مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 175

(24)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبى يوسف ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1104 لسنة 25 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تسوية حالة - دعوى - ميعاد رفع الدعوى - تقادم - أحكام تنفيذها - تقادم طلب أحد العاملين تسوية حالته بارجاع أقدميته الى تواريخ ترقية زملائه دون الاشارة الى ثمة قاعدة يمكن أن يستمد حقه منها متصورا أنه يطعن فى قرارات ادارية اشتملت غيره وتغطيه، وأشارت الى حكم صادر لصالحه من محكمة القضاء الادارى سنة 1954 - اقامته الدعوى فى سنة 1974 - دعواه تقادمت بالمدة الطويلة الأحكام تسقط فى مجال التنفيذ بفوات خمسة عشر عاما - مدة رفع دعاوى المنازعات الادارية التى يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى - قانون مجلس الدولة لم يحددها الا فيما يتعلق بطلبات الالغاء والتى نص على أن ميعاد رفعها هو ستون يوما من تاريخ العلم بها - غير ذلك من الطلبات يجوز رفعها متى كان الحق المطالب به لم يتقادم بفوات المدة الطويلة وهى فى القانون المدنى خمسة عشر سنة مما يجب استصحاب هذا الميعاد فى مثل هذه الدعاوى أمام مجلس الدولة - لا حق للمدعى فى دعواه - الحكم برفض الدعوى - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 15 من يوليه سنة 1979 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1104 لسنة 25 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 21 من مايو سنة 1979 فى الدعوى رقم 514 لسنة 31 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد صلاح الدين عبد القادر ضد وزارة الحربية والذى قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد والزمت المدعى المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه مع اعادة الدعوى لمحكمة القضاء الادارى "دائرة التسويات" لتقضى فى موضوعها وقد أعلن الطعن الى ذوى الشأن وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه مع اعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى لتقضى فى موضوعها وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 8 من يونيه سنة 1981 وقررت بجلسة 22 من يونيه سنة 1981 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره أمامها جلسة 22 من نوفمبر سنة 1981 وفيها استمعت المحكمة الى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى ان السيد/ محمد صلاح الدين عبد القادر أقام الدعوى رقم 514 لسنة 31 ق أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم بأحقيته فى تسوية حالته بارجاع أقدميته فى الدرجة السابعة القديمة الى 30/ 8/ 1955 وما يترتب على ذلك من آثار وذلك بارجاع أقدميته فى السادسة القديمة والسابعة الجديدة، والسادسة الجديدة، والخامسة والرابعة الى تواريخ ترقية زملائه الذين ترجع أقدميتهم فى الثامنة القديمة الى 12/ 6/ 1950 والفروق المالية المترتبة على ذلك والزام المدعى عليها المصاريف والأتعاب. وقال شارحا دعواه انه التحق بخدمة الوزارة المدعى عليها فى 27/ 1/ 1943 فى وظيفة عامل كرستات وأثناء الخدمة حصل على شهادة الثقافة عام 1950 فتقدم بتظلم الى اللجنة القضائية بوزارة الحربية لتسوية حالته طبقا لقواعد الانصاف فقضت له اللجنة بذلك وقد استئونف هذا القرار بالطعن رقم 2761 لسنة 8 ق امام محكمة القضاء الادارى فقضت بجلسة 29/ 12/ 54 بالغاء القرار المطعون فيه وبتطبيق قواعد المعادلات الدراسية عليه الصادر بها القانون رقم 371 لسنة 1953 وذلك بمنحه الدرجة الثامنة اعتبارا من 12/ 6/ 1950 تاريخ حصوله على مؤهل الثقافة وقد كان يتعين على الوزارة ان تجرى له التسوية فى الدرجات اللاحقة ذلك ان زملائه الذين ترجع أقدميتهم فى الثامنة الى 12/ 6/ 1950 رقوا الى السابعة بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فى 30/ 8/ 1955 ثم السادسة فى عام 1961 ثم تدرجوا فى الترقية حتى رقوا الى الرابعة بالقانون رقم 46 لسنة 1964 فى 31/ 12/ 1971 فى حين انه رقى الى السابعة فى 16/ 3/ 1960 وحصل على السادسة عام 1962 ورقى الى الدرجة الخامسة الجديدة فى 31/ 12/ 1971 ولما كان ذلك وكان أساس هذه الدعوى هو عدم تنفيذ حكم قضائى بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية فانها تكون من دعاوى التسويات ولا تتقيد بميعاد. وقد عقبت الحكومة على الدعوى بقولها ان حالة المدعى سويت طبقا لحكم محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 2761 لسنة 8 ق باعتباره شاغلا للدرجة الثامنة الكتابية من 12/ 6/ 1950 وتدرج مرتبه طبقا لقانون المعادلات حيث بلغت ماهيته 12 جنيها فى 1/ 5/ 1959 مع الابقاء على تاريخ ترقيته فى هذه الدرجة السابقة حيث لم يشتمل الحكم على ما يجيز تعديل تاريخ ترقيته فى هذه الدرجة ثم اعيدت تسوية حالته وفقا للكتاب الدورى رقم 5 لسنة 1962 فأصبح فى الدرجة الثامنة من 12/ 6/ 1950 والسابعة من 30/ 8/ 1955 ثم رقى للدرجة السادسة فى 30/ 11/ 1962 ووضع فى الدرجة السابعة تطبيقا للقانون رقم 46 لسنة 1964 ثم رقى الى السادسة اعتبارا من 30/ 1/ 1968 والخامسة اعتبارا من 31/ 12/ 1971 وانتهت الى القول بأن المدعى سويت حالته طبقا للقانون دون أى احجاف بحقه. وبجلسة 21/ 5/ 1959 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، والزمت المدعى المصروفات وأقامت قضاءها على أساس ان المدعى أقام دعواه فى 25/ 1/ 1975 بعد انتهاء الميعاد المنصوص عليه فى المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدور القانون المشار اليه فى 30 من سبتمبر سنة 1971 ومن ثم يكون حقه قد سقط بمضى تلك المدة ويتعين الحكم بعدم قبول دعواه لرفعها بعد الميعاد باعتبار ان هذا الميعاد المحدد فى القانون هو ميعاد سقوط لا يرد عليه انقطاع أو ايقاف.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ما ورد فى تقرير الطعن وحاصله ان دعوى المعافاة تقطع التقادم طبقا لما استقر عليه القضاء الادارى وان الأثر القاطع للميعاد يظل قائما لحين صدور القرار فى طلب المساعدة القضائية فاذا ما صدر وجب رفع الدعوى خلال الميعاد القانونى محسوبا من تاريخ صدوره واذ تقدم المدعى بطلب الى لجنة المساعدة القضائية فى 9/ 7/ 1974 فتكون دعواه قد اقيمت قبل انقضاء ميعاد الثلاث سنوات المنصوص عليه فى المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971.
ومن حيث ان المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ينص على انه "مع عدم الاخلاص بنص المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة يكون ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة المختصة ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون وذلك فيما يتعلق بالمطالبة بحقوق الخاضعين له والتى نشأت قبل العمل به متى كانت مترتبة على أحكام القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة على نفاذه ولا يجوز بعد هذا الميعاد تعديل المركز القانونى للعامل على أى وجه من الوجوه الا اذا كان ذلك تنفيذا لحكم قضائى ومقتضى ذلك ان المشرع قصد تصفية الحقوق المترتبة على القوانين والتظلم السابقة على نفاذه فى 30 من سبتمبر 39 سنة 1971 وذلك بشروط ثلاثة الأول أن يكون الحق قد نشأ قبل نفاذ هذا القانون والثانى ان يكون مصدره أحكام القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة لهذا التاريخ والثالث الا يكون من أثر هذه التسوية تعديل للمركز القانونى للعامل وذلك اذا لم تقم الدعوى خلال ثلاث سنوات من تاريخ نفاذه ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر على ان أثر هذا النص قاصر على التسويات التى تؤدى الى تعديل فى المركز القانونى للعامل فيؤثر هذا التعديل على المراكز القانونية التى استقرت وبمعنى آخر ان أثره لا يتعدى الى الحقوق المالية أو تلك التى من شأنها اجراء تسوية مما يستمد من القوانين أو اللوائح ولا تصل الى ان يكون من أثرها اجراء أى تعديل فى القرارات الادارية التى استقرت بفوات مواعيد الطعن عليها.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر كذلك على ان طلب المعافاة أمام لجنة المساعدة القضائية يعتبر بحسب طبيعة روابط القانون العام مما يقطع الميعاد ويبدأ تاريخ الفصل فيه حساب المواعيد التى نظمها القانون ولا جدال فى انه ما دام الأمر كذلك فان تقديم هذا الطلب يعتبر بدء فى اقامة الدعوى أمام المحكمة فى المفهوم العام للمادة 87 المشار اليها فاذا تبين ان المدعى أقام دعواه بطلب أمام لجنة المساعدة القضائية قبل انقضاء الموعد المحدد فى المادة 87 المشار اليها فيكون قد أقامها فى الموعد القانونى مما يقتضى قبولها.
