مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 716

(77)
جلسة 26 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

القضية رقم 985 لسنة 8 القضائية

عامل. "عامل يومية." كادر العمال. الترقية من درجة صانع ممتاز إلى أوسطى ومن أوسطى إلى ملاحظ تكون بالاختيار للكفاية. كيفية إجراء الاختيار - لم ينظمها كادر عمال اليومية - يرجع فيه إلى القواعد المقررة والأصول العامة في خصوص الترقية بالاختيار - تقدير الكفاية متروك للسلطة الإدارية بلا معقب عليها فيه متى خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة.
إنه طبقاً لقواعد كادر عمال اليومية ولقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 تكون الترقية من درجة صانع ممتاز إلى أوسطى ومن درجة أوسطى إلى ملاحظ بالاختيار للكفاية ولم ينظم الكادر المذكور كيفية الاختيار، ومن ثم يرجع في هذا الشأن إلى القواعد المقررة والأصول العامة في خصوص الترقية بالاختيار وهي أن تقدير الكفاية ومدى صلاحية الموظف للوظيفة التي يرقى إليها أمر متروك للسلطة الإدارية تقرره وفق ما تلمسه من أهلية واستعداد الموظف بمراعاة شتى الاعتبارات وما تلحظه فيه من كفاءة في العمل المنوط به وقدره على النهوض بأعباء العمل الذي سيضطلع في الوظيفة المراد الترقية إليها وما يتجمع لديها من معلومات وعناصر عن ماضيه وحاضره تعين على الحكم في ذلك، وأن تقدير الإدارة في هذا الصدد له وزنه واعتباره - وهو أمر من صميم اختصاصها - بما لا معقب عليها فيه متى خلا قرارها من مجاوزة حدود الصالح العام، ولا يحد ترخصها في هذا التقدير إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل عليه، فإذا برئ تصرفها من هذا العيب وتجرد من شائبته فلا سلطان للقضاء على تقديرها في هذا الشأن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية باعتبار أن الحكم المطعون فيه صادر بجلسة 5 من فبراير سنة 1962 وأن آخر ميعاد للطعن وهو يوم 6 من إبريل سنة 1962 قد صادف يوم جمعة وهو عطلة رسمية، ومن ثم امتد ميعاد الطعن إلى أول يوم عمل بعدها وهو يوم السبت الموافق 7 من إبريل سنة 1962 الذي تم فيه إيداع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة وذلك بالتطبيق لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 237 لسنة 7 القضائية ضد وزارة المواصلات (مصلحة الطرق والنقل البري) بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 5 من يناير سنة 1960 بناء على قرار إعفاء من الرسوم القضائية صادر في 12 من ديسمبر سنة 1959 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في الطلب رقم 1353 لسنة 6 القضائية طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 226 الصادر من السيد المدير العام لمصلحة الطرق في 14 من مايو سنة 1959 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة أسطى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال بياناً لدعواه أنه التحق بخدمة الحكومة في 16 من نوفمبر سنة 1929 في وظيفة نجار، وسويت حالته طبقاً لأحكام كادر العمال بوضعه في درجة صانع دقيق من تاريخ التعيين وفي درجة صانع دقيق ممتاز اعتباراً من 16 من نوفمبر سنة 1935 وفي درجة ممتاز اعتباراً من 16 من نوفمبر سنة 1941 وعلى الرغم من قيامه بعمله على الوجه الأكمل وإسناد عمل وظيفة أوسطى ورشة النجارة إليه الأمر الذي يدل على كفاءته ومدى تمتعه بالثقة فقد ظل في درجة ممتاز منذ سنة 1941 حتى الآن وفي 14 من مايو سنة 1959 صدرت حركة ترقيات بالأمر الإداري رقم 226 بترقية الكثيرين من زملائه ممن هم أقل منه كفاءة وأحدث منه خدمة إلى درجة أوسطى مع تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة، ولذلك فإنه يطلب الحكم بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه في هذه الترقية. وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن الترقيات التي تمت بالقرار المطعون فيه كان بعضها بالأقدمية المطلقة والبعض الآخر بالاختيار للكفاية بناء على تقارير الرؤساء وتوصياتهم وبعد عرض الأمر على اللجنة الفنية التي رقت بالاختيار من آنست فيهم الكفاءة لدرجة أوسطى. وبجلسة 5 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية بإلغاء القرار المشار إليه فيما تضمنه من الترقية إلى درجة أوسطى بالاختيار مع ما يترتب على ذلك من آثار وبنت قضاءها على أنه يبين من الاطلاع على محضر اجتماع اللجنة الفنية بمصلحة الطرق