مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 273

(38)
جلسة 24 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبى يوسف ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1141 لسنة 26 القضائية

مهجرون من منطقة القنال - بدل اقامة - اعانة شهرية - اعتقال - أثره.
نص المادة 6 من قرار رئيس الجمهورية رقم 934 لسنة 1969 بشأن الاعانات والرواتب التى تصرف للعائدين من غزة وسيناء والمهجرين من منطقة القنال على أنه يجوز نقل العاملين العائدين من سيناء والمهجرين من منطقة القنال الذين ليسوا من أبناء هذه المناطق الى جهات أخرى ويوقف صرف الاعانة الشهرية ومرتب الاقامة والراتب الاضافى ومقابل التهجير المنصوص عليها فى المواد 1، 2، 3 اعتبارا من أول الشهر التالى لتاريخ النقل - اعتقال المدعى لا يعد سببا فى وقف صرف هذا البدل وتلك الاعانة - أحقيته فى بدل الاقامة والاعانة المقررتين قانونا خلال فترة اعتقاله - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 7 من يونيه سنة 1980 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1141 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 14 من ابريل سنة 1980 فى الدعوى رقم 74 لسنة 32 القضائية المقامة من السيد/ سعيد حسن ابو ظاهر ضد كل من وزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد والزام المدعى المصروفات. وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب التى ابانتها تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى (دائرة التسويات) لتقضى فى موضوعها.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن خلصت فيه الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وعين لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 8 من يونيه سنة 1981 وجلسة 22 من يونية سنة 1981 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 29 من نوفمبر سنة 1981 وفيها قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة توجز - على ما يبين من الأوراق - فى أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية بأسيوط فى 5 من فبراير سنة 1975 أقام السيد/ سعيد حسن أبو طاهر الدعوى رقم 86 لسنة 2 القضائية ضد كل من وزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية طالبا الحكم بأحقيته فى صرف بدل الاقامة وبدل منطقة القنال بالنسب المقررة قانونا بالنظر الى المرتب وذلك عن الفترة من 29 من أغسطس سنة 1965 (تاريخ اعتقاله) حتى أول أغسطس سنة 1971 (تاريخ الافراج عنه) مع تسوية حالته وما يترتب على ذلك من استحقاقات وفروق مالية عن ذات الفترة بالنسبة المقررة بالنظر الى مرتبه الأصلى مع الزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه - وشرح المدعى دعواه قائلا انه اعتقل فى 29 من أغسطس سنة 1965 وظل معتقلا حتى أفرج عنه فى أول أغسطس سنة 1971 وكان عند اعتقاله موظفا بالهيئة العامة للسكك الحديدة وكان يتقاضى بالاضافة الى مرتبه بدل اقامة وبدل منطقة القنال - وقد أوقفت الهيئة صرف هذه المستحقات منذ اعتقاله الا أنه حاول صرفها وديا فأخفق مما الجأه الى اقامة دعواه بعد حصوله على قرار بمعافاته من الرسوم القضائية فى الطلب رقم 200 لسنة 1 القضائية.
وردت الجهة الادارية على الدعوى قائلة ان المدعى كان يشغل وظيفة معاون محطة رفح وكان يصرف بدل اقامة وغلاء اضافى، وقد اعتقل فى أول أكتوبر سنة 1965 لأسباب سياسية وظل يصرف مرتبه بما فيه بدل الاقامة والغلاء الاضافى الى ان أبلغت الادارة المالية بالهيئة بعدم استحقاقه لهما وعلى ذلك تم حصر المبالغ السابق صرفها وخصمت من مرتبه.. وأشارت الجهة الادارية بعدم أحقية المدعى فى هذه المبالغ اذ أن كلا من بدل الاقامة أو الاعانة مرتبط صرفه بالاقامة فى ذات الجهة التى تقرر الصرف من أجلها، وهذا الشرط متخلف فى حق المدعى أثناء فترة اعتقاله الذى يعد بمثابة نقل تنتفى به حكمة الاستحقاق.
