مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 إلى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 74

(11)
جلسة 12 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن عبد الوهاب عبد الرازق وعبد المعطي علي زيتون والدكتور محمد جودت الملط ومحمد أحمد البدري - المستشارين.

الطعن رقم 328 لسنة 22 القضائية

( أ ) دعوى الإلغاء - تكييفها - طعن - ميعاد الطعن - تدخل انضمامي في الطعن.
تنص المادة 218 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي تسري أحكامه فيما لم يرد فيه نص في القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بالتطبيق للمادة الثالثة من قانون إصداره على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته - دعوى الإلغاء تتميز بأن الخصومة فيها عينية تقوم على اختصام القرار الإداري - تعدي أثر الحكم الذي سيصدر في المنازعة إلى المتدخل - الحكم بقبول تدخل الخصم المنضم إلى الطاعن في طلباته.
(ب) أملاك الدولة الخاصة - أراضي صحراوية - تعدي - إزالته إدارياً - وضع اليد على أراضي صحراوية مملوكة للدولة ملكية خاصة - عدم ثبوت بيعها أو تأجيرها إلى المدعين من السلطة المختصة بذلك طبقاً للمواد 22، 23، 27 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها - اعتبار وضع اليد تعدي على ملك من أملاك الدولة يخول الجهة الإدارية صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً - طبقاً للمادة 970 من القانون المدني - لا يجدي القول بأن ربط إيجار على هذه الأراضي وتحصيله من جهة لا تتبعها هذه الأراضي يقيم علاقة إيجارية صحيحة بين واضعي اليد وبين الجهة الإدارية لا يجوز معها وصف حيازتهم بالتعدي - أي تأجير على خلاف ما ورد بأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 يعد باطلاً طبقاً لنص المادة (47) من القانون سالف الذكر.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 17 من شهر إبريل سنة 1976 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الدكتور عصام الدين عبد العزيز جلال وأسرته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 328 لسنة 22 القضائية، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 17 من فبراير سنة 1976 في الدعوى رقم 514 لسنة 28 القضائية المقامة من:
1 - الدكتور عصام الدين عبد العزيز جلال وأسرته.
2 - الدكتور محمد طلعت عبد العزيز وأسرته.
3 - الدكتور محمود طلعت محمد طلعت وأسرته.
4 - السيد/ عمر مرعي وأسرته.
5 - السيد/ أحمد نصير وأسرته، ضد:
1 - وزير الإصلاح الزراعي بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأملاك.
2 - محافظ الجيزة.
3 - رئيس الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية، القاضي "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها بشقيها وإلزام المدعين المصروفات".
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار رقم 8 لسنة 1974 الصادر من محافظ الجيزة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم في 28 من إبريل سنة 1976.
وبتاريخ أول يونيه سنة 1976 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الدكتور محمد طلعت عبد العزيز والدكتور محمود طلعت محمد طلعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه منضمين إلى الطاعن في طلباته ومستندين إلى ذات الأسباب التي أقام عليها الطاعن طعنه.
وأعلن تقرير الطعن المذكور إلى المطعون ضدهم في 20 من يونيه سنة 1976.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه لما أبدته من أسباب إلى أنها ترى الحكم بالآتي:
أولاً: قبول الطعن شكلاً.
ثانياً: قبول تدخل محمد طلعت عبد العزيز ومحمود طلعت محمد طلعت شكلاً.
ثالثاً: وبصفة أصلية إلغاء الحكم المطعون فيه مع الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام محافظ الجيزة بصفته المصروفات.
رابعاً: وبصفة احتياطية برفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3 من ديسمبر سنة 1979 وقد أودع محامي الطاعن مذكرة في 31/ 12/ 1979 عقب فيها على تقرير هيئة مفوضي الدولة وصمم في ختامها على طلباته.
وبجلسة 21 من يناير سنة 1980 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 23 من فبراير سنة 1980 وفيها وفي الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. وقد ذكر الحاضر عن الحكومة بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1980 أن الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة قد حلت محل مصلحة الأملاك وأصبحت تابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي كما أن الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية قد حلت محل الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية.
وقد طلب الحاضر عن الطاعن أجلاً لتصحيح شكل الطعن.
