مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 869

(93)
جلسة 8 من إبريل سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 512 لسنة 9 القضائية

( أ ) - تأميم. "مؤسسة عامة". "بنوك". تأميم البنك العربي المصري بمقتضى القانون رقم 117 لسنة 1961 - ليس من شأنه تحويله إلى مؤسسة عامة أو اعتبار موظفيه موظفين عموميين - علاقة البنك بموظفيه في ظل هذا التأميم - علاقة تدخل في روابط القانون الخاص وتنظمها أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959.
(ب) - عقد عمل. "عقد العمل غير المحدد المدة". انتهاؤه بإرادة أحد طرفيه دون توقف على إرادة الطرف الآخر - أساس ذلك من المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 - امتناع القياس في هذا المجال على حكم المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي كان يحكم العلاقة التنظيمية بين جهة الإدارة والموظف العام.
(جـ) - استقالة. المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة - جواز إرجاء النظر في قبول الاستقالة إذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية - عدم سريان هذا الحكم إذا كان عقد العمل بين المطعون ضده وبين البنك قد انتهى قبل العمل باللائحة المشار إليها.
(د) - تأديب. "استقالة". ارتباط التأديب بالوظيفة كأصل عام - بانقضاء رابطة التوظف لا يكون للتأديب مجال - الاستثناء من هذه القاعدة بموجب القانون رقم 210 لسنة 1951 - مقصور على الموظفين العموميين ما لم يوجد نص يقرره بالنسبة إلى موظفي الشركات الخاضعين لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959.
1 - أن المطعون ضده كان في مركز تعاقدي يستمد عناصره ومقوماته من عقد العمل الذي يحكم علاقته بالبنك العربي المصري وهي علاقة تدخل في روابط القانون الخاص وتنظمها أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ولم يكن من شأن تأميم هذا البنك بمقتضى القانون رقم 117 لسنة 1961 تحويله إلى مؤسسة عامة أو اعتبار موظفيه موظفين عموميين، ذلك أن هذا القانون قد حرص على تأكيد بقاء البنوك والشركات المؤممة بمقتضاه محتفظة بكيانها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها على هذا الوجه، ومفاد ذلك أن تظل هذه الشركات والبنوك مع تملك الدولة لها شركات تجارية من أشخاص القانون الخاص.
2 - أن المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين إلغاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الإلغاء بثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة إلى العمال الآخرين فإذا ألغى العقد بغير مراعاة هذه المهلة ألزام من ألغى العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها) ووفقاً لحكم هذه المادة يجوز أن ينتهي عقد العمل غير المحدد المدة بإرادة أحد طرفيه وتنقطع العلاقة بينهما دون توقف على رضي الطرف الآخر.
ومتى كان المطعون ضده قد استقال من عمله في 12 من يونيه سنة 1962 فإنه وفقاً لحكم المادة 72 سالفة الذكر يعتبر عقد عمله بالبنك منتهياً دون أن يتوقف هذا الإنهاء على قبول إدارة البنك أو قبول المؤسسة المصرية العامة للبنوك، ولا محل في هذا المجال للقياس على حكم المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي كان يحكم العلاقة التنظيمية بين جهة الإدارة والموظف العام ولم يكن يسري أصلاً على العلاقة بين البنك وموظفيه والتي تدخل في نطاق روابط القانون الخاص.
3 - لا محل أصلاً للاستناد إلى الحكم الذي استحدثته المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الذي أجاز إرجاء النظر في قبول الاستقالة إذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية، إذ أن عقد العمل بين المطعون ضده وبين البنك كان قد انتهى قبل أن يعمل بتلك اللائحة التي صدر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 والذي عمل به في 29 من ديسمبر سنة 1962 تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
4 - أن الأصل في التأديب أنه مرتبط بالوظيفة بحيث إذا انقضت رابطة التوظف لم يعد للتأديب مجال، وإذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أورد استثناء من هذه القاعدة في المادة 102 مكرراً (ثانياً) المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 1957، فإن هذا الاستثناء مقصور على الموظفين العموميين إذ لم يكن هناك نص يقضي بسريان مثل هذا الحكم على موظفي الشركات الخاضعين لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959.
إن خضوع البنك العربي المصري لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه ليس من شأنه تعديل الأحكام التي تنظم انتهاء عقود عمل موظفيه، أو استمرار خضوعهم للولاية التأديبية بعد انتهاء تلك العقود، إذ أن تلك الولاية مبنية على عقد العمل الذي يربطهم بالبنك فمتى انتهى هذا العقد انقضت الدعوى التأديبية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 9 من إبريل سنة 1962 أودعت النيابة الإدارية سكرتيرية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفي المؤسسات العامة والشركات أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 4 لسنة 4 القضائية وتقرير اتهام ضد السيد محمد زكي مندور مدير البنك المصري العربي فرع بور سعيد متضمناً اتهامه بأنه في الفترة السابقة ليوم 11 من يوليو سنة 1961 بمقر البنك المصري العربي ببور سعيد لم يقم بأداء الالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد العمل وذلك بأن: -
(1) أصدر خطابات ضمان لبعض العملاء دون إذن من الإدارة العامة للبنك وأغفل إثباتها في السجلات ولم يقم بتحصيل العمولة القانونية المقررة والتأمين النقدي الواجب عند إصدارها.
(2) وقع بصفته مديراً للبنك بالضمان على سندات إذنيه لمديونية شركة جرانحيونس وشركاه فوضع بذلك البنك في مركز المدين واضطر البنك إلى سداد قيمة السندات دون وجه حق.
(3) أمر بصرف مائة جنيه للعميل تميم موسى مدير مكتب التوكيلات العمومية دون وجه حق وأجرى تسوية حسابيه عن صرف هذه المبالغ مخالفاً الإجراءات المصرفية السليمة وبذلك يكون قد ارتكب المخالفات المالية المنصوص عليها في المادة 76/ 6 من قانون عقد العمل الفردي - وطلبت النيابة الإدارية محاكمته طبقاً للمادة سالفة الذكر والمادة 6 من القانون رقم 19 لسنة 1959.
وعين لنظر الدعوى جلسة 29 من إبريل سنة 1962 وفيها قررت المحكمة التأديبية وقفها نظراً إلى أن ما نسب إلى المتهم ذو صلة وثيقة بالمسائل التي أبلغت بها النيابة العامة والتي كانت لا تزال تجرى شئونها فيها.
وفي 10 من نوفمبر سنة 1962 طلبت النيابة الإدارية تجديد السير في الدعوى بعد أن ضمت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة فعين لنظرها جلسة 30 من ديسمبر سنة 1962.
وأودع المتهم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدعوى شكلاً لعدم اختصاص المحكمة بنظرها ولعدم جواز نظرها وفي الموضوع برفض الدعوى وبراءته مما نسب إليه - وأقام دفعه بعدم اختصاص المحكمة على أنه كان يتقاضى مرتباً شهرياً مبلغ مائة وأربعين جنيهاً فكان يتعين أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمته مشكلة من وكيل مجلس الدولة أو أحد الوكلاء المساعدين ومستشار أو مستشار مساعد بمجلس الدولة وموظف من ديوان المحاسبة من الدرجة الأولى على الأقل وذلك طبقاً لنص البند الثاني من المادة 18 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - وعلى أن جميع الوقائع التي نسبت إليه سابقة على 20 من يوليو سنة 1961 تاريخ صدور القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم جميع البنوك وشركات التأمين وهذا التاريخ هو الذي يحدد خضوع جميع موظفي وعمال البنك لإشراف النيابة الإدارية واختصاص المحاكم التأديبية وذلك طبقاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 - أما الوقائع السابقة على التاريخ المذكور فإن الموظفين يخضعون بالنسبة إليها للسلطة الإدارية التي كانت مخولة توقيع العقوبات التأديبية على موظفي وعمال البنك قبل ذلك التاريخ طبقاً لأحكام قانون العمل واللائحة الداخلية للبنك ولائحة الجزاءات الخاصة به - كما أقام دفعه بعدم جواز نظر الدعوى على أنه قدم طلباً للإدارة العامة للبنك بتاريخ 12 من يونيو سنة 1962 يطلب فيه قبول استقالته من وظيفته إلا أنه فوجئ بخطاب مرسل إليه من البنك يخطره فيه بأنه بعرض استقالته على المؤسسة المصرية العامة للبنوك رأت عدم قبولها وإيقافه عن العمل - مع أن للعامل حق مطلق في الاستقالة من عمله وتعتبر الاستقالة منتجة لأثارها بمجرد تقديمها أو فوات المهلة التي نص عليها قانون العمل وذلك دون حاجة إلى قبول صاحب العمل - ويمتنع على النيابة الإدارية بعد استقالة العامل أن تقدمه إلى المحكمة التأديبية كما يمتنع على المحكمة التأديبية نظر الدعوى المقامة عليه لأن قانون