مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 116

(16)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبى يوسف والدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد ابراهيم صقر - المستشارين.

الطعن رقم 75 لسنة 26 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة - تجنيد - حساب مدة التجنيد - ترقية.
نص المادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 بشأن تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام على حساب مدد التجنيد ضمن المدة المشترطة للترقية وفقا لأحكامه على ما ورد بالجداول الملحقة به - انصرافها الى المدد التى تقضى فعلا فى أداء الخدمة العسكرية والوطنية طبقا لأحكام القانون رقم 505 لسنة 1955 وتعديلاته - من يستثنى من الالتزام بها (مادة 6) أو الإعفاء منها (مادة 7) لا يعتبرون مؤدين لهذه الخدمة - اتجاه القانون رقم 11 لسنة 1975 الى حساب مدة الخدمة العسكرية التى تكون قد قضيت فعلا فى الجهات المقررة بالمادة الثانية لمن أدوها فعلا - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 4 من نوفمبر 1979 أودع الأستاذ أحمد السيد صالح المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ عبد العزيز مصطفى عبد الغنى المهيلمى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 75 لسنة 26 ق، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 9 من ابريل 1979 فى الدعوى رقم 1208 لسنة 31 ق المرفوعة من الطاعن ضد وزير الداخلية بصفته والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا، وطلب للأسباب الواردة فى التقرير الحكم بقبول الطعن شكلا، إذ أنه فى يوم السبت الموافق 9 من يونيه 1979، اعفاءه من رسم الطعن، وأجيب له بالقرار الصادر فى 8 من سبتمبر 1979، فأودع تقريره فى اليوم سالف الذكر - وفى الموضوع، بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقيته فى احتساب مدة دراسته فى الكلية الحربية من 20/ 6/ 1955 الى 10/ 9/ 1957 ضمن المدد الكلية المبينة بالجداول الملحقة بالقانون رقم 11 لسنة 1975 باعتبارها مدة تجنيد، بما يترتب على ذلك من آثار، أهمها استحقاقه الفئة الرابعة والفروق المالية المترتبة على ذلك والزام المطعون ضده بصفته المصروفات. وأعلن الطعن الى المطعون ضده فى 14 من نوفمبر 1979. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها فيه قالت فيه برفضه موضوعا. وبعرضه على دائرة فحص الطعون، قررت احالته الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره. وهذه المحكمة نظرته بجلسة 22 من نوفمبر 1981 على الوجه المبين بمحضرها، حيث سمعت ما رأت لزومه من ايضاحات ذوى الشأن، وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان الوقائع تخلص، على ما يبين من أوراق الطعن - فى أن الطاعن أقام فى 2/ 5/ 1977 الدعوى رقم 1208 لسنة 31 ق أمام محكمة القضاء الادارى ضد وزير الداخلية بصفته، طالبا الحكم بأحقيته فى تسوية حالته طبقا لنص المادتين 18، 19 من القانون رقم 11 لسنة 1975، باحتساب المدة من 20/ 6/ 1955 الى 10/ 9/ 1957 التى قضاها بالكلية الحربية ضمن المدد الكلية الواجب احتسابها وفقا للمادة 15 من القانون المشار إليه والجداول الملحقة به باعتبارها مدة تجنيد وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، أهمها استحقاقه الفئة الرابعة والزام المدعى عليه بصفته المصروفات. وقال فى بيانها انه حصل على شهادة الثانوية القسم الخاص سنة 1954 ودخل الكلية الحربية طالبا من الفترة من 20/ 6/ 1955 حتى 10/ 9/ 1957، ثم التحق بمصلحة السجون فى 19/ 6/ 1961 بوظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية، ورقى للسابعة الكتابية، طبقا للقانون رقم 46 لسنة 1964 فى 31/ 12/ 1972، ثم حصل على بكالوريوس التجارة عام 1974 وعين بالمصلحة بالدرجة السابعة الادارية فى 1/ 8/ 1974، وأرجعت أقدميته فيها الى 31/ 12/ 1972 بعد ضم مدة خدمته بالسابعة الكتابية، ولما صدر القانون رقم 11 لسنة 1975 تقدم فى الميعاد المحدد به بطلب حساب المدة من 20/ 6/ 1955 الى 10/ 9/ 1957 التى قضاها بالكلية الحربية، ضمن المدد الواجب حسابها فى تطبيق هذا القانون، عملا بالمادتين 18 و19 منه، فرفضت الوزارة ذلك، وهذا مالا أساس له لأن هذه المدة تحتسب طبقا للمادة 6 من القانون رقم 505 لسنة 1955 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية من مدة الخدمة الالزامية، فهى تعتبر كأنها قضيت فى التجنيد، ويعامل الطالب الذى لم يتم دراسته بالكلية معاملة المجند خلالها فيجب ان تحتسب له، مثله فى تطبيق القانون رقم 11 لسنة 1975 ضمن مدد خدمته الكلية لأنها مدة تجنيد حكما. وهو ما يطلب الحكم به باثاره. وطلبت وزارة الداخلية رفض الدعوى لأن تلك المدة لا تعتبر مدة تجنيد ولا يجوز لذلك ضمها طبقا للمادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 ضمن مدة خدمته الكلية، وهو لا يستحق الترقية الى الدرجة الرابعة لعدم اكماله المدة اللازم قضاؤها فى الدرجة الخامسة حيث رقى لها فى 31/ 12/ 1976، وبجلسة 9 من ابريل 1979 قضت المحكمة برفض الدعوى. وأسست قضاءها على أنه طبقا للمادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 يشترط لحساب مدد التطوع أو التجنيد أو التكليف بالقوات المسلحة أن تكون قد قضيت فى وظيفة عسكرية، سواء قضيت برتبة جندى أو برتب عسكرية أخرى. ومن الثابت ان المدة التى يطالب المدعى باحتسابها من 20/ 6/ 1955 الى 10/ 9/ 1957، قد أمضاها فى دراسة بالكلية الحربية لم تنته بنجاح، وهذه الدراسة لا يمكن ان تسبغ عليها صفة الوظيفة العسكرية. ولا يغير من هذا النظر النص صراحة على حسابها ضمن مدد الخدمة العسكرية باعفاء الطالب كليا أو جزئيا منها، على أساس حساب مدة دراسته تلك من مدة الخدمة المنوه عنها - لأن لذلك مسوغا يبرره من الناحية العملية - أما القول بحسابها عند تطبيق القانون رقم 11 لسنة 1975 فهو غير مقبول، لأن مدة الدراسة فى الكلية الحربية لا يصدق عليها وصف مدد التطوع أو التجنيد أو التكليف بالوظائف العسكرية، وما يؤدى إليه ذلك من مفارقة غير سائغة بين من يؤدى مدة الخدمة الالزامية فعلا وبين من يقضى مدة دراسة تعتبر معادلة لها وتغنى عنها، علاجه يكون بتعديل نصوص القانون. ولذلك تكون طلبات المدعى مفتقرة الى السند السليم. وعن طلب الترقية الى الدرجة الرابعة، فانه فضلا على انه أورده كأثر لاجابته الى طلبه الأصلى - فإنه لم يقض حتى نفاذ القانون رقم 11 لسنة 1975 المدد المنصوص عليها فى الجداول الملحقة به وهى 13 سنة من تاريخ حصوله على المؤهل العالى وفقا للجدول الأول أو 21 سنة من تاريخ التحاقه بالخدمة بالمؤهل المتوسط وفقا للجدول الثاني، وهى المدد اللازمة للترقية الى الرابعة وفقا لأحكام ذلك القانون، فيكون غير محق فى طلبه، ويتعين رفض دعواه برمتها... وفى هذا الحكم طعن المدعى بطعنه هذا.
ومن حيث ان مبنى هذا الطعن ان مقتضى ما نصت عليه المادة 6 من القانون رقم 505 لسنة 1955 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية من استثناء المتخرجين من أحد المعاهد المعدة لتخريج ضباط بالقوات المسلحة وكذلك طلبتها من شرط الاستمرار فى الدراسة لحين التخرج فإذا لم يتموها حسبت المدة التى تقضى بالمعهد من مدة الخدمة الإلزامية هو اعتبار هذه المدد كأنها قضيت فى التجنيد، وليس الاعفاء منه، إذ هى تغنى وتجزى بما يتلقونه فيها من برامج وتدريبات ونظام عسكرى عما يتلقاه المجند منها، ومن ثم لا يصح اهدار هذه المدد، وتعتبر كانها مدة تجنيد فعلية لا حكمية، ولم يشترط النص لذلك ان يجند المستثنى طبقا لحكمه، والاستثناء المقرر بالنص من العموم والاطلاق بتحميل على ما أراده المشرع، وتحسب لذلك المدة التى قضاها المدعى بالكلية الحربية من 20/ 6/ 1955 مدة تجنيد، وتدرج ضمن المدد الكلية المبينة بالجداول الملحقة بالقانون رقم 11 لسنة 1975 على هذا الأساس.
ومن حيث ان ما نصت عليه المادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 بشأن تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام من حساب مدد التجنيد ضمن المدة المشترطة للترقية، وفقا لأحكامه، على ما ورد بالجداول الملحقة به - إنما ينصرف الى المدد التى تقضى فعلا فى أداء الخدمة العسكرية والوطنية، طبقا لأحكام القانون رقم 505 لسنة 1955 وتعديلاته، يفرضها على من يتمون المدد المحددة به (المادة الأولى) والتى تؤدى فى إحدى الجهات المبينة بالمادة 2 منه، وللمدد المعينة فى المادتين 4، 5 فخفضه بالنسبة الى ذوى المؤهلات بالقدر الوارد فى المادة 3 أما من يستثنى من الالتزام بها (م 6) أو يعفى منه (م 7)، فهو لم يؤد هذه الخدمة فعلا، لأن مقتضى هذا الاستثناء هو عدم طلبه لها أصلا وابتداء، ومقتضى الاعفاء هو عدم ادائه لها انتهاء، وعلى هذا فإن من نص على استثنائهم منها بمقتضى المادة 6، ومنهم المعينون برتبة ضابط للخدمة بالقوات المسلحة أو الشرطة (فقرة 1) وطلبة الكليات والمعاهد المعده لتخريجهم، بشرط استمرارهم فى الدراسة الى حين التخرج فإن لم يتموها حسبت لهم المدد التى قضوها بالكلية أو المعهد من مدة الخدمة العسكرية بقسميها. ولا يعتبرون مؤدين لهذه الخدمة، إذ المدد التى قضوها فى هذه الكليات أو المعاهد سواء أتموا الدراسة بها أو لم يتموها لا تعتبر قد قضيت فعلا فى الخدمة العسكرية والوطنية المفروضة طبقا لأحكام القانون رقم 505 لسنة 1955، وان أجزأت عنها، إذ كل ما يقتضيه النص هو استثناؤهم منها كليا اذا أتموا الدراسة أو جزئيا بمقدار ما يقابل ما أمضوه منها فيها ان لم يتموها. وليس من أدى هذه الخدمة، كمن استثنى منها، فى خصوص حساب المدة التى قضيت فيها مدة تجنيد فى حكم المادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 لأن فى حسابها لمن استثنى منها افتراض قضائه لها، وهو خلاف الواقع والمقرر قانونا، كأثر للاستثناء الذى يخرجه ابتداء من عدد الملتزمين بادائها، والمخاطبين تبعا بما يترتب على أدائها من أحكام، وبخاصة فى الشئون الوظيفية عند التحاقهم من بعدها أو خلالها باحدى الوظائف، وفقا لما قرره لهم من مزايا، وما أرادت المادة 18 تأكيده. ومن أجل ذلك فليس فى هذا الاستثناء ما يستتبع اعتبار مدد الدراسة فى الكليات والمعاهد المذكورة مدة تجنيد حكما، فهذا مما يجاوز حكم القانون رقم 505 لسنة 1955 المقرر له، ولا يتجه القانون رقم 11 لسنة 1975 الى شئ من ذلك، اذ هو لم يرد الزيادة عليه، وانما قصد الى حساب مدة الخدمة العسكرية التى تكون قد قضيت فعلا فى الجهات المقررة بالمادة الثانية لمن أدوها فعلا، ولذلك فان مدة الدراسة التى قضاها الطاعن لا تعتبر مدة تجنيد فعلا أو حكما، وكل ما يترتب عليها هو انقاص مدة التجنيد بقدرها، التابعة لأصل الاستثناء المقرر عدم الزام هؤلاء بحكم القانون بفرض الخدمة على من فى مثل سنهم.
ومن حيث انه لما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق حين انتهى الى رفض طلب الطاعن فى دعواه، حساب المدة المشار اليها، كمدة تجنيد فى القوات المسلحة، حتى تدخل ضمن المدد الكلية المشترطة للترقية طبقا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975، بما يترتب على ذلك من آثار منها عدم استحقاقه الترقية اعتمادا على ذلك الى الدرجة الرابعة، وفقا لأحكام ذلك القانون.
ومن حيث إنه لذلك، يكون الطعن على غير أساس موضوعا، ويتعين لذلك رفضه مع الزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.