مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 258

(36)
جلسة 23 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ومحمد عزيز أحمد على وأبو بكر دمرداش أبو بكر وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 16 لسنة 25 القضائية

عاملون بالقطاع العام - الخدمة العسكرية والوطنية - التهرب منها - حكم - انهاء خدمة.
الخدمة العسكرية والوطنية تعتبر من أجل الواجبات الوطنية المفروضة على كل مصرى لتأديتها قانونا - اخلال الشخص بهذا الواجب عمدا والتهرب من ادائه لا يصلح لشغل الوظيفة الموكولة اليه القيام بأعبائها سواء فى الجهاز الادارى للدولة أو فى شركات القطاع العام - الحكم على العامل لهذا السبب ينهى خدمته المدنية بقوة القانون اذا كانت العقوبة مقيدة للحرية وغير موقوف تنفيذها - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 6 من نوفمبر سنة 1978 أودع الأستاذ أحمد محرم المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ الطاعن قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 16 لسنة 25 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالاسكندرية بجلستها المنعقدة فى 21 من اكتوبر سنة 1978 فى الدعوى رقم 196 لسنة 20 القضائية المرفوعة من السيد/ الطاعن ضد شركة مصانع النحاس المصرية الذى قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم باحالة الدعوى الى محكمة العمال الكلية بالاسكندرية للحكم له باعادته الى عمله وصرف مرتبه من تاريخ فصله من الخدمة حتى تاريخ الفصل فى النزاع قضائيا.
وبعد أن تم اعلان تقرير الطعن الى ذوى الشأن على النحو المبين فى الأوراق أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص المحكمة التأديبية بالاسكندرية بنظر الدعوى واعادتها اليها للفصل فى موضوعها.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27 من مايو سنة 1981 وفى 8 من يوليه سنة 1981 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا، الدائرة الرابعة، وحددت لنظره أمامها جلسة 28 من نوفمبر سنة 1981 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها اصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل فى أنه فى 14 من مايو سنة 1977 أقام السيد/ الطاعن الدعوى رقم 824 لسنة 1977 عمال كلى اسكندرية ضد شركة مصانع النحاس المصرية وطلب فيها الحكم بارجاعه الى عمله السابق بالتطبيق لنصوص القانون رقم 127 لسنة 1974 مع الزام الشركة المدعى عليها بالمصاريف والأتعاب. وذكر أنه التحق بهذه الشركة فى 3 من سبتمبر سنة 1971 بوظيفة عامل أفران وظل يعمل بها حتى تم تجنيده فى 12 من يونيه سنة 1974 ولما عاد الى الشركة بعد انتهاء تجنيده طالبا استلام عمله السابق بها فوجئ بالمسئولين بها يرفضون عودته الى عمله بالرغم من حسن سيره وسلوكه وأن حقه فى العودة الى عمله السابق مكفول بأحكام القانون المذكور وقد انتهى الى تعديل طلباته بجلسة 21 من مارس سنة 1978 الى طلب الحكم - أولا - بالغاء قرار فصله التعسفى الصادر من الشركة المدعى عليها - ثانيا - الحكم له بمرتبه من تاريخ فصله حتى صدور هذا الحكم نهائيا - ثالثا - الحكم له بثلاثة آلاف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من تصرفات الشركة. وبجلسة 11 من ابريل سنة 1978 حكمت المحكمة أولا- بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى بالنسبة الى طلب الغاء قرار الفصل وباحالة الدعوى فى هذا الشق الى المحكمة التأديبية بالاسكندرية ثانيا - بوقف السير فى باقى الطلبات حتى تفصل محكمة مجلس الدولة فى الطلب الأول مع ابقاء الفصل فى المصاريف وقد قيدت هذه الدعوى بالمحكمة التأديبية بالاسكندرية برقم 169 لسنة 20 القضائية وبجلسة 21 من يوليه سنة 1978 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأقامت حكمها على أن المدعى وقد أدين فى القضية رقم 45 لسنة 1976 عسكرية وعوقب بالسجن لمدة سنة لغيابه وشروعه فى الهرب من الخدمة العسكرية، واذ أنهيت خدمته لهذا السبب اعتبارا من تاريخ صدور الحكم ضده فى الأول من مايو سنة 1976 بالقرار رقم 410 لسنة 1977 فان انهاء خدمته قد تم بقوة القانون اعمالا لحكم المادة 64/ 6 من القانون رقم 61 لسنة 1971 ولا يعتبر انهاء خدمته فصلا تأديبيا ومن ثم فان هذه المحكمة لا تكون مختصة بنظر هذه الدعوى، ولا ينال من ذلك ما ورد فى المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية من الزام المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها، وذلك لأن هذا النص استهدف الزام المحكمة بالفصل فى موضوع الدعوى ان كانت مختصة بذلك والا فلها أن تنظرها من حيث الاختصاص.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن المحكمة وقد قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فقد كان يتعين احالتها الى المحكمة المدنية للاختصاص.
ومن حيث ان المحكمة المدنية وقد قضت على ما سلف بيانه بعدم اختصاصها بنظر دعوى المدعى فى الشق منها الخاص بطلب الغاء قرار انهاء خدمته واحالتها الى المحكمة التأديبية بمدينة الاسكندرية للاختصاص فقد كان يتعين على هذه المحكمة التزاما بحكم المادة 110 من قانون المرافعات أن تنظر هذا الطلب وتفصل فيه بحسبان أن حكم المحكمة المدنية بالمذكور قد أصبح نهائيا بانقضاء مواعيد الطعن بالاستئناف فيه دون ثمة ادعاء من المدعى بالطعن فيه. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب اليه من عدم اختصاص المحكمة بالفصل فى الدعوى تأسيسا على أنها لا تدخل موضوعا فى اختصاصها المقرر وفقا لأحكام قانون مجلس الدولة ذلك ان المشرع وقد الزم فى المادة 110 المذكورة المحكمة المحال اليها الدعوى للاختصاص بنظرها فانه يكونه قد ناط بها فى الواقع من الأمر ولاية الفصل فيها حتى ولو كانت لا تدخل اصلا فى ولايتها.
ومن حيث ان الثابت فى الأوراق أن السيد/ الطاعن العامل بشركة مصانع النحاس المصرية قد أدين فى القضية رقم 54 لسنة 76 عسكرية وعوقب بالسجن لمدة سنة لغيابه وشروعه فى الهرب من الخدمة العسكرية وانه قام بتنفيذ العقوبة بسجن الاسكندرية فى المدة من أول مايو سنة 1976 الى أول فبراير سنة 1977 وانتهت خدمته العسكرية بالقوات البرية بسبب رفته وكانت درجة أخلاقه أثناء مدة خدمته رديئة وفى 28 من ديسمبر سنة 1977 أصدر السيد مدير عام العلاقات الصناعية القرار رقم 410 لسنة 1977 (بالتفويض) باعتبار خدمة العامل المذكور منتهية اعتبارا من أول ماسو سنة 1976 وأشير فى ديباجة هذا القرار الى مذكرة ادارة شئون العاملين المؤرخة فى 17 من ديسمبر سنة 1977 فى شأن طلب انهاء خدمته طبقا للمادة 64/ 6 من القانون رقم 61 لسنة 1971 باصدار نظام العاملين بالقطاع العام لصدور الحكم عليه بعقوبة جناية للشروع فى الهرب من خدمة القوات المسلحة.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد قضى فى أسبابه بأن الخدمة العسكرية والوطنية تعتبر من أجل الواجبات الوطنية المفروضة على كل مصرى لتأديتها قانونا، وهى شرف لا يدانيه أى شرف اذ أنها ضريبة الدم الواجبة على أبناء الوطن، ومن ثم فان الشخص الذى يخل بهذا الواجب عمدا ويتهرب من أدائه هو فى حقيقته ناقص المروءة ضعيف الخلق متهاون فى مسئولياته لا يعتمد عليه فى أداء الواجبات والتكاليف العامة بل يخشى عليها منه لما تنطوى عليه نفسه من عدم تقدير للمسئولية ولذا فان العامل الذى يحكم عليه فى جريمة الهروب من الخدمة العسكرية لا يصلح لشغل الوظيفة الموكولة اليه القيام بأعبائها سواء فى الجهاز الادارى للدولة أو فى شركات القطاع العام لأنها تعتبر فى هذا المفهوم من الجرائم المخلة بالشرف لأن الحكم عليه فيها يكشف عن عدم قدرته الطبيعية على تحمل أعباء العمل المنوط به فلا يكون أهلا له. ولذا فان الحكم على العامل لهذا السبب ينهى خدمته المدنيه بقوة القانون اذا كانت العقوبة مقيدة للحرية وغير موقوف تنفيذها. وانه لما كان السيد/ ........ قد حكم عليه بعقوبة السجن لمدة سنة فى القضية رقم 54 لسنة 1976 عسكرية وذلك لغيابه وشروعه فى الهرب من أداء الخدمة العسكرية ونفذ هذه العقوبة فعلا اعتبارا من أول مايو سنة 1976 لذلك يكون انهاء خدمته بالقرار رقم 410 لسنة 1977 ثم تم بقوة القانون اعمالا لحكم المادة 64/ 6 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه وقد تناول فى أسبابه موضوع الدعوى على الوجه المتقدم وقضى فيها بحق للأسباب المشار اليها والتى تأخذ بها هذه المحكمة بأن خدمة السيد/ الطاعن قد انتهت بقوة القانون كأثر للحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف لذلك فانه يكون فى الواقع من الأمر قد فصل فى موضوع الدعوى برفضها وكان مؤدى ذلك ولازمه أن تقضى المحكمة اتساقا مع أسبابها برفض الدعوى وليس بعدم اختصاصها. وبالبناء عليه يجدر القضاء بتصحيح منطوق الحكم بالقضاء برفض الدعوى.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم فقد تعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.