مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 إلى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 56

(8)
جلسة 1 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين وعلي السيد علي السيد ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلاده - المستشارين.

الطعن رقم 353 لسنة 25 القضائية

إصلاح زراعي - لجان الفصل في المنازعات الزراعية واللجان الاستئنافية - الطعن في قراراتها - القانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضي ألغى الحصانة التي كانت مضفاة على قرارات اللجان الاستئنافية المنصوص عليها في القانون رقم 54 لسنة 1966 وفتح باب الطعن فيها أمام القضاء - خضوع قرارات تلك اللجان الصادرة قبل أو بعد العمل بأحكام القانون رقم 11 لسنة 1972 للرقابة القضائية - ميعاد الطعن في قرارات اللجان الاستئنافية الصادرة قبل العمل بأحكام القانون رقم 11 لسنة 1972 هو ستون يوماً من تاريخ العمل به أي خلال الفترة من 9/ 6/ 1972 إلى 7/ 8/ 1972 - رفع الدعوى بعد الميعاد المذكور - الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 14/ 3/ 1979 أودع الأستاذ إسحق فرج المحامي نيابة عن الأستاذ أحمد مرسي البنا المحامي والوكيل عن الطاعن، سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 353 لسنة 25 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 10/ 1/ 1979 في الدعوى رقم 277 لسنة 30 القضائية المقامة من الطاعن ضد ورثة المرحوم صالح محمود توفيق ومحافظ البحيرة فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً لرفضها بعد الميعاد مع إلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببطلان قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بكفر الدوار رقم 75 لسنة 1966 المؤيد بالاستئناف رقم 88 لسنة 1967، وعدم الاعتداد بإجراءات تنفيذ هذا القرار وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 15/ 4/ 1981 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 2/ 6/ 1981، وفيها وفي الجلسات التالية استمعت المحكمة إلى ملاحظات الطرفين، ثم قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 10/ 1/ 1979 وأن الطاعن أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة في 14/ 3/ 1979 وأنه بإضافة ميعاد مسافة بين موطن الطاعن بدمنهور ومقر المحكمة عملاً بنص المادة 16 من قانون المرافعات فإن الطعن يكون مقدماً في الميعاد ويتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن وقائع تتحصل - حسبما يبين من مطالعة أوراقه في أن مورث المطعون ضدهم صالح محمود توفيق كان قد تقدم بطلب إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بكفر الدوار أوضح فيه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ في 1/ 12/ 1952 أجر والده إلى الطاعن مساحة 15 س 6 ط 9 ف أصبحت 4 س 7 ط 8 ف منذ سنة 1954 بسبب مشروع الري رقم 440، ونظراً لتراخي الطاعن في سداد الأجرة عن سنتي 1963 و1964 الزراعيتين فضلاً عن تأخره في الوفاء بباقي الإيجار عن السنوات السابقة مما يعتبر إخلالاً من جانبه بالتزام جوهري فقد طلب إخلاءه من الأرض المؤجرة وبجلسة 28/ 8/ 1967 أصدرت اللجنة قرارها بطرد المستأجر من الأرض المشار إليها فتظلم من هذا القرار أمام اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمركز كفر الدوار التي قررت بجلسة 11/ 4/ 1968 رفض التظلم فأقام الدعوى رقم 706 لسنة 1975 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بعريضة أودعها في 15/ 4/ 1975 طلب فيها الحكم ببطلان قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية المؤيد من اللجنة الاستئنافية المختصة. وبجلسة 28/ 5/ 1975 قضت هذه المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية بالإسكندرية للاختصاص التي قضت بدورها بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص فقيدت بجدولها تحت رقم 227 لسنة 30 القضائية وفي 10/ 1/ 1979 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت الطاعن بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر من اللجنة الاستئنافية في 11/ 4/ 1968 وكان يلزم الطعن فيه خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضي في بعض القوانين أي في موعد غايته 7/ 8/ 1972 في حين أنه طعن في هذا القرار أمام محكمة دمنهور الابتدائية في 15/ 4/ 1975 مما يجعل الدعوى مرفوعة بعد الميعاد وغير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القرار المطعون فيه وقد صدر قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1972 فإنه يخرج عن مجال تطبيق أحكامه، فلا يشمله الميعاد المنصوص عليه في هذا القانون وبالتالي يكون القرار المذكور قابلاً للطعن فيه بميعاد مفتوح غير محدد وذلك حتى 1/ 3/ 1975 تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الذي كشف عن طبيعة هذا القرار وأدخله في عداد القرارات الصادرة من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي والتي يجوز الطعن فيها أمام السلطة القضائية، هذا فضلاً على أن الحكم المطعون فيه ترك الأسباب الواقعية المتعلقة بموضوع الطعن، مما يعتبر قصوراً في التسبيب وقد أودع الطاعن مذكرة بجلسة 4/ 3/ 1981 تناول فيها أسباب حكم المحكمة الدستورية الصادر في القضية رقم 2 لسنة 2 دستورية السالف الذكر وخلص فيها إلى أن هذا الحكم الذي صدر بجلسة أول مارس سنة 1975 هو الذي فتح باب الطعن في القرار المطعون فيه بوصفه من القرارات السابقة على صدور القانون رقم 11 لسنة 1972 وإذا كانت صحيفة الدعوى المدنية قد قدمت في 10/ 4/ 1975.