ومن حيث ان المحكمة حين قضت بعدم قبول الدعوى قد استنفذت به ولايتها فيمتنع على محكمة الطعن اعادة الدعوى لها ويتعين التصدى للفصل فى الموضوع.
ومن حيث ان طلبات المدعى أمام محكمة القضاء الادارى هى طلبات تسوية حالته بارجاع اقدميته فى السابعة القديمة الى 30/ 8/ 1955 وما يترتب على ذلك من ارجاع أقدميته فى السادسة القديمة والسابعة الجديدة والسادسة الجديدة والخامسة والرابعة الى تواريخ ترقية زملائه الذين ترجع اقدميتهم فى الثامنة القديمة الى 12/ 6/ 1950 والفروق المالية المترتبة على ذلك.
ومن حيث ان هذه الطلبات كما صورها المدعى هى تسوية حالته، واذ كانت التسويات لا بد ان يساندها قانون أو قاعدة تنظيمية عامة تنشئ حقا أو تقرره وتكون التسوية أثرا لهذا القانون أو تلك القاعدة الا ان المدعى لم يشر الى ان ثمة قاعدة يمكن أن يستمد حقه منها، واذا كان تصوره انه يطعن فى قرارات ادارية اشتملت غيره وتخطته فان الدعوى لم تشر الى قرار معين أو شخص بعينه انما أورد المدعى تواريخ مرسلة لا يساندها واقع أو قانون. كما وان اشارته الى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى رقم 2761 لسنة 8 ق والصادر لصالحه بجلسة 29/ 12/ 1954 والقول بان تنفيذه جاء مبتسرا فان اقامته للدعوى فى 9/ 7/ 1974 مما يجعل دعواه وقد تقادمت بالمدة الطويلة ذلك ان القواعد الخاصة بالتقادم فى القانون المدنى يمكن تطبيقها فى مجال روابط القانون العام بالقدر الذى يتفق مع طبيعة هذه الروابط واذا كان التقادم فى روابط القانون الخاص حكمته التشريعية استقرار المعاملات فان حكمة التقادم فى مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو ادعى وأوجب ذلك انها تتمثل فى استقرار الأوضاع الادارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة مما تمليه المصلحة العامة وحسن سير هذه المرافق واذ كان قانون مجلس الدولة لم يحدد مددا لرفع الدعاوى فى المنازعات الادارية التى تختص بنظرها بهيئة قضاء ادارى الا ما يتعلق فيها بطلبات الالغاء اذ نص على ان ميعاد رفعها هو ستون يوما من تاريخ العلم بها ومن ثم فان غيرها من الطلبات يجوز رفعها متى كان الحق المطلب به لم يتقادم بفوات المدة الطويلة وهى فى القانون المدنى خمسة عشرة سنة مما يجب استصحاب هذا الميعاد فى مثل هذه الدعاوى أمام مجلس الدولة.
ومن حيث ان الأحكام تسقط فى مجال التنفيذ بفوات خمسة عشر عاما فانه كان من المتعين على المدعى لو أراد تنفيذ الحكم الصادر له جلسة 29/ 12/ 1954 ان يتقدم لتنفيذه فى موعد غايته خمسة عشر عاما من تاريخ صدوره الأمر الذى لم يحدث ذلك أنه لم يتقدم بهذا الطلب الا بتاريخ 19/ 7/ 1974.
ومن حيث انه يتعين على المحكمة ولها من تلقاء نفسها التصدى لبحث سريان ميعاد التقادم المشار اليه ذلك انه فى نطاق القرارات الادارية فالخصومة بطبيعتها عينية تتعلق بمشروعية القرار ويؤثر البحث فيها على مراكز قانونية لآخرين استبقت لهم فلا يتأتى من بعد ذلك زعزعتها اللهم الا أن تكون فى المواعيد المقررة فى القانون فلسنا بصدد حقوق شخصية يمكن التنازل عنها وما دام الطعن فى القرارات الادارية اذا كان قد تم العلم بها وميعادها ستون يوما هذا الميعاد من النظام العام فمن باب أولى اذا امتد هذا الميعاد ليصل الى التقادم بالمدة الطويلة لخمسة عشر عاما.
ومن حيث أنه لذلك لا حق للمدعى فى دعواه ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين قضى بعدم قبول الدعوى شكلا مما يقتضى الغاءه وبرفض الدعوى مع الزام المدعى المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات.