مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 925

(99)
جلسة 16 من أبريل سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر المستشارين.

القضية رقم 1577 لسنة 7 القضائية

( أ ) - دعوى. "الحكم فيها. حجية الأمر المقضى".
ثبوت الحجية لمنطوق الحكم دون أسبابه - ارتباط أسباب الحكم بمنطوقه ارتباطا وثيقا بحيث لا يقوم المنطوق بغيرها - ثبوت الحجية لها فى هذه الحالة.
(ب) - دعوى الالغاء. "الغاء مجرد". موظف "ترقية بالاختيار". طلب الغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا - قيامه على أن اسم المدعى لم يكن قد عرض على لجنة شئون الموظفين عند النظر فى الترقية الى الدرجة الأولى وقت أن كانت أقدميته فى الدرجتين الثالثة والثانية لا تسمح بعرض حالته - انتهاء النزاع حول وضعه فى الدرجتين المذكورتين - طلب المحكمة الى الجهة الادارية أثناء نظر الطعن عرض اسم المدعى على لجنة شئون الموظفين المختصة لابداء رأيها فى مدى استحقاقه للترقية الى الدرجة الأولى بالاختيار بافتراض أنه كان وقتذاك متزاحما مع باقى المرشحين للترقية بموجب القرار المطعون فيه - تأييد الجهة الادارية صاحبة الاختصاص قرارها المطعون فيه - لا وجه للالغاء المجرد فى هذه الحالة.
(جـ) موظف "ترقية بالاختيار".
ليس حقا مكتسبا للموظف - تقديرها منوط بالجهة الادارية.
1 - اذا كان الأصل أن حجية الأمر المقضى تثبت لمنطوق الحكم دون أسبابه الا أن الأسباب تكون لها هذه الحجية أيضا اذا ارتبطت ارتباطا وثيقا بمنطوقه بحيث لا يقوم المنطوق بغير هذه الأسباب.
2 - انه لا وجه لالغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا لمجرد أن اسم المدعى لم يكن قد عرض على لجنة شئون الموظفين عند النظر فى الترقية الى الدرجة الأولى وقت أن كانت أقدميته فى الدرجتين الثالثة والثانية لا تسمح بعرض حالته على هذه اللجنة لأنه اذا ما انتهى النزاع حول وضعه فى الدرجتين المذكورتين فان فرصة الترشيح التى كانت قد فاتته وقت اصدار القرار المطعون فيه يمكن تداركها بمفاضلة مجددة بحيث تحدد مصير القرار فى ضوء النتيجة التى تسفر عنها المقارنة بينه وبين المرقى فى هذا القرار، مع وزن مشروعية القرار المذكور وتقدير مآله ابقاء أو الغاء على هدى ذلك، ومن أجل هذا طلبت المحكمة الى الجهة الادارية - أثناء نظر الطعن - عرض اسم المدعى على لجنة شئون الموظفين المختصة لابداء رأيها فى مدى استحقاقه للترقية الى الدرجة الأولى بالاختيار بافتراض أنه كان وقتذاك متزاحما مع باقى المرشحين للترقية بموجب القرار المطعون فيه وبعرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة للاصلاح الزراعى بجلستها المنعقدة فى 24 من ديسمبر سنة 1966 قررت "اقرار ما سبق أن تم فى هذا الموضوع من تخطى المدعى فى الترقية" وبذلك تكون الجهة الادارية صاحبة الاختصاص قد أبدت قرارها المطعون فيه، ورفضت الاقرار بأحقية المدعى فى الترقية بالاختيار للكفاية الى الدرجة الأولى بعد اعمال المفاضلة بينه وبين باقى المرشحين للترقية بالقرار المذكور.
