مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 979

(106)
جلسة 30 من أبريل سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى وأحمد على البحراوى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 966 لسنة 8 القضائية

( أ ) - دعوى. "تكييفها". موظف "علاوة دورية".
دعوى المطالبة بالعلاوة الدورية - من قبيل المنازعات المتعلقة بالرواتب - لا يتقيد فيها بميعاد الستين يوما ولا يلزم فى شأنها التظلم الوجوبى السابق - تصدى المحكمة للبحث فى مدى سلامة ما يكون قد صدر فى حق صاحب الشأن من قرارات باعتبارها من العناصر التى تبنى عليها المطالبة بالراتب - لا يغير من طبيعة المنازعة.
(ب) موظف. "تعيين". موظف. "علاوة دورية".
المركز الوظيفى للموظف - لا ينشأ الا بصدور قرار التعيين - الحقوق المستمدة من الوظيفة ومنها العلاوة الدورية - ترتبط بتاريخ التعيين - لا أثر لتسلم العمل قبل تاريخ التعيين الا بالنسبة الى استحقاق المرتب - القانون رقم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من بعض أحكام التعيين - لم يتضمن تعديلا للقواعد التى تعين بدء صلة الموظف بوظيفته وتجعل مناطها قرار التعيين.
1 - ان موضوع هذه الدعوى هو طلب الحكم بالعلاوة الدورية المستحقة للمدعية فى أول مايو سنة 1960، ومن ثم تعتبر هذه المنازعة من قبيل المنازعات المتعلقة بالرواتب التى يستمد صاحب الشأن أصل حقه فيها من القوانين أو اللوائح مباشرة دون أن يلزم لنشوء مثل هذا الحق صدور قرار ادارى خاص وبهذه المثابة لا تتقيد بميعاد الستين يوما ولا يلزم فى شأنها التظلم الوجوبى السابق، ولا يغير من طبيعة هذه المنازعة أن تتصدى المحكمة للبحث فى مدى سلامة ما يكون قد صدر فى حق صاحب الشأن من قرارات باعتبارها من العناصر التى تبنى عليها المطالبة بالرواتب ويتوقف عليها الفصل فى المنازعة.
2 - ان المركز الوظيفى لا ينشأ الا بصدور قرار التعيين فى الوظيفة بالأداة القانونية الصحيحة ممن يملك سلطة التعيين وأن الحقوق الوظيفية تنشأ من ذلك الوقت فى حق من أضفى عليه هذا المركز القانونى الذى من عناصره تحديد الدرجة والأقدمية.
ومن هذا التاريخ تتحدد جميع الحقوق المستمدة من هذه الوظيفة ومنها العلاوة الاعتيادية التى تستحق طبقا لحكم المادة 43 من القانون رقم 210 لسنة 1951 آنف الذكر فى أول مايو التالى لمضى سنتين من تاريخ التعيين أو منح العلاوة السابقة.
أن القانون رقم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 لم يتضمن تعديلا للقواعد التى تعين بدء صلة الموظف بوظيفته وتجعل مناطها قرار التعيين أو خروجا على هذه القواعد، وانما اقتصر على اجازة التعيين فى الوظيفة العامة قبل استيفاء مسوغات التعيين نظرا الى حاجة العمل، على أن تستوفى هذه المسوغات خلال أجل معين، ومن ثم فان أقدمية المدعية فى الوظيفة التى عينت فيها ترجع وفقا لصريح نص القرار الصادر بتعيينها الى 12 من مايو سنة 1958 بغض النظر عن تاريخ تسلمها العمل الذى هو واقعة مادية لا أثر لها الا بالنسبة الى استحقاق المرتب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 29 من يناير سنة 1962، فيكون آخر ميعاد للطعن فيه هو يوم 30 من مارس سنة 1962 الا أنه لما كان هذا اليوم قد صادف يوم جمعة وهو عطلة رسمية فان الميعاد يمتد طبقا للمادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الى أول يوم عمل بعدها وهو يوم السبت الموافق 31 من مارس سنة 1962 الذى تم فيه ايداع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة ومن ثم فان الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن المدعية أقامت الدعوى رقم 935 لسنة 5 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 13 من يوليه سنة 1961 طلبت فيها "الحكم بتسوية حالتها على أساس منحها علاوتها الدورية اعتبارا من أول مايو سنة 1960، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع الزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقالت شرحا لدعواها أن المنطقة الجنوبية التعليمية أخطرتها فى 15 من أبريل سنة 1958 بتعيينها مدرسة لغة عربية وأنها تسلمت عملها فى 16 من أبريل سنة 1958، بيد أنها لم تمنح علاوتها الدورية فى أول مايو سنة 1960 بعد مضى سنتين على تعيينها، لأن المنطقة اعتمدت فى حساب هاتين السنتين على القرار الصادر من مدير منطقة القاهرة الجنوبية فى 12 من مايو سنة 1958 بتعيينها اعتبارا من تاريخ صدوره، أن تعيينها تم فى أبريل سنة 1958، فى حين أن قرار مدير المنطقة التعليمية سالف الذكر لا يعدو أن يكون قرارا تنفيذيا.
