مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 859

(92)
جلسة 2 إبريل سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 794 لسنة 8 القضائية

( أ ) - موظف. "مؤهل دراسي. دبلوم المعهد الصحي".
المراحل التي مر بها المعهد الصحي والمؤهل الذي يمنحه لخريجيه.
(ب) - موظف. "مؤهل دارسي". دبلوم المعهد الصحي.
القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ومرسوم 6 أغسطس سنة 1953 - لم ينشئ أيهما لشهادة المعهد الصحي تقديراً مستقلاً قائماً بذاته لأول مرة - الأمر لا يعدو أن يكون تعديلاً للتسعير السابق الذي قررته قواعد الإنصاف.
(جـ) - موظف. "مرتب - إعانة غلاء معيشة".
حساب إعانة غلاء المعيشة لحملة شهادة المعهد الصحي في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 - يكون على أساس ما كان مقدراً لها في قواعد الإنصاف - تثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال وأرباب المعاشات في 30/ 11/ 1950 - سريان حكم التثبيت على حملة شهادة المعهد الصحي المعينين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 - أساس ذلك.
1 - أنه يبين من تقصي المراحل والتطورات التي مر بها المعهد الصحي والمؤهل الذي يمنحه لخريجه في ضوء القوانين والقرارات والقواعد المنظمة له أنه في عام 1930 أنشئ معهد بوزارة الصحة لتخريج المعاونين الصحيين لمعاونة أطباء الوزارة في مراقبة المسائل الصحية ورفع المستوى الصحي للبلاد واشترط للالتحاق به الحصول على شهادة البكالوريا "وجعلت الدراسة فيه اثني عشر شهراً وفي عام 1940 أنشئت دراسة عليا للناجحين بالقسم العام بالمعهد الذين أمضوا مدة كافية في الخدمة كانت أعمالهم خلالها مرضية للتخصص في مراقبة الأغذية ومكافحة الأوبئة وجعلت مدة هذه الدراسة اثني عشر شهراً أخرى وفي سنة 1946 ضم المعهد إلى وزارة المعارف العمومية وجعلت مدة الدراسة فيه سنتين دراسيتين ثم أعيد إلحاقه بوزارة الصحة بمقتضى قرار مجلس الوزراء في 17 من فبراير سنة 1947 وفي سنة 1950 أدخلت تعديلات عديدة على برامجه وجعلت الدراسة فيه ثمانية عشر شهراً وأضيفت إليه شعبة جديدة لتخريج مساعدي المعمل الفنيين وفي أوائل سنة 1951 رئي لصالح المعهد ولرفع مستواه أن تشترك وزارتا المعارف والصحة في إدارته وفي منح خريجيه الدبلومات الدراسية الخاصة به وفي 13 من فبراير سنة 1954 صدرت لائحة بشأن نظام الدراسة بالمعهد ثم صدر قرار وزير الصحة في 28 من ديسمبر سنة 1955 بالنظام الجديد للمعهد وقد أجاز كادر سنة 1939 تعيين خريجي هذا المعهد استثناء في الدرجة السابعة وفي 30 من يناير سنة 1940 وافق مجلس الوزراء على تعيين هؤلاء الخريجين في الدرجة الثامنة مع منحهم بداية مربوطها مضافاً إليها مبلغ 18 جنيهاً سنوياً وبمقتضى قواعد الإنصاف تقرر منح خريجي المعهد الماهية المقررة للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية "قسم ثان" وقدرها 7 جنيهات و500 مليم في الدرجة الثامنة مضافاً إليها علاوة قدرها جنيه إذا كانت مدة الدارسة سنة واحدة وقدرها جنيهان إذا كانت مدة الدراسة سنتين وفي 22 من يوليه سنة 1953 صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ناصاً في البند "50" من الجدول الملحق به على تسعير المؤهل الذي يمنحه المعهد الصحي بقسميه بأن قرر للدبلوم العادي مرتباً شهرياً قدره عشرة جنيهات في الدرجة السابعة ولدبلوم التخصص مرتباً شهرياً قدره أحد عشر جنيهاً في الدرجة السابعة ثم عدل هذا التسعير بمقتضى القانون رقم 181 لسنة 1956 وقرر للدبلوم العادي 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السابعة من بدء التعيين وعلاوة 500 مليم فرق ماهية الدبلوم العادي للتخصص وفي 6 من أغسطس سنة 1953 صدر مرسوم بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الكادرات المختلفة أجيز بمقتضاه تعيين حملة دبلوم المعهد الصحي في الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفني المتوسط بمرتب شهري قدره 12 جنيهاً وهو أول مربوط الدرجة المذكورة طبقاً للجدول الملحق بالقانون رقم 21 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