3 - أن ترقية الموظف بالاختيار للكفاية ليست حقا مكتسبا له بل تقديرها منوط بالجهة الادارية، تترخص فيه لما تمليه المصلحة العامة فى حدود القوانين والتعليمات وأن تقدير الكفاية ومدى الصلاحية للوظيفة أو الدرجة الذى سيرقى اليها الموظف أمر متروك لسلطة الادارة تباشره بحسب ما تلمسه فيه من الصفات والمزايا وما تأنسه فيه من كفاية، وما يتجمع لديها عن ماضيه من عناصر تساعد على الحكم على ذلك وتجعلها تطمئن الى حسن اختيارها له وتقدير الادارة فى هذا الشأن له اعتباره وهى تستقل به دون معقب عليها اذا ما خلا من الانحراف ولم يقترن بأى وجه من وجوه اساءة استعمال السلطة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 244 لسنة 14 القضائية ضد وزارات الخزانة والاصلاح الزراعى والزارعة ومصلحة الأملاك الأميرية بصحفية أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 14 من نوفمبر سنة 1959 طلب فيها الحكم "بالغاء قرار وزارة الخزانة الصادر فى 23 من مايو سنة 1953 بترقية السيدين فيكتور اسرائيل ومحمد عبد الوهاب على عزت الى الدرجة الثانية، وقرارها الصادر فى 29 من نوفمبر سنة 1953 بترقية السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت الى الدرجة الأولى، وذلك فيما تضمناه من تخطيه فى الترقية الى هاتين الدرجتين مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال بيانا لدعواه انه سبق أن صدر قرار فى 31 يناير سنة 1951 بتخطيه فى الترقية بالأقدمية المطلقة للدرجة الثالثة بالكادر الادارى بدعوى أنه من موظفى الكادر المتوسط مع أنه كان شاغلا لوظيفة من وظائف الكادر العالى وقد حصل على حكم من المحكمة الادارية العليا فى 6 من يونية سنة 1959 بالغاء القرار المذكور، وبذلك أصبح سابقا فى ترتيب الأقدمية على من رقوا بالقرار والقرارات اللاحقة مثل السيدين فيكتور اسرائيل ومحمد عبد لوهاب على عزت اللذين رقيا الى الدرجة الثانية بالأقدمية المطلقة فى 23 من مايو سنة 1953 وقد رقى الثانى الى الدرجة الأولى فى 29 من نوفمبر سنة 1953 فى وظيفة وكيل ثان لمدير عام مصلحة الأملاك الأميرية. ولما كان تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجتين الثانية والأولى هو نتيجة لتخطيه فى الترقية الى الدرجة الثالثة لذلك كان من حقه المطالبة بتصحيح وضعه بالغاء القرارين سالفى الذكر فيما تضمناه من تخطيه فى الترقية الى الدرجتين المذكورتين ولا يجوز الاضرار به نتيجة خطأ جهة الادارة وقد سبق له التظلم اداريا من القرارين المطعون فيهما الا أنه لم يصله أى رد حتى تاريخ رفع الدعوى وقد ردت مصلحة الأملاك الأميرية على الدعوى بأنها أرجعت أقدمية المدعى فى الدرجة الثالثة الى أول يناير سنة 1951 وفى الدرجة الثانية الى 23 من مايو سنة 1953 وبذلك تكون قد أجابته الى الشطر الأول من طلباته أما بالنسبة الى الشطر الثانى الخاص بترقيته الى الدرجة الأولى فلا حق له فيه، اذ لا عبرة بالأقدمية لأن المشرع جعل الترقية من الدرجة الثانية الى الدرجة الأولى فما فوقها ولاية اختيارية لجهة الادارة نظرا لما تتطلبه الدرجة الأولى من كفاءة شخصية وكفاية عملية وسلطة الادارة فى هذا الشأن مطلقة لا معقب عليها من القضاء الادارى طالما لم يثبت اساءة استعمال السلطة من جانبها ولا يقدح فى ذلك أن اسم المدعى لم يكن من بين المرشحين للترقية لأن هذا الاجراء شكلى لا يكسبه أى أمل فى الترقية، لأنه غير جدير بأن توكل اليه ادارة اعمال تستلزم كفاية عملية وكفاءة شخصية فضلا عن أنه غير حاصل على مؤهل عال كزميله المطعون فيه السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت الذى وصل بكفاءته وثقة رؤسائة به الى وظيفة وكيل وزارة الاصلاح الزراعى. وبجلسة 7 من يونيو