مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 627

(65)
جلسة 18 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

القضية رقم 487 لسنة 10 القضائية

( أ ) عامل. "تعيين - لياقة صحية".
من الشروط الجوهرية للتعيين في الوظيفة والاستمرار فيها - فقدان هذا الشرط أثناء الخدمة - يتعين إنهاء خدمة العامل.
(ب) عامل مؤقت. "تعيين - لياقة صحية".
وجوب توافر شرط اللياقة الصحية في عمال اليومية المؤقتين.
(جـ) عامل مؤقت أو موسمي "فصله".
القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 - لا يمس سلطة الجهة الإدارية في إنهاء خدمة العمال المؤقتين أو الموسميين إذا ما ثبت عدم لياقتهم الصحية للاستمرار في الخدمة.
(د) عامل. "تعيين - لياقة صحية".
جواز الإعفاء من شروط اللياقة الصحية كلها أو بعضها - بطلان القرار الصادر بالإعفاء - لا يجوز سحبه إلا خلال الستين يوماً التالية لصدوره [(1)].
1 - أن ثبوت اللياقة الصحية من الشروط الجوهرية للتعيين في الوظيفة العامة والاستمرار فيها وهو شرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من مقدرة العامل على النهوض بأعباء وظيفته وأداء الأعمال المنوطة به على الوجه الذي يقتضيه حسن سير المرافق العامة وانتظامها - وينبني على فقدان هذا الشرط أثناء الخدمة فقدان العامل لصلاحيته للبقاء في وظيفته الأمر الذي يتعين معه إنهاء خدمته.
2 - أنه لا شك في وجوب توافر شرط اللياقة الصحية في عمال اليومية المؤقتين بحيث تنتهي خدمة العامل المؤقت عند ثبوت عدم لياقته صحياً وبالتالي عجزه عن القيام بالعمل الذي عين للقيام به والذي يتقاضى أجره عنه إذ لا يجوز أن يظل مثل هذا العامل عبئاً على المرفق الذي عين للمساهمة في خدمته وأن يحمل هذا المرفق بتأدية أجره عن عمل لا تمكنه حالته الصحية من أدائه في حين أنه لو كان عاملاً دائماً أثبت وضعاً وأكثر استقراراً لانتهت خدمته متى يثبت عدم لياقته صحياً للقيام بعمله.
3 - أن الذي استهدفه المشرع بالحظر الوارد بالقرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 هو سلب سلطة الإدارة التقديرية في فصل العمال المؤقتين والموسميين بغير الطريق التأديبي دون المساس بسلطتها في إنهاء خدمتهم إذا ما ثبت عدم لياقتهم الصحية للاستمرار في الخدمة.
4 - أنه ولئن كان فقدان شروط اللياقة الصحية من أسباب انتهاء خدمة العامل المؤقت إلا أنه يجوز بقرار يصدر بعد أخذ رأي الجهة الطبية المختصة إعفاؤه من الشروط المذكورة كلها أو بعضها، فإذا صدر قرار بإعفائه من شروط اللياقة الصحية - ولو كان مشوباً - لعدم أخذ رأي الجهة الطبية المختصة - فإن هذا القرار - ما كان يجوز سحبه إلا خلال الستين يوماً التالية لصدور بحيث إذا انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة تعصمه من الإلغاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 3 من مارس سنة 1963 أقام السيد/ المتولي المرسي حسن الحزين الدعوى رقم 457 لسنة 10 القضائية ضد السيد مدير عام مصلحة السكة الحديد والسيد وزير المواصلات طالباً الحكم:
أصلياً: بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
واحتياطياً: إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة عما لحقه من ضرر نتيجة فصله - وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
