مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 216

(31)
جلسة 16 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد نور الدين العقاد وعزيز بشاى سيدهم وحسن عبد الوهاب عبد الرازق وعبد المعطى على زيتون - المستشارين.

الطعنان رقما 251 و290 لسنة 25 القضائية

عقد ادارى - عقد توريد - تأمين مؤقت ونهائى - الاخلال بالالتزامات العقدية - تعويض.
التأمين فى العقد الادارى شرع أصلا لمصلحة الادارة وسن لحمايتها ولا يتصور أن يكون قيدا عليها أو ضارا بحقوقها أو معوقا لجبرها ومانعا لها من المطالبة بالتعويضات المقابلة للاضرار الأخرى التى تكون لحقتها من جراء اخلال المتعاقد بتنفيذ شروط العقد الادارى - لا يجوز للمتعاقد مع الادارة التحلل من التزاماته العقدية بحجة عدم وفائه بالتأمين المؤقت والنهائى ما دام ان هذا الوفاء مقرر لصالح الادارة التى اطمأنت الى ملاءة المتعاقد معها وبالتالى تجاوزت عن استيفاء التأمين - للادارة أن تصادر التأمين فى حالة انهاء التعاقد مع المتعهد الذى تراخى عن تنفيذ العقد الادارى فى حدود 10% من قيمة الأصناف التى أنهت الادارة التعاقد عنها، وللادارة الرجوع على المتعاقد بالتعويض عن الأضرار المترتبة على امتناعه أو تراخيه فى التنفيذ سواء فى حدود 10% من قيمة الأصناف التى أنهى التعاقد عنها أو بما يجاوز تلك القيمة وبجبر الاضرار الحقيقية والفعلية التى لحقت بها من جراء عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته العقدية - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 12/ 2/ 1979 أودعت ادارة قضايا الحكومة نائبة عن وزير الدفاع بصفته قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد فى جدول المحكمة برقم 251 لسنة 25 ق عليا ضد سعيد ابراهيم النظراتى فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة العقود الادارية والتعويضات) بجلسة 24/ 12/ 1978 فى الدعوى رقم 80 لسنة 28 ق المقامة ابتداء من وزارة الدفاع والذى قضى بالتزام سعيد ابراهيم النظراتى بأن يؤدى لوزارة الدفاع مبلغ 500ر3065 جنيه (ثلاثة آلاف وخمسة وستين جنيها وخمسمائة مليم فقط) والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 11/ 11/ 1973 حتى تمام السداد والتزامه بالمصروفات وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والحكم بالزام المطعون ضده بأن يؤدى لوزارة الدفاع مبلغ 520ر4969 (أربعة آلاف وتسعمائة وتسعة وستين جنيها وخمسمائة وعشرون مليما) والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع المصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وقد أعلن تقرير الطعن الى المطعون ضده فى يوم 10/ 3/ 1979.
وفى يوم الثلاثاء الموافق 20/ 2/ 1979 أودع الوكيل عن سعيد ابراهيم النظراتى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 290 لسنة 25 ق عليا ضد وزير الحربية بصفته فى الحكم المطعون فيه سالف الذكر. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يقضى نهائيا فى الطعن وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب وقد أعلن تقرير الطعن الى وزارة الدفاع فى يوم الأربعاء 7/ 3/ 1979.
وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعنين رقمى 251، 290 لسنة 25 ق عليا بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع برفض طعن الحكومة رقم 251 لسنة 25 ق والزام الحكومة بمصروفاته. وفى الطعن رقم 290 لسنة 25 ق بوقف تنفيذ الحكم جزئيا فيما قضى به من الزام سعيد ابراهيم النظراتى بدفع مبلغ 268 جنيها قيمة التأمين المؤقت وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه الى الزام سعيد ابراهيم النظراتى بأن يدفع الى وزارة الدفاع مبلغ 500ر2797 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية فى 11/ 11/ 1973 حتى تمام السداد والزام الطاعن بالمصروفات المناسبة.
