مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1030

(112)
جلسة 7 من مايو سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل اسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبى والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر المستشارين.

القضية رقم 1053 لسنة 8 القضائية

( أ ) - حكم. "بطلانه". دعوى - محاماة.
النعى على الحكم ببطلانه شكلا بمقولة أن المدعى لم يخطر بالموعد المحدد لنظر الدعوى - ثبوت أن المحامى الوكيل عن المدعى قد حضر أمام هيئة مفوضى الدولة فى جلسة التحضير وأنه أبلغ بميعاد جلسة المرافعة - عدم حضور المحامى الوكيل يوم الجلسة وحضور محام آخر عنه لم يطلب التأجيل الى حين حضور المحامى الأصلى أو الترخيص للمدعى فى الأطلاع والرد على المذكرة المقدمة من الحكومة - لا بطلان - لا يغير من ذلك أن المحامى الذى حضر كان متطوعا ودون أنابة من المحامى الأصلى.
(ب) - موظف. "ضم مدة الخدمة السابقة".
خلو القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 من شرط الا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قرارا تأديبيا مانعا من التوظف أو سوء السلوك - يتعين مع ذلك للافادة من القواعد التنظيمية الخاصة بضم مدد الخدمة الصادرة فى ظل أحكام قانون نظام موظفى الدولة ومن بينها القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 الا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة تأديبيا - أساس ذلك.
1 - أن الثابت من أوراق الدعوى أن السيد المحامى الوكيل عن المدعى قد حضر أمام هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم فى جلسة التحضير التى كانت منعقدة فى 28 من يونيه سنة 1961 وعندما أحيلت الدعوى الى المحكمة المذكورة للمرافعة وعينت لنظرها جلسة 26 من أكتوبر سنة 1961 أبلغ السيد وكيل المدعى بميعاد هذه الجلسة بكتاب المحكمة المؤرخ 25 من سبتمبر سنة 1961 فلم يحضر، ولا يوجد فى الأوراق ما يدل على رد هذا الكتاب الى المحكمة لعدم تسلم الوكيل له وبجلسة 23 من نوفمبر سنة 1961 حضر الأستاذ المحامى عن السيد المحامى وكيل المدعى، وقدم مندوب الوزارة فى حضوره مذكرة بدفاعها، ولم يطلب السيد الحاضر عن المدعى التأجيل الى حين حضور المحامى الأصلى أو الترخيص للمدعى فى الاطلاع والرد على المذكرة المقدمة من الحكومة بجلسة المرافعة مما حدا بالمحكمة الادارية بعد أن استبان لها أن الدعوى مهيأة للفصل فيها الى ارجاء النطق بالحكم الى جلسة 21 من ديسمبر سنة 1961 أى بعد زهاء شهر من تاريخ حجزها للحكم، ومن هذا يتضح أن المدعى كان على اتصال بالدعوى، سواء فى مرحلة التحضير أو المرافعة مما ينتفى معه القول بأن اجراءات المرافعة فى دعواه كانت تتم دون علمه وفى غيبته. واذا كان المدعى يشير فى تقرير طعنه الى أن الاستاذ المحامى قد حضر عن وكيله تطوعا دون انابة، فان العرف بالمحاكم قد جرى على أنه فى حالة عدم حضور المحامى الأصلى وحضور محام آخر نيابة عنه لا تطلب المحكمة من المحامى الحاضر تقديم ما يثبت صفته كنائب عن المحامى الأصلى للخصم، واذا كان ثمة مأخذ على حضور السيد المحامى الذى تطوع بالحضور عن محامى المدعى الأصلى دون أن تكون له فعلا صفة قانونية فى هذه النيابة أو على مسلكه فى ابلاغ زميله الذى حضر عنه أو ابلاغ صاحب الشأن ذاته عقب الجلسة بما تم فيها مما يعنيه أمره، أو سكوته عن ذلك، فان هذا لا يؤثر فى سلامة الحكم المطعون فيه من ناحية سير الاجراءات فى الدعوى أمام المحكمة ولا يؤدى الى بطلانه.
