مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 935

(100)
جلسة 16 من ابريل سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر المستشارين.

القضية رقم 817 لسنة 8 القضائية

( أ ) - دعوى. "تكييفها". موظف "اعانة غلاء المعيشة". "معاش". دعوى المطالبة باستحقاق اعانة غلاء المعيشة على المعاش - من دعاوى التسوية - لا تتقيد بمواعيد معينة فى رفعها.
(ب) - موظف. "معاش. المنازعة فيه". موظف. "اعانة غلاء المعيشة". النص فى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على عدم قبول دعوى المنازعة فى المعاش بعد مضى المدة التى حددها - لا يسرى حكمه على اعانة غلاء المعيشة المستحقة على المعاش.
(جـ) - موظف "معاش". موظف. "اعانة غلاء المعيشة". "فصل بغير الطريق التأديبى".
المعاش المقرر بالاستناد الى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 - ليس معاشا استثنائيا - هو معاش قانونى يستحق المدعى اعانة غلاء معيشة عليه.
1 - ان المدعى أقام دعواه طالبا الحكم باستحقاقه لاعانة غلاء المعيشة على معاشه ومن ثم فان الدعوى على هذه الصورة تعتبر من قبيل دعاوى المنازعات المتعلقة بالمرتبات وما فى حكمها وبالتالى تعتبر من دعاوى التسوية التى لا تتقيد بمواعيد معينة فى رفعها، طالما أن الحق موضوع الدعوى لم تنقض عليه مدة التقادم المسقط له.
2 - ان المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 اذ نص فى المادة السادسة منه على عدم قبول دعوى المنازعة فى المعاش بعد مضى المدة التى حددها والتى عدلت فيما بعد الى اثنى عشر شهرا - لا يسرى حكمه سوى على المبالغ المستحقة كمعاش والتى يكون أساسها القواعد الصادر بها هذا القانون أما اعانة غلاء المعيشة فتحكمها قرارات مجلس الوزراء الصادر فى شأن اعانة غلاء لمعيشة، وليس فى هذه القرارات نص مماثل لحكم المادة السادسة المشار اليها ومن ثم يظل باب المنازعة فيها مفتوحاً.
3 - ان المعاش الذى قرر بالاستناد الى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 الذى فصل المدعى من الخدمة بالتطبيق لأحكامه - هو معاش قانونى، ذلك لأن الموظف المفصول بغير الطريق التأديبى بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون سالف الذكر تنقطع صلته بالحكومة من يوم صدور القرار القاضى بفصله ولما كان هذا الفصل ليس عقوبة تأديبية فى ذاتها فان الموظف المفصول لا يحرم من حقه فى المعاش أو المكافأة وانما رأى المشرع أن يمنحه تعويضا جزافيا عن فصله وهذا التعويض ينحصر فى بعض المزايا المالية التى تقوم على ضم المدة الباقية لبلوغه سن الاحالة الى المعاش الى مدة خدمته بشرط الا تجاوز سنتين وعلى صرف الفروق بين مرتبه وتوابعه وبين معاشه عن هذه المدة غير أن هذا الفرق لا يصرف مقدما دفعة واحدة بل مجزءا على أقساط شهرية فان لم يكن الموظف مستحقا لمعاش منح ما يعادل مرتبه عن المدة المضافة على أقساط شهرية أيضا وذلك على سبيل التعويض عن هذا الفصل المفاجئ. ولما كان من عناصر التعويض اعانة غلاء المعيشة طبقا للمعيار الذى قدر الشارع التعويض على أساسه فانها تأخذ حكمه وغنى عن البيان أن القواعد التى تضمنها المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 تعتبر تعديلا لأحكام قوانين المعاشات فقد نصت المادة الرابعة من هذا المرسوم بقانونه على أنه "استثناء من أحكام المادتين السابقتين تتبع فى شأن الموظفين الآتى ذكرهم الأحكام المبينة فيما يلي:
أ - يفصل رجال القوات المسلحة بعد موافقة لجنة يصدر بتشكيلها قرار القائد العام للقوات المسلحة.
