مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 966

(104)
جلسة 30 من أبريل سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد على البحراوى وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 1030 لسنة 7 القضائية

( أ ) - عامل. "ترقية بالاختيار".
عدم خضوع العمال لنظام تقارير الكفاية والتى يمكن أن تتخذ أساسا للاختيار - لا مناص من ترك أمر اختيار المرقين منهم لتقرير جهة الادارة بلا معقب عليها من القضاء ما لم يقم الدليل على أنها انحرفت فى استعمال السلطة.
(ب) - دعوى الالغاء. "تنفيذ الحكم الصادر فيها". موظف - ترقية.
الحكم بالغاء قرار الترقية - الالغاء الكامل والجزئى - كيفية تنفيذ الحكم بالغاء القرار فيما تضمنه من ترك صاحب الترقية.
1 - ان ما ذهبت اليه الوزارة دفاعا عن تخطى المدعى فى الترقية بالقرار المطعون فيه، فى نسبة الترقية بالاختيار، ومن أن اختيار المرقين متروك لتقديرها دون معقب طالما لم يقم الدليل على أنها أساءت استعمال سلطتها فى الاختيار يؤيده أن العمال لا يخضعون لنظام تقارير الكفاية التى تحدد مدى كفاية كل منهم والتى يمكن أن تتخذ أساسا للاختيار، ومن ثم فلا مناص من ترك أمر اختيار المرقين من هؤلاء العمال لتقدير جهة الادارة، تباشره فى حدود مصلحة العمل والمصلحة العامة دون تعقيب من القضاء على اختيارها ما لم يقم الدليل على أنها انحرفت فى استعمال سلطتها فى الاختيار.
2 - أن الحكم بالغاء قرار الترقية، قد يكون شاملا جميع أجزائه، وهذا هو الالغاء الكامل وبذلك يعتبر القرار كله كأن لم يكن وتمحى آثاره من وقت صدوره بالنسبة الى جميع المرقين، وقد يكون جزئيا، منصبا على خصوص معين، فيتحدد مداه بهذا الخصوص على مقتضى ما استهدفه حكم الالغاء، فاذا كان قد انبنى على أن أحدا قد تخطى ممن كان دور الأقدمية يجعله محقا فى الترقية قبل غيره ممن يليه، ثم ألغى القرار فيما تضمنه من ترك صاحب الدور فى هذه الترقية فيكون المدى قد تحدد على أساس الغاء ترقية التالى فى ترتيب الأقدمية، أو بالأحرى آخر المرقين فى القرار ما دام مناط الترقية هو الدور فى ترتيب الأقدمية ووجوب أن يصدر قرار بترقية من تخطى فى دوره، وبأن ترجع أقدميته فى هذه الترقية الى التاريخ المعين لذلك، فى القرار الذى ألغى جزئيا على هذا النحو، أما من ألغيت ترقيته فيعتبر وكأنه لم يرق فى القرار الملغى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 165 لسنة 6 القضائية ضد وزارة الأشغال العمومية، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارتى الأشغال والحربية فى 5 من فبراير سنة 1959، بناء على قرار صادر من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بجلسة 9 من ديسمبر سنة 1958 فى طلب الاعفاء رقم 326 م لسنة 6 القضائية المقدم منه فى 22 من مايو سنة 1958 ضد وزارة الأشغال العمومية وطلب فى عريضة الدعوى "الحكم بالغاء القرار الصادر من مدير عام مصلحة المساحة بتاريخ 22 من مارس سنة 1958 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى درجة صانع ممتاز وما يترتب على ذلك من آثار والزامه بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بيانا لدعواه ان السيد مدير عام مصلحة المساحة أصدر فى 22 من مارس سنة 1958 قرارا تضمن ترقية عشرة من زملائه فى درجة صانع دقيق ممتاز الى درجة صانع ممتاز، ثمانية منهم فى نسبة الأقدمية واثنين فى نسبة الاختيار، ولما كان ترتبيه الثالث فى درجة صانع دقيق ممتاز، فانه يكون قد تخطى فى الترقية فى نسبتى الأقدمية والاختيار ولذا فقد تظلم من تخطيه فى البرقية ثم أقام هذه الدعوى وقد أجابت مصلحة المساحة عن الدعوى، بأن المدعى هو العاشر فى ترتيب الأقدمية فى درجة صانع دقيق ممتاز وليس الثالث كما ذكر، وأن أقدمية العمال شاغلى هذه الدرجة كانت وقت صدور القرار المطعون فيه كالآتى:
1 - مرسى مصطفى أبو العز - 2 - ابراهيم أحمد جمعة - 3 - مصباح عطية فرج - 4 عبد الهادى محمد رمضان - 5 - حبيب محمد ابراهيم السيسى - 6 - عبد الفتاح محمد رمضان - 7 - مصطفى كمال - 8 - رضا على ابراهيم صبح - 9 - ابراهيم عيسى مبروك - 10 - عيسى أحمد عيسى (المدعى) - 11 - فؤاد محمد فريد، وقد تخطى من هؤلاء العمال بالقرار المطعون فيه خامسهم وسابعهم وعاشرهم فطعن الخامس فى هذا القرار وحصل على حكم نهائى بالغائه فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية، ومقتضى تنفيذ هذا الحكم أن تقف الترقيات المطعون فيها عند التاسع ولا يكون المدعى بذلك قد تخطى فى نسبة الأقدمية، وأضافت المصلحة أن عاملين آخرين تاليين للمدعى فى ترتيب أقدمية درجة دقيق ممتاز قد رقيا بالقرار المطعون فيه الى درجة ممتاز فى نسبة الاختيار وهما السيدان حسنين رزق عطية ويونس محمد الحوفى، كما أوضحت المصلحة المذكورة، أن المدعى تظلم من تخطيه فى الترقية فى 19 من مايو سنة 1958، وأنه رقى الى درجة صانع "ممتاز" فى 27 من يناير سنة 1959 وفى جلسة 30 من يناير سنة 1961 قضت المحكمة "بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع، بالغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى درجة صانع ممتاز، اعتبارا من 20 من مارس سنة 1958، وما يترتب على ذلك من آثار، وفروق مالية، وألزمت الحكومة بالمصروفات، وأن تدفع للمدعى مبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة." وأقامت قضاءها، على أن المدعى قد تخطى فى الترقية فى نسبتى الأقدمية والاختيار وأنه لم يظهر من ملفات الخدمة أن أيا ممن تخطوه فى الترقية يسبقه فى الأقدمية أو يفضله كفاية، ومن ثم فما كان يجوز تخطيه فى الترقية سواء بالأقدمية أو بالاختيار.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الترقية بالاختيار تعتمد على المفاضلة على أساس درجات الكفاية بين المرشحين للترقية وأن الأمر فى ذلك متروك للجهة الادارية، تقدره حسبما تعرفه عما يتحلى به العاملون بها من مزايا وصفات، وما يتجمع لديها من عناصر تطمئن منها الى ترجيح كفة عامل على آخر وبعض هذه العناصر قد يغيب عن ملفات الخدمة ولكنه لا يغيب عن المختصين باجراء الترقية، ومن ثم فلا معقب على قرارات الجهة الادارية فى هذا الخصوص ما دامت مبرأة من عيب الانحراف بالسلطة، أما بالنسبة الى الترقية بالأقدمية، فيقوم الطعن، على أن الدور لم يلحق المدعى بوصفه العاشر فى ترتيب الأقدمية، اذ وقفت الترقية عند التاسع فى ترتيب هذه الأقدمية بعد أن ألغيت ترقية السيد/ فؤاد محمد فريد - الحادى عشر فى ترتيب الأقدمية ليرقى على درجته السيد/ حبيب محمد ابراهيم السيسى تنفيذا للحكم الصادر لصالحه.
ومن حيث:
ان ما ذهبت اليه الوزارة دفاعا عن تخطى المدعى فى الترقية بالقرار المطعون فيه، فى نسبة الترقية بالاختيار، من أن اختيار المرقين متروك لتقديرها دون معقب، طالما لم يقم الدليل على أنها أساءت استعمال سلطتها فى الاختيار يؤيده أن العمال لا يخضعون لنظام تقارير الكفاية التى تحدد مدى كفاية كل منهم والتى يمكن أن تتخذ أساسا للاختيار، ومن ثم فلا مناص من ترك أمر اختيار المرقين من هؤلاء العمال لتقدير جهة الادارة، تباشره فى حدود مصلحة العمل والمصلحة العامة دون تعقيب من القضاء على اختيارها ما لم يقم الدليل على أنها انحرفت فى استعمال سلطتها فى الاختيار.
ومن حيث ان الترقية فى نسبة الأقدمية بالقرار المطعون فيه، قد تمت الى ثمانى درجات من درجات الصناع الممتازين، على حسب الأقدمية فى درجة صانع دقيق ممتاز مع تخطى الخامس (السيد/ حبيب محمد ابراهيم السيسي) والسابع والعاشر (المدعى) وكان آخر المرقين فى هذه النسبة، الحادى عشر (السيد/ فؤاد محمد فريد) وقد ذكرت الوزارة، أن الخامس الذى تخطى فى الترقية قد حصل على حكم نهائى بالغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية، وترتب على تنفيذ هذا الحكم، الغاء ترقية الحادى عشر - آخر من رقى بالأقدمية - فوقفت الترقية عند التاسع فى الترتيب، وبذلك استنفذت درجات الترقية بالأقدمية، ولم يتخط المدعى فى الترقية اذ لم يدركه الدور.
ومن حيث انه يبين من الاطاع على صورة الحكم الصادر لصالح السيد/ حبيب محمد ابراهيم السيسى - المقدمة من الوزارة المدعى عليها - أن هذا الحكم صادر فى الدعوى رقم 312 لسنة 5 القضائية التى أقامها المذكور ضد الوزارة، أمام المحكمة الادارية لوزارتى الأشغال والحربية، طاعنا فى القرار المطعون فيه بطلب الغائه، وبجلسة أول أغسطس سنة 1960، قضت المحكمة المشار اليها "بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بارجاع أقدمية المدعى فى درجة صانع ممتاز، الى 20 من مارس سنة 1958، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية من ذلك التاريخ، والزمت الحكومة بالمصروفات، ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها بارجاع أقدمية المدعى الى تاريخ العمل بالقرار المطعون فيه الذى انتهت الى وجوب الغائه، على أن جهة الادارة قد قامت بترقية المذكور الى درجة صانع ممتاز اعتبارا من 27 من يناير سنة 1959.
ومن حيث ان الحكم بالغاء قرار الترقية، قد يكون شاملا جميع أجزائه، وهذا هو الالغاء الكامل، وبذلك يعتبر القرار كله كأن لم يكن وتمحى آثاره من وقت صدوره بالنسبة الى جميع المرقين، وقد يكون جزئيا، منصبا على خصوص معين، فيتحدد مداه بهذا الخصوص على مقتضى ما استهدفه حكم الالغاء، فاذا كان قد انبنى على أن أحدا قد تخطى ممن كان دور الأقدمية يجعله محقا فى الترقية قبل غيره ممن يليه، ثم ألغى القرار فيما تضمنه من ترك صاحب الدور فى هذه الترقية، فيكون المدى قد تحدد على أساس الغاء ترقية التالى فى ترتيب الأقدمية، أو بالأخرى المرقين فى القرار ما دام مناط الترقية هو الدور فى ترتيب الأقدمية، ووجوب أن يصدر قرار بترقية من تخطى فى دوره، وبأن ترجع أقدميته فى هذه الترقية الى التاريخ المعين لذلك، فى القرار الذى ألغى جزئيا على هذا النحو، أما من ألغيت ترقيته فيعتبر، وكأنه لم يرق فى القرار الملغى.
ولما كان الحكم الصادر لصالح السيد/ حبيب محمد ابراهيم السيسى، قد تضمن قضاء بالغاء القرار المطعون فيه جزئيا، فان تنفيذه يقتضى اصدار قرار بارجاع أقدميته فى درجة صانع ممتاز الى 20 من مارس سنة 1958 وفى الوقت ذاته تعتبر ترقية آخر من تخطاه فى نسبة الترقية بالأقدمية وهو السيد / فؤاد محمد فريد، ملغاة.
ومن حيث انه وان كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة السيد/ فؤاد محمد فريد، أن ترقيته الى درجة صانع ممتاز لم تلغ، وقد أيد ذلك مندوب مصلحة المساحة - ووكيل ادارة شئون الأفراد بها - حسبما هو ثابت من أقواله بمحضر جلسة 26 من مارس سنة 1967، الا أن مقتضى التنفيذ الصحيح للحكم النهائى الصادر لصالح السيد/ حبيب محمد ابراهيم السيسى، كما سلف البيان أن تلغى ترقية السيد/ فؤاد محمد فريد المطعون فيها بوصفه آخر المرقين فى الترتيب فى القرار المطعون فيه، ما دام السيد/ حبيب محمد ابراهيم السيسى المحكوم لصالحه قد اعتبر بارجاع أقدميته الى تاريخ القرار المذكور مرقى بموجب هذا القرار على احدى الدرجات الثمانى المخصصة للترقية بالأقدمية والتى لم يكن موجودا سوها وقتذاك بما لا يسمح بالابقاء على ترقية السيد/ فؤاد محمد فريد حتى لا يزيد عدد المرقين على عدد الدرجات الشاغرة المرقى اليها. ومهما يكن من أمر فى شأن موقف الجهة الادارية من تنفيذ هذا الحكم، فان الذى لا مرية فيه أن القرار موضوع الطعن الراهن قد استنفذت درجاته، بترقية ثمانية من زملاء المدعى السابقين عليه فى ترتيب الأقدمية، وبالتالى لم يعد هناك محل لاعادة الغاء هذا القرار بعد اذ انتهى الأمر - من الناحية القانونية - الى وضع لا ينطوى على أى تخط للمدعى، الذى هو وشأنه مع الادارة فى خصوص الواقعة المتعلقة الحكم آنف الذكر فى حق السيد/ فؤاد محمد فريد.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه، اذ قضى على خلاف هذا النظر، يكون قد خالف القانون، وأخطأ فى تأويله وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بالغائه، وبرفض الدعوى، مع الزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، والزمت المدعى بالمصروفات.