العمل لم يتضمن نصاً مماثلاً لحكم المادة 102 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تقضي بجواز محاكمة الموظف بعد تركه الخدمة ولا يجوز الحجاج في هذا الشأن بالتعديلات التي أدخلت على هذه القواعد بموجب لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة التي صدرت أخيراً إذ أنها لا تسري إلا من تاريخ العمل بها وقد قدم هو استقالته قبل صدور تلك اللائحة بمدة طويلة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى على أنه يبين من أحكام المادتين 72، 80 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل أن حق العامل في إلغاء عقد العمل والاستقالة مطلق وغير مقيد بشرط قبول صاحب العمل - وإنما نظم القانون حالة إلغاء العقد بأن وضع لها شرطاً هو إبداء الرغبة في الإلغاء كتابة وفي المدة التي حددتها المادة 73 ورتب على عدم مراعاة هذه المدة إلزام من ألغى العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن المدة المحددة أو الجزء الباقي منها - كما رتب على استقالة العامل استحقاقه المكافأة في الحدود التي عينتها المادة 80 من ذلك القانون - وباستقراء مواد القانون رقم 19 لسنة 1959 يبين أن أحكامه لا تسري إلا في شأن موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة فيخرج عن نطاق أحكامه من أنبتت صلتهم بها من هؤلاء الموظفين سواء بالاستقالة أو بأي سبب آخر من أسباب إنهاء الخدمة المنصوص عليها في قانون العمل فلا تلاحقهم الدعوى التأديبية بعد تركهم الخدمة بالاستقالة لعدم وجود نص في القانون يقضي بذلك، وقد تدارك المشرع ذلك فنصت المادة 56 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر في 20 من ديسمبر سنة 1962 على أسباب انتهاء الخدمة ومن بينها الاستقالة ثم نصت المادة 59 على جواز إرجاء النظر في قبول الاستقالة إذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية وفي هذه الحالة لا تقبل استقالته إلا بعد صدور قرار الهيئة المختصة بغير عقوبة الفصل - ولما كان قرار رئيس الجمهورية المذكور لم يتضمن نصاً على سريان أحكامه بأثر رجعي على الماضي وكان الثابت أن المتهم قدم استقالته في 12 من يونيو سنة 1962 فإنه يمتنع على المحكمة أن تنظر الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه بصدور القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم البنوك انعدمت صفة المنشأة الخاصة بالنسبة إليها وأصبحت مؤسسات عامة تهدف إلى النفع العام وتملكها الدولة التي تربط البنك بموظفيه علاقة تنظيمية لائحية تحكمها القوانين واللوائح المنظمة لعلاقة الحكومة والهيئات العامة بموظفيها يؤكد ذلك نص المادة 13 من القانون رقم 32 لسنة 1957 بشأن المؤسسات العامة والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 1528 لسنة 1961 بإصدار لائحة نظام موظفي وعمال المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي - وفقاً لأحكام المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لا تنتهي خدمة الموظف إلا بالقرار الصادر بقبول استقالته فإذا أحيل إلى المحاكمة التأديبية لا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة العزل أو الإحالة إلى المعاش - ولما كانت استقالة المطعون ضده لم تقبل فإن خدمته لا تنته وعلاقته الوظيفية لم تنقطع بمجرد تقديم الاستقالة وتعتبر استقالته المرفوضة كأن لم تكن وتكون إحالته إلى المحاكمة التأديبية صحيحة ومن واجب المحكمة التأديبية نظر الدعوى التأديبية والفصل في موضوعها - أما ما جاء في قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 في شأن إرجاء قبول الاستقالة إذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية فليس حكماً جديداً ولكنه جاء مقرراً ومؤكداً للرابطة التي تربط المنشآت والشركات الداخلة في نطاق القطاع العام بالمؤسسات العامة التي تتبعها وما يترتب على ذلك من اعتبار موظفي تلك المنشآت والشركات موظفين عموميين وهو ما كان يستفاد بالضرورة وبدون نص من أحكام القانون رقم 32 لسنة 1957 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1528 لسنة 1961 وما يقتضيه التأميم وطبيعة العلاقة بين تلك المؤسسات والشركات والمنشآت التابعة لها مما يعتبر معه القرار رقم 3546 لسنة 1962 تفسيراً تشريعياً كاشفاً وليس منشئاً لأحكام جديدة.