2 - أن المؤهل الذي يمنحه المعهد الصحي للمتخرجين فيه ليست له ذاتية خاصة وتقدير مستقل أضفتهما عليه أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 والمرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 بما يجعل له ميزة على المؤهلات الأخرى التي عدل تسعيرها السابق ولا سيما أن المرسوم المشار إليه لم يتضمن تسعيراً إلزامياً وإنما تضمن تعييناً لصلاحية أصحاب المؤهلات المختلفة ومن بينها شهادة المعهد الصحي للترشيح لوظائف معينة وأن الأمر في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعديلاً للتسعير السابق الذي قررته قواعد الإنصاف للمؤهل المذكور، فلا القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ولا المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 قد أنشأ أيهما لشهادة المعهد الصحي تقديراً مستقلاً قائماً بذاته لأول مرة.
3 - أنه ترتيباً على ما تقدم يتعين حساب إعانة غلاء المعيشة المستحقة لحملة الشهادة المذكورة المعينين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 على أساس ما كان مقدراً لها في قواعد الإنصاف وبالتالي يصدق عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال وأرباب المعاشات في 30 من نوفمبر سنة 1950 ذلك أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه باستقراء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن إعانة غلاء المعيشة يبين أن الأصل العام هو تثبيت هذه الإعانة على الماهيات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال في 30 من نوفمبر سنة 1950 وأن كل زيادة يحصل عليها الموظف أو المستخدم أو العامل بعد هذا التاريخ لا يترتب عليها زيادة في إعانة الغلاء ويجرى هذا الأصل العام أيضاً في شأن المعينين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 فتثبت لهم إعانة الغلاء عندما يحل مواعد استحقاقها على أساس المرتبات التي نالها زملاؤهم في 30 من نوفمبر سنة 1950 إذا كانت هذه المرتبات أقل من بداية درجة التعيين في الكادر الملحق بالقانون المذكور حتى لا يمتاز الموظف الجديد على الموظف القديم ولما كانت القواعد السارية في 30 من نوفمبر سنة 1950 في شأن تسعير المؤهلات عند التعيين هي قواعد الإنصاف فإن المرتبات التي تقدرها هذه القواعد للمؤهلات المختلفة عند التعيين تكون وحدها المناط في تثبيت إعانة غلاء المعيشة لمن يعينون في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 ولا يغير من هذا النظر أن يكون القانون رقم 371 لسنة 1953 في شأن المعادلات الدراسية قد عدل التقدير المالي لكثير من المؤهلات التي سبق تقديرها بقواعد الإنصاف مما ترتب عليه إعادة تسوية حالة حملة هذه المؤهلات تسوية افتراضية ترتد في الماضي إلى تاريخ التعيين الذي قد يكون في 30 من نوفمبر سنة 1950 أو قبل ذلك التاريخ - لا يغير ذلك من هذا النظر لأن المعول عليه في تقدير إعانة الغلاء عند تثبيتها هو المركز القانوني للموظف في شهر نوفمبر سنة 1950 والتغيير في هذا المركز الذي ينبغي أخذه في الاعتبار هو التغيير الذي نشأ سببه القانوني خلال هذا الشهر أو قبله. ومن ثم فلا يؤخذ في الاعتبار التغيير الذي نشأ سببه القانوني بعد هذا الشهر ولو كان يرتد بأثره في الماضي إلى الشهر المذكور أو قبله كما لا يغير من هذا النظر الاستثناء أن اللذان أوردها مجلس الوزراء على الأصل العام سالف الذكر بقراريه الصادرين في 6 من يناير سنة 1953 وفي 18 من مارس سنة 1953 لأن هذين الاستثناءين مقصوران على علاج بعض حالات الذين كانوا في الخدمة قبل 30 من نوفمبر سنة 1950 وثبتت لهم إعانة غلاء المعيشة على أساس ماهياتهم أو أجورهم في هذا التاريخ ومن ثم فإن من عينوا بعد التاريخ المشار إليه يخرجون بحكم النص وبحكم أن الاستثناء لا يقبل القياس أو التوسع في التفسير من مجال تطبيق هذين القرارين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 25 من ديسمبر سنة 1961 وأن آخر ميعاد للطعن فيه وهو يوم 23 من فبراير سنة 1962 قد صادف يوم جمعة وهو عطلة رسمية وأن الميعاد في هذه الحالة يمتد إلى أول يوم عمل بعدها وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو يوم السبت الموافق 24 من فبراير سنة 1962 الذي تم فيه إيداع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1239 لسنة 8 القضائية ضد وزارة الشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 10 من يوليه سنة 1961 بعد حصوله على قرار بقبول طلب إعفائه من الرسوم من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في 25 من يونيه سنة 1961 وطلب الحكم: بأحقيته في تثبيت إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس مرتبه الذي عين به وقدره عشرة جنيهات على أن يخصم منه قيمة الفرق بين الكادرين وقدره جنيهان بدلاً من 3 جنيهات و500 مليم طبقاً لقراري مجلس الوزراء في 6 من يناير سنة 1952، 8 من أكتوبر سنة 1952 على أن يرد إليه جنيه واحد اعتباراً من أول مايو سنة 1958 عملاً بالقرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1958 مع إلزام المدعى عليها بمصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه حصل على دبلوم المعهد الصحي في سنة 1955 وفي 21 من أغسطس سنة 1955 عين في الدرجة السابعة بالكادر الفني المتوسط بماهية قدرها 12 جنيهاً في الشهر ومنح إعانة غلاء المعيشة على أساس المرتب الذي كان يمنح لحملة هذا المؤهل في 30 من نوفمبر سنة 1950 وقدره 8 جنيهات و500 مليم في الشهر ولما كان المؤهل الذي يحمله قد تقرر له بالمرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 الدرجة السابعة بالكادر الفني المتوسط فإن هذا المؤهل يصبح له وضع خاص وكيان مستقل قائم بذاته لأول مرة كدبلوم معترف به بما يضفيه على حامله من مركز قانوني واضح المعالم ومن ثم فإن التكييف السليم لوضعه بعد صدور المرسوم المشار إليه أنه قد عين تعييناً جديداً بمؤهل جديد مما يتعين معه حساب إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس ماهية هذا المؤهل الجديد طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 وطبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا وأضاف المدعي أنه فيما يتعلق بخصم فرق الكادرين من إعانة غلاء المعيشة فإنه لما كان أول مربوط الدرجة السابعة المعين عليها هو 12 جنيهاً شهرياً طبقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 بينما كان أول مربوط هذه الدرجة هو عشرة جنيهات في ظل الكادر السابق فإن ما يجب خصمه هو جنيهان وليس 3 جنيهات و500 مليم وقد أجابت الوزارة المدعى عليها عن الدعوى بأن قواعد الإنصاف للحاصلين على دبلوم المعهد الصحي تقرر منح مبلغ جنيه واحد فوق ماهية الشهادة الدراسية (التوجيهية أو الثقافة) لمن يقضي في الدراسة 12 شهراً وجنيهين لمن يقضي في الدراسة 24 شهراً وذلك في الدرجة الثامنة وأن قواعد المعادلات الدراسية الصادر بها القانون رقم 371 لسنة 1953 تقضي بوضع الحاصلين على دبلوم المعهد الصحي في الدرجة السابعة بماهية شهرية قدرها عشرة جنيهات للدبلوم العادي و11 جنيهاً للدبلوم مع التخصص وأن المرسوم المؤرخ 6 من أغسطس سنة 1953 صدر مقرراً بتعين الحاصلين على شهادة المعهد الصحي (الدبلوم العادي ودبلوم التخصص) في الدرجة السابعة الفنية المتوسطة بماهية 12 جنيهاً شهرياً وقد قامت الوزارة بتثبيت إعانة غلاء المعيشة المستحقة للمدعي على أساس ماهية 8 جنيهات و500 مليم وهي التي كانت مقدرة لحملة التوجيهية مضافاً إليها مبلغ جنيه واحد علاوة دبلوم المعهد يخصم منها مبلغ 3 جنيهات و500 مليم قيمة الزيادة التي حصل عليها في الماهية نتيجة تعيينه في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 بماهية 12 جنيهاً في الدرجة السابعة وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية: بأحقية المدعي في تثبيت إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على ماهية قدرها عشرة جنيهات شهرياً على أن يخصم من الإعانة المستحقة جنيهان قيمة فرق الكادرين، وبرد نصف ذلك الفرق من أول مايو سنة 1958 على التفصيل الوارد بأسباب هذا الحكم وألزمت الوزارة بالمصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أنه قد اتضح من استظهار الأحكام الخاصة بتسعير المؤهل الحاصل عليه المدعي وهو دبلوم المعهد الصحي أن هذا الدبلوم لم يكن من المؤهلات المسعرة كشهادة مستقلة طبقاً لقواعد الإنصاف وأن أول تسعير لو كمؤهل مستقل هو ما ورد بقانون المعادلات الدراسية الذي قدر له الدرجة السابعة بماهية شهرية قدرها عشرة جنيهات. ومن ثم يتعين تثبيت إعانة غلاء المعيشة للمدعي على أساس هذا المرتب ولما كان المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 قد أجاز تعيين حملة دبلوم المعهد الصحي في الدرجة السابعة ببداية مربوطها وقدره 12 جنيهاً طبقاً للكادر الجديد بينما كان أول مربوط هذه الدرجة في الكادر السابق هو عشرة جنيهات فإنه طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في أكتوبر سنة 1952 يتعين استقطاع ما يوازي تلك الزيادة وقدرها جنيهان مما يحصل عليه المدعي من إعانة غلاء المعيشة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن المؤهل الذي يحمله المدعي كان مسعراً قبل سريان أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بمقتضى قواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944 التي قدرت لهذا المؤهل الدرجة الثامنة بمرتب 8 جنيهات و500 مليم شهرياً إذا كانت مدة الدراسة سنة واحدة و9 جنيهات و500 مليم إذا كانت مدة الدراسة سنتين ومن ثم فإنه يتعين تثبيت إعانة غلاء المعيشة على هذه الماهية دون غيرها ودون الاعتداد بما طرأ على هذا المؤهل من ارتفاع في التقدير ولما كان المدعي قد عين في وظيفته بمرتب شهري قدره 12 جنيهاً وثبتت له إعانة الغلاء على مبلغ 8 جنيهات و500 مليم على النحو السالف ذكره فإنه يتعين أيضاً خصم الفرق بين هذين المبلغين من إعانة الغلاء ثم رد نصف هذا الفرق وهو ما طبقته الوزارة المدعى عليها في شأنه.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الدعوى الراهنة ينحصر في بيان ما إذا كان دبلوم المعهد الصحي قد اعتمد بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية والمرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الكادرات المختلفة، مؤهلاً دراسياً صار له بموجب هذه الأحكام تقدير مستقل باعتباره من المؤهلات الدراسية التي أغفل أمر تقديرها في التسعيرات السابقة وفي هذه الحالة تسري عليه أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 ويستحق المعين بمقتضاه أن تحسب إعانة غلاء المعيشة المقررة له على أساس المرتب المقرر له في القانون سواء تم التعيين ابتداء أو أثناء الخدمة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تعديلاً لتسعير سابق فيصدق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال وأرباب المعاشات في آخر نوفمبر سنة 1950.
ومن حيث إنه يبين من تقصي المراحل والتطورات التي مر بها المعهد الصحي والمؤهل الذي يمنحه لخريجيه في ضوء القوانين والقرارات والقواعد المنظمة له أنه في عام 1930 أنشئ معهد بوزارة الصحة لتخريج المعاونين الصحيين لمعاونة أطباء الوزارة في مراقبة المسائل الصحية ورفع المستوى الصحي للبلاد واشترط للالتحاق به الحصول على شهادة البكالوريا، وجعلت الدراسة فيه اثني عشر شهراً وفي عام 1940 أنشئت دراسة عليا للناجحين بالقسم العام بالمعهد الذين أمضوا مدة كافية في الخدمة كانت أعمالهم خلالها مرضية للتخصص في مراقبة الأغذية ومكافحة الأوبئة وجعلت مدة الدراسة اثني عشر شهراً أخرى وفي سنة 1946 ضم المعهد إلى وزارة المعارف العمومية وجعلت مدة الدراسة فيه سنتين دراسيتين في أعيد إلحاقه بوزارة الصحة بمقتضى قرار مجلس الوزراء في 17 من فبراير سنة 1947 وفي سنة 1950 أدخلت تعديلات عديدة على برامجه وجعلت الدراسة فيه ثمانية عشر شهراً وأضيفت إليه شعبة جديدة لتخريج مساعدي المعمل الفنيين وفي أوائل سنة 1951 رئي لصالح المعهد ولرفع مستواه أن تشترك وزارتا المعارف والصحة في إدارته وفي منح خريجيه الدبلومات الدراسية الخاصة به وفي 13 من فبراير سنة 1954 صدرت لائحة بشأن نظام الدراسة بالمعهد ثم صدر قرار وزير الصحة في 28 من ديسمبر سنة 1955 بالنظام الجديد وقد أجاز كادر سنة 1939 تعيين خريجي هذا المعهد استثناء في الدرجة السابعة وفي 30 من يناير سنة 1940 وافق مجلس الوزراء على تعيين هؤلاء الخريجين في الدرجة الثامنة مع منحهم بداية مربوطها مضافاً إليها مبلغ 18 جنيهاً سنوياً وبمقتضى قواعد الأنصاف تقرر منح خريجي المعهد الماهية المقررة للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية "قسم ثان" وقدرها 7 جنيهات و500 مليم في الدرجة الثامنة مضافاً إليها علاوة قدرها جنيه إذا كانت مدة الدراسة سنة واحدة وقدرها جنيهان إذا كانت مدة الدراسة سنتين وفي 22 من يوليه سنة 1953 صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ناصاً في البند 50 من الجدول الملحق به على تسعير المؤهل الذي يمنحه المعهد الصحي بقسميه بأن قرر للدبلوم العادي مرتباً شهرياً قدره عشرة جنيهات في الدرجة السابعة ولدبلوم التخصص مرتباً شهرياً قدره أحد عشر جنيهات في الدرجة السابعة ثم عدل هذا التسعير بمقتضى القانون رقم 181 لسنة 1956 وقرر الدبلوم العادي 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السابعة من بدء التعيين وعلاوة 500 مليم فرق ماهية الدبلوم العادي للتخصص وفي 6 من أغسطس سنة 1953 صدر مرسوم بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الكادرات المختلفة أجيز بمقتضاه تعيين حملة دبلوم المعهد الصحي في الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفني المتوسط بمرتب شهري قدره 12 جنيهاً وهو أول مربوط الدرجة المذكورة طبقاً للجدول الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
ومن حيث إنه يخلص مما سلف إيراده أن المؤهل الذي يمنحه المعهد الصحي للمتخرجين فيه ليست له ذاتية وتقدير مستقل أضفتهما عليه أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 والمرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 بما يجعل له ميزة على المؤهلات الأخرى التي عدل تسعيرها السابق ولا سيما أن المرسوم المشار إليه لم يتضمن تسعيراً إلزامياً وإنما تضمن تعييناً لصلاحية أصحاب المؤهلات المختلفة ومن بينها شهادة المعهد الصحي للترشيح لوظائف معينة وأن الأمر في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعديلاً للتسعير السابق الذي قررته قواعد الإنصاف للمؤهل المذكور، فلا القانون رقم 371 لسنة 1952 الخاص بالمعادلات الدراسية ولا المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 قد أنشأ أيهما لشهادة المعهد الصحي تقديراً مستقلاً قائماً بذاته