وبجلسة 9 من فبراير سنة 1977 حكمت المحكمة الادارية بأسيوط بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت باحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى للاختصاص تأسيسا على ان المدعى قد رقى الى الدرجة الرابعة اعتبارا من 10 من ديسمبر سنة 1975 وهى وظيفة من المستوى الأول التى ينعقد الاختصاص فى شأن الدعاوى التى يقيمها شاغلوها لمحكمة القضاء الادارى - وازاء ذلك احيلت الدعوى الى هذه المحكمة الأخيرة حيث قيدت بجدولها برقم 74 لسنة 32 القضائية.
وبجلسة 14 من ابريل سنة 1980 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه ويقضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد - وشيدت قضاءها على ان ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة المختصة طبقا للمادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 وهو ثلاث سنوات من تاريخ العمل به قد انتهى فى 30 من سبتمبر سنة 1974، وهذا الميعاد فى جوهره وحقيقته ميعاد سقوط لا يرد عليه وقف أو انقطاع، وعلى هذا واذ أقام المدعى دعواه فى 5 من فبراير سنة 1975 فانه يكون قد أقامها بعد انقضاء الميعاد المذكور مما تغدو غير مقبولة شكلا.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف صحيح حكم القانون تطبيقا وتأويلا ذلك انه وفقا للمادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 فانه يتعين على صاحب الشأن المطالبة بحقه خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أى فى ميعاد غايته 30 من سبتمبر سنة 1974 فاذا انقضى هذا الميعاد ولم تكن الجهة الادارية قد اجابته الى طلبه كما لم ترفع عنه دعوى المطالبة القضائية امتنع وجوبا على المحكمة قبول الدعوى، كما يمتنع على الجهة الادارية النظر فى طلب صاحب الشأن لتعلق هذا الميعاد بالنظام العام، الا أنه وفقا لقضاء المحكمة الادارية العليا يترتب على تقدم طلب المساعدة القضائية قطع ميعاد رفع دعوى الالغاء، واذ كان الثابت ان المدعى تقدم بطلب اعفائه من الرسوم القضائية فى 29 من مايو سنة 1974 أى قبل انقضاء ميعاد الثلاث سنوات فان ذلك الطلب يقطع الميعاد ويظل هذا الاثر قائما الى تاريخ صدور قرار الاعفاء من الرسوم - ولما كان الثابت من الاوراق أن قبول طلب الاعفاء صدر فى 8 من ديسمبر سنة 1974 وأقيمت الدعوى فى 5 من فبراير سنة 1975 ومن ثم يكون المدعى قد أقامها قبل انقضاء الميعاد المنصوص عليه فى المادة 87 - المشار اليها فتغدو الدعوى مقبولة شكلا.
ومن حيث ان المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "مع عدم الاخلال بنص المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة يكون ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة المختصة ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون وذلك فيما يتعلق بالمطالبة بحقوق الخاضعين له التى نشأت قبل العمل به متى كانت مترتبة على أحكام القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة على نفاذه، ولا يجوز بعد هذا الميعاد تعديل المركز القانونى للعامل على أى وجه من الوجوه الا اذا كان ذلك تنفيذا لحكم قضائى". وقد جرى قضاء هذه المحكمة فى مجال تفسير حكم تلك المادة على ان نصها لا يتعلق فى شئ بالدعاوى التى يقتصر موضوعها على المطالبة بالديون العادية المستحقة للعاملين قبل الجهات الادارية، وانما يتعلق بالدعاوى الخاصة بانشاء أو بتعديل أو بالغاء مركز قانونى ذاتى للعامل المستند الى القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة على نفاذ ذلك القانون مما يقتضى ان يكون من شأنه تعديل المركز القانونى للعامل الخاضع لأحكامه على أى وجه من الوجوه.. والأمر ليس كذلك فى خصوصية الدعوى الراهنة التى تتعلق بطلب بدل اقامة واعانة غلاء اضافى المقررتين بمقتضى القوانين والقرارات المنظمة لهما وعلى هذا واذ استند الحكم المطعون فيه فى قضائه بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد على المادة 87 سالفة الذكر فانه يكون قد جانب الصحيح من القانون مما يتعين معه القضاء بالغائه.