سنة 1961 قضت المحكمة برفض الدعوى وبالزام المدعى بالمصروفات وأشارت فى أسباب حكمها بالنسبة الى الشق الأول من طلبات المدعى الى أنه يتعين الحكم باعتبار الخصومة منتهية والزام الحكومة بالمصروفات الخاصة به لأنها استجابت اليه بعد أن أقام دعواه، وبنت قضاءها برفض الدعوى على أن المدعى، وهو حاصل على دبلوم الفنون والصنايع انما يعد من أصحاب المؤهلات المتوسطة التى قدر لها قانون المعادلات الدراسية وكذا المرسوم الصادر فى 6 من أغسطس سنة 1953 الدرجة السابعة ومن ثم تجرى ترقيته بحسب المعيار الذى نصت عليه المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن يظام موظفى الدولة فى حدود نسبة 40% المقررة للترقية بالاختيار وليس له أن يتمسك بأن له حقا فى معاملته بالنظام القديم الذى عين فى ظله، اذ أن مركز الموظف هو مركز قانونى عام قابل للتغيير والتعديل فى أى وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة ويسرى التنظيم الجديد على الموظف بأثره الحال المباشر من تاريخ العمل به وأن العبرة فى تحديد المركز القانونى للموظف فى هذا الشأن ليست بنوع الكادر الذى ينتمى اليه وانما بنوع المؤهل الذى يحدد مستواه العلمى والفنى أضافت المحكمة أنه لما كان الثابت أن عدد درجات الترقية للدرجة الأولى قد بلغ اثنين فقط فان أعمال نسبة الأربعين فى المائة فى مجال هذه الترقية لا يسفر عن أية درجة يمكن أن تخصص لترقية ذوى المؤهلات المتوسطة، ولذلك انتهت المحكمة الى أن المدعى لا يجوز له أن يتطلع الى الترقية للدرجة الأولى بالقرار المطعون فيه طالما أن نسبة الأربعين فى المائة المقرة فى المادة 41 المشار اليها لا تؤهله لهذه الترقية وذلك دون حاجة لاجراء المفاضلة أو المقارنة بينه وبين المطعون فى ترقيته.
ومن حيث ان طعن المدعى يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد اغفل فى منطوقه الشق الأول من طلباته وهو الخاص بالترقية الى الدرجة الثانية لأن الخصومة قد انتهت فيه باقرار الجهة الادارية ذاتها وأصبح من المتعين الزام هذه الجهة بمصروفاته، أما بالنسبة الى الشق الثانى من الطلبات وهو الذى قضى الحكم المطعون فيه برفضه فان المحكمة الادارية العليا فى حكمها الصادر فى الطعن رقم 928 لسنة 4 القضائية بجلسة 6 من يونيه 1959 سبق أن حسمت النزاع الذى كان قائما حول نوع الكادر الذى ينتمى اليه المدعى فقضت بأن المذكور يعتبر موظفا بالكادر العالى، كما حسمت أيضا الخلاف المتفرع عنه وهو الخاص بالأساس الذى يجب اتباعه فى ترقية المدعى، فقضت باستحقاقه للترقية الى الدرجة الثالثة بالكادر العالى فى نسبة الأقدمية المطلقة، ومن ثم فانه لا يعامل بالمادة 41 من قانون نظام موظفى الدولة كما أن الجهة الادارية وديوان الموظفين قد أمعنا فى تطبيق حكم المحكمة الادارية العليا على نحو يؤكد استبعاد تطبيق المادة 41 المشار اليها فى حقه، حيث انتهيا الى الغاء قرار الترقية الى الدرجة الثانية بالكادر الادارى الصادر فى 23 من مايو سنة 1953 وعلى ذلك فان ترقية المدعى الى الدرجة الأولى تتم على مقتضى حكم المادة 38 من قانون التوظف. وأضاف المدعى أن ترقية السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت قد وقعت مشوبة بعيب اساءة استعمال السلطة لقرابته للسيد المدير العام لمصلحة الأملاك الأميرية، كما أن تخطى المدعى قد وقع بدوره مشوبا بذات العيب، وأن جميع ما ساقته المصلحة فى دفاعها من مبررات للوثوب بالسيد المطعون فى ترقيته الى أعلى الدرجات والوظائف عار من الصحة ذلك أن المدعى كان يشغل وظائف أهم من تلك التى شغلها هذا الأخير، بل أن المدعى كان فى الدرجة السادسة بالكادر العالى فى الوقت الذى كان فيه المذكور موظفا بأجر يومى قدره 300 مليم.
ومن حيث انه بالنسبة الى الوجه الأول من أوجه طعن المدعى، الذى ينعى فيه على الحكم موضوع الطعن أنه لم يشر لا فى أسبابه ولا فى منطوقه الى الشق الأول من طلباته الخاصة بالطعن فى قرار تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثانية الصادر فى 23 من مايو سنة 1953 فانه بالرجوع الى الحكم المطعون فيه بين أنه ولئن كان منطوقه لم يتضمن أية اشارة الى هذا الطلب الا أن المحكمة قد تصدت له فى أسباب حكمها وقضت فيه باعتبار الخصومة منتهية وألزمت الحكومة بالمصروفات الخاصة به وبنت قضاءها على أن الحكومة قد استجابت الى طلب المدعى هذا بعد أن أقام دعواه.
وإذا كان الأصل أن حجية الأمر المقضى تثبت لمنطوق الحكوم دون أسبابه الا أن الأسباب تكون لها هذه الحجية أيضا اذا ارتبطت ارتباطا وثيقا بمنطوقه بحيث لا يقوم المنطوق بغير هذه الأسباب، وعلى ذلك فاذا كانت المحكمة لم تنص فى منطوق حكمها المطعون فيه على اعتبار الخصومة منتهية فى هذا الطلب وقضت فى أسبابه صراحة بذلك بعد أن بحثت الأمر وتأكدت من أن جهة الادارة قد استجابت الى طلب المدعى فان هذه الأسباب تعتبر جزءا متصلا بالمنطوق متمما له وفاصلا فى أمر قضت فيه المحكمة، وتحوز هذه الأسباب ذاتها حجية الأمر المقضى ومن ثم يكون المدعى غير محق فى اعادة طرح موضوع سبق أن فصل فيه الحكم المطعون فيه بما لا يخرج عما يستهدفه من طعنه، ويتعين لذلك رفض هذا الوجه من أوجه الطعن.