وتحدد لنظر الطعن رقم 251 لسنة 25 ق عليا جلسة 2/ 3/ 1981 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت ضم الطعن رقم 290 لسنة 25 ق الى الطعن رقم 251 لسنة 25 ق وبجلسة 16/ 11/ 1981 قررت احالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا الدائرة الأولى وحددت لنظره جلسة 12/ 12/ 1981 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت ارجاء اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى ان وزارة الحربية أقامت الدعوى رقم 80 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الادارى فى 11/ 11/ 1973 ضد سعيد ابراهيم النظراتى وطلبت فيها الحكم بالتزامه بأن يدفع الى وزارة الحربية مبلغ 520ر4969 جنيه (أربعة آلاف وتسعمائة وتسعة وستين جنيها وخمسمائة وعشرون مليما) والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القانونية حتى تمام السداد مع المصروفات والأتعاب. وقالت فى شرح الدعوى انه رست على المدعى عليه عملية توريد 500 كليم صوف نقى خالص 100% دوبل غزل يدوى لا يقل وزن المتر المربع عن 5ر2 كيلو جرام مقاس 2 × 3 متر تقريبا بسعر المتر المربع 480ر2 جنيه بثمن اجمالى مقداره 7440 جنيها، 450 كليم صوف نقى خالص 100% دوبل غزل يدوى لا يقل وزن المتر المربع عن 5ر2 كيلو جرام مقاس 3 × 4 متر تقريبا بسعر المتر المربع 480ر2 جنيه بثمن اجمالى مقداره 13392 جنيه وذلك فى الممارسة التى تقدم بعرضه فيها فى يوم 29/ 1/ 1977. وفى 17/ 2/ 1971 أخطر المطعون ضده بقبول عرضه وطلب اليه سداد التأمين النهائى المستحق. بيد انه تقاعس عن اتخاذ أية خطوة فقامت الادارة بتوجيه الانذار اليه فى 28/ 2/ 1971 الا انه استمر فى تقصيره مما دعا الادارة الى اتخاذ اجراءات التنفيذ على الحساب ضد المدعى عليه فرسا الصنف الأول على مصنع النيل للسجاد والكليم بسعر 250ر3 للمتر المربع أما الصنف الثانى فلم يرسى على أحد فتقرر الغاء التعاقد بالنسبة لهذا الصنف ومصادرة التأمين بما يوازى 10% من قيمته وترتب على ذلك ان أصبحت ذمة المدعى عليه مشغولة بالمبالغ الآتية:

مليمجـ  
820ر833 غرامة تأخير بواقع 4% من قيمة العقد عن الصنف الذى قصر فى توريده.
000ر2310 فروق السعر عن الصنف الذى تم شراؤه فعلا على حساب المدعى عليه.
500ر486 مصاريف ادارية بواقع 5% من السعر الجديد طبقا للمادة 105/ أ من لائحة المناقصات والمزايدات.
200ر1339 قيمة التأمين الذى تقرر مصادرته والذى لم يكن المدعى عليه قد سدده.
520ر4969 أربعة آلاف وتسعمائة وتسعة وستون جنيها وخمسمائة وعشرون مليما. ولم تجد المطالبة الودية مما أدى بالادارة الى رفع الدعوى.

وعقب المدعى عليه على الدعوى بقوله انه لم يتم أى عقد بينه وبين الادارة ورسو العطاء على المدعى عليه لا يترتب عليه ابرام العقد والمدعى عليه لم يؤد التأمين المؤقت والتأمين النهائى ولذلك فانه لا يوجد عقد ادارى، ولكن يوجد قرار ادارى باطل بارساء العملية عليه. وقد أخطأت الادارة عندما أرست العملية على المدعى عليه بعد ان أصبح عطاؤه ملغيا بعدم تسديده التأمين الابتدائى والنهائى وبعد ان رفض التوقيع على العقد. كما ان حالة المدعى عليه المالية ما كانت تسمح بابرامه دون ان تدفع له الادارة جزءا من الثمن لتمويل العملية.
وبجلسة 24/ 12/ 1978 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه بالزام سعيد ابراهيم النظراتى بأن يدفع لوزارة الحربية مبلغ 500ر306 والفوائد القانونية بواقع 4% من 11/ 11/ 1973. وأقامت المحكمة هذا القضاء على أساس انه قد تم انعقاد العقد بين المدعى والادارة لتوريد الأصناف المتفق على توريدها، ولا أثر لعدم دفع التأمين النهائى أو التأمين الابتدائى على واقعة انعقاد العقد قانونا. وقد تسلم المدعى عليه أمر التوريد فى 17/ 2/ 1971 وطولب فيه بتسديد التأمين النهائى ثم انذر فى 28/ 2/ 1971 لتسديد التأمين المذكور ولم يتحرك المدعى عليه الى توريد الأصناف، فقامت الادارة بالشراء على حسابه فاشترت أحد الصنفين بسعر يزيد على السعر السابق الاتفاق عليه مع المدعى عليه وتطالبه الادارة بفرق السعر ومصاريف ادارية بواقع 5% غرامة تأخير. أما الصنف الثانى فلم يتقدم أحد للادارة عنه فقامت الادارة بالغاء التعاقد عنه وتطالب الادارة المدعى عليه بقيمة التأمين النهائى الخاص به. والمادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات تلزم المدعى عليه فى حالة الشراء على حسابه بفرق السعر ومقداره 2310 جنيها وبمصروفات ادارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراه ومقدارها 5ر487 جنيه. أما غرامة التأخير مقدارها 820ر833 جنيه فتوقع فقط على المتعاقد المتراخى فى التنفيذ عن الميعاد المتفق عليه فى العقد بعد أداء التأمين النهائى وبدء المتعاقد فى التنفيذ. أما والثابت ان المدعى عليه لم يؤد التأمين النهائى ولم يبدأ فى التوريد فلا حق للادارة فى اقتضاء غرامة التأخير. أما عن طلب التأمين النهائى عن الصنف الآخر فان هذه المطالبة لا تتفق وحكم المادة 53 من لائحة المناقصات والمزايدات ذلك انه ما دامت الادارة قد قررت انهاء العقد بالنسبة للصنف الثانى فان حقها ينحصر فى المطالبة بقيمة التأمين الابتدائى لا التأمين النهائى وتتمثل هذه القيمة فى 2% من قيمة الصنف - ومقدار ذلك 268 جنيها. وتستحق الادارة فرق مجموع هذه المبالغ فوائد تاخير بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 11/ 11/ 1973.
ويقوم طعن الحكومة على أساس أنه يستحق لها غرامة تأخير بواقع 820ر833 جنيه وهو ما يعادل 4% من قيمة العقدين استنادا الى حكم المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات. وهى تستحق قيمة التأمين بواقع 200ر1339 جنيه الذى لم يكن المدعى قد سدده وتقررت مصادرته لأن العقد عن الصنفين هو عقد نهائى صحيح ونافذ الأثر ويستند هذا الحق الى حكم المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات أيضا.
ويقوم طعن سعيد ابراهيم النظراتى على أساس انه لم ينعقد عقد بين الادارة وبين المدعى عليه الذى لم يؤد التأمين الابتدائى والتأمين النهائى وهو ما يستفاد منه عدم تمسكه بعرضه كما ان العقد الادارى لا ينعقد الا بأداء التأمين. والايجاب الصادر عن المدعى عليه لم يصادف قبول لأن نية كل من الطرفين مختلفة لسبب تمسك المدعى عليه بأن تؤدى له الادارة جزءا من ثمن الصفقة مقدما، وبدلا من ذلك فوجئ المدعى عليه بالادارة تطالبه بأداء قيمة التأمين النهائى بواقع 10% من قيمة الصفقة العليا - وجملتها قدره 200ر2083 جنيه. وقد ألغت الادارة الصفقة بالنسبة للكليم ذى الحجم الكبير 3 × 4 متر ولم يتقدم أحد لصنعه لا بالممارسة ولا بالمزاد لضخامة تكاليفه. أما الكليم الصغير فقد عهدت الحكومة بالصفقة الى مصنع النيل للسجاد والكليم لصاحبه روجيه بهجت متقال صاحب الكلمة النافذة فى ادارة المهمات بطريق الشراء على حساب المدعى عليه. والزام المدعى عليه ان العقد لم ينعقد معه أصلا ولا يكون الايجاب نافذا بأداء قيمة التأمين. وكان يتعين على الادارة اهدار عطاء المدعى عليه. ولم يتسبب المدعى عليه للحكومة فى انفاق أية مصروفات ادارية، ولذلك فانه لا يجوز الزامه بغرامة التأخير أو فروق الأسعار بالمصروفات الادارية التى تطلب الحكومة الحكم بها عليه.