وقد أجابت منطقة القاهرة الجنوبية التعليمية عن الدعوى بأن المدعية حاصلة على ليسانس الآداب فى سنة 1958، وانها عينت فى الدرجة السادسة الفنية العالية بالقرار رقم 179 الصادر فى 12 من مايو سنة 1958، واعتبرت أقدميتها فى الدرجة المقررة لمؤهلها من تاريخ صدور هذا القرار، ولم تضم لها مدة خدمتها السابقة على صدور قرار التعيين لأنها لم تتقدم بالطلب القانونى الذى أوجبه القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 لامكان هذا الضم، كما أن هذا القرار الجمهورى لا يجيز ضم مدة خدمة سابقة قضيت فى الحكومة دون أن تستند الى قرار تعيين.
وبجلسة 29 من يناير سنة 1962 قضت محكمة القضاء الادارى (دائرة التسويات) بأحقية المدعية فى اعتبار أقدميتها فى الدرجة السادسة الفنية العالية راجعة الى 16 من أبريل سنة 1958، واستحقاقها للعلاوة الاعتيادية فى أول مايو سنة 1960، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 193 لسنة 1955 أجاز لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والاعدادية وما فى مستواها على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ تعيين كل منهم والا اعتبر مفصولا، وأن المدعية قد استوفت مسوغات تعيينها، فى 26 من أبريل سنة 1958 أى فى المهلة التى حددها القانون سالف الذكر، وان تسلمها العمل فى 16 من أبريل سنة 1958 كان بناء على ما أجازه القانون من تعيين المدرسين مؤقتا قبل استيفاء مسوغات تعيينهم، وبذلك يتعين ارجاع أقدميتها، الى 16 من أبريل سنة 1958 وتستحق العلاوة الاعتيادية على هذا الأساس فى أول مايو سنة 1960.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون اذ قضى باعتبار المدعية معينة فى الوزارة ابتداء من تاريخ تسلمها العمل، مع أن الثابت من قرار التعيين أنه حدد تاريخ تعيينها فى الوزارة بتاريخ صدوره فى 12 من مايو سنة 1958، فهذا التاريخ هو الذى يعتد به فى استحقاقها لعلاواتها الدورية، أما تاريخ تسلم العمل فلا أثر له الا على الأجر المستحق للعامل. وأضافت الحكومة فى مذكرتها المقدمة الى هذه المحكمة، ان الدعوى تعتبر فى حقيقتها دعوى بطلب الغاء القرار الصادر بتعيين المدعية فى شقه الخاص بتحديد أقدميتها، ولا تعد من قبيل التسوية وبهذه المثابة فانها تكون غير مقبولة شكلا لعدم سابقة التظلم من القرار المذكور فى هذا الشق منه.