- وقال شرحاً لدعواه أنه كان قد التحق بخدمة هيئة السكة الحديد في سنة 1953 بصفة خفير مهمات وثبتت في ذلك الوقت صلاحيته للخدمة وفي بدء عمله أصيب في عينه اليسرى وذلك أثناء وبسبب عمله إلا أنه لم يكترث لذلك واستمر في مباشرة عمله - وفي سنة 1962 قامت الجهة الإدارية بتوقيع الكشف الطبي عليه إلا أنه ثبت ضعف أبصار عينه اليسرى فأوقف عن العمل في 2 من مايو سنة 1962 ثم أعيد إلى العمل في 22 من يوليو سنة 1962 وأخيراً تقرر فصله من الخدمة - وذكر أن هذا الإجراء باطل لأن الكشف الطبي لم يوقع عليه إلا بعد تسع سنوات من تاريخ دخوله الخدمة وطبيعة عمله هي السهر طول الليل وذلك كاف لإضعاف نظر أي إنسان - والكشف الطبي لا يوقع إلا عند دخول الموظف أو العامل الخدمة فإذا ثبتت صلاحيته صدر قرار تعيينه أما ما يصيبه بعد ذلك من العاهات أو الإصابات بسبب العمل فلا يمكن فصله استناداً إليه.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة قالت فيها أن المدعي التحق بخدمة الهيئة في شهر مايو سنة 1955 بوظيفة فاعل ظهورات على بند الاعتمادات المؤقتة وفي 14 من مارس سنة 1961 صدرت تعليمات من رئاسة الهيئة بضرورة توقيع الكشف الطبي على جميع العمال المؤقتين للتحقق من لياقتهم الصحية - فحول المدعي إلى الكشف الطبي وتقرر عدم لياقته نهائياً لضعف أبصاره الشديد وذلك في 12 من يوليو سنة 1961 ولكنه استمر بخدمة الهيئة على أساس أن مدة خدمته تزيد على عشر سنوات إلى أن صدرت تعليمات المنطقة الشمالية في 7 من إبريل سنة 1962 بضرورة التحقق في اللياقة الطبية لجميع العمال أياً كانت مدة خدمتهم وعدم جواز استمرار من اتضحت عدم لياقتهم الطبية للعمل - وتنفيذاً لهذه التعليمات أخلى المدعي من العمل بفصله من الخدمة اعتباراً من 3 من مايو سنة 1962 لعدم لياقته طبياً فتقدم بتظلم مؤرخ في 14 من يوليو سنة 1962 ثم تقدم بطلب لإعفائه من الرسوم في أول ديسمبر سنة 1962 ودفعت الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لعدم إقامتها في الميعاد المقرر وطلبت رفضها موضوعاً لعدم قيامها على سند من القانون.
وأودعت هيئة المفوضين تقريراً في الدعوى انتهت فيها إلى أنها ترى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول إلغاء قرار فصل المدعي من الخدمة شكلاً على أن القرار المطعون فيه صدر في 14 من يوليو سنة 1962 بفصله من الخدمة اعتباراً من 3 من مايو سنة 1962 تاريخ وقفه عن العمل فتظلم منه في 14 من يوليو سنة 1962 بتظلم قيد لدى الإدارة في 18 من يوليو سنة 1962 إلا أنه لم يتقدم بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية إلا في أول ديسمبر سنة 1962 أي بعد مرور أكثر من ستين يوماً على انتهاء الستين يوماً التالية لتقديم التظلم - كما أقامت قضاءها بتعويض المدعي بمبلغ مائة جنيه على أن قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 قد نص على أن يحظر على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بالطريق التأديبي ولم يجز الفصل إلا في حالات محددة أوردها على سبيل الحصر وحتى في هذه الحالات أفسح أمام هؤلاء العمال مجالات العمل فليس للإدارة أن تضع قيوداً جديدة على استمرار العمال المؤقتين في الخدمة لم يكن لها وجود قبل صدور القرار المذكور بحجة أنه يستلزم استيفاء مسوغات التعيين بالنسبة إليهم وفصل من لم يستوف منهم هذه المسوغات على نحو ما فعلت بالمدعي وبإصدارها قرار فصله على هذا الأساس تكون قد أخطأت في تطبيق قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر ويكون قرارها مشوباً بعيب مخالفة القانون وتكون أركان المسئولية المستوجبة للتعويض متوافرة وهي قيام الخطأ من جانب الإدارة وتسبب هذا الخطأ في إلحاق الضرر بالمدعي لحرمانه من مورد رزقه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ولئن كان قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 قد حظر فصل أي عامل موسمي أو مؤقت إلا بالطريق التأديبي فإن الفصل المعني بذلك هو الفصل الإداري الذي يتم بإرادة جهة الإدارة بغير الطريق التأديبي ولم يصدر قرار فصل المدعي بإرادة جهة الإدارة بقصد إنهاء الرابطة بينها وبينه بغير الطريق المرسوم في قرار رئيس الجمهورية المشار إليه وإنما هو أثر يرتبه القانون على ثبوت عدم لياقته للبقاء في الخدمة باعتبار أن ثبوت