لأول مرة ومن ثم فإنه ترتيباً على ما تقدم يتعين حساب إعانة غلاء المعيشة المستحقة لحملة الشهادة المذكورة المعينين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 على أساس ما كان مقدراً لها في قواعد الإنصاف وبالتالي يصدق عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال وأرباب المعاشات في 30 من نوفمبر سنة 1950 ذلك أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه باستقراء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن في إعانة غلاء المعيشة يبين أن الأصل العام هو تثبيت هذه الإعانة على الماهيات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال في 30 من نوفمبر سنة 1950 وأن كل زيادة يحصل عليها الموظف والمستخدم أو العامل بعد هذا التاريخ لا يترتب عليها زيادة في إعانة الغلاء ويجرى هذا الأصل العام أيضاً في شأن المعينين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 فتثبت لهم إعانة الغلاء عندما يحل موعد استحقاقها على أساس المرتبات التي نالها زملاؤهم في 30 من نوفمبر سنة 1950 إذا كانت هذه المرتبات أقل من بداية درجة التعيين في الكادر الملحق بالقانون المذكور حتى لا يمتاز الموظف الجديد على الموظف القديم ولما كانت القواعد السارية في 30 من نوفمبر سنة 1950 في شأن تسعير المؤهلات عند التعيين هي قواعد الإنصاف فإن المرتبات التي تقدرها هذه القواعد للمؤهلات المختلفة عند التعيين تكون وحدها المناط في تثبيت إعانة غلاء المعيشة لمن يعينون في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 ولا يغير من هذا النظر أن يكون القانون رقم 371 لسنة 1953 في شأن المعادلات الدراسية قد عدل التقدير المالي لكثير من المؤهلات التي سبق تقديرها بقواعد الإنصاف مما ترتب عليه إعادة تسوية حالة حملة هذه المؤهلات تسوية افتراضية ترتد في الماضي إلى تاريخ التعيين الذي قد يكون في 30 من نوفمبر سنة 1950 أو قبل ذلك التاريخ - لا يغير ذلك من هذا النظر لأن المعول عليه في تقدير إعانة الغلاء عند تثبيتها هو المركز القانوني للموظف في شهر نوفمبر سنة 1950 والتغيير في هذا المركز الذي ينبغي أخذه في الاعتبار هو التغيير الذي نشأ سببه القانوني خلال هذا الشهر أو قبله. ومن ثم فلا يؤخذ في الاعتبار التغيير الذي نشأ سببه القانوني بعد هذا الشهر ولو كان يرتد بأثره في الماضي إلى الشهر المذكور أو قبله كما لا يغير من هذا النظر الاستثناءان اللذان أوردهما مجلس الوزراء على الأصل العام سالف الذكر بقراريه الصادرين في 6 من يناير سنة 1952 وفي 18 من مارس سنة 1953 لأن هذين الاستثنائين مقصوران على علاج بعض حالات الذين كانوا في الخدمة قبل 30 من نوفمبر سنة 1950 وثبتت لهم إعانة غلاء المعيشة على أساس ماهياتهم أو أجورهم في هذا التاريخ ومن ثم فإن من عينوا بعد التاريخ المشار إليه يخرجون بحكم النص وبحكم أن الاستثناء لا يقبل القياس أو التوسع في التفسير من مجال تطبيق هذين القرارين.
ومن حيث إن التقدير المالي لدبلوم المعهد الصحي قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي عين المدعي في ظله كان 8 جنيهات و500 مليم، وذلك بالتطبيق لقواعد الإنصاف فإن الجهة الإدارية إذ قامت بحساب إعانة غلاء المعيشة المستحقة للمدعي على أساس هذا المرتب وباستقطاع الزيادة المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد من هذه الإعانة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1952 مع رد نصف الفرق وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 237 الصادر في 24 من إبريل سنة 1958 تكون قد طبقت القانون في حقه على وجهه الصحيح ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد جانب الصواب ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى بشقيها مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.