وفي 7 من مايو سنة 1981 تم إعلان كل من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته ممثلاً للإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية، بصورة من تقرير الطعن. وفي جلسة 7 من نوفمبر سنة 1981 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1981 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء في أسبوعين وفي 21/ 11/ 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بالرد على تقرير هيئة مفوضي الدولة انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 24 من مارس سنة 1974 أقام:
أولاً: الدكتور عصام الدين عبد العزيز جلال وأسرته (السيدات/ مهجة مأمون محمد المفتي وزينب حسن علي وحكمت علي ناصف ووداد عبد العزيز جلال).
ثانياً: الدكتور محمد طلعت عبد العزيز وأسرته (السيدة/ سهام عبد المنعم الخربوطلي والقاصران المشمولان بولاية والدهما دالية وأحمد).
ثالثاً: الدكتور محمود طلعت محمد طلعت وأسرته (السيدة/ دالية صلاح الشاهد والقاصران المشمولان بولاية والدهما صلاح ودالية).
رابعاً: السيد/ عمر مرعي وأسرته.
خامساً: السيد/ أحمد نصير وأسرته.
الدعوى رقم 514 لسنة 28 القضائية ضد:
1 - وزير الإصلاح الزراعي بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأملاك.
2 - محافظ الجيزة.
3 - رئيس الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية طالبين الحكم:
أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة رقم 8 لسنة 1974 الصادر بتاريخ 19/ 1/ 1974.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم أن كلاً منهم وأسرته يضع اليد على قطعة أرض صحراوية تتراوح مساحتها بين عشرين وأربعين فداناً، كائنة بزمام أبو رواش مركز إمبابة، وقد أبلغ كل منهم تفتيش أملاك الجيزة حتى يكون على علم بما هم قائمون به، وأرسل التفتيش إلى هيئة تعمير الصحاري للتأكد من أن هذه الأرض تدخل في نطاق عمل الأملاك، فأفادت هيئة تعمير الصحاري بأنها تقع في اختصاص الأملاك وعندئذ أحال مفتش الأملاك الأوراق إلى المهندس المختص لإجراء المعاينة وعمل الحصر توطئة لتعليتها على خرائط أملاك الدولة. وقد مسحت هذه الأرض على المدعين باعتبارهم زارعين لها، وقدر لها إيجار سنوي قاموا بدفعه عن السنة الزراعية 72/ 1973، كما قامت لجنة برئاسة المشرف الزراعي لجمعية أبو رواش بمعاينة الأرض وحصرها زراعياً باسم المدعين واستخرجت لهم بطاقات حيازة، كما قام المدعون باستخراج شهادات رسمية من الضرائب العقارية ثابت فيها ورود هذه الأطيان في استمارات 31 أموال. وقد قام المدعون بمجهودات كبيرة في استصلاح الأراضي التي وضعوا اليد عليها بإذن من الدولة فزرعوا فيها أشجار الجازورينا وقاموا ببناء حجرات بالأسمنت المسلح لإقامة الفلاحين والعمال وكذلك حظائر للمواشي وأحواض بالأسمنت المسلح لتخزين المياه فضلاً عن مباحثاتهم مع شركة رجوا للتعاقد على عمل مصدر للمياه الجوفية وبعد مرور أكثر من سنة على ما قام به المدعون من مجهودات أصدر محافظ الجيزة قراره رقم 8 لسنة 1974 ويقضي بأن يزال إدارياً التعدي الواقع على أملاك الدولة إشراف الإصلاح الزراعي والجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية بطريق مصر - إسكندرية الصحراوي. وقد فوجئ المدعون بصدور هذا القرار وهم يطعنون فيه لأن السند الوحيد الذي يرتكز عليه هذا القرار هو المادة 970 من القانون المدني والتي تتناول إمكان إزالة التعدي الذي يقع على أموال الدولة ومن غير المتصور عقلاً أن يتسع تفسير نص هذه المادة للحالات التي يتم فيها وضع يد الحائزين للأرض بعلم الدولة بل وبتشجيع منها بغية استصلاحها، ذلك أن التعدي ينصرف بداهة إلى الاغتصاب غير المشروع أو محاولة الاغتصاب في غفلة من الدولة أو بالقوة. أما حيث تكون الحيازة برضاء الدولة وبتشجيع من أجهزتها وطبقاً لنظم تعتبر الحصر خفية تمهيداً لبيع الأرض الموضوع اليد عليها بالممارسة فإنه لا يمكن أن تسعف هذه المادة في رفع يد الحائزين، إذ أن إزالة التعدي بالطريق المباشر مناطه العدوان والحال أنه ليس هناك عدوان البتة. وفضلاً عن ذلك فإن القرار المطعون فيه يشوبه انحراف واضح إذ أنه لم يطبق على كافة الحائزين في المنطقة وهم مئات، وإنما اقتصر على تحديد تحكمي لمن يطبق عليهم في حين أن مراكز المدعين لا تختلف في شيء عن مراكز المحظوظين الذين نجوا منه.
