مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثانى (من منتصف فبراير سنة 1967 الى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 1096

(119)
جلسة 27 من مايو سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف ابراهيم الشناوى وعباس فهمى محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 810 لسنة 9 القضائية

( أ ) اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية أو الوظيفة". يكون بحثه سابقا بحكم اللزوم على البحث عن أى محاكم الجهة الواحدة هى المختصة بنظر النزاع - أساس ذلك.
(ب) - اختصاص. "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. أعمال السيادة".
القانون رقم 31 لسنة 1963 - اعتباره القرار الجمهورى الصادر باحالة الموظف الى المعاش أو الاستيداع أو بفصله من غير الطريق التأديبى من قبيل أعمال السيادة - هو قانون معدل للاختصاص - سريانه بأثر مباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى - البحث فى انطباق هذا القانون على النزاع - تعلقه بالاختصاص الولائى لمجلس الدولة وعدم اعتباره تعرضا لموضوع الدعوى أو فصلا فيه - لا يجوز بالتالى أن يسبقه بحث الاختصاص النوعى أو المحلى.
1 - ان قواعد الاختصاص المتعلقة بالوظيفة انما تحدد جهة القضاء الواجب رفع النزاع أمامها، أما قواعد توزيع الاختصاص بين محاكم الجهة الواحدة فهى تحدد نصيب كل من هذه المحاكم فى الاختصاص المنوط بالجهة التى تتبعها، وبهذه المثابة فان بحث الاختصاص المتعلق بالولاية أو الوظيفة يكون سابقا بحكم اللزوم على البحث عن أى من محاكم الجهة الواحدة هى المختصة بنظر النزاع ذلك لأن أى بحث من هذا القبيل يفترض بداهة أن الجهة القضائية التى تتبعها هذه المحاكم هى المختصة أصلا بنظر النزاع. وعلى ذلك فلا يكون هناك مجال لتطبيق قواعد الاختصاص النوعى أو المحلى ما لم يكن النزاع داخلا أصلا فى اختصاص الجهة القضائية التى تتبعها محاكم الجهة الواحدة.
2 - ان القانون رقم 31 لسنة 1963 الذى اعتبر القرار الجمهورى الصادر باحالة الموظف الى المعاش أو الاستيداع أو بفصله من غير الطريق التأديبى من قبيل أعمال السيادة، والذى عمل به ابتداء من 11 من مارس سنة 1963 تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، هو قانون معدل للاختصاص يسرى بأثره المباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى، ومفاد ذلك أن البحث فى مدى انطباق القانون المشار اليه على واقعة الدعوى انما هو أمر يتعلق بالاختصاص الولائى لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى ولا يعتبر تعرضا لموضوع الدعوى أو فصلا فيه، وذلك فلا يجوز أن يسبقه بحث الاختصاص النوعى أو المحلى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من الأوراق، تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 32 لسنة 10 القضائية لدى المحكمة الادارية لرياسة الجمهورية والحكم المحلى ضد السيدين وزير الحكم المحلى ومحافظ القاهرة بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة فى 7 من نوفمبر سنة 1962 طالبا الحكم بالغاء القرار الجمهورى رقم 1040 لسنة 1962 بفصله من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحا لدعواه أنه اتهم فى قضية رشوة قيدت تحت رقم 82 لسنة 1962 كلى، 234 سنة 1962 عليا وبعد أن أتمت النيابة العامة التحقيق، قررت الافراج عنه بضمان مالى، ثم صدر القرار الجمهورى رقم 1040 سنة 1962 بفصله من الخدمة. ولما كانت القواعد العامة تفترض فى المتهم البراءة الى أن تثبت ادانته، وهى لا تثبت الا بالحكم الصادر من المحكمة الجنائية فمن ثم فان قرار فصله يكون باطلا لصدوره قبل صدور الحكم الجنائى بادانته فى قضية الرشوة المشار اليها.
وقد دفعت الجهة الادارية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا رأت فيه أن تحكم المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباحالتها الى المحكمة الادارية لوزارة الحكم المحلى استنادا الى أنه بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 3291 لسنة 1962 وقضى بتخصيص محكمة ادارية للنظر فى المنازعات الخاصة برياسة الجمهورية والمجلس التنفيذى ووزارات الداخلية والخارجية والعدل وأخرى للنظر فى المنازعات الخاصة بوزارات الصحة والادارة المحلية والى أن الجهة الادارية المتصلة بالمنازعة هى وزارة الحكم المحلى ومحافظة القاهرة ومن ثم تكون الدعوى من اختصاص المحكمة الادارية للحكم المحلى.
وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة أول ابريل سنة 1963 وفيها دفع محامى ادارة قضايا الحكومة بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر الدعوى استنادا الى القانون رقم 31 لسنة 1963 الذى اعتبر القرار المطعون فيه من أعمال السيادة.
وبجلسة 8 من أبريل سنة 1963 قضت المحكمة الادارية بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وألزمت الجهة الادارية بالمصروفات وأقامت قضاءها على أنه أثناء نظر الدعوى صدر القانون رقم 31 لسنة 1963 فى شأن تعديل بعض أحكام قانون مجلس الدولة وقضى بألا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، ويعتبر من أعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة باحالة الموظفين العموميين الى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم من غير الطريق التأديبى. ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر عن رئيس الجمهورية بفصل المدعى من غير الطريق التأديبى فمن ثم فلا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى واذ صدر القانون المشار اليه ونشر بعد أن أقام المدعى دعواه فانه يتعين الزام الجهة الادارية بالمصروفات.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن بحث مدى انطباق أحكام القانون رقم 31 لسنة 1963 على واقعة الدعوى هو أمر يتصل بالموضوع لا يجوز للمحكمة الادارية أن تتطرق اليه ما لم تكن مختصة بنظر الدعوى طبقا لقواعد توزيع الاختصاص بينها وبين سائر المحاكم الادارية الأخرى، واذ كان المناط فى تحديد اختصاص المحاكم الادارية هو باتصال الجهة الادارية بالمنازعة، فانه كان يجب أن تقضى المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباحالتها الى المحكمة الادارية لوزارة الحكم المحلى تطبيقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 3291 لسنة 1962 لأن المدعى كان تابعا لوزارة الحكم المحلى.
ومن حيث أن قواعد الاختصاص المتعلقة بالوظيفة انما تحدد جهة القضاء الواجب رفع النزاع أمامها، أما قواعد توزيع الاختصاص بين محاكم الجهة الواحدة فهى تحدد نصيب كل من هذه المحاكم فى الاختصاص المنوط بالجهة التى تتبعها، وبهذه المثابة فان بحث الاختصاص المتعلق بالولاية أو الوظيفة يكون سابقا بحكم اللزوم على البحث عن أى من محاكم الجهة الواحدة هى المختصة بنظر النزاع ذلك لأن أى بحث من هذا القبيل يفترض بداهة أن الجهة القضائية التى تتبعها فهذه المحاكم هى المختصة أصلا بنظر النزاع. وعلى ذلك فلا يكون هناك مجال لتطبيق قواعد الاختصاص النوعى أو المحلى ما لم يكن النزاع داخلا أصلا فى اختصاص الجهة القضائية التى تتبعها محاكم الجهة الواحدة.
ومن حيث أنه لا وجه لما ذهب اليه تقرير الطعن من أن بحث موضوع انطباق القانون رقم 31 لسنة 1963 على واقعة الدعوى انما هو أمر يتصل بموضوع الدعوى فلا يجوز أن تتطرق اليه المحكمة ما لم تكن مختصة أصلا بنظر النزاع طبقا لقواعد توزيع الاختصاص بين المحاكم الادارية، لا وجه لذلك، لأن قضاء هذه المحكمة جرى بأن القانون رقم 31 لسنة 1963 الذى اعتبر القرار الجمهورى الصادر باحالة الموظف الى المعاش أو الاستيداع أو بفصله عن غير الطريق التأديبى من قبيل أعمال السيادة، والذى عمل به ابتداء من 11 من مارس سنة 1963 تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، هو قانون معدل للاختصاص يسرى بأثره المباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى، ومفاد ذلك أن البحث فى مدى انطباق القانون المشار اليه على واقعة الدعوى انما هو أمر يتعلق بالاختصاص الولائى لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى ولا يعتبر تعرضا لموضوع الدعوى أو فصلا فيه، ولذلك فلا يجوز أن يسبقه بحث الاختصاص النوعى أو المحلى.
ومن حيث أنه لما كانت الدعوى تتعلق بقرار صادر من رئيس الجمهورية بفصل المدعى من غير الطريق التأديبى ولم يكن باب المرافعة قد قفل فى الدعوى قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 المشار اليه، فمن ثم يكون مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى غير مختص أصلا بنظر الدعوى، واذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فانه يكون قد أصاب الحق فى قضائه ويكون الطعن على غير أساس حقيقا بالرفض.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.