2 - ان القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 فى شأن حساب مدد العمل السابقة فى تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، وأن خلا من شرط ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قرارا تأديبيا مانعا من التوظف أو سوء السلوك، الا أن مجلس الوزراء كان حريصا دائما على أن ينص على هذا الشرط فى جميع القرارات التى أصدرها فى شأن ضم مدد الخدمة السابقة حتى فى القرارين الصادرين فى 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 على الرغم من الاستثناء الوارد فيهما من شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة الحالية وغنى عن البيان أن القرار الجمهورى المشار اليه يعتبر جزءا من بنيان النظام القانونى فى شئون الموظفين الذى اقامه المشرع فى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة لأنه قد صدر بناء على التفويض الذى خوله هذا القانون للسيد رئيس الجمهورية فى المادة 24 منه معدلة بالقانون رقم 383 لسنة 1956 وبمطالعة نصوص القانون المذكور يتبين أن هذه المادة قد وردت ضمن مواد الفصل الثانى منه الخاص بالتعيين فى الوظائف والتى من بينها المادة السادسة التى تتطلب فى التعيين فى احدى الوظائف ضرورة توفر عدة شروط من بينها ألا يكون قد صدر ضد من يراد تعيينه قرار نهائى بالعزل من مجلس التأديب ولم يمض على صدور هذا القرار ثمانية أعوام على الأقل وعلى ذلك فانه يتعين بداهة للافادة من القواعد التنظيمية الخاصة بضم مدد الخدمة السابقة الصادرة فى ظل أحكام قانون نظام موظفى الدولة - ألا يكون سبب انتهاء خدمة الموظف قرارا تأديبيا هذا الى أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952 تنفيذا للمادتين 23 و24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد اشترط لحساب مدد الخدمة السابقة أن يكون الموظف وقت اعادته للخدمة مستوفيا لشروط التعيين فى الوظائف المنصوص عليها فى المادة السادسة من هذا القانون وهذه الشروط يفترض لزوما وجوب توفرها دون حاجة الى النص عليها فى القرار الصادر بحساب مدد الخدمة السابقة واذا كانت الحكمة من حساب مدة الخدمة السابقة هى اكتساب الموظف خلالها خبرة تفيده فى مباشرة أعمال الوظيفة الجديدة المعين عليها الا أن ذلك مشروط بألا يختتم هذه المدة بما يشين أو يخدش السمعة أو النزاهة والقرار التأديبى يفصل الموظف فضلا على انه سبب مانع من اعادة تعيينه فى الحكومة بالقيد الوارد فى المادة السادسة من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فانه أيضا موجب للحيلولة دون افادته من ضم مدة الخدمة السابقة للمعنى الذى ينطوى عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1961، وحصل المدعى فى 7 من أبريل سنة 1962 على قرار باعفائه من رسوم الطعن فيه من لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة فى الطلب المقدم منه تحت رقم 116 لسنة 8 القضائية فى 19 من فبراير سنة 1962، أى فى ميعاد الستين يوما التالية لصدور الحكم، ثم أقام الطعن الحالى بايداع تقريره قلم كتاب المحكمة فى 22 أبريل سنة 1962 أى فى الستين يوما التالية ومن ثم يكون الطعن مقدما فى الميعاد القانونى ويكون قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 