وقد عين لنظر طلب وقف التنفيذ جلسة 23/ 4/ 1974 وفي جلسة 14/ 5/ 1974 قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بالرد على الدعوى وحافظة مستندات. وقد ورد بهذه المذكرة أنه بتاريخ 30/ 12/ 1973 عرضت على محافظ الجيزة مذكرة مديرية الإصلاح الزراعي بالجيزة متضمنة أن المهندسين المختصين أثناء مرورهم بطريق مصر - إسكندرية الصحراوي تبينوا وجود تعديات بمعرفة بعض الأهالي على حوالي عشرة أفدنة يسار الطريق وذلك بغرس كفوف تين شوكي عند الكيلو 22 كما وجدوا تعديات أخرى على مساحة خمسين فداناً عند الكيلو 27 على يمين الطريق، وذلك بغرس كفوف تين شوكي وإقامة مباني حجرتين وحوض مياه بمعرفة المهندس عمر مرعي والسيد/ أحمد نصير، وكذلك وجدوا تعد آخر على مساحة عشرين فداناً تقريباً بمعرفة الدكتور محمد طلعت وبتاريخ 31/ 12/ 1973 أخطر رئيس مجلس إدارة الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية محافظ الجيزة أنه بمرور المسئولين بالجهاز بطريق مصر - إسكندرية لوحظ وجود تعد على أملاك الدولة إشراف الجهاز بمنطقة الكيلو 26 شرق الطريق وذلك بغرس ألواح التين الشوكي وأشجار الجازورينا في مساحة حوالي سبعين فداناً وأنه جاري ريها بنقل المياه إلهيا محمولة على ركائب وطلب رئيس الجهاز من المحافظ اتخاذ الإجراءات الإدارية لإزالة هذه التعديات. وإنه إزاء ذلك ولما كان وزير استصلاح الأراضي قد أصدر قراره رقم 455 لسنة 1973 بتفويض محافظ الجيزة - في حدود المحافظة - في إزالة التعديات التي تقع على الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964، وطبقاً لحكم المادة 970 من القانون المدني، فقد أصدر محافظ الجيزة عدة قرارات بإزالة التعديات المشار إليها منها القرار رقم 8 لسنة 1974 الصادر في 19/ 1/ 1974 وبتاريخ 23/ 3/ 1974 توجهت اللجنة الإدارية التي نيط بها تنفيذ هذا القرار ومعها قوة من رجال الشرطة إلى طريق مصر - إسكندرية الصحراوي وقامت بإزالة جميع التعديات على أرض الدولة وتحرر المحضر اللازم وتوقع عليه من مأمور الشرطة المختص.
واستطردت المذكرة قائلة أن المدعين - وهم من المعتدين على أملاك الدولة - إنما يحاولون بهذه الدعوى إثبات وضع يدهم على أرض مملوكة للدولة ابتغاء التحدي بوضع يدهم حين تقرر الدولة بيع أو تأجير هذه الأرض أو بمعنى آخر اكتساب أفضلية - بناء على وضع اليد - تخول لهم أولوية بين من تزمع الدولة التصرف إليهم في أراضيها، وقد كان ذلك يجديهم لو كان القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، يعتد بوضع اليد أو الحيازة إنما البادي من مطالعة نصوص هذا القانون أنه لم يجعل لوضع اليد على أملاك الدولة الخاصة أية أفضلية أو ميزة إلا في أحوال خاصة لا تنطبق على المدعين. وقد ردت المذكرة على الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي، ففيما يتعلق بطلب وقف التنفيذ أوضحت المذكرة أن القرار المطلوب وقف تنفيذه قد تم تنفيذه بالفعل ومن ثم فقد تخلف بالنسبة إلى هذا الطلب ركن الاستعجال المبرر لقبوله، فإذا أضيف إلى ذلك أن القرار المذكور قائم على سببه فقد انهار ركن الجدية، وبذلك أصبح طلب وقف تنفيذ القرار غير قائم على ركنيه جديراً بالرفض. وعن الموضوع قالت المذكرة أنه لما كانت هذه الأرض صحراوية باعتراف المدعين وهي مملوكة للدولة ملكية خاصة فإنها تكون بمنأى عن كل ما يؤثر في هذه الملكية من حيازة أو وضع يد، ومهما طال الزمن لعدم جواز ذلك قانوناً. فالمبدأ العام الذي قرره القانون المدني يقضي بعدم قابلية الأملاك الخاصة للدولة ومن بينها الأراضي الصحراوية للتملك بالتقادم (المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1975)، وكذلك فإن القانون رقم 100 لسنة 1964 سالف الذكر قد ردد هذا المبدأ في المادة 47 منه. واستعرضت المذكرة أحكام القانون المذكور في خصوص بيع أو تأجير أو توزيع الأراضي الصحراوية وكلها أحكام تنأى بطبيعتها عن أن تكون مقررة لمثل المدعين ومن ثم فلا وجه لتحديهم بوضع يدهم أو حيازتهم لجزء من هذه الأراضي.