ومن حيث ان الثابت من الاطلاع على الأوراق ان وزارة الحربية اختارت أسلوب الشراء بالممارسة لشراء سجاد وكليم صوف ومشايات سجاد صوف. وتقدم المدعى........ بعرض لتوريد كليم صوف نقى خالص 100% دوبل غزل يدوى لا يقل وزن المتر المربع عن 5ر2 كيلو جرام مقاس 2 × 3 متر - عدد 500 كليم بسعر المتر المربع 480ر2 جنيه وبثمن اجمالى مقداره 7440 جنيها - ولتوريد كليم صوف نقى خالص 100% دوبل غزل يدوى لا يقل وزن المتر المربع عن 5ر2 كيلو جرام مقاس 3 × 4 متر - عدد 450 كليم بسعر المتر المربع 480ر2 وبثمن اجمالى 13392 جنيه - وبذلك يكون ثمن الصفقة الكلى 20832 جنيها. والتوريد طبقا للمواصفات وحسب العينة المقدمة والمعتمدة من لجنة الممارسة والتوريد برسومات والوان طبيعية مختلفة ويتم التوريد حتى 30/ 6/ 1971 والفحص والاستلام بمحل صاحب العرض (المدعى عليه) والموقع عند الاستلام. ورأت اللجنة ان الأسعار المقدمة مناسبة لحالة السوق. وفى 17/ 2/ 1971 أخطر المدعى عليه بقبول عرضه المقدم الى لجنة الممارسة فى 29/ 1/ 1971 لتوريد الكليم بالأسعار والشروط السابقة حتى 30/ 6/ 1971 - عدد 500 كليم مقاس 2 × 3 م صوف نقى خالص 100% بسعر المتر المربع 480ر2 جنيه وبثمن اجمالى 7440 جنيها وعدد 450 كليم مقاس 3 × 4 م صوف نقى خالص 100% بنفس السعر السابق للمتر المربع وبثمن اجمالى 13392 جنيها وطلبت الادارة من المدعى عليه ان يوافيها فى بحر عشرة أيام بمبلغ 200ر2083 جنيه قيمة التأمين النهائى المستحق بواقع 10% من اجمالى قيمة الصفقة التى تم التعاقد عليها بمبلغ 000ر20832 جنيه وأيضا بمبلغ 900ر1 جنيه قيمة رسم التمغة المستحقة. ونبهت الادارة على المدعى عليه بضرورة تحرير الفواتير من ست صور وحضوره ومعه أربع طوابع تمغة فئة مائة مليم للتوقيع على العقد مع التوقيع على دفتر الشروط العامة المرفق وخضوعه لكافة التعليمات واللوائح المالية. ثم عادت الادارة مرة ثانية الى طلب ان يقوم المدعى عليه بالوفاء بقيمة التأمين النهائى وذلك بكتاب الادارة المؤرخ 28/ 2/ 1971. ولما كان المدعى عليه قد صمم على الوقوف من الادارة موقف التجاهل التام من الواقعة القانونية الخاصة بتمام التعاقد معه على توريد الكليم بالأعداد والشروط والمواصفات وفى الميعاد وبالسعر السابق بيانه فقد اتجهت نية الادارة الى شراء الكليم بالأعداد والمواصفات السابق بيانها على حساب المدعى عليه بطريق الممارسة أيضا، وبناء عليه قامت الادارة بتوزيع العروض على التجار والمتعهدين المختصين بتوريد هذه الأصناف وحددت للممارسة جلسة علنية يوم 17/ 4/ 1971 فى الزمان والمكان المبينين بالأوراق وقد مارست اللجنة الحاضرين وأسعارهم وشروطهم وحصلت منهم على الأسعار المبينة فى المحضر وبالنسبة للكليم مقاس 2 × 3 م بالمواصفات السابق بيانها - عدد 500 كليم قدم عرض وحيد للجنة من مصنع النيل للسجاد والكليم بسعر 250ر3 جنيه للمتر المربع الواحد أما عن الكليم مقاس 3 × 4 م فلم يتقدم أحد قط بأى عطاء عنه. ورأت اللجنة قبول عطاء مصنع النيل للسجاد والكليم عن الصنف الأول بسعر 250ر3 جنيه للمتر المربع الواحد وبثمن اجمالى –ر9750 جنيه وأخطر المصنع المذكور بقبول عرضه فى 22/ 6/ 1972 عن كليم مقاس 2 × 3 م صوف نقى خالص 100% دوبل غزل يدوى وزن المتر المربع لا يقل عن 500ر2 - العدد 500 كليم بسعر المتر المربع 250ر3 جنيه وبثمن اجمالى 9750 جنيها. وفى 25/ 6/ 1972 طلبت وزارة الحربية من المدعى عليها الوفاء بفرق السعر بواقع 2310 جنيها. وفى 11/ 7/ 1972 طلبت الادارة من المدعى عليه الوفاء لها بالمبلغ المستحق لها فى ذمته بمبلغ 520ر4969 جنيه وتفصيل ذلك كالآتى:

مليمجـ  
820ر833 قيمة غرامة التأخير بواقع 4% من القيمة الاجمالية للصفقة بجميع عناصرها لأصنافها.