والنقل البري في 25 من إبريل سنة 1959 وهو الذي صدر على أساسه القرار المطعون فيه، أنه جاء خلواً من ذكر الأسس التي اعتمدت عليها اللجنة في وزن كفاية الصناع الممتازين المرقين بالاختيار إلى درجة أوسطى عدا ما جاء بالبند السابع من هذا المحضر من أن اللجنة قد اطلعت على جميع طلبات العمال الذين يلتمسون النظر في ترقياتهم إلى الدرجة الأعلى وحتى هذه الطلبات التي كونت اللجنة منها رأيها قد عجزت الجهة الإدارية عن تقديمها وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن اللجنة الفنية المذكورة لم تعمل المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار على أساس صحيح مستمد من الأوراق يمكن أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ومن ثم يكون الاختيار فاسداً ويكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه إلغاء مجرداً في مجال الترقية بالاختيار إلى درجة أوسطى كي تعيد الجهة الإدارية النظر في إجراء الترقية على أساس المفاضلة السليمة بين المرشحين بعد وزن كفايتهم لترقية من تأنس فيه رجحان الكفاية بما يتجمع لديها من عناصر ومقومات.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن تقدير كفاية العامل ومدى صلاحيته للوظيفة المرقى إليها على أساس الاختيار أمر متروك تقديره لسلطة الإدارة وفق ما تلمسه من شتى الاعتبارات، ولا معقب عليها في ذلك طالما قد خلا تصرفها من عيب إساءة استعمال السلطة وقد راعت اللجنة الفنية المختصة جميع الاعتبارات وأخذت في تقديرها ما تضمنته تقارير رؤساء العمال وتوصياتهم ولم تر ترقية المدعي ضمن المرقين بالاختيار لأنه دونهم في مرتبة الكفاية ودرجة الصلاحية ولم تقصد إلا تحقيق الصالح العام، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه صحيحاً مبرأ من العيوب التي ترد على القرار الإداري.
ومن حيث إنه تطبيقاً لقواعد كادر عمال اليومية ولقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 تكون الترقية من درجة صانع ممتاز إلى أوسطى ومن درجة أوسطى إلى ملاحظ بالاختيار للكفاية ولم ينظم الكادر المذكور كيفية الاختيار، ومن ثم يرجع في هذا الشأن إلى القواعد المقررة والأصول العامة في خصوص الترقية بالاختيار وهي أن تقدير الكفاية ومدى صلاحية الموظف للوظيفة التي يرقى إليها أمر متروك للسلطة الإدارية تقره وفق ما تلمسه من أهلية واستعداد الموظف بمراعاة شتى الاعتبارات وما تلحظه فيه من كفاءة في العمل المنوط به وقدرة على النهوض بأعباء العمل الذي سيضطلع به في الوظيفة المراد الترقية إليها وما تجمع لديها من معلومات وعناصر عن ماضيه وحاضره تعين على الحكم في ذلك، وأن تقدير الإدارة في هذا الصدد له وزنه واعتباره - وهو أمر من صميم اختصاصها - بما لا معقب عليها فيه متى خلا قرارها من مجاوزة حدود الصالح العام، ولا يحد ترخصها في هذا التقدير إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل عليه، فإذا برئ تصرفها من هذا العيب وتجرد من شائبته فلا سلطان للقضاء على تقديرها في هذا الشأن.
ومن حيث إن اللجنة الفنية المختصة بمصلحة الطرق والنقل البري قد رأت عدم ترقية المدعي إلى درجة أوسطى ضمن المرقين بالاختيار إلى هذه الدرجة لأنه كان دونهم مرتبة في الصلاحية لها وأقامت المفاضلة بين المرشحين للترقية على أساس رجحان الكفاية بمراعاة شتى العناصر والاعتبارات، وهذه ملاءمة تقديرية ترجع إلى مطلق سلطانها ولم يقدم المدعي الدليل على أن الجهة الإدارية قد تغيت غير الصالح العام عند إجرائها هذه الترقية ومن ثم يكون القرار المطعون فيه سليماً مبرأ من عيوب القرار الإداري.
ومن حيث إنه لا وجه لما استند إليه الحكم المطعون فيه من أن محضر اللجنة الفينة آنفة الذكر قد جاء خلواً من ذكر الأسس التي اعتمدت عليها اللجنة في الترقية ذلك أن أحكام كادر العمال لم تلزم الجهة الإدارية باتباع طريق معين في تقدير درجة كفاية العمال على غرار ما فعل قانون نظام موظفي الدولة حين اعتد في هذا الشأن بالتقارير السرية السنوية عن الموظفين كما أن هذه الأحكام لم تلزم اللجنة المشار إليها بالإفصاح عما استندت إليه من أسباب لتبرير قراراتها لكونها صاحبة الاختصاص الأصيل في ذلك بحكم تكوينها ولما لها من خبرة ونظرة فاحصة في شئون العمال ومبلغ كفايتهم فنياً وإلمامهم بمعايير هذه الكفاية وضوابط تقديرها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد جانبه الصواب ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.