322 لسنة 8 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم فى 30 من أبريل سنة 1961 طالبا الحكم "بأحقيته فى ضم مدة خدمته بمجلس مديرية القليوبية من أول مارس سنة 1921 الى 25 من ديسمبر سنة 1930 الى مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم فى الأقدمية وتحديد الماهية مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بيانا لدعواه انه حصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولى فى عام 1920 ثم عين مدرسا بمدارس مجلس مديرية القليوبية الأولية القديمة بماهية شهرية قدرها جنيهان اعتبارا من أول مارس سنة 1921 وعندما صدر كادر سنة 1923 تقرر تعديل ماهيته الى 3.500 جنيه فى الدرجة (3جنيهات و500 مليم الى 8 جنيهات) اعتبارا من أول أبريل سنة 1923 ومنح بعد ذلك علاوة دورية بلغ بها مرتبه أربعة جنيهات فى الشهر، وفى 25 من ديسمبر سنة 1930 صدر قرار تأديبى بفصله من الخدمة ثم أعيد تعيينه اعتبارا من 27 من أكتوبر سنة 1932 بماهيته السابقة وسويت حالته على أساس وضعه فى الدرجة (3 - 6 جنيهات) وتدرج مرتبه بالعلاوات حتى بلغ خمسة جنيهات اعتبارا من أول مايو سنة 1941 ثم طبقت عليه قواعد الانصاف فاعتبر فى الدرجة الثامنة من تاريخ اعادة تعيينه ورقى الى الدرجة السابعة الفنية المتوسطة اعتبارا من أول نوفمبر سنة 1950 والى الدرجة السادسة بصفة شخصية طبقا للمادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 اعتبارا من 27 من أكتوبر سنة 1957 وعندما صدر القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 طلب ضم مدة خدمته السابقة بمجلس مديرية القليوبية وباستطلاع رأى ديوان الموظفين أفتى بعدم جواز ذلك لعدم توفر شرط تعادل الدرجة مع أنه سبق لمجلس الوزراء أن أصدر فى 16 من أكتوبر سنة 1946 قرارا بتسوية حالة موظفى مجالس المديريات السابقين تضمن اعتبار الدرجة من 3 جنيهات و500 مليم الى 8 جنيهات معادلة للدرجة الثامنة وبذلك يكون شرط تعادل الدرجة الذى استلزمه القرار الجمهورى المشار اليه متوفرا فى حالته ويحق له من ثم ضم مدة خدمته المذكور وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن مدة خدمة المدعى المراد ضمها قد قضيت فى درجة لا تعادل الدرجة التى أعيد تعيينه فيها حيث انه كان يتقاضى مرتبا شهريا قدره 3 جنيهات و500 مليم، هذا فضلا عن أن مدة خدمته المشار اليها قد انتهت بفصله تأديبيا لما نسب اليه من اعتدائه على أحد المفتشين والفصل التأديبى يعتبر مانعا من موانع ضم مدد الخدمة السابقة كقاعدة عامة تستلزمها قرارات ضم مدد الخدمة بصفة عامة وأن لم يتضمنها القرار الجمهورى سالف الذكر، وقد سبق أن قضت المحكمة الادارية العليا بأن قواعد مدد الخدمة السابقة يكمل بعضها البعض، وانتهت الوزارة الى طلب الحكم برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات وبجلسة 21 من ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة الادارية برفض الدعوى، وبنت قضاءها على أن جميع قرارات ضم مدد الخدمة قد اشترطت لجواز ضم المدة السابقة الا يكون سبب انتهاء الخدمة فيها قرارا تأديبيا أو حكما مانعا من التوظف أو سوء السلوك، وبذلك يعتبر الفصل التأديبى مانعا من موانع ضم مدد الخدمة السابقة كقاعدة عامة