مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 202

(29)
جلسة 10 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبى يوسف ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعنان رقما 692 و700 لسنة 26 القضائية

جامعات - أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا - المعهد القومى للمعايرة - وظيفة أستاذ - نقل.
أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا الصادر بتنظيمها قرار رئيس الجمهورية رقم 2617 لسنة 1971 اعتبارها هيئة عامة - شخص ادارى عام يدير مرفقا يقوم على مصلحة عامة ولها شخصية اعتبارية مستقلة وميزانية خاصة تعد على نمط ميزانية الدولة. ويعين رئيسها بقرار جمهورى كما أن نواب رئيس الاكاديمية والأمين العام يعينون بدورهم بقرار من رئيس الجمهورية - سريان قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 على المؤسسات التابعة للاكاديمية ومنها المعهد القومى للمعايرة - نقل نائب رئيس الاكاديمية الى وظيفة أستاذ بالمعهد القومى للمعايرة لا يعد تنزيلا فى الوظيفة بل هو تنقل من بين الوظائف الادارية العليا الى الوظائف الفنية العليا مما أجازه القانون من عدم اعتباره تعيينا جديدا - اعتبار نائب رئيس الاكاديمية خلال تعيينه فى هذا المنصب شاغلا لوظيفة أستاذ على سبيل التذكار فاذا عاد الى شغل وظيفة أستاذ التى كان يشغلها من قبل اتصلت مدته بها بغير انقطاع - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 22 من مارس سنة 1980 أودعت أكاديمية البحث العلمى، قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 692 لسنة 26 القضائية، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 24 من يناير سنة 1980 فى الدعوى رقم 869 لسنة 32 القضائية المرفوعة من السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الفتاح داود ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم ووزير الدولة للبحث العلمى ورئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 518 لسنة 1977 فيما قضى به من اعتبار المدعى معادا تعيينه استاذا باحثا بالمعهد القومى للمعايرة وأحقيته فى استمراره نائبا لرئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الادارة بالمصاريف.
وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام المدعى بكافة المصروفات شاملة أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبتاريخ 23 من مارس سنة 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نائبة عن رئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم العالى ووزير الدولة للبحث العلمى ورئيس أكاديمية البحث العلمى، قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 700 لسنة 26 القضائية فى ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 24 من يناير سنة 1980 فى الدعوى رقم 869 لسنة 32 القضائية المرفوعة من السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الفتاح داود ضد رئيس مجلس الوزراء وآخرين وطلب الطاعنون وقف تنفيذ الحكم وفى الموضوع بالغائه ورفض الدعوى مع الزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن كل من الطعنين الى المطعون ضده، وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعنين بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه قبولهما شكلا ورفضهما موضوعا.
وقد تحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من مايو سنة 1980 وفى جلسة 9 من يونيه سنة 1980 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وأعادت الطعنين الى هيئة مفوضى الدولة لاعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع ثم تحدد لنظر الطعنين جلسة 23 من مارس سنة 1981، وقررت بجلسة 22 من يونيه سنة 1981 ضم الطعن رقم 700 لسنة 26 ق عليا الى الطعن رقم 692 لسنة 26 ق عليا واحالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظرهما جلسة 22 من نوفمبر سنة 1981 وفيها استمعت المحكمة الى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحضرها، وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى ان السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الفتاح داود أقام الدعوى رقم 869 لسنة 32 ق أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم بالغاء القرار رقم 518 لسنة 1977 الصادر من رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا فيما قضى به من اعتباره معادا تعيينه أستاذا باحثا بالمعهد القومى للمعايرة اعتبارا من 16/10/ 77 وبأحقيته فى استمراره نائبا لرئيس الأكاديمية بأقدميته ومرتبه وكل أوضاعه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شارحا دعواه انه كان يعمل مديرا للمعهد القومى للمعايرة أحد الأجهزة التابعة لرئيس الأكاديمية، وبتاريخ 9/ 12/ 1975 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيينه نائبا لرئيس أكاديمية البحث العلمى نقلا من المعهد القومى للمعايرة مع منحه بدل التمثيل المقرر لشاغلى وظيفة وكيل وزارة، وقد تقدم فى 18/ 5/ 1977 بطلب للحصول على أجازة خاصة بدون مرتب الا أن رئيس الأكاديمية رفض الطلب، فتقدم بطلب آخر فى 22/ 5/ 1977 لمنحه أجازة بدون مرتب على ان يعود لعمله بالمعهد القومى للمعايرة، وعززه بطلبين آخرين لاحقين فأجيب الى طلب النقل ولم يجب الى طلب الأجازة مع ان طلب النقل كان وسيلته للحصول على الاجازة الخاصة، ولم يكن من الجائز اقصائه عن وظيفة نائب رئيس الأكاديمية الا بقرار تعيينه فيها أى بقرار رئيس الوزراء وليس بأداة أدنى منه وليس من الجائز الرجوع الى المادة 58 لسنة 1971 ذلك ان القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم الجامعات هو الواجب التطبيق فى شأن تعيين الأساتذة. وقد حرمه النقل من مزايا الوظيفة، ولا يصح الاحتجاج بسابقة تقدمه بطلب النقل، ذلك ان هذا الطلب سقط حين رفضت الجهة الادارية منحه الأجازة بدون مرتب.
وقد عقبت الجهة الادارية على الدعوى بأن تعيين أعضاء هيئة البحوث يتم بقرار من رئيس الاكاديمية، ولم يكن من الجائز نقله من الكادر العام الى الكادر الخاص، أى نقله من نائب رئيس للاكاديمية الى أستاذ باحث، لخلو قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 من نص خاص يحكم اعادة التعيين فى وظيفة باحث الأمر الذى ألجأ الأكاديمية للرجوع الى أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971، ولم يحدث ان انخفض راتبه من جراء هذا التعيين.
وبجلسة 24 من يناير سنة 1980 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 518 لسنة 1977 فيما قضى به من اعتبار المدعى معادا تعيينه أستاذا باحثا بالمعهد القومى للمعايرة وأحقيته فى استمراره نائبا لرئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الادارة بالمصاريف، وأقامت قضاءها على ان طلب المدعى تعيينه أستاذا كان مرتبطا بالحصول على الأجازة الخاصة فلو لم يكن مطلوبا لذاته، وما دامت رغبته لم تتحقق فلم يكن من الجائز تبعا لذلك نقله، كما ان اعادة تعيينه لم تصدر من السلطة التى قامت بتعيينه فى وظيفة نائب رئيس الأكاديمية مما يجعل القرار فاقدا لسببه الموضوعى ولأساسه القانونى.
ومن حيث ان الطعنين يقومان على ما ورد فيهما وحاصلهما ان الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن المدعى أبدى رغبته فى اعادة تعيينه أستاذا باحثا بالمعهد القومى للمعايرة، وسواء أكان هدفه من ذلك الحصول على الأجازة الخاصة من المعهد بعد ان تعذر عليه ذلك من الأكاديمية أو كان سببه ما شاب العلاقة بينه وبين رئيس الأكاديمية على نحو ما كشف عنه فى طلبه المقدم الى وزير الدولة للبحث العلمي، فان الثابت ان المدعى طلب اعادة تعيينه فى وظيفة أستاذ باحث وقد أجيب الى هذا الطلب وعرض الأمر على مجلس ادارة المعهد الذى وافق فى 21/ 9/ 1977 على اجابته، واعتمد قرار المجلس من رئيس الأكاديمية فى نفس التاريخ كما ان أداة التعيين هى لرئيس الأكاديمية أعمالا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات حيث أناط بوزير التعليم العالى تولى سلطة التعيين فى وظيفة الأساتذة، وهذه السلطة يملكها رئيس الأكاديمية ذلك انه بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 267 لسنة 1971 بتنظيم أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا تكون له سلطات الوزير المقررة فى القوانين واللوائح بالنسبة للأجهزة التابعة له والهيئات الملحقة برئيس الاكاديمية ومن بينها المعهد القومى للمعايرة وعليه فان تعيين أعضاء هيئة البحوث بالمعاهد التابعة لرئيس الاكاديمية يتم بقرار منه بناء على طلب مجلس ادارة المعهد ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس الادارة. وهذا ما تم فى شأن المدعى فيكون نقله صحيحا مطابقا لحكم القانون.
ومن حيث انه بالرجوع الى قرار رئيس الجمهورية رقم 2617 لسنة 1971 فى شأن تنظيم أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا فان المادة الأولى منه تجرى على أن "تكون لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا شخصية اعتبارية مستقلة وتتبع رئيس مجلس الوزراء ومقرها مدينة القاهرة" وتنص المادة الثالثة منه على ان "يصدر بتعيين رئيس الأكاديمية وتحديد مرتبه قرار من رئيس الجمهورية ويتولى ادارة الأكاديمية وتصريف شئونها ويمثلها فى صلاتها مع الغير وأمام القضاء ويكون مسئولا عن تنفيذ السياسة العامة الموضوعية لتحقيق أغراضها، وتكون له سلطات الوزير المقررة فى القوانين واللوائح بالنسبة للأجهزة التابعة له والهيئات الملحقة برئيس الأكاديمية، ويعاونه نواب للرئيس وأمين عام يصدر بتعيينهم وتحديد مرتباتهم قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس الأكاديمية." وتنص المادة الرابعة على أن "يكون للأكاديمية مجلس يسمى "مجلس الأكاديمية" ويشكل على النحو التالى..." وتنص المادة الثانية عشرة على ان "يكون للأكاديمية موازنة خاصة تعد على نمط الموازنة العامة بالدولة وتبدأ السنة المالية للأكاديمية ببداية السنة المالية للدولة وتنتهى بانتهائها". والذى يبين من هذه النصوص جميعها ان أكاديمية البحث العلمى تعتبر هيئة عامة، فهى شخص ادارى عام يدير مرفقا يقوم على مصلحة عامة ولها شخصية اعتبارية مستقلة وميزانية خاصة تعد على نمط ميزانية الدولة، ويعين رئيسها بقرار جمهورى كما ان نواب رئيس الأكاديمية والأمين العام يعينون بدورهم بقرار من رئيس الجمهورية.
ومن حيث ان القانون رقم 69 لسنة 1973 بنظام الباحثين العلميين فى المؤسسات العلمية يقضى بسريان أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1973 على المؤسسات العلمية المحددة بالجدول المرافق له، وكذلك العمل بالقواعد المطبقة حاليا فى شأن هذه المؤسسات فيما لا يتعارض مع أحكامه، وقد ورد المعهد القومى للمعايرة ضمن المؤسسات العلمية الواردة بالجدول المشار اليه.
ومن حيث انه بالرجوع الى القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات فان المادة الرابعة منه تقضى باعتبار "الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمى وثقافى، ولكل منها شخصية اعتبارية" وتنص المادة الثالثة منه على ان يكون لكل جامعة موازنة خاصة بها تعد على نمط موازنات الهيئات العامة. وتنص المادة الثانية عشرة بان "للجامعات مجلس أعلى يسمى المجلس الأعلى للجامعات مقره القاهرة"، والمادة الثالثة عشرة تقضى بأن يكون "وزير التعليم العالى هو الرئيس الأعلى للجامعات - والمستفاد من ذلك جميعه ان الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمى وثقافى تتمتع كل منها بالشخصية الاعتبارية. ومن ثم فان أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا بوصفها هيئة عامة ذات طابع علمى شأن الجامعات، أولاها المشرع ذات الأهمية فنص بالقانون رقم 69 لسنة 1973 المشار اليه بسريان أحكام قانون تنظيم الجامعات على المؤسسات التابعة للأكاديمية ومنها المعهد القومى للمعايرة. واذا كان قانون الجامعات قد أعطى سلطة التعيين فى وظيفة أستاذ لوزير التعليم العالى بعد موافقة مجلس الجامعة، فان المعاهد التابعة للأكاديمية تستصحب ذلك بالنسبة للأساتذة الباحثين بها فيكون تعيينهم فى وظائفهم بقرار يصدر من الوزير المختص وهو طبقا للقرار الجمهورى رقم 2617 لسنة 1971 رئيس الأكاديمية، وطبقا للائحة الداخلية لمعاهد البحوث التابعة لرئيس الأكاديمية الصادرة بقرار رئيس الأكاديمية رقم 13 لسنة 1972 بتولى رئيس الأكاديمية اختصاصات مجالس ادارة هذه المعاهد. كما نصت المادة 21 من هذه اللائحة على ان يعين رئيس الأكاديمية أعضاء هيئة البحوث بالمعاهد بناء على طلب مجلس ادارة المعهد المختص وترشيح مدير المعهد ويكون التعيين من تاريخ موافقة مجلس ادارة المعهد. الأمر الذى يتأكد معه أن سلطة تعيين الأساتذة الباحثين تكون من اختصاص رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا على الوجه السالف.
ومن حيث ان المادة 29 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص بأن "يكون تعيين نائب رئيس الجامعة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالى بعد أخذ رأى رئيس الجامعة، ويشترط فيه ان يكون قد شغل لمدة خمس سنوات على الأقل وظيفة أستاذ.. ويكون تعيينه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويعتبر خلال مدة تعيينه شاغلا وظيفة أستاذ على سبيل التذكار، فاذا لم تجدد مدته أو ترك منصبه قبل نهاية المدة عاد الى شغل وظيفة أستاذ التى كان يشغلها من قبل اذا كانت شاغرة، فاذا لم تكن شاغرة شغلها بصفة شخصية الى ان تخلو. وهذا النص مما يجب استصحابه فى شأن أكاديمية البحث العلمى بالنسبة لنواب الرئيس بها بما يتلاءم مع نظام الأكاديمية والمعاهد التابعة لها اذا كان التعيين لهذه الوظيفة قد تم من بين الأساتذة الباحثين، بحيث لو ترك نائب رئيس الأكاديمية وظيفته قبل نهاية المدة عاد الى شغل وظيفة أستاذ التى كان يشغلها من قبل وتكون عودته لشغلها بطريق التعيين من سلطة التعيين بالأكاديمية وهى رئيسها على ان تكون أقدميته فى وظيفة أستاذ العائد اليها من تاريخ شغله لها لأول مرة، ولا يجوز الجدل فى أى من الوظيفتين أعلى من الأخرى بوظيفة أستاذ بالجامعة أو أستاذ باحث لهى من أعلى الوظائف شأنا وأعزها قدرا وهى قمة الوظائف الفنية فى الجامعة أو المعاهد، ووظيفة رئيس الجامعة أو الأكاديمية ونوابهما، لا تعدو ان تكون قمة الوظائف الادارية بهما، فكلاهما مما يجوز التنقل بينهما دون القول بأن النقل من احداها الى الأخرى يرفع صاحبها أو يخفضه أو ان العودة من الوظيفة الادارية كنائب للرئيس الى الوظيفة الفنية كأستاذ مما يعد تنزيلا فى الوظيفة، هذا ما أثبته بحق قانون تنظيم الجامعات ويسرى بدوره على المؤسسات العلمية التابعة لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا.
ومن حيث أنه ومما يؤكد هذا النظر ان وظيفة رئيس الجامعة راتبها هو 2500 جنيه عدا بدل التمثيل كما ان راتب نائب رئيس الجامعة 2000 جنيه عدا بدل التمثيل كذلك ووظيفة أستاذ مرتبها من 1400/ 1800 جنيها بعلاوة 75 جنيها سنويا وبدل جامعة قدره 420 جنيها ومع ذلك أوجب القانون التنقل فيما بين هذه الوظائف، تارة لكى يشغل الأستاذ الوظائف الادارية بالجامعة أو الكلية وتارة أخرى ليعود أستاذا فنيا بالكلية أو المعهد، والوضع بالنسبة للوظيفتين من ناحية تقديرها المالى واحد فى المعاهد التابعة للأكاديمية ذلك ان وظيفة أستاذ وكذلك وظيفة نائب رئيس الأكاديمية التى كان يشغلها المطعون ضده كلاهما من ربط مالى واحد هو 1400/ 1800 جنيه سنويا، فمن باب أولى لا يوصف التنقل فيما بينهما على انه تنزيل من احداهما الى الأخرى.
ومن حيث انه وان كانت سلطة تعيين رئيس الجامعة أو نوابه أو رئيس الأكاديمية أو نوابه لرئيس الجمهورية، فان هذه السلطة تكون لوزير التعليم العالى أو لرئيس الأكاديمية اذا كان التعيين لوظيفة أستاذ، كل يجرى فى محور غير الذى يجرى فيه الآخر بحيث لو عاد الأستاذ الى وظيفته بعد شغله لمنصب رئيس الجامعة أو الأكاديمية أو لأيهما التى كان معينا فيها بقرار رئيس الجمهورية، فان سلطة تعيينه أستاذا تكون لصاحبها وهو وزير التعليم العالى أو رئيس الأكاديمية كل فى حدود اختصاصه.
ومن حيث انه بتطبيق ما تقدم على الوقائع الواردة بالأوراق فان المطعون ضده كان يشغل وظيفة أستاذ باحث اختبارات الأمان وكيمياء المفرقعات بالمعهد القومى للقياس والمعايرة وانه عين منها نائبا لرئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، وقد تقدم بطلب مؤرخ 22 من مايو سنة 1977 طلب فيه نقله واعادته للعمل فى وظيفة أستاذ باحث والتى كان يشغلها قبل تعيينه كنائب لرئيس الأكاديمية مع تنازله عن بدل التمثيل المقرر للوظيفة التى يشغلها وأى بدلات أخرى. كما تقدم بطلب الى وزير الدولة للبحث العلمى والطاقة الذرية برجاء التفضل باتخاذ ما يراه مناسبا لتحقيق رغبته فى العودة للعمل أستاذا بالمعهد القومى للمعايرة وقيامه بالاجازة الخاصة المطلوبة وقد عرض طلب نقله على مجلس ادارة المعهد القومى للمعايرة فى 21/ 9/ 1977 ووافق على اعادة تعيينه أستاذا باحثا فى مجال اختبارات الأمان بالمعهد وهو نفس المنصب الذى كان يشغله بالمعهد قبل تعيينه نائبا لرئيس الأكاديمية على ان تدبر له وظيفة بدرجتها المالية، وبتاريخ 21/ 9/ 1977 اعتمد رئيس الأكاديمية هذا القرار، الأمر الذى يتضح منه فى جلاء ان النقل الى وظيفة أستاذ كان بناء على طلبه.
ومن حيث انه لا يقدح فى النظر المتقدم ان طلب النقل كان ساعة الحصول على أجازة خاصة بدون مرتب، وهى لم تتحقق، ذلك ان طلب الأجازة الخاصة يقدم الى المعهد ولن يتأتى ذلك الا بعد النقل اليه ويكون الاختصاص فى البت فيه للمعهد المنقول اليه، وهو وشأنه من بعد ذلك فى تقدير ما يراه محققا لصالح العمل فى منحها أو منعها طالما خلا هذا التقدير من اساءة استعمال السلطة وهو الأمر الذى لم يقم عليه دليل فى الأوراق.
ومن حيث انه لذلك يكون اعادة المطعون ضده الى وظيفة أستاذ باحث فى معهد المعايرة قد تم بناء على طلبه متفقا فى ذلك مع حكم القانون الذى يجيز النقل من وظيفة نائب رئيس الأكاديمية الى وظيفة أستاذ، ولا يعتبر ذلك تنزيلا فى الوظيفة بل هو تنقل من بين الوظائف الادارية العليا الى الوظائف الفنية العليا مما أجازه القانون وليس مشوبا بسوء استعمال السلطة.
ومن حيث انه بمراجعة قرار النقل تبين ان الجهة الادارية قد أخطأت فى تأويل القانون حين اعتبرت تعيينه فى هذه الوظيفة بمثابة التعيين الجديد فى وظيفة أستاذ ظنا منها ان قانون العاملين المدنيين بالدولة هو الذى يحكم هذه الحالة، مع ان قانون تنظيم الجامعات هو حاكمها على ما سلف، من انه اذا كان نائب رئيس الأكاديمية من بين الأساتذة الباحثين فى المعاهد التابعة للأكاديمية، يعتبر خلال مدة تعيينه شاغلا وظيفة أستاذ على سبيل التذكار فاذا عاد الى شغل وظيفة أستاذ التى كان يشغلها من قبل اتصلت مدته بها بغير انقطاع.
ومن حيث ان هذا الطلب يدخل فى عموم طلباته التى قدمها الى محكمة القضاء الادارى، ودارت المناقشات فى شأنه فى كل مراحل الدعوى فانه يتعين على المحكمة ان تقضى له به وباعتباره أستاذا بمعهد المعايرة اعتبارا من 29/ 5/ 1972 تاريخ شغله هذه الوظيفة لأول مرة.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد ذهب الى غير هذا النظر فيكون قد صدر مخالفا حكم الواقع والقانون معا حقيقا بالالغاء وباعتبار المدعى فى وظيفة أستاذ بمعهد المعايرة اعتبارا من 29/ 5/ 1972 ورفض ما عدا ذلك من الطلبات مع الزام الجهة الادارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية المطعون ضده فى وظيفة أستاذ بمعهد المعايرة اعتبارا من 29 من مايو سنة 1972 وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمت الطاعنين بالمصروفات.