000ر2310 قيمة فرق السعر.
500ر486 المصاريف الادارية عن الصنف الذى تم شراؤه على حساب المدعى عليه.
200ر1339 قيمة التأمين النسبى بواقع 10% من قيمة الصنف الثانى.

ومن حيث ان العقد الادارى شأنه فى ذلك شأن العقد المدنى.
من حيث العناصر الأساسية لتكوينه لا يعدو ان يكون توافق ارادتين بايجاب وقبول لانشاء التزامات تعاقدية تقوم على التراضى بين طرفين احدهما هو الدولة أو أحد الأشخاص الادارية، ويتميز بأن الادارة تعمل فى ابرامه بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بملكيتها المتعاقد معها بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة. وفى خصوص هذه المنازعة فانه لا ريب ان العقد قد ابرم قانونا بين وزارة الحربية وبين المدعى عليه على توريد الكليم بالأعداد والمواصفات والشروط والأسعار السابق بيانها، ومن ثم صار هذا العقد يرتب اثاره قانونا فيما بين المتعاقدين طبقا لشروطه مكملة بأحكام القوانين واللوائح وأخصها لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بموجب قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957. ولا يغير من هذه الحقيقة فى شيء الا يكون المدعى عليه قد قدم الى الادارة التأمين المؤقت أو التأمين النهائى المستحق عليه لأن أداء التأمين مقرر لصالح الادارة ولا يترتب جزاء بطلان العقد على مخالفة شرط الوفاء بالتأمين ما دامت الادارة قد اطمانت الى ابرام العقد مع مقدم العطاء واثقة من ملاءته وقدرته المالية على الوفاء بالتزاماته العقدية. وبالتالى لا يجوز للمتعاقد مع الادارة التحلل من التزاماته العقدية بحجة عدم وفائه هو بالتأمين المؤقت والنهائى ما دام ان هذا الوفاء مقرر لصالح الادارة التى اطمأنت الى ملاءة المتعاقد معها وبالتالى تجاوزت عن استيفاء التأمين. وعلى ذلك فانه ليس من ريب ان العقد قد انعقد صحيحا بين وزارة الحربية وبين المدعى عليه على توريد الكليم بالأصناف والمواصفات والكميات والأسعار السابق تحديدها تفصيلا فيما تقدم، دون أن يغير من هذه النتيجة ان المدعى عليه لم يقم بالوفاء لصالح الادارة بالتأمين الابتدائى والنهائى المستحق على العقد. واذا كانت هذه هى الحقيقة الأولى فى هذه المنازعة فان الحقيقة الثانية ان المدعى عليه تقدم بعرض صادف قبولا من الادارة، وبعد ما أخطر بقبول عرضه، انسحب من مجال الالتزامات العقدية التى وجبت عليه بمقتضى العقد، ولم يستجب بعد ذلك لانذارات الادارة بوجوب تنفيذ التزاماته العقدية، مما ألجأ الادارة فى نهاية الأمر الى اعادة طرح الأصناف المتعاقد عليها فى ممارسة جديدة بقصد شراء هذه الأصناف على حساب المدعى عليه وقد أسفرت الممارسة الجديدة عن رسوها بالنسبة للكليم مقاس 2 × 3 متر على مصنع النيل للسجاد والكليم بثمن اجمالى مقداره 9750 جنيها بينما كان الثمن الاجمالى الذى التزم به المدعى عليه 7440 جنيها بفارق فى السعر مقداره 2310 جنيها. أما الصنف الثانى من الكليم مقاس 3 × 4 متر وعدد الوحدات المتعاقد عليها 450 وحدة بثمن اجمالى 13392 جنيه فان الثابت ان هذا الصنف طرح فى الممارسة الا ان جميع التجار الممارسين امتنعوا عن التقدم بعطاء عن هذا الصنف، الأمر الذى حمل الادارة فى النهاية على انهاء العقد بالنسبة لهذا الصنف لعجزها عن شرائه على حسابه من السوق.
