مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 إلى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 95

(13)
جلسة 12 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد نور الدين العقاد وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عزيز بشاي سيدهم وحسن عبد الوهاب عبد الرازق وعبد المعطي علي زيتون والدكتور محمد جودت الملط - المستشارين.

الطعن رقم 1145 لسنة 25 القضائية

( أ ) قرار إداري - طلب وقف التنفيذ - الاستعجال - هيئة مفوضي الدولة - تحضير الدعاوى - الفصل في الدعوى - عدم التقيد بإجراءات تحضير الدعاوى.
الأصل أنه لا يسوغ الحكم في الدعوى الإدارية إلا بعد أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وإبداء رأيها القانوني مسبباً فيها ويترتب على الإخلال بهذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم الذي يصدر في الدعوى - هذا الأصل لا يصدق على طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المطلوب إلغاؤه - إرجاء الفصل في هذا الطلب لحين اكتمال تحضير الدعوى ينطوي على إغفال لطبيعته وتفويت لأغراضه وإهدار لطابع الاستعجال الذي يتسم به ويقوم عليه - للمحكمة قبل أن تتصدى لبحث طلب وقف تنفيذ أن تفصل صراحة وعلى وجه قاطع في بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد أو لأن القرار المطعون فيه ليس نهائياً وذلك حتى لا يحمل قضاؤها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني برفضها - ومتى كان الفصل في هذه الدفوع ضرورياً ولازماً قبل التعرض لموضوع طلب وقف التنفيذ وهي بلا شك تتسم مثله بطبيعة خاصة قوامها الاستعجال مما يستوجب معه النأي بها عن التقيد بإجراءات تحضير الدعاوى وتهيئتها للمرافعة عن طريق هيئة مفوضي الدولة. تطبيق.
(ب) قرار إداري - دعوى الإلغاء - حساب الميعاد من تاريخ العلم به.
صدور القرار الإداري وإعلانه إلى ذوي الشأن أو علمهم به أمر يختلف تماماً عن إجراءات تنفيذه سواء بطريق الحجز الإداري أو بغيره من الطرق الأخرى - الحجز لا يرتب بحال ما نهائية القرار بل إنه لا يعدو أن يكون في حقيقته مجرد أثر للقرار الإداري النهائي التاريخ الذي يحسب معه ميعاد رفع دعاوى إلغاء ووقف تنفيذ القرارات الإدارية وتاريخ العلم بها - تطبيق.
(جـ) ضرائب ورسوم محلية - تقريرها - قرار إداري - ازدواج ضريبي.
الضرائب والرسوم المحلية يجوز تقديرها في نطاق الحدود التي يقدرها القانون - لا وجه للتحدي بانعدام القرار الصادر بتقريرها على أساس أنه يؤدي إلى ازدواج ضريبي وأنه قرار بفرض ضريبة والضريبة لا تفرض إلا بقانون - أساس ذلك أنه طبقاً لأحكام الدستور فإن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون تطبيق: صدور قرار من أحد المجالس المحلية بفرض على رسم منتجات المحل الصناعي للطاعن من المياه الغازية طبقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي بالإضافة إلى ما هو مقرر قانوناً من ضريبة إضافية - القرار - لم يجاوز نطاق الحدود التي قررها القانون ولا ينطوي على حالة ازدواج ضريبي.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22 من شهر يوليو سنة 1979 أودع الدكتور محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ عبد النبي فارس محمد، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1145 لسنة 25 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29 من مايو سنة 1979 في الدعوى رقم 200 لسنة 33 القضائية المرفوعة من الطاعن ضد كل من وزير الحكم المحلي ومحافظ السويس ورئيس المجلس المحلي بالسويس، والقاضي بعدم قبول الدعوى.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً (أصلياً) بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها. (واحتياطياً) الحكم بالطلبات المرفوعة بها الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير برأيها القانوني مسبباً انتهت فيه إلى طلب قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه (أصلياً) بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً على أن تقوم الهيئة بتحضيرها وتهيئتها للمرافعة وتقديم تقرير بالرأي القانوني مع إبقاء الفصل في المصروفات. (واحتياطياً) برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية، عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 18 من مايو سنة 1981. وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره أمامها بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1981 