مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 إلى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 27

(5)
جلسة 22 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف والدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشري ومحمد فؤاد الشعراوي - المستشارين.

الطعن رقم 396 لسنة 23 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تجنيد - أقدمية - خدمة فعلية - زميل.
المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية - يشترط للإفادة من حكمها بإرجاع أقدمية العامل إلى تاريخ تعيين زميله في التخرج أن يكون هذا الأخير قد عين في إحدى الجهات التي حددتها تلك المادة على سبيل الحصر وهي وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات الاعتبارية العامة - القانون رقم 83 لسنة 1968 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 505 لسنة 1955 أضاف جهات أخرى هي وحدات الإدارة المحلية والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام - هذا التعديل يسري بأثره المباشر على المراكز القانونية التي تتم أو تقع بعد نفاذه أي على من عين بعد أول ديسمبر سنة 1968 (تاريخ العمل به) ولا تسري بأثر رجعي على الوقائع السابقة عليه - شرط الإفادة من حكم المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار إليه أن يكون الزميل المراد القياس عليه قد تم تعيينه في ذات الوزارة أو المصلحة أو الهيئة العامة التي تم تعيين المجند فيها - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 14 من إبريل سنة 1977 أودع الأستاذ حسين محمود الشريف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ عبد المنعم أبو سريع عبد المنعم حجازي قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 396 لسنة 23 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 14 من فبراير سنة 1977 في الدعوى رقم 827 لسنة 30 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزارة الداخلية والذي قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها. وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً، بإرجاع أقدميته في التعيين إلى تاريخ تعيين الزميل السيد/ محمود إبراهيم عثمان واحتياطياً، بإرجاع أقدميته في التعيين إلى تاريخ تعيين الزميلة السيدة/ مرفت محمد محمود أحمد مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية في 24 من مايو سنة 1977.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير مسبب بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من يونيه سنة 1980 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وقد تحدد لنظر الطعن أمامها جلسة 14 من ديسمبر سنة 1980، وبعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة توجز على ما يبين من الأوراق في أنه بموجب عريضة مودعة قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بتاريخ 11 من فبراير سنة 1973 أقام السيد/ عبد المنعم أبو سريع حجازي الدعوى رقم 414 لسنة 20 القضائية ضد وزارة الداخلية طالباً الحكم أولاً: بصفة أصلية بإرجاع أقدميته إلى الأول من ديسمبر سنة 1961 تاريخ تعيين السيد/ محمود إبراهيم عثمان بمؤسسة مصر للطيران ثانياً: وبصفة احتياطية إرجاع أقدميته إلى تاريخ تعيين زملائه بالوزارة الذين عينوا بمكافأة شاملة تساوي مربوط الدرجة السادسة 2- بإرجاع أقدميته إلى تاريخ تعيين زميلة تخرجه السيدة/ ميرفت محمد أحمد بوزارة الإسكان - وشرح المدعي دعواه قائلاً أنه حصل على ليسانس الألسن سنة 1961 وجند بالقوات المسلحة اعتباراً من 30 نوفمبر سنة 1961 ثم سرح إلى الاحتياط في 4 من إبريل سنة 1963 - وفي 16 من ديسمبر سنة 1963 عين في وظيفة من الدرجة السابعة الإدارية بوزارة الداخلية ثم عدلت أقدميته فيها إلى 3 من مارس سنة 1963 بحساب مدة خدمة سابقة له بالكادر المتوسط قضاها في وزارة التموين - وفي 13 من إبريل سنة 1971 تقدم بطلب أرفق به شهادة من الوحدة رقم 55012 حـ 22 متضمنة أنه كان يخدم بتلك الوحدة ولم يمنح أية أجازات اعتيادية خلال مدة تجنيده، وطلب إرجاع أقدميته في التعيين إلى تاريخ تعيين أحد زملائه الذين تخرجوا معه سنة 1961 وعينوا بالخدمة أثناء تجنيده وهم:
1 - محمد إبراهيم عثمان المعين بمؤسسة مصر للطيران في الأول من ديسمبر سنة 1961.
2 - أحمد نور الدين بوزارة الداخلية بمكافأة شاملة في 2 من مارس سنة 1962.
3 - السيدة/ ميرفت محمد أحمد المعينة بوزارة الإسكان في 21 من مارس سنة 1962.