ومن حيث أنه عن مدى قبول الدعوى شكلا فانها تتعلق - كما يتضح - بالمطالبة ببدل اقامة واعانة غلاء اضافى، وهذه المبالغ تأخذ حكم المرتب فى ضرورة مطالبة صاحب الشأن بها خلال خمس سنوات من تاريخ استحقاقها عملا بالمادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات والثابت أن الجهة الادارية لم تقم بصرف بدل الاقامة واعانة الغلاء الاضافى للمدعى خلال فترة انقطاعه من 29 من أغسطس سنة 1965 حتى تاريخ الافراج أول اغسطس سنة 1971.. وليس من شك فى ان الاعتقال يعتبر قوة قاهرة تحول بين صاحب الشأن والمطالبة بحقه قانونا وينشأ له هذا الحق عند ازالة المانع بالافراج عنه فتحسب مدة المطالبة - وهى خمس سنوات - من تاريخ الافراج.. وعلى ذلك واذ كان الثابت من الاوراق ان المدعى قدم طلبا لاعفائه من الرسوم القضائية أمام المحكمة الادارية بأسيوط فى 13 من يونيه سنة 1974 برقم 200 لسنة 1 القضائية، وعندما تقرر قبوله فى 8 من ديسمبر سنة 1974 اقام دعواه فى 5 من فبراير سنة 1975 ومن ثم فان الدعوى تكون قد أقيمت فى الميعاد القانونى وبالتالى تعتبر مقبولة شكلا.
ومن حيث انه عن موضوع الدعوى وينحصر فى مدى احقية المدعى فى المطالبة ببدل الاقامة واعانة الغلاء الاضافى عن فترة اعتقاله فان مقطع النزاع يدور حول ما اذا كان الاعتقال يعد سببا فى وقف صرف هذا البدل وتلك الاعانة .. تنص المادة 6 من قرار رئيس الجمهورية رقم 934 لسنة 1969 بشأن الاعانات والرواتب التى تصرف للعائدين من غزة وسيناء والمهجرين من منطقة القنال على أنه "يجوز نقل العاملين العائدين من سيناء المهجرين من منقطة القناة الذين ليسوا من أبناء هذه المناطق الى جهات أخرى.. ويوقف صرف الاعانة الشهرية ومرتب الاقامة والراتب الاضافى ومقابل التهجير المنصوص عليها فى المواد 1 و2 و3 اعتبارا من أول الشهر التالى لتاريخ النقل". ومفاد هذا النص هو استمرار صرف المبالغ المشار اليها فيه ما لم يتم نقل العامل الى جهة أحرى غير مقرر للعاملين بها - بطبيعة الحال - تلك المبالغ.. وغنى عن البيان ان النقل فى مفهومه القانونى - حسبما استقر عليه القضاء الادارى - انما يكون من وظيفة الى أخرى فى مثل درجة العامل وراتبه وان يستهدف به المصلحة العامة، ويستوى فى ذلك النقل داخل الجهة الادارية الواحدة أو من جهة الى أخرى.. ومتى كان ذلك هو المفهوم الصحيح لقرار النقل وكان ايداع المدعى المعتقل لا يعد نقلا الى وظيفة أخرى فانه لا يترتب عليه اى أثر فى هذا الخصوص ينال من استمرار أحقيته فيما كان يتقاضاه من بدل اقامة واعانة غلاء اذ يظل المدعى معتبرا قانونا معينا فى جهة عمله الاصلية التى كان يعمل بها وقت الاعتقال (رفح سيناء) طالما لم يصدر قرار بنقله الى جهة أخرى وفقا للضوابط والأسس السابقة، وهو ما لم يحدث اذ الثابت من الاوراق ان المدعى ظل تابعا لجهة عمله الاصلية طيلة فترة اعتقاله الذى يعتبر بمثابة قوة قاهرة وعمل خارج عن ارادته الى ان صدر القرار رقم 79 فى 31 من يوليو سنة 1971 بنقله الى المنطقة الجنوبية باسوان، ومن ثم فانه يستحق بدل الاقامة والاعانة المقررتين قانونا عن فترة اعتقاله.
ومن حيث أنه ترتيبا على كل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد وقع مخالفا للقانون بما يتعين معه القضاء بالغائه وبقبول الدعوى شكلا وباحقية المدعى فى تقاضى بدل الاقامة والاعانة فى حدود النسب المقررة قانونا لكل منهما وذلك عن فترة اعتقاله مع الزام الجهة الادارية المصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه، وباحقية المدعى فى بدل الاقامة والاعانة بالنسب المقررة قانونا عن مدة اعتقاله، والزمت الادارة بالمصروفات.