اللياقة الطبية من شروط التعيين في الوظائف العامة والاستمرار فيها فعدم اللياقة الطبية سبب من الأسباب التي يرتب القانون عليها انتهاء الخدمة وهو أن اجتمع مع الفصل في الأثر إلا أنه يختلف عنه في الطبيعة والحكم والقرار الذي تصدره جهة الإدارة ليس إلا كشفاً عن هذا الأثر الذي رتبه القانون مباشرة على عدم اللياقة ولا يعدو أن يكون قراراً تنفيذياً تنعدم سلطة جهة الإدارة وتقديرها في إصداره - أما الفصل التأديبي أو غير التأديبي فهو تعبير عن إرادة جهة الإدارة تصدره بما لها من سلطة تقديرية والفصل بهذا المعنى هو المقصود في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر الذي أباح نوعاً منه هو الفصل التأديبي - وثابت من الأوراق أن المدعي غير لائق للبقاء في الخدمة لضعف إبصاره الشديد وهذا من شأنه أن يرتب انتهاء خدمته بقوة القانون وهو أمر لم يتناوله قرار رئيس الجمهورية ولم يحظر على جهة الإدارة إجراءه والقول بغير ذلك يتعارض مع مبدأ حسن سير المرافق العامة بل يتعارض من مصلحة العامل نفسه - وبناء على ذلك يكون قرار فصل المدعي لعدم لياقته طبياً للبقاء في الخدمة مطابقاً للقانون وللأصول المسلمة في القانون الإداري وينتفي بذلك الخطأ الموجب للتعويض فلم يكن ثمة وجه لإجابة المدعي إلى طلبه الاحتياطي.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق وعلى الأخص من ملف خدمة المدعي أنه عين في مايو سنة 1955 فاعل ظهورات على بند الاعتمادات المؤقتة دون استيفاء مسوغات التعيين لأن عمله كان مرهوناً بانتهاء الأعمال التي يعمل بها. وفي 14 من مارس سنة 1961 صدرت تعليمات من الإدارة العامة للهيئة تضمنت أن قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 قد أدى إلى معاملة المؤقتين والموسميين معاملة العمال الدائمين من حيث عدم الفصل إلا بالطريق التأديبي الأمر الذي يقتضي تكليف من لم يستوف مسوغات تعيينه من هؤلاء العمال باستيفائها بما في ذلك اتضاح اللياقة الطبية وأن الهيئة رأت أنه لا يجوز الإعفاء من الكشف الطبي ولكن يجوز الإعفاء من شرط اللياقة الطبية على أن يتقدم الجميع للكشف الطبي ثم ينظر فيما بعد في إعفاء من ترى إعفاءهم من هذا الشرط في حدود القواعد والتعليمات - وفي 12 من يوليو سنة 1961 وقع الكشف الطبي على المدعي فوجد غير لائق فاعل نهائياً - ضعف إبصار شديد) - وفي 15 من أغسطس سنة 1961 تلقى مهندسو مناطق المنصورة وشربين كتاباً من مهندسي قسم المنصورة في شأن الكشف على جميع العمال الظهورات تضمن أن المنطقة الشمالية وافقت بكتابها المؤرخ في أول أغسطس سنة 1961 على إعفاء أربعة عمال من بينهم المدعي من شرط اللياقة الطبية (صفحة 18 من ملف خدمته). وذكرت الهيئة في دفاعها أن المدعي ظل في الخدمة على أساس أن مدة خدمته تزيد على عشر سنوات إلى أن صدرت تعليمات المنطقة بكتابها المؤرخ في 7 من إبريل سنة 1962 التي تقتضي بوجوب ثبوت اللياقة الطبية لجميع العمال سواء من أمضى منهم بالخدمة أكثر من عشر سنوات أو أقل - وتنفيذاً لهذه التعليمات أخلى المدعي من العمال في 3 من مايو سنة 1962 ثم صدر قرار المنطقة الشمالية في 14 من يوليو سنة 1962 بفصله من الخدمة اعتباراً من 3 من مايو سنة 1962 لعدم لياقته طبياً - وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1966 أودع المدعي صورة من القرار رقم 185 الصادر في 16 من إبريل سنة 1963 من مدير عام المنطقة الشمالية المتضمن إعادته إلى العمل على أن يعمل بعيداً عن السكة وذلك استناداً إلى موافقة المهندس مساعد المدير العام على إعفائه من شرط اللياقة الطبية في حدود التعليمات بالنسبة إلى ضعف الإبصار.
ومن حيث إن السبب الذي قام عليه القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة هو ثبوت عدم استيفائه شروط اللياقة الصحية اللازمة للاستمرار في العمل.