4 - محب سعد إبراهيم المعين بوزارة البحث العلمي في 25 من يونيه سنة 1962 وأشار المدعي بأن الوزارة قررت إرجاع أقدميته في التعيين إلى تاريخ تعيين زميله محب سعد إبراهيم المعين بوزارة البحث العلمي في 25 من يونيه سنة 1962 وصدر بمقتضى ذلك القرار الوزاري رقم 17 في 5 من يناير سنة 1972 ولم يستجيب لطلبه بالنسبة إلى من عين من زملائه في تاريخ يسبق التاريخ المذكور، ولذا أقام دعواه الماثلة للحكم بما سلف بيانه.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن أودعت ملف خدمة المدعي ومذكرتين بدفاعها طلبت في إحداها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم من القرار رقم 17 الصادر في 5 من يناير سنة 1972 المشار إليه إذ لم يطعن المدعي على تحديد أقدميته المبينة في هذا القرار إلا بتظلمه المؤرخ 12 من إبريل سنة 1972 أي بعد الميعاد القانوني وعن الموضوع أشارت الجهة الإدارية بأنها أخطأت حين استجابت لطلب المدعي تطبيق المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 بشأن الخدمة الوطنية والعسكرية لأنه وإن كان المشرع لم يحدد أجلاً لطلب التسوية الواردة في تلك المادة إلا أنه ليس معنى ذلك أن يستمر الأجل مفتوحاً دون تحديد ومن ثم فإنه قياساً على ما ورد بنص المادة 59 من ذات القانون فإنه يلزم التقدم بطلب إرجاع الأقدمية في موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخ التعيين وقد تأخر المدعي في ذلك وبالتالي لا يحق له المطالبة بإرجاع أقدميته على النحو الذي يطالب به.
وبجلسة 8 من فبراير سنة 1976 قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث وردت إليها وقيدت بجدولها برقم 827 لسنة 30 القضائية.
وبجلسة 14 من فبراير سنة 1977 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين ويقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي المصروفات وشيدت قضاءها على أن الدعوى الماثلة هي في حقيقتها من دعاوى التسويات التي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وبالتالي يغدو الدفع المثار في غير محله متعيناً رفضه - وعن الموضوع أشارت المحكمة إلى أنه فيما يتعلق بالطلب الأصلي بإرجاع أقدمية المدعي في التعيين إلى تاريخ زميله في التخرج السيد/ محمد إبراهيم عثمان والمعين بشركة الطيران العربية فهذا الطلب غير جائز قانوناً لأن الزميل المقاس عليه قد عين بشركة الطيران العربية وهي من شركات القطاع العام ولا تندرج ضمن الجهات التي حددتها المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955، كما لا يفيد المدعي من التعديل الذي طرأ على هذه المادة بالقانون رقم 83 لسنة 1968 حيث أضاف شركات القطاع العام إلى الجهات السابق تحديدها في تلك المادة لأن هذا التعديل عمل به اعتباراً من الأول من ديسمبر سنة 1968 وليس له أثر رجعي. وبالنسبة إلى الطلب الاحتياطي أوضحت المحكمة أنه من الأصول القانونية العامة أنه لا يوجد ثمة مجال لبحث الأقدمية إلا حيث يتم التعيين على إحدى درجات الكادر العام ومن ثم فلا وجه لما يطالب به المدعي إرجاع أقدمية إلى تاريخ تعيين زملائه المعينين بمكافأة شهرية شاملة. أما بخصوص الشق الآخر من هذا الطلب فإن شرط الإفادة من حكم المادة 63 سالفة الذكر رهين بأن يكون التجنيد قد حال بين المدعي والتعيين مع زميله في التخرج، وهذا يفترض أن يكون هناك تماثل في جميع الظروف مع الزميل ومنها وحدة المؤهل والثابت أن المدعي حاصل على ليسانس الألسن في اللغة الإيطالية بينما زميلته حاصلة على هذا المؤهل في اللغة الألمانية وبالتالي لا يتحقق التماثل.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم الطعين خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لما يأتي:
1 - إنه وإن كانت المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 قبل تعديلها بالقانون رقم 83 لسنة 1968 قد أغفلت ذكر المؤسسات العامة وشركات القطاع العام فإن مرد ذلك هو أنه وقت صدور القانون رقم 505 لسنة 1955 لم تكن هناك مؤسسات عامة أو شركات قطاع وليس من شك في أن عبارة الهيئات العامة الواردة في هذه المادة تندرج تحتها مؤسسة مصر للطيران.
2 - إن نص المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار إليه صريح في التسوية بين أصحاب المؤهل الواحد ويكفي في هذه المساواة أن يكون المؤهل من ذات المعهد أو الكلية فقد دون اشتراط أية نوعية أخرى.