ومن حيث انه فيما يتعلق بطلب المدعى الغاء القرار الصادر فى 29 من نوفمبر سنة 1953 بترقية السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت الى الدرجة الأولى فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى هذه الدرجة فان الحكم المطعون فيه قد استند فى رفض هذا الطلب الى أن المدعى سواء عاملته الجهة الادارية على أساس أنه ضمن موظفى الكادر الفنى المتوسط لكونه من أصحاب المؤهلات التوسطة، وسواء اعتبر أنه من موظفى الديوان العام حسبما انتهت الى ذلك المحكمة الادارية العليا للأسباب التى ذكرتها، فانه وهو حاصل على مؤهل متوسط يسرى فى شأنه، عند النظر فى ترقيته من الدرجة الثانية الى الدرجة الأولى القيد الوارد بالمادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والذى يتلخص فى عدم ترقية أصحاب المؤهلات المتوسطة الى أية درجة أعلى الا فى حدود نسبة 40% من النسبة المقررة للترقية بالاختيار الا أنه لما كانت المحكمة قد سبق لها أن قضت لصالح المدعى بالحكم الصادر فى جلسة 6 من يونيه سنة 1959 فى الطعن رقم 928 لسنة 4 القضائية بالغاء القرار الصادر فى 31 من يناير سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثالثة الادارية مع ما يترتب على ذلك من آثار واستندت فى ذلك الى أنه كان يستحق الترقية بحكم أقدميته بين شاغلى الدرجة الرابعة والادارية فى الكادر الادارى ولم تأخذ بدفاع الحكومة من أن المذكور كان فى الكادر الفنى المتوسط فانه لا يجوز العودة الى اثارة موضوع مدى سريان القيد الوارد فى عجز الفقرة الأولى من المادة 41 المشار اليها على حالته ولاسيما أن هذه الفقرة - بحسب نصها - انما هى خاصة بمن يرقون من أعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة من الكادر الفنى المتوسط الى الدرجة التالية لها فى الكادر الفنى العالى وهو ما ليس متحققا فى حالة المدعى.
ومن حيث ان هيئة مفوضى الدولة ترى الغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا حتى يتسنى اعادة عرض الموضوع مرة أخرى على لجنة شئون الموظفين لتجرى المقارنة بين المدعى وبين المطعون فى ترقيته لأن اغفال اسم المدعى بين المرشحين للترقية الى الدرجة الأولى كان مرجعه الى أن مركزه القانونى فى كل من الدرجتين الثالثة والثانية لم يكن قد تكشف واستقر بصفة نهائية الا بعد حكم المحكمة الادارية العليا الصادر فى 6 من يونيه سنة 1959.
ومن حيث انه لا وجه لالغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا لمجرد أن اسم المدعى لم يكن قد عرض على لجنة شئون الموظفين عند النظر فى الترقية الى الدرجة الأولى وقت أن كانت أقدميته فى الدرجتين الثالثة والثانية لا تسمح بعرض حالته على هذه اللجنة لأنه اذا ما انتهى النزاع حول وضعه فى الدرجتين المذكورتين فان فرصة الترشيح التى كانت قد فاتته وقت اصدار القرار المطعون فيه يمكن تداركها بمفاضلة مجددة بحيث يتحدد مصير القرار فى ضوء النتيجة التى تسفر عنها المقارنة بينه وبين المرقى فى هذا القرار، ومع وزن مشروعية القرار المذكور وتقدير مآله ابقاء أو الغاء على هدى ذلك، ومن أجل هذا طلبت المحكمة الى الجهة الادارية - أثناء نظر الطعن - عرض اسم المدعى على لجنة شئون الموظفين المختصة لابداء رأيها فى مدى استحقاقه للترقية الى الدرجة الأولى بالاختيار بافتراض أنه كان وقتذاك متزاحما مع باقى المرشحين للترقية بموجب القرار المطعون فيه وبعرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة للاصلاح الزراعى بجلستها المنعقدة فى 24 من ديسمبر سنة 1966 قررت "اقرار ما سبق أن تم فى هذا الموضوع من تخطى المدعى فى الترقية" وبذلك تكون الجهة الادارية صاحبة الاختصاص قد أيدت قرارها المطعون فيه، ورفضت الاقرار بأحقية المدعى فى الترقية بالاختيار للكفاية الى الدرجة الأولى بعد اعمال المفاضلة بينه وبين باقى المرشحين للترقية بالقرار المذكور.
ومن حيث إن المدعى ينعى على القرار المطعون فيه صدوره مشوبا بعيب اساءة استعماله السلطة لقرابة السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت المطعون فى ترقيته للسيد المدير العام لمصلحة الأملاك الأميرية، ويضيف أن تخطيه فى الترقية الى هذه الدرجة قد وقع بدوره مشوبا بذات العيب ذلك أنه كان يشغل وظائف أهم من تلك التى كان يشغلها المطعون فى ترقيته وأنه كان أسبق منه فى ترتيب أقدمية الدرجة الثانية.