ومن حيث إن النيابة الإدارية قد أودعت مذكرة بدفاعها أضافت فيها إلى ما تضمنه تقرير الطعن أن الدعوى التأديبية قد قامت في حق المطعون ضده وهو ما زال موظفاً فلا تنقضي بتقديم استقالته لأن الدعوى التأديبية خصومة قضائية تعلق اختصاص المحكمة بنظرها وتعين عليها أن تقول كلمتها فيها دون ما التفات لمحاولات المتهم ولا يمكن أن تؤدي استقالة المتهم بإرادته المنفردة إلى انقضاء الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن علاقة المطعون ضده الوظيفية بالبنك العربي المصري قد انتهت باستقالته ويقوم الطعن على أن هذه العلاقة لم تنفصم وأن صفة المطعون ضده كموظف بهذا البنك لا تزال قائمة من الناحية القانونية ما دام البنك لا يقبل استقالته كما أنه لا أثر لهذه الاستقالة على الدعوى التأديبية التي أقيمت قبل تقديها.
ومن حيث إن المطعون ضده كان في مركز تعاقدي يستمد عناصره ومقوماته من عقد العمل الذي يحكم علاقته بالبنك المذكور وهي علاقة تدخل في روابط القانون الخاص وتنظمها أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ولم يكن من شأنه تأميم هذا البنك بمقتضى القانون رقم 117 لسنة 1961 تحويله إلى مؤسسة أو اعتبار موظفيه موظفين عموميين ذلك أن هذا القانون قد حرص على تأكيد بقاء البنوك والشركات المؤممة بمقتضاه محتفظة بكيانها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها على هذا الوجه ومفاد ذلك أن تظل هذه الشركات والبنوك مع تملك الدولة لها شركات تجارية من أشخاص القانون الخاص.
ومن حيث إن المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه (إذا كان العقد غير محدود المدة جاز لكل من الطرفين إلغاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الإلغاء بثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة إلى العمال الآخرين فإذا ألغى العقد بغير مراعاة هذه المهلة إلزام من ألغى العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها) - ووفقاً لحكم هذه المادة يجوز أن ينتهي عقد العمل غير المحدد المدة بإرادة أحد طرفيه وتنقطع العلاقة بينهما دون توقف على إرادة الطرف الآخر.
ومن حيث إن المطعون ضده قد استقال من عمله في 12 من يونيو سنة 1962 فإنه وفقاً لحكم المادة 72 سالفة الذكر يعتبر عقد عمله بالبنك منتهياً دون أن يتوقف هذا الإنهاء على قبول إدارة البنك أو قبول المؤسسة المصرية العامة للبنوك - ولا محل في هذا المجال للقياس على حكم المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي كان يحكم العلاقة التنظيمية بين جهة الإدارة والموظف العام ولم يكن يسري أصلاً على العلاقة العقدية بين البنك وموظفيه والتي تدخل في نطاق روابط القانون الخاص - كما أنه لا محل أصلاً للاستناد إلى الحكم الذي استحدثته المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الذي أجاز إرجاء النظر في قبول الاستقالة إذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية - إذ أن عقد العمل بين المطعون ضده وبين البنك كان قد انتهى قبل أن يعمل بتلك اللائحة التي صدر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 والذي عمل به في 29 من ديسمبر سنة 1962 تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ومن حيث إن الأصل في التأديب أنه مرتبط بالوظيفة بحيث إذا انقضت رابطة التوظف لم يعد للتأديب مجال - وإذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أورد استثناء من هذه القاعدة على المادة 102 مكرراً (ثانياً) المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - فإن هذا الاستثناء مقصور على الموظفين العموميين إذا لم يكن هناك نص يقضي بسريان مثل هذا الحكم على موظفي الشركات الخاضعين لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959.
ومن حيث إن خضوع موظفي البنك العربي المصري لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه ليس من شأنه تعديل الأحكام التي تنظم انتهاء عقود عملهم - أو استمرار خضوعهم للولاية التأديبية بعد انتهاء تلك العقود إذ أن تلك الولاية مبنية على عقد العمل الذي يربطهم بالبنك فمتى انتهى هذا العقد انقضت الدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه لذلك يتعين تعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى التأديبية - وإذا كانت النيابة الإدارية لم تجب إلى طلبها الخاص بمحاكمة المطعون ضده تأديبياً فإنه يتعين إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى التأديبية وألزمت الحكومة بالمصروفات.