( أ ) عن الدفع بعدم قبول الدعوى:
من حيث ان مبنى هذا الدفع أن منازعة المدعية فى أقدميتها المحددة بقرار تعيينها انما هى فى حقيقة تكييفها طعن بالالغاء فى هذا القرار فى شقه الخاص بتحديد الأقدمية، واذ لم يسبقها تظلم من القرار المذكور فيما تضمنه من تحديد أقدمية المدعية اعتبارا من تاريخ صدوره، فان الدعوى تكون غير مقبولة شكلا بالتطبيق لحكم المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث ان موضوع هذه الدعوى هو طلب الحكم بالعلاوة الدورية المستحقة للمدعية فى أول مايو سنة 1960، ومن ثم تعتبر هذه المنازعة من قبيل المنازعة المتعلقة بالرواتب التى يستمد صاحب الشأن أصل حقه فيها من القوانين أو اللوائح مباشرة دون أن يلزم لنشوء هذا الحق صدور قرار ادارى خاص وبهذه المثابة لا تتقيد بميعاد الستين يوما ولا يلزم فى شأنها التظلم الوجوبى السابق، ولا يغير من طبيعة هذه المنازعة أن تتصدى المحكمة للبحث فى مدى سلامة ما يكون قد صدر فى حق صاحب الشأن من قرارات بأعتبارها من العناصر التى تبنى عليها المطالبة بالراتب ويتوقف عليها الفصل فى المنازعة. وبناء عليه يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا على غير أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض.
(ب) عن الموضوع:
من حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المركز الوظيفى لا ينشأ الا بصدور قرار التعيين فى الوظيفة بالاداة القانونية الصحيحة ممن يملك سلطة التعيين وان الحقوق الوظيفية تنشأ من ذلك الوقت فى حق من أضفى عليه هذا المركز القانونى الذى من عناصره تحديد الدرجة والأقدمية.
ومن حيث انه بالاطلاع على ملف خدمة المدعية يبين أن السيد مدير التربية والتعليم بمنطقة القاهرة الجنوبية أصدر القرار رقم 179 لسنة 1958 فى 12 من مايو سنة 1958 ناصا على أنه.. "اعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار تعين الآنسات الموضحة أسماؤهن به فى الوظائف والمدارس المعينة أمام اسم كل منهن بالدرجة السادسة الفنية العالية.. وتمنح كل منهن ماهية شهرية قدرها خمسة عشر جنيها اعتبارا من تاريخ تسلمها العمل، على أن يكون التعيين تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر" ومن ثم يكون تعيين المدعية وفقا لصريح عبارة هذا القرار الذى أنشأ رابطة التوظف ولحكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة التى تنص على أن "تعتبر الأقدمية فى الدرجة من تاريخ التعيين فيها" وللأثر المباشر للقرارات الادارية المنشئة، حاصلا اعتبارا من 12 من مايو سنة 1958، ومن هذا التاريخ تتحدد جميع الحقوق المستمدة من هذه الوظيفة ومنها العلاوة الاعتيادية التى تستحق طبقا لحكم المادة 43 من القانون رقم 210 لسنة 1951 آنف الذكر فى أول مايو التالى لمضى سنتين من تاريخ التعيين أو منح العلاوة السابقة، أى فى أول مايو سنة 1961.
ومن حيث ان القانون رقم 193 سنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 لم يتضمن تعديلا للقواعد التى تعين بدء صلة الموظف بوظيفته وتجعل مناطها قرار التعيين أو خروجا على هذه القواعد، وانما اقتصر على اجازة التعيين فى الوظيفة العامة قبل استيفاء مسوغات التعيين نظرا الى حاجة العمل، على أن تستوفى هذه المسوغات خلال أجل معين. ومن ثم فان أقدمية المدعية فى الوظيفة التى عينت فيها ترجع وفقا لصريح نص القرار الصادر بتعيينها الى 12 من مايو سنة 1958 بغض النظر عن تاريخ تسلمها العمل الذى هو واقعة مادية لا أثر لها الا بالنسبة الى استحقاق المرتب.
واذ قضى الحكم المطعون فيه بارجاع أقدمية المدعية فى الدرجة السادسة الفنية العالية الى 16 من أبريل سنة 1958 وهو تاريخ تسلمها العمل على أساس أن هذا هو تاريخ تعيينها فانه يكون قد انطوى على خطأ فى تأويل القانون وتطبيقه. ويتعين - والحالة هذه - القضاء بالغائه وبرفض الدعوى مع الزام المدعية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلا، وبرفضها موضوعا، وألزمت المدعية بالمصروفات.