاً أنه من الموقوف عليهم لا مظهراً. وذلك لوجود شبهة الاقتصار فى شرط الواقف. فإن كانت الغلة موجودة استحق فيها نصيبه لضعف تلك الشبهة. ومتى كان هذا مقرراً فى الفقه الإسلامى فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بأن الطاعنين لا يستحقون نصيبهم الذى قضى به الحكم الشرعى الصادر فى 16 من سبتمبر سنة 1935 إلا من تاريخ هذا الحكم لا قبله يكون قد أصاب ولم يخطئ فهم حكم الشريعة التى هى وحدها القانون الواجب التطبيق فى هذا الخصوص.
وحيث إن حسن النية المبرئ لذمة ناظر الوقف عند الرجوع عليه فى ماله بما يدعيه أحد المستحقين من نصيب فى غلة السنوات الماضية المعترف بتوزيعها على المستحقين إنما هو اعتقاده أن هذا الذى ثبت له الاستحقاق كان مع الاعتراف بنسبه للواقف غير مستحق لشئ بحسب الظاهر من كتاب الوقف وأنه لهذا الاعتقاد كان يوزع غلة الوقف على مستحقيها الباقين بالفريضة الشرعية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ أثبت أن وزارة الأوقاف كانت حسنة النية قال بياناً لذلك إن الطاعن الأول رفع دعوى باستحقاقه فى الوقف فرفضت فى سنة 1915، وإنه لما أن كرر دعواه فى سنة 1924 وكان بعض المستحقين قد أقر له بنصيب فى الوقف لم يقض له بهذا النصيب بل قضى فقط بمعاملة المقرين بإقرارهم، ونزلت الوزارة على مقتضى هذا وصرفت للطاعن وأختيه المشبهتين به ما اقتطعته من نصيب المقرين، حتى إذا ما أقام الطاعن دعواه الأخيرة بالاستحقاق فى سنة 1935 وقضى له فى 16 من سبتمبر سنة 1945 بنصيب معين فى غلة الوقف نزلت الوزارة على موجب هذا الحكم منذ صدوره وصرفت له ولأختيه النصيب الذى أظهره لهم. ومتى كان الأمر كذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد فهم حسن النية المبرئ لذمة الناظر على وجهه الصحيح. ومن ثم كان نعى الطاعنين عليه أنه أخطأ تطبيق القانون وخالفه نعياً على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن قصور فى التسبيب وجهه أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعنين بأن حكم الاستحقاق يقرر الحق ولا ينشئه ثم إنه لم يناقش الحكم التمهيدى الصادر فى 16 من يناير سنة 1944 الذى أرجع حق الطاعنين إلى سنة 1924 ولم يقصره على سنة 1935. كما أنه أغفل الرد على دفاع الطاعنين بأن وزارة الأوقاف دفعت بانقضاء الحق لمضى المدة وطلبت إدخال المستحقين ليقضى عليهم بما عسى أن يقضى به عليها، وفى هذا وذاك ما يفيد تسليمها بحق الطاعنين.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن حكم الاستحقاق مثبت للحق وليس كاشفاً له قد أورد سنده فى ذلك، ثم إن الحكم التمهيدى الصادر فى 16 من يناير سنة 1944 لم يقض بسريان حكم الاستحقاق على الماضى ليتعين على الحكم المطعون فيه أن يناقشه أو يرد عليه. وكون الوزارة قد دفعت بسقوط الحق لمضى المدة أو أدخلت المستحقين ليقضى عليهم بما عسى أن يقضى به عليها لا يفيد أنها مسلمة بحق عليها للطاعنين. فلا على الحكم إذا هو لم يكن قد رد على ما قاله الطاعنون فى هذا الشأن.