مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 إلى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 34

(6)
جلسة 28 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ومحمد عزيز أحمد علي وعادل عبد العزيز بسيوني وأبو بكر دمرداش أبو بكر - المستشارين.

الطعن رقم 587 لسنة 23 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - مخالفة تأديبية - انعدام المسئولية - مرض نفسي وعصبي - جزاء تأديبي - بطلان.
ارتكاب العامل مخالفة تأديبية أثناء نوبة من نوبات مرضه النفسي الذي يعالج منه - انعدام مسئوليته عن هذه المخالفة - بطلان الجزاء الموقع عليه - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 30 من مايو سنة 1977 أودع الأستاذ لبيب شقير المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بالنيابة عن الأستاذ حلمي زكي المحامي والوكيل عن الدكتور.... تقرير طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 587 لسنة 23 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة بجلسة 20 من إبريل سنة 1977 في الدعوى رقم 43 لسنة 18 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والذي قضى بمجازاته بخصم شهر من مرتبه، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاته بخصم شهر من مرتبه والحكم ببراءته مما نسب إليه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد إعلان تقرير الطعن عقبت هيئة مفوضي الدولة بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22 من إبريل سنة 1981 وبجلسة 27 من مايو سنة 1981 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 20 من يونيه سنة 1981 وبجلسة 17 من أكتوبر سنة 1981 سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 18 من مايو سنة 1976 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 43 لسنة 18 القضائية وتقرير اتهام ضد الدكتور..... رئيس قسم الأمراض المتوطنة بمستشفى الخازنداره من الدرجة الثالثة ونسبت النيابة الإدارية إلى المخالف المذكور أنه خلال المدة من 18 من يناير سنة 1970 حتى 15 من أكتوبر سنة 1975 بمستشفى الساحل العام بمنطقة شمال القاهرة الطبية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد العمل المنوط به بدقة ولم يحافظ على كرامة الوظيفة طبقاً للعرف العام بأن:
1 - احتفظ بخاتم شعار الدولة الملغي عهدته ولم يقم بتسليمه على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
2 - حرر خطاباً برسم رئيس مبيعات شركة بيرة الأهرام ضمنه طلب صرف ثلاثين صندوق من البيرة وختمه بخاتم شعار الدولة الملغي عهدته ووقع باسمه منتحلاً صفة مدير مستشفى الخازندارة وتمكن بموجبه من صرف خمسة صناديق من البيرة على النحو المفصل بالأوراق وبذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادة 53/ 1، / 2 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وبالمادتين 52/ 1، / 2، 55/ 1 من القانون رقم 58 لسنة 71 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة وطلبت النيابة الإدارية تحديد جلسة لمحاكمة الطاعن بالمواد سالفة الذكر والمادتين 57، 58 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وإعمالاً للمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15/ 1، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. وبجلسة 20 من إبريل سنة 1977 حكمت المحكمة بمجازاة الطاعن بخصم شهر من مرتبه. وأقامت المحكمة قضاءها على أن التحقيق لم يكشف عن ثبوت مطالبة المختصين للمخالف بتسليم الخاتم الملغي قبل يوم 15 من أكتوبر سنة 1975 ومن ثم فإن مسئولية المخالف عن احتفاظه بذلك الخاتم وعدم تسليمه تنتفي وتكون المخالفة المنسوبة إليه في هذا الشأن غير قائمة على أساس سليم مما يتعين معه الحكم ببرائة من هذا الاتهام. وبالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلى الطاعن قالت المحكمة إن هذه المخالفة ثابتة في حقه ثبوتاً كافياً من واقع تحقيقات النيابة الإدارية وأقوال الشهود واعتراف المخالف نفسه مما يستوجب مؤاخذته عنها ومعاقبته تأديبياً - وأضافت المحكمة أنه يبين من الوقائع أن المخالف مريض بمرض نفسي وسبق إدخاله دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية في 24 من سبتمبر سنة 1969 وأخرج منها في 15 من يناير سنة 1970 وأن تصرفاته تتسم بالشذوذ وأنه مستبصر تماماً بما يدور حوله، وأن المحكمة وهي بصدد تقرير الجزاء الذي يتفق والذنب الإداري الذي ثبت في حق المخالف لتضع في اعتبارها حالته المرضية وتكتفي بمجازاته بخصم شهر من مرتبه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب وجاء مجحفاً بحقوق الطاعن، ذلك لأنه لم يوقع الخطاب الذي وجهه لشركة بيرة الأهرام بصفته مديراً لمستشفى الخازندارة وإنما وقعه بصفته مديراً للأمراض المتوطنة باعتبار أنه كان مديراً لمستشفى الانكلستوما بشبرا التي ألحقت من الناحية الإدارية بمستشفى الخازندارة بشبرا مع احتفاظ الطاعن بإدارته الفنية للأمراض المتوطنة كذلك يقوم الطعن على أن كل الشواهد تؤكد أن الطاعن لم يكن عند تحرير الخطاب المشار إليه في كامل قواه العقلية فقد اختلطت عليه الأمور وصور له مرضه أن خمسين طبيباً سيزورون المستشفى ويلقون محاضرات بها ويجب لذلك الاحتفاء بهم بتقديم البيرة لهم في مكان العمل وهو أمر بعيد عن تصرف الشخصي الطبيعي وتفكيره ويثبت أن نوبات القلق التي تنتاب الطاعن تجعله شديد الاضطراب فيضطرب لذلك إدراكه وتحليله الصحيح للأمور ويكون غير مسئول عن الفعل الذي أتاه أثناء نوبة مرضه.
ومن حيث إنه عن المخالفة المسندة إلى الطاعن وجوزي بسببها وهي أنه حرر خطاباً لرئيس شركة بيرة الأهرام ضمنه طلب صرف ثلاثين صندوقاً من البيرة وختمه بخاتم شعار الدولة الملغي عهدته ووقع باسمه منتحلاً صفة مدير مستشفى الخازنداره وتمكن بموجبه من صرف خمسة صناديق من البيرة فإن مفاد الأوراق والتحقيقات أن الطاعن وجه في 2 من أغسطس سنة 1975 خطاباً إلى رئيس مبيعات شركة بيرة الأهرام تضمن أنه سيزور مستشفى الخازنداره وفد من السائحين والأطباء الأجانب لعقد ندوة علمية بقاعة المحاضرات التابعة للمستشفى وأن هذا الوفد سيقيم بالمستشفى مدة أسبوعين لذلك فقد طلب الطاعن في خطابه صرف ثلاثين صندوقاً من البيرة وقام بتوقيع الخطاب بصفته مدير المستشفى وختمه بخاتم النسر الملغي الذي كان بعهدته وبناء على هذا الخطاب صرف للمستشفى خمسة صناديق من البيرة وبإحالة الموضوع إلى النيابة الإدارية، اعترف الطاعن بأنه حرر ذلك الخطاب وأنه قد وقعه باعتباره مدير وحدة الأمراض المتوطنة بالمستشفى وليس باعتباره مدير للمستشفى الذي لم يقصد انتحال صفته وذلك استناداً إلى أنه لا يخضع لرئاسة المستشفى إذ أن وحدة الأمراض المتوطنة ملحقة بمستشفى الخازندارة وتخضع لرئاسة الإدارة بالمنطقة مباشرة، كما اعترف الطاعن بأنه قام بختم الخطاب المشار إليه بخاتم شعار الدولة الملغي عهدته والمسئول عنه مسئولية كاملة. وعن سبب طلب صناديق البيرة قال أن وفداً من الأطباء الأمريكيين يتكون من خمسين طبيباً زاروا المستشفى بدعوة شخصية منه وألقوا محاضرة واحتسوا البيرة المنصرفة واشترك معهم في ذلك عدد كبير من موظفي المستشفى وعمالها وقرر أنه ليس لديه دليل على صحة ذلك كما أنه يجهل التعليمات التي تحظر استدعاء أطباء أجانب واستضافتهم دون تصريح وأضاف بأن البيرة لا تعد من الممنوعات ولا يوجد ما يستوجب حظر احتسائها أثناء العمل وأن القانون لم يحرم ذلك كما قرر بأنه مريض بمرض نفسي عصبي هو الشيزوفرينيا وأن تصرفه كان بتأثير هذا المرض وقدم شهادة صادرة بتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1975 من الدكتور..... أخصائي الأمراض الباطنية والعصبية والنفسية بالقصر العيني تتضمن أن الدكتور..... يعاني من اضطراب عقلي متحسن وكان تحت العلاج مدة ثلاثة أشهر سابقة. وبسؤال الدكتور..... مدير مستشفى الخازندارة نفى حضور أجانب للمستشفى وإقامة حفل لهم، كما نفى واقعة احتساء بعض العاملين بالمستشفى للبيرة وقرر أن للدكتور..... تصرفات شاذة وأنه كان يعاني من مرض نفسي وكان يعالج منه كما نفى كل من...... و...... و...... العاملين بالمستشفى ما قرره الطاعن من حضور وفد من الأطباء الأمريكيين للمستشفى ومشاركتهم لهذا الوفد في احتساء البيرة وقد طلبت النيابة الإدارية إحالة الطاعن إلى اللجنة الطبية المختصة (أمراض نفسية وعصبية) لتوقيع الكشف الطبي عليه وتقرير مدى مسئوليته عما نسب إليه فأحاله القومسيون الطبي العام إلى دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية فورد منها الكتاب رقم 7353 المؤرخ في 22 من نوفمبر سنة 1975 متضمناً أنه بالكشف الطبي اليوم على الطبيب المذكور وجد مستبصراً تماماً بما يدور حوله ولا يعاني من أي من الأمراض العقلية في الوقت الحاضر وكان قد أدخل الدار تاريخ 24 من سبتمبر سنة 1969 وأخرج منها في 15 من يناير سنة 1970 وأنه لم يحضر للدار من ذلك التاريخ فقررت النيابة الإدارية إحالة الطاعن إلى المحكمة التأديبية التي قدم لها شهادة صادرة من مستشفى شبرا العام مؤرخة في 6 من يونيه سنة 1976 تضمنت أن إدارة المستشفى تشهد بأن السيد/...... يعاني من حالة فصام بارنوي يحلل فيه الأشياء تحليلاً خاطئاً ويفسر أحياناً تفسيراً خاطئاً نظراً لنوبات قلق شديدة تضطرب معها قوة الإدراك والتحليل الصحيح، وبذلك يضطرب الهدف وقد أعطى ثلاث صدمات كهربائية بالمستشفى وقد وقع على هذه الشهادة الطبيب المعالج الدكتور.... واعتمدها مدير المستشفى وختمت بخاتمه وبجلسة المحكمة في 23 من فبراير سنة 1977 قرر الطبيب المذكور أنه يعمل رئيساً لقسم الأمراض العصبية بمستشفى شبرا العام وأنه عمل بمستشفى الأمراض العقلية بالعباسية لمدة 17 سنة وكان الدكتور الطاعن نزيل تلك المستشفى في سنة 69 - 1970 وأن العمل يجري حالياً على استبقاء الحالات المزمنة التي لا يرجى شفاؤها بمستشفى الأمراض العقلية أما الحالات الأخرى فتوزع على المستشفيات العامة ومنها حالة الدكتور الطاعن الذي يعالج حالياً بمستشفى شبرا العام وأضاف الطبيب المعالج بأن المذكور يعاني من ازدياد الإحساس النفسي بفقده الانسجام الاجتماعي والتحليل الصحيح للأمور فتختلط معه الأفكار ويصبح وكأنه غير متحكم وسلوكه غير منتظم وهذه الحالة يكون مدفوعاً فيها دفعاً وعادة يكون غير موافق على أعمال شاذة ولكن هناك شيء يدفعه وهو مرضه وتضارب أفكاره غير المنسجمة وقال أن هذه الحالة تؤثر تأثيراً مباشراً فعالاً على تصرفاته الخارجية وأنه إذا تصرف في هذه الحالة المستمرة فلا يعتبر مسئولاً عنها كشخص عادي لاستمرار الصراع العقلي والنفسي وأضاف أن هذه الحالة تنعكس على تصرفات الدكتور الطاعن بصفة غير مستمرة ولا تمنعه من أداء عمله وأنه يعالج حالياً من هذه الحالة بطريق المناظرة والمتابعة وقد عولج منذ شهرين بجلسات كهربائية وأنه مستمر على تعاطي الأدوية التي تعطى له من المستشفى لتهدئته.