ومن حيث ان المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات تجيز للادارة - حسبما ينتهى اليه تقديرها - اذا رأت مصلحة فى ذلك - ان توقع على المتعهد - اذا تأخر فى توريد الأصناف المتعاقد عليها بموجب العقد - غرامة تأخير بما لا يجاوز 4% من قيمة الأصناف التى تأخر فى توريدها. ولما كانت القيمة الكلية للعقد المبرم مع المدعى عليه 20832 جنيها، وكانت الادارة قد رأت بموجب سلطتها التقديرية توقيع غرامة تأخير على المدعى عليه الذى امتنع امتناعا كليا عن الوفاء بأى التزام من التزاماته العقدية مع الادارة، لذلك فان مطالبته بمبلغ 820ر833 جنيه قيمة غرامة التأخير عن الصفقة كلها بصنفيها تكون فى محلها ومطابقة للقانون ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون فيما انتهى اليه من اعفاء المدعى عليه من دفع غرامة التأخير لما ينطوى عليه قضاء ذلك الحكم من جعل المتعاقد الممتنع امتناعا كليا عن التنفيذ فى مركز أفضل من المتعاقد المتراخى فى التنفيذ، وهذه نتيجة غير مقبولة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه الى الزام المطعون ضده بغرامة التأخير بواقع 4% من قيمة العقد كله - وجملة ذلك 820ر833 جنيه.
ومن حيث ان المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات بعد ان رخصت للادارة فى توقيع غرامة التأخير على المتعهد الذى تراخى عن التوريد فى الميعاد المنصوص عليه فى العقد الادارى أجازت للادارة فى حالة استمرار المتعهد على حالة من الامتناع أو التأخير عن التوريد فى الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الاضافية ان تتخذ أحد الاجراءين التاليين وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة:
أولا: شراء الأصناف التى لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه سواء بالممارسة أو بمناقصات محلية أو عامة بنفس الشروط والمواصفات المتفق عليها ولكن بالأسعار الجديدة التى يكشف عنها سوق السلعة محل العقد ويتحمل المتعاقد الأول الذى تم الشراء على حسابه ومسئوليته بقيمة الزيادة فى الثمن مضافا اليها مصروفات ادارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراه على حسابه، فان قل سعر الشراء عن السعر الوارد فى العقد صار الفرق فى السعر من حق الحكومة وحدها ولا يجوز للمتعاقد المتخلف عن التوريد المطالبة بهذا الفرق.