وأضافت المذكرة أنه يتضح من ذلك نية المدعين في اغتيال أموال الدولة بغير سند من واقع أو قانون، رغم محاولتهم تبرير وضع يدهم وإكسابه صفة الشرعية، فإخطارهم لمديرية أملاك الجيزة بوضع يدهم إخطار لجهة غير مختصة لانحصار سلطة هذه المديرية في تولي الإشراف على أراضي الدولة الزراعية وخروج الأراضي الصحراوية عن سلطتها ومن ثم فإن أي إجراء صادر من هذه المدرية لا يرتب أية حقوق للمدعين. واستخراج بطاقات حيازة من الجمعية التعاونية بناحية أبو رواش بالإضافة إلى انعدام أثره القانوني عمل تم بالتواطؤ والغش وصادر من جهة غير مختصة، واستزراع الأرض المعتدى عليها ثبتت حداثته وعدم إمكان الاستمرار فيه لانعدام وجود مصدر للمياه ودفع الإيجار عنها أو الضرائب وارد على غير محل فلا المدعون مستأجرون أو مالكون للأرض ولا أجهزة الدولة تملك تأجيرها أو تمليكها لهم. وبالنسبة لقول المدعين بانحراف مصدر القرار المطعون فيه في استعمال سلطته بإزالة تعدي المدعين وحدهم دون غيرهم، فقد صدرت عدة قرارات بشأن حصر التعديات الواقعة على أراضي الدولة وأصدر محافظ الجيزة القرار رقم 112 لسنة 1974 بإزالة ما تم حصره من تعديات في ذات المنطقة وعلى أراضي مجاورة للأرض المعتدى عليها من المدعين. وأشارت المذكرة إلى متاخمة الأرض المعتدى عليها لتقسيم مدينة السادات المعد للبيع إلى المواطنين إقامة مدينة سكنية عليها، مما يؤكد انصراف نية المدعين عن استزراع الأرض المعتدى عليها إلى الانتفاع بها كأرض بناء، وانتهت المذكرة إلى طلب رفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعين المصروفات.
وبجلسة 25/ 6/ 1974 قدم المدعون مذكرة بدفاعهم وحافظة مستندات، وانتهوا في مذكرتهم إلى التصميم على الطلبات المبينة بعريضة الدعوى موضحين أن الأرض موضوع النزاع ليست من الأراضي الصحراوية ولكنها من الأراضي البور.
وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقدم تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى بشقيها.
وقد قدم الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات وانتهى في مذكرته إلى طلب رفض الدعوى مع إلزام المدعين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه لما أبدته من أسباب إلى أنها ترى "الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها بشقيها مع إلزام المدعين بالمصروفات".
وقد قدم المدعون مذكرة عقبوا فيها على تقرير هيئة مفوضي الدولة وانتهوا إلى التصميم على طلباتهم.
وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1976 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها بشقيها وألزمت المدعين المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لا خلاف بين طرفي النزاع على أن الأرض موضوع هذا النزاع من أملاك الدولة الخاصة، إنما النزاع بينهما يدور حول أمرين:
الأول: طبيعة هذه الأرض، هل هي أرض صحراوية ومن ثم تخضع لإشراف الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية وهذا ما يزعمه المدعى عليهم أم أنها أرض بور تخضع لإشراف مصلحة الأملاك كما يذهب إلى ذلك المدعون.
الثاني: صفة المدعين في وضع يدهم على تلك الأرض، هل هم مستأجرون لها كما يزعم المدعون أم هم غاصبون معتدون كما تدعي الحكومة.