وقد قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1981 ثم قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة على يبين من الأوراق، تتحصل في أنه بمقتضى عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 6 من نوفمبر سنة 1978 أقام الطاعن الدعوى رقم 195 لسنة 33 القضائية ضد كل من محافظ السويس ورئيس المجلس المحلي بالسويس طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار مجلس محلي السويس بفرض ضريبة في شكل رسوم بواقع عشرين مليماً على كل صندوق معبأ بالمياه الغازية سعة أربع وعشرين زجاجة من إنتاج مصنع "اسباتي للمياه الغازية" المملوك للمدعي، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبموجب عريضة أخرى أودعت قلم كتاب ذات المحكمة في 7 من نوفمبر سنة 1978 أقام الطاعن دعوى أخرى قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 200 لسنة 33 القضائية ضد كل من وزير الحكم المحلي والمدعى عليهما في الدعوى السابقة طالباً القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بمطالبته بأداء رسوم محلية مقدرة على أساس مبلغ معين عن كل صندوق من المياه الغازية وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي بياناً لدعوييه أن المجلس المحلي بالسويس أصدر قراراً بتاريخ 13/ 3/ 1977 بفرض رسم قدره عشرون مليماً على كل صندوق مياه غازية سعة أربع وعشرين زجاجة وفقاً لما جاء بالجدول الثالث - الرسوم المحلية على المحال الصناعية والتجارية والنشاط الحرفي - المجموعة الأولى - الرسم على أساس الإنتاج الفعلي، وبناء على ذلك قدر المجلس الرسوم المستحقة على إنتاج مصنع المدعي من تاريخ العمل بالقرار المذكور حتى 20/ 5/ 1978 بما يناهز ألفي جنيه، وأوقع بهذا المبلغ حجزاً إدارياً على منقولات المصنع. واستطرد المدعي قائلاً، بأن هذا القرار غير دستوري حيث لا يستند إلى أي قانون. وأن المجلس المحلي بالسويس قد تجاوز به النطاق المحدد لولايته في فرض الرسوم على المحال الصناعية والنشاط الحرفي. كما أن من شأنه إيجاد حالة من الازدواج الضريبي، فبينما فرضت ضريبة إضافية على منتجات مصنع المدعي إذا برسم آخر يفرض في ذات الوقت بصفة رسم إنتاج على ذات المنتجات.
وبجلسة 23 من يناير سنة 1979 قررت المحكمة ضم الدعويين المشار إليهما ليصدر فيهما حكم واحد ثم أصدرت بجلسة 29 من مايو سنة 1979 حكمها بعدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد القانوني وإلزام المدعي بمصروفات طلبي الإلغاء ووقف التنفيذ. وبنت المحكمة هذا القضاء على أن المدعي يهدف بدعوييه، إلى الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من المجلس المحلي بالسويس بفرض رسم بواقع عشرين مليماً على كل صندوق من المياه الغازية سعة أربع وعشرين زجاجة، وأن مراقبة الإيرادات بمحافظة السويس قد أبلغت المدعي بكتابها رقم 7452 في 4/ 6/ 1978 بأداء مبلغ 1350.800 جنيه قيمة الرسوم المستحقة على إنتاج مصنعه من المياه الغازية في المدة من 13/ 3/ 1977 إلى 20/ 5/ 1978 وذلك بالتطبيق لأحكام القرار سالف الذكر ثم أعادت إبلاغه بذلك بكتابها رقم 8099 بتاريخ 3/ 7/ 1978، مما يفيد بأن عمله بهذا القرار تم بقرار المحافظة بتنفيذ أحكامه على المصنع المملوك له ثم بمطالبته بالوفاء بالرسوم المستحقة بناء على ذلك قد تحقق في 4/ 6/ 1978 تاريخ مطالبته بأداء هذه الرسوم ومن ثم فدعوياه الماثلتان إذ رفعتا في 6، 7/ 11/ 1978 فإنهما تكونان قد أقيمتا بعد الميعاد القانوني. ومن غير الجائز الأخذ في هذا الصدد بفكرة امتداد ميعاد الطعن في القرار المطعون فيه بدعوى انعدامه تأسيساً على أن الرسم الذي قرره المجلس المحلي بالسويس لا يعدو أن يكون في حقيقته ضريبة، ذلك أن مدلول عبارة الرسوم البلدية لم يعد قاصراً على تلك الفرائض التي تحصل مقابل منفعة محددة ومباشرة للممول، بل اتسع ليشمل الفرائض المحلية التي يكون الغرض منها الاستعانة على إجراء التحسينات اللازمة للمدينة وعلى هذا الأساس فإن ما نسبه المدعي إلى القرار المطعون فيه لا ينحدر به إلى درجة العدم.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله من الأوجه الآتية:
أولاً: من الثابت أن الطلب الذي كان مطروحاً على المحكمة تمثل في الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ومع ذلك قضت المحكمة في موضوع الدعوى دون قيام هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وإيداع تقرير فيها مما يجعل قضاءها باطلاً.
