مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 635

(66)
جلسة 18 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 286 لسنة 11 القضائية

( أ ) عمد ومشايخ. "تأديبهم". محكمة إدارية عليا - اختصاصها.
قرارات لجنة العمد والمشايخ بتوقيع عقوبات تأديبية - سلطة الوزير في التصديق عليها تشتمل على حق الإلغاء والتعديل - قرار اللجنة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً للقرار النهائي الذي يصدره وزير الداخلية - لا تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغاء قرارات اللجنة - قرار الوزير هو مناط الطعن وتختص به المحاكم الإدارية أو محكمة القضاء الإداري طبقاً لقواعد توزيع الاختصاص [(1)].
(ب) اختصاص. اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية. عمد ومشايخ.
الاختصاص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات التأديبية الصادرة ضد العمد والمشايخ - يكون للمحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل [(1)].
1 - أنه وإن كان للجنة العمد والمشايخ اختصاص تأديبي بالنسبة إلى العمد والمشايخ إلا أن القرارات الصادرة منها بعقوبات تأديبية ليست قرارات نهائية وإنما هي قرارات تخضع لتصديق وزير الداخلية الذي يملك اعتمادها أو إلغائها أو تخفيض العقوبة إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، وإذ كانت سلطة وزير الداخلية في شأن تلك القرارات لا تقف عند حد التصديق أو عدم التصديق وإنما تشتمل على حق الإلغاء، والتعديل بمعنى أن الوزير يستأنف النظر في عمل اللجنة ويصدر قراراً جديداً يعتبر هو المنشئ للمركز القانوني، فمن ثم فلا يعود القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ أن يكون قراراً تحضيرياً للقرار النهائي الذي يصدره وزير الداخلية، وبهذه المثابة لا تعتبر القرارات الصادرة من لجنة والعمد والمشايخ من قبيل القرارات الصادرة من مجالس التأديب التي تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائها، وإنما ينصب الطعن على القرار النهائي الصادر من وزير الداخلية باعتباره سلطة تأديبية فتختص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بالنظر في طلب إلغائه طبقاً لقواعد توزيع الاختصاص التي حددتها المادتان 8، 13 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
2 - أنه لما كان المدعي قد أقام الدعوى مستهدفاً إلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية بتاريخ 20 من يونيه سنة 1963 باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بفصله من الشياخة فمن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل لأن وظائف العمد والمشايخ ليست من الوظائف الداخلة في الهيئة من الفئة العالية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1963 أقام المدعي الدعوى رقم 425 لسنة 10 القضائية لدى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الشياخات بمحافظة الشرقية في القضية التأديبية رقم 50 بندر الزقازيق لسنة 1963 واعتباره كأن لم يكن مع إلزام وزارة الداخلية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل شيخاً لقسم النحال ببندر الزقازيق، وقد قدم إلى المحاكمة التأديبية أمام لجنة العمد والمشايخ بتهمة مخالفته لمقتضى الواجب إذ لم يتوخ الدقة في إثبات البيانات الصحيحة في الشهادات الإدارية التي يصدرها، ثم تحدد لمحاكمته جلسة 23 من إبريل سنة 1963 وفيها قررت اللجنة المذكورة فصله من الخدمة وصدقت وزارة الداخلية على القرار بتاريخ 20 من يونيه سنة 1963 ثم أعلن إليه القرار في 3 من يوليه سنة 1963، ولما كان القرار المشار إليه باطلاً للأسباب العديدة التي فصلها في صحيفة الدعوى فقد أقام الدعوى بطلب الحكم بإلغائه.
وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1964 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا، وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر من لجنة العمد والمشايخ منعقدة بهيئة مجلس تأديب طبقاً لإحكام المواد 29، 31، 32 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الطعن في قرارات مجالس التأديب إنما يكون أمامها مباشرة شأنها في ذلك شأن الطعون في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية لاتحاد طبيعة القرارات التي تصدر من الجهتين، وعلى ذلك تكون المحكمة الإدارية غير مختصة بنظر الدعوى ويتعين إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا المختصة بنظر الدعوى عملاً بأحكام المادة 135 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 الذي جاء في مذكرته الإيضاحية أن الإحالة واجبة سواء كانت المحكمة المحال إليها الدعوى من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى منها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه من وجهين:
أولهما: أن القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ في شأن تأديب هذه الطائفة من الموظفين تختلف في طبيعتها عن القرارات الصادرة من مجالس التأديب فالأولى قرارات غير نهائية تخضع لاعتماد وزير الداخلية الذي يملك حق إلغاء العقوبة أو خفضها إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشر جنيهات، كما يحق له استئناف أي قرار تأديبي أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 32 من القانون رقم 106 سنة 1957 المشار إليه ومن ثم يكون لوزير الداخلية سلطة التعقيب على قرارات لجنة العمد والمشايخ في حين أن القرارات التي تصدر من مجالس التأديب هي قرارات نهائية لا تخضع لتصديق سلطة أعلى ولذلك فلا يعتبر القرار الصادر من وزير الداخلية باعتماد قرار صادر من لجنة الشياخات بمثابة القرار الصادر من مجلس التأديب ولا تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائه إنما ينعقد الاختصاص للمحكمة الإدارية، أما الوجه الثاني للطعن فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا ذلك لأن الإحالة لا تجوز إلا بين محكمتين من درجة واحدة كما استقر على ذلك قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من الطعن فإنه يبين من الرجوع إلى القانون رقم 106 سنة 1957 في شأن العمد والمشايخ أن المادة 29 منه تنص على ما يأتي:
"إذا فقد العمدة أو الشيخ شرطاً من الشروط المنصوص عليها في القانون، أو تبين أنه كان فاقداً لإحداها، أو أصبح ظاهر العجز في أداء واجباته، أو قرر قومسيون طبي المديرية عدم لياقته، أصدر المدير قراراً بإحالته إلى لجنة العمد والمشايخ للنظر في فصله، وإذا قصر العمدة والشيخ أو أهمل في القيام بواجباته أو أتي أمراً يخل بكرامته، جاز للمدير بعد سماع أقواله أن يوقع عليه جزاء بالإنذار أو بغرامة لا تتجاوز جنيهين، وللمدير أن يحيل العمدة أو الشيخ إلى لجنة العمد والمشايخ إذا رأى أن ما وقع من أيهما يستوجب جزاء أشد، وللجنة أن توقع جزاء بالإنذار أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً أو بالفصل من العمدية أو الشياخة. ويجوز الجمع بين الفصل والغرامة ولكن لا يجوز بأية حال أن يزيد مجموع الغرامات عن الحد الأقصى مهما تعددت التهم المنسوبة إليه، وتحصل الغرامة بالطرق الإدارية" وتنص المادة 32 على أن "جميع القرارات التي تصدرها لجنة العمد والمشايخ يجب إبلاغها إلى وزير الداخلية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها للنظر في اعتمادها، وللوزير بالنسبة للقرارات التأديبية حق إلغاء العقوبة أو خفضها إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات وله في جميع الأحوال حق استئناف أي قرار تأديبي أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 31 بشرط أن يتم ذلك في ظرف ستين يوماً من تاريخ صدور ذلك القرار وإلا اعتبر نهائياً.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أنه وإن كان للجنة العمد والمشايخ اختصاص تأديبي بالنسبة إلى العمد المشايخ إلا أن القرارات الصادرة منها بعقوبات تأديبية ليست قرارات نهائية وإنما هي قرارات تخضع لتصديق وزير الداخلية الذي يملك اعتمادها أو إلغاءها أو تخفيض العقوبة إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، وإذ كانت سلطة وزير الداخلية في شأن تلك القرارات لا تقف عند حد التصديق أو عدم التصديق وإنما تشتمل على حق الإلغاء، والتعديل، بمعنى أن الوزير يستأنف النظر في عمل اللجنة ويصدر قراراً جديداً يعتبر هو المنشئ للمركز القانوني، فمن ثم فلا يعدو القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ أن يكون قراراً تحضيرياً للقرار النهائي الذي يصدره وزير الداخلية، وبهذه المثابة لا تعتبر القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ من قبيل القرارات الصادرة من مجالس التأديب التي تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائها، وإنما ينصب الطعن على القرار النهائي الصادر من وزير الداخلية باعتباره سلطة تأديبية فتختص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بالنظر في طلب إلغائه طبقاً لقواعد توزيع الاختصاص التي حددتها المادتان 8، 13 من القانون رقم 55 سنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لما كان المدعي قد أقام الدعوى مستهدفاً إلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية بتاريخ 20 من يونيه سنة 1963 باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بفصله من الشياخة فمن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل لأن وظائف العمد والمشايخ ليست من الوظائف الداخلة في الهيئة من الفئة العالية وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المشار إليها للفصل فيها دون ما حاجة إلى التعرض إلى الوجه الثاني من الطعن المتعلق بمدى جواز إحالة الدعوى من المحكمة الإدارية إلى المحكمة الإدارية العليا.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها.


[(1)] بمثل هذين المبدأين قضت المحكمة العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 285 لسنة 11 ق بجلسة 11/ 3/ 1967.