وعن الأمر الأول قالت المحكمة أنه يخلص مما ورد في القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ومذكرته الإيضاحية أن المشرع أخذ بمعيار موضوعي في تحديد الأراضي داخل الزمام وخارج الزمام أساسه هو مدى خضوع الأراضي للضريبة العقارية على الأطيان تبعاً لمسحها مساحة تفصيلية وحصرها في سجلات مصلحة المساحة وفي سجلات المكلفات بمصلحة الأموال المقررة كما يبين من تقصي نصوص التشريعات الخاصة بضريبة الأطيان أن المقصود بالأراضي داخل الزمام في تطبيق قانون ضريبة الأطيان هو الأراضي الزراعية أو القابلة للزراعة التي تم مسحها وحصرها وتحديدها مساحياً من حيث القطعة والحوض والقرية والمحافظة، وأن الأراضي خارج الزمام هي تلك الأراضي التي لم تتم عملية مسحها وحصرها في نطاق تحديد مجال سريان ضريبة الأطيان (وقد أخذت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بهذا الرأي في تعريف ما هو داخل الزمام وما هو خارجه بجلستها المنعقدة في 23/ 9/ 1970) ولما كان الثابت من واقع أوراق الدعوى أن مصلحة الأموال المقررة قامت بحصر الأرض موضوع النزاع في سجلاتها وربطها على المدعين وتقدير الإيجار المستحق عليها عن عام 1973 طبقاً للقواعد التي تضمنتها المادة 71 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964، كما أن المستندات الصادرة من مصلحة الضرائب العقارية تفيد أن هذه الأرض مثبتة باستمارة 31 أموال بأسماء واضعي اليد عليها وهم المدعون، كما أن الواضح من الخرائط المقدمة سواء من المدعى عليهم أو من المدعين أن الأرض موضوع النزاع ممسوحة على الخرائط مسحاً مفصلاً، ومن ثم فإنها تعتبر طبقاً للمعيار الموضوعي السالف الإشارة إليه من الأراضي داخل حدود الزمام وإذ هي ليست من الأراضي المزروعة فإنه يصدق عليها تعريف الأرض البور الموضح في الفقرة (ب) من المادة 2 من القانون رقم 100 لسنة 1964.
وأضافت المحكمة أن الأرض موضوع النزاع هي من أملاك الدولة الخاصة فلا يجوز والحالة هذه الاعتداء عليها بحيازتها غصباً كما لا يجوز تملكها لا بالاستيلاء ولا بالتقادم، إذ أن المدعين لم يثبت أنهم تملكوها يوماً لا بعقود ولا بحيازة سابقة على 13 يوليه سنة 1957 تاريخ العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعدل للمادة 970 من القانون المدني كما أنه لم يثبت أنه تقرر التصرف فيها بالبيع لهم أو بتأجيرها لهم وفق أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964، ولا يجدي المدعين في شأن ادعائهم حقاً عليها قيام مصلحة الأموال المقررة بربط الأرض المغتصبة بالإيجار واقتضائه كمقابل لانتفاعهم بها، ذلك أن القصد من هذا الإجراء لدى الجهة الإدارية التي قامت به هو حصر الاعتداء والمحافظة على مصلحة مالية للدولة بعيداً عن فكرة إبرام عقد إيجار، إذ أن مثل هذا العقد لا يقوم إلا بتراض واتفاق صريحين وعلى مقتضى الأحكام المقررة قانوناً، وأي تأجير على خلاف ذلك فقد قررت بطلانه المادة 47 من القانون رقم 100 لسنة 1964 ومتى كان ذلك فإن وضع يد المدعين على الأرض موضوع النزاع يكون منطوياً على تعد على ملك من أملاك الدولة الخاصة، ويكون مستوجب الإزالة إدارياً وفقاً لحكم المادة 970 من القانون المدني.
وفيما يتعلق بما أثاره المدعون من أن القرار المطعون فيه مشوب بالانحراف أوضحت المحكمة أنه فضلاً عن أن المدعين لم يثبتوا هذا الزعم ولم يدللوا على صحته فالثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه ذاته تناول حالات أخرى، كذلك صدر قرار محافظ الجيزة رقم 98 لسنة 1974 في 23/ 3/ 1974 بحصر وتحديد التعديات الواقعة على الأرض المملوكة للدولة على جانبي طريق مصر - إسكندرية الصحراوي ومصر - الفيوم الصحراوي، كما أصدر محافظ الجيزة القرار رقم 112 لسنة 1974 بإزالة التعديات الواقعة على الأراضي المملوكة للدولة بطريق المحولات المتفرع من طريق مصر - إسكندرية الصحراوي.