ثانياً: ميعاد الطعن بالنسبة إلى القرار المطعون فيه لا يبدأ من تاريخ علم المدعي به كما ذهبت المحكمة وإنما يبدأ من تاريخ توقيع الحجز وفاء للرسوم المستحقة بمقتضاه فالحجز هو الذي يعتبر بداية تنفيذ القرار النهائي، وقبل ذلك لا يكون القرار نهائياً بل يكون في مرحلته التحضيرية أي مجرد مشروع.
ثالثاً: القرار المطعون فيه هو قرار بفرض ضريبة في حين أن الضريبة لا تفرض إلا بقانون ومن ثم يكون هذا القرار معدوماً وبالتالي يكون ميعاد الطعن فيه مفتوحاً.
رابعاً: لم يكتف الطاعن بطلب إلغاء القرار المطعون فيه وإنما طلب كذلك القضاء ببراءة ذمته من الضريبة المقررة عليه ومثل هذا الطلب لا يتقيد بموعد الطعن في دعاوى الإلغاء.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة تعتبر وفقاً لأحكام قانون مجلس الدولة أمينة على المنازعة الإدارية، وعاملاً أساسياً في تحضيرها وتهيئتها للمرافعة وإبداء الرأي القانوني المحايد فيها ومن ثم فالأصل أنه لا يسوغ الحكم في الدعوى الإدارية إلا بعد أن تقوم الهيئة بتحضيرها وإبداء رأيها القانوني مسبباً فيها. ويترتب على الإخلال بهذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم الذي يصدر في الدعوى.
ومن حيث إن هذا الأصل، لا يصدق على طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المطلوب إلغاؤه، ذلك أن إرجاء الفصل في هذا الطلب لحين اكتمال تحضير الدعوى ينطوي على إغفال لطبيعته وتفويت لأغراضه وإهدار لطابع الاستعجال الذي يتسم به ويقوم عليه وبناء على ذلك فقد جرى قضاء هذه المحكمة على إقرار ما اطردت عليه أحكام محكمة القضاء الإداري من الفصل في طلب وقف التنفيذ دون استلزام إجراءات التحضير من قبل هيئة مفوضي الدولة، إدراكاً لطبيعة هذا الطلب وصحيح النظر في شأنه.
ومن حيث إن من اللازم قبل أن تتصدى المحكمة لبحث طلب وقف التنفيذ، أن تفصل صراحة وعلى وجه قاطع في بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد أو لأن القرار المطعون فيه ليس نهائياً، وذلك حتى لا يحمل قضاؤها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني برفضها. وإذا كان الفصل في هذه الدفوع ضرورياً ولازماً، قبل التعرض لموضوع طلب وقف التنفيذ. فإنها بلا شك تتسم مثله بطبيعة خاصة قوامها الاستعجال الذي يستوجب النأي بها عن التقيد بإجراءات تحضير الدعاوى وتهيئتها للمرافعة عن طريق هيئة مفوضي الدولة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكانت المحكمة المطعون في قضائها قد قضت وهي بصدد نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بعدم قبول الدعويين مثار النزاع شكلاً لرفعهما بعد الميعاد، وذلك دون قيام هيئة مفوضي الدولة بدورها في هذا الشأن. فإنها لا تكون قد تنكبت الصواب في هذا القضاء، لا سيما وأنه كان عليها - للاعتبارات السالف بيانها - أن تفصل في الدفع بعدم قبول الدعويين قبل التعرض لبحث موضوع طلب وقف التنفيذ ولا يغير من ذلك انسحاب هذا القضاء على شقي كل من الدعويين على أساس أنه قضاء قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها فيحوز حجيتها في خصوص ما فصل فيه سواء بالنسبة لموضوع الطلب ذاته أو المسائل الفرعية اللازمة للفصل فيه. فمما لا شك فيه أنه ما دام الفصل في هذه الدفوع أمراً لازماً للبت في الطلب المستعجل وأنه لو لم يفصل فيها لدى إصدار الحكم في هذا الطلب لجرى تأويل الحكم على أنه قضاء ضمني برفضها، وهو قضاء نهائي تستنفد به المحكمة ولايتها، شأنه شأن القضاء الصريح القطعي في هذا الخصوص، فكلاهما يقيد المحكمة لدى نظر طلب الإلغاء أي الشق الموضوعي للدعوى.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإذا كانت المصلحة قد حتمت التجاوز عن دور هيئة مفوضي الدولة في تحضير الشق العاجل للمنازعة، واستوجبت اتصال الدعوى رأساً بالمحكمة ودخولها في حوزتها للفصل مباشرة في هذا الطلب المستعجل، فإن طبائع الأمور تقتضي وقد أصبحت المنازعة في هذه الخصوصية أمانة في يد المحكمة وملكاً لها، تشرف عليها وتهيمن على سيرها وتتخذ ما تراه لازماً لاستيفائها والفصل فيها، ألا يقتصر قضاؤها على الطلب المذكور بل ينبسط ليشمل كل ما يأخذ حكمه من المسائل الفرعية اللازمة للبت في موضوعه ومن بينها بطبيعة الحال الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، حتى ولو انسحب هذا القضاء على شقي الدعوى بعدم قبولهما معاً، ذلك أن هذا القضاء لا يكون بمنجى من الطعن فلذوي الشأن بما فيهم هيئة مفوضي الدولة حق الطعن فيه متى قامت به حالة من الحالات التي تعيبه قانوناً.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى وهو بصدد بحث موضوع طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بعدم قبول الدعويين مثار النزاع لرفعهما بعد الميعاد، وذلك دون أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرهما وتقديم تقرير برأيها القانوني فيهما. فإنه يكون قد صدر صحيحاً غير مشوب بالبطلان.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فلما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بعدم قبول الدعويين إلى تحقق علم الطاعن بقرار المجلس المحلي بالسويس بفرض رسم على منتجات مصنعة وبمطالبته بقيمة هذا الرسم في 4/ 6/ 1978 مع عدم إقامة دعوييه إلا في 6 و7/ 11/ 1978 أي بعد الميعاد القانوني بأكثر من ثلاثة أشهر. لذلك يكون هذا الحكم قد أصاب الحق في قضائه خاصة وأن منازعة الطاعن لم تنصرف إلى واقعة علمه بالقرار المطعون فيه على الوجه الذي انتهت إليه المحكمة، وإنما انصبت على حساب الميعاد اعتباراً من تاريخ توقيع الحجز الإداري على منقولات مصنعه في 15/ 10/ 1978. وليس من شك في أن هذا النظر يؤدي إلى خلط واضح بين مسألتين منبتتي الصلة، فصدور القرار الإداري وإعلانه إلى ذوي الشأن أو علمهم به أمر يختلف تماماً عن إجراءات تنفيذه سواء بطريق الحجز الإداري أو بغيره من الطرق الأخرى. ثم إن الحجز لا يرتب بحال ما نهائية القرار بل إنه لا يعدو أن يكون في حقيقته مجرد أثر للقرار الإداري النهائي. ومن الأمور المسلمة أن التاريخ الذي يحسب منه ميعاد رفع دعاوى إلغاء ووقف تنفيذ القرارات الإدارية هو تاريخ العلم بها.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي بانعدام القرار المطعون فيه على أساس أنه يؤدي إلى ازدواج ضريبي، وأنه قرار بفرض ضريبة والضريبة لا تفرض إلا بقانون - ذلك أنه طبقاً لأحكام الدستور فإن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون. ومقتضى ذلك أن الضرائب والرسوم المحلية يجوز تقريرها في نطاق الحدود التي يقررها القانون.
ونظراً لأنه يبين من مطالعة القرار المطعون فيه أنه صدر بتاريخ 13/ 3/ 1977 أي في ظل تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي، الذي عدد في الفصل الثالث منه الموارد المالية للسلطات المحلية على وجه يشتمل على كل من الضرائب الإضافية والرسوم التي يفرضها المجلس المحلي في دائرة اختصاصه على المحال العمومية والأندية والمحال الصناعية والتجارية، وأن ذات القرار قد قضى بتطبيق قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الموارد المالية والرسوم المحلية وهو نفس القرار الذي نصت المادة 3 من القانون رقم 52 لسنة 1975 المشار إليه على استمرار العمل به إلى أن تحدد تلك الموارد والرسوم طبقاً للأحكام الواردة في هذا القانون، ورددت المادة الرابعة من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي ذات الحكم. ومن ثم فالقرار المطعون فيه، إذ قضى بفرض رسم على منتجات المحل الصناعي للطاعن من المياه الغازية بالإضافة إلى ما هو مقرر قانوناً من ضريبة إضافية فإنه لا يكون قد جاوز نطاق الحدود التي قررها القانون ولا ينطوي على حالة ازدواج ضريبي.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صادف الحق فيما انتهى إليه من عدم قبول الدعويين لرفعهما بعد الميعاد، ويكون الطعن، والحالة هذه قد قام على غير أساس سليم من القانون - ويتعين من ثم القضاء بإلغائه، وإلزام الطاعن بالمصاريف.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.