مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 263

(37)
جلسة 24 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبى يوسف والدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 607 لسنة 24 القضائية

هيئة مفوضى الدولة - تقرير بالرأى القانونى - بطلان.
ليس ثمة الزام فى القانون على المحكمة أن تعيد الدعوى الى هيئة مفوضى الدولة لتستكمل ما أغفلته فى تحضيرها للدعوى أو التقرير الذى أودعته بالرأى القانونى فيها - لا سند فيما ذهب اليه الطاعنون من بطلان الحكم المطعون فيه لاقتصار تقرير هيئة مفوضى الدولة أمامها على رأيها باحالة الدعوى الى المحكمة الادارية المختصة دون ابداء رأيها فى الموضوع - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 6/ 7/ 1978 أودع الأستاذ غبريال ابراهيم غبريال المحامى بصفته وكيلا عن ورثة المرحوم يمانى أبو زيد عبد المجيد بموجب قرار صادر من لجنة المساعدة القضائية بتاريخ 8/ 5/ 1978 فى طلب الاعفاء المقيد برقم 102 لسنة 24 ق والمقدم من هؤلاء الورثة لاعفائهم من رسوم الطعن - أودع قلب كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 607 لسنة 24 ق وطلب للأسباب الواردة به الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى "دائرة التسويات" بجلسة 20/ 2/ 1978 فى الدعوى رقم 706 لسنة 27 ق المقامة من مورث الطاعنين ضد السيدين رئيس مجلس ادارة مؤسسة مصر للطيران ورئيس مجلس ادارة شركة فنادق شبرد بصفتيهما بطلب الحكم بأن يدفعا له متضامنين 2183 جنيها والمصروفات وقد قضى هذا الحكم بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا والزام المدعين المصروفات. وقد اعلن الطعن على ما هو مبين بالأوراق. واعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا أرتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه والزام الطاعن المصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 10/ 11/ 1980 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره جلسة 8/ 11/ 1981 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على ما هو مبين بمحضرها، وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة،
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية،
ومن حيث ان الطاعنين دفعوا بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وطلبوا بمذكرتهم المقدمة بجلسة 10/ 11/ 1980 احالتها بحالتها الى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لاختصاصها بنظرها، وذلك على سند من القول بأن المؤسسة المطعون ضدها الأولى قد زال كيانها القانونى بتحويلها الى شركة مساهمة عامة باسم شركة مصر للطيران، وذلك تنفيذا لاحكام المادة السابعة من القانون رقم 111 لسنة 1975 ومن ثم فان الاختصاص بنظر المنازعات التى ترفع من العاملين بها انما ينعقد للقضاء العمالى.
ومن حيث انه لما كان الثابت من الأوراق ان الدعوى رفعت ابتداء أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها العام برقم 597 لسنة 1972 ق وبجلسة 17/ 2/ 1972 قررت هذه المحكمة احالة الدعوى الى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 1755 لسنة 72 ق وبجلسة 1/ 3/ 1973 حكمت هذه المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظرها وامرت باحالتها الى محكمة القضاء الادارى للفصل فيها، وذلك اعمالا لنص المادة 110 من قانون المرافعات التى تقضى بأن على المحكمة اذا قضت بعدم اختصاصها ان تأمر باحالة الدعوى بحالتها الى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية، وتلتزم المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها - لما كان ذلك وكان المشرع بهذا الحكم الذى استحدثه قد عمم قاعدة احالة الدعوى الى المحكمة المختصة اذا حكمت المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى بعدم اختصاصها أيا كان الاختصاص ولو كان متعلقا بالولاية، فقضى بذلك على ما كان مستقرا عليه من قبل من عدم جواز الاحالة بين الجهات القضائية لاستقلالها المزعوم بعضها عن البعض الآخر. ويترتب على ذلك أنه اذ حكمت المحكمة بعدم اختصاصها وباحالة الدعوى الى المحكمة المختصة فان هذا الحكم فضلا عن أنه يقيد المحكمة التى اصدرته من حيث قضائه بعدم أختصاصها يقيد أيضا المحكمة التى أحيلت اليها الدعوى من حيث اختصاص هذه المحكمة أى أن الحكم بالاحالة فى هذا المقام ينطوى على حكم باختصاص المحكمة المحال اليها الدعوى له حجيته أمام جميع المحاكم، وليس التزام المحكمة التى تحال اليها الدعوى بحكم الاحالة الا اعمالا لقاعدة حجية الشئ المحكوم فيه ومقتضاها ان للحكم حجيته أمام جميع المحاكم بصرف النظر عن المحكمة التى أصدرته، وبصرف النظر عن المحكمة التى يحتج بها امامها. وعلى هدى ما تقدم فانه ايا كان سبب عدم الاختصاص بنظر الدعوى فان محكمة القضاء الادارى وقد أحيلت اليها الدعوى من المحكمة الابتدائية للاختصاص فانها تلتزم بنظرها والفصل فيها ويكون الدفع بعدم اختصاصها بذلك هو دفع غير قائم على أساس سليم من القانون مما يتعين الحكم برفضه.
ومن حيث ان وقائع هذه المنازعة تتلخص - على ما يبين من أوراق الطعن - فى أن مورث الطاعنين كان قد أقام الدعوى رقم 597 لسنة 1972 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد السيدين رئيس مجلس ادارة مؤسسة مصر للطيران ورئيس مجلس ادارة شركة فنادق شبرد طالبا الحكم بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 2183 جنيها والمصروفات. وقال شرحا لدعواه أنه التحق بالعمل بالشركة المدعى عليها الثانية بتاريخ 20/ 5/ 1948 ووصل مرتبه فى شهر سبتمبر 1963 الى 35 جنيها بخلاف الامتيازات العينية التى كان يسدد عنها اقساط هيئة التأمينات الاجتماعية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الاجر يدخل عند حساب المعاش، وهذه الامتيازات هى 600ر6 جنيه بدل اكل و600ر3 جنيه بدل مشروب و300ر3 بدل نوم فيكون مجموعها 500ر13 جنيها شهريا. وبتاريخ أول أكتوبر 1963 انتدب للعمل بفرع شركة مصر للطيران بمطار القاهرة، ومنح اسوة بزملائه ولترقيته الى وظيفة مساعد مطبخ علاوة قدرها خمسة جنيهات فأصبح مرتبه 40 جنيها بخلاف الامتيازات العينية، الا أنه حرم من هذه الامتيازات بدون وجه حق، وأوقف دفع الاقساط عنها للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية مما يعتبر تخفيضا لأجره بدون مبرر وذلك من تاريخ ندبه. كما حرم منذ هذا التاريخ من علاوته الدورية التى حصل عليها زملائه وبذلك يكون قد حرم من المبالغ الآتية 1441 جنيها قيمة الامتيازات التى حرم منها حتى آخر يوليو 1971 و742 جنيها جملة العلاوة التى حرم منها عن المدة المذكورة وتكون جملة المبالغ التى حرم منها حتى آخر يوليو 1971 هى 2183 جنيها وبجلسة 17/ 10/ 1972 قررت محكمة شمال القاهرة احالة الدعوى الى محكمة جنوب القاهرة الدائرة 16 عمال كلى لنظرها مع قضية أخرى مرتبطة رقم 5331 لسنة 1971 عمال كلى جنوب بجلسة 25/ 11/ 1972 وقيدت الدعوى بجدول المحكمة بعد احالتها اليها برقم 1755 لسنة 1972 وبجلسة 10/ 3/ 1973 حكمت محكمة جنوب القاهرة الدائرة 16 عمال كلى بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى واحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة استنادا الى ان عمال المؤسسات العامة يعتبرون موظفون عموميين وتختص محكمة القضاء الادارى بمنازعاتهم عملا بحكم المادتين 10 و13 من القانون رقم 47 لسنة 1972 واحالتها اليها عملا بحكم المادة 111 مرافعات. وقد قيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الادارى رقم 706 لسنة 27 ق ونظرا لوفاة المدعى فى 14/ 2/ 1977 فقد بأشرها ورثته وهم أبو زيد وفؤاد وفايزة وسعاد وصباح ونادية وسامية وسناء أولاد المتوفى والسيدة/ توحيدة مبارز على زوجته عن نفسها وبصفتها وصية على قاصريها مدحت واشرف يمانى أبو زيد موجهين الدعوى الى السيدين رئيس مجلس ادارة مؤسسة مصر للطيران ورئيس مجلس ادارة شركة الفنادق المصرية طالبين الحكم بقيمة الامتيازات العينية والعلاوات التى حرم منها مورثهم وقدرها 2183 جنيها حتى آخر يوليو 1970 وما يستجد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ردت المدعى عليها الأولى (مؤسسة مصر للطيران) على الدعوى بأن المورث التحق بخدمتها بموجب عقد عمل غير محدد المدة اعتبارا من 1/ 10/ 1963 للعمل بفندق ميناء القاهرة الجوى التابع لها بمرتب شهرى شامل قدره أربعون جنيها ما يفيد انه لم ينقل اليها من الشركة المدعى عليها الثانية ويتحدد المركز القانونى للموظف طبقا للوظيفة التى يشغلها وطبقا لعقد العمل واللوائح المطبقة فى المؤسسة، فيستحق راتب الوظيفة التى يشغلها وميزاتها ان وجدت، بل ان الفقه والقضاء قد استقر على انه فى حالة نقل الموظف فانه يستصحب مركزه القانونى دون القواعد التى تحكم هذا المركز، اذ يخضع بمجرد النقل لأحكام القواعد التى تحكم شئون العاملين بالجهة المنقول اليها، ولازم هذا ان الموظف المنقول يستحق نفس المرتب الذى كان يتقاضاه عاريا من أى بدل كان يتقاضاه فى وظيفته السابقة ورتبت على ذلك ان الدعوى قائمة على غير سند من القانون متعينة الرفض. اما دفاع المدعى عليها الثانية (شركة الفنادق المصرية) فجملته ان المورث كان من عداد العاملين بشركة فنادق شبرد وبتاريخ 1/ 10/ 1963 انتهت خدمته بسبب النقل كما يدعى الى ميناء القاهرة الجوى الذى يتبع مؤسسة الطيران المدعى عليها الأولى ومنذ ذلك التاريخ انقطعت صلته تماما بالشركة التى أخطرته بانهاء خدمته فى 14/ 10/ 1963 وليست له أية مستحقات مالية قبل الشركة ودفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لسقوط الحق فى رفعها بالتقادم عملا بنص المادة 698 مدنى التى تقضى بسقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد وقد انتهت خدمة المورث اعتبارا من 1/ 10/ 1963 وخلصت الشركة المدعى عليها الى طلب الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق فى رفعها بالتقادم واحتياطيا برفض الدعوى موضوعا. وعقب المدعون على دفاع المدعى عليهما بأن مورثهم ظل يتقاضى الميزات العينية حتى نقل نقلا مكانيا فى 1/ 10/ 1963 الى العمل بفندق ميناء القاهرة الجوى الذى كان يخضع آنئذ لادارة الشركة المدعى عليها الثانية. وقد نقلت ادارته فيما بعد الى مؤسسة مصر للطيران (المدعى عليها الأولى) واذ لا يترتب على النقل تعيين مبتدأ فمن ثم يكون عقد عمله مستمرا ويكون الدفع بسقوط الدعوى لرفعها بعد مضى سنة فى غير محله، وقدم الدفاع تدليلا على ان نقل مورث المدعين كان نقلا مكانيا حافظة مستندات احتوت على ان شعار ميناء القاهرة الجوى ويحمل اسم الفندق وتحته كتب شركة شبرد 2- بطاقة الخدمات الطبية الخاصة بفندق ميناء القاهرة الجوى ويحمل عبارة "ادارة شركة شبرد والفنادق المصرية" وذكر المدعون تدليلا على ان مورثهم قد نقل من شركة شبرد الى مؤسسة مصر للطيران ان ملف خدمته يحتوى على الاستمارة رقم 6 تأمينات محررة بمعرفة شركة فنادق شبرد ثابت فيها أنه نقل فى 30/ 9/ 1963 الى فندق ميناء القاهرة الجوى التابع لمؤسسة مصر للطيران. وخطاب من السيد مدير الشئون الادارية لخدمات شركة الطيران الى السيد مدير ادارة القضايا بمؤسسة الطيران العربية صادر فى 14/ 8/ 1967 برقم 717 ثابت به ان المورث التحق بخدمة شركة الطيران العربية المتحدة (مشروع ميناء القاهرة الجوى) وفقا لاحكام العقد المبرم بين هذه الشركة وشركة شبرد والفنادق المصرية بشأن ادارة واستغلال هذه المرافق اعتبارا من 1/ 10/ 1963 وخطاب من السيد مدير عام شركة الطيران الى السيد مدير الشئون المالية بالشركة المذكورة فى 8/ 9/ 1965 ثابت به موافقة مجلس ادارة الشركة بجلسة 6/ 9/ 1965 على خصم متوسط المنح لبعض العاملين ومنهم المورث التى حصلوا عليها وقت ان كانوا يعملون بشركة فنادق شبرد الى مرتباتهم اعتبارا من 1/ 7/ 1964 (مسلسلات 93 و133 و139 على التوالى) وبالبناء على ما تقدم ذهب المدعون الى القول بأن مورثهم قد التحق بالمؤسسة نقلا من الشركة. ومن ثم يستحق كافة الميزات العينية التى كان يتقاضاها بشركة شبرد، كما يستحق العلاوات التى تقاضها اقرانه الذين استبقوا بخدمة شركة شبرد وبجلسة 20/ 2/ 1978 قضت محكمة القضاء الادارى برفض الدعوى واقامت قضاءها على أن مورث المدعين قد نقل من شركة شبرد الى مؤسسة الطيران العربية المتحدة اعتبارا من 1/ 10/ 1963 وذلك استنادا الى ما احتواه ملف خدمته ابان عمله بشركة شبرد من أوراق وبيانات منها أنه يضم اخطارا مؤرخا 14/ 10/ 1963 بانتهاء خدمته موضحا به انه التحق بالعمل بالشركة فى 20/ 5/ 1948 وترك الخدمة فى 1/ 10/ 1963 وان مبلغ مكافأة نهاية الخدمة المدفوعة له هو 583 جنيه و840 مليم وقد استخلصت المحكمة مما تقدم ان مورث المدعين وقد صرف مكافأة نهاية خدمته من شركة شبرد فتكون صلته بها قد انقطعت تماما وانهى العقد الذى كان يربطه بها مما يعنى انه لم ينقل منها الى مؤسسة الطيران العربية المدعى عليها الأولى والتى حلت عليها شركة مصر للطيران. يؤاذر هذا ان وكيل مورث المدعين وقع اقرارا فى 9/ 9/ 1971 بأنه تخالص تخالصا تاما ونهائيا ومبرئا لذمة المؤسسة عن كافة حقوقه المترتبة على عقد عمل المورث لديها، وانه ليس له الحق فى الرجوع عليها بأية مطالبة. وليس له الحق فى الالتجاء الى أية جهة قضائية بأى دعوى حالا أو مستقبلا عن أى حق من الحقوق المترتبة على عقد عمله بها، وان هذا العقد قد فسخ. ويدل هذا على أن المورث قد عمل لدى المؤسسة المدعى عليها الأولى بعقد عمل ولا يستلزم القانون أن يكون عقد العمل مكتوبا فقد يتم شفويا، ولم ينكر وكيل المورث الرسمى قيام هذا العقد. بل ان المورث نفسه قد تقدم فى 9/ 9/ 1971 - أى بعد انتهاء خدمته فى 9/ 7/ 1971 - بطلب لاعطائه شهادة بمدة خدمته فتسلمها وثابت فيها انه التحق بخدمة المؤسسة فى 1/ 10/ 1963 وقد جرت جميع الأوراق الثابتة بملف خدمة المورث لدى المؤسسة انه عين بها ابتداء من هذا التاريخ ومفاد ذلك كله ان المورث قد عين ابتداء بالمؤسسة المدعى عليها الاولى اعتبارا من 1/ 10/ 1963 وانه لم ينقل اليها من شركة شبرد المدعى عليها الثانية. ولا ينال من هذا ما تضمنته حافظة مستنداته، لانها أوراق غير رسمية، كما ان ما ورد بالاستمارة 6 تأمينات وما جاء باخطار انهاء خدمة المورث بشركة شبرد من ان المورث قد نقل الى مؤسسة الطيران فان هذا وقد حررته الشركة لا يكون حجة على المؤسسة بأن المورث نقل اليها ولم يعين بها ابتداء. وليس فى خطاب مدير الشئون الادارية لخدمات شركة الطيران الى مدير ادارة القضايا بمؤسسة الطيران فى 14/ 8/ 1967 ان هناك عقدا تم بين شركة الطيران وبين شبرد لادارة واستغلال مشروع ميناء القاهرة الجوى ما يقطع بأن المورث قد التحق بشركة الطيران نقلا من شركة شبرد. وبالنسبة لزيادة مرتب المورث بما يوازى المنح التى يتقاضاها ابان عمله بشركة شبرد فان زيادة المرتب هى من حق شركة الطيران تحدده على النحو الذى تراه ولا يعنى ان المورث قد نقل اليها من شركة شبرد ولم يعين بها ابتداء. وبالاضافة الى ما تقدم فان ملف خدمة المدعى قد خلا من قرار بنقله من الشركة الى المؤسسة وترتيبا على ذلك خلصت محكمة القضاء الادارى الى أن الدعوى قائمة على غير سند من القانون وقضت برفضها واذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى ورثة يمانى انور عبد المجيد، فقد طعنوا عليه بالطعن الماثل.
ومن حيث ان الطعن يقوم على سببين، مبنى أولهما مخالفة الحكم المطعون فيه لحقيقة الواقع وبالتالى مخالفته للقانون، ذلك ان الأدلة تشهد بأن مورث الطاعنين نقل من شركة فنادق شبرد الى شركة مصر للطيران التى كانت تتولى ادارة فندق ميناء القاهرة الجوى، وكانت تستعين فى ادارته بشركة فنادق شبرد. ثم تبع هذا الفندق للشركة العامة لخدمات الطيران ثم أدمجت هذه الشركة فى المؤسسة المصرية العامة للنقل الجوى التى تغير اسمها فيما بعد الى مؤسسة مصر للطيران. وقد تم نقله فى 1/ 10/ 1963 بناء على اتفاق بين الجهة المنقول منها والجهة المنقول اليها، اذ يوجد خطاب فى ملف خدمته مرسل من مدير الشئون الادارية للخدمات رقم 717 فى 14/ 8/ 1967 بأن مورث الطاعنين التحق بخدمة شركة الطيران (مشروع فندق ميناء القاهرة الجوي) وفقا لأحكام العقد المحرر بين هذه الشركة وشركة شبرد والفنادق المصرية بشأن ادارة استغلال هذه المرافق اعتبارا من 1/ 10/ 1963 وقد تم هذا النقل فى ظل القرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 بنظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة، وهو النظام الذى كان يبيح النقل من شركة الى شركة أخرى، كما كان يقضى بسريان قوانين العمل فى أية مسألة طالما كان أكثر سخاء للعامل، ثم كرر الطاعنون باقى الادلة التى سبق ان اثاروها أمام محكمة القضاء الادارى للتدليل على ان مورثهم نقل الى شركة الطيران العربية المتحدة (مشروع ميناء القاهرة الجوى) ولم يعين تعيينا مبتدأ.
ومن حيث ان المطعون ضدها الأولى (مؤسسة مصر للطيران) تقرر ان خدمة مورث الطاعنين لديها أنما بدأت من 1/ 10/ 1968 بمرتب شهرى شامل قدره أربعون جنيها بوظيفة مساعد رئيس مطبخ ولا شأن لها بما يريد الطاعنون أن يحملوها به من امتيازات عينية كان يتقاضاها مورثهم بشركة فنادق شبرد (المطعون ضدها الثانية) التى كان يعمل بها قبل ذلك.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان مورث الطاعنين انما يطلب هذه الامتيازات العينية (بدل مأكل وبدل مشرب وبدل نوم) وفقا لما كان يعامل به فى شركة فنادق شبرد التى كان يعمل بها قبل 1/ 10/ 1963 بينما ليس لزاما ان يستصحب العامل البدلات التى كان يتقاضاها فى وحدة من وحدات القطاع العام عند نقله الى وحدة أخرى وقد كان سوف يصبح ثمة وجه لبحث مطالبة المورث لهذه الامتيازات العينية لو كان يدعى أنه يستحقها طبقا للقواعد المعمول بها فى المؤسسة المنقول اليها اما أن يطالب المؤسسة المنقول اليها بامتيازات عينية كان يتقاضاها ابان عمله بالشركة المنقول منها فهذا لا سند له من القانون، ذلك ان العامل المنقول لا يستصحب بنقله الى الوحدة المنقول اليها النظام القانونى أو اللائحى للوحدة المنقول منها. ولا يغير من ذلك ان المادة 28 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 قد اجازت نقل العامل أو ندبه من جهة الى أخرى أو من عمل الى آخر فى المستوى ذاته سواء كان هذا العمل داخل الشركة أو الى شركة أخرى.
ومن حيث أن مفاد ذلك أنه لا جدوى من بحث ما اذا كان التحاق مورث الطاعنين بمؤسسة مصر للطيران فى 1/ 10/ 1963 نقلا أو تعيينا، لأنه حتى بفرض انه نقل فان العامل المنقول لا يستصحب لزاما عند نقله من وحدة من وحدات القطاع العام الى وحدة أخرى للبدلات أو الامتيازات العينية التى كان يستحقها فى الوحدة المنقول منها، بل يجب أن يصدر بذلك قرار صريح من الجهة المنقول اليها. وهو ما لم يثبت من الأوراق حدوثه بالنسبة للمنازعة الحالية. بل ثبت من الأوراق ان صلة مورث الطاعنين بشركة فنادق شبرد أثبتت منذ 1/ 10/ 1963 وليس أدل على ذلك من ان ملف خدمته بهذه الشركة يختتم باخطار بانتهاء الخدمة مؤرخ 14/ 10/ 1963 مبين فيه مبلغ مكافأة نهاية الخدمة المدفوعة وقدره 582 جنيه و840 مليم ولا يغير من ذلك ما ورد ذكره بهذا الاخطار من ان انهاء خدمة مورث الطاعنين كان بسبب "نقله الى ميناء القاهرة الجوى" ووصف الطاعنون هذا النقل بأنه "نقل مكانى" بمقولة ان شركة فنادق شبرد كان لها الاشراف على ميناء القاهرة الجوى عندما الحق مورثهم للعمل بشركة الطيران العربية التى اصبحت فيما بعد مؤسسة مصر للطيران - لا يغير ذلك لان النقل المكانى يستلزم أن يكون النقل داخل وحدة اقتصادية واحدة بينما شركة شبرد للفنادق ذات كيان اقتصادى وقانونى مستقل عن شركة الطيران العربية ومؤسسة مصر للطيران. كما أن الاشراف الذى ادعاه الطاعنون لشركة شبرد للفنادق على ميناء القاهرة الدولى عندما الحق مورثهم للعمل بفندق ميناء القاهرة الدولى (الذى تبع لمؤسسة مصر للطيران) لا ينفى حقيقة ان مؤسسة مصر للطيران ذات وجود قانونى مستقل عن شركة شبرد للفنادق.
ومن حيث أنه منذ التحاق مورث الطاعنين بمؤسسة مصر للطيران فى 1/ 10/ 1963 صار خاضعا للنظام القانونى بهذه الجهة، سواء بالنسبة لرواتبه أو علاواته. ولا يجوز أن يطلب بعد هذا التاريخ أن يظل معاملا بالنسبة لرواتبه وعلاواته بالنظام المعمول به فى شركة شبرد للفنادق. وقد نصت المادة 24 من القرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 على ان "يقرر مجلس ادارة الشركة فى ختام كل سنة مالية مبدأ منح العلاوة أو عدم منحها بالنسبة الى جميع العاملين فى الشركة وذلك فى ضؤ المركز المالى للشركة وما حققته من اهداف، كما يجوز له ان يقرر منح نسبة من العلاوة، وفى هذه الحالة لا يجوز أن تزيد النسبة الممنوحة من العلاوة فى الفئات العليا عنها فى الفئات التى تقل عنها. ويتعين فى جميع الاحوال اعتماد قرار مجلس ادارة الشركة من مجلس ادارة المؤسسة وتمنح العلاوات الدورية السنوية فى أول يناير من كل عام وفقا للفئات الواردة بالجدول المرافق "ومفاد ذلك ان مورث الطاعنين صار منذ التحاقه بالمطعون ضدها الاولى خاضعا بالنسبة لرواتبه وعلاواته لما هو متبع فى هذه الجهة". لا يدعى الطاعنون انها حرمته من علاواته ابان عمله لديها.
ومن حيث أنه حاصل السبب الثانى من اسباب الطعن ان الحكم المطعون فيه شابه البطلان ذلك ان تقرير هيئة مفوضى الدولة امام محكمة القضاء الادارى اقتصر على ما ارتأه من احالة الدعوى الى المحكمة الادارية المختصة ولم يتناول موضوع المنازعة. واذ اتجهت محكمة القضاء الادارى الى الفصل فى الموضوع فانه كان يتعين قانونا اعادة الدعوى الى هيئة المفوضين لتبدى رأيها فيه. ولكن المحكمة لم تفعل ذلك ومن ثم يكون حكمها باطلا.
ومن حيث ان الثابت من الاوراق ان هيئة مفوضى الدولة قامت بتحضير الدعوى، وهيأتها للمرافعة، وقدمت تقريرا بالرأى القانونى فيها حددت فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التى يثيرها النزاع، وأبدت رأيها مسببا. ثم قامت هيئة مفوضى الدولة بعد ايداع التقرير بعرض ملف الأوراق على رئيس المحكمة فعين تاريخ الجلسة التى نظرت فيها الدعوى وسمعت ما رأت سماعه من ايضاحات الخصوم وفصلت فيها بالحكم المطعون فيه. ومن ثم فان محكمة القضاء الادارى لا تكون قد قضت فى الدعوى قبل أن تقوم هيئة مفوضى الدولة بتهيئتها للمرافعة وتقديم تقرير فيها. ولا يكون الحكم المطعون فيه بذلك قد خالف القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة فيما أوجبه بالمواد 26 و27 و28.
ومن حيث أنه متى اتصلت المحكمة المختصة بنظر الدعوى بعد اتباع تسلسل الاجراءات الذى أشارت اليه المواد سالفة الذكر، فليس لزاما على المحكمة بعد ذلك ان تعيد الدعوى الى هيئة مفوضى الدولة لاستيفاء أى جوانب فيها موضوعية كانت هذه الجوانب أم قانونية. ومن ثم فلا سند من القانون فيما تمسك به الطاعنون من بطلان الحكم المطعون فيه بمقولة ان تقرير هيئة مفوضى الدولة اقتصر على التوصية باحالة الدعوى الى المحكمة الادارية للاختصاص اذ أن هذا مجرد قصور فى التقرير لا يوجب على المحكمة أن تعيد الدعوى الى هيئة مفوضى الدولة لاستكماله بعد ان اتصلت بنظر الدعوى على أساس تسلسل الاجراءات الذى أشارت اليه المواد سالفة الذكر تسلسلا سليما. فلا يغير من الامر شيئا الا تكون هيئة مفوضى الدولة قد ألمت فى تقريرها بكل جوانب المنازعة، وادلت بالرأى القانونى مسببا فيها، وكل ما تطلبه قانون مجلس الدولة فى هذا الشأن عدم تفويت مرحلة أوجبها القانون من مراحل التقاضى الادارى وهى مرحلة تهيئة الدعوى بمعرفة هيئة مفوضى الدولة وتقديم تقرير بالرأى القانونى فيها. فلا يجوز أن يبدأ التقاضى الادارى منذ العمل بالقانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن اعادة تنظيم مجلس الدولة بنظر الدعوى الادارية أمام محاكم القسم القضائى بمجلس الدولة بل يجب أن تبدأ هيئة مفوضى الدولة أمام كل محكمة بتحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة وتقديم تقرير بالرأى القانونى فيها. فاذا مرت الدعوى بهذه المرحلة ثم اتصلت المحكمة المختصة بنظرها، فليس ثمة الزام من القانون على هذه المحكمة بأن تعيد الدعوى الى هيئة مفوضى الدولة لتستكمل ما اغفلته فى تحضيرها للدعوى. أو التقرير الذى أودعته بالرأى القانونى فيها. ومن ثم لا سند فيما ذهب اليه الطاعنون من بطلان الحكم المطعون فيه لاقتصار تقرير هيئة مفوضى الدولة امامها على رأيها باحالة الدعوى الى المحكمة الادارية المختصة دون ابداء رأيها فى الموضوع.
ومن حيث أنه متى كان ذلك، فان الطعن يكون على غير اساس سليم من القانون ويتعين الحكم برفضه مع الزام الطاعنين المصروفات عن الدرجتين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الطاعنين بالمصروفات.