وفيما يتعلق باختصاص محافظ الجيزة في إصدار القرار المطعون فيه فالثابت أن وزير استصلاح الأراضي قد فوضه بقراره رقم 455 لسنة 1973 بإزالة التعديات التي تقع في حدود محافظة الجيزة وهو أمر يملكه الوزير وفقاً لأحكام قانون التفويض في الاختصاصات رقم 42 لسنة 1967 وطبقاً للمادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1971 في شأن الحكم المحلي ولكل ذلك يكون القرار المطعون فيه قد جاء سليماً مبنياً على أسباب تحمله ووفقاً للقانون ومن ثم يكون الطعن فيه بالإلغاء على غير أساس من القانون مما يتعين معه الحكم برفضه.
وفيما يتعلق بطلب وقف التنفيذ قالت المحكمة أنه قد ثبت قيام القرار محل طلب وقف التنفيذ على سببه وصدوره مبرءاً من العيوب والمطاعن التي وجهت إليه الأمر الذي يجعل ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ منهاراً ومن ثم يكون طلب وقف التنفيذ غير قائم على ركنيه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء غير صحيح في الواقع أو القانون للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم استظهر حقيقة الأرض محل النزاع واعتبرها من الأراضي البور وليست أرضاً صحراوية، وبذلك فإنها لا تدخل في ولاية الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية بل تشرف عليها إدارة أملاك الدولة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي وإذا كان القرار المطعون فيه قد صدر من محافظ الجيزة بحسبانه مفوضاً من قبل وزير استصلاح الأراضي، فقد فات الحكم المطعون فيه أن وزير استصلاح الأراضي ليست له ولاية في شأن هذه الأرض ما دامت من الأراضي البور المملوكة للدولة التي تشرف عليها إدارة أملاك الدولة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي التي تتبع وزير الزراعة وليس وزير استصلاح الأراضي، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد جاء معدوماً لصدوره من جهة اغتصبت لنفسها سلطة إزالة التعدي عن أرض لا شأن لها بها.
ثانياً: إن القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها لم يضع أحكاماً خاصة بتأجير الأراضي البور ومن ثم فإن تأجير هذه الأراضي يخضع للقواعد التي كانت قد وضعتها مصلحة الأملاك الأميرية وأصدرتها فيما يسمى بلائحة أملاك الميري وهي قواعد لا شأن لها بالقانون رقم 100 لسنة 1964 وتقوم الإدارة العامة لأملاك الدولة بحصر الأراضي البور التي يضع الأهالي يدهم عليها ثم تحدد الأجرة المقررة وتقوم بتحصيلها حتى إذا ما رغبت في بيعها كان لواضعي اليد الأولوية في الشراء. وقد اتجه الحكم المطعون فيه اتجاهاً خاطئاً إذ تصور أن المدعين وضعوا يدهم على الأرض بقصد اكتساب الملكية، في حين أن وضع اليد مهما طال لا يكسب ملكية أرض الدولة بالتقادم. ولكن وضع يد المدعين على الأرض واعتبارهم مستأجرين يعطيهم الحق في أولوية شراء الأرض عند طرحها للبيع. وإلى أن تقرر الحكومة وقت التصرف في الأرض المملوكة لها تعتبر يد المدعين على الأرض يداً قانونية شبيهة بيد المستأجر على العين المؤجرة، لا بد أن تحترم لا أن تعتبر يداً غاصبة على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ثالثاً: أخطأ الحكم المطعون فيه إذ خالف نصوص اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 وهي لائحة تفويضية فوض المشرع وزير الإصلاح الزراعي في إصدارها على أن تتضمن النصوص التكميلية لأحكام القانون. فقد نصت المادة 14 من اللائحة التنفيذية على بيع الأراضي لواضعي اليد عليها أو لورثتهم بشرط أن يكون وضع اليد لمدة عام وهو أمر متوفر في المدعين.
رابعاً: أن ربط إيجار على هذه الأرض من جانب الجهة الإدارية المشرفة عليها وتحصيله من المدعين معناه قيام علاقة إيجارية صحيحة بين المدعين وبين الجهة الإدارية لا يجوز معها وصف حيازتهم بالتعدي.
من حيث إنه طبقاً للمادة 218 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - الذي تسري أحكامه فيما لم يرد فيه نص في القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بالتطبيق للمادة الثالثة من قانون إصداره - إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته.