فمن ثم يكون الطعن على قرار اللجنة الاستئنافية أمام محكمة القضاء الإداري التي أحيلت إليها الدعوى المدنية مقدماً في الميعاد وانتهى الطاعن إلى التماس إجابته إلى طلباته المبينة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن المادة (7) من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية تنص على أنه "استثناء من أحكام قانوني مجلس الدولة والسلطة القضائية لا يجوز الطعن بإلغاء أو وقف تنفيذ القرارات الصادرة من لجان الفصل في المنازعات الزراعية واللجان الاستئنافية المنصوص عليها في هذا القانون أو التعويض عنها" وواضح أن المشرع أضفى على قرارات اللجان المشار إليها بمقتضى هذا النص حصانة تعصمها من الطعن فيها أمام الجهات القضائية، وذلك إلى أن صدر القانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضي في بعض القوانين، ونصت المادة الأولى من هذا القانون على إلغاء كافة موانع التقاضي الواردة في مواد بعض القوانين ومنها المادة السابعة من القانون رقم 54 لسنة 1966 ومؤدي هذا النص على ما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية أن المشرع رأى أن يبادر إلى إزالة المانع المنصوص عليه في المادة السابقة المشار إليها وإجازة الطعن في قرارات اللجان الاستئنافية باعتبارها هيئات إدارية ذات اختصاص قضائي وعلى مقتضى ذلك تكون الحصانة المضفاة على هذه القرارات قد رفعت واسترد القضاء الإداري ولايته الكاملة في أعمال رقابته القضائية عليها يستوي في ذلك القرارات الصادرة من اللجان المذكورة قبل أو بعد العمل بأحكام القانون رقم 11 لسنة 1972، وذلك أن القانون المذكور هو الذي ألغى الحصانة التي كانت مضفاة على قرارات اللجان الاستئنافية المنصوص عليها في القانون رقم 54 لسنة 1966 وفتح باب الطعن فيها أمام القضاء، ولهذا فإن أحكامه تسري على ما صدر من هذه القرارات قبل تاريخ نفاذه وما يصدر منها بعد هذا التاريخ، وليس من المنطق في شيء القول بأن تطبيق هذه الأحكام يقتصر على القرارات الأخيرة التي تصدر بعد العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1972، وذلك أن القانون المذكور لم يصدر تعديلاً للقوانين التي تناولها وإنما ألغى كافة موانع التقاضي الواردة بها، بمعنى أن ما كان حصيناً من القرارات الصادرة بمقتضاها أضحى قابلاً للطعن فيه. ولا وجه لادعاء الطاعن من أنه يستمد حقه في الطعن من الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 1/ 3/ 1975 في الدعوى رقم 2 لسنة 2 دستورية، ذلك أن هذا الحكم فيما انتهى إليه من أنه بإلغاء نص المادة (7) من القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي كان يحظر الطعن في قرارات اللجان الاستئنافية للمنازعات الزراعية، يسقط المانع الذي كان يحول دون الطعن فيها ويسفح السبيل لكل ذي مصلحة للطعن في هذه القرارات أمام القضاء هذا الحكم شأنه شأن جميع الأحكام القضائية يعتبر بطبيعته كاشفاً للحق لا منشئاً له، فلا يعدو والحالة هذه أن يكون مقرراً لحق الطاعن في الطعن في قرارات اللجان الاستئنافية، ولم ينشئ له هذا الحق، إذ أن هذا الحق قائم بمقتضى القانون رقم 11 لسنة 1972 الذي أنشأه ونص عليه، فمن المسلمات أن الأحكام القضائية لا تنشئ القواعد القانونية التي هي من صميم اختصاص السلطة التشريعية وحدها دون غيرها.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإنه كان يتعين على الطاعن أن يطعن في قرار اللجنة الاستئنافية للمنازعات الزراعية خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1972 الذي فتح باب الطعن في هذا القرار أمام القضاء وفقاً لما سبق تفصيله. ولما كانت المادة الثانية من هذا القانون نصت على نشره في الجريدة الرسمية على أن يعمل به من تاريخ نشره، وإذ تم النشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 23 الصادر في 8/ 6/ 1972 فمن ثم يبدأ ميعاد الطعن في القرارات سالف الذكر من اليوم التالي الموافق 9/ 6/ 1972 وذلك لمدة ستين يوماً تنتهي في 7/ 8/ 1972 ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام طعنه في قرار اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية بمركز كفر الدوار الصادر بجلسة 11/ 4/ 1968 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بعريضة قيدت في 15/ 4/ 1975 بعد انقضاء ما يقرب من ثلاث سنوات على الميعاد الذي حدده القانون للطعن، ومن ثم يكون الطعن على هذا القرار مقدماً بعد الميعاد وغير مقبول شكلاً وإذا كان الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون متفقاً مع القانون، وبالتالي يضحى الطعن فيه على غير أساس سليم من القانون حرى بالرفض ولا ينال من ذلك ما أبداه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد انشغل بالميعاد وترك الأسباب الواقعية المتعلقة بواقع الطعن والتي تفيد تمسك الطاعن بالوفاء بالإيجار مما يعتبر في نظره قصوراً في التسبيب إذ من المقرر قانوناً أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى وذلك طبقاً لنص المادة 112 من قانون المرافعات، وهذا الدفع لا يتعرض للحق المدعى به ولا ينصب على موضوع الدعوى والحكم بقبوله ينهي النزاع وعلى ذلك فلا ضير على المحكمة إن هي قضت بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ولم تناقش موضوعها إذ أنها بهذا القضاء تكون قد استوفت ولايتها واستنفذت سلطتها كاملة في نظر موضوع الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.