ب - يفصل رجال قوات البوليس المدنية والنظامية بعد موافقة لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الداخلية وتكون تسوية حالة هؤلاء جميعا وفقا للقواعد التى يقررها مجلس الوزراء "ومن ثم فان القواعد التى يضعها مجلس الاوزراء طبقا لهذه الأحكام فى شأن المعاشات المستحقة لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة تكون قد صدرت طبقا للتفويض المخول له" بالمادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 ولا يعتبر المعاش المقرر بمقتضاها معاشا استثنائيا ولو تضمنت أحكاما تختلف عن القواعد المستمدة من قوانين المعاشات ذلك لأنها لم تصدر بالاستناد الى قوانين المعاشات بل بناء على التفويض المشار اليه. وبما أنه لا نزاع بين الطرفين فى أن معاش المدعى قد قرر له أثر فصله طبقا للمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 ووفقا للقواعد التى اصدرها مجلس الوزراء استنادا الى هذا المرسوم بقانون وتنفيذا لأحكامه وبذلك لا يكون هذا المعاش حسبما انتهت اليه المحكمة - معاشا استثنائيا وانما هو معاش قانونى وبهذه المثابة يستحق المدعى اعانة غلاء المعيشة عليه طبقا للنسب والفئات المقررة قانونا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث انه يبين من الاوراق ان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 25 من ديسمبر سنة 1961 وان الطاعن تقدم الى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الادارية العليا بطلب اعفائه من الرسوم القضائية المستحقة على هذا الطعن فى 28 من يناير سنة 1962 أى فى خلال الميعاد المقررة قانونا وقد صدر قرار اللجنة فى طلب المساعدة القضائية رقم 91 لسنة 8 القضائية باعفائه من هذه الرسوم بجلسة 17 من فبراير سنة 1962 فتقدم بطعنه هذا الى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا خلال الستين يوما المقررة للطعن فى الأحكام بايداع تقريره فى 3 من مارس سنة 1962 ومن ثم يعتبر الطعن مقبولا شكلا وفقا لما جرى عليه قضاء المحكمة فى شأن أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد رفع الطعن أمامها.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبن من الأوراق - تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 1015 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الخزانة بصحيفة اودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 4 من مايو 1960 طلب فيها الحكم "باستحقاق اعانة غلاء معيشة على معاشة بالكامل وصرف الفروق المالية عن المدة الماضية بأكملها وما يترتب على ذلك من آثار مع عدم خصم اية ضرائب متعلقة بعلاوة الغلاء فى تسوية هذا المعاش، مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحا لدعواه انه كان يعمل ضابطا بالسواحل التابعة لوزارة الحربية وفصل من الخدمة فى 25 من سبتمبر سنة 1952 باحالته الى المعاش على رتبة الصاغ طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 - بشأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبى وقد سوى معاشه على أساس رتبة الصاغ الذى قضى فى الخدمة المدة الكامة ولكن ادارة المعاشات لم تحسب له اعانة غلاء المعيشة بمقولة ان المعاش المذكور هو معاش استثنائى لا يستحق عنه اعانة غلاء معيشة فى حين ان المعاش الذى تقرر لرجال القوات المسلحة هو معاش قانونى قضت به قرارات مجلس الوزراء المستندة الى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 ومن ثم لا يعتبر من قبيل المعاشات الاستثنائية.
وقد أجابت الجهة الادارية عن الدعوى بأن المدعى تقل مدة خدمته عن خميس عشرة سنة ولا يستحق معاشا طبقا للقانون رقم 37 لسنة 1929 عن هذه المدة بل يستحق مكافأة عنها. وقد منح معاشا قدره 28 جنيها و875 مليما بصفة استثنائية طبقا للقواعد التى وضعها مجلس الوزراء فى 23 من نوفمبر سنة 1952 ولم يتقرر له عن هذا المعاش اعانة غلاء معيشة تطبيقا لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 11 من يوليو سنة 1944 التى نصت على أن من رتب له معاش استثنائى لا تصرف له اعانة غلاء معيشة اطلاقا وقد دفعت الوزارة بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد استنادا الى أن القرار الصادر بمنح المدعى معاشا ستثنائيا قد أصبح يهائيا بل اقامته لدعواه.
وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1961 قضت محكمة القضاء الادارى برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المدعى لا يستحق أصلا معاشا قانونيا وأن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من سبتمبر سنة 1952 وقد ترتب عليه انشاء معاش استثنائى له ولم يتعرض لموضوع اعانة غلاء المعيشة ومن ثم تظل هذه الاعانة محكومة بالقواعد المقررة فى شأنها، وهى قواعد صريحة فى أنها لا تسمح بصرف اعانة غلاء المعيشة عن المعاشات التى تتقرر بالمغايرة لأحكام قوانين المعاشات.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون اذ قضى باعتبار المعاش الذى تقرر للمدعى معاشا استثنائيا مع أنه معاش قانونى حصل عليه طبقا للمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952.
أ - عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث ان وزارة الخزانة دفعت بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد تأسيسا على أن القرار الصادر بمنح المدعى معاشا استثنائيا قد أصبح نهائيا اذ أن المذكور أحيل الى المعاش فى 25 من سبتمبر سنة 1952 ومنح معاشه طبقا للقواعد التى وضعها مجلس الوزراء بمقتضى قراره الصادر فى 23 من نوفمبر سنة 1952 وقد صدر الاذن وسركى المعاش فى 20 من يناير سنة 1953، ومع ذلك لم يقم المدعى دعواه الا فى 4 مايو سنة 1960 كما استندت الوزارة فى مذكرتها المقدمة لهذه المحكمة الى ان المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1925 الخاص بالمعاشات الملكية تنص على عدم قبول دعوى المنازعة فى المعاش بعد مضى ستة أشهر من تاريخ تسليم السركى المبين به مقدار المعاش الى صاحب الشأن.
ومن حيث ان المدعى أقام دعواه طالبا الحكم باستحقاقه لاعانة غلاء المعيشة على معاشه، ومن ثم فان الدعوى على هذه الصورة تعتبر من قبيل دعاوى المنازعات المتعلقة بالمرتبات وما فى حكمها وبالتالى تعتبر من دعاوى التسوية التى لا تتقيد بمواعيد معينة فى رفضها، طالما أن الحق موضوع الدعوى لم تنقض عليه مدة التقادم المسقط له.
ومن حيث ان المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 اذ نص فى المادة السادسة منه على عدم قبول دعوى المنازعة فى المعاش بعد مضى المدة التى حددها والتى عدلت فيما بعد الى اثنى عشر شهرا - لا يسرى حكمه سوى على المبالغ المستحقة كمعاش والتى يكون أساسها القواعد الصادر بها هذا القانون أما اعانة غلاء المعيشة فتحكمها قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى شأن اعانة غلاء المعيشة، وليس فى هذه القرارات نص مماثل لحكم المادة السادسة المشار اليها ومن ثم يظل باب المنازعة فيها مفتوحا ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد غير قائم على أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض.
ب - عن الموضوع:
من حيث ان قضاء هذه المحكمة (دائرة فحص الطعون) قد جرى على ان المعاش الذى قرر بالاستناد الى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 الذى فصل المدعى من الخدمة بالتطبيق لأحكامه - هو معاش قانونى، ذلك لأن الموظف المفصول بغير الطريق التأديبى بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون سالف الذكر تنقطع صلته بالحكومة من يوم صدور القرار القاضى بفصله ولما كان هذا الفصل ليس عقوبة تأديبية فى ذاتها فان الموظف المفصول لا يحرم من حقه فى المعاش أو المكافأة وانما رأى المشرع أن يمنحه تعويضا جزافيا عن فصله وهذا التعويض ينحصر فى بعض المزايا المالية التى تقوم على ضم المدة الباقية لبلوغه سن الاحالة الى المعاش الى مدة خدمته بشرط لا تجاوز سنتين وعلى صرف الفرق بين مرتبه وتوابعه وبين معاشه عن هذه المدة غير أن هذا الفرق لا يصرف مقدما دفعة واحدة بل مجزءا على أقساط شهرية فان لم يكن الموظف مستحقا لمعاش منح ما يعادل مرتبه عن المدة المضافة على أقساط شهرية أيضا، وذلك على سبيل التعويض عن هذا الفصل المفاجئ. ولما كان من عناصر التعويض اعانة غلاء المعيشة طبقا للمعيار الذى قدر الشارع التعويض على أساسه فانها تأخذ حكمه وغنى عن البيان أن القواعد التى تضمنها المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 تعتبر تعديلا لأحكام قوانين المعاشات فقد نصت المادة الرابعة من هذا المرسوم بقانون على انه "استثناء من أحكام المادتين السابقتين تتبع فى شأن الموظفين الآتى ذكرهم الأحكام المبينة فيما يلى:
أ - يفصل رجال القوات المسلحة بعد موافقة لجنة يصدر بتشكيلها قرار القائد العام للقوات المسلحة.
ب - يفصل رجال قوات البوليس المدنية والنظامية بعد موافقة لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الداخلية وتكون تسوية حالة هؤلاء جميعا وفقا للقواعد التى يقررها مجلس الوزراء "ومن ثم فان القواعد التى يضعها مجلس الوزراء طبقا لهذه الأحكام فى شأن المعاشات المستحقة لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة تكون قد صدرت طبقا للتفويض المخول له بالمادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 ولا يعتبر المعاش المقرر بمقتضاها معاشا استثنائيا ولو تضمنت أحكاما تختلف عن القواعد المستمدة من قوانين المعاشات ذلك لأنها لم تصدر بالاستناد الى قوانين المعاشات بل بناء على التفويض المشار اليه.
ومن حيث انه لا نزاع بين الطرفين فى أن معاش المدعى قد قرر له اثر فصله طبقا للمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 ووفقا للقواعد التى أصدرها مجلس الوزراء استنادا الى هذا المرسوم بقانون وتنفيذا لأحكامه وبذلك لا يكون هذا المعاش، حسبما انتهت اليه المحكمة - معاشا استثنائيا وانما هو معاش قانونى وبهذه المثابة يستحق المدعى اعانة غلاء المعيشة عليه طبقا للنسب والفئات المقررة قانونا على أن يقتصر صرفها على ما لم يلحقه التقادم الخمسى أى على ما استحق منها عن السنوات الخمس السابقة على المطالبة القضائية التى تمت بايداع عريضة دعواه قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 4 من مايو سنة 1960 واذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فانه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بالغائه وباستحقاق المدعى اعانة غلاء المعيشة على معاشه، وما يترتب على ذلك من آثار، على الوجه المتقدم، مع الزام الحكومة بالمصروفات.

"فهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وباستحقاق المدعى اعانة غلاء المعيشة على معاشه وما يترتب على ذلك من فروق مالية على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت الحكومة بالمصروفات.