ثانيا: انهاء التعاقد بالنسبة للأصناف التى تخلف المتعهد عن توريدها فى المواعيد والمهل الاضافية ومصادرة التأمين المدفوع أو مطالبته ان لم يكن قد سبق له أداء التأمين بما يوازى 10% عشرة فى المائة من قيمة الأصناف التى لم يتم توريدها. والشراء على حساب المتعاقد المقصر عن التوريد أو الممتنع عنه كلية وسيلة من وسائل الضغط التى تستخدمها الادارة لارغام المتعاقد معها على تنفيذ العقد وهو جزاء من الجزاءات العقدية التى تملك الادارة توقيعها على المتعاقد معها ان قام الموجب المبرر لذلك، وهذا الجزاء هو تطبيق لقاعدة تنفيذ الالتزام عينا تقوم به الادارة بنفسها عند اخلال المتعاقد معها بتعهده ضمانا لحسن سير المرافق العامة لاطراد سيرها ومنعا من تعطيلها بما قد يعرض المصلحة العامة للضرر ان توقف المرفق العام بسبب تراخى أو امتناع المتعاقد عن تنفيذ التزاماته العقدية أما انهاء التعاقد بالنسبة للأصناف التى تأخر المتعهد عن توريدها فى الميعاد والمهل الاضافية ومصادرة التأمين بما يوازى 10% عشرة فى المائة من قيمتها فحق للادارة يرتبط بسلطتها التقديرية ولا تكلف الادارة فى هذه الحالة باثبات الضرر لأن الضرر مفترض بفرض غير قابل لاثبات العكس. ولما كان التأمين فى العقد الادارى قد شرع أصلا لمصلحة الادارة وسن لحمايتها ومن ثم لا يتصور أن يكون قيدا عليها أو ضارا بحقوقها أو معوقا لجبرها ومانعا لها من المطالبة بالتعويضات المقابلة للأضرار الأخرى التى تكون لحقتها من جراء اخلال المتعاقد بتنفيذ شروط العقد الادارى فان للادارة ان تصادر التأمين فى حالة انهاء التعاقد مع المتعهد الذى تراخى عن تنفيذ العقد الادارى فى حدود 10% من قيمة الأصناف التى أنهت الادارة التعاقد عنها، وللادارة الرجوع على التعاقد بالتعويض عن الأضرار المترتبة على امتناعه أو تراخيه فى التنفيذ سواء فى حدود 10% من قيمة الأصناف التى انتهى التعاقد عنها أو بما يجاوز لتلك القيمة وبجبر الأضرار الحقيقية والفعلية التى لحقت بها من جراء عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته العقدية. واذا كانت الالتزامات العقدية تقبل التبعيض والتجزئة - كما هو الحال فى هذه المنازعة حيث التزام المدعى عليه بتوريد 500 قطعة كليم مقاس 2 × 3 مترا، 450 قطعة كليم مقاس 3 × 4 مترا بسعر موحد للمتر المربع الواحد 480ر2 جنيه، وكان الثابت ان المدعى عليه امتنع امتناعا كليا عن تنفيذ التزاماته العقدية بالنسبة للصنفين، وان الادارة سعت الى شراء الصنفين على حسابه بطريق الممارسة الا أنه لم يقدم قط أى من التجار الممارسين بأى عطاء عن صنف الكليم مقاس 3 × 4 مترا فانه لا يترتب على الادارة ان غايرت على الجزاء العقدى تبعا لما أسفرت عنه نتيجة الممارسة بأن اشترت على حساب المدعى عليه فعلا صنف الكليم مقاس 2 × 3 مترا ثم أنهت التعاقد بالنسبة لصنف الكليم مقاس 3 × 4 مترا بعد ان عجزت عن شراء هذا الصنف من الكليم من السوق على حساب المدعى عليه لعدم تقدم التجار الممارسين بأى عطاء لتوريد هذا الصنف من الكليم. وترتيبا على ذلك يحق للادارة الرجوع على المدعى بفرق السعر عن صنف الكليم مقاس 2 × 3 مترا - 500 وحدة - والفرق فى سعر المتر المربع الواحد هو حاصل طرح السعر الجديد المتحقق فى الممارسة الثانية 250ر3 جنيه من السعر القديم المتحقق من الممارسة التى أبرم العقد محل النزاع على أساسها وهو 480ر2 جنيه للمتر المربع الواحد - وجملة الفرق فى السعر من خمسمائة وحدة كليم مقاس 2 × 3 مترا هو 2310 جنيها يلتزم بها المدعى عليه، وقد بلغت قيمة هذا الصنف من الكليم فى الممارسة الأولى 7440 جنيها وبلغت قيمته فى الممارسة الثانية 9750 جنيها. كما يلتزم المدعى عليه بمصروفات ادارية بواقع 