ومن حيث إن الدعوى المقامة من المدعين هي من دعاوى الإلغاء التي تتميز بأن الخصومة فيها عينية تقوم على اختصام القرار الإداري، وليس من شك في أن الحكم الذي سيصدر في هذه المنازعة سيتعدى أثره إلى المتدخلين الدكتور محمد طلعت عبد العزيز والدكتور محمود طلعت محمد طلعت ويعتبر حجة عليهما ومن ثم يتعين قبولهما خصمين منضمين إلى الطاعن في طلباته.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم، أن مثار النزاع في هذا الطعن يدور حول طبيعة الأرض محل النزاع وهل هي من الأراضي البور أو من الأراضي الصحراوية، وكذلك حول طبيعة وضع يد المدعين على هذه الأرض هل هو وضع يد مشروع تجب حمايته أو وضع يد غير مشروع يتسم بالتعدي ويخول الجهة الإدارية صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً.
ومن حيث إن القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها ينص في مادته الأولى على أن:
"تسري أحكام هذا القانون على العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة عدا ما يأتي...".
وينص في مادته الثانية على أن:
"تنقسم الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة إلى ما يأتي:
( أ ) "الأراضي الزراعية" وهي الأراضي الواقعة داخل الزمام والأراضي المتاخمة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلو مترين التي تكون مزروعة بالفعل وكذلك أراضي طرح النهر وهي الأراضي الواقعة بين جسري نهر النيل وفرعيه التي يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها والجزائر التي تتكون في مجراه.
(ب) "الأراضي البور" وهي الأراضي غير المزروعة الواقعة داخل الزمام والأراضي المتاخمة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلو مترين.
(ج) "الأراضي الصحراوية" وهي الأراضي الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة الكيلو مترين المشار إليها في البندين السابقين سواء أكانت مزروعة بالفعل أو غير مزروعة أو كانت مشغولة بمبان أو منشآت ثابتة أو غير ثابتة".
ومن حيث إن المستفاد من ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1964 قد أوردت التعريفات القانونية لأنواع الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، وهي الأراضي الزراعية والأراضي البور والأراضي الصحراوية، إلا أنه لم يرد بهذه المادة أو بغيرها من مواد القانون تحديداً للمقصود بعبارة "حد الزمام" وهو حد لا وجود له على الطبيعة ولكنه مبين على الخرائط المساحية. وقد تضمنت حافظة المستندات المقدمة من إدارة قضايا الحكومة أمام محكمة القضاء الإداري خريطة مساحية (لوحة 81/ 615 مصر - كرداسة) معتمدة من مدير مديرية المساحة بالجيزة في 9/ 4/ 1974، مبين عليها حد الزمام، والأراضي المتاخمة الممتدة خارج حد الزمام إلى مسافة كيلو مترين، وموقع التعديات التي تمت إزالتها بالقرار المطعون فيه وتقع خارج حد الزمام بعد مسافة الكيلو مترين المشار إليها. ويتضح من ذلك أن الأرض محل النزاع تعتبر من الأراضي الصحراوية طبقاً لأحكام المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه.
ولا محل للاحتجاج بما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1964 من تحديد للمقصود بعبارتي "الأراضي الواقعة داخل الزمام" "والأراضي الواقعة خارج الزمام" لانطواء ما ورد بالمذكرة الإيضاحية على حكم جديد، لم يرد بالقانون بل ويتعارض مع نصوصه. أما ما قدمه المدعون من مستندات للتدليل على أن الأرض محل النزاع من الأراضي البور، فإنها لا تنهض على تغيير حقيقة طبيعة هذه الأرض وكونها من الأراضي الصحراوية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 على النحو السابق بيانه، ولم ينكر المدعون ذلك في صحيفة دعواهم إذ أقروا بأن كلاً منهم يضع يده على قطعة أرض صحراوية فضلاً عما جاء بمذكرة الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية من إحالة بعض موظفي الجهاز إلى النيابة الإدارية للتحقيق معهم فيما نسب إليهم من تصرفات حول بعض المستندات المشار إليها والتي يرتكز عليها دفاع المدعين.
ومن حيث إن القانون رقم 55 لسنة 1970 بتعديل المادة 970 من القانون المدني - السابق تعديلها بالقانونين رقم 147 لسنة 1957 ورقم 39 لسنة 1959 - ينص في الفقرتين الثانية والثالثة من مادته الأولى على أنه:
"ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً".