ومن حيث إن المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية (وهي المادة الواجبة التطبيق إذ عين الطاعن في ظل العمل بأحكامها) كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم 83 لسنة 1968 على أنه "يحتفظ للمجندين المنصوص عليهم في المادة 4 الذين لم يسبق توظيفهم أو استخدامهم بأقدمية في التعيين تساوي أقدمية زملائهم في التخرج من الكليات والمعاهد والمدارس وذلك عند تقدمهم للتوظف في وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات الاعتبارية العامة عقب إتمامهم مدة الخدمة الإلزامية بشرط أن يثبتوا أن تجنيدهم قد حرمهم من التوظف مع زملائهم الذي تخرجوا معهم وأن يكونوا مستوفين للشروط العامة للتوظف ثم صدر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1968 القانون رقم 83 لسنة 1968 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 505 لسنة 1955 ونص في المادة الأولى على أنه "يستبدل بنصوص المواد 28 و50 و51 و63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار إليه النصوص الآتية... مادة 63 تحسب مدة الخدمة العسكرية والوطنية الفعلية الحسنة بما فيها مدة الاستبقاء بعد إتمام مدة الخدمة الإلزامية للمجندين الذين يتم تعيينهم في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام أثناء التجنيد أو بعد انقضاء مدة تجنيدهم كأنها قضت بالخدمة المدنية، وتحسب هذه المدة في أقدمياتهم على ألا تزيد على أقدمية زملائهم في التخرج من الكليات والمعاهد والمدارس وأن يكون تحديدها بمقتضى شهادة من الجهة الإدارية المختصة بوزارة الحربية كما تعتبر المدة المشار إليها مدة خبرة لمن يعين من المذكورين بالقطاع العام". وقد عمل بالقانون رقم 83 لسنة 1968 اعتباراً من الأول من ديسمبر سنة 1968 طبقاً للمادة الثانية منه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطلب الأصلي الوارد في تقرير الطعن والخاص بإرجاع أقدمية الطاعن في التعيين بوزارة الداخلية إلى تاريخ تعيين زميله في التخرج السيد/ محمد إبراهيم عثمان الحاصل على ليسانس الألسن سنة 1961 والذي عين بشركة الطيران العربية بتاريخ الأول من ديسمبر سنة 1961 (وهذا هو اسمها وقت التعيين حسبما جاء بكتاب الشركة ملف رقم 1/ 59 برقم 1093 بتاريخ 20 من يناير سنة 1972 المرفق بالأوراق) فالواضح من نص المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 قبل تعديلها بالقانون رقم 83 لسنة 1968 أنه يشترط للإفادة من حكمها بإرجاع أقدمية العامل إلى تاريخ تعيين زميله في التخرج أن يكون هذا الأخير قد عين في إحدى الجهات التي حددتها تلك المادة على سبيل الحصر وهي وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات الاعتبارية العامة "وليس من خلاف في أن شركة الطيران العربية وقت تعيين الطاعن وإن كانت من شركات القطاع العام إلا أنها تعتبر من أشخاص القانون الخاص ولا تندرج بأية حال تحت أي من المدلولات التي حددتها حصراً المادة المذكورة والتي تنصرف كلها إلى أشخاص القانون العام. وعندما رغب المشرع توسعة نطاق هذه المادة أصدر القانون رقم 83 لسنة 1968 حيث أضاف جهات أخرى هي "وحدات الإدارة المحلية والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام" وهذا التعديل يسري بأثره المباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تتم أو تقع بعد نفاذه أي على كل من عين أو يعين بعد أول ديسمبر سنة 1968 ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع السابقة عليه، وعلى هذا المقتضى يكون الطلب الأصلي غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي الخاص بإرجاع أقدمية الطاعن في التعيين بوزارة الداخلية إلى تاريخ تعيين الزميلة/ ميرفت محمد أحمد بوزارة الإسكان فالجلي من نص المادة 63 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار إليها أن شرط الإفادة من حكمها منوط بأن يكون الزميل المراد القياس عليه قد تم تعيينه في ذات الوزارة أو المصلحة أو الهيئة العامة التي تم تعيين الطاعن فيها إذ بهذا تتحقق الحكمة التي توخاها المشرع من كون التجنيد قد حال بين الطاعن وتعيينه في التاريخ الذي تم فيه تعيين الزميل، والثابت من مطالعة الأوراق أن الطاعن قد عين في وزارة الداخلية في 11 من ديسمبر سنة 1963 بينما الزميلة المذكورة قد عينت في وزارة الإسكان في 21 من مارس سنة 1962 وعلى ذلك لا يفيد الطاعن من حكم المادة 63 سالفة الذكر وبالتالي يكون الطلب الاحتياطي بدوره غير مستقيم مع حكم القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ قضى الحكم الطعين برفض الدعوى فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحة ويكون الطعن مجانباً وجه القانون السليم بما يتعين معه القضاء برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.