5% من السعر الجديد المتحقق من الممارسة الثانية لهذا الصنف من الكليم ومقدار ذلك 500ر486 وأخيرا يلتزم المدعى عليه بالتعويض عن الصنف الثانى من الكليم الذى قررت الادارة بحق انهاء العقد بالنسبة له لعدم تقدم أى عطاء عنه من التجار الممارسين فى الممارسة الثانية - وعدد وحدات هذا الصنف مقاس 3 × 4 متر - 450 وحدة كليم تعاقد المدعى عليه على توريدها بموجب الممارسة الأولى بثمن اجمالى مقداره 13392 جنيها، ومن ثم يكون التعويض المستحق للادارة عن امتناع المدعى عليه عن توريد هذا الصنف بما يوازى 10% من الثمن الاجمالى لهذا الصنف من الكليم وذلك بواقع 200ر1339 جنيه. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه فيما انتهى اليه قضاؤه من الزام المدعى عليه بقيمة التأمين الابتدائى بواقع 2% من قيمة الصنف الثانى من الكليم وجملة ذلك 268 جنيها لمخالفة هذا القضاء لأحكام المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات التى تجعل الحد الأدنى للتعويض عن الأصناف التى تقرر الادارة انهاء التعاقد بالنسبة لها 10% من قيمتها على الأقل. كما أخطأ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الزام المدعى عليه بقيمة غرامة التأخير بواقع 4% من القيمة الكلية للعقد المبرم معه عن الصنفين (20832 جنيها) كجزاء يسبق حتما ما تلجأ اليه الادارة اذا ما عمد المتعاقد معها الى التأخير أو الامتناع عن التنفيذ - من الشراء على حساب المتعاقد معها أو انهاء العقد ومصادرة التأمين بما يوازى 10% من قيمة الأصناف التى امتنع المتعاقد عن توريدها وقد أصاب الحكم المطعون فيه وجه الحق وصحيح حكم القانون فيما قضى به من الزام المدعى عليه بفرق السعر عن الصنف الأول من الكليم بواقع 2310 جنيها وبالمصروفات الادارية بواقع 5% من قيمة الصنف الأول من الكليم حسبما أسفرت عنه الممارسة الثانية التى تمت على حساب ومسئولية المدعى عليه وذلك بواقع 500ر486 جنيه على ذلك فانه يتعين تعديل الحكم المطعون فيه الى الزام المدعى عليه بقيمة غرامة التأخير بواقع 820ر833 جنيه وبفرق السعر عن الصنف الأول من الكليم بواقع 2310 جنيها وبمصروفات ادارية بنسبة 5% من قيمة الصنف الأول من الكليم حسب أسعار الممارسة الجديدة وذلك بواقع 500ر486 جنيه وبتعويض يعادل 10% من قيمة الصنف الثانى من الكليم حسب الممارسة الأولى مع المدعى عليه بواقع 200ر1339 وجملة ذلك 520ر4969 جنيه - وترتيبا على ما تقدم تكون الحكومة على حق فى طعنها رقم 251 لسنة 25 ق عليا ويكون طعن المدعى عليه رقم 290 لسنة 25 ق عليا على غير أساس سليم من القانون، الأمر الذى يجب معه اجابة الحكومة الى طلباتها، ورفض طعن المدعى عليه، والحكم بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع برفض الطعن رقم 290 لسنة 25 ق المقام من المدعى عليه وفى الطعن رقم 251 لسنة 25 ق المقام من الحكومة بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بالزام المدعى عليه بأ يدفع لجهة الادارة "وزارة الحربية" مبلغ 520ر4969 جنيه (أربعة آلاف وتسعمائة وتسعة وستين جنيها وخمسمائة وعشرين مليما) والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 11/ 11/ 1973 حتى تمام الوفاء، وبالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى موضوع الطعن رقم 290 سنة 25 قضائية برفضه والزام الطاعن بمصروفاته وفى موضوع الطعن رقم 251 سنة 25 قضائية، بتعديل الحكم المطعون فيه الى الزام المدعى عليه بأن يدفع لجهة الادارة مبلغ 520ر4969 جنيه أربعة آلاف وتسعمائة وتسعة وستين جنيها وخمسمائة وعشرين مليما وفوائده بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 11/ 11/ 1973 حتى تمام الوفاء والمصروفات.