مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 691

(73)
جلسة 25 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 754 لسنة 11 القضائية

موظف. "فصل". قانون. "أثر رجعي". ترتيب الفصل على الحكم الصادر على الموظف في جناية ولو بعقوبة الجنحة طبقاً لنص المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - صدور الحكم على الموظف في جناية وكذلك قرار فصله في ظل هذا القانون - لا تسري على الموظف بعد ذلك أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 الذي ألغى القانون رقم 210 لسنة 1951 - المجال الزمني للقانون رقم 46 لسنة 1964 لا يمتد إلى ما سبق نفاذه من وقائع تمت وتحققت آثارها في ظل القانون الأول وإلا كان في ذلك تطبيق للقانون بأثر رجعي بغير نص يجيز ذلك.
يستفاد من الحكم الوارد في المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951 أنه كان يترتب على صدور حكم على الموظف في جناية ولو بعقوبة جنحة انتهاء خدمته، ولم يكن يحول دون تحقق هذا الأثر في ظل القانون المذكور أن تكون الجناية غير مخلة بالشرف أو أن يكون الحكم قد قضى بوقف تنفيذ العقوبة وحدها دون الآثار الجنائية المترتبة عليها، وقد تحقق هذا الأثر بالنسبة إلى المدعي بصدور حكم من محكمة جنايات المنصورة في 10 من مارس سنة 1960 بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس وبصدور القرار المطعون فيه متضمناً إنهاء خدمته منذ ذلك التاريخ.
ولما كان الحكم المذكور قد صدر ضد المدعي وتحققت آثاره القانونية كاملة في ظل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فإن هذا القانون دون سواه هو الذي ينطبق عليه ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 إذ أن المجال الزمني لسريان هذا القانون لا يمتد إلى ما سبق نفاذه من وقائع تمت وتحققت آثارها في ظل القانون الأول - وإلا كان في ذلك تطبيق للقانون الجديد بأثر رجعي - بغير نص خاص يجيز ذلك - على مركز قانوني كان قد نشأ واستكمل عناصر وجوده في ظل قانون سابق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل الثقافة والإرشاد القومي في 16 من مايو سنة 1961 أقام السيد علي الغريب محمد فاضل شتا الدعوى رقم 349 لسنة 8 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم والسيد مدير منطقة المنصورة التعليمية طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 21 من ديسمبر سنة 1960 بفصله من الخدمة واعتبار هذا القرار كأن لم يكن والحكم بإعادته إلى الخدمة وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنما التحق بخدمة وزارة التربية والتعليم في 6 من نوفمبر سنة 1949 بوظيفة سكرتير مدرسة وظل يقوم بعمله خير قيام ثم في 27 من أكتوبر سنة 1949 ضبطت بمنزله بندقية (أنفيلد) فقدمته النيابة العامة للمحاكمة أمام محكمة جنايات المنصورة التي قضت في 10 من مارس سنة 1960 بحسبه ستة أشهر من إيقاف التنفيذ ومصادرة السلاح المضبوط وذلك بعد أن استعرضت ظروف القضية وماضيه الذي لا تشوبه شائبة وسمعته الطيبة - وفي 25 من ديسمبر سنة 1960 أخطرته منطقة المنصورة التعليمية بفصله من الخدمة استناداً إلى الحكم المذكور مع إيقاف صرف مرتبه اعتباراً من شهر ديسمبر سنة 1960 فتقدم بتظلم من هذا القرار لم يتلق عنه رداً فأقام هذه الدعوى وذكر أنه وفقاً لأحكام المادتين 25 و27 من قانون العقوبات لا يترتب على الحكم الصادر عليه بالحبس مع وقف التنفيذ فصله من وظيفته وأشار إلى اتجاه المحاكم الجنائية في محاكمة الموظف إلى النزول إلى أدنى الحدود حتى يكون بعيداً عن وجوب فصله حفظاً لكيانه ومستقبل أسرته وإلى اتجاه المشرع إلى عدم احتساب السابقة الأولى إذا كانت العقوبة المحكوم بها هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وذكر أن المشرع رأى أن هناك جرائم أخرى ماسة بالشرف والاعتبار لا يشملها نص المادتين 25، 27 من قانون العقوبات فكان لا بد من الإشارة إليها من القانون رقم 210 لسنة 1951 وبذلك أصبح هذا القانون مكملاً لقانون العقوبات في بيان حالات فصل الموظف فجاء نص المادة 107 مقرراً انتهاء خدمة الموظف إذا حكم عليه في جناية أو في جريمة مخلفة بالشرف ومن ثم يشترط أن تكون الجناية من الجنايات المخلة بالشرف وإذ كانت جريمة إحراز السلاح ليست من الجرائم المخلة بالشرف فإن القرار المطعون فيه يكون قد جاء مخالفاً للقانون، وأضاف أن القرار المذكور قد شابه أيضاً عيب إساءة استعمال السلطة إذا أساءت المنطقة التعليمية استعمال الحق في فصله وهو رب أسرة كبيرة ولا مورد له غير وظيفته.
وأجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أن محكمة جنايات المنصورة قد أدانت المدعي في جناية إحراز سلاح دون ترخيص وقضت في 10 من مارس سنة 1960 بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم أي أن الحكم أوقف تنفيذ العقوبة الجنائية فقط دون أن يشير إلى أية عقوبة أخرى أو أي أثر لهذا الحكم ووقف تنفيذ الآثار المترتبة على الأحكام الجنائية بالتطبيق للمادة 55 من قانون العقوبات وما بعدها لا يشمل إلا العقوبة التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم فلا يتعداها إلى الآثار الأخرى سواء كانت من روابط القانون الخاص أو من روابط القانون العام ولهذا استعملت جهة الإدارة الحق المخول لها قانوناً في فصل المدعي للحكم عليه في تلك الجناية وفقاً للمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على انتهاء خدمة الموظف على وظيفة دائمة في حالة الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف - وأضافت الوزارة أنها لم تسئ استعمال سلطتها حين أصدرت قرارها بفصل المدعي إذ أن خدمته انتهت بقوة القانون وبناء على الحكم الصادر من محكمة الجنايات - ثم بعد ذلك وفي 12 من إبريل سنة 1964 صدر القرار رقم 47 بتعيينه كاتب بمدرسة أتميدة الإعدادية بالدرجة الثامنة اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل في 21 من ديسمبر سنة 1963 على أن يراعي أن له مدة خدمة سابقة قبل فصله. وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وأودع المدعي مذكرتين بدفاعه ذكر فيهما أنه قد أعيد إلى الخدمة اعتباراً من 21 من ديسمبر سنة 1963 ولكن لم تسحب مدة فصله في أقدمية الدرجة المعين عليها تعييناً جديداً كما لم يصرف له مرتبه عن تلك المدة وقال أنه لذلك يطلب الحكم بإلغاء قرار الفصل مع إلغاء جميع الآثار التي ترتبت عليه وصرف مرتبه اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1960 حتى 20 من ديسمبر سنة 1963 - وأشار إلى أن القانون رقم 210 لسنة 1951 قد ألغى وإلى أن المادة 77 من القانون رقم 46 لسنة 1964 قد جعلت الفصل جوازياً للوزير المختص إذا كان الحكم صادراً مع وقف تنفيذ العقوبة.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قد أقامت قضاءها بإلغاء قرار فصل المدعي على أن مقتضى نص المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951 أن تنتهي خدمته بالحكم عليه في جناية إحراز سلاح دون ترخيص ولا يحول دون ذلك وقف تنفيذ العقوبة فكان يتعين فصله من الخدمة وهو الأمر الذي وقع فعلاً إذ وافقت الجهة الإدارية على فصله في 20 من ديسمبر سنة 1960 وصدر قرار بذلك في 21 من ديسمبر سنة 1960 ولئن كان هذا القرار قد صدر قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1964 في شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة إلا أنه وقد طعن فيه في الميعاد القانوني فإنه لم يكتسب بعد حصانة القرار النهائي وتظل المراكز القانونية التي تترتب عليه قلقة غير مستقرة إلى أن يفصل في الدعوى بحكم نهائي ومن ثم فإن قانون العاملين المدنين بالدولة الجديد يسري على حالة المدعي بأثر حال مباشر وبالتالي تكون نصوصه هي الواجبة التطبيق على المنازعة المطروحة أمام المحكمة وفقاً لحكم المادة 77 من القانون رقم 46 لسنة 1964 تنتهي خدمة العامل إذا حكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة فلم يعد مجرد الحكم عليه في جناية أياً كان نوع العقوبة المحكوم بها عليه ولو كانت الحبس سبباً لانتهاء خدمته كما كان الحال وفقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم فإنه إذا حكم على موظف في جناية بعقوبة الحبس فلا يترتب على ذلك فصله من الخدمة ما لم تكن مخلقة بالشرف كما أنه إذا كان الحكم الصادر عليه قد أوقف تنفيذ العقوبة فالفصل في هذه الحالة لا يقع حتماً وبقوة القانون بل يترك الأمر لسلطة الوزير التقديرية - ولما كانت العقوبة المحكوم بها على المدعي لا تعد من العقوبات المقررة للجنايات وكانت جناية إحراز السلاح بدون ترخيص لا تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة إذ أنها لا تمس سمعته ولا تؤثر على الثقة في أمانته ونزاهته فإن الفقرة الثامنة من المادة 77 سالفة الذكر ولا تنطبق عليه ومن ثم يتعين إلغاء قرار فصله مع ما يترتب على ذلك من آثار ومن ضمنها تسوية حالته على أساس أنه لم يفصل من الخدمة أما عن استحقاقه لمرتبه أثناء مدة فصله فإنه لما كان من المقرر أن المرتب إنما يمنح مقابل العمل فإنه لا يترتب على مجرد إلغاء قرار فصله استحقاقه لمرتبه عن مدة فصله التي لم يعمل خلالها. وذكرت المحكمة إنها وإن كانت قد أجابت المدعي إلى طلباته فإن ذلك كان بسبب نفاذ القانون رقم 46 لسنة 1964 قبل الفصل في الدعوى ومن ثم فإنها ترى إلزامه المصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن حكم محكمة الجنايات قد صدر في 10 من مارس سنة 1960 بمعاقبة المدعي بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاثة سنوات وبناء على ذلك صدر قرار فصله ثم في 12 من إبريل سنة 1964 صدر قرار بتعيينه اعتباراً من 21 من ديسمبر سنة 1963 تاريخ تسلمه العمل وتمت هذه الإجراءات في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 وتطبيقاً للمادة 107 منه فلا جدوى بعد ذلك من القول بأن قانون نظام العاملين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 يسري على حالة المدعي بأثر مباشر بعد أن تم تنفيذ القرار المطعون فيه تنفيذاً صحيحاً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرتين بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الوزارة بالمصروفات كما تقدمت الوزارة بمذكرة صممت فيها على طلباتها الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كانت تنص على أن (تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية.. (8) الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف..) ثم لم صدر قانون نظام العاملين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 الذي عمل به اعتباراً من أول يوليو سنة 1964 استحدث حكماً في هذا الشأن حين نص في مادته السابعة والسبعين على أن (تنتهي خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية.. (7) الحكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ويكون الفصل جوازياً للوزير المختص إذا كان الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة).
ومن حيث إنه يستفاد من الحكم الوارد في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أنه كان يترتب على صدور حكم على الموظف في جناية ولو بعقوبة جنحة انتهاء خدمته - ولم يكن يحول دون تحقق هذا الأثر في ظل القانون المذكور أن تكون الجناية غير مخلة بالشرف أو أن يكون الحكم قد قضى بوقف تنفيذ العقوبة وحدها دون الآثار الجنائية المترتبة عليها، وقد تحقق هذا الأثر بالنسبة إلى المدعي بصدور حكم من محكمة جنايات المنصورة في 10 من مارس سنة 1960 بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس وبصدور القرار المطعون فيه متضمناً إنهاء خدمته منذ ذلك التاريخ.
ومن حيث إنه وقد صدر الحكم المذكور ضد المدعي وتحققت آثاره القانونية كاملة في ظل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فإن هذا القانون دون سواه هو الذي ينطبق عليها ولا تسري عليها أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 إذ أن المجال الزمني لسريان هذا القانون لا يمتد إلى ما سبق نفاذه من وقائع تمت وتحققت آثارها في ظل القانون الأول - وإلا كان في ذلك تطبيق للقانون الجديد بأثر رجعي - بغير نص يجيز ذلك - على مركز قانوني كان قد نشأ واستكمل عناصر وجوده في ظل قانون سابق.
ومن حيث إنه لذلك فإن القرار المطعون فيه الصادر في 22 من ديسمبر سنة 1960 بفصل المدعي اعتباراً من 10 مارس سنة 1960 لا يعدو أن يكون تنفيذاً سليماً لأحكام القانون الذي صدر في ظله ولا ينال من مشروعيته صدور قانون لاحق منطوياً على حكم جديد فيكون طلب إلغائه غير قائم على أساس سليم - وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والقضاء برفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.