ومن حيث إن ثبوت اللياقة الصحية من الشروط الجوهرية للتعيين في الوظيفة العامة والاستمرار فيها وهو شرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من مقدرة العامل على النهوض بأعباء وظيفته وأداء الأعمال المنوطة به على الوجه الذي يقتضيه حسن سير المرافق العامة وانتظامها - وينبني على فقدان هذا الشرط أثناء الخدمة فقدان العامل لصلاحيته للبقاء في وظيفته الأمر الذي يتعين معه إنهاء خدمته وقد حرصت قوانين التوظف ولوائحه على ترديد هذا الأصل كما رددته بالنسبة إلى عمال اليومية الدائمين أحكام كادر العمال ومن قبلها تعليمات المالية الصادرة في سنة 1922 التي تضمنت الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922 ولا شك في وجوب توافر شرط اللياقة الصحية في عمال اليومية المؤقتين بحيث تنتهي خدمة العامل المؤقت عند ثبوت عدم لياقته صحياً وبالتالي عجزه عن القيام بالعمل الذي عين للقيام به والذي يتقاضى أجره عنه إذ لا يجوز أن يظل مثل هذا العامل عبئاً على المرفق الذي عين للمساهمة في خدمته وأن يحمل هذا المرفق بتأدية أجره عن عمل لا تمكنه حالته الصحية من أدائه في حين أنه لو كان عاملاً دائماً أثبت وضعاً وأكثر استقراراً لانتهت خدمته متى ثبت عدم لياقته صحياً للقيام بعمله ولا تحول دون إنهاء خدمة العامل المؤقت لهذا السبب - أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين والموسميين - إذ لم يقصد بهذا القرار الخروج على الأصل المتقدم عندما حظر في المادة الأولى منه على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بالطريق التأديبي - إذ أن الذي استهدفه المشرع بهذا الحظر هو سلب سلطة الإدارة التقديرية في فصل العمال المؤقتين والموسميين بغير الطريق التأديبي دون المساس بسلطتها في إنهاء خدمتهم إذا ما ثبت عدم لياقتهم الصحية للاستمرار في الخدمة.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أن تنتهي خدمة العامل متى ثبتت عدم لياقته صحياً إلا أن المشرع لاعتبارات قدرها قد حرص على النص في مختلف قوانين التوظف ولوائحه على أنه يجوز إعفاء العامل من كل أو بعض شروط اللياقة الصحية بقرار يصدر بعد أخذ رأي الهيئة الطبية المختصة ولقد تضمنت النص على ذلك المادة 13 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 7 من القانون رقم 46 لسنة 1964 والمادة 19 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1640 لسنة 1960 باللائحة التنفيذية لقرار رئيس الجمهورية رقم 2190 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي الهيئة العامة لشئون سكك حديد مصر - وتنص هذه المادة الأخيرة على أنه (يجوز إعفاء الموظف من شروط اللياقة الطبية اللازمة للتعيين أو الاستمرار في الوظيفة كلها أو بعضها بقرار من وزير المواصلات أو مدير الهيئة كل في حدود اختصاصه بعد أخذ رأي مجلس الهيئة الطبي) والمستفاد من الأوراق أن الهيئة الطاعنة قد جرت على تطبيق هذه الأحكام فيما تضمنته من جواز الإعفاء من شروط اللياقة الصحية على العمال المؤقتين.
ومن حيث إنه لذلك فإنه ولئن كان فقدان شروط اللياقة الصحية من أسباب انتهاء خدمة العامل المؤقت إلا أنه يجوز بقرار يصدر بعد أخذ رأي الجهة الطبية المختصة إعفاؤه من الشروط المذكورة كلها أو بعضها.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة المدعي أنه قد صدر في أول أغسطس سنة 1961 قرار بإعفائه من شرط اللياقة الصحية - وأنه ولئن كانت الأوراق المودعة ملف الطعن خالية مما يفيد أنه قد سبق هذا الإعفاء أخذ رأي الجهة الطبية المختصة - إلا أن القرار المذكور - ولو كان مشوباً - ما كان يجوز سحبه إلا خلال الستين يوماً التالية لصدوره بحيث إذا انقضي هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة تعصمه من الإلغاء - وإذ كان الثابت أنه لم يسحب خلال الميعاد المذكور فإن المدعي يكون قد اكتسب مركزاً ذاتياً مترتباً عليه من شأنه استمراره في الخدمة - وكل إخلال بهذا المركز بقرار يصدر بعد ذلك ينطوي على مخالفة للقانون تعيب هذا القرار الأخير وتبطله.
ومن حيث إنه ليس في الأوراق ما يفيد أنه قد طرأ على حالة المدعي الصحية أي تدهور بعد الكشف الطبي الذي وقع عليه في 12 من يوليو سنة 1961 - فما كان يجوز فصله استناداً إلى نتيجة هذا الكشف بالقرار موضوع المنازعة الصادر في 14 من يوليو سنة 1962 أي بعد قرار الإعفاء من شرط اللياقة الصحية بأكثر من أحد عشر شهراً.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون القرار المشار إليه الصادر بفصل المدعي لعدم لياقته صحياً للاستمرار في الخدمة مخالفاً للقانون وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالتعويض على أساس أنه مشوب بهذا العيب وعلى أن أركان المسئولية المستوجبة للتعويض متوافرة وهي قيام الخطأ من جانب الجهة الإدارية وتسبب هذا الخطأ في إلحاق الضرر بالمدعي لحرمانه من مورد رزقه - فإنه يكون قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات..

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الهيئة العامة للسكك الحديدية بالمصروفات..


[(1)] يقارن بهذا المبدأ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 12/ 2/ 1967 في القضية رقم 380 لسنة 8 القضائية.