مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 228

(32)
جلسة 16 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد نور الدين العقاد وعزيز بشاى سيدهم والدكتور محمد جودت الملط ومحمد أحمد البدرى - المستشارين.

الطعن رقم 383 لسنة 22 القضائية

نقد - الرقابة على عمليات النقد - مصادرة - دستورية.
مصادرة الادارة العامة للنقد للمبالغ المضبوطة استنادا الى السلطات المخولة لها بمقتضى أحكام المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 - لا سند للادارة فيما تمادت اليه من مصادرة المبالغ المضبوطة - قرارها الصادر فى هذا الشأن فى ظل العمل بأحكام المادة 36 من دستور سنة 1971 ينطوى على غصب السلطة وانحدر الى مرتبة العدم حيث لا حصانة ولا عاصم من أن يمتد اليه الرقابة القضائية دون التقيد بالمواعيد المقررة لاقامة دعوى الالغاء - أساس ذلك أن المحكمة الدستورية العليا قد حكمت فى القضية الدستورية 3 لسنة 8 قضائية "دستورية" بجلستها المعقودة فى 4 مارس سنة 1978 بعدم دستورية المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 المشار اليه فيما نصت عليه من انه فى حالة عدم الاذن برفع الدعوى يجوز لوزير المالية أو لمندوبه مصادرة المبلغ موضوع المخالفة وذلك اعتبارا من تاريخ نفاذ الدستور فى 11 سبتمبر سنة 1971 - نص المادة 36 من الدستور على أن المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة الا بحكم قضائى - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 29 من ابريل سنة 1976 أودع السيد الأستاذ/ محمد عزت سعيد المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ حسن طلب عبد الجواد قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 383 لسنة 22 قضائية عليا - فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلستها المعقودة فى 22 من ابريل سنة 1975 فى الدعوى رقم 27 لسنة 28 قضائية المرفوعة من الطاعن ضد المطعون ضدهم والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعى المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب التى ضمنها تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعوى موضوعا بالغاء قرار مدير عام النقد الصادر فى القضية رقم 27 لسنة 28 حصر تحقيق نيابة الشئون المالية والتجارية مع الزام المطعون ضدهما المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين مع حفظ كافة حقوق الطاعن بسائر أنواعها.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة - تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن الماثل - ارتأت فيه للأسباب التى ساقتها - الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلستها المعقودة فى 5 من مايو سنة 1980 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 31 من مايو سنة 1980 وتداول الطعن بجلسات المرافعة وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1981 قررت المحكمة ارجاء اصدار الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث ان الثابت ان حكم محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 27 لسنة 28 قضائية - محل الطعن - قد صدر فى 22 من ابريل سنة 1975 فتقدم الطاعن بطلب الى لجنة المساعدة القضائية برقم 76 لسنة 21 معافاة فى 4 من يونيو سنة 1975 وقد صدر قرار بمعافاته من الرسوم فى 4 من مارس سنة 76 فأقام الطاعن طعنه فى 29 من ابريل سنة 1976 لذلك ولما كان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبول شكلا.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى ان الطاعن أقام الدعوى رقم 27 لسنة 28 قضائية ضد المطعون ضدهم طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر من مدير عام النقد بمصادرة النقد الأجنبى والمصرى التى أخذت من الطاعن على ذمة القضية رقم 27 لسنة 1972 حصر تحقيق نيابة الشئون المالية والتجارية والزام المدعى عليهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة - وبعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة فى 8 من يناير سنة 1974 أضاف الطاعن الى طلباته طلبا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وصرف المبالغ المضبوطة المودع خزينة محكمة استئناف القاهرة والزام المدعى عليها بالمصروفات وأتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. واستند فى دعواه الى انه لم يثبت فى حقه تهمة التهريب وثبتت براءته وأنه قد استشهد أمام النيابة بشهود ايدوه فيما قرره من ان النقد الذى نسب اليه ادخاله الى البلاد بدون اذن انما سلم اليه فى الاسكندرية بعد دخوله مصر من شركائه فى تجارة عباد الشمس - وان ثمة تناقض بين ما ذهبت اليه الادارة من عدم الاذن برفع الدعوى لبراءة الطاعن مما نسب اليه وبين قيامها بمصادرة المبلغ المضبوط فضلا عن ان المصادرة التى قضى بها الحكم محل الطعن تعتبر عقوبة تكميلية بالمخالفة لأحكام قانون العقوبات حيث لم يحكم على الطاعن فى عقوبة أصلية كما ان المبالغ محل المصادرة - لم تحصل من جريمة فضلا عن ان هذه المبالغ ملك للغير حسن النية وفقا لما هو ثابت فى التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة للشئون المالية والتجارية ومن ثم يكون القرار محل الطعن قد صدر باطلا وغير مشروع متعين الالغاء وقد تظلم الطاعن من القرار فى 12 من يونيه سنة 1973.
وتقدمت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الاقتصاد بمذكرة جاء فيها انه وفقا لما هو ثابت بملف القضية رقم 27 لسنة 1972 حصر تحقيق مالية ان الطاعن قدم من الجمهورية العربية الليبية فى 23/ 10/ 1972 حاملا معه مبلغ 3065 جنيها مصريا و370 جنيها ليبيا بقصد توزيعها على أصحابها من أقارب المواطنين المصريين العاملين معه فى ليبيا وقد تحرر بذلك محضر شرطة مغاغة فى 24/ 10/ 1972 ولما كانت هذه الواقعة تشكل مخالفة لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 والقرار الوزارى رقم 1493 لسنة 1961 لذلك فقد أذنت الادارة العامة للنقد برفع الدعوى العمومية لما أثبتته معلومات ادارة مكافحة تهريب النقد من كثرة تردد الطاعن بين مصر وليبيا وما عرف عن نشاطه فى مجال تهريب النقد الا أن ادارة النقد عادت فأخطرت النيابة العامة فى مايو سنة 1973 بكونها قد رأت العدول عن الاذن برفع الدعوى اكتفاء بمصادرة النقد المصرى والأجنبى المضبوط وبناء عليه حفظت النيابة العامة الأوراق بعد قيدها - وأضافت ادارة قضايا الحكومة ان الثابت من التحقيقات التى أجرتها الشرطة والنيابة ثبوت تهمة دخول الطاعن البلاد حاملا أوراق نقد مصرى وأجنبى بالمخالفة لأحكام المادة الثامنة من القانون رقم 80 لسنة 1947 معدلا والقرار الوزارى رقم 51 لسنة 1947 وكونه لم يثبت تلك المبالغ عند مروره بجمرك السلوم عند قدومه من ليبيا وان قرار المصادرة قد تم فى حدود السلطة المخولة قانونا وانتهت الى طلب الحكم برفض الدعوى فى شقها العاجل والموضوعى.
وبجلسة 22 من ابريل سنة 1975 حكمت محكمة القضاء الادارى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعى بالمصروفات واستندت فيما خلصت اليه الى ما ثبت لديها من الاطلاع على ملف القضية رقم 27 لسنة 1972 حصر تحقيق شئون مالية والمقيدة برقم 620 لسنة 1973 ادارى مالية ان القرار محل الطعن قد صدر فى 5 من مايو سنة 1973 وان المدعى قد قرر فى صحيفة دعواه انه تظلم من هذا القرار فى 12 من يونيه سنة 1973 ولم يقم من بين الأوراق دليل على ان الجهة الادارية قد ردت على هذا التظلم مما يعد بمثابة رفضه ومن ثم كان على المتظلم ان يقيم دعواه خلال الستين يوما التالية للستين يوما التى أعقبت تاريخ تقديمه لتظلمه أى فى موعد غايته 10 من أكتوبر سنة 1973 ولما كان المدعى قد أقام دعواه فى 11 من أكتوبر سنة 1973 فمن ثم تكون قد رفعت بعد الميعاد.
ويقوم الطعن الماثل على ان الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب من حيث الواقع والقانون للأسباب الآتية:
أولا: استند الحكم الى ما ورد فى صحيفة الدعوى من ان الطاعن قد تقدم بتظلم من القرار محل الطعن فى 13/ 6/ 1973 ومن ثم كان عليه ان يقيم دعواه فى موعد غايته 10/ 10/ 1973 - ويرد على ذلك ان الثابت ان التظلم أرسل بالبريد المسجل فى 13/ 6/ 1973 وقد وصل الجهة الادارية وتم قيده فى 23/ 6/ 1973 وان العبرة بقيد التظلم وبذلك تكون الدعوى مقبولة شكلا.
ثانيا: ان الطاعن يقيم ببلدته العدوة محافظة المنيا التى تبعد عن القاهرة بمسافة تزيد على 200 كيلو متر ومن ثم يكون من حق الطاعن ان تحسب له ميعاد مسافة - أربعة أيام - ليباشر فيه اجراءات الطعن وفقا للقانون.
ثالثا: ان قرار المصادرة محل الطعن يخالف القانون لأن المصادرة لا تكون الا بحكم جنائي. كما ان ادارة النقد أمرت بالمصادرة وذكرت انها عقوبة فى الوقت الذى أمرت فيه بعدم السير فى اجراءات المحاكمة وحفظ الدعوى الجنائية وان مرجع ذلك الى براءة الطاعن وما ثبت من تناقض بين ما ورد فى محضر البوليس الذى بصم عليه الطاعن دون ان يعلم عنه شيئا لعدم معرفته للكتابة والقراءة وأقواله أمام النيابة حيث ثبت ان النقد الذى نسب اليه ادخاله قد سلم اليه فى الاسكندرية بعد دخوله.
رابعا: ان المصادرة لا تكون الا بحكم جنائى (م/ 30 من قانون العقوبات) وان القرار المطعون فيه يعتبر عقوبة تكميلية فاقدة لأساسها القانونى لأنه لم يصدر بها حكم قضائى كما ان المبالغ موضوع المصادرة لم تحصل من جريمة ولم تستعمل فى جريمة بل انها مبالغ مملوكة للغير حسن النية.
خامسا: انه كان على محكمة القضاء الادارى ان توقف الدعوى - حتى يقوم الخصوم باقامة الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار المصادرة لمخالفته لأحكام الدستور الدائم استجابة الى الدفع الذى أبدى أمامها.
ومن حيث ان القانون رقم 80 لسنة 1947 ينظم الرقابة على أعمال النقد وهو القانون الذى صدر القرار محل الطعن فى ظل سريان أحكامه قد نص فى المادة/ 2 على ان "يحظر استيراد وتصدير أوراق النقد على اختلاف أنواعها وكذلك القراطيس المالية والكوبونات وغير ذلك من القيم المنقولة أيا كانت العملة المقومة بها الا بالشروط والأوضاع التى يحددها وزير المالية بقرار منه.
وينظم وزير المالية بقرار يصدره استيراد وتداول شيكات السياحة وتحديد المصارف المرخص بها بالتعامل فيها.
وتنص المادة/ 9 معدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 على ان "كل من خالف أحكام المواد الأولى والثانية والثالثة أو شرع فى مخالفتها أو حاول ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على خمس سنوات...... وفى جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها لجانب الخزانة العامة فان لم تضبط يحكم على الجانى عدا العقوبات السابقة بغرامة اضافية تعادل قيمة هذه المبالغ.
ولا يجوز رفع الدعوى بالنسبة الى الجرائم المتقدم ذكرها أو اتخاذ اجراء فيها الا بناء على اذن من وزير المالية والاقتصاد أو ممن يندبه لذلك. وفى حالة عدم الاذن يجوز للوزير أو لمندوبه مصادرة المبلغ موضوع المخالفة".
ومن حيث ان المحكمة الدستورية العليا قد حكمت فى القضية الدستورية 3 لسنة 8 قضائية "دستورية" بجلستها المعقودة فى 4 من مارس سنة 1978 "بعدم دستورية المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد معدلة بالقانون رقم 111 لسنة 1953 فيما نصت عليه من انه فى حالة عدم الاذن برفع الدعوى يجوز لوزير المالية أو لمندوبه مصادرة المبلغ موضوع المخالفة وذلك اعتبارا من تاريخ نفاذ الدستور فى 11 سبتمبر سنة 1971..".
ومن حيث ان رقابة دستورية القوانين تستهدف صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه بحسبانه الوعاء الجامع للمبادئ والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم والتى تحتل المقام الأعلى فى مجال التدرج الهرمى للقواعد التشريعية والتى يتعين التزامها والوقوف عند حدودها فى ممارسة السلطة وان مقتضى الحكم بعدم دستورية نص فى القانون أو اللائحة ان يهدر النص كلية مما شملة من أحكام من عداد القواعد التشريعية وان يتجرد من صفته التشريعية وان يعتبر كأن لم يكن بالنسبة للكافة اعتبارا من تاريخ صدوره أو من تاريخ العمل بالدستور أيهما أقرب.
ومن حيث انه بتطبيق تلك الأصول على خصوصية الحالة المعروضة فانه لما كان الثابت من الأوراق ان قد نسب الى الطاعن كونه قدم من الجمهورية العربية الليبية فى 23 من أكتوبر سنة 1972 حاملا معه مبلغ 3065 جنيها مصريا و370 جنيها ليبيا وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 بشأن الرقابة على النقد وقرار وزير المالية رقم 1493 لسنة 1961 وقد حرر بذلك محضر شرطة مغاغة فى 24 من أكتوبر سنة 1972 وأذنت الادارة العامة للنقد بمقتضى كتابها المؤرخ 2 من ديسمبر سنة 1972 باتخاذ الاجراءات القانونية لرفع الدعوى العمومية ضده الا انها عادت وأخطرت نيابة الشئون المالية والتجارية فى 5 من مايو سنة 1973 بانها لا ترى الاذن برفع الدعوى اكتفاء بمصادرة النقد المصرى والأجنبى المضبوط وهو القرار محل الطعن الماثل.
وفى هذا المقام فانه ولئن كان الثابت ان ادارة قضايا الحكومة قد قامت فى 15 من أكتوبر سنة 1975 بعد صدور الحكم محل الطعن بسحب حافظة المستندات التى سبق ان أودعتها أمام محكمة القضاء الادارى والتى تحوى ملف القضية رقم 27 لسنة 1972 حصر تحقيق المالية والتى حوت الأوراق والمستندات والاحراز الخاصة بما نسب الى الطاعن - وانه عندما طلب منها - أمام المحكمة الادارية العليا - اعادة الأوراق التى سبق سحبها - تقدمت بحافظتى مستندات انطوتا على كتابين للسيد رئيس نيابة الشئون المالية والتجارية مفادهما ان القضية رقم 27 لسنة 1972 المشار اليها قد دشتت ولم يعد لها وجود - الا ان ذلك - ليس من شأنه ان ينال من قيام الحقيقة ممثلة فى صدور قرار من ادارة النقد بمصادرة المبالغ التى تم ضبطها مع الطاعن على النحو السابق بيانه وهو ما ورد مضمونه فى الحكم المطعون فيه ودفاع ادارة قضايا الحكومة منسوبا الى معين واحد هو الرجوع الى ملف القضية رقم 27 لسنة 1972 المشار اليها.
هذا ولا يفوت المحكمة فى تلك الخصوصية ان تشير الى انه لئن كان للجهة الادارية ان تسحب المستندات المقدمة منها بعد صدور الحكم الا ان القيام بدشتها رغم قيام القضية - بحسبان ان السحب قد تم بعد تقديم الطعن فى الحكم - هو أمر يستوجب اعادة النظر فى تنظيم سحب المستندات خلال مدة الطعن أو بعد التقدم به بمراعاة طبيعة المنازعة الادارية ودور الجهة الادارية كخصم شريف يهدف أصلا الى تطبيق أحكام القانون والسهر على تنفيذه وما يثيره الطعن أمام المحكمة الادارية العليا من طرح النزاع كاملا لتقضى فيه.
وحيث انه وقد ثبت ان الادارة العامة للنقد قد صادرت المبالغ المضبوطة استنادا الى السلطات المخولة لمقتضى أحكام المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 المشار اليه - فانه وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة التاسعة فى خصوصية ما نصت عليه من انه فى حالة عدم الاذن برفع الدعوى يجوز لوزير المالية أو لمندوبه مصادرة المبلغ موضوع المخالفة وذلك اعتبارا من تاريخ نفاذ الدستور فى 11 من سبتمبر سنة 1971 لذلك يكون القرار محل الطعن وقد صدر فى 20 من مايو سنة 1972 قد هوى فاقدا لأساسه ومجردا من مقوماته حيث لا سند للادارة فيما تمادت اليه من مصادرة المبالغ التى ضبطت مع الطاعن بعد ان زالت الصفة التشريعية للمادة التاسعة فى الحدود المبينة اعتبارا من 11/ 9/ 1971 - ويكون قرارها - فى ظل العمل باحكام المادة/ 36 من دستور سنة 1971 والتى تنص على ان "المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة الا بحكم قضائى" يكون قد انطوى على غصب السلطة وانحدر الى مرتبة العدم حيث لا حصانة ولا عاصم من ان يمتد اليه الرقابة القضائية دون التقيد بالمواعيد المقررة لاقامة دعوى الالغاء.
ومن حيث انه متى تقرر ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقد انتهى الى عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد - وقد قضى بعدم دستورية المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 اعتبارا من 11 من سبتمبر سنة 1971 على النحو المبين فان القرار محل الطعن يكون قد صدر منعدما على التفصيل المبين مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر من الادارة العامة للنقد بمصادرة مبالغ النقد المصرى 3065 جنيها مصريا والنقد الأجنبى "370 جنيها ليبيا" التى ضبطت مع الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الجهة الادارية بالمصروفات عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار المطعون فيه والزمت الحكومة بالمصروفات.