مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1070

(117)
جلسة 20 من مايو سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف ابراهيم الشناوى المستشارين.

القضية رقم 639 لسنة 9 القضائية

( أ ) - عقد. "تفسير العقود". عقد ادارى. وجوب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للالفاظ - العوامل التى يستهدى بها القضاء للكشف عن هذه النية - سريان ذلك على العقود الادارية.
(ب) - طرق عامة. "اشغال". رسوم. اشغال الطرق العامة. لائحة استعمال الطرق العامة واشغالها بمدينة الاسكندرية - تجديد الرسوم الواجب أداؤها فى الترخيص ذاته واستحقاقها عند منح الرخصة - لا تستحق فى حالة الاشغال غير المرخص به الا بعد اتخاذ الاجراءات القانونية حيال المخالف وثبوت ارتكابه المخالفة بصدور الحكم الجنائى بالادانة.
1 - من المتعين فى تفسير العقود البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للالفاظ اذ العبرة بالارادة الحقيقية على أن تكون هى الارادة المشتركة للمتعاقدين لا بالارادة الفردية لكل منهما لأن هذه الادارة المشتركة هى التى التقى عندها المتعاقدان وهى التى يؤخذ بها دون اعتداد بما لأى متعاقد منهما من ارادة فردية ومن العوامل التى يستهدى بها القضاء للكشف عن هذه النية المشتركة ما يرجع الى التعامل حيث يختار القاضى المعنى الذى تقتضيه طبيعة العقد، ومن العوامل الموضوعية التى يسترشد بها القاضى أن تخصيص حالة بالذكر لا يجعلها تنفرد بالحكم وأن عبارات العقد يفسر بعضها بعضا بمعنى أنه لا يجوز عزل العبارة الواحدة عن بقية العبارات بل يجب تفسيرها باعتبارها جزءا من كل وهو العقد فقد تكون العبارة مطلقة ولكن تحددها عبارة سابقة أو لاحقة وقد تقرر العبارة أصلا يرد عليه استثناء قبلها أو بعدها وقد تكون العبارة مبهمة وتفسرها عبارة وردت فى موضع آخر كذلك فان من العوامل الخارجية فى تفسير العقد الطريقة التى ينفذ بها وتكون متفقة مع ما يوجبه حسن النية فى تنفيذ العقود حيث لا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو ما مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام ومن المسلم به أن قواعد التفسير المقررة فى القانون المدنى انما تقوم على حسن الفهم والادراك وأنها انما وضعت لتعين القاضى على الكشف عن النية المشتركة للمتعاقدين واذا كان هذا هو الشأن فى مجال القانون الخاص بقواعده المقننة فان القانون الادارى - وهو غير مقنن - أولى بأن تسوده هذه الفكرة.
2 - يبين من لائحة استعمال الطرق العامة واشغالها بمدينة الاسكندرية الصادرة بقرار المجلس البلدى بتاريخ 16 من فبراير سنة 1952 والمصدق عليها من مجلس الوزراء فى 15 من أكتوبر سنة 1952 أن الأصل فى حالة الترخيص بالاشغال أن تحدد الرسوم الواجب أداؤها فى الترخيص ذاته وتستحق الرسوم عند منح الرخصة، أما فى حالة الاشغال غير المرخص به فان الرسوم لا تستحق الا بناء على اتخاذ الاجراءات القانونية حيال المخالف وثبوت ارتكابه للمخالفة بصدور الحكم الجنائى بالادانة، فعلى أساس محضر ضبط الواقعة تتحدد واقعة الأشغال المنسوبة الى المخالف والمساحة التى تناولها والرسوم المستحقة عليها وعلى أساس حكم الادانة الذى يصدر بعد سماع أقوال المخالف وتحقيق دفاعه تستحق الرسوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن الوقائع تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن - فى أن المطعون ضدهما كانا قد أقاما الدعوى رقم 1193 لسنة 12 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى "هيئة العقود الادارية وطلبات التعويض" ضد السيد محافظ الاسكندرية بصفته رئيسا لقومسيون بلدى الاسكندرية بصحيفة أودعت سكرتيرته هذه المحكمة فى 7 من سبتمبر سنة 1958وطلبا فى ختام هذه الصحيفة الحكم بالزام المدعى عليه بأن يدفع للطالبين مبلغ 1446 جنيها والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالا فى شرح هذه الدعوى أنه رست عليهما فى سنة 1955 مناقصة هدم وشراء المهمات والأنقاض ونقل المتخلفات من عقارات معينة واقعة على شوارع صفية زغلول وطريق الحرية (فؤاد الأول) وكوم الدكة وكانت البلدية قد نزعت ملكيتها لتوسيع شارع صفية زغلول، وأنهما دفعا تأمينا قدره 1446 جنيها وهو ما يوازى 20% من قيمة العطاء. وأنه بالرغم من أنهما قاما بتنفيذ العطاء على أكمل وجه الا أن البلدية لم تقم برد التأمين حتى الآن رغم مطالبتها بذلك مرارا.
