مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 780

(83)
جلسة 25 من مارس سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

القضية رقم 548 لسنة 9 القضائية

( أ ) نيابة إدارية. "إعادة تشكيلها".
المادة 48 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية - نصها على احتفاظ من لم يشملهم قرار رئيس الجمهورية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم - مفاده وجود التزام على الإدارة يوجب عليها تعيين المذكورين في تلك الوظائف - أساس ذلك [(1)].
(ب) دعوى. "دعوى الإلغاء. ميعاد الستين يوماً. نيابة إدارية" قرار إداري "قرار سلبي".
امتناع الإدارة عن اتخاذ إجراء أوجب القانون اتخاذه خلال فترة معينة. انقضاء هذا الميعاد دون اتخاذ الإجراء يكشف عن نية الإدارة واتجاه إرادتها إلى رفض اتخاذه - يعد هذا التصرف من قبل الإدارة بمثابة قرار بالامتناع - يتحدد بانقضاء الميعاد بدء ميعاد الطعن في هذا القرار طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون - تطبيق ذلك بالنسبة لعدم تعيين من لم يشملهم قرار رئيس الجمهورية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية في وظيفة عامة مماثلة لوظيفته خلال المهلة المحددة بمقتضى المادة 48 من القانون رقم 117 لسنة 1958.
1 - أن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية نص في المادة 48 منه على أن "يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد ويجوز أن يتم تعيين هؤلاء الأعضاء دون تقيد بأحكام المادة 33 من هذا القانون. أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه في الفقرة السابقة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء كانت إدارية أو فنية لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية وذلك بعد الاتفاق مع الجهات المختصة". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليها إيضاحاً لتلك المادة أنه "بعد أن وفرت لأعضاء النيابة الإدارية الضمانات والإمكانيات التي تيسر لها السير في عملها رؤى أنه من المناسب إعادة تشكيلها على أن ينقل من يتناوله التشكيل الجديد إلى وظائف عامة أخرى. وقصرت مدة إعادة التعيين حتى تستقر الأوضاع في هذه الهيئة في وقت قريب".
ومفاد هذا النص موضحاً بما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون أن ثمة التزام على الإدارة يوجب عليها تعيين الذين لا يشملهم القرار الذي يصدر من السيد رئيس الجمهورية بإعادة تعيين أعضاء هذه النيابة في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء كانت إدارية أو فنية لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم وذلك خلال مدة أقصاها ستة أشهر.
2 - أن فوات المهلة المذكورة المنصوص عليها في المادة 48 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية دون أن يصدر قرار بتعيين من فاته حظ التعيين في التشكيل الجديد لجهاز النيابة الإدارية في وظيفة عامة أخرى مماثلة لوظيفته على الوجه الذي بينه القانون، إنما يكشف عن نية الإدارة واتجاه إرادتها إلى رفض إجراء هذا التعيين، ويعتبر هذا التصرف من جانبها بمثابة قرار إداري بالامتناع عن تعيين من لم يشمله قرار إعادة التشكيل الجديد في أية وظيفة أخرى وذلك تأسيساً على أنه متى أوجب القانون على الإدارة اتخاذ قرار خلال مهلة حددها سلفاً فإنه بانتهاء هذه المهلة دون أن تصدر هذا القرار الذي أوجب القانون عليها اتخاذه خلالها تقوم القرينة القانونية القاطعة على أنها لا تريد إصدار هذا القرار، ويتحدد بهذا الموقف السلبي المقيد بميعاده مركز صاحب الشأن على الوجه آنف الذكر، ومن ثم يتعين على صاحب الشأن بعد أن انكشف الوضع وتحدد موقف الإدارة حياله بانتهاء المهلة التي حددها القانون لإصدار قرارها دون أن يصدر فعلاً واستبانت من ثم نية الإدارة على وجه قاطع لا يحتمل الشك أن يبادر إلى اتخاذ طريقه إلى الطعن في هذا التصرف أو السكوت عليه والتسليم به، فإن هو اختار سبيل الطعن فإن ذلك ينبغي أن يتم لزاماً في ميعاده المقرر وطبقاً للإجراءات التي رسمها القانون فإن هو لم يفعل فإن تصرف الإدارة يصبح حصيناً من الإلغاء.