تستلزمها قواعد ضم مدد الخدمة بصفة عامة وان لم ينص عليها القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 ذلك أنها أصبحت قاعدة مفترضة لم تعد هناك حاجة لتكرار النص عليها مرة أخرى بعد أن رددتها جميع القرارات السابقة، ونظرا الى أن المدعى فصل من الخدمة بقرار تأديبى فانه لا يفيد من أية قاعدة من قواعد ضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث ان طعن المدعى يقوم على أنه لم يخطر بالموعد الذى عين لنظر الدعوى أمام المحكمة الادارية، وانه يبين من محضر جلسة المحكمة التى قررت فيها حجز القضية للحكم ان محاميا قد تطوع للحضور عن محاميه دون انابة وقد ترتب على ذلك عدم اتاحة الفرصة له للرد على دفاع الوزارة، وهو الدفاع الذى أخذ به الحكم المطعون فيه وقد سبق للمحكمة العليا أن قضت بأن عدم ابلاغ المدعى بموعد الجلسة التى حددث لنظر قضيته يبطل اجراءات المرافعة التى تمت فيها ولذلك فان الحكم المطعون فيه يكون باطلا مستوجب الالغاء كما أنه قد فات المحكمة أن تتحقق من صحة القرار التأديبى الذى جعلته الوزارة أساس دفاعها وهل كان قرارا تأديبيا بالمعنى الصحيح أى صادرا من السلطة التأديبية المختصة بعد محاكمة أسندت خلالها الى المدعى مخالفات معينة، وسمع فيها دفاعه، وانجلت الأمور عن ادانته بما يستوجب المجازاة بالفصل، أم أنه قرار بالفصل لأسباب انتقامية لا تمت الى الصالح العام أو الى أعمال الوظيفة بأية صلة ولا يصلح أن يوصف بأنه قرار تأديبى ولو أن المحكمة أولت هذه المسألة قدرا من عنايتها لاستبانت أن لا محاكمة ولا تأديب ولذلك لا يصلح هذا القرار لأن يكون أساسا لحرمان المدعى من حقه فى ضم مدة خدمته السابقة التى تقرب من عشر سنوات قضاها فى التعليم فى مدارس مجالس المديريات وهى مدارس لا فرق بين العمل فيها وبين العمل فى مدارس الحكومة وفى حرمانه من هذا الضم الحاق أكبر الضرر به من ناحية ربط المعاش وتحديد الدرجة والمرتب، ولو كان الأمر حقيقة فصلا تأديبيا لما أمكن اعادته الى وظيفته قبل مضى سنتين من تاريخ فصله وهى المدة التى كان متعارفا على أنها مدة رد اعتبار ادارى، واذا كان القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 قد خلا من اشتراط الا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قرارا تأديبيا فانه يكون قد خالف عن قصد جميع القرارات السابقة فى شأن ضم مد الخدمة السابقة والذى يؤخذ من نصوصه أن أحكامه وحدها هى التى تطبق على جميع طلبات ضم مدد الخدمة السابقة فما لم يرد فيه من شروط لا يرجع فى شأنه الى القرارات السابقة عليه ويترتب على ذلك أن الشرط الذى يقول الحكم المطعون فيه أنه مفترض لتكرار النص عليه فى القرارات السابقة لا يجوز مواجهة دعوى المدعى به.
ومن حيث ان الوجه الأول من أوجه الطعن فى الحكم المطعون فيه أن المدعى ينعى على هذا الحكم بطلانه شكلا بمقولة أنه لم يخطر بالموعد المحدد لنظر الدعوى مما فوت عليه فرصة الرد على دفاع الوزارة الذى تبناه هذا الحكم دون تمحيص أو مناقشة وأنه تبين له عندما علم بالحكم أن محاميا قد تطوع بالحضور عن محاميه دون انابة، وان قضاء المحكمة الادارية العليا قد جرى على أن عدم اخطار المدعى بموعد الجلسة التى عينت لنظر دعواه يبطل اجراءات المرافعة التى تمت فى غيبته.
ومن حيث ان الثابت من أوراق الدعوى أن السيد المحامى الوكيل عن المدعى قد حضر أمام هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم فى جلسة التحضير التى كانت منعقدة فى 28 من يونيه سنة 1961 وعندما أحيلت الدعوى الى المحكمة المذكورة للمرافعة وعينت لنظرها جلسة 26 من أكتوبر سنة 1961 أبلغ السيد وكيل المدعى بميعاد هذه الجلسة بكتاب المحكمة المؤرخ 25 من سبتمبر سنة 1961 فلم يحضر، ولا يوجد فى الأوراق ما يدل على رد هذا الكتاب الى المحكمة لعدم تسلم الوكيل له وبجلسة 23 من نوفمبر سنة 1961 حضر الأستاذ عبد الفتاح الديب المحامى عن السيد المحامى وكيل المدعى، وقدم مندوب الوزارة فى حضوره مذكرة بدفاعها، ولم يطلب السيد الحاضر عن المدعى التأجيل الى حين حضور المحامى الأصلى أو الترخيص للمدعى فى الاطلاع والرد على المذكرة المقدمة من الحكومة بجلسة المرافعة مما حدا بالمحكمة الادارية بعد أن استبان لها أن الدعوى مهيأة للفصل فيها - الى ارجاء النطق بالحكم الى جلسة 21 من ديسمبر سنة 1961 أى بعد زهاء شهر من تاريخ حجزها للحكم، ومن هذا يتضح أن المدعى كان على اتصال بالدعوى، سواء فى مرحلة التحضير أو المرافعة مما ينتفى معه القول بأن اجراءات المرافعة فى دعواه كانت تتم دون علمه وفى غيبته، واذا - كان المدعى يشير فى تقرير طعنه الى أن الأستاذ عبد الفتاح الديب المحامى قد حضر عن وكيله تطوعا دون انابة، فان العرف بالمحاكم فقد جرى على أنه فى حالة عدم حضور المحامى الأصلى وحضور محام آخر نيابة عنه لا تطلب المحكمة من المحامى الحاضر تقديم ما يثبت صفته كنائب عن المحامى الأصلى للخصم، واذا كان ثمة مأخذ على حضور السيد المحامى - الذى تطوع بالحضور عن محامى المدعى الأصلى دون أن تكون له فعلا صفة قانونية فى هذه النيابة أو على مسلكه فى ابلاغ زميله الذى حضر عنه أو ابلاغ صاحب الشأن ذاته عقب الجلسة بما تم فيها مما يعنيه أمره، أو سكوته عن ذلك فان هذا لا يؤثر فى سلامة الحكم المطعون فيه من ناحية سير الاجراءات فى الدعوى أمام المحكمة ولا يؤدى الى بطلانه.
ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه طعن المدعى فى هذا الحكم غير قائم على أساس سليم من القانون خليقا بالرفض.
ومن حيث ان الوجه الثانى من أوجه نعى المدعى على الحكم المطعون فيه فانه يتلخص فى أن المحكمة قد فاتها أن تتحقق من صحة القرار التأديبى الذى جعلته الوزارة عماد دفاعها ويرى المدعى أن هذا القرار لا يصدق عليه وصف القرار التأديبى لأن فصله كان لأسباب انتقامية لا تمت الى أعمال وظيفته بصلة ولذلك لا يصح أن تكون أساس لحرمانه من حقه فى ضم مدة خدمته السابقة كما ان القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 قد خلا من اشتراط الا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قرارا تأديبيا وهو بذلك قد خالف جميع قرارات مجلس الوزراء السابقة عليه ولا يجوز تكملته بشرط أو بحكم يكون وأرادا فى قرار آخر لا ينطبق على حالة المدعى.
ومن حيث ان هذه المحكمة سبق ان قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952، وأن لم ينص فيه صراحة على شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة الحالية الا أن ذلك مفهوم فيه ضمنا لأن جميع القواعد التنظيمية التى صدرت فى شأن ضم مدد الخدمة السابقة تشترط كأصل عام اتحاد طبيعة العمل والدرجة، فاذا رئى الاستثناء من هذا الأصل فانه ينص على ذلك بقرار وبنص خاص وبالمثل.
فان القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 فى شأن حساب مدد العمل السابقة فى تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، وان خلا من شرط ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قرارا تأديبيا مانعا من التوظف أو سوء السلوك، الا أن مجلس الوزراء كان حريصا دائما على ان ينص على هذا الشرط فى جميع القرارات التى أصدرها فى شأن ضم مدد لخدمة السابقة، حتى فى القرارين الصادرين فى 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 على الرغم من الاستثناء الوارد فيهما من شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة الحالية وغنى عن البيان أن القرار الجمهورى المشار اليه يعتبر جزءا من بنيان النظام القانونى فى شئون الموظفين الذى أقامه المشرع فى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة لأنه قد صدر بناء على التفويض الذى خوله هذا القانون للسيد رئيس الجمهورية فى المادة 24 منه معدلة بالقانون رقم 383 لسنة 1956 وبمطالعة نصوص القانون المذكور يتبين أن هذه المادة قد وردت ضمن مواد الفصل الثانى منه الخاص بالتعيين فى الوظائف والتى من بينها المادة السادسة التى تتطلب فى التعيين فى احدى الوظائف ضرورة توفر عدة شروط من بينها ألا يكون قد صدر ضد من يراد تعيينه قرار نهائى بالعزل من مجلس التأديب ولم يمض على صدور هذا القرار ثمانية أعوام على الأقل وعلى ذلك فانه يتعين بداهة للافادة من القواعد التنظيمية الخاصة بضم مدد الخدمة السابقة الصادرة فى ظل أحكام قانون نظام موظفى الدولة - الا يكون سبب انتهاء خدمة الموظف قرارا تأديبيا هذا الى أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من ديسمبر سنة 1952 تنفيذا للمادتين 23 و24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد اشترط لحساب مدد الخدمة السابقة أن يكون الموظف وقت اعادته للخدمة مستوفيا لشروط التعيين فى الوظائف المنصوص عليها فى المادة السادسة من هذا القانون وهذه الشروط يفترض لزوما وجوب توفرها دون حاجة الى النص عليها فى القرار الصادر بحساب مدد الخدمة السابقة واذا كانت الحكمة من حساب مدة الخدمة السابقة هى اكتساب الموظف خلالها خبرة تفيده فى مباشرة أعمال الوظيفة الجديدة المعين عليها الا أن ذلك مشروط بألا يختتم هذه المدة بما يشين أو يخدش السمعة أو النزاهة والقرار التأديبى بفصل الموظف فضلا عن انه سبب مانع من اعادة تعيينه فى الحكومة بالقيد الواردة فى المادة السادسة من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 فانه أيضا موجب للحيلولة دون افادته من ضم مدة الخدمة السابقة للمعنى الذى ينطوى عليه.
ومن حيث ان الثابت من أوراق ملف خدمة المدعى انه قد قدمت ضده عدة شكاوى تضمنت بعض الاتهامات التى أحيل بسببها الى التحقيق وقد سمعت أقواله فى هذا التحقيق، وانتهى الأمر الى عدم صلاحيته لادارة المدرسة التى كان يقوم برئاستها، فتقرر وقفه عن العمل اعتبارا من 22 من سبتمر سنة 1930 ثم قررت لجنة التعليم الالزامى فصله من الخدمة واعتمد قرارها هذا من وزارة التربية والتعليم (المعارف العمومية سابقا) فى 20 من ديسمبر سنة 1930 وصدر قرار مدير القليوبية ورئيس اللجنة المشار اليها برفع اسمه من عداد الموظفين فى 25 من ديسمبر سنة 1930 وملف خدمته حافل بما يدل على صحة المآخذ المسندة اليه ومن ذلك يبين أن انتهاء خدمة المدعى كان بسبب القرار التأديبى الصادر بفصله من الخدمة وهذا القرار يحول دون افادته من أحكام القرار الجمهورى رقم 159 لسنة 1958 آنف الذكر حسبما سلف البيان واذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى أخذا بهذا النظر فانه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى اليه قضاءه وجاء مطابقا للفهم الصحيح للقانون ويتعين من ثم تأييده ويكون طعن المدعى فى هذا الحكم غير قائم على أساس سليم من القانون خليقا بالرفض مع الزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا، وألزمت المدعى بالمصروفات.