كما تنص المادة (47) من القانون رقم 100 لسنة 1964 على أنه:
"لا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يحوز أو يضع اليد بأية صفة كانت على العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة التي تسري عليها أحكام هذا القانون إلا وفقاً لهذه الأحكام.
ومع مراعاة ما تقضي به المادة 970 من القانون المدني يقع باطلاً كل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أو تأجير يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون، لا يجوز شهره ويجوز لكل ذي شأن طلب الحكم بهذا البطلان وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1973، أصدر وزير استصلاح الأراضي القرار رقم 455 لسنة 1973. وقد نصت المادة الأولى منه على أن:
"يعهد إلى السيد محافظ الجيزة - في حدود المحافظة - بإزالة التعديات التي تقع على الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه طبقاً لحكم المادة 970 من القانون المدني".
وبتاريخ 19 من يناير سنة 1974 أصدر محافظ الجيزة - استناداً إلى التفويض الصادر إليه من وزير استصلاح الأراضي - القرار رقم 8 لسنة 1974 وقد نصت المادة الأولى منه على أن: "يزال إدارياً التعدي الواقع على أملاك الدولة إشراف الإصلاح الزراعي والجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية عند الكيلو 22 من طريق مصر - إسكندرية الصحراوي بعد مصنع رمسيس للسيارات على يسار الطريق. وعند الكيلو 26 شرق هذا الطريق، وعند الكيلو 27 على يمين الطريق المذكور".
وقد صدر قرار محافظ الجيزة سالف الذكر بناء على مذكرتي مدير عام الإصلاح الزراعي بالجيزة ورئيس مجلس إدارة الجهاز التنفيذي للمشروعات الصحراوية بشأن وجود بعض التعديات على أراضي الدولة بطريق مصر - إسكندرية الصحراوي.
وبتاريخ 23 من مارس سنة 1974 توجهت اللجنة الإدارية التي نيط بها تنفيذ هذا القرار وقامت بإزالة جميع التعديات. ولما كان الثابت أن الأرض محل النزاع من الأراضي الصحراوية المملوكة للدولة ملكية خاصة، والتي تخضع لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، ولم يثبت أنه تم بيعها أو تأجيرها إلى المدعين من السلطة المختصة بذلك طبقاً للمواد 22 و23 و27 من هذا القانون المنظمة لبيع الأراضي الصحراوية وتأجيرها. ومن ثم فإن قيام المدعين بوضع يدهم على تلك الأرض، وذلك بغرس بعض كفوف تين شوكي وشتلات جازورين وفسائل نخيل وإقامة حوض مياه تنقل إليه المياه محمولة على دواب وبعض المباني، يكون مخالفاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 ومنطوياً على تعد على ملك من أملاك الدولة يخول الجهة الإدارية صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً طبقاً للمادة 970 من القانون المدني.
ولا يجدي الطاعن القول بأن ربط إيجار على هذه الأرض وتحصيله من المدعين معناه قيام علاقة إيجارية صحيحة بين المدعين وبين الجهة الإدارية لا يجوز معها وصف حيازتهم بالتعدي، إذ فضلاً عن أن هذا الإجراء صدر من جهة لا تتبعها الأرض محل النزاع، فإن تأجير هذه الأرض وهي أرض صحراوية لا يكون إلا من السلطة المختصة وطبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964، وأي تأجير على خلاف ذلك يعد باطلاً طبقاً لما نصت عليه المادة (47) من القانون المذكور. كما أنه لا محل لإفادة الطاعن من الحكم الوارد بالمادة (14) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964، ذلك أن هذه المادة تنظم الشروط الواجب توافرها في المتصرف إليهم في الأراضي الزراعية طبقاً للمادة (10) من القانون المذكور، والحال أن الأرض محل النزاع من الأراضي الصحراوية ومن ثم فإنها تخرج عن مجال سريان الحكم الوارد في المادة (14) من اللائحة التنفيذية، فضلاً عن أن المادة (10) من القانون المشار إليه قد ألغيت بالقانون رقم 17 لسنة 1969 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964.
ومن حيث إنه لما تقدم، يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون، ويكون الطعن والحالة هذه على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبقبول تدخل الدكتور محمد طلعت عبد العزيز والدكتور محمود طلعت محمد طلعت خصمين منضمين إلى الطاعن في طلباته وفي الموضوع برفض الطعن وألزمت الطاعن والمتدخلين بالمصروفات.