ومن حيث ان الترقية من الدرجة الثانية الى الأولى ومن الأولى الى ما يعلوها تتم كلها بالاختيار للكفاية وذلك بالتطبيق لنص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن ترقية الموظف بالاختيار للكفاية ليست حقا مكتسبا له بل تقديرها منوط بالجهة الادارية، تترخص فيه وفقا لما تمليه المصلحة العامة فى حدود القوانين والتعليمات وأن تقدير الكفاية ومدى الصلاحية للوظيفة أو الدرجة التى سيرقى اليها الموظف أمر متروك لسلطة الادارة، تباشره بحسب ما تلمسه فيه من الصفات والمزايا وما تأنسه فيه من كفاية، وما يتجمع لديها عن ماضيه من عناصر تساعد على الحكم ذلك وتجعلها تطمئن الى حسن اختيارها له، وتقدير الادارة فى هذا الشأن له اعتباره وهى تستقل به دون معقب عليها اذا ما خلا من الانحراف ولم يقترن بأى وجه من وجوه اساءة استعمال السلطة.
ومن حيث انه بالاطلاع على ملف خدمة السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت المطعون فى ترقيته يبين أنه منذ التحاقه بالخدمة وهو يبدى دواما من الكفاية الممتازة فى العمل ما استوجب التنويه به مرارا من جميع رؤسائه وترشيحه للأعمال الهامة وللاضطلاع بأعباء الوظائف الرئيسية ذات المسئولية وقد نهض بها جميعها فى جدارة وحسن استعداد ونجمع فيه من أسباب الصلاحية ما لم يقف به عند حد الدرجة الأولى بل جعله ينطلق الى أعلى الوظائف حتى وصل الى درجة وكيل وزارة فقد تضمن محضر لجنة شئون موظفى مصلحة الأملاك الأميرية جلسة 14 من نوفمبر سنة 1953 الذى صدر على أساسه القرار المطعون فيه، أنه "على درجة كبيرة من الكفاية والاخلاص والتفانى فى العمل، ولذلك رأت ترشيحه لشغل وظيفة الوكيل الثانى للمدير العام مع ترقيته الى الدرجة الأولى المخصصة لها"، وفى 10 من أغسطس سنة 1955 صدر قرار مجلس الوزراء بترقيته الى درجة مدير عام المصلحة بدرجة مدير عام "ب" واعتبارا من 31 من أغسطس سنة 1955 أعير لوظيفة المدير العام للهيئة التنفيذية للاصلاح الزراعى بدرجة وكيل وزارة، وقد جاء فى المذكرة المرفوعة الى السيد رئيس الجمهورية فى هذا الشأن "أن المهندس الزراعى محمد عبد الوهاب على عزت يشغل وظيفة المدير العام للاصلاح الزراعى منذ 7 من أكتوبر سنة 1953.... وقد اضطلع بأعباء ومسئوليات وظيفته بخبرة وكفاية ونشاط، هذا فضلا عما ألقى على عاتقة أخيرا من تولى شئون الحراسة على الأراضى والشركات الزراعية الخاصة برعايا الأعداء... وقد اختير لخبرته وكفايته للاشراف على تنفيذ قانون الاصلاح الزراعى منذ نشأته فى أكتوبر سنة 1952... وأن سيادته ممتاز فى عمله وكفايته وعلى جانب كبير من الاستقامة وحسن الخلق وقائم بأعمال وظيفته على الوجه الأكمل "وفى عام 1957 عهد الى سيادته بالإشراف على الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى وعلى مديرية التحرير، وفى عام 1959 أضيف اليه أيضا الإشراف على الهيئة العامة للاصلاح الزراعى والجمعية التعاونية للاصلاح الزراعى والهيئة المصرية الأمريكية لاصلاح الريف وفى 25 من أكتوبر سنة 1959 صدر قرار جمهورى بتعيينه وكيلا لوزارة الاصلاح الزراعى، وفى 13 من نوفمبر سنة 1962 أوفد للعمل بمنطقة الأغذية والزراعة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رئيسا للخبراء المكلفين بدراسة برنامج تعمير الأراضى بالمملكة الليبية المتحدة وقد ورد فى المذكرة المرفوعة الى السيد رئيس الجمهورية فى 20 من سبتمبر سنة 1965 بطلب الموافقة على مد اعارة سيادته لهذه المنظمة أن المنظمة عادت فطلبت مد اعارته حتى نهاية سنة 1966 "وذلك نظرا لما أسهم به فى مشروع تعمير الأراضى واستيطان القبائل البدوية الذى يشرف عليه حتى أصبح أضخم مشروع فى برامج التنمية الزراعية فى الدولة الليبية ونظرا لخبرته الواسعة وقدراته الشخصية التى مكنته أثناء عمله مع هيئة الأغذية والزراعة من انشاء علاقات طبية فى مجال العمل مع الحكومة الليبية وأكسبته ثقة كبار المسئولين فيها ويسرت له تقديم المساعدة للحكومة الليبية فى انشاء المؤسسة الوطنية للاستيطان الزراعي.." وقد صدر فى 14 من أكتوبر سنة 1965 القرار الجمهورى بمد اعارته.
ومن حيث انه بالاطلاع على ملف خدمة المدعى يبين صحة ما ذهبت اليه لجنة شئون الموظفين من أنه دون السيد/ محمد عبد الوهاب على عزت المطعون فى ترقيته من حيث مستوى الامتياز ومن ثم فلا وجه لما ينعاه على القرار المطعون فيه من أنه مشوب باساءة استعمال السلطة بمقولة أن الادارة قد وثبت بالسيد محمد عبد الوهاب على عزت الى الدرجة الأولى لقرابته لرئيس المصلحة (السيد/ السعيد محمد السبع مدير عام المصلحة)، اذ فضلا عن أن المدعى لم يقدم أى دليل على قيام صلة القرابة المذكورة ودرجتها فان السيد/ السبع الذى يشير المدعى الى قرابته للسيد المطعون فى ترقيته لم يكن رئيسا أو عضوا بلجنة شئون الموظفين التى نظرت حركة لترقية المطعون فيها كما أن الثابت أيه وقت إجراء هذه الترقية كان المدعى لا يزال فى الدرجة الرابعة ولذلك لم يكن ثمة محل أو مجال للمقارنة بين الاثنين فى هذا الشأن حتى يقال ان الادارة قد فضلت السيد المطعون فى ترقيته على المدعى محاباة له، هذا الى أن لجنة شئون الموظفين بحكم تكوينها وتشكيلها من كبار موظفى المصلحة أبعد ما تكون عن الهوى والغرض لتحقيق مصلحة شخصية بمحاباة شخص على حساب آخر هذا كله فى الوقت الذى يشيد فيه ملف خدمة السيد المطعون فى ترقيته بكفايته وقد رقى بعد ذلك الى درجة مدير عام ثم وكيل وزارة ثم أعير للاستعانة به فى المجال الخارجى وكان ذلك كله يتم بقرارات جمهورية وهو ما ينتفى معه قيام أية شبهة فى كفايته الأمر الذى ينأى بالقرار المطعون فيه عن الاتسام بعيب اساءة استعمال السلطة ما دام الهدف من صدوره كان تحقيق المصلحة العامة.
ومن حيث انه متى تبين ما تقدم فان الدعوى والطعن يكون كلاهما غير قائم على أساس سليم من الواقع والقانون ومن ثم فان الحكم المطعون فيه اذ انتهى الى رفض الدعوى فى هذا الطلب يكون قد أصاب الحق فى قضائه ويكون الطعن فيه لا سند له من القانون حقيقا بالرفض مع الزام المدعى بالمصروفات..

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت المدعى بالمصروفات.