مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 674

(71)
جلسة 19 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 604 لسنة 8 القضائية

دعوى. "الحكم فيها. حجية الأمر المقضي". "طلب موضوعي".
مناط الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بالتطبيق لحكم المادة 368 من قانون المرافعات - أن تكون المحكمة قد أغفلت الحكم في طلب موضوعي إغفالاً كلياً - يخرج من ذلك إغفال الفصل في دفع للطلب - يعد هذا الإغفال رفضاً له [(1)].
إنه طبقاً للمادة 368 من قانون المرافعات المدنية والتجارية "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه" والمفهوم من صريح هذا النص أن مناط الأخذ به أن تكون المحكمة قد أغفلت الفصل في طلب موضوعي إغفالاً كلياً يجعل الطلب باقياً معلقاً أمامها لم تقض فيه قضاء ضمنياً مما يمكن معه الرجوع إلى نفس المحكمة بطلب عادي لنظره والفصل فيه استدراكاً لما فاتها لأن حجية الأحكام مقصورة على ما فصلت فيه من الطلبات ولا تمتد إلى ما لم تتعرض للفصل فيه صراحة أو ضمناً ولا يبيح العودة إلى ذات المحكمة سوى إغفال الفصل في طلب موضوعي فيخرج من ذلك إغفال الفصل في دفع للطلب إذ يعتبر إغفاله رفضاً له لا يمنع الحكم الذي فصل في الطلبات الموضوعية من أن يجوز حجية الأمر المقضي التي تحول دون إمكان الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم. أما إذا كانت أسباب الحكم أو منطوقه قد قضى أيهما برفض الطلب صراحة أو ضمناً فإن وسيلة تصحيح الحكم في هذه الحالة إنما يكون بالطعن فيه بإحدى طرق الطعن المقررة العادية أو غير العادية إن كان قابلاً لذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع موضوع هذا الطلب حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد التظلم رقم 432 لسنة 3 القضائية طالباً فيه تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة من 12 من ديسمبر سنة 1951 إلى 2 من أغسطس سنة 1948 مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك طبقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن ضباط الاحتياط وقد ردت الوزارة على التظلم بأن تعديل أقدمية المتظلم في الدرجة الخامسة أمر غير جائز لعدم استكماله المدة القانونية للترقية إلى الدرجة الخامسة في 2 من أغسطس سنة 1948 وبجلسة 11 من مارس سنة 1954 قررت اللجنة القضائية "أحقية المتظلم في إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة التي رقى إليها اعتباراً من 13 ديسمبر سنة 1951 إلى 2 من أغسطس سنة 1948 مع ما يترتب على ذلك من آثار" وذهبت إلى أن قرارات مجلس الوزراء الصادرة في السنوات 1940 و47 و48 و1950 قد جاءت بصفة عامة ولم تشترط أي قيد زمني في ترقية ضابط الاحتياط وقد طعنت وزارة المالية في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 9169 لسنة 8 القضائية طالبة إلغاءه للأسباب التي ردت بها على التظلم وبجلسة 20 من مايو سنة 1975 قضت محكمة القضاء الإداري. برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن المدعي أقدم من زميليه اللذين تجاوزاه في الترقية إلى الدرجة الخامسة بناء على ما ترتب على تطبيق القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية في إرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 23 من يوليو سنة 1935 وإن كان تالياً لزميليه في الدرجة السابعة قبل تطبيق هذا القانون وقد طعنت هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بالطعن رقم 890 لسنة 3 القضائية طالبة إلغاءه والقضاء برفض التظلم مع إلزام المتظلم بالمصروفات واستندت في أسباب طعنها إلى أن مناط تطبيق قواعد ضباط الاحتياط هو أن يكون التخطي واقعاً فعلاً وقت إجراء الترقية بمعنى أن يكون الموظف ضابط الاحتياط أسبق في ترتيب الأقدمية في الدرجة المرقى منها ممن رقى إلى الدرجة التالية ولا تعتبر ترقية زميلي المدعي في يوليه سنة 1943 إلى الدرجة السادسة قد تضمنت تخطياً له لأن كلاً منهما كان أقدم منه في الترقية إلى الدرجة السابعة، ولا اعتداد - والحالة هذه - بالأقدمية الاعتبارية في هذه الدرجة التي أفادها المدعي بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية لأن هذه الأقدمية لم تكن قائمة عند الترقية إلى الدرجة السادسة في يوليو سنة 1943 فإذا انهار هذا السند الذي ارتكز عليه الحكم المطعون فيه تخلف عن المدعي شرط الإفادة من قواعد ضباط الاحتياط وبالتالي انتفى القول بأحقيته في إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 2 من أغسطس سنة 1948 أي إلى التاريخ الذي رقى فيه زميلاه. وبجلسة 21 من يونيه سنة 1958 أصدرت هذه المحكمة حكمها في هذا الطعن بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً. وأشارت في أسباب حكمها إلى أنه "بتطبيق القواعد التي تضمنها القانون رقم 472 لسنة 1955 في شأن ضباط الاحتياط على حالة المدعي على أساس المقارنة بحالة زميليه السيد/ علي الدين علي محمد والسيد/ شفيق الشرقاوي ويبين أن المدعي حصل على نفس مؤهل زميليه وأنه أسبق منهما في التخرج وفي أقدمية الخدمة وقد كانت تنتظمهم جميعاً أقدمية واحدة قبل أول يوليو سنة 1952 ومن ثم يكون من حقه تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون المشار إليه وذلك بإرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 28 من مارس 1939 وفي الدرجة السادسة إلى 25 من يوليه سنة 1943 وفي الدرجة الخامسة إلى من 2 من أغسطس سنة 1948 على ألا يترتب على ذلك صرف فروق مالية وذلك بقطع النظر عما أثير من جدل في شأن تطبيق قانون المعادلات الدراسية على حالة المدعي وزميليه وما قد يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق للقانون المذكور بالنسبة للأقدمية فيما بينهم ذلك لأنه لا جدوى في خصوصية النزاع من البحث في هذا لأنه ولئن كان من مقتضى قانون المعادلات الدراسية أن ترجع أقدمية المدعي في الدرجة السابعة إلى ما قبل زميليه إلا أن هذا لا يفيده في تعديل أقدميته في الدرجات التالية بالتطبيق لهذا القانون وفقاً للمادة الثامنة منه التي تنص على أنه لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية أو الدرجة الرجعية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل أو غيرها التي صدرت لحين نفاذ هذا القانون وكان المدعي يفيد من تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة وهي مثار النزاع بالتطبيق للقانون رقم 472 لسنة 1950 وغنى عن القول أن لكل من القانونين مجاله في التطبيق وإذا كان القانون الأول لا يفيده في خصوصية هذه الدعوى فإن القانون الثاني يفيده في هذا الشأن ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه للأسباب التي تستند إليها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه طبقاً للمادة 368 من قانون المرافعات المدنية والتجارية إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه. والمفهوم من صريح هذا النص أن مناط الأخذ به أن تكون المحكمة قد أغلفت الفصل في طلب موضوعي إغفالاً كلياً يجعل الطلب باقياً معلقاً أمامها لم تقض فيه قضاء ضمنياً مما يكن معه الرجوع إلى نفس المحكمة بطلب عادي لنظره والفصل فيه استدراكاً لما فاتها لأن حجية الأحكام مقصورة على ما فصلت فيه من الطلبات ولا تمتد إلى ما لم تتعرض للفصل فيه صراحة أو ضمناً ولا يبيح العودة إلى ذات المحكمة سوى إغفال الفصل في طلب موضوعي فيخرج من ذلك إغفال الفصل في دفع للطلب إذ يعتبر إغفاله رفضاً له لا يمنع الحكم الذي فصل في الطلبات الموضوعية من أن يجوز حجية الأمر المقضي التي تحول دون إمكان الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم. أما إذا كانت أسباب الحكم أو منطوقه قد قضى أيهما برفض الطلب صراحة ضمناً فإن وسيلة تصحيح الحكم في هذه الحالة إنما يكون بالطعن فيه بإحدى طرق الطعن المقررة العادية أو غير العادية إن كان قابلاً لذلك.
ومن حيث إنه يتضح من أوراق الدعوى أن موضوع المنازعة الذي فصلت فيه المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر في الطعن رقم 890 لسنة 3 القضائية هو طلب المدعي تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة من 13 فبراير سنة 1951 إلى 2 من أغسطس سنة 1948 تطبيقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن ضباط الاحتياط وقد استجابت اللجنة القضائية إلى هذا الطلب وأيدتها في ذلك محكمة القضاء الإداري التي رأت أن المدعي وإن كان تالياً في أقدمية الدرجة السابعة لزميليه المرقيين إلى الدرجة السادسة بحيث لا يكون ثمة تخط له في الترقية إلى هذه الدرجة السادسة إلا أنه يفيد من قانون المعادلات الدراسية الذي جعل له أقدمية اعتبارية في الدرجة السابعة تسبق أقدمية هذين الزميلين وتجعله يفيد من قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن ضباط الاحتياط غير أن المحكمة الإدارية العليا رفضت هذه الأسباب وقضت لا سهواً ولا خطأ بل قصدا عن شعور بما ارتأته وعلى بينة من الأمر بأن المدعي لا يسوغ له الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية التي رتبها قانون المعادلات الدراسية عند تطبيق قرارات مجلس الوزراء الخاصة بضباط الاحتياط وبذلك يكون حكمها قد حسم بجلاء وجه النزاع في الطلب موضوع الدعوى الراهنة ولا يكون ثمة إغفال للفصل فيه وتكون هذه الدعوى التي يستهدف بها المدعي إعادة طرح المنازعة من جديد فيما سبق أن فصلت فيه المحكمة من الطلبات بحكم حاز قوة الأمر المقضي في غير محلها ومن ثم يتعين القضاء برفضها مع إلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضيتين رقم 1500 لسنة 7 ق ورقم 832 لسنة 8 ق الصادر بجلسة 16/ 5/ 1965 المنشور بمجموعة السنة العاشرة المبدأ 126 ص 1390.