ومن حيث إن الثابت من سياق الوقائع على النحو السالف بيانه أن واقعة زيارة، وفد الأطباء الأمريكيين لمستشفى الخازندارة وإلقاء محاضرات بها واحتسائهم البيرة التي صرفها الطاعن من شركة بيرة الأهرام - مع بعض العاملين بالمستشفى، هي واقعة غير صحيحة أكد مدير المستشفى والعاملون بها عدم صحتها بالرغم من تمسك الطاعن وإصراره على وقوعها وإقراره بأن تلك الزيارة التي تمت بدعوة شخصية منه كانت هي الباعث على تحرير خطابه إلى شركة البيرة بطلب صرف ثلاثين صندوقاً من البيرة للاحتفاء بمن دعاهم فإذا كان ذلك فإن تلك الواقعة التي ثبت عدم صحتها لم تقم إلا في ذهن الطاعن وبناء على اعتقاد خاطئ وقر في تفكيره ووهم فاسد سيطر عليه فأملى عليه ارتكاب ما ارتكبه من سلوك منحرف يأباه التفكير السليم في تكييف التصرف وتقدير عواقبه.
ومن حيث إنه متى كان الثابت من الشهادة الصادرة من مستشفى شبرا العام في 6 من يونيه سنة 1976 أن الطاعن يعاني من حالة فصام باروني يحلل فيه الأشياء تحليلاً خاطئاً كما يفسرها تفسيراً خاطئاً بسبب نوبات قلق شديدة تضطرب معها قوة الإدراك والتحليل الصحيح وقد أكد هذه الحالة طبيبه المعالج رئيس قسم الأمراض العصبية بالمستشفى المذكورة والذي سبق أن عمل بمستشفى الأمراض العقلية بالعباسية لمدة سبعة عشر عاماً وأضاف الطبيب المذكور أن تلك الحالة تفقد المريض بها الانسجام الاجتماعي والتحليل الصحيح للأمور ويصبح غير متحكم في سلوكه غير المنتظم مدفوعاً إليه بالرغم من عدم موافقته عليه ولذلك فإن هذا المريض شأن الطاعن لا يكون مسئولاًَ عن تصرفاته أثناء نوبات تلك الحالة فإن الطاعن والأمر كذلك يكون مريضاً باضطراب عقلي يجعله غير مسئول عن تصرفاته أثناء نوبات هذا الاضطراب. فإذا كان الثابت أنه كان يعالج على ما ورد بالشهادة الصادرة من طبيبه المعالج الدكتور...... في 15 من أكتوبر سنة 1975 من حالته المرضية لمدة ثلاث شهور سابقة بالجلسات الكهربائية فإن المخالفة المسندة إلى الطاعن تكون والأمر كذلك قد بدرت منه أثناء نوبة من نوبات مرضه الذي لا يزال يعالج منه بطريق المناظرة والمتابعة والجلسات الكهربائية والأدوية المهدئة، الأمر الذي تنعدم معه مسئوليته عنها وبالتالي بطلان الجزاء الموقع عليه، ولا يؤثر في ذلك ما تضمنته الشهادة الصادرة من دار الاستشفاء للصحة النفسية في 22 من نوفمبر سنة 1975 ذلك لأن تلك الشهادة فضلاً عن أنها جاءت مؤيدة لما شهد به الطبيب المعالج للطاعن من سابقة دخوله تلك المستشفى فإنها لم تعن إلا بتقرير حالة الطاعن يوم الكشف عليه وقت أن كان مستبصراً بما يدور حوله ولا يعاني من مرض عقلي دون التطرق لإبداء الرأي في حقيقة المرض الذي قال أنه مصاب به وارتكب المخالفة المنسوبة إليه أثناء نوبة من نوباته وهو ما كان يقتضي وضع الطاعن تحت الملاحظة لفترة تطول أو تقصر بحسب طبيعة المرض والمدة المحتملة لحدوث نوباته ومن ثم فإن هذه الشهادة لا تدحض ما جاء بالشهادة التي صدرت من مستشفى شبرا العام والمؤيدة بما شهد به الطبيب الذي يباشر علاج الطاعن من أنه مريض بحالة تمنع مسئوليته على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب فإن الطاعن يكون غير مسئول عن المخالفة التي ارتكبها ويتعين لذلك الحكم ببرائة منها وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ويتعين والأمر كذلك الحكم بإلغائه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه.