مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1010

(110)
جلسة 6 من مايو سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخارى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف ابراهيم الشناوى وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 452 لسنة 11 القضائية

( أ ) تأميم. تشريع. "أثر رجعى".
ورود اسم الشركة محرفا فى الجدول المرافق للقانون رقم 151 لسنة 1963 باضافة بعض شركات ومنشآت النقل والطرق الى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 - عدم منازعة المدعية فى أن المقصود هو الشركة موضوع النزاع - ادعاؤها أن تحريف اسم الشركة باضافة كلمة "النقل" اليه مقصود به دفع المسئولية عن الخطأ فى التحفظ على سيارات المدعية اذ أن القانون المشار اليه يستهدف تأميم الشركات والمنشآت التى تعمل فى مرفق النقل - عدم صحة هذا النظر - أساس ذلك من أوضاع الشركة الخاصة ومن القوانين رقم 77 لسنة 1963 ورقم 151 لسنة 1963 ورقم 140 لسنة 1964 بالغاء الأثر الرجعى للقانون الأول.
(ب) تشريع. "تفسيره". تأميم.
مدى جواز الرجوع الى الأعمال التحضيرية للتشريع ومنها مذكرته الايضاحية لتفسير نصوصه - عدم جواز الرجوع اليها الا عند غموض النص أو وجود لبس فيه - لا سبيل الى تخصيص النص وتقييد اطلاقه بالرجوع الى المذكرة الايضاحية - مثال من القانون رقم 151 لسنة 1963 ومذكرته الايضاحية.
(جـ) اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. تأميم.
كون المركز القانونى الذى تضرر منه المدعية قد نشأ مباشرة من القانون رقم 151 لسنة 1963 لا من قرار ادارى - خروج المنازعة عن ولاية مجلس الدولة.
1 - انه ولئن كان الاسم الذى ورد فى الجدول المرافق للقانون رقم 151 لسنة 1963 هو (شركة الأتوبيس الأفريقية للسياحة والنقل) الا أنه لا شك فى أن المقصود به هو الشركة موضوع النزاع اذ فى عبارته ما يكفى للتعريف بالشركة المراد تأميمها كما أنه لا توجد شركة أخرى تحمل ذات الاسم الوارد فى الجدول المشار اليه وتباشر ذات النشاط وقد تضمنت أسباب الطعن ما يفيد أن المدعية لا تجادل فى أن (شركة الأتوبيس الافريقية للسياحة والرحلات) هى المقصودة بالتأميم ولكنها تدعى أن ورود أسمها فى الجدول المرافق للقانون محرفا باضافة كلمة النقل اليه قد استهدفت به المؤسسة العامة للنقل الداخلى دفع المسئولية التى نجمت عن الخطأ الذى وقعت فيه بالتحفظ على سياراتها وذلك بادخالها ضمن الشركات المؤممة بمقتضى القانون المذكور الذى استهدف تأميم الشركات والمنشآت التى تعمل فى مرفق النقل - وتضيف المدعية تأسيسا على ذلك أنه اذا كان هذا القانون لم يهدف الى تأميم شركتها فان التأميم الذى اصابها يكون قد بنى على قرار ادارى صادر من المدعى عليهما غير مستند الى أساس من القانون. وأن الثابت من الأوراق أن سيارات شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات كانت قبل أيلولتها الى هذه الشركة وبمقتضى عقد البيع المؤرخ فى 18 من يونيو سنة 1963 من بين موجودات منشأة أركسدجبان التى أممت بمقتضى القانون رقم 77 لسنة 1963 الصادر فى 12 من أغسطس سنة 1963 والذى رد تأميم تلك المنشأة الى تاريخ العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1961 ولذلك فان الاجراء الذى اتخذ عقب تأميمها فى شأن التحفظ على تلك السيارات والاستيلاء عليها كان اجراء سليما ومتفقا مع الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963 وذلك باعتبار أن السيارات المذكورة كانت من بين موجودات منشأة أراكسيدجيان فى التاريخ الذى ارتد اليه تأميمها - ولئن كان هذا الأثر الرجعى قد ألغى بمقتضى القانون رقم 140 لسنة 1964 الا أن ذلك لم يكن له أثر على مصير تلك السيارات من حيث تأميمها ذلك أن شركة الأتوبيس الأفريقية المشترية لها كانت قد أممت بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 - وقد روعى فى هذا التأميم حسبما هو مستفاد من المذكرة الايضاحية للقانون رقم 14 لسنة 1964 تحقيق الهدف الذى تغياه المشرع وهو العمل على أيلولة وحدات النقل الى الدولة بالحالة التى كانت عليها فى سنة 1961 وبذلك أصبحت الشركة المذكرة مؤممة بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 بغير حاجة الى الاستناد الى الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963.
2 - أنه لا وجه للنعى على تأميم الشركة محل النزاع بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 بأن هذا التأميم قد انطوى على خروج على الأهداف التى حددها هذا القانون استنادا الى أن المستفاد من مذكرته الايضاحية أن الشركات والمنشآت التى قصد تأميمها هى المتعلقة بالنقل والطرق أى التى تباشر نقل البضائع ومواد البترول أو تباشر نقل الأشخاص بصفة منتظمة كمرفق عام - لا وجه لذلك اذ الأصل هو اطلاق سلطة المشرع فى التشريع فى الحدود التى يرسمها الدستور فيقوم بتنظيم الروابط المختلفة ولا يتقيد فى هذا التنظيم بهدف غير المصلحة العامة وهى مفترضة وليس من شك فى أن التماس التعرف على أغراض التشريع انما يكون أولا فى نصوصه قبل التماسها فى الأعمال التحضيرية ولا يلجأ الى الأعمال التحضيرية ومنها المذكرة الايضاحية الا عند غموض النص أو وجود لبس فيه - أما اذا كان النص واضحا صريحا مطلقا فلا سبيل الى تخصيصه وتقييد اطلاقه بالرجوع الى المذكرة الايضاحية.
3 - انه وقد أممت الشركة المذكورة بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 فان المركز القانونى الذى تتضرر منه المدعية يكون قد نشأ مباشرة من هذا القانون لا من قرار ادارى كما تدعى - أما ما اتخذ من اجراءات اقتضاها هذا التأميم فلا تعدو أن تكون اجراءات تنفيذية لحكم القانون المذكور - فتخرج المنازعة الراهنة والحالة هذه - عن ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 24 من أكتوبر سنة 1964 أقامت السيدة/ أنموش اسطفان الدعوى رقم 152 لسنة 19 القضائية ضد وزير النقل ومدير المؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلى طالبة الحكم - أولا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليهما بتأميم شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات المملوكة لها والمشار اليها فى صلب الصحيفة. وثانيا: وفى الموضوع بالغاء قرار تأميم الشركة المذكورة وخروجها عن نطاق تطبيقه - ويتصل ما قالته شرحا لدعواها فى تلك الصحيفة وفى المذكرة التى تقدمت بها بدفاعها فى أنها أنشأت متضامنة مع شريكه أخرى شركة توصية بسيطة باسم شركة (الأوتوبيس العربية للسياحة والرحلات) سجل ملخصها بمحكمة القاهرة الابتدائية فى 4 من أغسطس سنة 1962 برقم 341 شركات برأسمال عبارة عن سيارات تملكها وتحمل أرقام أوتوبيس خاص القاهرة والجراج الكائن بشارع يوسف رقم 8 بالمطرية وورشة الصيانة الملحقة بها وعدلت التسمية التجارية للشركة فأصبحت شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات) بمقتضى عقد عرفى حرر فى أول أبريل سنة 1963 وشهر بالقلم التجارى بمحكمة القاهرة الابتدائية فى 23 من يونيو سنة 1963 تحت رقم 2231 وقد عهدت الى ابنها أراكسيدجيان بادارة هذه المنشأة لما له من خبرة ولأنه يملك سيارات تعمل فى نقل المواد البترولية والبضائع ولما أممت منشأة الابن بالقانون رقم 77 لسنة 1963 طبقت المؤسسة المدعى عليها التأميم كذلك على سيارات المدعية التى تحمل أرقام 301، 302، 303، 304، 305، 306، 307، 354، أمنيبوس خاص القاهرة وهى التى تمتلكها شركة الأوتوبيس الأفريقية التى لم تؤمم بطريق الشراء من السيد/ أرازاربه كسدجيان بالعقد المصدق على توقيع البائع عليه تحت رقم 51293 فى 29 من يونيه سنة 1963 بمأمورية توثيق مصر الجديدة وذكرت المدعية أن التحفظ الذى تم من جانب المؤسسة المصرية العامة للنقل الداخلى المدعى عليها على سيارات الشركة الأفريقية للسياحة والرحلات كان خاطئا اذ أن القانون رقم 77 لسنة 1963 لم يتضمن سوى منشأة أراكسدجيان ومنشأة أراكسدجيان وشركاه ولم يرد به اسم شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات وأن هذا التحفظ اتخذ تطبيقا للأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963 اذ نص فيه على العمل به من تاريخ العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1961 وكانت سيارات هذه الشركة ضمن الأصول المباعة من منشأة أراكسيدجيان خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1961 حتى تاريخ صدور القانون رقم 77 لسنة 1963 الذى نشر فى الجريدة الرسمية فى 12 من أغسطس سنة 1963 فيكون قد وقع باطلا بعد صدور القانون رقم 140 لسنة 1964 الذى أسقط الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963 ذلك أن الشركة التى نص على تأميمها فى الجدول الملحق بالقانون رقم 151 لسنة 1963 هى الشركة الأفريقية للسياحة والنقل وهى تحمل اسما آخر يختلف عن اسم الشركة التى أجرى عليها حكم هذا التأميم هذا فضلا عن اختلاف نشاط الشركة التى أجرى عليها حكم التأميم فعلا عن الأغراض التى حددها القانون رقم 151 لسنة 1963 اذ أنه اقتصر على الشركات التى تضمنها الجدول الملحق به والتى تقوم بنشاط نقل البضائع والمواد البترولية وفقا للتحديد الذى أوردته مذكرته الايضاحية - واشارت المدعية الى أن تظلمها من تأميم الشركة أحيل على المستشار القانونى للمؤسسة فرأى خضوع الشركة للتأميم وأن الجهة التى تختص بطلب الافراج عنها واخراجها عن نطاق التأميم هى اللجنة المشكلة بقرار مدير المؤسسة رقم 25 لسنة 1964 وذكرت أنه عند عرض الأمر على هذه اللجنة رأت أن القانون رقم 151 لسنة 1953 لا ينصرف الى الشركة الاتوبيس الأفريقية للسياحة والنقل للاختلاف الظاهر فى السمة والتسمية التجارية للشركة التى وردت بملحق القانون المشار اليه عنها فى الشركة التى جرى عليها التأميم فعلا ولأن المشرع انما استهدف بالقانون المذكور تأميم منشآت النقل والطرق ولم يهدف الى غير ذلك من الأغراض فيخرج عن نطاق أحكامه أمر تأميم السيارات الخاصة للسياحة أو التى تباشر النقل الخاص للأشخاص فى غير نطاق المرفق العام ولأن القانون رقم 140 لسنة 1964 قد ألغى الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963 - واستطردت المدعية فقالت ان اللجنة سالفة الذكر طلبت فى ختام مذكرتها عرض الموضوع على ادارة الرأى المختصة بمجلس الدولة التى أفتت بأنه لا يجوز للجنة المذكورة أن تقرر اخراج شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات من التأميم الا اذا كانت تلك الشركة تملك وقت صدور القانون رقم 151 لسنة 1963 أقل من خمس سيارات وانتهت المدعية فى مذكرتها الى القول بأنها لم تطلب الغاء القانون الصادر بالتأميم وانما أنصبت طلباتها المستعجلة والموضوعية على الغاء القرار الصادر من مؤسسة النقل بادخال شركة الأتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات ضمن الشركات المؤممة بالقانون رقم 151 لسنة 1963 وان هذه الطلبات تدخل فى اختصاص محكمة القضاء الادارى ما دام أن القرار قد جاء مخالفا لما قضى به القانون وأنه بهذا يكون طلب الالغاء قد استقام من الناحية الموضوعية ويكون الطب المستعجل قد استند الى ركنه الأول الخاص بالجدية هذا فضلا عن توفر ركنه الثانى اذ أن تصفية المشروع المؤمم تعتبر أثرا من آثار التأميم وهو أمر يرتب آثارا يتعذر تداركها.
وأودعت وزارة النقل مذكرة بدفاعها أنتهت فيها الى طلب الحكم أصليا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع واحتياطيا برفض طلب وقف التنفيذ وفى الموضوع برفض الدعوى مع الزام المدعية بالمصروفات والأتعاب - وبنت دفعها بعدم الاختصاص على أن المدعية تطلب الغاء القرار الخاص بتأميم الشركة التى تملكها مع آخرين وهو أمر يخرج عن اختصاص القضاء لما ينطوى عليه من افتئات على السلطات التشريعية وأن الدستور المصرى لم يرتب للقضاء حقا فى الرقابة القانونية على مشروعية القوانين فلا يجوز القضاء بالغاء قانون أو باستبعاد تطبيقه على واقعات الدعوى - وردت على الدعوى فى موضوعها بأنه ولئن كان القانون رقم 140 لسنة 1964 قد نص على الغاء الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963 الا أن الوضع لم يتغير بالنسبة الى المدعية مادام أن القانون رقم 151 لسنة 1963 قد نص على اضافة اسم الشركة موضوع الدعوى الى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 وعلى الرغم من ورود اسم الشركة المذكورة بهذا القانون بوصفها شركة الأوتوبيس الافريقية للسياحة والنقل فان المقصود بهذا الاسم هو شركة الأوتوبيس الافريقية للسياحة والرحلات اذ لا توجد شركة أخرى تباشر ذات النشاط أو تحمل ذات الاسم الوارد بالقانون سوى هذه الشركة كما أن الشركات التى استهدف القانون تأميمها هى شركات نقل البضائع أو الأشخاص لان كلمة النقل وردت عامة مطلقة غير مخصصة فى صدروه ولو كان فى تأميم تلك الشركة خروج على أهداف القانون رقم 151 لسنة 1963 لاصلح المشرع أمر هذا الخطأ وعالجه عند اصداره القانون رقم 140 لسنة 1964 وذلك بالنص على اخراج الشركة المذكورة من نطاق التأميم كما فعل بالنسبة الى الشركات الى تمتلك أقل من خمس سيارات.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى على أنه بعد أن صدر القانون رقم 77 لسنة 1963، باضافة بعض الشركات والمنشآت الى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت صدر القانون رقم 151 لسنة 1963 ونشر فى 9 نوفمبر سنة 1963 ونص فى مادته الأولى على أن "يضاف الى الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق للقانون 117 لسنة 1961 المشار اليه الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها الى الدولة". ثم نشر استدراك فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 258 فى 11 من نوفمبر سنة 1963 جاء به أنه وقع خطأ مطبعى فى المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1963 وصحتها كما يلى "تضاف الى الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 المشار اليه شركات ومنشآت النقل والطرق الواردة..." وأنه واضح مما تقدم أن العنوان فى القانون رقم 117 لسنة 1961 وما تلاه من قوانين أرفقت بها جداول وكشوف لالحاقها بجداول القانون الأول فى هذا الخصوص ليس فيه تقييد أو تخصيص وأن الوصف الذى أضيف بالاستدراك الى القانون رقم 151 لسنة 1963 لا يفيد ذلك التقييد الذى تذهب اليه المدعية فمنشآت النقل قد يتعلق نشاطها بالبضائع كما يتعلق كذلك بالأشخاص وما ورد بالمذكرة الايضاحية هو اشارة الى جانب من الجوانب التى ينظمها التشريع لا تعنى القصر عليه أما الاسم الوارد بالجدول المرافق للقانون رقم 151 لسنة 1963 فهو اجراء استهدفت به الجهة الادارية عن طريق الالتجاء الى صاحب السلطة التشريعية تصحيح الوضع المادى المتعلق بشركة المدعية بعد أن أممت أموالها وممتلكاتها فعلا وذلك بايجاد الأداة التشريعية التى تسبغ على هذ التأميم المشروعية القانونية فالمشرع قد استهدف عند اصداره القانون المشار اليه تأميم الشركة موضوع الدعوى ولم يقصد تأميم سواها من الشركات وانتظم الاسم الوارد بالجدول المرافق لهذا القانون فى عبارته ما يكفى للتعريف بالشركة المراد تأميمها وبذلك انقضت الجهالة وتحددت الشركة المؤممة والعبرة بالمقاصد والمعانى لا بالألفاظ والمبانى والمركز القانونى لهذه المنشأة باعتبارها شركة مؤممة ترتب بمولد القانون رقم 151 لسنة 1963 واستمر وجوده منذ العمل به بصفة مباشرة أما ما اتخذ بعد ذلك من قرارات فلا يعدو أن يكون عملا ماديا أو اجراء تنفيذيا لحكم القانون ولهذا يكون الدفع بعدم الاختصاص الولائى المبدى من الجهة الادارية صحيحا.
ومن حيث ان الطعن يقوم على سببين:
الأول - أن الحكم قد أخطأ اذ ذهب الى أن المشرع استهدف عند أصداره القانون رقم 151 لسنة 1963 تأميم الشركة موضوع النزاع دون سواها، ذلك أن القرار الصادر بالتحفظ على سيارات شركة الأتوبيس الافريقية للسياحة والرحلات وممتلكاتها صدر من المفوض على منشأة أراكسدجيان المؤممة بالقانون رقم 77 لسنة 1963 بوصفه ممثلا للمؤسسة العامة للنقل الداخلى متجاوزا فيه حدود سلطته وعندما أحست المؤسسة العامة للنقل الداخلى هذا الخطأ قامت باضافة شركات أخرى بمقتضى كشف ملحق بالقانون رقم 151 لسنة 1963 ذكر فيه اسم (شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والنقل وهو ليس كاسم الشركة الطاعنة واسمها (شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات) وفى اضافة كلمة النقل عن عمد لاسم الشركة ما يشعر بأن المؤسسة المذكورة تعلم أن القانون رقم 151 لسنة 1963 أنما صدر بقصد تأميم شركات النقل والطرق فأضافت كلمة النقل لسد ما تحويه من خطأ واضح ولتتمكن من أن تدرج أسم الشركة بالجدول المرافق للقانون رقم 151 لسنة 1963 وبذلك تدفع المسئولية التى تنجم عن الخطأ الذى وقعت فيه بالتحفظ على سيارات وأموال شركة الأوتوبيس الأفريقية ولهذا طالبت الشركة بالغاء القرار الصادر من المؤسسة بادخالها ضمن الشركات المؤممة بذلك القانون الذى استهدف تأميم الشركات التى تعمل فى النقل لما لمرفق النقل من دور حيوى فى الصناعة والتجارة والانتاج حسبما يتضح بجلاء من نصوص القانون ومذكرته الايضاحية - ويؤكد هذا النظر الاستدراك الذكر نشر فى الجريدة الرسمية فى 11 من نوفمبر سنة 1963 فى شأن الخطأ المطبعى الذى وقع فى المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1963 والمفهوم منه أن المشرع خصص الشركات والمنشآت التى تؤمم بأنها شركات النقل والطرق فقط أى التى تعمل فى مرفق النقل عامة فى حين أن سيارات الشركة التى تم التحفظ عليها عند تنفيذ قانون التأميم كلها خاصة بنقل الأشخاص وتحمل أرقاما معدنية نقل خاص ولا ينصرف اليها حكم القانون رقم 151 لسنة 1963 واذ كان هذا القانون لم يهدف الى تأميم الشركة الطاعنة فان التأميم الذى اصابها يكون قد بنى على قرار ادارى صادر من المطعون ضدهما غير مستند الى أساس قانونى يسبغ عليه المشروعية فيختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر النزاع.
الثانى - أن القرار الادارى المطعون فيه يفتقر الى الأساس القانونى الذى يسبغ عليه المشروعية اذ أن الادارة باصدارها القرار بتأميم الشركة موضوع النزاع قد خرجت على لقانون الذى هدف الى تأميم مرفق نقل البضائع والمهمات دون ذلك الذى تعلق بالأشخاص ومحاولة الادارة تحقيق آثار قانونية لا يمكن تحقيقها الا بقانون والالتجاء الى تحريف اسم الشركة الى (شركة الأوتوبيس الافريقية للسياحة والنقل) باضافة كلمة (النقل). الى اسم الشركة لاقرار ادراجها بالكشف الملحق بالقانون رقم 151 لسنة 1963 رفعا لمسئوليتها عما وقعت فيه من خطأ بالتحفظ على سياراتها ترتب عليه أن القرار الادارى الذى صدر بتنفيذ القانون المذكور على الشركة موضوع النزاع جاء باطلا.
ومن حيث ان المدعى عليهما قد عقبا على الطعن بمذكرة انتهيا فيها الى طلب الحكم برفضه والزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث انه يبين من الأوراق أنه بمقتضى عقد مؤرخ فى 28 من يوليو سنة 1962 تم الاتفاق بين المدعية والسيدة/ أنوش اسطفان وبين الآنسة فيرجين فيرا أراكسدجيان القاصر المشمولة بولاية والدها السيد أركسدجيان على تكوين شركة توصية بسيطة بينهما باسم (أ. كسدجيان وشركاها) سمتها التجارية (شركة الأوتوبيس العربية للسياحة والرحلات) وغرضها القيام بأعمال السياحة والرحلات الفردية والجماعية بالسيارات ونقل الأفراد والجماعات وسجل ملخص هذ العقد بمحكمة القاهرة الابتدائية فى 4 من أغسطس سنة 1962 ثم بمقتضى عقد مؤرخ فى أول أبريل سنة 1963 عدلت السمة التجارية للشركة الى (شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات) وسجل ملخص هذا العقد بمحكمة القاهرة الابتدائية فى 23 من يونية سنة 1963 - وقد تملكت الشركة المذكورة سياراتها عن طريق الشراء من السيد/ أرازيه كسيدجيان بمقتضى عقد بيع مؤرخ فى 18 من يونيه سنة 1963 تم التصديق على توقيع البائع عليه فى 29 من يونيه 1963 وبتاريخ 12 من أغسطس سنة 1963 صدر القانون رقم 77 لسنة 1963 متضمنا تأميم منشأة اراكسدجيان ومنشأة أراكسدجيان وشركاه. وذلك باضافتهما الى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت - وتنفيذا لذلك القانون تم الاستيلاء على المنشأتين المذكورتين كما تم التحفظ على سيارات شركة الأوتوبيس الأفريقية باعتبارها من الأصول المبيعة من منشأة آراكسدجيان الى الشركة المذكورة خلال الفترة ما بين تاريخ العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1961 وتاريخ العمل بالقانون رقم 77 لسنة 1963 وذلك اعمالا للأثر الرجعى لهذا القانون الأخير الذى نص على أن يعمل به من تاريخ العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1961 - ثم بتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1963 صدر القانون رقم 151 لسنة 1963 متضمنا تأميم (شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والنقل) باضافتها هى وبعض الشركات والمنشآت الأخرى الى الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 وذلك بأثر رجعى اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون - ثم فى 24 من مارس سنة 1964 صدر القانون رقم 140 لسنة 1964 بتعديل بعض أحكام القوانين أرقام 77، 78، 151، لسنة 1963 متضمنا النص على الغاء الأثر الرجعى للقوانين المذكورة وجاء فى المذكرة الايضاحية لذلك القانون أنه (لما كانت كل من القوانين رقم 77، 78، 151 لسنة 1963 بتأميم منشآت وشركات النقل قد تضمنت العمل بأحكامها من 20 من يوليه سنة 1961 وهو تاريخ العمل بالقوانين الاشتراكية رقم 117، 118 لسنة 1961 وكان الهدف الذى تغياه المشرع من ذلك هو العمل على أيلولة وحدات النقل الى الدولة بالحالة التى كانت عليها سنة 1961 نظرا لما أصاب ملكية هذه الوحدات من تفتيت ونظرا لأن هذا الغرض قد أمكن تحقيقه عن طريق التشريع اذ تضمن القانون رقم 151 لسنة 1963 أسماء أصحاب هذه المنشآت وشركائهم - ولما كان الأثر الرجعى للقوانين المذكورة أصبح غير ذى موضوع بعد أن تحققت حكمته فضلا عما أثاره فى التطبيق من صعوبة فى التنفيذ الى أن متابعة الملكية من سنة 1961 حتى تاريخ العمل بالقوانين المذكورة أثار بعض الصعوبات والمشاكل ولذلك رؤى أن يكون تنفيذ القوانين من تاريخ صدورها).
ومن حيث انه ولئن كان الاسم الذى ورد فى الجدول المرافق للقانون رقم 151 لسنة 1963 هو شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والنقل الا أنه لا شك فى أن المقصود به هو الشركة موضوع النزاع اذ فى عبارته ما يكفى للتعريف بالشركة المراد تأميمها كما أنه لا توجد شركة أخرى تحمل ذات الاسم الوارد فى الجدول المشار اليه وتباشر ذات النشاط وقد تضمنت أسباب الطعن ما يفيد أن المدعية لا تجادل فى أن (شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات) هى المقصودة بالتأميم ولكنها تدعى أن ورود اسمها فى الجدول المرافق للقانون محرفا باضافة كلمة النقل اليه قد استهدفت به المؤسسة العامة للنقل الداخلى دفع المسئولية التى نجمت عن الخطأ الذى وقعت فيه بالتحفظ على سياراتها وذلك بادخالها ضمن الشركات المؤممة بمقتضى القانون المذكور الذى استهدف تأميم الشركات والمنشآت التى تعمل فى مرفق النقل - وتضيف المدعية تأسيسا على ذلك انه اذا كان هذا القانون لم يهدف الى تأميم شركتها فان التأميم الذى أصابها يكون قد بنى على قرار ادارى صادر من المدعى عليهما غير مستند الى أساس من القانون.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن سيارات شركة الأوتوبيس الأفريقية للسياحة والرحلات كانت قبل ايلولتها الى هذه الشركة بمقتضى عقد البيع المؤرخ فى 18 من يونيو سنة 1963 من بين موجودات منشأة أركسدجيان التى أممت بمقتضى القانون رقم 77 لسنة 1963 الصادر فى 12 من أغسطس سنة 1963 والذى رد تأميم تلك المنشأة الى تاريخ العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1961 ولذلك فان الاجراء الذى اتخذ عقب تأميمها فى شأن التحفظ على تلك السيارات والاستيلاء عليها كان اجراء سليما ومتفقا مع الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963 وذلك باعتبار أن السيارات المذكورة كانت من بين موجودات منشأة أراكسدجيان فى التاريخ الذى ارتد اليه تأميمها - ولئن كان هذا الأثر الرجعى قد الغى بمقتضى القانون رقم 140 لسنة 1964 الا أن ذلك لم يكن له أثر على مصير تلك السيارات من حيث تأميمها ذلك أن شركة الأوتوبيس الأفريقية المشترية لها كانت قد أممت بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 - وقد روعى فى هذا التأميم حسبما هو مستفاد من المذكرة الايضاحية للقانون رقم 140 لسنة 1964 تحقيق الهدف الذى تغياه المشرع وهو العمل عن أيلولة وحدات النقل الى الدولة بالحالة التى كانت عليها فى سنة 1961 وبذلك أصبحت الشركة المذكورة مؤممة بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 بغير حاجة الى الاستناد الى الأثر الرجعى للقانون رقم 77 لسنة 1963.
ومن حيث انه لا وجه للنعى على تأميم الشركة محل النزاع بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 بأن هذا التأميم قد انطوى على خروج على الأهداف التى حددها هذا القانون استنادا الى أن المستفاد من مذكرته الايضاحية أن الشركات والمنشآت التى قصد تأميمها هى المتعلقة بالنقل والطرق أى التى تباشر نقل البضائع ومواد البترول أو تباشر نقل الأشخاص بصفة منتظمة كمرفق عام - لا وجه لذلك اذ الأصل هو اطلاقا سلطة المشرع فى التشريع فى الحدود التى يرسمها الدستور فيقوم بتنظيم الروابط المختلفة ولا يتقيد فى هذا التنظيم بهدف غير المصلحة العامة وهى مفترضة وليس من شك فى أن التماس التعرف على أغراض التشريع انما يكون أولا فى نصوصه قبل التماسها فى الأعمال التحضيرية ولا يلجأ الى الأعمال التحضيرية ومنها المذكرة الايضاحية الا عند غموض النص أو وجود لبس فيه - اما اذا كان النص واضحا صريحا مطلقا فلا سبيل الى تخصيصه وتقييد اطلاقه بالرجوع الى المذكرة الايضاحية ولقد صدر القانون رقم 151 لسنة 1963 باضافة بعض الشركات ومنشآت النقل والطرق الى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 ونص فى المادة الأولى منه مصححه بالاستدراك الذى نشر فى الجريدة الرسمية فى 11 من نوفمبر سنة 1963 على أن (تضاف الى الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 شركات ومنشآت النقل والطرق الواردة بالجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها الى الدولة). وليس فى نص هذا القانون تقييد أو تخصيص من شأنه قصر التأميم على شركات نقل البضائع والمهمات اذ أن منشآت النقل قد يكون نشاطها متعلقا بالبضائع أو الأشخاص فيكفى أن تكون الشركة المبينة بالجدول المرافق لذلك القانون من الشركات القائمة بالنقل حتى تعتبر داخلة فى مجال تطبيقه وفى دائرة أغراضه - ولئن كانت المذكرة الايضاحية قد اقتصرت على الاشارة الى جانب من الجوانب التى انتظمها التشريع الا أن ذلك لا يعنى أنه قد اقتصر على هذا الجانب دون سواه من أوجه النشاط الأخرى التى لم تشر اليها فى مجال النقل - ولما كانت شركة الأوتوبيس الأفريقية من الشركات التى كانت تقوم بنقل الأشخاص وقد وردت فى الجدول المرافق للقانون 151 لسنة 1963 فانه لا وجه أصلا للقول بأنها ليست من الشركات التى قصد المشرع تأميمها.
ومن حيث انه وقد أممت الشركة المذكورة بمقتضى القانون رقم 151 لسنة 1963 فان المركز القانونى الذى تتضرر منه المدعية يكون قد نشأ مباشرة من هذا القانون لا من قرار ادارى كما تدعى - أما ما اتخذ من اجراءات اقتضاها هذا التأميم فلا تعدو أن تكون اجراءات تنفيذية لحكم القانون المذكور فتخرج المنازعة الراهنة - والحالة هذه عن ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى.
ومن حيث انه لذلك فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى، يكون قد أصاب الحق فى قضائه ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه القضاء برفضه والزام المدعية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنة بالمصروفات.