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 968 لسنة 14 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت سكرتيرية تلك المحكمة في 19/ 4/ 1960 وذكر فيها أنه كان من بين أعضاء النيابة الإدارية إلى أن صدر القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وقد نصت المادة 48 من هذا القانون على أن يصدر خلال خمسة عشرة يوماً من تاريخ العمل به قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد. أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم. بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء أكانت إدارية أو فنية لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم وذلك بعد الاتفاق مع الجهات المختصة..." ويقول المدعي أنه لم يكن من بين الأعضاء اللذين أعيد تعيينهم طبقاً للنظام الجديد، وكان يتعين طبقاً لأحكام القانون تعيينه في وظيفة مماثلة لوظيفته خلال المهلة المشار إليها بيد أن الجهة الإدارية نظراً إلى أنه كان وشيك الإحالة إلى المعاش قد وقفت منه موقفاً سلبياً حتى انقضت تلك المهلة ثم أصدرت قراراً بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959 مع ضم المدة من هذا التاريخ حتى بلوغه سن المعاش الفعلي ضمن مدة خدمته وتسوية معاشه على هذا الأساس، ولما كان هذا القرار فيه مخالفة واضحة للقانون فقد أقام هذه الدعوى طالباً الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، وقد دفعت الحكومة بعدم قبول الدعوى لأنه لم يسبقها تظلم من القرار المطعون فيه، وفي الموضوع طلبت رفضها تأسيساً على أنه ليس هناك إلزام على الإدارة بتعيين من لا يشملهم قرار إعادة التعيين في وظيفة مماثلة لوظائفهم فهي تترخص في ذلك بسلطة مطلقة في حدود ما تراه متفقاً مع الصالح العام وبجلسة 30/ 1/ 1963 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأسست قضاءها برفض الدفع على أن المدعي أودع ملف الدعوى إيصالين صادرين من الهيئة العامة للبريد تاريخهما 23/ 1/ 1960 ثابت بهما أن المرسل هو "مصطفى عبد الحميد حجازي" عضو النيابة الإدارية وأن المرسل إليه في أحدهما هو السيد/ وزير الدولة لشئون النيابة الإدارية والآخر مدير عام النيابة الإدارية، وقد أرفق بها صورة من تظلمه، وتشير الظروف والملابسات أن هذين الخطابين إنما يتضمنان تظلمه من القرار المطعون فيه، فلا يؤخذ المدعي بعد أن اتبع الطريق المألوف لإرسال تظلمه عن طريق الهيئة العامة للبريد من إهمال هذه الهيئة أو الجهة المرسل إليها في استلام التظلم أو رصده بالسجلات، وبذا يكون المدعي قد تظلم من القرار المطعون فيه، وإذ صدر هذا القرار في 9/ 12/ 1959 وتظلم منه على ما تقدم إيضاحه في 12/ 1/ 1960 ولما لم ترد الإدارة على تظلمه خلال المدة المقررة، أقام دعواه في 19/ 4/ 1960 فمن ثم تكون الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية، ويتعين لذلك رفض الدفع بعدم قبولها شكلاً وبالنسبة للموضوع أقامت المحكمة قضاءها على أن القانون رقم 117 لسنة 1958 يوجب على الجهة الإدارية نقل المدعي إلى وظيفة عامة أخرى ما دام لم يشمله القرار الصادر بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية ولم يتضمن هذا القانون نصاً يجيز لها فصله من الخدمة بعد انتهاء المهلة المحددة فيه لنقل من لا يشمله قرار إعادة التعيين إلى وظيفة أخرى مماثلة، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 3/ 3/ 1959 مخالفاً للقانون مستوجب الإلغاء. وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وجاء بعريضة الطعن أن المطعون ضده كان يشغل وظيفة عضو فني بالنيابة الإدارية بالدرجة الثالثة الفنية إلى أن صدر القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية. وتنفيذاً لنص المادة 48 من هذا القانون صدر قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 1128 لسنة 1958 بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية ولم يشمل المطعون ضده، ثم انقضت بعد ذلك مدة الستة شهور المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة المذكورة دون أن يصدر قرار بإعادة تعيينه في وظيفة عامة أخرى مماثلة لوظيفته ومن ثم انقطع مرتبه من 3/ 3/ 1959 تاريخ انتهاء تلك المهلة لانقضاء الفترة التي كان يجوز خلالها أن يحتفظ بدرجته ويصرف مرتبه بصفة شخصية وصدر قرار السيد وزير الدولة لشئون النيابة الإدارية رقم 4 في 9/ 12/ 1959 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959 وضم المدة الواقعة بين هذا التاريخ إلى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى المعاش في 28/ 4/ 1959 ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش ونعى الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون سواء فيما قضى به من رفض الدفع بعدم القبول أو فيما قضى به في الموضوع ذلك أنه لم يثبت أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه قبل إقامة الدعوى ثم بالنسبة للموضوع ذكرت الحكومة أن إحالة المطعون ضده إلى المعاش لم يكن سوى أثراً من آثار إنهاء خدمته في 3/ 3/ 1959 بعدم تعيينه وقراراً تنفيذياً لذلك، لأن مركز المطعون ضده قد تحدد على وجه نهائي اعتباراً من 3/ 3/ 1959 تاريخ انتهاء الستة شهور التي يجوز له فيها الاحتفاظ بدرجته بصفة شخصية فبانقضاء هذه الفترة زالت عنه بالضرورة وبقوة القانون صفته كموظف وانقطعت صلته بالوظيفة ولم يعد موظفاً ولو بصفة شخصية مما أدى إلى قطع مرتبه من هذا التاريخ كأثر حتمي لانقطاع صلته الوظيفية وقد أشارت الحكومة في مذكرة تقدمت بها أثناء نظر الطعن إلى أن المحكمة الإدارية العليا قد حسمت هذا النزاع بحكمها الصادر بجلسة 11/ 5/ 1963 في الطعن رقم 1379 لسنة 8 ق من أنه ليس في نصوص القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ما يوجب على جهة الإدارة نقل عضو النيابة الإدارية إلى أية جهة أخرى إذا لم يعد تعيينه في النيابة الإدارية في التنظيم الجديد، وأنه إذا انقضى الأجل الذي حدده القانون ولم يصدر قرارا التعيين قامت القرينة القانونية القاطعة على أن جهة الإدارة لم ترد تعيينه أو نقله إلى جهة حكومية أخرى، وزالت كل صفة لهذا الموظف وانفصمت الرابطة القانونية التي كانت بينه وبين الحكومة بمقتضى القانون وليس بالقرار الصادر بإحالته إلى المعاش الذي لا يعدو أن يكون قراراً منفذاً لحكم القانون.
من حيث إن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية نص في المادة 48 منه على أن "يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد ويجوز أن يتم تعيين هؤلاء الأعضاء دون تقيد بأحكام المادة 33 من هذا القانون. أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه في الفقرة السابقة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء كانت إدارية أو فينة لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية وذلك بعد الاتفاق مع الجهات المختصة". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه إيضاحاً لتلك المادة أنه "بعد أن وفرت لأعضاء النيابة الإدارية الضمانات والإمكانيات التي تيسر لها السير في عملها رؤى أنه من المناسب إعادة تشكيلها على أن ينقل من لا يتناوله التشكيل الجديد إلى وظائف عامة أخرى. وقصرت مدة إعادة التعيين حتى تستقر الأوضاع في هذه الهيئة في وقت قريب".
ومن حيث إن مفاد هذا النص موضحاً بما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون أن ثمة التزام على الإدارة يوجب عليها تعيين لا يشملهم القرار الذي يصدر من السيد رئيس الجمهورية بإعادة تعيين أعضاء هذه النيابة في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء كانت إدارية أو فنية لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم وذلك خلال مدة أقصاها ستة أشهر، ومن ثم فإن فوات المهلة المذكورة دون أن يصدر قرار بتعيين من فاته حظ التعيين في التشكيل الجديد لجهاز النيابة الإدارية في وظيفة عامة أخرى مماثلة لوظيفة على الوجه الذي بينه القانون، إنما يكشف عن نية الإدارة واتجاه إرادتها إلى رفض إجراء هذا التعيين، ويعتبر هذا التصرف من جانبها بمثابة قرار إداري بالامتناع عن تعيين من لم يشمله قرار إعادة التشكيل الجديد في أية وظيفة أخرى وذلك تأسيساً على أنه متى أوجب القانون على الإدارة اتخاذ قرار خلال مهلة حددها سلفاً فإنه بانتهاء هذه المهلة دون أن تصدر هذا القرار الذي أوجب القانون عليها اتخاذه خلالها تقوم القرينة القانونية القاطعة على أنها لا تريد إصدار هذا القرار، ويتحدد بهذا الموقف السلبي المقيد بميعاده مركز صاحب الشأن على الوجه آنف الذكر، ومن ثم يتعين على صاحب الشأن بعد إذ انكشف الوضع وتحدد موقف الإدارة حياله بإنهاء المهلة التي حددها القانون لإصدار قرارها دون أن يصدر فعلاً واستبانت من ثم نية الإدارة على وجه قاطع لا يحتمل الشك أن يبادر إلى اتخاذ طريقة إلى الطعن في هذا التصرف أو السكوت عليه والتسليم به، فإن هو اختار سبيل الطعن فإن ذلك ينبغي أن يتم لزاماً في ميعاده المقرر وطبقاً للإجراءات التي رسمها القانون فإن هو لم يفعل فإن تصرف الإدارة يصبح حصيناً من الإلغاء وتكون الدعوى بطلب إلغائه في هذه الحالة غير مقبولة لفوات مواعيد الطعن.
ومن حيث إنه يتضح من الاطلاع على الأوراق أن المدعي وهو ممن لم يشملهم قرار إعادة تشكيل جهاز النيابة الإدارية، لم يصدر قرار بتعيينه في وظيفة مماثلة خلال المهلة التي حددها القانون، وعلى مقتضى ما تقدم تكون الإدارة قد أفصحت عن إرادتها بما لا يدع مجالاً للشك في أنها لم ترد إجراء هذا التعيين، ولا يبقى ثمة شبهة في ترجمة سكوتها عن إصدار قرار به غير كونها لم ترد أعمال حكم القانون في شأنه، فكان يتعين على المدعي على وفق ما سبق إيضاحه أن يتظلم من إغفال تعيينه خلال ستين يوماً من تاريخ انتهاء تلك المهلة على أن يقيم دعواه بعد ذلك خلال ستين يوماً من تاريخ رفض تظلمه صراحة أو ضمناً وإذ كانت المهلة المحددة لإصدار قرار التعيين تنتهي حسبما سبق ذكره في 3/ 3/ 1959 فإنه كان يتعين على المدعي أن يقيم دعواه خلال مدة غايتها 3/ 7/ 1959، غير أنه لم يفعل شيئاً من هذا إذ أنه رغم فوات المهلة المذكورة لم يحرك ساكناً وظل ساكناً حتى أخطر في 20/ 12/ 1959 بقرار صادر من وزير الدولة لشئون النيابة الإدارية في 9/ 12/ 1959 متضمناً إحالته إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959 - تاريخ نهاية المهلة - وتسوية معاشه على أساس ضم المدة من هذا التاريخ إلى 28/ 4/ 1959 تاريخ بلوغه سن الستين في مدة الخدمة المحسوبة في المعاش حيث تقدم في 23/ 1/ 1960 بطلب إلى كل من السيدين/ وزير الدولة لشئون النيابة الإدارية ومدير عام النيابة الإدارية أشار فيه إلى أنه كان يجب طبقاً للقانون تعيينه في إحدى الوظائف العامة الأخرى ما دام لم يشمله قرار إعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية. ولذلك فإنه يطلب صرف الفرق بين ماهيته ومعاشه عن المدة التي حسبت في تسوية معاشه بقوله أنه يعتبر طبقاً لأحكام القانون موظفاً خلالها، ولما لم يجب إلى طلبه هذا أقام دعواه بالطعن في هذا القرار بعريضة أودعها سكرتيرية القضاء الإداري في 19/ 4/ 1960.
ومن حيث إن قرار السيد وزير الدولة هذا والذي صدر بعد انتهاء المهلة المحددة في القانون لإصدار قرار التعيين الذي كان المدعي يأمل في إصداره بأكثر من تسعة أشهر وبعد بلوغ المدعي سن الإحالة إلى المعاش بما يقرب من ثمانية أشهر.. أن هذا القرار ليس هو القرار الذي تحدد مركز المدعي على مقتضاه، لأنه قرار صادر بتسوية معاشه على وجه معين بعد إذ انتهت خدمته على مقتضى القرار السلبي بالامتناع عن تعيينه خلال الفترة المحددة في القانون، وأنه ولئن تضمن قرار وزير الدولة المشار إليه إحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959 إلا أنه في هذا الشق منه لا يعدو أن يكون إجراء منفذاً للقرار الأول باعتباره الخطوة الطبيعية التالية له، وهذا القرار هو الذي كان واجباً على المدعي أن يتظلم منه لأنه هو القرار النهائي الذي تحدد به مركز وأنهى خدمته بحلول غاية الأجل الذي حدده القانون لإصدار قرار التعيين، وانتهت بفواته الفترة التي احتفظ له فيها القانون براتبه بصفة شخصية وكان المدعي يعلم علم اليقين بوضعه وبانسلاخه الفعلي عن الوظيفة العامة في حينه وبانتهاء هذا الأجل، وإذ كان الثابت أن الطلب الذي تقدم به المدعي في هذا الشأن جاء بعد الميعاد الذي كان يتعين عليه التظلم خلاله من قرار الامتناع عن تعيينه، فأنه بذلك يكون قد فوت على نفسه مواعيد الطعن فيه، وتكون دعواه بالطعن عليه بهذه المثابة غير مقبولة شكلاً لفوات الميعاد وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فأنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء بعدم قبول الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] أنظر على خلاف هذا المبدأ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 1379 لسنة 8 القضائية بجلسة 11/ 5/ 1963 المنشور بمجموعة السنة الثامنة. المبدأ 111. ص 1179.