وقد أودعت بلدية الاسكندرية ملف الموضوع (رقم 27/ 2/ 34) المتضمن رد مراقبة التنظيم ونزع الملكية على الدعوى فأوضحت أن البلدية كانت قد طرحت فى مزايد عامة فتحت مظاريفها فى 11 من يونيه سنة 1955 هدم سبع عقارات لتوسيع شارع صفية زغلول ورست العملية على المدعيين بمبلغ 7230 جنيها على أن يقوما بهدم العقارات جميعها فى مدة شهرين من تاريخ تسلمها خالية من السكان وتم ذلك بموجب محضر مؤرخ 16 من يونيه سنة 1955 الا أنهما لم يسلما أرض الموقع خالية بعد هدم العقارات الا فى 18 من أغسطس سنة 1955 بموجب محضر مؤرخ فى هذا التاريخ أى بتأخير قدره واحد وثلاثين يوما وبذلك استحقت عليهما غرامة تأخير قدرها 361 جنيها و500 مليم وبالنظر الى أنهما لم يحصلا على ترخيص باشغال الطريق فقد استحقت عليهما رسوم اشغال قدرها 736 جنيها و755 مليما وتقضى اللوائح المالية بأنه فى حالة رد التأمينات يتعين على أصحابها تقديم الايصالات الدالة على سدادها وقد حررت للمدعين جملة خطابات لتقديم الايصال حتى يتسنى صرف هذا المبلغ من التأمين الا أنهما لم يقدما الايصال المطلوب. وقد تقدم المدعيان بمذكرة ذهبا فيها الى أن الثابت من العطاءات المقدمة بملف الدعوى أنها حددت أكلا المدة اللازمة لهدم كل من العقارين 27 و30 بشارع صفية زغلول بخمسة وأربعين يوما وذلك لضخامة بنائهما وحددت لباقى العقارات ميعاد شهر واحد وبعد أن رسا عليهما العطاء رأت البلدية تعديل الميعاد بالنسبة الى العقارين 27 و30 سالفى الذكر بجعلها شهرا واحدا دون أن تقيم وزنا لاعتراضهما فاستحال عليهما تنفيذ التزاماتهما فى الميعاد المحدد فضلا عن أن الميعاد الأصلى وهو خمسة وأربعون يوما لم يكن يتسع للأعمال المطلوبة طبقا للأصول المطلوبة الفنية. وفيما يتعلق برسوم الاشغال ذهب المدعيان الى أنهما لم يشغلا أى جزء من الطريق العام وأنهما قاما قبل اجراء الهدم بوضع أسوار خشبية عالية حول العقارات المراد هدمها حالت دون حصول هذا الاشغال ولأنه اذا كان من الجائز للادارة أن تقدر غرامة التأخير وأن تخصمها من التأمين فانه من غير الجائز لها أن تخصم من تلقاء نفسها رسوم الأشغال التى تدعيها دون تنفيذ حكم القانون رقم 140 لسنة 1956 الذى يوجب تحرير محضر بالأشغال وسماع أقوال المخالف وتقديمه للمحاكمة حتى يتمكن من ابداء دفاعه فى التهمة المنسوبة اليه. وقالا أن المادة 11 من القانون المذكور تبيح لهما الأشغال المؤقت أثناء الهدم الذى قاما به لصالح البلدية دون أن يلتزما بأداء رسوم عن الاشغال.. وعقب المجلس البلدى على مذكرة المدعيين بأن المتفق عليه فى العقد المبرم معهما على تحديد ميعاد العملية بشهر بالنسبة الى العقارات المبينة فى المستندات أرقام 5 و6 و7 و9 و10 و11 وعشرين يوما للعقار المبين بالمستند رقم 8 كما اتفق فى العقد أيضا على أنه يجب على المدعى عليهما الحصول على ترخيص من البلدية باشغال الطريق واتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك وقد استلم المدعيان المواقع فى 16 من يونيه سنة 1955 وكان من المتعين أن يتما هدم العقارات واخلاء مواقعها وتسليمها للبلدية فى 27 من يوليه سنة 1955 لكنهما تأخرا واحد وثلاثين يوما، وأنه لا عبرة بما يزعمه المدعيان من مخالفة تحديد المدة للأصول الفنية اذ كان فى مكنتهما عدم الدخول فى المناقصة - وأضاف المجلس البلدى أن النصوص التى تحكم اشغال الطرق فى الدعوى الحالية هى لائحة استعمال الطرق العامة واشغالها فى مدينة الاسكندرية المصدق عليها من مجلس الوزراء فى أكتوبر سنة 1952 وقد حررت للمدعيين محاضر الاشغال بموجب هذه اللائحة وقدرت الرسوم المستحقة عليهما وتضمنت هذه المحاضر تفاصيل هذه الرسوم وكيفية تحديها وجميع البيانات الخاصة وحق المجلس فى اقتضاء هذه الرسوم ثابت بمجرد اشغال الطريق وبتحرير المحاضر دون حاجة الى الالتجاء الى القضاء لأن تقديم المتهم الى المحاكمة - وفقا لأحكام هذه اللائحة - انما يتم لتوقيع العقوبة الجنائية فقط أما الرسوم فتحصلها البلدية بمجرد حصول الاشغال أما القانون رقم 14 لسنة 1956 فلا يسرى على الأشغال موضوع الدعوى لحدوثه قبل نفاذ هذا القانون. وبصحيفة أعلنت فى 6 من فبراير سنة 1962 قام المدعيان بتصحيح شكل الدعوى بتوجيهها الى السيد محافظ الاسكندرية بصفته رئيسا لمجلس محافظة الاسكندرية ورئيسا للادارة البلدية بها. ثم تقدما بمذكرة رددا فيها دفاعهما السابق وأضافا أنه على فرض تأخرهما فان الثابت أن البلدية حتى أجرت تعديلا فى المدد لم تغير الموعد الذى كان محددا لهدم العقار رقم 43 طريق الحرية والذى حدد لهدمه مدة شهرين، ومن ثم فانه ينبغى حساب مدة التأخير على أساس أقصى مدة محددة وهى المدة المتعلقة بالعقار رقم 43 شارع الحرية وقدرها شهران وبذلك ينحصر التأخر فى ثلاثة أيام باعتبار أن العملية وحدة واحدة وقالا أنهما يوافقان على خصم قيمة الغرامة المستحقة على هذه المدة ومقدارها 73 جنيها و300 مليم حسما للنزاع حتى لا يطول أمده وانتهيا الى طلب الحكم أصليا بالزام البلدية بأن تدفع لهما مبلغ 1446 جنيها والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية واحتياطيا بالزامها بمبلغ 1337جنيها و70 مليما والفوائد القانونية، مع الزامها بالمصروفات وأتعاب المحاماة فى الحالتين.
وفى معرض الرد على مذكرة المدعيين ذهبت المحافظة الى أن نية الطرفين قد انصرفت الى الانتهاء من هدم كل عقار فى المدة المخصصة له فى العقد على حدة ولا يمتد هذا الميعاد الى حين انتهاء مدة الشهرين المحددة لهدم أحد هذه العقارات اذ تمنع أعمال الهدم فى هذا العقار الأخير من قيام المحافظة باجراءات الرصف الأولية فى مواقع العقارات الأخرى. وأضافت أن تعديل المدة فيما يتعلق بالعقارات الأخرى تم باتفاق الطرفين وفيما يتعلق باشغال الطريق فان المبالغ المستحقة عنه بمثابة ايجار أو مقابل استغلال تتقاضاه المحافظة عن قيام الغير بالأشغال سواء أكان هذا الاشغال بترخيص أو بغير ترخيص وأن البلدية تتقاضى هذه الرسوم مقدما فى حالة وجود الترخيص أو تحاسب المرخص له عنها وقت حصول الاشغال أو بعد ذلك. وفى حالة عدم وجود مثل هذا الترخيص فان البلدية تستحقها أيضا دون أن يتوقف ذلك على استصدار حكم جزائى على الشاغل - وقد أجاب المدعيان على دفاع المحافظة بأن تفسير العقود الادارية يجب أن يكون قائما على حسن الفهم والادراك ومقتضيات العدالة وأنه لم يكن ليفيد البلدية هدم بعض العقارات دون البعض الآخر وأن العقد لا يعتبر منفذا الا بهدم آخر عقار فى الموعد المحدد له. وأن غرامات التأخير لا تستحق الا بعد صدور قرار بتوقيعها أثناء قيام الرابطة العقدية وتبليغه لصاحب الشأن فى حين أن البلدية لم توقع الغرامة الا بعد قيامهما باتمام عملية الهدم وتسليم المواقع خالية.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه المشار اليه [(1)] على ما استبان لها من أن شروط المزايدة حددت مواعيد مختلفة لاتمام هدم العقارات وأن بلدية الاسكندرية كانت تهدف من هدم تلك العقارات الى تنفيذ مشروع توسيع شارع صفية زغلول الذى كان معهودا برصفه فى مواقع الهدم الى الشركة المصرية لانشاء الطرق، كما أن البلدية عندما وقعت غرامة التأخير لم تفرق بين عقار وآخر بل أعتبرت مدة انهاء الهدم بالنسبة اليها جميعا شهر واحد وان التأخير فى اتمامه بالنسبة اليها جمعيا بلغ واحدا وثلاثين يوما فى حين أن المستفاد من مذكرة قسم أشغال الطرق أن العقارات جميعها عدا العقار رقم 43 بطريق الحرية (فؤاد سابقا) قد تم هدمها فى مساء يوم 6 من أغسطس سنة 1955 واستطردت المحكمة الى القول بأنه رغم وضوح عبارة الشروط فى تحديد موعد كل عقار على حدة فان الذى يخلص من نصوص البندين العاشر والثانى عشر من الشروط أنها عالجت الأمر على أساس وحدة عملية الهدم ووحدة الغرض منها فلم تقض بمحاسبة المتعهد على التأخر فى هدم كأ عقار على حدة بل على العكس من ذلك جاء البند الثانى عشر صريحا فى توحيد الحساب على التأخير بالنسبة الى جميع أعمال الهدم فنص على أن المقاول الذى يتأخر فى تنفيذ جميع الأعمال المتعلقة بالمزايدة وتسليم الموقع بعد الهدم توقع عليه غرامة تأخير بواقع 1%.. وأنه من ثم يتعين تفسير أحكام العقد الخاصة بالتأخير والمحاسبة على أساس أن ما تهدف اليه تلك الأحكام هو أن يتم هدم جميع العقارات فى نطاق أطول مدة حددت لهدم أحدهما وهو العقار رقم 43 طريق الحرية الذى حددت لهدمه مدة شهرين يؤكد هذا النظر الطريقة التى نفذت بها