مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 464

جلسة 5 من يونيه سنة 1947

برياسة حضرة جندى عبد الملك بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد المفتى الجزايرلى بك وأحمد على علوبة بك ومصطفى مرعى بك ومحمد صادق فهمى بك المستشارين.

(216)
القضية رقم 70 سنة 16 القضائية

دعوى استرداد الحيازة. مناط قبولها. حيازة مادية حالية. شادر. الحكم بإغلاقه لمخالفة ارتكبها مستأجره. تنفيذ حكم الإغلاق باخراج كل ما فيه للمستأجر. زوال الحيازة عنه.
إن دعوى استرداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب، ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية. ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر، ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً فى حال وقوع الغصب.
فإذا كان الثابت أن العقار محل الدعوى (شادر) قد صدر حكم بإغلاقه لمخالفة ارتكبها مستأجره، ونفذ حكم الإغلاق بإخراج جميع الأشياء التى كانت به وإغلاق بابه ووضع الأختام عليه، فإن حيازة المستأجر المادية للشادر تكون قد زالت نتيجة تنفيذ الحكم الجنائى الصادر عليه. والقول بأن المستأجر ظل حائزاً رغم ذلك هو خطأ فى فهم معنى الحيازة.


الوقائع

فى 14 من أكتوبر سنة 1942 استأجر المطعون ضده من محمد مصطفى درهوس أفندى قطعة أرض فضاء ببندر الزقازيق لاستعمالها (شادراً) لبيع الخضر والفواكه بأجر لوحظ فيه أن المستأجر التزم باحاطة الأرض بسور من البناء وبإقامة المنشآت اللازمة للشادر على أن تصبح المبانى دون الأخشاب ملكاً خالصاً للمالك عند انتهاء الإجارة فى 14 من أكتوبر سنة 1944. وفى 14 من فبراير سنة 1944 باع المالك للطاعن قطعة الأرض بما عليها من مبان بعقد عرفى حكم بصحته فى الدعوى رقم 352 سنة 1944 كلى الزقازيق. وفى 27 من ديسمبر سنة 1944 أغلق الشادر تنفيذاً لحكم جنائى صادر على المطعون ضده فى المخالفة رقم 23 سنة 1945 الزقازيق. وفى 28 من يناير سنة 1945 طلب الطاعن إلى رئيس نيابة الزقازيق إذناً بفتح الشادر لاستعماله الشخصى متعهداً بعدم تمكين المخالف منه فأذن له بذلك فى 24 من فبراير سنة 1945، وقد نفذت الإدارة أمر النيابة قبل يوم 26 منه. وفى 28 من فبراير سنة 1945 تقدم الأستاذ أيوب يوسف المحامى شقيق المطعون ضده بالشكوى رقم 639 سنة 1945 إدارى بندر الزقازيق قال فيها إن ابن الخفير المعين من قبل شقيقه لحراسة الشادر أخبره أن الطاعن حضر إليه مع ثلاثة أشخاص يريدون إخراج رجال أخيه وقد حقق البوليس هذه الشكوى. وفى 5 من أبريل سنة 1945 رفع المطعون ضده إلى محكمة بندر الزقازيق الدعوى رقم 846 سنة 1945 على الطاعن مدعياً أنه فى يوم 28 من فبراير سنة 1945 حاول هو مع عدة أشخاص الاستيلاء بالقوة على الشادر، ثم فى أول مارس سنة 1945 تمكن بقوة أعوانه من هدمه على ما كان به من بضائع وأدوات، ولذا فهو يطلب استرداد حيازته له. وبعد أن أمرت المحكمة بإرفاق أوراق الدعوى 352 سنة 1944 كلى الزقازيق والشكوى رقم 639 سنة 1945 والمخالفة رقم 23 سنة 1945 بندر الزقازيق قضت فى 24 من أكتوبر سنة 1945 بعدم قبول الدعوى. واستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالباً إلغاءه والقضاء له بطلبه الابتدائى. وفى 19 من فبراير سنة 1946 حكم بإلغاء الحكم المستأنف وبرد الحيازة إلى المطعون ضده.
أعلن الطاعن بهذا الحكم فى 19 من أبريل سنة 1946 فطعن فيه بالنقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إنه (الطعن) بنى على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون من وجهين: أولهما أنه اعتبر المطعون ضده حائزاً للشادر بالرغم من تنفيذ حكم المخالفة عليه بالإغلاق ووضع الأختام تنفيذاً زالت به حيازته المادية السابقة وانهدم بزوالها أساس الدعوى باستردادها. والوجه الآخر أن الحكم اعتبر تسلم الطاعن للشادر بأمر النيابة من قبيل غصب حيازة المطعون ضده فى حين أنه ليس إلا إجراءً من إجراءات تنفيذ حكم المخالفة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه مقام على أن حكم الإغلاق لم يترتب عليه رفع يد المطعون ضده عن العين المؤجرة له، وعلى أن أمر النيابة بتسليمه للطاعن، وقد صدر فى غير مواجهة المطعون ضده ونفذ فى غيبته، هو بمثابة غصب.
وحيث إنه ثابت بالصورة الرسمية لمحضر الإغلاق أن المحضر المكلف بتنفيذ الحكم فى المخالفة رقم 23 سنة 1945 الزقازيق انتقل إلى الشادر "مخاطباً" أخا المحكوم عليه عبد المسيح أيوب "المقيم معه لغيابه" ونبه عليه بإخراج كل ما فى الشادر من المنقولات لإجراء الغلق "فأجاب بالامتثال" وأخرج منه جميع الأشياء التى كانت به، ثم أغلق المحضر بابه ووضع عليه الأختام. ومن ذلك يبين أن حيازة المطعون ضده المادية للشادر قد زالت نتيجة تنفيذ حكم جنائى صدر عليه.
وحيث إن دعوى استرداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب. ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية. ومعنى كونها مادية أن تتصل يد الحائز بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر. ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً فى حال وقوع الغصب.
وحيث إن تنفيذ حكم الإغلاق على الصورة الثابتة بالمحضر المؤرخ فى 27 من ديسمبر سنة 1944 قد قطع الاتصال الفعلى بين يد المطعون ضده والشادر قبل أن تمكن النيابة الطاعن منه، ومن ثم يكون قول الحكم المطعون فيه بأن المطعون ضده ظل حائزاً رغم ذلك هو قول مبنى على خطأ فى فهم معنى الحيازة. ولما كان هذا الخطأ قد صرف المحكمة عن النظر فيما يدعيه المطعون ضده استناداً إلى تحقيق الشكوى رقم 936 سنة 1945 الزقازيق من أن الحيازة عادت إليه ثم سلبها الطاعن منه بالقوة، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بغير حاجة للبحث فى الوجه الآخر.