البلدية العقد اذ رغم المستفاد من الأوراق (ص 67 من الملف) أن ستة من العقارات قد تم هدمها فى 6 من أغسطس سنة 1955 الا أنها لم تقم باستلام مواقعها الى بعد أن تم هدم العقار السابع 43 طريق الحرية فى 18 من أغسطس سنة 1955 ويبدو أن ذلك راجع الى اعتبارات فنية هى أن تكون هناك جدوى من استلام بعض المواقع دون البعض الآخر لتعذر البدء فى رصف شارع صفية زغلول الا بعد هدم العقارات جميعها وتسليم المواقع خالية الى الشركة المعهود اليها بعملية الرصف، وخلص الحكم الى أنه يتعين لذلك اعتبار المدة التى يحاسب المدعيان على التأخير فيها هى مدة شهرين من تاريخ تسلم العقارات المتعاقد على هدمها والتى كانت نهايتها 15 من أغسطس سنة 1955 وأنه لما كان الثابت أن المدعيين لم يتما الهدم الا فى 18 من أغسطس سنة 1955 وبذلك يكونا قد تأخرا ثلاثة أيام بعد الموعد المحدد ويحق للبلدية وفقا لأحكام البند الثانى عشر من الشروط أن توقع عليهما غرامة تأخير بنسبة 1% من قيمة العقد أى مبلغ 72 جنيها و300 مليم. وأما فيما يتعلق برسوم اشغال الطرق فقد ذهب الحكم الى أنه وفقا لأحكام لائحة استعمال الطرق العامة واشغالها فى مدينة الاسكندرية كان يتعين على المدعيين فى حالة ما اذا كانت الأعمال المتعاقد عليها تقتضى أشغال الطريق أن يحصلا على ترخيص فى هذا الأشغال بعد أداء الرسوم المستحقة والا كانا مخالفين لأحكام هذه اللائحة وجاز اقامة الدعوى العمومية ضدهما من هذه المخالفة فضلا عن تحصيل الرسوم المستحقة نظرا الى أن العقد المبرم معهما لم يتضمن النص على اعفائهما من طلب الترخيص ومن رسوم الاشغال، وأنه لو ثبت أن اشغالهما الطريق دون ترخيص ودون أن تقام ضدهما الدعوى العمومية عن هذه المخالفة فان ذلك لم يكن ليحول دون مطالبتهما برسوم هذا الاشغال والتنفيذ بها بطريق الحجز الادارى وفقا لأحكام القانون رقم 308 لسنة 1955 كما أنه لم يكن هناك ما يحول دون تحصيل تلك الرسوم فى حالة ثبوت استحقاقها عن طريق الخصم من التأمين النقدى - الا أنه ليس فى الأوراق ما يفيد أنه قد اتخذ فى شأن اثبات اشغال الطريق وتقدير مساحات هذا الاشغال والرسوم المستحقة عنه أى اجراء فى مواجهة المدعيين وليس بالملف غير مذكرات ادارية فى شأن وقائع الاشغالات. وأنه حتى بعد أن قام المدعيان باتمام العمل وطلبت منهما البلدية بكتابيها المؤرخين 20 من ديسمبر سنة 1955 و19 من يناير سنة 1956 تقديم الايصال الخاص بالتأمين ليتسنى صرف المتبقى منه لم تشر فى أى من هذين الكتابين الى استحقاق أى رسوم قبلهما وعلى ذلك فان مذكرات قسم اشغال الطرق التى يواجه بها المدعيان أثناء قيامهما بتنفيذ العقد غير كافية لاثبات ما نسب اليهما من مخالفة لائحة اشغال الطرق العامة وينبنى على ذلك أن البلدية لم تكن على حق فى ربط رسوم الاشغال عليهما أو فى خصمها من التأمين المقدم منهما، واستطردت المحكمة الى القول بأنه لما كانت البلدية قد أبدت استعدادها لصرف مبلغ 347 جنيها و745 مليما الى المدعيين قبل اقامة الدعوى لو أنهما تقدما بطلب الصرف مؤيدا بالايصال الدال على ايداع التأمين فان المحكمة لا ترى الحكم لهما بفوائد أو مصاريف عن هذا المبلغ.
ومن حيث أن الطعن قد بنى على أن النصين اللذين يحكمان المنازعة هما البندان العاشر والثانى عشر وينص أولهما على أن "على المقاول أن يتم العمل فى الموعد المحدد لذلك واذا تخلف عن ذلك جاز للبلدية اتمام الأعمال على نفقته وذلك باسناد الأعمال الى مقاول آخر" وينص ثانيهما على أن "المقاول الذى يتأخر فى تنفيذ جميع الأعمال المعلنة بالمزايدة وتسليم الموقع بعدم الهدم طبقا للمواصفات توقع عليه غرامة بواقع 1% عن كل أسبوع أو جزء من أسبوع يتأخره". وقد حددت شروط المناقصة مواعيد محددة يتم فيها هدم كل عقار على حده واستلم المطعون ضدهما المواقع جميعها فى 16 من يونية سنة 1955 ولم يسلماها الا فى 18 من أغسطس سنة 1955 ومن ثم فقد كان يتعين على المحكمة أن تطبق العقد طبقا لما اشتمل عليه ووفقا لنصوصه الصريحة لا أن تلتفت عنها رغم وضوحها والثابت هو أن يتم هدم كل عقار على حدة فى ميعاد معين حدده العقد ومن ثم فلم يكن ثمة موجب للخروج على هذا التحديد الواضح كما أن المادة 12 التى استند اليها الحكم لا يمكن أن تؤدى الى ما فهمته المحكمة ذلك أن الظاهر الواضح منها أنها قصدت الى تقرير حق المحافظة فى توقيع الغرامة اذا تأخر المتعهد عن الهدم فى الميعاد بالنسبة الى جميع العقارات كما أن الحكمة من تحديد ميعاد لكل عقار على حدة هو أن تتخذ الادارة الاجراءات الأولية للرصف من تسوية المواقع وتمهيدها وما الى ذلك فضلا عن أن المدعيين لم يخطروا البلدية باتمام هدم العقارات التى قيل بانهما قد أتما هدمها فى 6 من أغسطس سنة 1955 وفيما يتعلق برسوم الأشغال فان قول الحكم أن البلدية لم تقم باثبات أشغال المدعيين للطريق يتعارض مع حجية الأوراق الرسمية فى الاثبات.
ومن حيث ان هيئة مفوضى الدولة قدمت تقريرا بالرأى القانونى اشارت فيه الى ان المستفاد من الاطلاع على صور قوائم العطاءات المرفقة بحافظة مستندات المطعون ضدهما أن عطاءهما قد تضمن تحديد المدة اللازمة لهدم العقارات بشهر واحد عدا العقار رقم 26 شارع صفية زغلول فقد تحدد لهدمه عشرين يوما وانه اذا أخذ فى الاعتبار وحدة العملية وعدم قابليتها للتجزئة أمكن القول بأن الأجل الذى كان يتعين على المطعون ضدهما القيام بتسليم مواقع العقارات فيه بعد هدمها هو شهر واحد من تاريخ تسليمها العقارات المتعاقد عليها وبذلك تكون مدة التأخير واحدا وثلاثين يوما. وأنه فيما يتعلق برسوم اشغال الطرق فان وقائع الاشغال ثابتة من المذكرات التى حررها الموظفون المختصون بالاشراف على حماية الطرق وقد فصلت فيها المساحات والرسوم المستحقة ولم يقدم المطعون ضدهما ما يدحض ما ورد بهذه المذكرات. وانتهى التقرير الى أحقية المحافظة فى خصم الغرامات وقابل الاشغال.
ومن حيث ان الطعن يقوم - فيما يتعلق بمقدار غرامة التأخير الواجب خصمها من مبلغ التأمين - على أن شروط المزايدة قد حددت أجلا معينا لهدم كل عقار على حدة ومع ذلك فان المحكمة لم تأخذ بما اشتملت عليه نصوص العقد واعتدت بأطول الآجال المحددة لأحد العقارات واعتبرته أساسا للانتهاء من التنفيذ بالنسبة الى كافة العقارات.. وبالرغم من تسليم الطاعنة بأن الميعاد المحدد للتتفيذ فيما يتعلق بالعقار رقم 43 طريق الحرية (فؤدا سابقا) شهران وهو الميعاد الذى اعتد به الحكم المطعون فى تحديد ميعاد التنفيذ واستحقاق غرامة التأخير الا أن هيئة المفوضين لم تر الأخذ بهذا النظر واستندت الى حافظة مستندات المطعون ضدهما المتضمن نموذجا للعطاء الخاص بالعقار 43 طريق الحرية حيث ورد به أن مدة التنفيذ شهر واحد.
ومن حيث انه يتعين أولا الوقوف على المدة المحددة للتنفيذ بالنسبة الى العقار 43 طريق الحرية (شارع فؤاد سابقا) حيث ورد بالنموذج المقدم من الطاعنة أن المدة شهران وقد وقع على هذا النموذج مدير عام الادارة الهندسية ومراقبة التنظيم ومدير أعمال نزع الملكية فى حين ورد بالنموذج المقدم من المطعون ضدهما أن المدة شهر واحد.
ومن حيث أن الطاعنة لم تنازع فى مدة التنفيذ الواردة بالنموذج المقدم منها بشأن العقار رقم 43 طريق الحرية فى جميع مراحل الدعوى فضلا عن أن الثابت من الاطلاع على النموذج المقدم من المطعون ضدهما أن المدة كانت محددة بشهرين ثم ضرب على هذه العبارة واستبدلت بها عبارة شهر واحد مما يشيع الشك فى صحة هذا البيان وندعو الى ترجيح البيان الوارد بالنموذج المقدم من الطاعنة ومن ثم فلا وجه للتقويل على ما ذهبت اليه هيئة المفوضين فى هذا الشأن.
1 - ومن حيث انه:
من المتعين فى تفسير العقود البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للالفاظ اذ الجدير بالارادة الحقيقية على أن تكون هى الارادة المشتركة للمتعاقدين لا بالارادة الفردية لكل منهما ومن العوامل التى يستهدى بها القضاء للكشف عن هذه النية المشتركة ما يرجع الى طبيعة التعامل حيث يختار القاضى المعنى الذى تقتضيه طبيعة العقد، ومن العوامل الموضوعية التى يسترشد بها القاضى أن تخصيص حالة بالذكر لا يجعلها تنفرد بالحكم وأن عبارات العقد يفسر بعضها بعضا بمعنى أنه لا يجوز عزل العبارة الواحدة عن بقية العبارات بل يجب تفسيرها باعتبارها جزءا من كل وهو العقد فقد وردت فى موضوع آخر كذلك فان من العوامل الخارجية فى تفسير العقد الطريقة التى ينفذ بها وتكون متفقة مع ما يوجبه حسن النية فى تنفيذ العقود حيث لا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام ومن المسلم به أن قواعد التفسير المقررة فى القانون المدنى انما تقوم على حسن الفهم والادراك انما وضعت لتعين القاضى على الكشف عن النية المشتركة للمتعاقدين. واذ كان هذا هو الشأن فى مجال القانون الخاص بقواعده المقننة فان القانون الادارى - وهو غير مقنن - أولى بأن تسوده هذه الفكرة بمعنى أن يكون تفسير العقود الادارية قائما على حسن الفهم والادراك ومقتضيات العدالة أن يكون مناط التفسير الكشف عن النية المشتركة للمتعاقدين والا تتحكم فيه الألفاظ وعلى أن يراعى فى الوقت نفسه ما تتميز به العقود الادارية من خصائص.
ومن حيث انه ينبنى على ما تقدم أنه ولئن تضمنت النماذج المعدة من الادارة تحديد ميقات للتنفيذ بالنسبة الى كل عقار من العقارات السبعة مما قد يوحى بالتزام المطعون ضدهما بهدم كل عقار فى الميعاد المحدد له بصرف النظر عن تحديد مدة أطول بالنسبة لبعض العقارات الأخرى الا أنه يبين من تقصى النية المشتركة للمتعاقدين فى ضوء طبيعة التعامل وظروفه ونصوص العقد الاخرى وطريقة التنفيذ أن المتعاقدين قصدا الى اعتباره وحدة واحدة فيما يتعلق بالعقارات كلها. فالثابت أن الهدف من هدم العقارات كان توسيع شارع صفية زغلول بمدينة الاسكندرية وان العقارات تقع كلها فى منطقة واحدة وانه لا سبيل الى الشروع فى رصف المساحات المختلفة من الهدم الا جملة واحدة، يساند ذلك أنه بالرغم من أن العقار رقم 26 شارع صفية زغلول قد تم هدمه فى مدة العشرين يوما المحددة له (ص 57 من ملف الطاعنة) كما أن العقارات الخمسة الأخرى (عدا العقار رقم 43 طريق الحرية) قد تم هدمها مساء يوم 6 من أغسطس سنة 1955 (ص 67 من ملف الطاعنة) الا أن الادارة لم تقم بتسلمها جميعا الا فى 18 من أغسطس سنة 1967.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على محضر لجنة التقدير المؤرخ 12 من مايو سنة 1955 أنها حددت السعر الأساسى لكل عقار على حدة ثم قسمتها الى أربع فئات واقترحت أن يكون للبلدية الحق فى أن ترسى المزايدة على أساس هذا التقسيم أو بضم بعضها الى بعض أو بضمها جميعا أو تفريدها بحيث يكون كل عقار على حدة، فأعدت البلدية نموذجا لكل عقار وحددت فيه أجلا لتنفيذه. فحددت شهرا لهدم العقارات 1 و6 كوم الدكة و24 و27 و31 شارع صفية زغلول وعشرين يوما لهدم العقار رقم 26 شارع صفية زغلول وشهرين للعقار 43 طريق الحرية وواضح أنها قصدت الى مواجهة الحالات التى تتفاوت فيها أسعار العطاءات بالنسبة الى كل عقار على حدة لتختار ما تراه محققا لمصلحتها فينتهى الأمر بابرام عدة عقود مع مقاولين مختلفين، وقد ينتهى الأمر بارساء المزايدة كلها على متعهد واحد فيبرم معه عقد واحد كما هو الحال فى واقعة الدعوى. ويبين من الاطلاع على ملف الطاعنة أن المطعون ضدهما تقدما بعطاء اجمالى قدره (2230 جنيها) لهدم وشراء انقاض العقارات السبعة واشترطا فى عطائهما عدم التجزئة – واذ تبين للادارة أن العطاءات الأخرى اذا أخذ بمجموع مفرداتها على أعلا الأسعار تقل بمقدار (2530 جنيها) فقد ارست المزايدة على المطعون ضدهما دون اعتراض على ما اشترطاه من عدم القابلية للتجزئة، وهو ما يفيد موافقة الجهة الادارية على وحدة العقد ووحدة العملية بجميع أجزائها.
ومن حيث أن البند الثانى عشر من شروط المزايدة التى أبرم العقد على أساسها تنص على أن المقاول الذى يتأخر فى تنفيذ جميع الأعمال المتعلقة بالمزايدة وتسليم البلدية الموقع بعد الهدم طبقا للمواصفات توقع عليه غرامة تأخير بواقع 1% عن كل أسبوع أو جزء من أسبوع يتأخره بحيث لا تزيد الغرامة على 20% من قيمة العطاء ولما كانت العملية قد ارسيت برمتها على المطعون ضدهما دون ما تجزئة فان التأخر فى تنفيذ جميع الأعمال المتعلقة بالمزايدة انما تنصرف بداهة الى التأخر فى اتمام هدم العقارات التى رسا مزادها عليهما. ولا يتأتى القول بوقوع هذا التأخر الا اذا جاوز أقصى أجل محدد لهدم أى من العقارات التى تناولها العقد. وعلى الأساس المتقدم تكون مدة التأخر قاصرة على ثلاثة أيام محسوبة من اليوم التالى لانتهاء مدة الشهرين المحددة لهدم العقار رقم 43 طريق الحرية وتستحق غرامة التأخير عن هذه الفترة وحدها على نحو ما ذهب الحكم المطعون فيه، ومن ثم فان الطعن فيما يتعلق بهذا الشق من الحكم يكون غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث أن الطعن فيما يتعلق برسوم الاشغال يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون اذ قضى بعدم أحقية المحافظة فى خصم هذه الرسوم تأسيسا على أن البلدية لم تتخذ فى شأنها أى اجراء فى مواجهة المطعون ضدهما وأن بعض هذا الاشغال منسوب الى مقاول آخر يدعى فتحية حسانين كما أن منها مساحة شغلت بحاجز خشبى اقامته شركة النيل للاعلانات، فى حين أن وقائع الاشغال ثابتة فى أوراق رسمية تعتبر حجة بما ورد فيها.
ومن حيث أن المطعون ضدهما قد نفيا حصول أى اشغال من جانبهما والثابت انهما لم يتقدما بطلب الحصول على ترخيص بالأشغال وقد نصت المادة السابعة من العقد على أن يقوم المطعون ضدهما بالحصول على التراخيص اللازمة للاشغال.
ومن حيث القواعد المنظمة لاشغال الطرق العامة والتى كان معمولا بها فى مدينة الاسكندرية وقت وقوع الاشغال المنسوب الى المطعون ضدهما قد وردت فى لائحة استعمال الطرق العامة واشغالها بمدينة الاسكندرية الصادرة من المجلس البلدى فى 26 من فبراير سنة 1952 والمصدق عليها من مجلس الوزراء فى 15 من أكتوبر سنة 1955. وقد حظرت المادة الأولى من هذه اللائحة اجراء أى عمل من الأعمال المبينة فيها فى الطرق بمدينة الاسكندرية ومنها أعمال الهدم دون ترخيص من البلدية ونصت المادة الثانية على أن تبين التراخيص الشروط التى يجب على المرخص اتباعها وتحدد فيها الرسوم التى يجب أداؤها ونظمت المواد 3 و4 و5 اجراءات الترخيص والتظلم من القرارات التى تصدر فى هذا الشأن ونصت المادة السابعة على أن يعفى من تقديم طلب الترخيص ودفع الرسوم المصالح العامة والمقاولون الذين تسند اليهم هذه الأعمال اذا نص على اعفائهم من دفع هذه الرسوم فى قائمة الشروط التى تعاقدوا على أساسها وحددت المادة 17 رسوم الاشغال المرخص به وتناولت المواد 19 و20 و21 حالات الأشغال غير المرخص به فنصت المادة 19 على معاقبة كل مخالف لأحكام اللائحة بالحبس مدة لا تجاوز أسبوعا وبغرامة لا تزيد على مائة قرش أو باحدى هاتين العقوبتين ونصت المادة 20 على أنه اذا اتخذت اجراءات قانونية عن مخالفة لأحكام هذا القرار جاز للبلدية ازالة الاشغال بالطرق الادارية اذا كان من شأنه اعاقة حركة المرور أو مضايقة المارة أو لاعتبارات صحية وتنقل الأشياء الشاغلة للطريق بعد تسليم المخالف بيانا لها الى محل تعده البلدية لهذا الغرض وللمخالف تسلم منقولاته بعد دفع الرسوم المستحقة والمصروفات. ونصت المادة 21 على أن جميع أنواع الاشغال السابقة على تاريخ سريان هذه اللائحة يجب أن تبلغ البلدية خلال شهر من تاريخ العمل بها وذلك للحصول على الترخيص اللازم لكل اشغال منها لم يسبق الترخيص فيه وكل اشغال لا يبلغ عنه فى الموعد المتقدم تجب ازالته خلال شهر من تاريخ التنبيه على صاحب الشأن بكتاب موصى عليه فاذا لم يقم بالازالة طبقت عليه أحكام المادتين السابقتين.
ومن حيث أنه يبين من أحكام المواد 19 و20 و21 من اللائحة أن المشرع رتب استحقاق الرسوم فى حالة الاشغال المخالف على اتخاذ الاجراءات القانونية ضد المخالف والمراد بذلك تحرير محضر مخالفة عن الاشغال واستصدار حكم جنائى بادانته. وجلى أن واضع اللائحة قد استهدف بذلك كفالة حقوق ذوى الشأن باثبات وقوع المخالفة فى محضر بما يستتبعه من اتاحة الفرصة لهم لابداء دفاعهم سواء فيما يتعلق بوقوع الاشغال من عدمه وفى تحديد مساحته ومقدار الرسوم المستحقة عنه وقد أجيز للبلدية فى حالة اتخاذ الاجراءات المشار اليها وقبل صدور الحكم الجنائى أن تتخذ اجراءات التنفيذ المباشر بازالة الاشغال بالطريق الادارى متى ترتب عليه اعاقة حركة المرور أو مضايقة الجمهور أو لاعتبارات الصحة العامة مع حق الادارة فى حبس الأشياء الشاغلة للطريق الى أن يقوم المخالف بدفع الرسوم المستحقة والمصروفات أو انتظار نتيجة الحكم فى الدعوى الجنائية.
ومن حيث أنه بين من ذلك أن الأصل فى حالة الترخيص بالأشغال أن تحدد الرسوم الواجب أداؤها فى الترخيص ذاته وتستحق الرسوم عند منح الرخصة، أما فى حالة الاشغال غير المرخص به فان الرسوم لا تستحق الا بناء على اتخاذ الاجراءات القانونية حيال المخالف وثبوت أرتكابه للمخالفة بصدور الحكم الجنائى بالادانة، فعلى أساس محضر ضبط الواقعة تتحدد واقعة الاشغال المنسوبة الى المخالف والمساحة التى تناولها.. والرسوم المستحقة عليها وعلى أساس حكم الادانة الذى يصدر بعد سماع أقوال المخالف وتحقق دفاعه تستحق الرسوم وعلة التفرقة بين الحالتين واضحة ذلك أن استحقاق الرسوم فى حالة الترخيص انما يكون بناء على رغبة طالب الترخيص وفى مواجهته، أما فى حالة الاشغال غير المرخص به فان الرسوم تقدر جبرا عليه وينبغى أن تتهيأ له فرصة مناقشتها والا يترك أمرها لمطلق تقدير السلطة الادارية - ذلك واضح مما جرى به نص المادة 20 من اللائحة التى أجازت للجهة الادارية اقتضاء الرسوم فى حالة الاشغال غير المرخص به الذى اتخذت بشأنه الاجراءات الجنائية مقابل رد الأشياء الشاغلة للطريق التى أجيز للادارة نقلها الى مكان تعده لهذا الغرض، فاذا لم يشأ المخالف استرداد هذه الأشياء فانه لا سبيل الى اقتضاء الرسوم منه الا بعد الحكم فى الدعوى الجنائية. وقد تردد هذا المعنى فى الحكم الانتقالى الوارد بالمادة 21 من اللائحة كما تردد هذا المعنى بوضوح فى أحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن اشغال الطريق الذى ألغى اللائحة المشار اليها حيث نصت المادة 14 منه بعد أن عرضت للعقوبة على الاشغال غير المرخص به على أن يحكم على المخالف بأداء رسم النظر وضعف رسم الأشغال المستحق والمصروفات التى تاريخ الازالة هو ما يؤكد اتجاه المشروع الى عدم استحقاق الرسوم على الأشغال غير المرخص بها بعد الحكم فى الدعوى الجنائية.
ومن حيث أنه ليس ثمة ما يفيد تحرير محاضر مخالفات ضد المطعون عليهما بل اقتصر الأمر على مجرد اجراءات داخلية تمثلت فى توجيه مذكرات من معاون أول قسم التنظيم الى رئيسه بشأن وقائع الاشغال ومساحاته والرسوم المستحقة عنها ومنها ما لا يتعلق بالمطعون عليهما وجرى حساب الرسم عنها ضمن مساحات الاشغال ولم يخطر المطعون عليهما بشئ من هذه الاجراءات.
ومن حيث أنه ولئن كانت المادة السابعة من العقد المبرم بين المحافظة والمطعون ضدهما قد خولت البلدية أن تخصم من التأمين المرفوع منهما بقيمة رسوم الأشغال التى قد تستحق عليهما الا أن المستفاد من النص أن الخصم من التأمين منوط باتخاذ البلدية الاجراءات القانونية التى تجعل هذه الرسوم مستحقة الاداء سواء بتوقيع العقوبة الجنائية أو بقبول المخالف اجراء هذا الخصم وهو الأمر الذى لم يتم فى واقعة الطعن الماثل.
ومن حيث أنه متى كانت رسوم الأشغال غير مستحقة الأداء فانه لا يحق للمحافظة أن تقوم بخصمها من مبلغ التأمين ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى اليه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت محافظة الاسكندرية بالمصروفات.


[(1)] قضت محكمة القضاء الادارى فى حكمها المشار اليه بالزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعين مبلغ 1373 جنيها و700 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا عن مبلغ 1025جنيها و955 مليما من تاريخ المطالبة القضائية أى صلة فى 7 من أغسطس سنة 1958 حتى تمام الوفاء والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ ورفضه ما عدا ذلك من طلبات".